مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

قيل كذاب غال لا يلتفت اليه (١).

والحكم خلاف الأصل ولا إجماع وما نجد غيرها ، والأصل دليل قوى.

قال في المنتهى : لو شرب لبن ظبية كان عليه الجزاء وقيمة اللبن ، قاله الشيخ ، واستدل برواية يزيد المتقدمة ، ثم قال : ولانه شرب ما لا يحل له ، إذا اللبن كالجزء من الصيد ، فكان ممنوعا منه ، فيكون كالأكل لما لا يحل اكله ، لقول الباقر عليه السّلام وذكر صحيحة زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول : من نتف إبطه أو قلم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شي‌ء ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة (٢).

فيه تأمل لأن القياس ممنوع منه ، خصوصا في باب الكفارات والمنع اللازم من الجزئية لو سلم لا يستلزمها ، نعم في الرواية دلالة من جهة العموم.

وقد يناقش فيه أيضا لعدم صدق الأكل على الشرب ، ولهذا ما جعله المصنف ره دليلا على المدعى من غير قياس ، على ان عمومها ليس بمراد حتى (في خ ل) نتف الإبط الواحد ، وقلم اليدين إلا إصبعا واحدا ، فإنهم لا يوجبون الفداء إلّا في الإبطين معا وقلمهما كذلك ووجود الإجماع في جميع ما لا يقولون به غير ظاهر كيف وان صحيحة أبان بن تغلب (الثقة) تدل على عدم التعدد بالأكل والذبح وانه يكفى البدنة الواحدة لمن شارك في ذبحها وأكلها وقد تقدمت في شرح قوله : ويضمن كل من المشتركين فتذكر وتأمل.

__________________

(١) وسندها (كما في الكافي) محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة عن يزيد بن عبد الملك والسند هكذا في التهذيب في الموضعين منها أيضا وفي موضع آخر من الكافي ، ولكن في الوسائل : عن صالح بن عقبة ، عن بريد بن عقبة ، عن يزيد بن عبد الملك.

(٢) الوسائل الباب ٨ من أبواب بقية الكفارات الرواية ١.

٤٠١

ولو ضرب بطير على الأرض فدم وقيمتان.

______________________________________________________

فالظاهر انه لا يحسن الاستدلال بها وبأمثالها على مثل هذه وكأنه لهذا ما استدل بها الشيخ وغيره ، نعم هي دالة على كون النسيان والجهل عذرا في باب الكفارات.

الّا انها مخصوصة بغير الصيد لصحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا تأكل من الصيد وأنت حرام وان كان اصابه محل وليس عليك فداء ما آتيته بجهالة إلّا الصيد فان عليك فيه الفداء بجهل كان أو بعمد (١).

والنّاسي أيضا لا يكون فيه معذورا بالطريق الأولى ويمكن إدخاله في الجاهل أيضا فافهم.

قوله : «ولو ضرب بطير إلخ» أي لو ضرب محرم في الحرم طيرا مصيدا على الأرض فمات ، لزمه دم وقيمتان ، كأنّ الدم لقتل الصيد محرما واحدى القيمتين للحرم والأخرى للاستصغار بالطير حينئذ.

لعل دليله رواية معاوية بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : في محرم اصطاد طيرا في الحرم فضرب به الأرض فقتله قال : عليه ثلاث قيمات قيمة لإحرامه وقيمة المحرم (للحرم خ ل) وقيمة لاستصغاره إيّاه (٢).

أي لاستصغار المحرم الطير ويحتمل الحرم ، وعلى التقديرين لا يتعدى لاحتمال كون الثلاثة علة.

وفي سندها (٣) محمد بن ابى بكر عن زكريا وهما غير ظاهرين ودلالتها على الدم أيضا ليست بواضحة ، بل ظاهرة في غيره ، فكأنّ المراد بالقيمة هو العوض

__________________

(١) الوسائل الباب ٣١ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٤٥ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٣) وسندها (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن محمد بن ابى بكر عن زكريا عن معاوية بن عمار.

٤٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

لما ثبت من وجوب الدم في الطير للروايات.

مثل صحيحة حمران بن أعين عن ابى جعفر عليه السّلام قال : قلت له : محرم قتل طيرا فيما بين الصفا والمروة عمدا قال : عليه الفداء والجزاء ويعزّر ، قال : قلت : فإن (فإنه خ ل) قتله في الكعبة عمدا قال : عليه الفداء والجزاء ويضرب دون الحد ويقام للناس كي ينكل غيره (١) قال في المنتهى : هذه الرواية لا بأس بها ، كأنّه إشارة إلى ان في صحتها شي‌ء (٢) لوجود محمد بن عيسى ، وقد عرفت أنّه ثقة وعدم التصريح بتوثيق حمران ، قال في الخلاصة : مشكور ، ونقل عن الكشي مدحه رواية ، وقال ابن داود في كتاب كش ممدوح معظم ويفهم من مواضع أخر توثيقه.

ولكنها غير صريحة في المدعى ، لإطلاق الفداء والجزاء ، والطير ، وكونه فيما بينهما (٣) على أنّه معلوم عدم وجوب الدم في كل طير لما تقدم من عدم وجوبه في نحو العصفور.

