النّجم الثاقب - ج ١

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم

النّجم الثاقب - ج ١

المؤلف:

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم


المحقق: الدكتور محمّد جمعة حسن نبعة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٥
الجزء ١ الجزء ٢

قوله : (وينصب بعامل مضمر) لمن قال (أين كنت ، ومتى سرت؟) و (كم سرت خلفك)؟ أو (في الدار ، ويوم الجمعة) و (حينا) أي كنت خلفك ، أو كنت في الدار ، أو سرت يوم الجمعة ، أو سرت حينا.

قوله : (على شريطة التفسير) يعني يجوز فيه ما يجوز فيما أضمر عامله على شريطة التفسير من اختيار الرفع ، وجواز النصب نحو : يوم الجمعة سرته ، والعكس نحو : أيوم الجمعة صمته ، وما يوم الجمعة صمته ، ووجوب النصب نحو : (إن يوم الجمعة صمته صمته) و (هلا يوم الجمعة صمته) ، وتساوي الوجهين ، نحو : (يوم الجمعة سافرت فيه) و (يوم الجمعة سافر فيه زيد) ووجوب الرفع نحو : أيوم الجمعة سير فيه (١).

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٣٨ ، وهذه العبارة منقولة بتصرف منه دون أن يعزوها إليه وهي تفسير لقوله : (على شريطة التفسير). وشرح الرضي ١ / ١٩١.

٤٠١

المفعول له [ظ ٥٠]

قوله : (المفعول له) هو رابع الحقيقية ، وقدّم على المفعول معه لأن دلالته أقوى منه ، لأن كل فعل لا بد له من علة ، ما لم يكن سهوا ولا عنتا ، بخلاف المصاحب فإنه يستغني عنه الفاعل في الفعل.

قوله : (ما فعل لأجله فعل) جنس الحد ، ودخل فيه التأديب حسن إذا قلته ، وقد شاهدت ضربا لأجل التأديب فإنه فعل لأجله فعل غير مذكور (١).

قوله : (مذكور) خرج ما دخل وسواء كان الفعل المذكور ملفوظا به كـ (ضربته تأديبا) أو مقدر كقولك في جواب السؤال ، لم ضربته؟ فقلت : تأديبا ونحو قوله : (ما جاء بك.؟ أحد با على قومك أم رغبة في الإسلام)؟ومراده بقوله : (فعل مذكور) المصدر لا الفعل الاصطلاحي.

قوله : (مثل ضربته تأديبا ، وقعدت عن الحرب جبنا) إنما مثل

__________________

(١) ينظر ابن الحاجب في شرحه ٣٨ : (واحترز من مثل أعجبني التأديب وكرهت التأديب فهو وإن كان علة لفعل فليس علة لفعل مذكور) ، وللتفصيل ينظر الكتاب ١ / ٣٦٧ وما بعدها ، والأصول لابن السراج ١ / ٢٠٦ ، وشرح المفصل ٢ / ٥٢ وما بعدها ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٢١٢ وما بعدها ، وشرح الرضي ١ / ١٩٢ وما بعدها ، وشرح ابن عقيل ١ / ٥٧٣ وما بعدها.

٤٠٢

بمثالين ، لأن منهم من جعل الفعل علة في المصدر ، فلا يستقيم لكم ذلك في (قعدت عن الحرب جبنا) (١) أن يكون القعود سببا في الجبن بل العكس.

قوله : (خلافا للزجاج فإنه عنده مصدر) (٢) يعني المفعول لأجله وناصبه عنده مقدر من لفظه تقديره ، ضربته فأدبته تأديبا ، وقيل على حذف مضاف أي (ضرب تأديب) وعند الكوفيين (٣) أنه مصدر أيضا وعامله الموجود لأنه في معناه ، كما في (قعدت جلوسا) والبصريون جعلوه بابا مستقلا مفعولا لأجله ، وعامله الموجود بواسطة اللام.

قوله : (وشرط نصبه تقدير اللام) (٤) وذلك لأنها إن ظهرت جرته ، وإن لم تقدر لم تفهم منه العلة ، و (المفعول له) ينجر بالباء نحو : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا)(٥) وب (من) نحو : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا)(٦) و (جئت من

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ١٩٢ ، وينظر شرح المصنف ٣٩.

(٢) والواقع أن الزجاج يقول بمصطلح المفعول له وذلك عند تفسيره لقوله تعالى في سورة البقرة في كتابه (معاني القرآن وإعرابه) ١ / ٦٣ (يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت).

قال الزجاج : والمعنى يفعلون ذلك لحذر الموت ، وليس نصبه لسقوط اللام ، وإنما نصبه أنه في تأويل المصدر كأنه قال : (يحذرون حذرا). وقال حذر الموت مفعول له ، ينظر شرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨١٥ ، والهمع ٣ / ١٣٣.

(٣) ينظر رأي الفريقين في شرح الرضي ١ / ١٩٢ ، والكتاب ١ / ٣٦٩ ـ ٣٧٠ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨١٤.

(٤) ينظر شرح المصنف ٣٨.

(٥) النساء ٤ / ١٦٠ وتمامها : (... حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً ...).

(٦) المائدة ٥ / ٣٢ (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ...)

٤٠٣

خوفك) وباللام نحو : (جئت للسمن) إلا أنه لا تقدر إلا اللام ، دون (الباء) و (من) لكثرتها.

