مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

لا يكون الذبح بعد ذلك للمحل حراما وعلى تقدير تحريمه لا يكون الأكل حراما الله اعلم.

واعلم انه إذا اضطر من حرم عليه أكل الصيد إلى أكله محرما كان أو محلا في الحرم فلا خلاف في أنّه يجوز اكله.

والظاهر أنّ الأكل والاختصاص على ما يرفع الضرر والاحتياج مما لا كلام فيه.

وامّا الفداء فيحتمل ، لوجوبه بالأدلة والتجويز للاضطرار لا يوجب السقوط بل يوجب الجواز فقط كما كان في اللبس وتغطية الرأس وغيره من ارتكاب الأمور الممنوعة للضرورة مع إيجاب الفداء.

ويحتمل السقوط للضرورة والأصل وعدم نص صريح في ذلك بخلاف الأمثلة.

وإمكان حمل ما ورد في الفداء على حال الاختيار كما هو الظاهر والغالب

وإذا انحصر فيه وفي مال الغير فالظاهر انه مقدم على مال الغير لانّ التصرف في مال الغير حرام عقلا ونقلا مع إمكان التحرز وفيه حق الله أو حق الناس (١) بخلاف الصيد.

وامّا إذا انحصر فيه وفي الميتة ، ففيه أقوال واحتمالات منشأها اختلاف الروايات والانظار.

والّذي يظهر أنّه لا ينبغي النزاع في أولويّة اختيار أكل الصيد لو كان غير ميتة بان يكون مذبوح المحل في الحل أو لم نقل بأنّه ميتة وكذا ان لم يكن مستلزما

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ والصواب : وحق الله ويؤيّد ذلك ما في هامش بعض النسخ الخطية (بعد قوله بخلاف الصيد) ما لفظه : فإنه حق الله تعالى فقط.

٣٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

لمحرّم غير الأكل ، إذا لا شك في أنّ تحريم الميتة أشد لقذارتها وعموم تحريم انتفاعها والتضرر بأكلها ، كما بين في محله ، ولأنه بنص الكتاب (١) وهو مفيد للعلم ، وليس مطلق الصيد بالنسبة الى من يحرم عليه كذلك ، وهو ظاهر.

وكذا مع القول بأنّه ميتة لما مرّ ، ولانّ جواز أكل الميتة مشروط بالاضطرار ، ولا يقال لمن قدر على أكل الصيد أنّه مضطر إلى الميتة لا لغة ولا شرعا.

وأيضا انّه موقوف على جواز أكل الصيد حينئذ وهو غير ظاهر ، ولا يقلب هذا الوجه فتأمل ولأنّ سائر محرمات الإحرام يجوز لأدنى ضرر مثل أذى القمل وغيره فهنا أولى.

ولحسنة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن المحرم يضطر فيجد الميتة والصيد أيّهما يأكل؟ قال : يأكل من الصيد أما يحبّ (أليس بالخيار خ ل كا) ان يأكل من ماله؟ قلت : بلى ، قال : انما عليه الفداء ، فليأكل ، وليفده (٢).

ولرواية منصور بن حازم ، قال : سألته عن المحرم اضطر إلى أكل الصيد والميتة ، قال : أيّهما أحبّ إليك ان تأكل؟ قلت : الميتة ، لأنّ الصيد محرّم على المحرم ، فقال : أيهما أحبّ إليك ان تأكل من مالك أو الميتة؟ قلت آكل من مالي ، قال : فكل (من خ) الصيد وافده (٣).

وموثقة يونس بن يعقوب (لابن فضال) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن المضطر إلى الميتة وهو يجد الصيد قال : يأكل الصيد ، قلت : ان الله عز وجل قد أحل له الميتة إذا اضطر إليها ولم يحل له الصيد قال : تأكل من مالك

__________________

(١) سورة البقرة ١٧٣ قال الله تعالى (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) الآية.

وقال الله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) المائدة ٣.

(٢) الوسائل الباب ٤٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٤٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٩.

٣٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

أحب إليك أو ميتة؟ قال : من مالي قال : هو مالك وعليك فدائه قلت : فان لم يكن عندي مال قال : تقضيه إذا رجعت الى مالك (١).

ورواية بكير وزرارة عن ابى عبد الله عليه السّلام ، في رجل اضطر إلى ميته وصيد ، وهو محرم ، قال : يأكل الصيد ويفدى (٢).

والظاهر أنّها صحيحة (٣) إذ ليس فيها من لم يصرح بتوثيقه في محله الّا شهاب والظاهر انه ابن عبد ربّه وقد صرح بتوثيقه عند ذكر إسماعيل بن عبد الخالق ويفهم من بعض الضوابط أيضا.

ولأنّه يحصل النفع للفقراء (٤) ولأنّ نجاسة الميتة وتحريمها ذاتية بخلاف الصيد.