بل يجب في البعض مدّ من طعام لمرسلة صفوان بن يحيى (الذي إرساله بمنزلة الإسناد إلى العدل على ما قيل) عن بعض أصحابنا عن ابى عبد الله عليه السّلام في القبرة والعصفور والصعوة يقتلهم المحرم قال : عليه مدّ من طعام لكل واحد منهم (٤) وفي البعض القيمة (٥) وقد مرّ.

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٤ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

(٢) وسندها (كما في الكافي) هكذا : على بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن ابى ولّاد الحناط ، عن حمران بن أعين.

(٣) أي بين الصفا والمروة المذكور في الرواية.

(٤) الوسائل الباب ٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٥) قوله قده : وفي البعض ، عطف على قوله : بل يجب في البعض.

٤٠٣

ويزول بالإحرام ما يملكه من الصيود معه ، فلو لم يرسله ضمن.

______________________________________________________

نعم قد ثبت الدم في الحمام ونحوه للروايات الصحيحة ، فيمكن حملها عليه على تقدير كون المراد بالفداء والجزاء هو الدم على انه قد يطلق الجزاء على الكفارة مطلقا ، ويؤيده أنه لا دم على المحل ، وقد يكون محلا ، بل هو الظاهر ، والّا يلزم التعدد ، وما ذكر ، الّا ان يحمل الفداء على الدم والجزاء على القيمة ولكنها محتملة لغير ذلك وكونهما واحدا ، بان يكون عطف تفسير ونحوه ، نعم هذه تدل على التعزير وكونه دون الحد ولا بأس.

وأمّا ثبوت الحكم المذكور بمثلهما ففيه تأمل ، الا انّ ذكره الأصحاب وضمّ المصنف في المنتهى التعزير للثانية (١).

قوله : «ويزول بالإحرام إلخ» دليل زوال ملك المحرم عن الصيود المحرمة عليه ـ إذا كان معه حال إحرامه ووجوب إخراجه عن ملكه بان يخلّيه وسبيله وعدم جواز إدخاله الحرم وانه مع الدخول يخرج عن ملك المدخل ويضمنه بجزاه محرما كان أو غيره ـ ما رواه في التهذيب (في الصحيح) عن ابى سعيد المكاري عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا يحرم احد ومعه شي‌ء من الصيد حتى يخرجه عن ملكه فإن أدخله الحرم وجب عليه ان يخلّيه ، فان لم يفعل حتى يدخل الحرم ومات لزم الفداء (٢).

وصحيحة محمد بن مسلم عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن ظبي دخل الحرم قال : لا يؤخذ ولا يمسّ قال (انّ خ ل) الله تعالى «وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) (٣).

__________________

(١) هكذا في النسخ ، والصواب للأولى بدل الثانية كما لا يخفى.

(٢) روى صدرها في الباب ٣٤ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣ ورواها بتمامها في التهذيب (باب الكفارة عن خطأ المحرم رواية ١٧٠).

(٣) الوسائل الباب ٣٦ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

٤٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة معاوية بن عمار ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن طير (طائر يب) أهلي أقبل فدخل (ادخل يب) الحرم (حيّا يب) فقال : لا يمسّ ، لانّ الله يقول : ومن دخله كان آمنا» (١).

وفي الصحيح عن بكير بن أعين (الممدوح المعظم) قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل أصاب ظبيا فادخله الحرم فمات الظبي في الحرم؟ فقال : ان كان حين ادخله خلّى سبيله فلا شي‌ء عليه وان كان أمسكه حتى مات فعليه الفداء (٢).

وهي عامة في المحرم والمحلّ.

ويمكن بطلان الإحرام لو لم يخلّ سبيله وكان حين الإحرام ودخول الحرم في قبضته فتأمل.

وأيضا يمكن عدم خروجه عن ملكه لو خلّاه خارج الحرم وهو محرم وعلى تقدير الخروج يمكن دخوله في ملكه بعد الإحرام إذ لا دلالة في الاخبار الّا على وجوب الإخراج عن الملك وضمانه بالإدخال في الحرم.

والظاهر انه يجوز التملك بعد الإحلال وان لم يكن أخرجه عن ملكه وقبضته فتأمل.

وتدل على عدم الخروج عن ملكه إذا لم تكن معه صحيحة جميل قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : الصيد يكون عند الرّجل من الوحش في أهله أو من الطير يحرم وهو في منزله قال : وما به بأس لا يضرّه (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٦ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٣٦ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

(٣) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

٤٠٥

ولو أمسكه المحرم فذبحه آخر فعلى كل فداء.

ولو أمسكه محرم في الحلّ فذبحه محلّ ضمن المحرم خاصة.

______________________________________________________

والظاهر انّه كلّما يكون في منزله ما لم يكن معه فهو ماله لم يخرج عن ملكه فتأمل.

قوله : «ولو (أمسكه خ ل) المحرم فذبحه إلخ». أي لو أمسك محرم الصيد المحرم في الحلّ وذبحه محرم أخر ويحتمل كونه كذلك : لو ذبحه محلّ في الحرم مع إمساك المحرم فيه مع التضاعف في الممسك ، ولو كان الذابح محرما أيضا يحتمل التضاعف عليهما ، فعلى كل واحد من الممسك والذابح فداء الصيد اى جزائه.

