النّجم الثاقب - ج ١

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم

النّجم الثاقب - ج ١

المؤلف:

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم


المحقق: الدكتور محمّد جمعة حسن نبعة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٥
الجزء ١ الجزء ٢

يجوز تثنيته النفس والعين مع المثنى ، بل تجمع كما في المجموع ، وأما الضمير فعلى قياسه ، وقد جاء فيهما مع المثنى ثلاث لغات أفصحها الجمع ثم الإفراد ثم التثنية فتقول : (جاء الزيدان أنفسهما وأعينهما ، ونفسهما وعينهما ، ونفساهما وجاءت الهندات أنفسهما وأعينهما ، ونفسهما وعينهما) (١) و (نفساهما وعيناهما) (٢) وفي الجمع (جاء الزيدون أنفسهم وأعينهم والهندات أنفسهن وأعينهن).

قوله : (والثاني للمثنى) أي الضرب الثاني من التوكيد لا يكون إلا للمثنى وهو (كلاهما) للمذكر (وكلتاهما) بالتاء للمؤنث وهما من اللازمات للإضافة ولا يضافان إلا إلى مثنى (٣) أو ما في حكمه ظاهر نحو (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ)(٤) أو مضمر نحو كلاهما قال :

[٣٣٥] ...

ويعلم أن سنلقاه كلانا (٥)

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٦١ ، وشرح الرضي ١ / ٣٣١ ـ ٣٣٤.

(٢) وحكى ابن كيسان عن بعض العرب نفساهما وعيناهما كما ذكر الشارح ونقله الرضي عن ابن كيسان ١٠ / ٣٣٤.

(٣) قال المصنف في شرحه ٦١ ما نصه : (وأما كلا فلا يؤكد به إلا المثنى فيخالف في ضميره باعتبار من هو له من متكلم أو مخاطب أو غائب كقولك : جئنا كلانا ، وجئتما كلاكما ، وجاء آكلاهما ، وإن كانت لمؤنث زيدت التاء فقلت كلتانا وكلتا كما وكلتاهما).

(٤) الكهف ١٨ / ٣٣ وتمامها : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً.)

(٥) عجز بيت من الوافر وصدره :

فإن الله يعلمني ووهبا

وهو للنمر بن تولب في ديوانه ٣٩٥ ، وشرح المفصل ٣ / ٢.

والشاهد فيه قوله : (كلانا) حيث أضاف كلا إلى (نا) وهو ضمير جمع ، وكلا يضاف إلى تثنية ، وذلك لأن الاثنين والجمع في الكناية عن المتكلم واحد ، أو لأنه حمل الكلام على المعنى لأنه بمعنى نفسه ووهبا ...

٥٨١

وقال :

[٣٣٦] ...

وكلا ذلك وجه وقبل (١)

ويخالف في ضميره باعتبار من هو له من متكلم وخطاب وغيبة نحو (جئنا كلانا) و (جئتم كلاكما) و (جاء كلاهما) وإن كان لمؤنث ردت التاء تقول : (جاءتا كلتاهما).

قوله : (والباقي لغير مثنى) أي كل وأخواته لغير المثنى مما يتجزأ من مفرد أو جمع مذكر أو مؤنث نحو (شربت القدر كله) و (جاء القوم كلهم).

قوله : (باختلاف [و ٧٣] الضمير في كله وكلها) [كلهم كلهن](٢) يعني أن الضمير يجري على قياسه في التذكير والتأنيث والتثنية والجمع.

قوله : (والصيغ في البواقي) [أجمع ، وجمعاء ، وأجمعون ، وجمع](٣) يعني باختلاف الضمير في كله ، واختلاف الصيغ في البواقي وهي (أجمع واكتع وأبتع وأبصع) (٤) تقول (اشتريت العبد أجمع أكتع أبصع) و (الجارية جمعاء

__________________

(١) عجز بيت من الرمل ، وهو لعبد الله الزبعري في ديوانه ٤١ ، وينظر الأغاني ١٥ / ١٤٦ ، وشرح المفصل ٣ / ٢ ـ ٣ ، ومغني اللبيب ٢٦٨ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٤٩ ، وأوضح المسالك ٣ / ١٣٩ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٦٢ ، وهمع الهوامع ٤ / ٢٨٢. وصدره :

إن للخير وللشر مدى

والشاهد فيه قوله : (كلا ذلك) حيث أضاف (كلا) إلى (ذلك) وهو فرد لفظا مثنى معنى وذلك لأنه يعود على الخير والشر.

(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٣) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٤) قال المصنف في شرحه : فيقال للمفرد المذكر أجمع ، وللمؤنث جمعاء ، وللجمع المذكر أجمعون ، وللجمع المؤنث جمع ، ولا يقال للمثنى عنه استغناء بكلا ٦١.

وقال الرضي عن البواقي في التوكيد : (تقول للواحد المذكر : أجمع أكتع أبتع أبصع ، ـ وللواحدة جمعاء كتعاء بتعاء بصعاء ، ولجمع المذكر العاقل أجمعون أكتعون أبتعون أبصعون ، ولجمع المؤنث جمع كتع بتع بصع عاقلا أو غيره) ١ / ٣٣٤ ثم قال الرضي في الصفحة نفسها (وقد أجاز الكوفيون والأخفش لمثنى المذكر أجمعان أكتعان أبصعان أبتعان ولمثنى المؤنث جمعاوان كتعاوان بصعاوان بتعاوان وهو غير مسموع).