ولأنّ الظاهر ان الإثم يرتفع بالفداء على تقدير التحريم لأنّه كفارة.

والذي يدل على رجحان الميتة هو أنّه قد جوّز اكله بصريح الكتاب مع الاضطرار بخلاف الصيد.

وأنّه يلزم هنا صرف المال والأصل عدمه ، ولأنّه قد يستلزم قتل الصيد وإمساكه واكله ، وكلّه محرمات ، وأكل الميتة محرم واحد.

ورواية إسحاق عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام ، انّ عليا عليه السّلام كان يقول : إذا اضطر المحرم الى الصيد والى الميتة فليأكل الميتة الّتي أحل الله له (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٤٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

(٣) والسند كما في الكافي هكذا : محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن شهاب عن ابن بكير وزرارة.

(٤) لأجل لزوم الفداء.

(٥) الوسائل الباب ٤٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١١.

٣٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ورواية عبد الغفار الجازي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن المحرم إذا اضطر إلى ميتة فوجدها ووجد صيدا؟ فقال : يأكل الميتة ويترك الصيد (١) وحملهما الشيخ على احتمال التقيّة ، وأنّه قد لا يكون قادرا على الصيد وان كان مضطرا اليه ، وعلى غير القادر بالفداء ، وعلى أنّه يحتمل ان يكون وجد الصيد غير مذبوح فيحتاج الى ذبحه فيصير كالميتة والميتة حينئذ أولى.

والكل بعيد إلّا الأخير وهو مذهب البعض ، وذلك غير بعيد بحسب المعنى ، يعني إذا احتاج الى ذبحه فيلزم ارتكاب المحرمات أكثر ، مع أنّه قد يؤل إلى الميتة.

ويمكن ترجيح الأوّل (٢) بكثرة الأخبار واعتبار الإسناد فإن الأولى منهما (٣) فيها إسحاق والثانية (٤) مرسلة عن محمد بن الحسين والإسناد إليه غير ظاهر وان كان الظاهر أنّه ابن ابى الخطاب الثقة.

وبالتعليل في الاخبار الأول (٥) وردّ التعليل الثاني (٦).

وبانّ الاضطرار غير معلوم كما مرّ ، وصرف المال بالدليل يدفع الأصل ، ويوجب الثواب ، والاستلزام انما هو في بعض الصور ، وهو لا يوجب العموم ، على

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١٢.

(٢) يعني أولويّة أكل الصيد من الميتة (منه ره) كذا بخطه في هامش بعض النسخ الخطية.

(٣) محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عبد الجبار عن إسحاق.

(٤) طريق الشيخ الى محمد بن الحسين بن ابى الخطاب (كما في جامع الرواة صحيح راجع ج ٢ ص ٥١٤)

(٥) والمراد بالتعليل ، التعليل المذكور في الروايات من قوله عليه السّلام : أيّهما أحبّ إليك ان تأكل من مالك أو الميتة؟ قلت : آكل من مالي ، قال : فكل الصيد وافده.

(٦) والمراد بالتعليل الثاني ، هو قوله عليه السّلام في رواية منصور ، قلت : الصيد ، لان الصيد محرم على المحرم إلخ.

٣٤٤

ويقدّم قول مدّعى إيقاع العقد في الإحلال ، لكن ليس للمرأة المطالبة بالمهر لو أنكرته.

______________________________________________________

أنّه قد يكون محرّم واحد أفحش من عدّة محرمات ، فلا يدل على الرجحان ، ومع ذلك يمكن القول به والجمع بين الاخبار ، بل الظاهر انّما النزاع في الترجيح إذا كان الأمر دائرا بين أكل الميتة والصيد ، لا ذبحه وإمساكه وأكله فتأمل ، الله يعلم.

قوله : «ويقدم قول مدّعي إلخ». من فروع عدم جواز إيقاع عقد النكاح ، وعدم صحته حال الإحرام ، تقديم قول مدعى إيقاعه حال الإحلال مع يمينه من الزّوجين ، على تقدير عدم البينة واتفاقهما على وقوعه ، وادّعاء أحدهما الإيقاع في الإحرام ، فلا يصح والآخر حال الإحلال فيصحّ.

لتقديم قول من يدعى المباح ، والصحة ، لحمل أفعال المسلمين على ذلك ، لانّ الأصل في العقد هو الصحة.

ولا فرق في ذلك بين كون الدعوى في الوقوع في الإحرام وبعده ولا بين كون الإحرام لهما أو لأحدهما ولا بين كون مدّعى الفساد هو الزوج أو الزوجة الا أنّه يلزمه فيما بينه وبين الله لو كان صادقا أحكام معتقده والعمل به ، فلا يجوز لها طلب المهر والنفقة ولا التمكين بل تكون مكرهة لذلك ، وان كان يلزمها أحكام الزوجية بحسب الظاهر ، ويظهر (يقهر خ ل) عليها ، وكذا الزوج فيلزم إيصال المهر والنفقة إليها ، ولو كان بطريق الهدية والصلة على الاحتمال.