ولو أمسكه المحرم وذبحه المحلّ في الحلّ لم يكن الجزاء والتحريم الّا على الممسك.

ولعلّ دليل الحكم يعلم ممّا تقدّم من تحريم مباشرة الصيد ولزوم الكفّارة على المباشر محرما كان أو محلّا في الحرم والتّضاعف مع الاجتماع ، وعدم شي‌ء بدون الوصفين.

ولان الفداء يجب بالدّلالة.

لصحيحة منصور بن حازم عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : المحرم لا يدلّ على الصيد فان دلّ عليه فقتل ، فعليه الفداء (١).

ولما تقدم من أنّه إذا دل دل فصيد فعليه الكفارة (٢).

وبالرّمي مع الخطا الظاهر مع اصابة الغير عند البعض.

لرواية إدريس بن عبد الله قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن محرمين يرميان صيدا فأصابه أحدهما الجزاء بينهما أو على كل واحد منهما؟ قال : عليهما جميعا

__________________

(١) الوسائل الباب ١٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

(٢) راجع الوسائل الباب ١٧ من أبواب كفارات الصيد.

٤٠٦

ولو أغلق على حمام الحرم ، وفراخ وبيض ضمن بالهلاك

______________________________________________________

يفدى كل منهما على حدة (١).

ولا يضرّ جهل السند بجهل إدريس بن عبد الله ، لصحة رواية ضريس بن أعين قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجلين محرمين رميا صيدا فأصابه أحدهما؟ قال : على كل واحد منهما الفداء (٢).

وكانّ ضريس هو ابن عبد الملك بن أعين ، فبالإمساك الذي هو إعانة أولى (٣) قاله في المنتهى ، ثم قال : ولو كانا في الحرم تضاعف الفداء ، على ما سيأتي ما لم يكن بدنة إلخ.

والدليل على الكفارة في المحرم الممسك تمام ، وفي المحلّ في الحرم والتضاعف محل التأمل ، ولعل لا نص لهم في أصل هذه المسألة ، ويمكن كونها اجماعية ، ولو قال : ولو أمسك محرم في الحلّ فذبحه آخر فعلى كل جزاء ولو ذبحه محلّ ضمن الممسك خاصّة ، لكان أخصر وأوضح.

قوله : «ولو أغلق على حمام الحرم إلخ». لعل قيد حمام الحرم لوجوده في بعض الروايات ، ويحتمل كونه كناية عن كونه في الحرم قيل : لعدم الفرق بين حمام الحرم وغيره في غير الحرم ، وكذا فيه بين حمامه وحمام غيره.

ويمكن الفرق لما رواه في التهذيب ، عن علي بن جعفر (في الصحيح) قال : سألت أخي موسى عليه السّلام ، عن حمام الحرم يصاد في الحل؟ فقال : لا يصاد حمام الحرم حيث كان ، إذا علم أنّه من حمام الحرم (٤).

وكذا ما يدل على وجوب الكفارة لنتف ريشة من حمام الحرم باليد الجانية

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٣) يعني إذا كانت الدلالة والرّمي موجبان للفداء ، فالإمساك أولى في إيجاب الفداء.

(٤) الوسائل الباب ١٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٤.

٤٠٧

الحمامة بشاة ، والفرخ بحمل ، والبيضة بدرهم ان كان محرما

______________________________________________________

من الروايات (١).

وظاهرها تحريم صيد حمام الحرم في الحلّ والحرم للمحل والمحرم ، الّا ان يحمل على الاستحباب وهو بعيد ، أو المحرم ، فالتخصيص لغو ولا ضرورة ، الّا ان يدعى الإجماع على عدم الفرق ، وليس كذلك ، لأنّه مذهب الشيخ المفيد ، على ما نقل في التهذيب ، وظاهره أيضا والمصنف في المنتهى قال : منع الشيخ صيد حمام الحرم حيث كان ، للمحلّ والمحرم ، وجوزه ابن إدريس ، والحقّ الأوّل ، واستدلّ بصحيحة علي بن جعفر المذكورة.

واما تخصيص الحمام (٢) فالظّاهر أنّه مبنىّ على الغالب ، فلا اختصاص به لوجود الطّير في الرواية (٣).

واما التّقييد بالهلاك (٤) فلأنّه لو لم يهلك وفتح الباب وسلم الكلّ فلا شي‌ء عليه من الكفارة ، على الظاهر ، وان قيل : بوجوبها بمجرد الاغلاق لظاهر الروايات (٥).

والظاهر أنّ المراد مع الهلاك ، أو عدم الفتح وعدم العلم بالسلامة ، لأنّه على تقدير الرّمي ، وعدم الإصابة لا شي‌ء كما تقدم.

وكذا في الدلالة والإمساك بغير جناية ، ووجوب الكفارة على تقدير جهل الهلاك بعد الإصابة والاحتياط ظاهر ، وهو العمل بظاهرها ، ويؤيّده وجوب الشاة بمجرد تنفير حمام الحرم ، كما سيجي‌ء.

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ١٣ من أبواب كفارات الصيد.

(٢) أي في عبارة المصنف.

(٣) راجع الوسائل الباب ١٣ و ١٦ من أبواب كفارات الصيد.

(٤) أي في عبارة المصنف.