٥٨٢

وكتعاء بتعاء بصعاء) و (العبيد أجمعين أكتعين أبتعين أبصعين) و (الجواري جمع وكتع بتع وبصع) لا يقلن في المثنى استغناء عنهن بـ (كلا) وهذه التواكيد معارف لا يؤكد بها إلا المعرفة ، وأجاز الكوفيون توكيد النكرات المقصودة (١) نحو قوله :

[٣٣٧] ...

تحملنى الذلفاء حولا أكتعا (٢)

وقوله :

[٣٣٨] قد صرّت البكرة يوما

 ...

وتعريفها من جهة العلمية عند الفارسي (٣) ومن جهة الإضافة ظاهرة

__________________

(١) ينظر رأي الكوفيين في شرح ابن عقيل ٢ / ٢١١ ، وشرح الرضي ١٠ / ٣٣٥. قال الرضي : وقد أجاز الكوفيون تأكيد المنكر إذا كان معلوم المقدار مؤقتا كدرهم ودينار ويوم وليلة وشهر ...) نفس الصفحة.

(٢) البيت من الرجز بلا نسبة في شرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٦٤٤ ـ ٦٤٨ ، وشرح الرضي ١ / ٣٣٥ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٢١٠ ، ولسان العرب مادة (كتع) ٥ / ٣٨٢٠ ، وهمع الهوامع ٥ / ٢٠٥ ، وخزانة الأدب ٥ / ١٦٩. وتمامه :

يا ليتني كنت صبيا مرضعا

والشاهد فيه قوله : (حولا أكتعا) حيث أكد النكرة المقصودة وهو مذهب الكوفيين كما أشار الشارح.

(٣) الرجز بلا نسبة في الإنصاف ٢ / ٤٥٥ ، وشرح المفصل ٣ / ٤٤ ـ ٤٥ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٦٤٨ ، وشرح الرضي ١ / ٣٣٥ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٢١١ ، وهمع الهوامع ٥ / ٢٠٤ ، وخزانة الأدب ١ / ١٨١.

والشاهد فيه قوله : (يوما أجمعا) حيث أكد يوما وهو نكرة محدودة بقوله أجمعا وتجويز ذلك على مذهب الكوفيين وهذا ما ذهب إليه ابن مالك.

(٤) ينظر المقتصد في شرح الإيضاح ٢ / ٨٧٢.

٥٨٣

كانت أو مقدرة عند الخليل وسيبويه (١).

قوله : (ولا يؤكد ب كل وأجمع إلا ذو أجزاء يصح افتراقها حسا أو حكما) يحترز من الجوهر الفرد ، قوله : (يصح افتراقها) يحترز من مالا يصح افتراقها نحو (جاء زيد) لا تقول كله ، لأنه لا يصح مجيء بعضه ، ومما يجب افتراقها نحو (اقتسم هؤلاء الثلاثة ثلاثة أقسام كلهم) والذي يصح افتراقه حسّا مثل (أكرمت القوم كلهم) ويسمى المتجزئ بالذات والحكم مثل (اشتريت العبد كله) [جاءني زيد كله](٢) وسميّ المتجزئ بالعامل ومنه (رأيت زيدا كله) و (ضربته كله) وإنما اختص (كل) و (أجمع) بما يصح افتراقه لأنها وضعت لتأكيد الشمول والإحاطة ولا تصحان إلا في ذي أجزاء يصح افتراقها حسا أو حكما.

قوله : (وإذا أكد الضمير المرفوع) يحترز من الظاهر والمضمر المنصوب والمجرور (٣).

قوله : (المتصل) يحترز من المنفصل ، نحو (ما جاء إلا أنت نفسك) (٤).

قوله : (بالنفس والعين) يحترز مما يؤكد بغيرهما ، نحو (كل) وأخواته فإن هذه لا تحتاج إلى تأكيد بمنفصل نحو (جاؤوني كلهم)

__________________

(١) ينظر الكتاب ١ / ٣٧٧ وما بعدها.

(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٣) ينظر شرح المصنف ٦١.

(٤) ينظر شرح المصنف ٦١.

٥٨٤

قوله : (أكد بمنفصل) وهو ما اجتمعت فيه هذه الشروط نحو (قمت أنت ونفسك) و (زيد خرج هو ونفسه) وإنما أكد بمنفصل لأنه لما اتصل بالفعل صار كالجزء منه ، فكما لا يعطف عليه إلا بتوكيد كذلك لا يؤكد إلا بتأكيد ، وإنما اختص النفس والعين بهذا الحكم لإلباسهما بالفاعل في بعض المواضع لكثرة مباشرتها له ، نحو (هند خرجت نفسها) و (خرجت عينها) (١) فيتوهم أنها ماتت أو عورت ، لأنهما يستعملان في غير التأكيد ، كالمبتدأ والخبر والفاعل والمفعول والمجرور تقول : (نفسي طيبة) و (عيني حسنة) و (الكلام في نفسي) و (الحسن في عيني) و (طابت نفسي) و (حسنت عيني) و (قتلت نفسي) و (أعورت عيني) (٢) بخلاف (كل) و (أجمعين) فإنها لا تكون إلا توكيدا ، ولا تلي العوامل إلا نادرا وقد استعمل (كل) مبتدأة لما كان العامل معنويا (٣).