وفيها اشكال لتضاد الأحكام وأيضا يلزم الضرر فإنها لو لم تطلب النفقة يتعذر عليها المعيشة وتتضرر بعدم الزوج حيث لا يجوز لها التزويج.

ويمكن ان يجوز لها النفقة والكسوة والسكنى في الجملة للتعذر وعوضا عن بعضها وأمثاله في الشرع كثيرة فتأمل.

ويشكل أصل الحكم في صورة يكونان جاهلين بعدم جواز العقد حال

٣٤٥

ولو أوقعه الوكيل المحل حال إحرام الموكل بطل.

ويجوز مراجعة الرجعية.

______________________________________________________

الإحرام فإنه لا يتم الدليل حينئذ وهو ظاهر.

فيمكن (وظ) الحكم بالفساد لو كان الدعوى في وقوعه قبل الإحرام وبالصحة إذا كان بعده ، لأصل عدم تحقق الزّوجية إلا في المحقق وأصل عدم وقوع العقد.

ويمكن البطلان مطلقا لأن الأصل عدم الزوجية حتى يتحقق شرعا وما تحقق وقوعه في زمان يصح شرعا فيقدم قول المنكر مطلقا.

وينبغي إيقاع الطلاق على تقدير كونه محقا في دعوى الزوجيّة فيما بينه وبين الله.

قوله : «ولو أوقعه الوكيل إلخ». أي لا يجوز ولا يصحّ النكاح للمحرم بوجه وان أوقعه وكيله المحل وان كانت الوكالة حال الإحلال ، إذ لا صلاحية للزواج للمحرم شرعا ولان الوكيل بمنزلة الموكل المحرم ولا فرق بين كونه زوجا وزوجة.

والظاهر ان دليلهم في ذلك هو الإجماع وبعض الاخبار الدالة على عدم صحة النكاح للمحرم (١) على الإجمال فتأمّل.

قوله : «ويجوز مراجعة الرجعيّة إلخ» ويجوز للمحرم ان يراجع حال إحرامه مطلقته الرجعيّة سواء كان الطلاق في الإحرام أم لا وسواء كانت محرمة أيضا أم لا.

لعموم أدلّة الرجعيّة (الرجعة ظ) (٢) وللأصل ، وعدم دليل التحريم ، إذ لا دليل الّا على النكاح والعقد والرجعة ليس بعقد ولا نكاح ، بل الرجعيّة حال الإحرام في حكم الزوجيّة ، للإجماع المنقول في المنتهى فيه وفي جواز مفارقة النساء

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ١٤ من أبواب تروك الإحرام.

(٢) راجع الوسائل الباب ٢ وغيره من أبواب أقسام الطلاق.

٣٤٦

وشراء الإماء.

ويقبض على انفه لو اضطر الى طعام فيه طيب أو لمسه

ولو فقد غير السراويل [جاز] لبسه.

ولا يزر الطّيلسان لو اضطر اليه.

______________________________________________________

بالطلاق والخلع والظهار واللعان وغير ذلك من أسباب الفرقة.

لقول (١) ابى عبد الله عليه السّلام : المحرم يطلق ولا يتزوج (٢).

ويجوز له ان يشترى الجارية وان كان بقصد التسري بعد الإحرام لما مرّ وللإجماع المنقول في المنتهى.

ولصحيحة سعد بن سعد عن ابى الحسن الرضا عليه السّلام قال : سألته عن المحرم يشتري الجواري ويبيع (يبيعها خ ل) قال : نعم (٣).

ولكن لا ينبغي الشراء بقصد الوطي حال الإحرام.

قوله : «ويقبض على أنفه إلخ» هذا من فروع الطيب ، وقد مرّ ما يمكن ان يستفاد منه فتذكر.

قوله : «ولو فقد غير السراويل لبسه». قد مضى دليل تحريمه مع وجود الإزار ، وجوازه مع فقده ، فتذكر.

قوله : «ولا يزر الطيلسان إلخ». هذا فرع تحريم الزّر ، وقد تقدم ، والظاهر جواز لبس الطيلسان من غير ضرورة أيضا.

لصحيحة يعقوب بن شعيب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن المحرم يلبس الطيلسان المزرور؟ فقال : نعم ، وفي كتاب علي عليه السّلام ، لا يلبس

__________________

(١) دليل لقوله قدس سره : سواء كان الطلاق في الإحرام أم لا.

(٢) الوسائل الباب ١٧ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ١٦ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

٣٤٧

ويحوّل القملة إلى موضع آخر من بدنه ويلقى الحلم والقراد.

والمرأة تسفر عن وجهها ويجوز أن تلقى القناع من رأسها إلى طرف أنفها.