(٥) الوسائل الباب ١٦ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

٤٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

واما التقييد بالمحرم فلوجوده في الدليل في الحكم المذكور في المتن ، ولو ذكر حكم المحل أيضا كما في الروايات لكان أولى.

ويعلم منه عدم التضاعف لو كان محرما في الحرم ، ولكن ذكره في المنتهى ، ويقتضيه بعض ما تقدم ، وما تأخّر ، ولكن ظاهر أدلة هذه المسألة عدمه لوجوب المذكور للمحرم ، مع ظهور كون الحمام في الحرم.

وهي رواية إبراهيم وسليمان بن خالد ، قالا : قلنا لأبي عبد الله عليه السّلام : رجل أغلق بابه على طائر ، فقال : ان كان أغلق الباب بعد ما أحرم فعليه شاة ، وان كان أغلق الباب قبل ان يحرم فعليه ثمنه (١).

والظاهر انّه في الحرم ، لانّه لا شك في كونه قبل الإحرام فيه ، والّا فلا شي‌ء ، فكذا بعده ، فظاهرها عدم التضاعف ، فافهم ورواية يونس بن يعقوب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن رجل أغلق بابه على حمام من حمام الحرم وفراخ وبيض ، فقال : ان كان أغلق عليها قبل ان يحرم ، فان عليه لكلّ طير درهما ، ولكل فرخ نصف درهم ، ولكل بيضة ربع درهم وان كان أغلق عليها بعد ما أحرم فإن عليه لكل طير (طائر خ ل) شاة ولكل فرخ حملا ، وان لم يكن تحرك فدرهم وللبيض نصف درهم (٢).

وهذه في الدلالة على عدم التضعيف مثل الاولى ، ويؤيد هذا الحكم ما تقدم في الحمام وفرخها وبيضها محلّا ومحرما.

ولكن في قوله : (وللبيض نصف درهم) تأمل بعد قوله : (وان لم يكن تحرك فدرهم) لانّ الظاهر انّ في المتحرك حمل مثل الفرخ ، وفي غيره درهم كما

__________________

(١) الوسائل الباب ١٦ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ١٦ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

٤٠٩

ولو نفّر حمام الحرم فشاة ، وان لم يرجع فعن كل واحدة شاة.

______________________________________________________

تقدم ، والنصف ما بقي له محلّ ، الّا ان يكون المراد بعدم التحرك البيض الذي صار فرخا ولم يتحرك بعد ، وبالبيض ما لم يصر فيه فرخ بعد فتأمل.

ولا يضر عدم صحة سندها لاشتراك موسى ، والقول في يونس (١) لأنّها مؤيّدة بغيرها من الروايات وفتوى الأصحاب.

ورواية زياد الواسطي (لعله سابور الثقة أخو بسطام بن سابور الواسطي ، قيل : هو واخوته زكريا وزياد وحفص كلّهم ثقات فالخبر صحيح) قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام ، عن قوم أغلقوا الباب على حمام من حمام الحرم ، فقال : عليهم قيمة كل طائر درهم يشترى به علفا لحمام الحرم (٢).

وهي محمولة على كونهم محلّين ، لما تقدم.

قوله : «ولو نفر حمام الحرم إلخ» لعل المراد تنفير الطير من الحرم الى خارجه ، فان رجع الجميع الى الحرم مطلقا فعلى المنفر شاة فقط للتنفير المحرم ، والّا فعن كل ما لم يرجع دم. للإخراج عن الحرم ، واحتمال التلف.

ويحتمل التنفير مطلقا والرجوع الى المستقر من الحرم ، ولكنه بعيد ، لأنّ أصل الحكم مخالف للأصل ، وليس له دليل واضح.

قال في المنتهى : قاله الشيخ ، ولا بأس إلى قوله : قال الشيخ ره : هذا الحكم ذكره علي بن بابويه في رسالته ، ولم أجد به حديثا مسندا قاله الشيخ في شرح قول شيخه : ومن نفر إلخ (٣) وهو يشعر بأنّ عليه حديثا غير مسند ، وليس بواضح

__________________

(١) والسند (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن محسن بن (عن خ ل) يونس بن يعقوب

(٢) الوسائل الباب ١٦ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٤.

(٣) قال في المنتهى : مسألة لو نفر حمام الحرم ، فان رجع وجب عليه دم شاة ، وان لم يرجع وجب عليه ان يعيده ، فان لم يفعل ضمنه ، قال الشيخ ره : هذا الحكم ذكره علي بن بابويه في رسالته ، ولم أجد به حديثا مسندا ص ٨٣١.

٤١٠

ولو أوقد جماعة نارا فوقع فيها طائر ، فعلى كل واحد فداء كامل ، ان قصدوا ، والّا فعلى الجميع فداء.

والدالّ والمخلص مع الإتلاف.

______________________________________________________

قوله : «ولو أوقد جماعة إلخ». دليل وجوب دم واحد على جماعة أوقدوا نارا بغير قصد وقوع الصيد فيه ، بل لغرض لهم ، وعلى كل واحد واحد لو قصدوا ذلك.