قوله : (وأكتع وأخواه وهما (أبتع) و (أبصع) اتباع ل أجمع) يعني في الترتيب ، تقول (اشتريت العبد أجمع اكتع أبتع أبصع) ولا معاني لها ، بل هي كقولهم (حسن بسن) و (جائع بائع) و (سلطان ليطان) في أنها لا معنى لها سوى سجع الكلام وتأكيده ، وقيل : (أكتع) مأخوذ من قولهم : عام

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ٣٣٦. قال الرضي : (اعلم أنك لو أردت الجمع بين ألفاظ التوكيد المعنوي قدمت النفس ثم العين ثم الكل ثم أجمعين ثم أخواته من أكتعين إلى أبتعين ، أما تقديم النفس والعين على الكل فلأن الإحاطة صفة للنفس ومعنى فيها فتقديم النفس على صفتها أولى) انته كلامه.

(٢) قال الرضي : (وأما تقديم النفس على العين فلأن النفس لفظ موضوع لماهيتها حقيقة ولفظ العين مستعار لها مجازا من الجارحة المخصوصة كالوجه في قوله تعالى : ((كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، أي ذاته) ينظر شرح الرضي ١ / ٣٣٦.

(٣) كأن تأتي مبتدأ ، لأن العامل فيه معنوي على رأي البصريين.

٥٨٥

كتيع أي تام ، وتكتعت (١) الجلدة إذا تجمعت ، وأبتع من قولهم : فرس بتيع هو طويل العنق مع شدة المغزز (٢) ، قال :

[٣٣٩] يسمو الدسيع إلى هاد له بتع

وجؤجؤ كمداك الطيب مخضوب (٣)

وأبصع بالصاد المهملة من بصع (٤) الجرح إذا سال ، ومن قولهم (إلى متى تكرع ولا تبصع) (٥) أي تروي ، وقد روي أبضع بالضاد المعجمة (٦).

قوله : (ولا يتقدم عليه) يعني توابع الجمع لا تتقدم عليه لأن التابع لا يتقدم على متبوعه ، وأجازه الكوفيون وابن كيسان (٧) ولا حجة لهم.

قوله : (وذكرها دونه ضعيف) يعني وذكر توابع (أجمع) دون (أجمع) ضعيف لا تقول : (شريت العبد أكتع أبتع أبصع) (٨) [ظ ٧٣] وقد جاء :

__________________

(١) ينظر مادة (كتع) في اللسان ٥ / ٣٨٢٠.

(٢) ينظر مادة (بتع) في اللسان ١ / ٢٠٦.

(٣) البيت من البسيط ، وهو لسلامة بن جندل في اللسان مادة (بتع) ومادة (دسع) ٢ / ١٣٧٤ ، ويروى فيه يرقى بدل يسمو ، و (في جؤجؤ) بدل (وجؤجؤ).

الدسيع : العظم الذي فيه الترقوتان (عند الإنسان) وقيل الدسيع الصدر والكاهل (وهو موضع المرئ من حلقه.

الجؤجؤ : عظام صدر الطائر.

والشاهد فيه قوله : (بتع) حيث أتى بها على غير الإتباع والتأكيد وأعرب بحسب موقعها من الجملة.

(٤) ينظر مادة (بصع) في اللسان ١ / ٢٩٤ ـ ٢٩٥.

(٥) ينظر هذا المثل في اللسان مادة (بضع) ويروى : حتى متى تكرع ولا تبضع ١ / ٢٩٦ ـ ٢٩٨.

(٦) ينظر شرح الرضي ١ / ٣٣٦.

(٧) ينظر رأي ابن كيسان في شرح الرضي ١ / ٣٣٦.

(٨) ينظر ترتيب هذه في شرح الرضي ١ / ٣٣٦.

٥٨٦

[٣٤٠] ...

تحملنى الذلفاء حولا أكتعا (١)

وقوله :

[٣٤١] ترى الثور مدخل الظل رأسه

وسائره باد إلى الشمس أكتع (٢)

__________________

(١) سبق تخريجه برقم ٣٣٧.

(٢) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في الكتاب ١ / ١٨٢ ، وخزانة الأدب ٤ / ٢٣٥ ، والدرر ٦ / ٣٧ ، وهمع الهوامع ٥ / ٢٠١ ، وأمالي المرتضى ١ / ٢١٦ ، وهذا الشاهد من الخمسين التي لم يعرف لها قائل. ويروى أجمع بدل أكتع.

والشاهد فيه قوله : (أكتع) حيث أكّد سائره بكلمة أجمع ، وفيه شاهد آخر. وهو (مدخل الظل رأسه) أي مدخل رأسه في الظل على سبيل القلب.

٥٨٧

البدل

قوله : (البدل تابع) جنس الحد.

قوله : (مقصود بما نسب إلى المتبوع) خرج النعت وعطف البيان والتوكيد.

وقوله : (دونه) خرج المعطوف بحرف ، وفيه إشعار بأن المبدل منه في نية الطرح ، وهو مذهب المبرد (١) وجماعة من النحاة وحجتهم ، أنه لا بد من ذلك في بدل الغلط وأنه وحده له حكم مخالف للتوابع في قوة تأثير العامل الأول ، وما ذلك إلا لأنه مقصود دون الأول ، وإلا أدى إلى أن يرفع الفعل فاعلين بغير عاطف ، نحو (جاء زيد أخوك) ومذهب سيبويه (٢) أنه غير مطرح ، لأنه يؤدي إلى بقاء المبتدأ بلا عائد نحو (زيد رأيت غلامه رجلا صالحا) وعود الضمير إلى غير مذكور نحو (ضربت زيدا أخاه) ويرد على حده المعطوف بـ (بل) فقط ، فلوزاد يغير واسطة لسلم الحد ، قاله في البرود.