______________________________________________________

طيلسانا حتى ينزع أزراره ، فحدثني أبي أنّه انما كره ذلك مخافة ان يزره الجاهل عليه (١).

وفي حسنة الحلبي ، مثل ذلك وقال : انّما كره ذلك مخافة ان يزره الجاهل ، فامّا الفقيه فلا بأس ان يلبسه (٢).

والذي يفهم منهما عدم جواز الزر لا اللبس ، فان الظاهر منهما ومن الأصل هو جواز اللبس مطلقا فتقييد المصنف (٣) محل التأمل ، ولهذا قال في الدروس : وعلى القولين (٤) يجوز لبس الطيلسان ويحرم الزّر والخلال (٥).

كأنّ تحريم الخلال للقياس على الزّر فتأمل.

قيل : الطيلسان ثوب منسوج بطريق المخيط يحيط بالبدن.

قوله : «ويحول القملة إلخ». قد مرّ دليله وتفصيله فتذكر ، قيل : القراد بالضم معروف ، والحلمة محرّكة كباره.

قوله : «والمرأة تسفر عن وجهها إلخ». هذا إشارة الى ما يحرم على المحرمة ، وهو تغطية وجهها.

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٦ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٣٦ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣.

(٣) بقوله : لو اضطر اليه.

(٤) قال في الدروس : يجب تركه (اى المخيط) على الرّجال وان قلت الخياطة في ظاهر كلام الأصحاب ، ولا يشترط الإحاطة ويظهر من كلام ابن الجنيد اشتراطها حيث قيد المخيط بالضام فعلى الأوّل يحرم التوشح بالمخيط والتدثر وعلى القولين الإحاطة : وعدمها يجوز لبس الطيلسان إلخ (ص ١٠٧).

(٥) الخلال بالكسر ، العود الذي يخل به الثوب (ص).

٣٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

قال في المنتهى : وهو قول علماء الأمصار ، ولا نعلم فيه خلافا ، الّا ما روى عن أسماء أنّها كانت تغطى وجهها وهي محرمة (١).

ويحتمل أنّها كانت تغطيه بالسّدل (٢).

هذا خلاف الظاهر ، إذ لا خصوصيّة للسّدل بها (٣) وإحرام المرأة في وجهها فتأمل ، وازالة المروحة في الرواية المتقدّمة (٤).

والتغطية المحرمة هي التي تكون على الوجه المتعارف غير السدل ، فإنّه لا خلاف في جوازه كما يفهم (فهم خ ل).

وقال في المنتهى : لو احتاجت الى ستر وجهها لمرور الرّجال قريبا منها ، سدلت ثوبها من فوق رأسها على وجهها الى طرف أنفها ولا نعلم فيه خلافا.

فكأنّه إجماعي ، الّا ان تقييده بقيدين ، الحاجة ، والى الأنف ، كلاهما محل التأمل لعدمهما في أكثر الروايات مثل صحيحة حريز قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : المحرمة تسدل الثوب على وجهها الى الذقن (٥).

وصحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام انه قال : تسدل المرأة الثوب على وجهها من أعلاها إلى النحر إذا كانت راكبة (٦).

__________________

(١) الموطأ ج ١ كتاب الحج (٦) باب تخمير المحرم وجهه حديث ١٦ ولفظ الحديث هكذا : عن فاطمة بنت المنذر انها قالت كنّا نخمر وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت ابى بكر.

(٢) سدل ثوبه يسد له بالضم أي أرخاه (ص).

(٣) في بعض النسخ المخطوطة زاد بعد قوله : (للسدل بها) ما هذا لفظه : وفعلها ليس بحجة ولعل المراد به هو التظليل بالمروحة ونحوها لما روى أنّ أبا جعفر عليه السّلام مرّ بامرأة استترت بمروحة أمات عنها (راجع الوسائل ٤٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣) ودليل التحريم هو الإجماع المستند الى بعض الاخبار المجملة الغير الصحيحة مثل المحرم لا تتنقب وإحرام المرأة في وجهها (راجع الوسائل ٤٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١).

(٤) الوسائل الباب ٤٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٤.

(٥ ـ ٦) الوسائل الباب ٤٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٦ و ٨.

٣٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

قيد الركوب غير ظاهر الوجه مع خلو غيرها عنه من الروايات وكذا كلام الأصحاب

وصحيحة زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام : الرجل المحرم يريد ان ينام يغطى وجهه من الذباب ، قال : نعم ولا يخمر رأسه والمرأة المحرمة لا بأس ان تغطى وجهها كلّه عند النوم (١).

وظاهر قوله والمرأة إلخ عام فيمكن ان يراد بالتغطية حينئذ السدل للإجماع المتقدم ويحتمل التخصيص بحال النوم عن الذباب كما يشعر به أوّل الخبر وآخره كما في الكافي فتكون محمولة على الضرورة.

