النّجم الثاقب - ج ١

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم

النّجم الثاقب - ج ١

المؤلف:

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم


المحقق: الدكتور محمّد جمعة حسن نبعة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٥
الجزء ١ الجزء ٢

الموصوفة باسم الفاعل ، نحو : (كل رجل قائم فله درهم).

قوله : (مثل «الذي يأتيني فله درهم») مثال الاسم الموصول بفعل ، وقوله : (أو في الدار) مثال الاسم الموصول بظرف ، وقوله : (كل رجل يأتيني) مثال النكرة الموصوفة بفعل ، وقوله : (أو في الدار) مثال النكرة الموصوفة بالظروف ، ويفهم منه العموم ، في كل نكرة موصوفة وهو المختار ، ومنهم من شرط أن يدخل عليها (كل) فهذه يجوز دخول الفاء إذا قصد أن الأول سبب في الثاني ، وإن لم يقصد لم تدخل.

وأما الممتنع فما عدا الواجب والجائز ، وقد أجاز بعضهم دخولها نحو (زيد فقائم) (١) واحتج بقوله :

[١١٤] وقائلة خولان فانكح فتاتهم

 ... (٢)

__________________

ومن تصانيفه شرح على المفصل وسفر السعادة ، وشرح أحاجي الزمخشري النحوية ، وشرح الشاطبية مات سنة (٥٥٨ أو ٥٥٩ ه‍) ينظر بغية الوعاة ٢ / ١٩٢ ـ ١٩٣ والوفيات لابن خلكان ١ / ٣٤٥. ينظر رأيه في همع الهوامع ٢ / ١٦٣.

(١) ينظر شرح المفصل ١ / ١٠٠ ، وينظر شرح الرضي ١ / ١٠٢. وممن أجاز دخول الفاء على خبر المبتدأ الذي لا يشبه أداة الشرط الأخفش ، قال ابن مالك ورأيه في ذلك ضعيف. ينظر شرح التسهيل السفر الأول ١ / ٤٤٩ ، وينظر شرح الرضي ١ / ١٠٢

(٢) البيت من الطويل وعجزه :

وأكرومة الحيين خلو كما هيا

وهو بلا نسبة في الكتاب ١ / ١٣٩ ـ ١٤٣ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤١٣ ، والمقتصد في شرح الإيضاح ١ / ٣١١ ، وشرح شواهد الإيضاح ٨٦ ، وشرح التسهيل السفر الأول ١ / ٤٤٩ ، وشرح الرضي ١ / ١٠٢ ، ورصف المباني ٤٤٩ ، والجنى الداني ٧١ ، ومغني اللبيب ٢١٩ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٦٨ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٩ ، وخزانة الأدب ١ / ٣١٥ ـ ٤٥٥.

والشاهد فيه قوله : (خولان فانكح فتاتهم) حيث رفع خولان على تقدير مبتدأ محذوف والتقديره هذه خولان وذلك كما يقول الشارح ناقلا رأي سيبويه هذه خولان وفانكح جملة

٢٦١

برفع (خولان) وسيبويه (١) يقول : تقديره : هذه خولان فانكح ، جملة أخرى مسببة ، [ظ ٣٢].

قوله : (وليت ولعل مانعان باتفاق) (٢) يعني دخول الفاء فيهما ممتنع ، وكذلك في (كأن) ، وإنما امتنع دخول الفاء في هذه الثلاثة ، لأنها لا تدخل إلا على خبر محض (٣) ، وهذه قد غيرت معنى الابتداء بجعل الجملة إنشائية فـ (ليت) قلبته للتمني و (لعل) للترجي و (كأن) للتشبيه وأما (إنّ) و (أنّ) و (لكنّ) فمنعها الجمهور ، وحكي عن سيبويه (٤) وذلك لأنه لا يجوز دخولها على الشرط ، فكذلك ما يشبهه ، وأجازها ابن مالك (٥) وجماعة من المغاربة ، واحتجوا على المكسورة بقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ)(٦) وفي المفتوحة بقوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ)(٧) وقوله :

[١١٥] علمت يقينا أن ما حم كونه

فسعي امرئ في صرفه غير نافع (٨)

__________________

أخرى. وقال ابن مالك : على أن زيادة الفاء في مثل هذا قد سهلها كون الخبر أمرا كما سهلها كون العامل مفرّغا ، ينظر شرح التسهيل السفر الأول ، ١ / ٤٥٠ وينظر شرح الرضي ١ / ١٠٢.

(١) ينظر الكتاب ١ / ١٣٨.

(٢) في الكافية المحققة (بالاتفاق).

(٣) ينظر شرح المصنف ٢٥ ، وينظر شرح الرضي ١ / ١٠٣.

(٤) ينظر شرح الرضي ١ / ١٠٣.

(٥) ينظر شرح التسهيل السفر الأول ١ / ٤٥٠ وما بعدها ، وهمع الهومع ٢ / ٥٧ وما بعدها.

(٦) البروج ٨٥ / ١١ ، وتمامها : (فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ.)

(٧) الأنفال ٨ / ٤١.

(٨) البيت من البحر الطويل وهو بلا نسبة في شرح التسهيل السفر الأول ١ / ٤٥١ ، وشرح الأشموني ١ / ٢٢٥. والشاهد فيه قوله : (فسعى امرئ) حيث بقيت الفاء في الخبر سعى مع دخول أن المفتوحة على الحملة.