__________________

(١) ينظر المقتضب ٤ / ٣٩٧ وما بعدها ، وشرح الرضي ١ / ٣٤٢.

(٢) ينظر الكتاب ١ / ١٥٠ وما بعدها.

٥٨٨

قوله : (وهو بدل الكل والبعض والاشتمال والغلط) قال في البرود : في إدخاله اللام على (كل) و (بعض) نظر ، لأن مذهب سيبويه (١) أنهما معرفتان بنية الإضافة ، ودليله نصب الحال من كل في قول العرب : (مررت بكلّ قائما).

وهذه قسمة النحاة المحققين ، ومنهم من لم يعد بدل الغلط بغير (بل) كالمبرد (٢) وغيره ، ورده ابن السيد (٣) بقول ذي الرمة :

[٣٤٢] لمياء في شفتيها حوة لعس (٤)

 ...

أبدل اللعس وهو سواد مشرب بحمرة من الحوة وهو سواد ، وردّ بأنه مصدر وصف به للمبالغة نحو (حكم عدل قول فصل) وقيل : فيه تقديم وتأخير ، أي في شفتيها حوة في اللثات لعس كقوله :

__________________

(١) ينظر الكتاب ١ / ١٥٤.

(٢) ينظر شرح الرضي ١ / ٣٤٢ ، وهمع الهوامع ٥ / ٢١٥.

(٣) هو عبد الله بن محمد بن السيد ـ بكسر السين ـ أبو محمد البطليوسي نزيل بلنسبة كان عالما باللغات والآداب ، تصدر لإقراء النحو فيها ، صنف شرح أدب الكاتب ، شرح الموطأ إصلاح الخلل الواقع

في الجمل ، الخلل في شرح أبيات الجمل توفي ٥٢١ ه‍ في بلنسية ، ينظر ترجمته في البغية ٢ / ٥٥ ـ ٥٦ ينظر رأي ابن السيد في همع الهوامع ٥ / ٢١٥.

(٤) صدر بيت من البسيط وهو لذي الرمة في ديوانه ٣٢ ، وينظر الخصائص ٣ / ٢٩١ ، واللسان مادة (حو) ٢ / ١٠٦٢ ، ٣ / ٢٩١ ، والدرر ٦ / ٥٦ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٠٣ ، وهمع الهوامع ٥ / ٢١٥ ، وعجزه :

وفي اللثات وفي أنيابها شنب

والشاهد فيه قوله : (حوة لعس) حيث جاء لعس بدل غلط من حوة ، وتأوله بعضهم على أنه من باب التقديم والتأخير والتقدير : في شفتيها حوة وفي اللثات لعس وهذا ما ذهب إليه الشارح.

٥٨٩

[٣٤٣] فأصبحت بعد خط بهجتها

كأن قفرا رسومها قلما (١)

أي فأصبحت بعد بهجتها قفزا ، كأن قلما خط رسومها ، وزاد قوم بدل الإضراب كقول النبي : «إن العبد ليصلي الصلاة ما كتب له نصفها ثلثها ربعها خمسها سدسها سبعها ثمنها تسعها عشرها» (٢) وزاد قوم بدل البداء (٣) ، والفرق بينهما أن البداء ما ظهر لك الصواب في خلافه ويعدل إلى المبدل منه ولا يكون في كلام الله ، والإضراب أن يعدل عن الأول وإن كان صوابا لغرض ، ويجوز على الله تعالى ، وهما يقدران بـ (بل) كالغلط وزاد بعضهم بدل كل من بعض نحو :

[٣٤٤] رحم الله أعظما دفنوها

بسجستان طلحة الطلحات (٤)

وتأوله المانعون على حذف مضاف تقديره ، أعظم طلحة الطلحات.

__________________

(١) البيت من المنسرح ، وهو بلا نسبة في الخصائص ١ / ٣٣٠ ، ٢ / ٣٩٣ ، والإنصاف ٢ / ٤٣١ ، واللسان مادة (خطط) ٢ / ١١٩٨ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤١٨.

والشاهد فيه قوله : (كأن قفزا رسومها قلما) حيث أحزّ قلما ومكانه التقديم والتقدير كان قلما خط رسومها وهذا ما أشار إليه الشارح.

(٢) الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده ٤ / ٣٢١ ، من حديث عمار بن ياسر.

(٣) والبداء لا يكون في كلام الله لأنه يبدو بعد أن لم يكن وهذا مما يعطل فيه علم الله. وقد اختلف العلماء بين النسخ والبداء فالنسخ : تحويل العباد من شيء قد كان حلالا فيحرم أو كان حراما فيحلل ، وأما البداء فهو ترك ما عزم عليه وهذا غير جائز في القرآن والنسخ منصوص عليه فيه (القرطبي عند تفسير الآية ١٠٦ من البقرة).

(٤) البيت من الخفيف ، وهو لعبيد الله بن قيس الرقيات في ديوانه ٢٠ ، وينظر المقتضب ٢ / ١٨٨ ، ٤ / ٧ ، والإنصاف ١ / ٤ ، وشرح المفصل ١ / ٤٧ ، والجنى الداني ٦٠٥ ، واللسان مادة (طلح) ٤ / ٢٦٨٧ ، وهمع الهوامع ٥ / ٢١٦ ، وخزانة الأدب ٨ / ١٠ ـ ١٤.

الشاهد فيه قوله : (طلحة) حيث جاء بدلا من أعظم وهو من باب بدل الكل من البعض.