صحيحة أبي ولّاد (الثقة على الظاهر) قال : خرجنا ستة نفر من أصحابنا إلى مكة ، فأوقدوا (فأوقدنا ئل) نارا عظيمة في بعض المنازل أردنا نطرح عليها لحما نكببه ، وكنّا محرمين فمرّ بنا طائر صاف قال : (مثل خ ل) حمامة أو شبهها فأحرقت جناحاها فسقط في النّار فمات فاغتممنا لذلك فدخلت على ابى عبد الله عليه السّلام بمكة فأخبرته وسألته فقال : عليكم فداء واحد دم شاة وبه تشتركون فيه جميعا لانّ ذلك كان منكم على غير تعمد ولو كان ذلك منكم تعمدا ليقع فيها الصيد فوقع ألزمت كل رجل منكم دم شاة قال : أبو ولّاد وكان ذلك منا قبل ان ندخل الحرم (١).

قوله : «والدال الى قوله : ضمناء». هو مبتدأ وما بعده عطف عليه وضمناء خبرها.

وامّا دليل ضمان الدال والكفارة عليه مع التلف بدلالته فهو اخبار قد مر بعضها.

ومثل صحيحة منصور بن حازم عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : المحرم لا يدل على الصيد فان دل عليه فقتل فعليه الفداء (٢).

__________________

واما عبارة الشيخ المفيد على ما نقله في التهذيب فهي هكذا : قال الشيخ (يعنى المفيد) : (ومن نفر حمام الحرم فعليه دم شاة فان لم يرجع فعليه لكل طير دم شاة) ذكر ذلك علي بن الحسين بن بابويه ولم أجد به حديثا مسندا انتهى (ج ٥ ص ٣٥٠ من طبعة النجف الأشرف) ولا يخفى مغايرة عبارة الشيخ مع ما نقله في المنتهى.

(١) الوسائل الباب ١٩ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ١٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

٤١١

ومغري الكلب.

وممسك الام حتى يهلك الطفل.

والقاتل خطأ ، والسائق والراكب مع وقوفه ـ ضمناء.

______________________________________________________

وما في حسنة : ولا تشر اليه فيستحل من أجلك فإن فيه فداء لمن تعمده (١).

وامّا دليل ضمان المخلص وكفارته ، لعله الإجماع المفهوم من المنتهى ، حيث ما نقل الخلاف الا عن العامة.

قال المصنف في المنتهى : لو خلص صيدا من سبع أو شبكة أو أخذه ليخلصه من رجله خبطا أو نحوه فتلف بذلك كان عليه الضمان الى قوله : لنا عموم الأدلة الواردة بوجوب الجزاء.

والإجماع غير ظاهر ، والعموم لا يظهر دلالته ، والأصل دليل قوى ، وظاهر أن فعله إحسان ومشروع ولا سبيل على المحسنين.

واما دليل ضمان مغري الكلب فهو أنّه سبب للإتلاف لو أتلفه الكلب ، وأنّه ليس بأبعد من الدلالة والإشارة الموجبتين للكفارة.

وكذا الكلام في دليل إمساكه الأم ، حتى مات ولدها.

واما ضمان قاتل الصيد خطأ فدليله روايات كثيرة مثل صحيحة أحمد بن محمد قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن المحرم يصيب الصيد بجهالة أو خطأ أو عمدا هم فيه سواء؟ قال : لا قلت : جعلت فداك ما تقول في رجل أصاب صيدا بجهالة وهو محرم؟ قال : عليه الكفارة قلت : فإن أصابه خطأ قال : وأي شي‌ء الخطاء عندك قلت : يرمى هذه النخلة فيصيب نخلة أخرى فقال : نعم هذا

__________________

(١) الوسائل الباب ١٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١ صدر الرواية عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : لا يستحلن شيئا من الصيد وأنت حرام ولا أنت حلال في الحرم ، ولا تدلّن عليه محلا ولا محرما فيصطادوه ، ولا يخفى أنّ روايها هو الحلبي ، كما في الوسائل.

٤١٢

ولو كان سائرا ضمن ما تجنيه بيديها خاصة.

______________________________________________________

الخطاء وعليه الكفارة قلت : فإنه أخذ ظبيا (طائرا كا) متعمدا فذبحه وهو محرم قال : عليه الكفارة قلت : (جعلت فداك يب) ألست قلت : انّ الخطاء والجهالة والعمد ليسوا بسواء فبأي (فلأي خ ل) شي‌ء يفضل المتعمد عن الخاطى قال : أنّه أثم ولعب بدينه (١)

ويدل على وجوبها على الجاهل أيضا صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا تأكل من الصيد وأنت حرام وان كان اصابه محل وليس عليك فداء ما آتيته بجهالة إلّا الصيد فان عليك فيه الفداء فيه بجهل كان أو بعمد (٢).

وامّا دليل ضمان ما تجنيه دابة المحرم إذا كان سائقه مطلقا (٣) وكذا إذا كان راكبا مع وقوفه وسائر ما يجنيه بيديها والظاهر ان رأسها ، أيضا كذلك وصرح به في المنتهى فقوله : خاصة أي دون رجليها والظاهر ان القائد مثل الراكب ، فمع الوقوف يضمن مطلقا ومع السير ما يجنيه غير رجليها.

ـ فهو انه سبب للإتلاف مع القدرة على الحفظ ، وعدم قابليّة ضمان الدابة ولهذا ضمن صاحبها إذا يجنيه مع الأوصاف المتقدمة على ما بين في محله ، ولانه ليس بأقل من الدلالة والإشارة وشراء البيض للمحرم.