وبالجملة القيد الأوّل (٢) غير موجود في أكثر الروايات والثاني موجود كما في المتن وبعض الروايات.

مثل صحيحة عيص بن القاسم قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : ثم المرأة المحرمة إلى قوله : وتسدل الثوب على وجهها قلت : حدّ ذلك الى أين؟ قال : الى طرف الأنف قدر ما تبصر (٣).

وحملت هذه الروايات (الرواية خ ل) على التخيير والجواز ، والظاهر عدمها لما عرفت.

ثم الظاهر ان اصابة الثوب الى الوجه لا يضرّ ، ولا يوجب الكفارة ، ولا يجب التجافي كما اختاره في المنتهى ونقل عن الشيخ وجوب ذلك والكفارة بدم لو لم يزله بسرعة ، ثم قال : الوجه عندي سقوط هذا لأنّه ليس بمذكور في الخبر ، مع انّ الظاهر خلافه ، فانّ سدل الثوب لا يكاد يسلم معه البشرة من الإصابة ، فلو كان شرطا لبيّن لأنّه موضع الحاجة هذا واضح.

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٥ من أبواب تروك الإحرام ٥ ولزرارة رواية أخرى في الباب ٥٩ من تلك الأبواب الرواية ١.

(٢) المراد بالقيد الأوّل هي الحاجة وبالثاني إلى الأنف.

(٣) الوسائل الباب ٤٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

٣٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ولكن ما بقي حينئذ في تحريم ستر الوجه معنى واضح سوى ما أشرنا اليه ، والأحوط عدم الإصابة بوضع عود ونحوه كما يفعلونه أهل المدينة المشرفة.

وكذا الظاهر وجوب ستر جزء من الوجه ـ من باب مقدمة وجوب ستر الرأس ـ في الصلاة كما اختاره في المنتهى لا كشفه من باب مقدمة كشف الوجه ، لأنها عورة ، ولأن في وجوب الكشف ما عرفت ، والأولى اختيار السدل حينئذ وقال فيه أيضا : يجوز ستر وجهها (سترها وجهها خ ل) من الرجال بثيابها.

ولرواية سماعة (١) (في الفقيه) عن الصادق عليه الصلاة والسّلام قال : وان مرّ بها رجل استترت منه بثوبها ولا تستتر بيدها من الشمس (٢).

هذا مؤيّد لما قلناه من عدم الاحتياج الى قيد الحاجة للسدل والمعنى المراد بالتغطية كإزالة المروحة.

وامّا الرّجل فالظاهر انه لا يحرم عليه ستر وجهه على ما يفهم مما تقدم ، ويكره ستر فوق الأنف من أسفل.

لما رواه حفص بن البختري وهشام بن الحكم (كأنه في الصحيح في الفقيه) عن ابى عبد الله عليه السّلام انه قال : يكره للمحرم ان يجوز ثوبه انفه من أسفل. وقال : أصح لمن أحرمت له (٣) ولصحيحة معاوية فيه عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : يكره للمحرم ان يجوز ثوبه فوق أنفه ولا بأس ان يمدّ المحرم ثوبه حتى يبلغ أنفه قال : يعنى من أسفل (٤).

__________________

(١) قال في المنتهى : الخامس يجوز لها ان تستر بثوبها من الرّجال ، رواه ابن بابويه عن سماعة عن الصادق عليه السّلام ، قال : وان مرّ بها إلخ ، وعلى هذا فما في النسخ المخطوطة والمطبوعة : (ولرواية سماعة) تكون (الواو) زائدة.

(٢) الوسائل الباب ٤٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١٠.

(٣ ـ ٤) الوسائل الباب ٦١ من أبواب تروك الإحرام لرواية ٢ و ١.

٣٥١

ويكره لبس السّلاح اختيارا.

______________________________________________________

ويدلّ على عدم كراهة ستر الوجه عن حرّ الشمس مع الأذى.

صحيحة عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول لأبي وشكى اليه حرّ الشمس وهو محرم وهو يتأذى به فقال : ترى ان استتر بطرف ثوبي قال : لا بأس بذلك ما لم يصبك (يصب خ ل) رأسك (١).

وظاهر عدم وجوب الكفارة حينئذ.

وفي الصحيح عن حريز انه سأل أبا عبد الله عليه السّلام عن المحرم ينام على وجهه وهو على راحلته (على زاملته كا) قال : لا بأس بذلك (٢) وعن منصور بن حازم قال : رأيت أبا عبد الله عليه السّلام وقد توضأ وهو محرم ، ثم أخذ منديلا فمسح به وجهه (٣).

وفيهما اشعار بعدم تحريم ستر الوجه وفي الأخير بعدم المبالغة في كراهة التمندل كما مرّ.