قوله : (وإنما يجوز حذفها إذا كان فعلا لفاعل الفعل) يعني لا يجوز حذف اللام من المفعول له إلا بشروط ثلاثة وفيه تفصيل ، إن كان اسما جامدا ، نحو : (جئت للسمن) (١) وإن كان مصدرا ، فإن كان (إن وإنّ) جاز دخولها وحذفها ، نحو : (أزورك إن تحسن إلي) و (لأن تحسن إليّ) و (وإنّك تحسن إليّ) و (لأنك تحسن إليّ) ، وإن كان صريح المصدر ، فإن اختلت الشروط أو أحدها لم يجز حذفها ، وإن اجتمعت ، فإن كان مفردا فلا يصح حذفها نحو (جئتك للإكرام) ويجوز حذفها عند سيبويه (٢) نحو قوله :

[٢١١] لا أقعد الجبن عن الهيجاء

ولو توالت زمر الأعداء (٣)

ومنع المبرد من جواز حذفها (٤) إلا على تقدير زيادة لام التعريف ، وإن كان منكرا ، فلا خلاف في حسن حذفها نحو : (جئتك إكراما لك) ويجوز لإكرامك ، قال :

[٢١٢] ...

مخافة ورع المجبور

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٣٩ ، وشرح الرضي ١ / ١٩٣.

(٢) ينظر الكتاب ١ / ٣٦٩.

(٣) الرجز بلا نسبة في ابن عقيل ١ / ٥٧٥ ، وينظر شرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨١٥ ، وهمع الهوامع ٣ / ١٣٤.

والشاهد فيه قوله : (لا أقعد الجبن) حيث جاء مفعولا لأجله ونصبه مع أنه محلى بأل ، وقد اختلف النحاة في مجيء المفعول لأجله معرفا بأل ، ومذهب سيبويه والزمخشري جواز ذلك والشواهد تؤيد رأيهما.

(٤) ينظر المقتضب ٢ / ٣٤٧ ، والأصول ١ / ٢٠٨.

٤٠٤

وإن كان مضارعا فالجواز والحذف على سواء نحو : (حَذَرَ الْمَوْتِ)(١) و (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ)(٢). قال :

[٢١٣] وأغفر عوراء الكريم ادخاره

وأعرض عن شتم اللئيم تكرما (٣)

وقد جاء حذف اللام في الإضافة والتعريف والتنكير جميعا وقوله :

[٢١٤] يركب كل عاقر جمهور

مخافة وزعل المجبور (٤)

والهول من تهور الهبور.

والشرط التي يجوز معها حذف الأول.

قوله : (أن يكون فعلا) أي مصدرا يحترز من الاسم [و ٥١] نحو : (جئت للسمن) فإنه لا يجوز حذفها (٥).

__________________

(١) البقرة ٢ / ١٩ (... يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ.)

(٢) قريش ١٠٦ / ١.

(٣) البيت من الطويل وهو لحاتم الطائي في ديوانه ٢٢٤ ، والكتاب ١ / ٣٦٨ ، ومعاني القرآن للفراء ٢ / ٥ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٥ ، وشرح المفصل ٢ / ٥٤ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨١٥ ، وشرح الرضي ١ / ١٩٤ ، واللسان مادة (عور) ٤ / ٣١٦٦ ، وشرح ابن عقيل ١ / ٥٧٨ ، وخزانة الأدب ٣ / ١٢٢ ـ ١٢٣.

العوراء : الكلمة القبيحة ، ادخاره : استبقاء مودته.

الشاهد في قوله : (ادّخاره) حيث وقع مفعولا لأجله مع أنه مضاف إلى الضمير.

(٤) الرجز للعجاج في ديوانه ١ / ٣٥٤ ـ ٣٥٥ ، والكتاب ١ / ٣٦٩ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٧ ، وشرح المفصل ٢ / ٥٤ ، وشرح الرضي ١ / ١٩٣ ، والبحر المحيط ١ / ٢٢٣.

وهو في صفة لثور وحشي ، والعاقر من الرمال الذي لا نبات فيه ، والجمهور المتراكب المجتمع ، والمحبور المسرور. ويروى وتهول بدل تهور ، والقبور بدل الهبور.

والشاهد فيه (مخافة وزعل والهول) حيث جاءت كلها مفعولا لأجله.

قال صاحب المفصل في ٦٠ : (ويكون معرفة ونكرة) وقد جمعها العجّاج في قوله المذكور.

(٥) ينظر شرح المصنف ٣٩.

٤٠٥

الثاني قوله : (لفاعل الفعل المعلل) (١) أن يكون المصدر فعلا لفاعل الفعل الأول الذي علل ، فخرج من هذا مالا تعليل فيه ، كالمفعول المطلق وأتيته ركضا ، وما كان فاعل المصدر غير فاعل الفعل نحو : (جئت لأكرامك لي) قال :

[٢١٥] وإنى لتعرونى لذكراك هزة

كما انتفض العصفور بلله القطر (٢)

وهذا مختلف فيه ، فمنهم من اشترط أن يكون فاعلها واحدا ، كابن الحاجب (٣) ، وإلا وجبت اللام ، ومنهم من لم يشترط ، واحتج بقوله تعالى : (يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً)(٤) وبقوله :

[٢١٦] أرى أمّ عمرو دمعها قد تحدرا

بكاء على عمرو وما كان أصبرا (٥)

فإن الإراه من الله والخوف والطمع من فعلهم ، والبكاء منها وتحدر

__________________

(١) قال الرضي في ١ / ١٩٢ : يعني أن تقدير اللّام شرط انتصاب المفعول له لا شرط كون الاسم مفعولا له.