وصحيحة ابى الصباح الكناني قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن محرم وطئ بيض النعام فشدخها قال : فقضى فيها أمير المؤمنين ان يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الإبل فما لقح وسلم كان النتاج هديا بالغ الكعبة وقال :

__________________

(١) الوسائل الباب ٣١ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢ صدر الرواية (على ما في الكافي) هكذا : قال : سألته عن المحرم يصيب الصيد بجهالة؟ قال : عليه الكفارة ، قلت فإنّه أصابه خطأ إلخ.

(٢) الوسائل الباب ٣١ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٣) أي سواء جنت بيديها أو رجليها.

٤١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

قال أبو عبد الله عليه السّلام : ما وطئته أو وطأته (وطأه خ ل) بعيرك أو دابتك وأنت محرم فعليك فدائه (١).

وظاهر الأدلة خصوصا الرواية عدم استثناء الرّجل سائرا وراكبا وقائدا وكذا استثناء قتلها الصيد بانقلابها كما فعله في المنتهى (٢) لأنّه لم يشاهد الرّجل

ولقوله عليه السّلام : الرّجل جبار (٣) ولقوله صلّى الله عليه وآله : العجماء جبار (٤).

وصحتهما ودلالتهما أيضا غير ظاهرة ، نعم لو كانت غائبة عنه أو كانت سائبة للرّعي أو النوم والراحة فالظاهر عدم الضمان بالانقلاب وغيره مع عدم التقصير في الحفظ المتعارف ، وتحملان عليه.

والظاهر عدم الوجوب على المحل في الحرم ، للأصل ، وعدم ثبوت دليله فيه بخصوصه ، واختصاص الخبر بالمحرم مع عدم ثبوت كل ما يلزم المحرم يلزم المحل في الحرم ، نعم يثبت فيه لو ثبتت هذه الكلية وليس ببعيد ، الّا ما خرج بالدليل ولما

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

(٢) قال في المنتهى : فروع ، الأوّل إذا كان راكبا عليها سائرا ، كان عليه ضمان ما تجنيه بيديها وفمها ، ولا ضمان عليه فيما تجنيه برجلها ، لانّه لا يمكنه حفظ رجلها وقال عليه السّلام الرّجل جبار.

ولو كان واقفا أو سائقا عليها غير راكب ضمن جميع جنايتها لانّه يمكنه حفظها ويده عليها ومشاهد رجلها ، الثاني ، لو انقلبت (أي الدابة) فأتلفت صيدا لم يضمنه لأنّه لا يدله عليها وقال النبي صلّى الله عليه وآله : العجماء جبار انتهى ص ٨٣١.

(٣) سنن البيهقي ج ٨ ص ٣٤٣.

(٤) الوسائل الباب ٣٢ من أبواب موجبات الضمان ، وهذه الجملة مذكورة في عدّة من روايات هذا الباب فراجع قال في مجمع البحرين : وفي حديث النبي صلّى الله عليه وآله : البئر جبار ، وجرح العجماء جبار ، والمعدن جبار ، أراد بالجبار بالضم والتخفيف : الهدر ، يعنى لا غرم فيه ، والعجماء ؛ البهيمة ، وفي موضع آخر منه ، قال : وسميت عجماء ، لأنّها لا تتكلم وكل من لا يقدر على الكلام فهو أعجم ومستعجم.

٤١٤

ولو اضطرب المرمىّ فقتل آخر ضمن الجميع.

والمحل في الحرم عليه القيمة والمحرم في الحلّ الفداء ويجتمعان على المحرم في الحرم.

______________________________________________________

ثبت عن (١). الضمان بمثله ، إذا كان مال الغير فكذلك كلما وجب حرمته وثبت ضمانه في الجملة.

ثم الظاهر عدم التضاعف للرواية المتقدمة ، فإن ظاهرها على المحرم مطلقا سواء كان في الحرم أو الحل فتأمل ، وهذا مؤيد لعدم وجوب شي‌ء على المحل فيه والّا يلزم التسوية بين المحل والمحرم فيه.

قوله : «ولو اضطرب المرمى إلخ». أي لو رمى صيدا فاضطرب ذلك الصيد فوقع على صيد آخر وقتلا معا ضمنهما الرامي جميعا ، لانه سبب لإتلافهما ، الأوّل مباشرة والثاني تسبيبا (أو كليهما تسبيبا خ) وليس بأقل من الدلالة فتأمل.

قوله : «والمحل في الحرم إلخ» يعني إذا جنى المحل في الحرم على صيد محرم لزم قيمته وإذا جنى عليه المحرم في الحل لزم فدائه يعنى جزائه وذلك قد يكون دما وقد يكون قيمته ويجتمع ما يلزم المحل والمحرم على المحرم إذا جنى في الحرم.

ويدل على وجوب القيمة ـ درهم على المحل في الحرم لقتل الحمام والنصف في الفرخ والربع في البيض ـ قول الأصحاب وبعض الروايات وقد تقدمت ، والروايات في وجوب القيمة والضمان لقتل حمام الحرم كثيرة ، وقد مر بعضها.