قوله : «ويكره لبس السلاح إلخ». دليل عدم تحريم لبس السلاح الأصل وعدم نص في المنع ودليل الكراهة الظاهر انه الإجماع على المرجوحيّة حين عدم الحاجة ، كالإجماع على الرجحان مع الأصل ، ومفهوم الروايتين الآتيتين ، وقيل : بالتحريم حال الاختيار لمفهوم صحيحة عبيد الله بن علي الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام : ان المحرم إذا خاف العدوّ فلبس السلاح فلا كفارة عليه (٤) وصحيحة

__________________

(١) الوسائل الباب ٦٧ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٤.

(٢) الوسائل الباب ٦٠ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢ وفي الكافي والتهذيب عن الحلبي كما في الوسائل أيضا.

(٣) الوسائل الباب ٦١ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣.

(٤) الوسائل الباب ٥٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

٣٥٢

والإحرام في السود.

______________________________________________________

عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام ا يحمل السلاح المحرم؟ فقال : إذا خاف المحرم عدوّا أو سرقا. فليلبس السّلاح (١).

ومفهوم الشرط حجة عند الأكثر ، كما ثبت في الأصول ، قال في المنتهى : دليل التحريم دليل الخطاب وهو ضعيف عندنا ـ مع إثباته حجيّة مفهوم الشرط ، لعلّه يريد أنّه ليس بشرط بل ظرف كما هو ظاهر (إذا) أو أنّ ذلك انما يكون حجّة لو علم عدم سبب أصلا لاختيار القيد أو ما علم سبب آخر ، وهنا معلوم ذلك ، وهو الاحتياج حين العدوّ وعدمه عند عدمه ، أو أنّه انما ذلك لو علم السببيّة أو ظن ، وهنا غير معلوم كون سبب الجواز هو الخوف أو أنّ مفهوم الأول ثبوت الكفارة مع عدم الخوف ، ولا نعلم القول بالوجوب المستلزم لتحريم اللبس لو سلم حينئذ ومع القول به الكفارة الثابتة بالمفهوم أعم من الوجوب والندب ، لانه قد يكون المراد نفى وجوبها وندبيّتها حين الخوف فمع عدمه لا يثبت الوجوب بل أحدهما ويسقط الوجوب بالأصل ويبقى الاستحباب ومفهوم الثانية عدم رجحان أخذ السّلاح مع عدم الخوف ، لانّ الظاهر أنّ منطوقها رجحان الأخذ معه ، فينتفي بانتفائه كما هو مقتضى المفهوم.

وبالجملة الأصل دليل قوى ولا يرتفع بمحتمل فتأمل.

وامّا دليل كراهة الإحرام في السواد فهو الأصل ، مع المنع في الرواية المحمولة على الكراهة ، لعدم الصحة ، والقول بالتحريم.

وهي ما روى عن ابى عبد الله عليه السّلام : لا يحرم في الثوب الأسود ولا يكفن به الميت (٢).

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٢٦ من أبواب الإحرام الرواية ١ والرّاوي هو الحسين بن مختار عن ابى

٣٥٣

والمعصفر.

______________________________________________________

وعن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسّلام قال : فبما علّم أصحابه : لا تلبسوا السواد فإنه من لباس فرعون (١).

وفي رواية اخرى أنّه من لباس أهل النّار (٢).

وقد استثنى منه الخف والعمامة والكساء فيما تقدم (٣) فتأمل ، والاجتناب أحوط.

ويحمل ما ورد في الرواية من فعلهم عليهم السّلام على التقية والضرورة أو للرّعب في الحرب.

كما نقل ان أبا عبد الله عليه السّلام حين أتاه رسول ابى العباس لبس ممطرا (٤).

وقريب منه دليل كراهة المعصفر مع التصريح بالجواز في الاخبار.

وفي رواية أبان بن تغلب قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام أخي وانا حاضر عن الثوب يكون مصبوغا بالعصفر ، ثم يغسل ، ألبسه وانا محرم؟ قال : نعم ليس العصفر من الطيب ، ولكن أكره ان تلبس ما يشهرك بين الناس (٥).

وانّه مستلزم لترك الأبيض المرغب فيه وأنّه لون يشبه السواد من حيث اللون وأنّه للزينة ، وليس الإحرام محلها ، ويمكن كون ترك التقية في الجملة.

__________________

لأبي عبد الله عليه السّلام قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : يحرم الرجل بالثوب الأسود؟

(١) الوسائل الباب ١٩ من أبواب لباس المصلّي الرواية ٥.

(٢) الوسائل الباب ١٩ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٧.

(٣) الوسائل الباب ١٩ من أبواب لباس المصلّي الرواية ١ عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : يكره السواد إلّا في ثلاثة الخف والعمامة والكساء ، وغيرها من الروايات ، فراجع.

(٤) الوسائل الباب ١٩ من أبواب لباس المصلّي الرواية ٧ والممطر فيها ، ما يلبس في المطر يتوقى به ومنه الحديث فدعا بممطر احد وجهيه اسود والآخر أبيض فلبسه (مجمع البحرين).