(٢) البيت من الطويل ، وهو لأبي صخر الهذلي في شرح أشعار الهذلين ٢ / ٩٥٧ ، وينظر الإنصاف ١ / ٢٥٣ ، وشرح المفصل ٢ / ٦٧ ، وأمالي ابن الحاجب ٢ / ٦٤٦ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨١٣ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٢٠ ، وشرح شذور الذهب ٢٥٣ ، وهمع الهوامع ٣ / ١٣٢ ، وخزانة الأدب ٣ / ٢٥٤ ـ ٢٥٥.

والشاهد فيه قوله : (لذكراك) فإن اللام فيه للتعليل.

(٣) ينظر شرح المصنف ٣٩.

(٤) الرعد ١٣ / ١٢ وتمامها : (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ.)

(٥) البيت من الطويل وهو لامرئ القيس في ديوانه ٦٩ ، وينظر شرح ابن عقيل ٢ / ١٥١ ، وخزانة الأدب ٩ / ٢١١.

والشاهد فيه قوله : (بكاء) حيث جاءت مفعولا لأجله مثل الآية (خَوْفاً وَطَمَعاً).

٤٠٦

الدموع من الله ، وأجاب المانعون بأنّ انتصاب الآية والبيت على الحال ، أو على تقدير مضاف ، أي إرادة خوفكم وطمعكم ويكون الخوف بمعنى الإخافة.

الثالث قوله : (وأن يكون مقارنا له في الوجود) (١) فإنه لم يقارنه وجبت اللام نحو : (أسلمت لدخول الجنّة ، وجئتك اليوم لإكرامك لي أمس) ، وأجازه بعضهم ، وزعم أنه رأي المتقدمين ، واحتج بنحو : (ضربته تأديبا) ، فإن التأديب غير مقارن للضرب ، فإن قيل تقدير الإرادة مقارنة ، قلنا وكذلك هنا ، وأجيب بأن التأديب متصل بالضرب فهو كالمقارن ، وإنما جاز حذف اللام مع اجتماع هذه الشروط لمشابهته المصدر ، فإن المصدر فعل لفاعل الفعل ، ومقارن له في الوجود ، فلما شابهه تعدى إليه من غير واسطة اللام كتعديته إلى المصدر ، لقوة الدلالة ، والمراد بحذف اللام مع الشرط حذف جواز لا وجوب.

__________________

(١) فإذا اختلف الزمان وجبت اللام (وإن تشاركا في الزمان بأن يقع الحدث في بعض زمان المصدر كجئتك طمعا وقعدت عن الحرب جبنا ، أو يكون أول زمان الحدث آخر زمان المصدر نحو : حبستك خوفا من فرارك أو بالعكس ونحو : جئتك اصلاحا لحالك ، وشهدت الحرب إيقاعا للهدنة بين الفريقين ... فليس ها هنا حدثان في الحقيقة حتى يشتركا في زمان بل هما في الحقيقة حدث واحد ...) ينظر شرح الرضي ١ / ١٩٣.

٤٠٧

المفعول معه

قوله : (المفعول معه) (١) هذا خامس الحقيقية ، وهو آخرها ، واختلف فيه ، هل هو قياس أو سماع ، فقال بعضهم : إنه سماع لضعف العامل ، وقال الأخفش (٢) والفارسي (٣) : قياس بكل حال ، وفصّل بعضهم فقال : إن كان لا يصح فيه العطف فهو سماع نحو : (استوى الماء والخشبة) ولا يقال : (جلس زيد والسارية) ، ولا (ضحك زيد وطلوع الشمس) إذ لا يسند الجلوس إلى السارية ولا الضحك إلى طلوع الشمس ، وإن صح العطف فهو قياس وحقيقته :قوله : (المذكور بعد الواو) جنس للحد وخرج ما كان بعد الفاء وثم وغيرها.

قوله : (لمصاحبة م عمول فعل) خرج ما يصاحب معمول الابتداء نحو : (زيد وعمرو أخواك) ، وما لا مصاحبة فيه كالعطف نحو : (جاء زيد وعمرو) ، ولأن من شرطه مصاحبة المفعول معه أن لا ينفك مجيئه عنه بحال ، بخلاف

__________________

(١) للتفصيل ينظر : الكتاب ١ / ٢٩٧ وما بعدها ، وشرح الرضي ١ / ١٩٤ وما بعدها ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨٧٧ وما بعدها ، وشرح المفصل ٢ / ٤٨ ، وغيرها ... والهمع ٣ / ٢٣٥ وما بعدها.

(٢) ينظر شرح الرضي ١ / ١٩٨ ، وشرح المفصل ٢ / ٤٩.

(٣) ينظر المقتصد في شرح الإيضاح ١ / ٦٦٣.

٤٠٨

العطف فإنه يحتمل مجيئه معه وقبله وبعده ، وخرج ما أفاد المصاحبة بغير الواو ، إما بكلمة أخرى أو قرينة نحو : (جاءني زيد وعمرو معا) فإن المصاحبة ها هنا حصلت من قوله معا ، لا من الواو ، ويعني بالمفعول المصاحب الفاعل والمفعول مطلقا ، وبعضهم شرط أن يكون المعمول الذي يصاحبه المفعول معه فاعلا ، نحو : (سرت وزيدا) لاتفاقهم في نحو : (ضربت زيدا وعمرا) إنه ليس مفعولا معه وهو منقوض بنحو (حسبك وزيدا درهم) قالت :

[٢١٧] ...