٢٦٢

وفي (لكنّ) بقوله :

[١١٦] فو الله ما فارقتكم قاليا لكم

ولكن ما يقضى فسوف يكون (١)

وبعضهم أجاز دخولها في (أن) وحدها ، وقد أشار إليه بقوله : (وألحق بعضهم ، (أنّ) بهما) يعني بـ (ليت) و (لعل) في المنع واختلف من المجيز ومن المانع؟ فرواية المصنف (٢) والأكثرين المنع عن سيبويه (٣) لأن (إن) لا تدخل الشرط ، فكذلك ما في معناه ، فإذا دخلت (الفاء) فهي زائدة ، والجواز عن الأخفش ، والفاء بمعنى الشرط وحجته أن (إن) لا تغير المعنى الإخباري ، ورواية أبي البقاء (٤) ، وركن الدين العكس (٥) ، وهي أولى لقيام قرينة ، لورود الفاء في القرآن ، ولأن الأخفش (٦) يقول بزيادة الفاء ،

__________________

(١) البيت من البحر الطويل وهو للأفوه الأودي ، وليس في ديوانه ، وبلا نسبة في أمالي القالي ١ / ٩٩ ، وشرح التسهيل السفر الأول ١ / ٤٥١ ، وشرح الأشموني ١ / ١٠٨ ، وشرح قطر الندي ١٤٩ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣١٥ ، وهمع الهوامع ٢ / ٦٠.

الشاهد فيه قوله : (لكن ما يقضى فسوف يكون) دخول لكن على ما الموصولة تكفها عن العمل ، وكذلك اقتران خبر لكن بالفاء وهذا ما أشار إليه الشارح.

(٢) ينظر شرح المصنف ٢٥ ، وشرح الرضي ١ / ١٠٣.

(٣) ينظر المصادر السابقة.

(٤) هو عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن الحسين الإمام محب الدين أبو البقاء العكبري البغدادي الضرير النحوي الحنبلي توفي سنة ٦١٦ ه‍ ، ينظر ترجمته في بغية الوعاة ٢ / ٣٨ ـ ٤٠ صنف التبيان في القرآن ، واللباب.

(٥) ينظر الوافية في شرح الكافية ٧١.

(٦) ينظر شرح التسهيل السفر الأول ١ / ٤٤٩.

٢٦٣

وسيبويه لا يقول بزيادتها.

حذف المبتدأ

قوله : (وقد يحذف المبتدأ لقيام قرينة جوازا) قد للتقليل لأن الأصل عدم حذفه ولا بد في حذفه من قيام قرينه ، وحذفه جائز ، وواجب فالجائز قرينة حالية نحو :

قوله : ([كقول المستهل](١) (الهلال الليلة) أي هذا ، ومنه قوله :

[١١٧] ...

 ... إذا قال الخميس : نعم (٢)

أي هذه نعم ، والمقالية في جواب السؤال كقولك : (صحيح لمن قال :كيف زيد)؟ أي زيد صحيح ، والواجب في مواضع منها ؛ المصادر التي لا أفعال تظهر لها ، إذا رفعت ، وهي سماع ، نحو (حمد لله) و (ثناء عليه) ، (وسمع وطاعة) أي أمري حمد الله ، ومنها الصفات المقطوعة إلى الرفع ، نحو : (الحمد لله أهل الحمد) أي هو (٣) و (مررت بزيد العالم) قال تعالى : (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ)(٤) أي وهم. وقوله :

__________________

(١) ما بين حاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٢) البيت من السريع وتمامه :

لا يبعد الله التلبب والغارات

وهو للمرقش الأكبر في إصلاح المنطق لابن السكيت ٦٠ ، والمفصل ٢٥ وشرحه لابن يعيش ١ / ٩٤ ، ومغني اللبيب ٦٨٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٨٩ واللسان مادة (عمم) ٤ / ٣١١٣.

والتلبب معناه : لبس السلاح ، والنعم واحد الأنعام.

والشاهد فيه قوله : (نعم) وهي خبر لمبتدأ محذوف تقديره : (هذه نعم).

(٣) ينظر شرح المصنف ٢٥ ـ ٢٦ ، وشرح الرضي ١ / ١٠٣.

(٤) النساء ٤ / ١٦٢ ، وقرأ الحسن ومالك بن دينار وجماعة والمقيمون على العطف ، وكذا هو في

٢٦٤

[١١٨] النازلين بكل معترك

والطيبون ... (١)

أي وهم ، وإنما وجب حذف المبتدأ هاهنا ، لأنه لو ظهر المبتدأ أخرجت عن كونها صفات ، ومنها المخصوص في باب (نعم) و (بئس) على من جعله خبرا لمبتدأ محذوف ، وكذلك (سيما) فيمن رفع ما بعدها ، ومنها ما كان من الأمثال ، أو ما يجري مجراها محذوف المبتدأ ، فإنه يجب الاتباع ، لأن الأمثال لا تغير ، وما يأتي في الشعر من ذكر الديار نحو (دار لمية) و:

[١١٩] دار لسلمى إذ (سليمى) (٢)

جارتى ...

أي تلك ، نحو : (من أنت؟ زيد) أي مذكورك زيد.

__________________

حرف عبد الله (أي ابن مسعود) وأما في حرف (أبي) فهو فيه والمقيمين كما في المصاحف واختلف في نصبه على أقوال ستة أصحها قول سيبويه بأنه منصوب على المدح. ينظر الكتاب ٢ / ٦٣ ـ ٦٤ ، وتفسير القرطبي ٣ / ٢٠٠٩ ـ ٢٠١٠ ، والبحر المحيط ٣ / ٤١١ ـ ٤١٢.

(١) البيت من الكامل وهو للخرنق بنت هفان في ديوانها ٤٣ ، وينظر الكتاب ١ / ٢٠٢ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٦ ، ومعاني القرآن للأخفش ١ / ٣٤٩ ، والإنصاف ٢ / ٤٦٨ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٦٨٢ ، والبحر المحيط ٣ / ٤١١ ـ ٤١٢ ، وخزانة الأدب ٥ / ٤١ ـ ٤٢ ـ ٤٤.

وعجزه :

والطيبون معاقد الأزر

وقبله قولها :

لا يبعدن قومي الذين هم

سم العداة وآفة الجزر

النازلين بكل معترك

والطيبون معاقد الأزر

ويروى هذا البيت كما ذكر ابن مالك بعدة روايات. ينظر شرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٦٨٢ ، فهي أربعة أوجه ولكل وجه دلالته.