(٥) الوسائل الباب ٤٠ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٥.

٣٥٤

والوسخة.

______________________________________________________

وفي الرواية الصحيحة عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : يكره للمحرم ان ينام على الفراش الأصفر والمرفقة الصفراء (١).

وهي مشعرة بكراهة المعصفر في الإحرام فتأمل وقيد كراهة المعصفر وسائر الألوان غير السواد بالمشبع في الدروس وقال بعدم كراهة غير المشبع كالمشق (كالممشق خ ل) (٢) للنص إشارة الى ما روى في الصحيح عن ابى بصير عن ابى جعفر عليه السّلام قال : سمعته وهو يقول كان علي عليه السّلام محرما ومعه بعض صبيانه ، وعليه ثوبان مصبوغان ، فمرّ به عمر بن الخطاب ، فقال : يا أبا الحسن ما هذان الثوبان المصبوغان؟ فقال له علي عليه السّلام : ما نريد أحدا يعلّمنا بالسّنة ، انما هما ثوبان صبغا بالمشق ، يعنى الطين (٣).

ومن طريق العامة عن عمر بن الخطاب أنه أبصر على عبد الله بن جعفر ثوبين مضرجين وهو محرم فقال ما هذه الثياب؟ فقال له علي بن ابى طالب عليه السّلام : ما إخال أحدا يعلمنا بالسّنة ، فسكت عمر (٤).

فيه ما فيه ودليل كراهة الإحرام في الوسخة.

هو صحيحة العلاء بن رزين قال : سئل أحدهما عليهما السّلام عن الثوب الوسخ أيحرم فيه المحرم؟ فقال : لا ولا أقول أنّه حرام ولكن تطهيره أحبّ الىّ وطهره غسله (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢ وفي الفقيه والتهذيب والوسائل عن ابى جعفر عليه السّلام.

(٢) المشق بالكسر المغرة وهو طين أحمر ومنه ثوب ممشق اى مصبوغ به.

(٣) الوسائل الباب ٤٢ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٤) لم نجده بهذا العبارة.

(٥) الوسائل الباب ٣٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣.

٣٥٥

والمعلمة (١).

والحنّاء للزينة.

والنقاب للمرأة.

والحمّام.

______________________________________________________

وكراهة المعلم ذكرها الأصحاب لعل دليله الإجماع وأنّه خلاف البياض.

وصحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن الرجل يحرم في ثوب له علم؟ فقال : لا بأس به (٢).

وصحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا بأس ان يحرم الرّجل في الثوب المعلم وتركه (ويدعه خ ل) أحبّ الىّ إذا قدر على غيره (٣).

وامّا كراهة الحنّاء فقد مرّ البحث فيه مفصلا فتذكر.

وامّا النقاب للمرأة فالمراد به غير ظاهر ، فإن أريد ستر الوجه على غير وجه السدل ، فهو حرام لما تقدم ، وان كان مثل اللثام ، فتحريم البعض ايّاها لما تقدم غير ظاهر ، وقد عرفت عدم الصحة والظهور لأنّه كان دليلا على تحريم الوجه على طريق المتداول مع استثناء السدل وبالجملة التحريم غير ظاهر ، والكراهة كأنّها للإجماع على مرجوحيّته مع الأصل.

وامّا كراهة الحمّام فكأنّه لاحتمال سقوط الشعر والجلود.

ولصحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا بأس ان يدخل المحرم الحمّام (٤).

__________________

(١) الثوب المعلم. المشتمل على علم ، وهو لون يخالف لونه ليعرف به.

(٢) الوسائل الباب ٣٩ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٤.

(٣) الوسائل الباب ٣٩ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣.

(٤) الوسائل الباب ٧٦ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

٣٥٦

واستعمال الرّياحين.

وتلبية المنادي.

______________________________________________________

ورواية عقبة بن خالد ـ عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن المحرم يدخل الحمام؟ قال : لا يدخل ـ (١) هي محمولة على الكراهة لعدم الصحة ولصحيحة (٢) معاوية المتقدمة (٣) وقد تقدم استعمال الرياحين.

وامّا تلبية المنادي فقد ورد المنع عنها في صحيحة حماد بن عيسى عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : ليس للمحرم ان يلبّى من دعاه حتّى ينقضي (يقضي خ ل) إحرامه قلت : كيف يقول؟ قال : يقول : يا سعد (٤).

وظاهره التحريم كأنّه لا قائل به ، ويؤيده عدم وجوب قول : يا سعد.

__________________

(١) الوسائل الباب ٧٦ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٢) عطف على قوله : لعدم الصحة.

(٣) الوسائل الباب ٧٦ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ٩١ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

٣٥٧

المطلب الرابع : في الكفارات وفيه مقامان

المقام الأوّل : في كفارة الصيد.