مثل صحيحة حفص (٢) في الحمامة درهم إلخ ، ورواية ابن فضيل : عليه

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ ، والصواب زيادة كلمة (عن).

(٢) رواها والثلاثة التي بعدها في الوسائل في الباب ١٠ من أبواب كفارات الصيد الرواية (٥) ٦ ـ ٧ ـ ٨.

٤١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

قيمتها وهو درهم ، وما في صحيحة عبد الرحمن : في فرخين مسرولين تصدق بثمنهما (ثمنها خ) وكذا رواية منصور في المحل وغيرها من الروايات.

واما وجوب القيمة عليه مطلقا بجميع الأسباب التي يجب بها الكفارة على المحرم ، فلا يعلم من الروايات الّا ان يقال : بالإجماع وعدم القائل بالفرق.

وكذا قد مر بعض الاخبار الدالة على التضاعف مع البحث في كليّته ، وظاهر عبارات الأصحاب ذلك ، وانّه إجماعي عندهم.

ويدل عليه أيضا رواية أبي بصير عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن محرم قتل حمامة من حمام الحرم خارجا من الحرم فقال : عليه شاة قلت : فان قتلها في جوف الحرم قال : عليه شاة وقيمة الحمام قلت : فان قتلها في الحرم وهو حلال قال : عليه ثمنها ليس عليه غيره قلت : فمن قتل فرخا من فراخ الحمام وهو محرم قال : عليه حمل (١).

ودلالتها أيضا على الأخص من المطلوب ، مع عدم صحة السند ، فتأمل.

وما في رواية معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام (في حديث) فإن أصبته وأنت حلال في الحرم فعليك قيمة واحدة وان أصبت وأنت حرام في الحل فعليك القيمة وان أصبته وأنت حرام في الحرم فعليك الفداء مضاعفا (الحديث) (٢).

وظاهرها عام في كل صيد وفي كل اصابة ، وان كان القتل محتملا.

ولكن سندها غير واضح لوجود إبراهيم بن ابى سماك (سمال خ ل) (٣).

__________________

(١) روى صدرها في الوسائل في الباب ١١ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢ وقطعة منها في الباب ١٠ من تلك الأبواب الرواية ٩ وقطعة أخرى منها في الباب ٩ من تلك الأبواب الرواية ٩.

(٢) الوسائل الباب ٣١ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٥.

(٣) والسند (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن إبراهيم بن ابى سماك (سمال خ ل).

٤١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

قال في الخلاصة : واقفي لا اعتمد على روايته ، ولكن قال النجاشي : انّه ثقة من الواقفة فالخبر موثق مؤيد بغيره مع فتوى الأصحاب بمضمونه.

وحسنة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : ان قتل المحرم حمامة في الحرم فعليه شاة وثمن الحمامة درهم أو شبهه يتصدق به أو يطعمه حمام مكة (حمامة خ ل) فان قتلها في الحرم وليس بمحرم فعليه ثمنها (١).

دلالتها أيضا على أخص ، وان كان سندها جيّدا ، وفيها دلالة على إطعام حمام الحرم ، الكفارة.

ولعل في رواية ضرب الطير على الأرض (٢) دلالة عليه أيضا ، وكذا في رواية كفارة شارب اللبن في الحرم ، «عليه دم وجزاء الحرم ثمن اللبن» (٣) وكذا في رواية القمري والدبسي المتقدمة (٤) ما يدل على تعدد القيمة على المحرم في الحرم من غير دم ، وذلك انما يكون مع عدم اقتضاء الجناية الدم ، وغير ذلك ، فتأمل في الكليتين.

قال في التهذيب : وقد بينا فيما تقدم ان التضعيف انّما يلزم فيما دون البدنة ، فإذا بلغت البدنة فليس يلزمه أكثر منها ويزيد ذلك بيانا ما رواه (وذكر الاسناد (٥)) عن الحسن بن علي بن فضال ، عن رجل ، قد سماه ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، في الصيد يضاعفه ما بينه وبين البدنة ، فإذا بلغ البدنة فليس عليه

__________________

(١) الوسائل الباب ١١ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

(٢) الوسائل الباب ٤٥ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٥٤ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ٤٤ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٧.

(٥) والاسناد هكذا : محمد بن الحسن الصفار عن موسى بن عمر الصيقل ، عن علي بن أسباط عن الحسن بن علي بن فضال.

٤١٧

ويتكرّر الكفارة بتكرر الصيد سهوا و [أو] عمدا على رأى.

______________________________________________________

التضعيف (١) و (٢).

وما رأيت له البيان فيما تقدم فيه ، الّا انّ الأدلة ما كانت تشمل البدنة صريحا ، كما تقدم ، فإن أكثرها في الحمام والطير.

وهذه الرواية وان كانت ضعيفة بالإرسال وغيره في التهذيب ، وبالإرسال فقط في الكافي (٣).

ولكن قال في المنتهى : والرواية ضعيفة مع إرسالها ، الّا انّها مؤيّدة بالأصل ، وعدم ظهور الدليل فيه ، ولعل غير ما يصل البدنة إجماعيّة وتبقى هي تحت الأصل ، فتأمل.