(٢) في الأصل (سلمى) ولا يستقيم الوزن بها.

٢٦٥

حذف الخبر

قوله : (والخبر جوازا) أي حذفه على ضربين ؛ جواز ووجوب ، فالجواز قرينة حالية.

قوله : (خرجت فإذا السبع) : فـ (إذا) هذه للمفاجأة ، وقد اختلف فيها ، فاختار ابن مالك (١) أنها حرف والخبر محذوف ، واختار الأكثرون ظرفيتها ، فقال سيبويه (٢) والمبرد (٣) وطاهر (٤) إنها ظرف مكان فهي حينئذ الخبر ، أي (خرجت فبالحضرة السبع) وقال الزمخشري (٥) والمصنف (٦) والزجاج (٧) : إنها ظرف زمان ، والخبر محذوف وتقديره واقف ، لأن ظروف الزمان لا يخبر بها [و ٣٣] عن الجثث لنقصها ، وأما الفاء الداخلة على إذا الفجائية ، فقال الزيادي (٨) إنها جواب شرط مقدر ، ولعلة أراد بها فاء السببية وقال المازني : (٩) هي زائدة ، وقيل : عاطفة حملا على المعنى أي خرجت ففاجأت كذا (١٠) ، والمقالية في جواب الاستفهام ، نحو : (زيد) في جواب من قال (من عندك)؟

__________________

(١) ينظر شرح التسهيل السفر الأول ١ / ٣٧٥.

(٢) ينظر الكتاب ٣ / ٦٠ ـ ٦٤ ، وشرح المفصل ١ / ٩٥ ، وشرح الرضي ١ / ١٠٣.

(٣) ينظر المقتضب ٢ / ٥٦ ـ ٥٧.

(٤) ينظر رأي طاهر في شرح المقدمة المحسبة ٢٤٧.

(٥) ينظر المفصل ٢٥.

(٦) ينظر شرح المصنف ٢٥.

(٧) ينظر رأي الزجاج في الرضي ١ / ١٠٤.

(٨) ينظر رأي الزيادي في شرح الرضي ١ / ١٠٤.

(٩) ينظر رأي المازني في شرح الرضي ١ / ١٠٤.

(١٠) ينظر شرح الرضي ١ / ١٠٤ وهذه العبارة من قوله : (وأما الفاء حتى كذا) منقولة عن الرضي دون إسنادها إليه.

٢٦٦

قوله : (ووجوبا فيما التزم في موضعه غيره) هذا الواجب في الخبر ، ولم يذكر الواجب في المبتدأ ، لأن بعضهم لا يجيزه ، لأنه عمدة ، ولعلة اختاره ، وله شرطان ؛ أحدهما : القرينة ولا بد في كل محذوف من قرينة تدل على حذفه سواء ، كان فاعلا ، أو مفعولا ، أو مبتدأ أو خبر ، لأن الخبر محط الفائدة ، فلو خلا مكانه لتعطل عن الفائدة ، لأنه لا يظهر في حال ، بخلاف الجواز ، فإنه يظهر تارة ، ويكمن (١) أخرى ، وحذفه في أربعة مواضع (٢) ؛ الأول :

قوله : [مثل](٣) (ولو لا زيد لكان كذا) فإن : هنا قد حصل الشرطان ، أما القرينة ، فلأن (لو لا) تدل على امتناع الشيء لوجود غيره ، فكان منها إشعار بجكم الوجود ، وأما الالتزام ، فقد التزم في موضع الخبر وهو (موجود لكان كذا) وقد اختلف في المرفوع بعد (لولا) فقال الفراء : (٤) إنه مرتفع بها ، قال الوالد : ولعله يجعله مبتدأ وهي من عوامله ، وقال الكسائي : إنه فاعل فعل محذوف ، ويؤيده أنه وقع نكرة نحو قوله :

[١٢٠] لو لا اصطبار لأودى كل ذي

 ... (٥)

الأكثرون إلى أنه مبتدأ وخبره محذوف وجوبا تقديره (لولا زيد موجود) (٦). وقال الرماني وابن مالك (٧) [وابن](٨)

__________________

(١) في الأصل (يمكن) ولا وجه لها.

(٢) أي حذف الخبر في هذه المواضع الأربعة وجوبا. وقد عدها الشارح

(٣) ما بين حاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٤) ينظر معاني القرآن للفراء ١ / ٣٣٤ ، وشرح الرضي ١ / ١٢٤.

(٥) سبق تخريجه.

(٦) وهو رأي البصريين كما نقله الرضي ، ينظر شرح الرضي ١ / ١٠٤.

(٧) ينظر شرح التسهيل السفر الأول ١ / ٣٧٦ ، وينظر شرح ابن عقيل ١ / ٢٥٠.

(٨) زيادة يقتضيها السياق.

٢٦٧

الشجري (١) إن كان خاصا وجب ظهوره ، وإلا وجب حذفه ، مثال الخاص قول المعري :

[١٢١] ...

فلولا الغمد يمسكه لسالا (٢)

وقال الشافعي :

[١٢٢] ولو لا الشعر بالعلماء يزري

لكنت اليوم أشعر من لبيد (٣)

ويستدل لهم بقولها :

[١٢٣] فو الله لو لا الله يخشى عواقبه

لزعزع من هذا السرير جوانبه (٤)

__________________

(١) ينظر رأي ابن الشجري والرماني في الهمع ٢ / ٤٢.