فحسبك والضحاك سيف مهند (١)

فإن الكاف مفعول لـ (حسبك) بمعنى يكفيك وأما (ضربت زيدا وعمرا) فإن أصل الواو للعطف ، وإنما يعدل إلى النصب على المعنى للنصب على المصاحبة ، وفي (ضربت زيدا وعمرا) لا يمكن ذلك غالبا.

قوله : (لفظا أو معنى) تقسيم للعامل بعد تمام الحد فاللفظ مثل (جئت وزيدا) [ظ ٥١] والمعنى مثل قولك (مالك وزيدا) و (ما شأنك وعمرا) (٢) و (ما أنت وقصعة من ثريد) (٣) والضمير في قوله : (معه وله وفيه وبه) يعود إلى الألف واللام ، لأنها بمعنى الذي ، واختلف في عامله. فقال

__________________

(١) عجز بيت من الطويل وهو لجرير في ذيل الأمالي ١٤٠ ، وصدره :

إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا

وهو بلا نسبة في سمط اللالي ٨٩٩ ، وشرح شواهد الإيضاح ٣٧٤ ، وينظر شرح المفصل ٢ / ٥١ ، والمغني ٧٣١ ، وشرح شواهد المغني للسيوطي ٢ / ٩٠٠ ، واللسان مادة (حسب) ٢ / ٨٦٥.

والشاهد فيه قوله : (والضحاك) حيث يجوز فيه النصب على أنه مفعول معه ، والجر على أنه معطوف ، والرفع على أنه محذوف الخبر والتقدير : والضحاك موجود ...

(٢) ينظر شرح المصنف ٣٩ ، وشرح الرضي ١ / ١٩٥.

(٣) ينظر شرح المفصل ٢ / ١٥.

٤٠٩

الأخفش وقوم من الكوفيين : هو معرب إعراب الظرف المحذوف وهو (مع) (١) لأن أصله : استوى الماء مع الخشبة فحذف (مع) ونقل إعرابها إلى ما بعدها ، وقال الزجاج : (٢) فعل مقدر بعد الواو ، وتقديره وصاحب الخشبة ، والذي عليه الجمهور (٣) أنه قبل الواو أو بواستطها ، ثم اختلفوا ، فقال سيبويه : (٤) لا يعمل إلا الفعل لفظا أو تقديرا ، وقال الفارسي وجماعة : (٥) أنه يجوز عمل ما قبل الواو بواستطها بفعل أو شبهه أو معناه ، كاسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة والمصدر والجار والمجرور والظرف ، واسم الإشارة ، كالحال ، ولا يقدرون شيئا مع وجود أي هذه.

ومن عمل اسم الإشارة قوله :

[٢١٨] ...

هذا ردائى مطويا وسر بالا (٦)

ولا يصح تقديم المفعول معه على صاحبه ، لا يقال : الخشبة استوى الماء ،

__________________

(١) ينظر رأي الأخفش ومن معه من الكوفيين في شرح المفصل ٢ / ٤٩ ، وشرح الرضي ١ / ١٩٥.

(٢) ينظر رأي الزجاج في شرح الرضي ١ / ١٩٥ ، وشرح المفصل ١ / ٤٩ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨٨٠.

(٣) جمهور البصريين كما أشار الشريف الجرجاني في حاشية الرضي ١ / ١٩٥.

(٤) ينظر الكتاب ١ / ٢٩٧ ، ٢٩٨.

(٥) ينظر شرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨٧٨ وما بعدها.

(٦) عجز بيت من البسيط وصدره :

لا تحبسنّك أثوابي فقد جمعت

وهو بلا نسبة في شرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨٧٩ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٨٦ ، وشرح الأشموني ١ / ٢٢٤ ، والأشباه والنظائر ٧ / ٧٦ ، وهمع الهوامع ٣ / ٢٣٨.

ويروى مطريا بدل مطويا.

والشاهد فيه قوله : (وسر بالا) مفعولا معه وعامله مطويا وأجاز أبو علي الفارسي أن يكون عامله اسم الإشارة هذا.

٤١٠

وأجاز ابن جني (١) والإمام يحيى بن حمزة (٢) تقدمه على صاحبه نحو :

[٢١٩] جمعت وفحشا غيبة ونميمة

ثلاث خصال لست عنها بمرعوي (٣)

قوله : (فإن كان الفعل لفظيا ، وجاز العطف ، فالوجهان) وحاصلة أن العامل إن كان لفظيا ، فإن كان المعطوف عليه مرفوعا ، فإن صح العطف نحو (جاء زيد وعمرو) و (جئت أنا وزيد [مثل زيدا ، وإن لم يجز](٤) فالوجهان العطف على اللفظ ، والنصب على المعية ، والأجود الرفع لقوة عامله ، وعبد القاهر أوجب العطف (٥) ، وإن تعذر العطف ، إما لعدم شرط المعطوف نحو (جئت وزيدا) أو لتغير المعنى نحو استوى الماء والخشبة وجب النصب (٦) ، وإن كان منصوبا أو مجرورا ، فإن صح العطف تحتم عند

__________________

(١) ينظر الخصائص ٢ / ٣٨٣ ، وقد ردّ رأي ابن حني ابن مالك في شرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨٨٦.