٥٩٠

قوله : (فالأول مدلوله مدلول الأول) يعني بدل الكل مدلوله مدلول المبدل منه في المعنى (١) نحو (زيد أخوك) بخلاف مدلول اللفظ فإنه يكون توكيدا لفظيا.

قوله : (والثاني جزؤه) يعني بدل البعض من الكل نحو (قطعت زيدا يديه).

قوله : (والثالث بينه وبين ملابسة بغيرهما) يعني بين بدل الاشتمال وبين المبدل والمبدل منه ملابسة بغير الكلية والبعضية ، نحو (أعجبني زيد علمه) فملابسة العلم لزيد لاتصافه به ، لا أنه هو ولا بعضه (٢) ، وسمي اشتمالا لأن الأول مشتمل على الثاني ، وردّ بـ (سلب زيد ثوبه) وقيل الثاني : هو المشتمل على الأول حقيقة نحو (سلب زيد ثوبه) ومجازا ، نحو (أعجبني زيد علمه).

قوله : (الرابع (٣) أن تقصد إليه بعد أن غلطت بغيره) يعني بدل الغلط وهو لا يوجد في كلام الله سبحانه ، ولا يجوز عليه الغلط ، ولا في

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ٣٣٩.

(٢) ينظر شرح المصنف ٦٢.

(٣) بدل الغلط. قال الرضي : وهذا الذي يسمى بدل الغلط على ثلاثة أقسام : إما بداء : وهو أن تذكر المبدل منه عن قصد وتعمد ثم توهم أنك غالط لكون الثاني أجنبيا وهذا يعتمده الشعراء كثيرا للمبالغة والتفنن في الفصاحة. وإما غلط صريح محقق كما إذا أردت مثلا أن تقول : جاءني حمار فسبقك لسانك إلى رجل ثم تداركت الغلط فقلت حمار ، وإما نسيان وهو أن يعتمد ذكر ما هو غلط ولا يسبقك لسانك إلى ذكره ولكن تنسى المقصود ثم تتداركه بذكر المقصود) ينظر الرضي ١ / ٣٣٩ ـ ٣٤٠).

٥٩١

الكلام الفصيح (١) لأنهم يأتون فيه بـ (بل) ولا يشترط فيه ملابسة ولا ضمير بخلاف بدل البعض والاشتمال ، فلا بد فيهما من الضمير.

قوله : (ولا يكونان معرفتين ونكرتين ومختلفتين) هذا تقسيم بحسب التعريف والتنكير ، أي ويكون البدل والمبدل منه [و ٧٤] معرفتين نحو (زيد أخوك) وعليه (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِراطَ الَّذِينَ)(٢) ونكرتين نحو (جاء رجل أخ لك) وعليه (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً ، حَدائِقَ وَأَعْناباً)(٣) ومختلفتين ، معرفة من نكرة ، نحو (جاءني رجل أخوك) وعليه : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ، صِراطِ اللهِ)(٤) وعكسها (زيد أخ لك) وعليه (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ، ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ)(٥) وكذلك في البعض والاشتمال والغلط في المعرفتين نحو (قطعت زيدا يده) و (أعجبني زيد علمه) و (كرهت زيدا الحمار) وفي النكرتين (قطعت رجلا يدا له) و (أعجبني رجل علم له) و (أبغضت رجلا حمارا) وفي النكرة من المعرفة : (قطعت زيدا يدا له) و (أعجبني زيد علم له) و (أبغضت زيدا حمارا) وفي المعرفة من النكرة (قطعت رجلا يده) و (أعجبني رجل علمه) و (كرهت رجلا الحمار) فتصير ست عشرة مسألة (٦).

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ٣٤٠.

(٢) سورة الفاتحة ١ / ٥.

(٣) سورة النبأ ٧٨ / ٣١ ، ٣٢.

(٤) سورة الشورى ٤٢ / ٥٢ ـ ٥٣.

(٥) سورة العلق ٩٦ / ١٥ ـ ١٦ ، وتمامها : (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ.)

(٦) ينظر سرد هذه المسائل الست عشرة في شرح المصنف ٦٢ ، وشرح الرضي ١ / ٣٤٠.

٥٩٢

قوله : (وإذا كان نكرة من معرفة فالنعت مثل : (بِالنَّاصِيَةِ ، ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ)(١)) يريد إذا أبدلت النكرة من المعرفة (٢) وصفتها لئلا يصير غير المقصود أعرف من المقصود وهو مذهب الكوفيين (٣) وجماعة من المتأخرين منهم المصنف (٤) ، وفيه تفصيل ، وهو أنك إذا أبدلت نكرة من معرفة بدل البعض أو الاشتمال فإنك مضطر إلى النعت بلا خلاف لأجل العائد نحو (زيد يد له وعلم له) وإن كان بدل (كل) فإن كانت النكرة البدل هي المبدل منه ولا بد من تخصيص وإضافة نحو (الرجل رجل كريم) أو (الرجل غلام رجل) ومنه الآية : (لِئَلَّا يَكُونَ)(٥) أنها ما بعد التفسير ، وإن لم تكن الأولى ، أجازه البصريون من غير وصف نحو :

[٣٤٥] إنا وجدنا بنى جلان كلهم

كساعد الضب لا طول ولا قصر (٦)

فأبدل لا طول ولا قصر من كساعد الضب وهو معرفة ، والمصنف

__________________

(١) سورة العلق ٩٦ / ١٥ ـ ١٦.