(٢) البيت من البحر الوافر ، وهو لأبي العلاء المعري في شرح التسهيل السفر الأول ١ / ٣٧٦ ، والجنى الداني ٦٠٠ ، ومغني اللبيب ٣٦٠ ـ ٧٠٢ ، وأوضح المسالك ١ / ٢٢١ ، وشرح ابن عقيل ١ / ٢٥١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٤٢. وصدره :

يذيب الرعب منه كل عضب

التمثيل فيه قوله : (فلولا الغمد يمسكه) حيث ذكر خبر المبتدأ الواقع بعد لو لا وهو جملة (يمسكه) مع فاعلها ومفعولها الكاف ، وخبر المبتدأ الواقع بعد لو لا يجوز ذكره كما يجوز حذفه إذا كان كونا خاصا وقد دل عليه الدليل عند قوم. كما ذكره الشارح والجمهور على أن الحذف واجب لأنهم اختاروا أن خبر المبتدأ الواقع بعد لو لا كون عام. ومنهم من لحّن المعري لأنه ذكر الخبر بعد لولا.

(٣) البيت من الوافر وهو للإمام الشافعي كما في ديوانه ٧٣.

والتمثيل فيه قوله : (لولا الشعر) حيث حذف الخبر بعد لو لا وجوبا وتقديره (موجود)

(٤) البيت من البحر الوافر وهو بلا نسبة في سر صناعة الإعراب ٣٩٤ ، وينظر شرح المفصل لابن يعيش ٩ / ٢٣ ، ورصف المباني ٣١٥ ، والمغني ٣٦٠ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٦٨ ، واللسان مادة (زعع) ٣ / ١٨٣٢ ويروى صدره في الرصف :

والله لو لا الله لا شيء غيره

وهذا الشاهد من مقطوعة لها قصة مثبتة في شرح شواهد المغني ٢ / ٦٦٨ وغيره.

والشاهد فيه قوله : (لولا الله ... لزعزع) حيث جعلت لزعزع جوابا لـ (لولا) لأنها سبقت بقسم صريح ، وهنا وجب حذف الخبر ، لأن المبتدأ المقسم به صريح ، وهو والله لولا الله ، فلفظ الجلالة الثاني مبتدأ مقسم به صريح لذلك وجب حذفه كما ذهب إلى ذلك الشارح وابن مالك في شرح التسهيل السفر الثاني ١ / ٣٧٧.

٢٦٨

وقد لحّنا (١) ، ويؤول قولها : بأنه محمول على الحال ، وجعل ما كان خاصا مصدرا مبتدأ نحو : لولا إمساك الغمد وإزراء الشعر.

قوله : (وضربي زيدا قائما) وهو كل مبتدأ هو مصدر (٢) أو بمعنى المصدر ، وهو أفعل المضاف إلى المصدر منسوب إلى فاعله أو مفعوله أو إليهما ، مذكور بعده حال منهما ، أو من أحدهما ، مثال نسبته إلى الفاعل : (ذهابي راجلا) و (أخطب ما يكون الأمير قائما) (٣) ومثال نسبته إلى مفعول (أكثر شربي السويق ملتوتا) ومثال نسبته إليهما (تضاربنا قائمين) ومثال المذكور بعده حال منهما جميعا ، (ضربي زيدا قائمين) وكذلك (تضاربنا قائمين) ومثال الحال من أحدهما على البدل (ضربي زيدا قائما) وقد اختلف تأويله مع اتفاقهم على رفع المصدر ، أو ما أضيف إليه ، فقال بعضهم ، هو فاعل فعل محذوف أي وقع ضربي ، وردّ بدخول عوامل المبتدأ والخبر عليه نحو : (إن ضربي زيدا قائما) و (كان ضربي زيدا قائما) وقال الأكثر زن : إنه مبتدأ ، ثم اختلفوا ، فقال ابن درستويه (٤) وطاهر :

__________________

(١) أي المعري الشافعي. إذ هما بعد عصر الاحتجاج.

(٢) في الأصل (مصدرا)

(٣) ينظر شرح المصنف ٢٥ ، وشرح المفصل ١ / ٩٦ ـ ٩٧. وشرح الرضي ١ / ١٠٤ ـ ١٠٥ ، وهمع الهوامع ٢ / ٤٠.

(٤) هو : ابن درستويه هو عبد الله بن جعفر بن درستويه ولد سنة ٢٥٨ ه‍ ومات ٣٤٧ ، صنف الإرشاد في النحو : وشرح الفصيح والمقصور والممدود وغيرها ، وينظر البغية ٢ / ٣٦ ، وينظر رأيه في شرح الرضي ١ / ١٠٥.

٢٦٩

(١) لا خبر له لكونه بمعنى الفعل ، لأن المعمول ساد سد الخبر كما في (أقائم الزيدان) ومعني ضربي زيدا قائما أضربه قائما ورد بأنه لو كان مثل : (أقائم الزيدان) لم يلزم الحال في موضع الخبر ، وقال الأكثرون : لا بد له من خبر واختلف فيه ، فروى بعض الكوفيين (٢) ، أنه الحال ، لأنها كالظرف ، ورد بأنها من تمام المصدر ومعموله له على قولهم ، فكيف يكون خبرا عنه؟ وبأنه لم يعهد كونها خبرا ، وقال الأكثرون إنه محذوف ، واختلف فيه ، فقال الأخفش ، وروي عن عضد [ظ ٣٣] الدولة : (٣) أن الخبر الذي سدت الحال مسده مصدر مضاف إلى صاحب الحال تقديره (ضربي زيدا ضربته قائما) أي ما ضربي إلا إياه ، إلا على هذا الضرب المقيد ، وقال أكثر الكوفيين : (٤) إنه مقدر بعد الحال وجوبا والحال من معمول المصدر لفظا ومعنى ، وعاملها المصدر الذي هو المبتدأ ، وتقديره (ضربي زيدا قائما حاصل) وقال البصريون : إنه مقدر في موضع الحال متعلق للظرف ، والحال من معمول المصدر معنى لا لفظا ، والعامل في الحال محذوف وتقديره : (ضربي زيدا حاصل إذا كان قائما) فضربي مبتدأ مضاف إلى الفاعل وزيد معموله وحاصل خبره ـ إذا كان ظرف واقع موقع الخبر ـ وقائما حال ، وعاملها (كان) ، وهي تامة ، وصاحبها الضمير

__________________

(١) ينظر شرح المقدمة المحسبة ٢ / ٣١٣ ، وشرح الرضي ١ / ١٠٥ ، والهمع ٢ / ٤٤.