(٢) ينظر الأزهار الصافية في شرح المقدمة الكافية ٣٨١ ـ ٣٨٢ وبعد أن أورد رأي ابن حني قال :

(وهذا وإن كان له وجه في القياس من جهة قوة الفعل وتصرفه في معموله ، لكنه مخالف لما عليه أكثر النحاة ، وما أراه بعيدا عن الصواب لأن المحذور هو تقدمه على الفعل نفسه من جهة مشابهة الواو العاطفة ، فأما تقدمه على مصحوبه ، فلا محذور هناك فلهذا كان جائزا ولا حاجة إلى تأويل ما ورد من الشواهد من غيره ضرورة).

(٣) البيت من الطويل ، وهو ليزيد بن الحكم في شرح شواهد المغني ٢ / ٦٩٧ ، والخصائص ٣ / ٣٨٣ ، وأمالي القالي ١ / ٦٨ ، وأمالي ابن الشجري ١ / ١٧٧ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨٨٦ ، وهمع الهوامع ٣ / ٢٤٠. ويروى في أمالي القالي :

خصالا ثلاثا لست عنها بمرعوي

والشاهد فيه قوله : (جمعت وفحشا غيبة ونميمة) حيث ذهب ابن جني إلى أن الواو في وفحشا هي واو المعية وأن الشاعر قدم المفعول معه على المعمول لمصاحبة المصاحب.

والجمهور خلاف ذلك أي أن الواو للعطف وقدم الشاعر وأخر.

(٤) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٥) ينظر رأي عبد القاهر في المقتصد في شرح الإيضاح ١ / ٦٦٠ ، وشرح الرضي ١ / ١٩٥.

(٦) قال الرضي في ١ / ١٩٦ : (جمهور النحاة على أن النصب مختار هاهنا لا أنه واجب ، وذلك مبني ـ على أن العطف على الضمير المرفوع المتصل بلا تأكيد بالمنفصل وبلا فصل بين المعطوف والمعطوف عليه قبيح لا ممتنع).

٤١١

المصنف (١) وجماعة ، نحو (رأيتك وزيدا) و (مررت بزيد وعمرو) وأجاز بعضهم المعية فيها ، وسيبويه (٢) وجماعة أجازوها في المجرور فقط دون المنصوب ، لأن غرض المعية غير ثابت في عطف المنصوب.

قوله : (وإلا تعين النصب) (٣) يعني حيث لا يصح العطف ، وذلك حيث يتغير شرط العطف نحو (جئت وزيدا) أو يختل المعنى نحو : (استوى الماء والخشبة) و (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ)(٤).

قوله : (وإن كان معنى ، وجاز العطف تعين) يعني وإن كان العامل معنويا وجاز العطف تعين العطف ، لضعف العامل نحو : (ما لزيد وعمرو) ، وأجاز سيبويه (٥) النصب واحتج بما روي عن العرب :

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٣٩ ، وشرح الرضي ١ / ١٩٦.

(٢) ينظر الكتاب ١ / ٣٠٤ وما بعدها.

(٣) قال الرضي في ١ / ١٩٦ ، ١٩٧ : (وقال المصنف : العطف واجب فيه إذ هو الأصل ، فلا يصار إلى غيره لغير ضرورة وليس بشيء لأن النص على المصاحبة هو الداعي إلى النصب ، والأولى أن يقال : إن قصد النصب على المصاحبة وجب النصب وإلا فلا) وينظر شرح المصنف ٣٩ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨٨٤ وما بعدها.

(٤) يونس ١٠ / ٧١ وتمامها : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) في (شركاءكم) قراءتان الرفع والنصب.

قراءة العامة النصب ، وقراءة الحسن وابن أبي إسحاق ويعقوب بالرفع ، قال النحاس : في نصب الشركاء ثلاثة أوجه رأي الكسائي والفراء بإضمار فعل أي وادعوا شركاءكم أو معطوف على المعنى وهو قول محمد بن يزيد المبرد أو المعنى مع (شركاءكم) على تناصركم كما يقال : التقى الماء والخشبة وهو قول أبي إسحاق الزجاج (ينظر تفسير القرطبي ٤ / ٣٢٠١ ـ ٣٢٠٢ ، وفتح القدير للشوكاني ٢ / ٤٦٢ ، والبحر المحيط ٥ / ١٧٨.

(٥) ينظر الكتاب ١ / ٢٩٩ وما بعدها.

٤١٢

[٢٢٠] وما أنا والسير في متلف

يبرح بالذكر الضابط (١)

فإنه جاز النصب مع غير جار ومجرور فبالأولى معهما.

قوله : (وإلا تعين النصب) (٢) يعني حيث لا يصح العطف إما لتغير شرطه نحو (مالك وزيدا ، وما شأنك وعمرا) (٣) لأنه لا يعطف على الضمير المجرور إلا بإعادة الجار (٤) ، ومن أجاز العطف بغير إعادة الجار ، أجاز المعية ، أو لتغير المعنى نحو (لا تنه عن القبيح وإتيانه) ومثل بمثالين في معنى العطف ، الفعل مع الاستفهام ؛ أحدهما : في الجار والمجرور والآخر في المصدر.

قوله : (لأن المعنى ما تصنع؟) هذا تفسير العامل المعنوي لأنه عند

__________________

(١) البيت من المتقارب وهو لأسامة بن حبيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين ٣ / ١٢٨٩ ، وينظر الكتاب ١ / ٣٠٣ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٢٨ ، والمفصل ٥٩ ، وشرحه لابن يعيش ٢ / ١٥٢ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨٩٥ ، ورصف المباني ٤٨٤. ويروى فيه مدلج بدل متلف ، وهمع الهوامع ٣ / ٢٤٢.