(٢) قال الرضي في ١ / ٣٤٠ ما نصه : (أي إذا كان نكرة مبدلة من معرفة فنعت تلك النكرة واجب ، وليس ذلك على الإطلاق بل في بدل الكل من الكل ...) وقال أبو علي في الحجة وهو الحق يجوز تركه أي ترك وصف النكرة المبدلة من المعرفة إذا استفيد من البدل ما ليس في المبدل منه كقوله تعالى : (بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً).

(٣) ينظر البحر المحيط ٨ / ٤٩١.

(٤) ينظر شرح المصنف ٦٢.

(٥) البقرة ٢ / ١٥٠ (... وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا ...).

(٦) البيت من البسيط وهو بلا نسبة في شرح الرضي ١ / ٣٤٠.

الشاهد فيه قوله : (كساعد الضب لا طول ولا قصر) حيث أبدل لا طول ولا قصر من ساعد الضب إذ ساعده لا ذي طول ولا ذي قصر وهو معرفة وإلى ذلك أشار الشارح.

٥٩٣

والكوفيون : (١) اشترطوا الوصف مطلقا.

قوله : (ويكونان ظاهرين ومضمرين ومختلفين) يعني البدل والمبدل منه وهذا تقسيم له بحسب الظهور والإضمار ، والتقسيم الأول بحسب التعريف والتنكير ، والظاهر من جميع ما تقدم وهو الست عشرة مسألة (٢) ، والمضمرين نحو (زيدا رأيته إياه) وك (يد قطعته إياها) و (الجهل بغضته إياه) (والحمار كرهته إياه) وذهب طاهر (٣) وبعض النحاة إلى أن بدل البعض والاشتمال لا يكون في المضمرين ولا في المضمر من الظاهر لارتفاع البعضية والاشتمالية لأن ضمير البعض والكل سواء ، والجمهور (٤) أجازوا ذلك ، والمختلفين ، المضمر من الظاهر نحو : (رأيت زيدا إياه) (اليد قطعت زيدا إياها) (٥) (الجهل كرهت زيدا إياه) و (الحمار أبغضت زيدا إياه) والظاهر من المضمر نحو (رأيته زيدا) قال تعالى : (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ)(٦) فأن أذكره في موضع نصب بدل من الهاء في أنسانيه ، ومثله قول الشاعر :

[٣٤٦] ...

على جوده ما جاد بالماء حاتم (٧)

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٦٢.

(٢) انظر شرح المصنف حيث عد الست عشرة مسألة ٦٣ ، والرضي ١ / ٣٤٠.

(٣) ينظر شرح المقدمة المحسبة ٢ / ٤٢٦ ـ ٤٢٧ ، والهمع ٥ / ٢١٨.

(٤) ينظر الهمع ٥ / ٢١٨.

(٥) ينظر شرح الرضي ١ / ٣٤١ ، وشرح المصنف ٦٣.

(٦) الكهف ١٨ / ٦٣. وتمامها : (قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً.)

(٧) عجز بيت من الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ٢ / ٢٩٧ ، وصدره :

على حالة لو أن في القوم حاتما

وينظر اللمع ١٧٤ ـ ٢٦٦ ، وشرح المفصل ٣ / ٦٩ ، وشرح شذور الذهب ٢٦٧ ، واللسان مادة ـ حتم ٢ / ٧٧٢. ويروى ماضن بدل ما جاد ، ويروى حاتم بالكسر.

والشاهد فيه قوله : (حاتم فهو بدل من الضمير في جوده إذا كان مكسورة ، أو أنه فاعل لضن أو جاد.

٥٩٤

(واليد قطعتها زيدا) وعليه :

[٣٤٧] أو عدني بالسجن والأداهم

رجلي ورجلي شثنة المناسم (١)

و (الجهل أبغضته زيدا) وعليه :

[٣٤٨] ...

وما ألفيتنى حلمى مضاعا (٢)

و (الحمار أبغضته زيدا) فهذه اثنتا عشرة مسألة وهي بحسب التكلم والخطاب والغيبة ، ست وثلاثون مسألة ، والأول ست عشرة مسألة ، والجملة اثنتان وخمسون مسألة.

__________________

(١) هذا البيت من الرجز ، وهو للعديل بن الفرخ ، ينظر شرح أبيات سيبويه ١ / ١٢٤ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ٢١ ، وشرح المفصل ٣ / ٧٠ ، وشرح الرضي ١ / ٣٤١ ، وشرح شذور الذهب ٤٤٥ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٢٥١ ، واللسان مادة (وعد) ٦ / ٤٨٧٢ ، وهمع الهوامع ٥ / ٢١٧ ، وخزانة الأدب ٥ / ١٨٨ ـ ١٨٩ ـ ١٩٠.

وشثنه المناسم : الشثن بالتحريك مصدر شثن لغة أي غلظت وخشنت (ينظر اللسان مادة (شثن).

والشاهد فيه قوله : (أو عدني رجلي) حيث أبدل الاسم الظاهر وهو قوله رجلي من ضمير الحاضر وهو ياء المتكلم الواقعة مفعولا لأوعد وهو بدل بعض من كل.