(٢) ينظر شرح الرضي ١ / ١٠٥ ، وهمع الهومع ٢ / ٤٤.

(٣) عضد الدولة فنا خسرو بن الحسن بن بويه أبو شجاع بن ركن الدولة بن ساسان الأكبر ، أحد العلماء بالعربية والأدب ، وله في العربية أبحاث حسنة وأقوال نقل عنه ابن هشام الخضراوي في الإفصاح أشياء ، وله صنف أبو علي الفارسي الإيضاح والتكملة ولد ٣٢٤ ه‍ ومات سنة ٣٧٢ ه‍. ينظر ترجمته في بغية الوعاة ٢ / ٢٤٧ ـ ٢٤٨.

(٤) ينظر شرح الرضي ١ / ١٠٥ حيث نقل الرضي رأي البصريين في حين نقله الشارح منه بتصرف دون أن يسنده إليه ، ورأي البصريين والكوفيين في الهمع ٢ / ٤٤ ـ ٤٦.

٢٧٠

المستتر ، في (كان) وهو عائد إلى معمول المصدر ، وهو (زيد) معنى لا لفظا لكنه حذف الخبر وهو حاصل ، لأنه متعلقات الظروف العامة ، يجب حذفها ، نحو : (زيد عندك) وحذف الظرف ، وهو ـ إذا كان ـ لدلالة الحال عليه ، فقد حصل الشرطان ، وهو التزام غير الخبر ، وهو (قائما) مكان الخبر وهو (حاصل) والقرينة وهو (قائما) لأنه يدل على الظرف ، والظرف يدل على متعلقه ، وهو الخبر ، والدال على الدال على الشيئ كالدال على ذلك الشيء وضعف كلام الأخفش (١) والعضد ، بأنه وإن كان أخصر ، لم يسمع حذف المصدر ، إذا كان خبرا ، وكلام الكوفيين (٢) وإن كان أخصر لوجهين ؛ أحدهما : أنه يلزم موضع الخبر غيره ، وإذا لم يلزم ، لم يجب الحذف.

الثاني : أنه متفق على أن المفهوم من (ضربي زيدا قائما) الحصر على كل ضرب مني حاصل على زيد ، فإنه مشروط بحال القيام منه كأنك قلت (ما أضرب زيدا إلا قائما) وهذا المعنى المتفق عليه لا يستفاد إلا من تقدير البصرية والأخفش (٣) وبيانه مبني على مقدمة ، وهو أن اسم الجنس الذي يقع على القليل والكثير بلفظ واحد إذا استعمل ، ولم تقم قرينة تخصصه ببعض ما يقع عليه ، فهو لاستغراق الجنس ، نحو : (الماء بارد) و (التراب يابس) و (الإنسان حيوان) أي كل ما فيه هذه الماهية حال هكذا ، وإن قامت قرينة الخصوص ، فهو للخصوص نحو (اشتر اللحم واشرب الماء) لأن شراء الجميع ممتنعان ، فإذا تقرر هذا ، فاسم الجنس الذي هو مصدر غير مقيد عند البصرية ، بحال تخصصه ، بل الحال عندهم قيد في الخبر فيبقى الجنس

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ١٠٦.

(٢) ينظر رأي الكوفيين في شرح الرضي ١ / ١٠٦.

(٣) ينظر رأي البصرية والأخفش شرح الرضي ١ / ١٠٥ وهمع الهوامع ٢ / ٤٦ ـ ٤٧.

٢٧١

على العموم فيكون المعنى : كل ضرب مني واقع على زيد حاصل في القيام ، وهذا المعنى مطابق للمعنى المتفق عليه (١) ، وأما عند الكوفية ، فالجنس عندهم مقيد بالحال المخصص له فيكون المعنى (شربي زيدا) المختص بحال القيام (حاصل) وهذا غير مطابق للمعنى المتفق عليه ، لأنه لا يمنع من حصول الضرب المقيد بالقيام ، حصول الضرب المقيد بغيره ، فهذا يبطل مذهب ابن درستوية (٢) ، لأن لا حصر في قولك : إضرب زيدا.

قال الوالد : قول الكوفيين : إن تقديرهم أخصر لا يسلم ولأن ـ حاصلا ـ قد أمّنت حذفه ، لأنه لا يظهر متعلقا لظرف خبرا ، والظرف انسحب للحال ، فتقديرها أولى.

قوله : (وكل رجل وضيعته) ، يعني مما يجب حذفه لحصول الشرطين وهما التزام موضع الخبر ، وحصول المقارنة بواو (مع) وضابطة [و ٣٤] كل مبتدأ عطف عليه بالواو والتي بمعنى (مع) (٣) بشرط المقارنة ، وفيه مذهبان :

أحدهما للكوفيين إن : (وضيعته) هو الخبر ، لأن الواو بمعنى (مع) أنت إذا صرحت بها نحو : (كل رجل مع ضيعته) لم تحتج إلى تقدير خبر فكذلك في ما كان في معناها (٤) ، وربما قالوا : واو (مع) سدت مسد الخبر والثاني للبصريين (٥) ، أن الخبر محذوف ، وتقديره (كل رجل مقرون وضيعته) وقيل :

__________________

(١) ينظر شرح الرضي وهذه الفقرة مأخوذة بتصرف من الرضي ١ / ١٠٥ دون إسنادها له ، حيث أثبت رأي أهل البصرة والأخفش.

(٢) ينظر شرح الرضي ١ / ١٠٦ ، يتابع الأخذ عن الرضي دون إسناد لذلك. وينظر رأى ابن درستويه في الصفحة نفسها.