والشاهد فيه قوله : (وما أنا والسير) والسير منصوب بفعل محذوف على ما قاله سيبويه ١ / ٣٠٣ ، وإن كان ابن الحاجب ينكر إعرابه بفعل محذوف بل يجعله من المفعول معه.

(٢) ينظر شرح المصنف ٣٩ ، وشرح الرضي ١ / ١٩٧.

(٣) قال ابن يعيش في شرحه ٢ / ٥٠ (فهو نصب أيضا وإنما نصبوا هاهنا لأنه شريك الكاف في المعنى ، ولا يصح عطفه عليها لأن الكاف ضمير مخفوض والعطف على الضمير المخفوض لا يصح إلا بإعادة الخافض ، ولم يجز رفعه بالعطف على الشأن ، لأن لم يرد أن يجمع بينهما ، وإنما المراد ما شأنك وشأن عمرو) ... وينظر شرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨٨٩.

(٤) ذهب الكوفيون إلى جواز العطف على الضمير المجرور بلا إعادة الجار ينظر الإنصاف ٢ / ٤٦٣.

٤١٣

سيبويه (١) أنه فعل مقدر ، ولا يقدر إلا مع المصدر ، والجار والمجرور ، إذا دخل عليهما الاستفهام ولا عمل لهما ، وعند الفارسي : (٢) أنهما العاملان من غير تقدير وقد يقدر الفعل مع الاستفهام وحده ، نحو (ما أنت وقصعة من ثريد) و (كيف أنت وقصعة من ثريد) والمقدر (كان) أو (يكون) التامتان (٣) ، لأنهما يقدران هاهنا كثيرا ، والنصب قليل ، والعطف أجود ، وزعم ابن عصفور (٤) أنه يتعين النصب حيث يريد معنى المعية لأنه يفوت بالعطف ، فحصل من هذا [و ٥٢] أن العطف ينقسم إلى واجب العطف ومختاره ، وواجب المعية ومختارها ، ومستوى الأمرين ، فواجب العطف حيث لا يكون ثم فعل ولا معناه ، نحو (زيد وعمرو أخواك) و (وكل رجل وضيعته) ومختاره في المنصوب الذي لا يتغير فيه المعنى نحو (رأيت زيدا وعمرا) وفي المجرور الذي لا يتعذر العطف ولا يتغير المعنى ، نحو (مررت بزيد وعمرو) وفي الاستفهام الذي لا مصدر له نحو (ما أنت وقصعة من ثريد) وواجب المعية حيث يتعذر العطف نحو (جئت وزيدا) و (مررت بك وزيدا) وحيث يتغير المعنى نحو (استوى الماء والخشبة) و (جاء

__________________

(١) ينظر على شيء لو ظهر حتى يلفظوا به لم ينقض ما أرادوا (من المعنى حين حملوا الكلام على (ما) و (كيف)

(٢) ينظر المقتصد في شرح الإيضاح ١ / ٦٦٢.

(٣) ينظر شرح المفصل ٢ / ٥١ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨٩٥ ، وشرح الرضي ١ / ١٩٧. قال سيبويه فيما نقله الرضي عنه : قال سيبويه : إذا نصبت ما بعد الواو هاهنا مع قلته وضعفه وذلك لكثرة وقوعهما هاهنا والشيء إذا كثر وقوعه في موضع جاز حذف تخفيفا وصار كأنه منطوق به) ١ / ١٩٧ الرضي.

(٤) ينظر همع الهوامع ٣ / ٢٣٥.

٤١٤

البرد والطيالسة) (١) وحيث الإبهام نحو (لاتنه عن القبيح وإتيانه) ، ومختار المعية حيث يكون أدل على المعنى مع إمكان العطف نحو : (لا تتغد بالسمك وتشرب اللبن) و (لا يعجبك الأكل والشبع) وحيث يكون عامل العطف غير صالح ، والمعية ممكنة نحو : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ)(٢) ومستوي الأمرين ، فحيث يمكنان معا ولا مرجح لأحدهما نحو (جئت أنا وزيد وزيدا) و (جاء زيد وعمرو وعمرا) قال الوالد : والأقرب أن العطف أرجح لأن عامله أسهل.

__________________

(١) ينظر شرح المفصل ٣ / ٤٨.

(٢) يونس ١٠ / ٧١ وتمامها : (... يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ.)

٤١٥

الحال

قوله : (الحال) هذا أول المفعولات المشبهة (١) على كلام النحاة خلافا للزجاجي ونجم الدين (٢) ، فإنهما جعلاه من الحقيقية. وانتصابه لشبهه بالظرف لأنه فضلة تقدر بـ (في) وقال الفارسي : (٣) لشبهه بالمفعول به.

قوله : (ما يبين هيئة الفاعل) ما جنس للحد لأن الحال يكون اسما وفعلا. قوله : (يبين هيئة الفاعل والمفعول) خرجت الصفة ، والتمييز ، لأنهما يبينان الذات من غير نظر إلى فاعل أو مفعول ، وخرج نحو (رجع القهقرى) فإنه وإن بين هيئة ، فهي هيئة الفعل لا الفاعل ، والمراد بالهيئة ما ينتقل ، كالركوب والوقوف وهو بخلاف الصفة ، فإنها ثابتة لا تنتقل ، مثال ما يبين هيئة الفاعل ، (جاء زيد راكبا) ، ومثال المفعول : (شربت السويق ملتوتا) ، وهيئتهما على البدل (٤) (ضربت زيدا قائما) وعلى الجمع بلفظ واحد (ضربت زيدا قائمين) قال :

[٢٢١] متى ما تلقنى فردين ترجف

روانف إليتيك وتستطارا (٥)

__________________

(١) ينظر شرح المفصل ٢ / ٥٥. قال ابن يعيش وإذ قد ثبت أنها ليست مفعولة فهي تشبه المفعول من حيث أنها تجيء بعد تمام الكلام).