قوله : «وتكرر الكفارة إلخ». دليل تكرر الكفارة بتكرر الصيد الموجب لها إذا لم يكن عمدا واضح ، وهو انّ القتل مثلا موجب لها بالآية (٤) والاخبار ، ويجب تكرر الموجب بتكرر الموجب ، وقد تقدم بعض الاخبار.

ويدل عليه حسنة معاوية ابن عمار ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، في المحرم يصيد (يصيب ئل) الصيد (الطير كا) قال : عليه الكفارة في كل ما أصاب (٥).

وصحيحة معاوية بن عمار ، قال : لأبي عبد الله عليه السّلام : محرم أصاب

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٦ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

(٢) انتهى كلام التهذيب.

(٣) والسند (كما في الكافي على ما وجدناه بهذا المضمون) هكذا : عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن الحسن بن علي عن بعض رجاله عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : انّما يكون الجزاء مضاعفا فيما دون البدنة حتى يبلغ البدنة فإذا بلغ البدنة فلا تضاعف لأنّه أعظم ما يكون ، قال الله عز وجل «وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ» (باب المحرم يصيب الصيد في الحرم الرواية ٥).

(٤) قال الله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً) الى قوله تعالى : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) الآية المائدة ٩٦.

(٥) الوسائل الباب ٤٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

٤١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

صيدا ، قال : عليه الكفارة ، قلت : فان هو عاد ، قال : عليه كلما عاد ، الكفارة (١).

هما أو مثلهما دليل التكرر في العمد ، أيضا ، كما اختاره المصنف.

ولكن صحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : المحرم إذا قتل الصيد فعليه جزائه ويتصدق بالصيد على مسكين ، فان عاد فقتل صيدا آخر لم يكن عليه جزائه وينتقم الله منه ، والنقمة في الآخرة (٢).

والظاهر انها في العمد بقرينة الآية (٣).

ورواية ابن ابى عمير عن بعض أصحابه ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا أصاب المحرم الصيد خطأ فعليه كفارة ، فإن أصابه ثانية خطأ فعليه الكفارة أبدا ، إذا كان خطأ ، فإن أصابه متعمدا كان عليه الكفارة ، فإن أصابه ثانية متعمدا فهو ممن ينتقم الله منه ، والنقمة في الآخرة ولم يكن عليه الكفارة (٤).

تدلان على عدمه في العمد ، فيقيد الأوّل بعدمه ، لوجوب حمل المطلق المجمل والعام على ضدها.

ولا يضر إرسال الثانية مع جهل الطريق (٥) الى يعقوب بن يزيد في

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

(٢) الوسائل الباب ٤٨ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٣) المائدة ٩٦.

(٤) الوسائل الباب ٤٨ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

(٥) قال الأردبيلي في رجاله (ج ٢ ص ٥٢٥) في باب ذكر أسانيد كتابي الشيخ هكذا : والى يعقوب بن يزيد ، فيه ابن ابى جيّد ، في الفهرست ، واليه صحيح ، في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة في الحديث الاثنين والخمسين والحديث الرابع منها انتهى.

وطريق الشيخ في الحديث الرابع الى يعقوب هكذا : وأخبرني الشيخ أيّده الله تعالى ، قال : أخبرني أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار واحمد بن إدريس جميعا عن محمد بن احمد بن يحيى ، عن يعقوب بن يزيد عن ابن ابى عمير ، فعلى هذا ليس طريق الشيخ قده الى يعقوب بن يزيد مجهولا.

٤١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

التهذيب (١) ولهذا قال في المنتهى بصحتها مع أنّه قائل بتكرر في العمد فيه أيضا ، ولاشتمال (٢) الاولى على تحليل مقتول المحرم لما تقدم.

ولما في الكافي (في الحسن) عن الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام ، في محرم أصاب صيدا ، قال : عليه الكفارة ، قلت : فإن أصاب آخر ، قال : إذا أصاب آخر ، فليس عليه كفارة ، وهو ممن قال الله عز وجل «وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ» (٣)

وهي في العمد بقرينة الآية ، وللجمع.

ثم قال في الكافي : قال ابن ابى عمير عن بعض أصحابه : إذا أصاب المحرم الصيد خطأ ، فعليه ابدا في كل ما أصاب الكفارة ، وإذا أصابه متعمدا ، فان عليه الكفارة ، فإن عاد فأصاب ثانيا متعمدا ، فليس عليه الكفارة ، فهو ممن قال الله عز وجل «وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ» (٤).

والظاهر انّ إسناده هو الى ابن ابى عمير المتقدم ، فهو حسن ، وأنّه عنه عليه السّلام ، لما سبقه ، ولما في التهذيب والاستبصار (٥).

والأصل مؤيد ، والآية غير ظاهرة في التعدد مطلقا ، ولو كانت ، تحمل عليهما ، فإنّهما دالتان على تفسيرها أيضا.

وهي قوله تعالى «لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ، وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ، (الى قوله) : وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ

__________________

(١) والسند (كما في التهذيب) هكذا : يعقوب بن يزيد ، عن ابن ابى عمير ، عن بعض الصحابة ، عن ابى عبد الله عليه السّلام.

(٢) عطف على قوله : لوجوب حمل المطلق.

(٣) الوسائل الباب ٤٨ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٤.

(٤) الوسائل الباب ٤٨ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٥.

(٥) كما تقدم آنفا.

٤٢٠