(٢) البيت من الوافر ، وهو لعدي بن زيد في ديوانه ٣٥ ، وله ولغيره ، وينظر الكتاب ١ / ١٥٦ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٢٣ ، ومعاني القرآن للفراء ٢ / ٤٢٤ ، وشرح ابن يعيش ٣ / ٦٥ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٧٠٦ ، وشرح الكافية لابن الحاجب ٦٣ ، وشرح الرضي ١ / ٣٤١ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٢٥١ ، وهمع الهوامع ٥ / ٢١٧ ، وخزانة الأدب ٥ / ١٩١. وصدره :

ذريني إن أمرك لن يطاعا

والشاهد فيه قوله : (ألفيتني حلمي) حيث أبدل الاسم الظاهر وهو قوله (حلمي) من ضمير الحاضر وهو ياء المتكلم في ألفيتني على أنه بدل اشتمال ...

٥٩٥

قوله : (ولا يبدل ظاهر من مضمر بدل الكل إلا من الغائب) ويعني أنه لا يبدل ظاهر من ضميري المتكلم والخطاب في بدل الكل ، لا تقول (ضربني أخاك ولا ضربتك زيدا) بخلاف الغائب فإنه يصح نحو (مررت به المسكين) وذلك لأنه يؤدي إلى أن يكون المقصود وهو البدل أنقص رتبة من غير المقصود وهو المبدل منه ، لأن المتكلم والمخاطب أقوى من الظاهر ، وأما من الغائب فأجازوا فيه البدل لما لم يكن له من القوة ما للمتكلم والمخاطب لاحتمال توهم غيره [ظ ٧٤] بخلاف بدل البعض والاشتمال فإنه جائز فيهما البدل مطلقا ، لأنه ليس مدلول الأول ، لأنه مغاير له ، لأن البعض غير الكل والاشتمال غير المشتمل عليه ، وكذلك بدل الغلط ، وهذا مذهب جمهور البصريين وأجازه الأخفش (١) مطلقا قياسا على ضمير الغيبة ، وعلى إبدال النكرة من المعرفة ، واحتج في المتكلم بقوله :

[٣٤٩] أنا سيف العشيرة فاعرفونى

حميدا قد تذريت السناما (٢)

__________________

(١) ينظر رأي الأخفش في الرضي ١ / ٣٤٢ وكذلك رأي الباقين والمقصود بذلك هم جمهور البصريين كما أشار إلى ذلك الرضي في ١ / ٣٤٢.

(٢) البيت من الوافر ، وهو لحميد بن ثور في ديوانه ١٣٣ ، وينظر أساس البلاغة مادة (ذرى) ١٤٣ ، وشرح المفصل ٣ / ٩٣ ، وشرح شافية ابن حاجب ٢ / ٢٩٥ ورصف المباني ١٠٨ ـ ٤٦٧ ، واللسان مادة (أنن) ١ / ١٦٠.

والشاهد فيه قوله : (أنا سيف العشيرة حميدا) حيث أبدل من ضمير المتكلم المعرفة أنا باسمه (حميد) على رواية من قرأه بالضم والتصغير على أنه علم ، فإن رويته حميدا بفتح الحاء على أنه صفة بمعنى محمود فهو حال.

٥٩٦

وفي المخاطب بقوله تعالى : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ)(١) وبقوله :

[٣٥٠] بكم قريش كفينا كلّ

 ...

هذا الكلام في إبدال الأسماء ، وأما إبدال الأفعال نحو (من يأتني يمشي أكرمه) و (من يضحك يتلألأ وجهه أعطه) و (من يقم ينهض أقم معه) قال تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً ، يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ)(٢) وقوله :

[٣٥١] متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا (٣)

 ...

وقوله :

__________________

(١) الأنعام ٦ / ١٢ وتمامها : (قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ.)

(٢) صدر بيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في شرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٧٠٤ ، وينظر البحر المحيط ٣ / ١٥١ ، وشرح شذور الذهب ٤٤٦ ، وشرح التصريح ٢ / ١٦١. وعجزه :

وأمّ نهج الهدى من كان

والشاهد فيه قوله : (بكم قريش) حيث أبدل الاسم الظاهر وهو قوله (قريش) من ضمير المخاطبين المجرور محلا بالباء وهو بدل كل من كل من غير أن يدل البدل على الإحاطة.

(٣) الفرقان ٢٥ / ٦٨ ـ ٦٩ ، وهما آيتان نهاية آية وبداية أخرى.

(٤) البيت من الطويل ، نسب للحطيئة وليس في ديوانه ، ولعبيد الله ابن الحر في ديوانه ٩٨ ، وينظر الكتاب ٣ / ٨٦ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٦٦ ، ومعاني القرآن للأخفش ٢ / ٦٨٩ ، والمقتضب ٢ / ٦٣ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٦٧٨ ، والإنصاف ٢ / ٥٨٣ ، وشرح المفصل ٧ / ٥٣ ، ١٠ / ٢٠ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٧١٤ ، ورصف المباني ١٢٤ ـ ٤٠٠ ، والبحر المحيط ٨ ، / ٣٦٤ ، والهمع ٢ / ١٢٨ ، والخزانة ٩ / ٩٠ ـ ٩٩. وعجزه :

تجد حطبا جزلا ونارا تأججا

والشاهد فيه : جزم (تلمم) لأنه أبدله من قوله : (تأتنا) ولو أمكن رفعه على تقدير الحال جاز.

٥٩٧

[٣٥٢] متى تأته تعشو إلى ضوء ناره (١)

 ...