(٢) ينظر شرح الرضي ١ / ١٩٨ ـ ١٩٩.

(٣) ينظر رأي الفارسي في المقتصد في شرح الإيضاح ١ / ٦٧٣ وفي الكافية المحققة (أو) بدل (و).

(٤) ينظر شرح المفصل ٢ / ٥٥.

(٥) البيت من الوافر وهو لعنترة العبسي في ديوانه ٢٣٤ ، وينظر المفصل ٦١ ، وشرحه لابن ـ يعيش ٤ / ١١٦ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٤٥١ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٣٠١ ، وهمع الهوامع ٤ / ٣٤٠ ، وخزانة الأدب ٤ / ٢٩٧ ، ٧ / ٥٠٧ ـ ٥١٤.

ويروى روادف بدل روانف.

والشاهد فيه قوله : (فردين) حيث جاء حالا من الفاعل والمفعول في تلقني كما ذهب إلى ذلك الشارح.

٤١٦

وبلفظتين (لقيته مصعدا متحدرا) والأولى أن تجعل الحال الأولى للذي تليها لثلا يؤدي إلى فصلين ، وقد يجيء مفصولا إذا دلت قرينة كقول امرئ القيس :

[٢٢٢] خرجت بها أمشى تجر وراءنا (١)

 ...

فـ (أمشي) حال من التاء و (تجر) من بها.

قوله : (لفظا أو معنى) [ضربت زيدا قائما](٢) تقسيم للفاعل والمفعول ، فاللفظ ما تقدم والمعنى في الفاعل نحو (زيد في الدار قائما) (٣) لأن التقدير استقر ، وفي الدار قائم مقامه (٤) ، وفي المفعول (هذا بَعْلِي شَيْخاً)(٥) و (هذه

__________________

(١) صدر بيت من الطويل ، وعجزه :

على أثرينا ذيل مرط مرجل

وهو لامري القيس في ديوانه ١٤ ، وينظر شرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٣٣٨ ، ورصف المباني ٣٩٦ ، والمغنى ٧٣٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٥٢ ، واللسان مادة (نير) ٦ / ٤٥٩٢ ، وأوضح المسالك ٢ / ٣٣٩ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٤٤.

ويروى في اللسان نير بدل ذيل ومرحل بدل مرجل.

والشاهد فيه قوله : (أمشي تجر) حيث وقعت كل منهما في محل نصب حال فأمشي حال من التاء وتجر حال من الهاء ، في بها وقد طابقت الجملة صاحبها ...

(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٣) وقد رد الرضي على المصنف وقال في ١ / ٢٠١ : وقال المصنف في مثال الحال عن الفاعل المعنوي : زيد في الدار قائما ، وفيه نظر لأن قائما حال من الضمير في الظرف وهو فاعل لفظي ، لأن الفاعل المستكن كالملفوظ به).

(٤) هذه العبارة من شرح المصنف ٤٠ دون أن يسندها الشارح إليه.

(٥) هود ١١ / ٧٢ وتمامها : (قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ.) ـ قال الرضي : أما المفعول المعنوي فنحو شيخا في قوله تعالى : (هذا بَعْلِي شَيْخاً) فإن بعلي خبر مبتدأ وهو في المعنى مفعولا لمدلول هذا بعلي شيخا أو أشير إليه شيخا) ١ / ٢٠٠ وشيخا حال والعامل فيه التنبيه أو الإشارة أو معنى الإشارة.

٤١٧

هند واقفة) لأنه في معنى أشير.

قوله : (وعاملها الفعل) يعني الحال سواء كان متعديا أو لازما متصرفا أو غير متصرف.

قوله : (أو شبهه) وهو اسم الفاعل ، والمفعول ، والصفة المشبهة ، وأفعل التفضيل ، واسم الفعل والمصادر ، نحو (زيد ضارب قائما) ، (مضروب قائما) و (حسن الوجه ضاحكا) و (أفضل منك قائما) أو (نزال زيدا راكبا) و (يعجبني ضربك قائما).

قوله : (أو معناه) وهي ثلاثة أشياء : الأولى : الجار والمجرور والظرف ، نحو (زيد في الدار وعندك قائما) ، الثاني الإشارة وحرف التنبيه (١) نحو : (هذا بَعْلِي شَيْخاً) و (هذا زيد قائما) وفيه خلاف. الجمهور إنهما العاملان جميعا لما فيهما من معنى الفعل وذهب السهيلي : (٢) أن العامل الفعل ، كأنك قلت : انظر إليه شيخا ، قائما لأن الإشارة اسم جامد ، والتنبيه حرف لا يعمل بمعناه إذا لزم [ظ ٥٢] في سائر الحروف أن يعمل بمعانيها ، ومنهم من قال : العامل الإشارة دون التنبيه لوروده ، قال تعالى : (فَتِلْكَ

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٠١ ، وشرح المفصل ٢ / ٥٧ ـ ٥٨.