(٣) ينظر شرح المصنف ٢٦ ، وهو منقول عن المصنف بالنص دون عزو.

(٤) ينظر شرح المصنف ١ / ١٠٨.

(٥) ينظر شرح الرضي ١ / ١٠٨.

٢٧٢

(كل رجل وضيعته مقرونان) وهو ضعيف ، لأنه في التثنية لم يلتزم موضع الخبر غيره ، لأن محله بعد المعطوف والمعطوف عليه ، وإن قدمته عاد ضمير المثنى إلى غير مذكور.

قوله : (مثل عمرك لأفعلن كذا (١) وضابطه : كل مقسم به صريح ، ابتدئ به نحو (لعمرك لأفعلن) فإن كان المقسم به غير صريح جاز حذفه وإثباته نحو (عهد الله) ، (ميثاق الله لأفعلن) يجوز فيه الحذف والإظهار نحو (علي عهد الله) و (علي ميثاق الله) ، وإنما وجب حذف الخبر في لعمرك ، وهو (يميني) أو (قسمي) لحصول الشرطين فيهما ، للدلالة على خصوصية الخبر ، بما في الكلام من معنى القسم ، والتزام موضع الخبر ، وهو (يميني) أو (قسمي) غيره ، وهو لأفعلن (٢) ، وإنما لم يذكر الشيخ نحو (زيد في الدار أو خلفك) مما يجب حذف خبره (٣) ، لأن هذا مرفوع المحل على الخبر ، وساد مسد الخبر بخلاف هذه الأول فليس محلها رفع الخبر وإن سدت مسده ، ومما حذف الخبر لسد مفعوله مسده [المسألة](٤) الزنبورية وهي : (كنت أظن العقرب أشد لسعة من الزنبور ، فإذا هو إياهما) قال سيبويه : (فإذا هو هي) لأن (إذا) الفجائية إن كانت خبرا فهي خبر بعد خبر ، وإن لم تكن خبرا ، تعين (هي) للخبر والخبر مرفوع و (إياها) ضمير نصب سد مسد الخبر وقال الكوفيون : إياها هو الخبر ، واستعير ضمير المنصوب للمرفوع ، وقال بعضهم : هو محذوف تقديره : فإذا هو يساويها حذف الفعل

__________________

(١) في الكافية المحققة : لعمرك.

(٢) ينظر شرح الرضي ١ / ١٠٨ ، وشرح التسهيل السفر الأول ١ / ٣٧٧.

(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ١٠٨ ، وشرح التسهيل السفر الأول ١ / ٣٧٨.

(٤) ما بين حاصرتين زيادة يقتضيها السياق.

٢٧٣

لدلالة مفعوله (١).

خبر إن وأخواتها (٢)

قوله : (خبر إن وأخواتها) يعني (أنّ) و (كأنّ) و (ليت) و (لعل) (٣). قوله :(هو المسند) جنس دخل تحته سائر المسندات.

قوله : (بعد دخولها) (٤) [هذه الحروف](٥) خرجت سائر المسندات كالخبر والفعل.

قوله : (مثل : (إن زيدا قائم) إنما أعملت لشبهها بالفعل المتعدي من حيث إنها على ثلاثة أحرف مفتوحة الأواخر ، تدخلها نون الوقاية وهي تنصب الاسم وترفع الخبر على كلام البصريين ، والكوفيون (٦) يقولون : تنصب الاسم ، وأما الخبر فمرتفع على ما كان عليه ، وإنما قدم منصوبها على مرفوعها تشبيها لها بالمفعول الفرعي وهو (ضرب عمرا زيد) لأن المشبه دون المشبه به.

قوله : (وأمره كأمر خبر المبتدأ) يعني في أقسامه من كونه مفردا

__________________

(١) ينظر المسألة الزنبورية في الزبيدي ٧٠ ـ ٧٣ ، ومعجم الأدباء ١٦ / ١١٩ ، ومجالس العلماء للزجاجي ٨ ـ ١٠ ، وإنباه الرواة ٢ / ٣٤٨ ، والأشباه والنظائر ٣ / ١٥ ، وبغية الوعاة ٢ / ٢٣٠ ، مغني اللبيب ١٢١ ما بعدها. وينظر الطبقات الكبرى للسيوطي ، والإنصاف في مسائل الخلاف ٢ / ٧٠٢ المسألة رقم ٩٩ ، وأمالي ابن الحاجب ٨٧٤ وما بعدها.

(٢) لم يذكر اسم كان مع أنه من المرفوعات.

(٣) لم يذكر الشارح (لكنّ).

(٤) في الكافية المحققة (دخول) بدل (دخولها).

(٥) ما بين حاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٦) ينظر شرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٥٥٥ وما بعدها ، وشرح المفصل ١ / ١٠٢.

٢٧٤

أو جملة ، وأحكامه من كونه متحددا ، ومتعددا ، ومثبتا ، ومنفيا ، وأحواله من كونه نكرة ومعرفة ، وشرائطه ، من عود الضمير إذا وقع جملة ، أو مفردا مشتقا.

قوله : (إلا في تقديمه) يعني فإنه لا يجوز تقديم جبر (إن) على اسمها ، كالمبتدأ والخبر ، وإنما امتنع لضعفها ، لأنها لم تتصرف في نفسها ، فتتصرف في معمولها ، أو لأنها مشبهة بالمفعول الفرعي ، فلو قدم خبرها زال الشبه (١).

قوله : (إلا إذا كان ظرفا) استثناء من المستثنى ، وهو قوله : (إلا في تقديمه) الذي كان منفيا لأنه مستثنى من موجب فيكون المستثنى الثاني موجبا [ظ ٣٤] لكونه غير منفي ، يعني فإنه يجوز لأنهم اتسعوا في الظروف ، دون غيرها ، ولهذا فصلوا بين المضاف والمضاف إليه في نحو :

[١٢٤] ...