في النّعامة بدنة أو يفضّ (١) البدنة على البرّ.

______________________________________________________

قوله : «في النعامة بدنة إلخ». دليل وجوب الكفارة ـ فيما له مثل من النعم مثل النعامة ـ الآية (٢).

والاخبار مثل صحيحة أبي الصباح الكناني (الثقة) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن (في خ ل) قول الله عز وجل في الصيد (مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)؟ قال : في الظبي شاة ، وفي حمار وحش بقرة ، وفي النعامة جزور (٣)

وصحيحة حريز عن ابى عبد الله عليه السّلام قال في (عن خ ل) قول الله

__________________

(١) يفضّ. يفرق.

(٢) قال الله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) الآية (المائدة ٩٥).

(٣) الوسائل الباب ١ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

٣٥٨

ويطعم ستّين مسكينا لكلّ مسكين نصف صاع ، والفاضل له ولا يلزمه الإتمام لو أعوز.

أو يصوم عن كل مسكين يوما فان عجز صام ثمانية عشر يوما.

______________________________________________________

عز وجل «فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ» قال : في النعامة بدنة وفي حمار وحش بقرة وفي الظبي شاة وفي البقرة بقرة (١).

لعل المراد بالجزور والبدنة هنا واحد ، أو مخير فيهما ، وقال في الدروس : هما مرويان غير ان البدنة في الصحيح (٢) والظاهر ان رواية أبي الصباح «الثقة» في الجزور أيضا صحيحة وقد سماها بها في المنتهى فاجزاؤه قوى ، ومؤيد ، غير أنّ البدنة أحوط ، لأنها مجزية بغير خلاف ودليلها أظهر صحة وأكثر ونقل في الدروس عن النهاية اجزاء الجزور.

وكذا دليل كونها الأصناف الثلاثة ـ المذكورة في المتن من الهدى ، والإطعام ، والصيام ـ هو الآية والاخبار الّا ان ظاهر الآية هو التخيير لقوله تعالى (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً) (٣) وظاهر وضع (أو) للتخيير كما يفهم من القرينة.

ومن صحيح حريز عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : كل شي‌ء في القرآن (أو) فصاحبه بالخيار ويختار ما شاء وكل شي‌ء في القرآن : فمن لم يجد فعليه كذا فالأوّل (الأولى خ ل) بالخيار (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٢) لعل عدم تسميتها في الدروس بالصحة ، وجود ابى الفضل ، كأنّه ما علم انّه سالم الحناط الثقة ، كما صرّح به في الخلاصة ، أو كانت في نسخته ابى الفضل مصغرا ، كما يوجد في بعض النسخ ، وهو وجه أظهرية صحة رواية حريز (منه ره) هكذا في هامش بعض النسخ الخطيّة.

(٣) المائدة ٩٥.

(٤) الوسائل الباب ١٤ من أبواب بقية الكفارات الرواية ١ هذه قطعة من الرواية فراجعها.

٣٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وظاهر أكثر الأخبار هو الترتيب مثل صحيحة جميل عن محمد بن مسلم وزرارة (في الفقيه) عن ابى عبد الله عليه السّلام في محرم قتل نعامة قال : عليه بدنة فان لم يجد فإطعام ستين مسكينا فان كانت قيمة البدنة أكثر من إطعام ستين مسكينا لم يزد على إطعام ستين مسكينا وان كانت قيمة البدنة أقل من إطعام ستين مسكينا لم يكن عليه الّا قيمة البدنة (١).

وصحيحة ابى عبيدة (الثقة) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد قوّم جزائه من النعم دراهم ثم قومت الدراهم طعاما ثم جعل لكل مسكين نصف صاع فان لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما (٢) وغيرهما.

وذهب اليه الشيخ المفيد والشيخ في أحد قوليه ولكن القول به مخالف للأصل ومستلزم للتأويل في القرآن والحديث مثل صحيحة حريز.

والقول بالتخيير ـ كما هو مذهب المصنف هنا وفي المنتهى ـ لا يستلزم إلا مخالفة ظاهر الحديث ، على أن في التخيير أيضا يصدق عليه ان عليه بدنة إلخ وليس الأحاديث صريحة في عدم اجزاء غير الأوّل فالأوّل بل ظاهرة وقد حملها المصنف على أولويّته ومع ذلك قال في الدروس : الترتيب أظهر.

ثم اعلم انّ ظاهر صحيحة ابى عبيدة المتقدمة ، انّ الإطعام لكل مسكين نصف صاع وهو مدان.

والأصل وصحيحة معاوية بن عمار ـ قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : من أصاب شيئا فدائه بدنة من الإبل فان لم يجد ما يشترى بدنة فأراد أن يتصدق فعليه

__________________

(١) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٧.

(٢) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد وتوابعها الرواية ١.

٣٦٠