فإنه لا يكون إلا في بدل الكل ، لأنه لا يتحقق فيه غير ذلك ، والبدل في الأسماء يجوز فيه القطع ، وهو ثلاثة أقسام ؛ مختار البدل ، ومختار القطع إلى الرفع بتقدير مبتدأ أو خبر ، ومستوي الأمرين ، فمختار البدل حيث يكون البدل غير تفصيل ولا بعيدا من المبدل منه نحو (رأيت زيدا أخاك) وقد نص سيبويه (٢) والأخفش (٣) فيه على جواز القطع ، ومختار القطع حيث يكون تفصيلا غير مستغرق ، فإن بعد البدل فالقطع أحسن (٤) في نحو قوله تعالى : (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ)(٥) ونحو قوله : «اجتنبوا السبع الموبقات الشرك بالله والسحر» (٦) أي منها مقام إبراهيم ، ومنها الشرك ، ومستوى الأمرين حيث يكون تفصيلا مستغرقا نحو (رأيت اخوتك الثلاثة زيد وعمرو وبكر) ومنه قوله تعالى : (قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ

__________________

(١) البيت من الطويل ، وهو للأعشى في ديوانه ٥١ ، وله وللحطيئة ، ينظر الكتاب ٣ / ٢٦ ، وشرح أبيات سيبويه ٦٥ ، والمقتضب ٢ / ٦٥ ، وما ينصرف ومالا ينصرف ٨٨ ، وشرح المفصل ٢ / ٦٦ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٣٦٥ ، وخزانة الأدب ٣ / ٧٤ ، ٧ / ١٥٦. وعجزه :

تجد خير نار عندها خير موقد

الشاهد فيه قوله : (متى تأته تعشو. تجد) حيث أثبت أن البدل في الأفعال لا يكون إلا في الكل من الكل لأنه لا يمكن أن يتحقق غيره كبدل البعض من الكل وغيره ...

(٢) ينظر الكتاب ٣ / ٨٥.

(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ٣٤١.

(٤) ينظر شرح المصنف ٦٢ ، وشرح الرضي ١ / ٣٤٢.

(٥) آل عمران ٣ / ٩٧ وتمامها : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ...).

(٦) متفق عليه وهو جزء من حديث مشهور وتمامه : (وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتم والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات).

٥٩٨

الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ)(١) وقوله :

[٣٥٣] وكنت كذي رجلين ، رجل صحيحة

وأخرى رمى فيها الزمان فشلت (٢)

روي برفع رجل وجرها وقول الحريري :

[٣٥٤] حتى كأنى للأيام وارث

سامهم وحامهم ويافث (٣)

ويروى بالرفع والجر ، فإن جررت وقفت على القافية.

__________________

(١) آل عمران ٣ / ١٣ ، وبدايتها قد بدل لقد ، وينظر شرح أبيات سيبويه ١ / ٥٤١ وما بعدها.

(٢) البيت من الطويل ، وهو لكثير عزة في ديوانه ٩٩ ، والكتاب ١ / ٤٣٣ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٤٢ ، ومعاني القرآن للفراء ١ / ١٩٢ ، والمقتضب ٤ / ٢٩٠ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٧٠٢ ، وشرح الرضي ١ / ٣٤٢ ، والمغني ٦١٤ ، والبحر المحيط ٢ / ٤١١ ، والخزانة ٥ / ٢١١.

والشاهد فيه قوله : (رجل صحيحة) حيث جاءت رجل بدل من (رجلين والرفع جائز على أنه خبر لمبتدأ محذوف والجر جائز بدل من رجلين.

(٣) البيت من الطويل وهو للحريري كما ذكر الشارح

والتمثيل فيه : (سامهم وحامهم ويافث) حيث جاءت مرفوعة ومجرورة فالرفع خبر لمبتدأ محذوف والجر على أنه بدل من الأيام.

٥٩٩

عطف البيان

قوله : (عطف البيان) إنما سمي بذلك لأنه يعطف على متبوعه فيوضحه ويبينه.

قوله : (تابع) جنس (غير صفة) خرجت الصفة (يوضح متبوعه) خرج البدل والنسق والتأكيد ، وبعض النحاة يشترط أن يكون عطف البيان أوضح من متبوعه ، والمصنف (١) لا يشترط ذلك لصحة (جاءني أبو عبد الله زيد) والكنية أوضح في العلم وقوله مثل :

[٣٥٥] أقسم بالله أبو حفص عمر (٢)

 ...

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٦٣.

(٢) الرجز لرؤية في شرح المفصل ٣ / ٧١ ، ويروى في بعض الكتب شطره الثاني والثالث : وهو :

ما مسها من نقب ولا دبر

اغفر له اللهم إن كان فجر

وهو ليس في ديوانه وهو لأعرابي أو غيره ، وينظر المفصل ١٢٢ ، وشرح الرضي ١ / ٣٤٣ ، وينظر شرح ابن عقيل ٢ / ٢٧٩ ، وشرح شذور الذهب ٤٣٨ ، وأوضح المسالك ١ / ١٢٨ ، وشرح التصريح ١ / ١٢١ ، واللسان مادة (نقب) ٦ / ٤٥١٣ ، وخزانة الأدب ٥ / ١٥٤ ـ ١٥٦.

والشاهد فيه قوله : (أبو حفص عمر) حيث جاء (عمر) عطف بيان للأول (أبو حفص) ، ولا يمكن أن يكون الرجز لرؤية كما ذكر البغدادي في الخزانة إذ رؤبة توفي ١٤٥ ه‍ وليس من التابعين حتى يرى الخليفة عمر إذ لو كان كذلك لكان تابعيا لأن التابعي هو من يرى صحابي ويأخذ عنه فهو إذن لأعرابي ذكر اسمه في بعض المراجع ... ينظر الخزانة ٥ / ١٥٧.

٦٠٠