لله درّ اليوم من لامها (٢)

لأنها أوعية لجميع الاستثناء ، إذ كل شيء من المحدثات لا بد فيه من زمان ومكان ، فلهذا دخلت ، حيث لا يدخل غيرها ، كالمحارم يدخلون حيث لا يدخل الأجانب ، وأجرى الجار مجراه لكثرته في الكلام مثله ، واحتياجه إلى الفعل أو معناه لمناسبته له لأن الظرف في الحقيقة جار ومجرور ، لأنه

__________________

(١) ينظر شرح المصنف (٢٦) ، وشرح الرضي ١ / ١١٠ ، وشرح المفصل ١ / ١٠٣.

(٢) هذا البيت من البحر السريع ، وهو لعمرو بن قميئة في ديوانه ١٨٢ ، وينظر الكتاب ١ / ١٧٨ ، وشرح المفصل لابن يعيش ١ / ١٠٣ وتذكرة النحاة ٣٨١ ، والخزانة ٢ / ٢٤٧.

لما رأت ساتيد ما استعبرت ...

الشاهد فيه قوله : (در اليوم من) حيث فصل بين المضاف درّ والمضاف إليه الاسم الموصول (من) بالظرف اليوم ضرورة وهذا ما اختاره أبو بكر بن السراج على ما ذكره أبو حيان في التذكرة ٣٨١.

٢٧٥

مقدر بـ (في) ، وقد يكون الظرف واجبا حيث يعود إلى غير مذكور نحو : (إن في الدار ساكنها) أو يكون المبتدأ نكرة نحو : (إن في الدار رجلا) و (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً)(١) وحيث يدخل على المبتدأ ماله الصدر فأنه يجب تأخره ، لأن لها الصدر أيضا نحو : (إن في الدار لزيدا) و (إِنَّ فِي ذلِكَ) لا ية (٢) وجائز فيما عداه ، نحو : (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ)(٣) و (إن في الدار زيدا) وقد يحذف الخبر إذا كان اسما نكرة نحو :

[١٢٥] إنّ محلا وإنّ مرتحلا

وإنّ في السّفر ما مضى مهلا (٤)

أي إن لنا ، وبعضهم أجاز حذفه مع المعرفة أيضا ، وقد يحذف الاسم أيضا نحو :

[١٢٦] فلو كنت ضبيا عرفت قرابتى

ولكنّ زنجىّ عظيم المشافر (٥)

__________________

(١) المزمل ٧٣ / ١٢.

(٢) الآية مكررة في سورة النحل ٢٧ / ١١ ـ ١٣ ـ ٦٥ ـ ٦٧.

(٣) الغاشية ٨٨ / ٢٥ ـ ٢٦.

(٤) البيت من البحر المنسرح وهو للأعشى في ديوانه ٢٨٣ ، وينظر الكتاب ٢ / ١٤١ ، والخصائص ٢ / ٣٧٣ ، وشرح المفصل ١ / ١٠٣ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٣٤٥ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٥٦٣ ، وشرح الرضي ٢ / ٣٦٣ ، والمغني ١١٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦١٢ ، والخزانة ٩ / ٢٢٧ ، ويروى (إن في السفر من مضى مهلا) ويروى في المغني إذا مضوا مهلا) ويروى (إن في السفر من مضى مهلا)

والشاهد فيه قوله : (إن محلا وإنّ مرتحلا) حيث حذف خبر إن مع النكرة والتقدير : إن لنا محلا وإن لنا عنها مرتحلا.

(٥) البيت من البحر الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ٤٨١ ، وينظر الكتاب ٢ / ١٣٦.

والإنصاف ١ / ١٨١ ، وابن يعيش ٨ / ٨١ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٥٦١ ، والجنى الداني ٥٩٠ ، ورصف المباني ٣٥٠ ، والمغني ٣٨٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٠١ ، وهمع

٢٧٦

برفع (زنجي) تقديره ولكنك ، وفي عموم الشيخ نظر ، لأن في خبر المبتدأ ما لا يكون خبرا لـ (إنّ) كالإنشاء ، وماله الصدر ، لا يقال : (إن زيدا أضربه) ولا (إنّ كيف زيدا) ولا (إنّ أين زيدا) ولا (إن أقائما الزيدان) وكذلك (لعل زيدا قام) بفعل ماض لا يجوز عند بعضهم ، ولعل مراده أن خبر (إن) يشارك خبر المبتدأ فيما ذكر بعد أن ثبت كونه خبرا لها ، لا في ما صح أن يقع خبرا للمبتدأ.

خبر (لا) النافية للجنس

قوله : (خبر (لا) التي لنفي الجنس. قوله هو المسند) يعم جميع الأخبار والفعل. قوله : (بعد دخولها) خرج ما عداه ، وإنما عملت لشبهها بـ (إنّ) من حيث إن لها صدر الكلام ، وإنهما من عوامل المبتدأ والخبر ، وإنهما للتأكيد ، و (إن) لتأكيد الإثبات ، و (لا) لتأكيد النفي ، لكنهم يحملون النقيض على النقيض ، كما يحملون النظير على النظير ، والخلاف في رفع خبرها كـ (إنّ).

قوله : (لا غلام رجل ظريف فيها) ، فـ (غلام رجل) اسمها و (ظريف)

__________________

الهوامع ٢ / ١٦٣ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٤٤.

ورواه سيبويه برفع زنجي ونصبه ويروى عظيم مشافره فالرفع تقديره : ولكنك زنجي والنصب قدّره :

ولكن زنجيا عظيم المشافر

لا يعرف قرابتي ...

فيه قوله : (ولكن زنجي) حيث حذف اسم لكن والتقدير : ولكنك زنجي ، ويجوز نصب زنجي على إضمار الخبر وتقديره كما عند سيبويه ولكن زنجيا ... لا يعرف والنصب أجود.