(٢) السهيلي هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أصبغ السهيلي الخثعمي الأندلسي المالقي كان عالما بالعربية واللغة والقراءات ، جامعا بين الرواية والدراية توفي سنة ٥٨١ ه‍ ، من مصنفاته ـ شرح الجمل للزجاجي والتعريف والإعلام بما في القرآن من الأسماء والأعلام ، والأمالي المسماة بأمالي السهيلي ، تنظر ترجمته في البغية ٢ / ٢٨١.

٤١٨

بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً)(١) ومنهم من عكس واحتج بقوله :

[٢٢٣] ها بينا ذا صريح النصح فاصغ له

وطع ، فطاعة مهد نصحه رشد (٢)

الثالث : (كأن) و (ليت) و (لعل) ، أما كأن فلوروده قال :

[٢٢٤] كأنه خارجا من جنب صفحته

سفوّد شرب نسوه عند مفتأد (٣)

وقوله :

[٢٢٥] كأن قلوب الطير رطبا ويابسا

لدى وكرها العناب والحشف البالي (٤)

__________________

(١) النمل ٢٧ / ٥٢ ، وتمامها : (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ.)

(٢) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في شرح التسهيل السفر الثاني ١ / ٥٤ ، ومغني اللبيب ٧٣٣ ـ ٨٦٥ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٠١.

والشاهد فيه قوله : (ها بينا) حيث جاءت الحال بعد عاملها وهو هنا حرف التنبيه (ها).

(٣) البيت من البسيط ، وهو للنابغة في ديوانه ١٩ ، وينظر الخصائص ٢ / ٢٧٥ ، وأمالي ابن الشجري ١ / ١٥٦ ، وشرح الرضي ١ / ٢٠٠ ، ورصف المباني ٢٨٦ ـ ٣٦٣ ، واللسان مادة (فأد) ٥ / ٣٣٣٤ ، وخزانة الأدب ٣ / ١٨٥ ـ ١٨٧ ، والسفود : الحديدة التي يشوى بها اللحم ، وفأدت اللحم وافتأدنه إذا شويته. شرب جمع شارب كصحب وصاحب.

والشاهد فيه قوله : (كأنه خارجا) حيث عملت كأن في الحال لوجود معنى المشابهة وهي المقيدة بحال الخروج لا التشبيه وخارجا حال من الفاعل المعنوي لكأن وهو الهاء.

(٤) البيت من الطويل وهو لامرئ القيس في ديوانه ٣٨ ، وينظر المصنف ٢ / ١١٧ ، ومغني اللبيب ٢٨٨ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٤٢ ، ٢ / ٥٩٥ ـ ٨١٩ ، ولسان العرب مادة (أدب) ١ / ٤٣ ، وأوضح المسالك ٢ / ٣٢٩.

والشاهد فيه قوله : (رطبا ويابسا) حيث وقعا حالين ، والعامل فيهما وصاحبهما كأن وهو حرف مشبه بالفعل يتضمن معنى الفعل دون حروفه ، ولا يجوز تقديم الحال على صاحبها في هذه الحال.

٤١٩

فإن رطبا ويابسا حالان وعاملهما كأن ، والصاحب قلوب ولم يؤنث الحالين ، لأن مراده كل قلب ، وأما (ليت) و (لعل) فلأنهما بمعنى كأن في تغيير الجملة ، ومنهم من قصرة على كأن وزاد بعضهم لو لا لأنها في معنى امتنع ، وأما نحو : (إما صديقا فأنت صديق) ، والاستفهام المراد به التعظيم نحو :

[٢٢٦] ...

يا جارتا ما أنت جارة (١)

الجنس المراد به الكمال نحو : (أنت الرجل علما) ، والمشبهة به نحو : (هو زهير شعرا) (٢) قال :

[٢٢٧] فإنى الليث مرهوبا حماه (٣)

 ...

وقوله : (وشرطها أن تكون نكرة) ، هذا مذهب الجمهور (٤) لئلا

__________________

(١) عجز بيت من مجزوء الكامل ، وصدره :

بانت لتحزننا عفارة

وهو للأعشى في ديوانه ٢٠٣ ، ينظر شرح شواهد الإيضاح ١٩٣ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ١ / ٣٦ ، ورصف المباني ٥١٣ ، وشرح شذور الذهب ٢٧٩ ، وشرح ابن عقيل ١ / ٦٦٨ ، واللسان مادة (بشر) ١ / ٢٨٨ ، وخزانة الأدب ٣ / ٣٠٨ ـ ٣١٠. وصدره :

والشاهد قوله فيه : (جارة) حيث وقعت حالا وهو رأي جمهرة من العلماء وبعضهم يجعلها تمييزا.

(٢) ينظر شرح التسهيل السفر الثاني ١ / ٣٦ ـ ٣٧.

(٣) صدر بيت من الوافر ، وعجزه :

وعيدي زاجر دون افتراسي

وهو بلا نسبة في شرح التسهيل السفر الثاني ١ / ٣٩ ، وشرح عمدة الحافظ ٤٣٥ ،

والشاهد فيه قوله : (مرهوبا) حيث جاءت الحال متأخرة عن عاملها وجوبا لأن هذا العامل حرف تأكيد يتضمن معنى الفعل دون حروفه وهو إني.

(٤) بنظر شرح ابن عقيل ١ / ٦٣٠ قال ابن مالك في ألفيته :

والحال إن عرف لفظا فاعتقد

تنكيره معنى كوحدك اجتهد

٤٢٠