٢٧٧

خبرها ، قال المصنف : (١) وهذا أحسن من قولهم : (لا رجل ظريف) لأنه يحتمل للوصفية بخلاف مثالها ولأنه قال و (وبنو تميم لا يثبتونه) فتوهم أنهم يحذفون مطلقا ، وليس يحذفونه إلا إذا كان خبرا ، فأما صفة فلا ، وهذا بناء منه على أن اسم (لا) إذا كان مضافا لم يوصف على المحل ، ومذهب النحاة (٢) أنه لا يوصف على المحل ، ولم يمنع من الوصف إلا المصنف (٣) وابن برهان ، ولقائل أن يقول : المسألة أكثر إشكالا لأن فيها يحتمل أن يكون خبرا ، وأن يكون متعلقا للخبر على كلامه ، فلو حذفه لكان أولى.

قوله : (ويحذف كثيرا) يعني في لغة من يثبته ، وذلك إذا كان عاما (لا إله إلا الله) و (لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي) (٤) تقديره موجود.

قوله : (وبنو تميم لا يثبتونه) يحتمل أن يراد لا يثبتونه رأسا ، سواء كان اسما أو ظرفا ، ويحتمل أن يراد لا يظهرونه إذا كان عاما ، نحو (لا بأس) و (لا خوف) فإن ورد جعلوه صفة كقوله :

[١٢٧] إذا اللقاح غدت ملقى أصرّتها

ولا كريم من الولدان مصبوح (٥)

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٢٦ ، وشرح الرضي ١ / ١١١.

(٢) ينظر رأي مذهب النحاة في شرح الرضي ١ / ١١١.

(٣) ينظر شرح المصنف ٢٦.

(٤) ينظر شرح المفصل ١ / ١٠٧ ، وشرح الرضي ١ / ١١١ ـ ١١٢ ، قال السيوطي في الهمع : (إذا وقعت إلا بعد لا جاز في المذكور بعدها الرفع والنصب ، نحو : (لا سيف إلا ذو الفقار ، وذا الفقار) و (لا إله إلا الله) وإلا (الله فالنصب على الاستثناء). ينظر همع الهوامع ٢ / ٢٠٣.

(٥) هذا البيت من البحر البسيط وهو لحاتم الطائي في ملحق ديوانه ٢٩٢ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٧٣ ، وينظر الكتاب ٢ / ٢٩٩ وهو ملفق عند سيبويه وعند ابن مالك من بيتين هما :

٢٧٨

[و ٣٥]

فمصبوح على كلامهم صفة كريم ، وأهل الحجاز يجيزون ظهوره وحده وأما إذا كان ظرفا لم يجز عند أهل الحجاز وبني تميم (١) ، وإنما كثر حذف خبر لا ، لأنها مشبهة بـ (إنّ) وخبرها يجوز حذفه ، إذا كان اسمها نكرة نحو :

[١٢٨] إن محلا وإن مرتحلا

 ... (٢)

فكذلك ما شبه بها.

__________________

ورد جازرهم حرفا مصرمة

في الرأس منها وفي الأصلاب تمليح

إذا اللقاح غدت ملقى أصرتها

ولا كريم من الولدان مصبوح

فرواه سيبويه ملفقا من صدر البيت الأول وعجز البيت الثاني وهو لأبي ذؤيب الهذلي في ملحق شرح أشعار الهذليين ١٣٠٧ ، وشرح المفصل ١ / ١٠٧ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٦٢٢ ، واللسان مادة (صرر) ٤ / ٢٤٣٠ ، وشرح ابن عقيل ١ / ٤١٣.

الشاهد فيه قوله : (ولا كريم من الولدان مصبوح) حيث ذكر خبر (لا) وهو (مصبوح) ، وهذا رأي سيبويه وابن مالك ، أما على رأي الزمخشري وعليه بنو تميم ، و (مصبوح) إما خبر على رأي سيبويه وابن مالك ويجوز أن يكون صفة على رأي الزمخشري وابن يعيش. ينظر شرح المفصل ١ / ١٠٧.

(١) ينظر شرح المفصل ١ / ١٠٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٩٣.

(٢) سبق تخريجه في الصفحة ٢٧٦ برقم ١٢٥.

٢٧٩

اسم ما ، ولا المشبهتين بـ (ليس)

قوله : (اسم ما ولا المشبهتين بليس) إنما عملا لشبههما بـ (ليس) من حيث إنهما من عوامل المبتدأ والخبر ، وإن لهما صدر الكلام ، ونهما للنفي مطلقا ، واختصت (ما) بنفي الحال ، وبدخول الباء في خبرها وهو حكم لا يشبه ، وقد قيل إنه يشبه ، ولهذا لا يحذف خبرها ، وتدخل على المعرفة والنكرة وعملها فصيح.

قوله : (المشبهتين) خرج ما ليس لم يشبه بها ، لأن (ما) تكون اسمية وسيأتي في الموصول ، وحرفية ولها أقسام ؛ مصدرية ومنهم من جعل المصدرية اسما ، وزائدة ، نحو (غضبت من غير ما جرم) (١) ونافية وهي الداخلة على غير المبتدأ والخبر نحو (ما ضربت) وعاملة وهي التي بمعنى (ليس) وهي الرافعة للاسم والناصبة للخبر عند البصريين (٢) وأما الكوفيون فيقولون : نصبت الاسم والخبر مرتفع بما كان من قبل وهو ضعيف لأنهم يعملونها في الأبعد دون الأقرب ، وأما (لا) فهي للنهي نحو : (لا تفعل) ، وزائدة نحو (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ)(٣). وعاطفة ونافية غير

__________________

(١) ينظر المفصل ٣١٢ ، وشرح المفصل ٨ / ١٣١ وما بعدها.

(٢) ينظر الإنصاف مسألة ١٩ ، ١ / ١٦٥ وما بعدها.

(٣) الأعراف ٧ / ١٢ وتمامها : (قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ.)

٢٨٠