مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وفيها إشارة الى اجزاء الأقل من الثمن لعله الدرهم والى جواز صرفه في محله ويشعر به مثل صحيحة ابى عبيدة المتقدمة في قتل النعام (١) فتذكر ولا شك أنّه أحوط.

واعلم انّ ظاهر أكثر الاخبار في كفارة الفرخ هو الحمل فيمكن اشتراط الفطم والرّعي والأكل من الشّجر كما شرط في المنتهى وغيره.

لصحيحة سليمان بن خالد المتقدمة (٢) لحمل المطلق على المقيد.

وفيه تأمل لعدم المنافاة الّا مع القول بفمهوم الوصف وليس بواضح في الأصول.

وأنّ ظاهر بعض الاخبار في قتل الحمام في الحل وجوب الدّراهم ويمكن اجزاء الدّرهم ووجوبه وان كان الثمن أقل أو أزيد لما تقدم في الصحيح (٣) أنّه خير من ثمنهما ، مع احتماله مطلقا لوجود الثمن في الأخبار الأخر والاكتفاء بالأقل من الدرهم بعيد بل لا يمكن لقوله : (خير) والزّائد أحوط ومحتمل ، ويحمل الدرهم على عدم الزيادة في ذلك الزّمان ، كما أشار إليه بقوله عليه السّلام : (خير) فإنّه أوجبه في (مع خ ل) الخيرية فإذا فرض زيادة الثمن لا يصدق عليه ذلك ، فالقول بالزيادة غير بعيد.

وأنّ الظاهر هو التصدق به ان كان من غير حمام الحرم وشراء الطعام لحمام الحرم لو كان منها ، للرواية ، ويمكن التصدق به مطلقا ، للرواية أيضا ، ولعل

__________________

(١) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٥ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ١٠ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٧ عن عبد الرحمن بن الحجاج ، سئل عن ابى عبد الله عليه السّلام ، عن فرخين مسرولين ذبحهما (الى ان قال ع) تصدق بثمنهما ، فقال : فكم ثمنهما؟ فقال : درهم خير من ثمنها ، وقد تقدم نقلها.

٣٨١

ولكلّ [في كل] من القطا والحجل (١) والدّرّاج حمل فطيم.

وفي كل من القنفذ والضّبّ واليربوع جدي (٢).

وفي كل من العصفور والقبّرة والصعوة مدّ من طعام.

______________________________________________________

الأوّل أحوط واولى.

الّا أنّ الظاهر أنّه ان كان مملوكا تكون القيمة لمالكه زائدا على الكفارة قاله في الدروس ، فافهم.

وأنّه ما ظهر لجميع ما ذكر في المتن وكلام الأصحاب دليل ، الّا ان يدعى الإجماع ، فتأمل.

قوله : «وفي كل من القطا إلخ». قد مر ما يصلح دليلا له فتأمل.

قوله : «وفي كل من القنفذ والضبّ واليربوع جدي». دليله قول الأصحاب مع عدم ظهور الخلاف.

مستندا إلى رواية مسمع عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : في اليربوع والقنفذ والضبّ إذا أصابه المحرم فعليه جدي والجدي خير منه ، وانما جعل هذا لكي ينكل عن قتل غيره من الصيد (٣).

فلا يضر عدم التصريح بتوثيق مسمع ، مع ظهور مدحه ، ولو وجد الخلاف لكان القول بالاستحباب غير بعيد وليس ببعيد لما تقدم من القول بعدم التحريم الّا المحلل ، فتأمل.

قوله : «وفي كل من العصفور إلخ» دليله مرسلة صفوان بن يحيى (مع قبول إرساله) عن بعض أصحابنا عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : القبّرة و

__________________

(١) الحجل ، القبج.

(٢) الجدي ، بفتح الجيم وسكون الدال ولد المعز في السنة الأول.

(٣) الوسائل الباب ٦ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

٣٨٢

وقتل الزنبور عمدا ، لا خطأ ، وفي كثير الجراد شاة.

وفي قتل الجرادة كفّ من طعام.

وكذا القمّلة يلقيها عن جسده ،

______________________________________________________

الصعوة والعصفور يقتلها (يقتلهم خ ل) المحرم فعليه مدّ من طعام لكل واحد منهم (١).

ولا يبعد ذلك في كل ما يشابهه ، كما قاله في التهذيب.

والظاهر عدم شي‌ء في الحرم من غير إحرام ، فذلك للإحرام مطلقا.

وفي قتل العظاية كف من طعام ، لصحيحة معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : محرم قتل عظاية قال : كف من طعام (٢).

وكذا في قتل الزنبور لصحيحة يحيى الأزرق قال : سألت أبا عبد الله وأبا الحسن (موسى خ) عليهما السّلام عن محرم قتل زنبورا؟ قال : ان كان خطأ فليس عليه شي‌ء قال : قلت فالعمد؟ قال : يطعم شيئا من طعام (٣).

فكأنّ اقله كف على ما قيل.

وصحيحة معاوية بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عليه الصلاة والسّلام عن محرم قتل زنبورا؟ فقال : ان كان خطأ فلا شي‌ء عليه قلت : بل تعمدا (تعمد خ ل) قال : يطعم شيئا من الطعام ، فتأمل (٤).

واما الكف في الجرادة واثنتين ، فقد مر دليله ، ودليل وجوب الشاة في الكثير ، والتأمل في ذلك ، وكذلك البحث عن تحريم إلقاء القمّلة وقتلها الموجبين للكفارة فتذكر ، وكذا عدم شي‌ء لو تعذر التحرز من الجراد.

__________________

(١) الوسائل الباب ٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

(٣) الوسائل الباب ٨ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

(٤) الوسائل الباب ٨ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

٣٨٣

ولو عجز عن التحرّز فلا شي‌ء.

وكلّ ما لا تقدير لفديته ففي قتله قيمته ، وكذا البيوض.

والأفضل ان يفدى المعيب بصحيح.

______________________________________________________

ويدل على عدم شي‌ء مع عدم إمكان التحرز زيادة على ما تقدم مضمرة أبي بصير قال : سألته عن الجراد يدخل متاع القوم فيدوسونه من غير تعمد لقتله أو يمرون به في الطريق فيطأونه؟ قال : ان وجدت معدلا فاعدل عنه فان قتلته غير متعمد فلا بأس (١).

وفي حسنة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام ، أنّه قال : اعلم ان ما وطئت من الدّبا (٢). أو وطأته بعيرك فعليك فدائه (٣)

قوله : «وكل ما لا تقدير إلخ» لعل دليل وجوب القيمة ـ في كل ما لا تقدير له من الصيد وبيضه ـ هو الإجماع وثبوت التحريم والضمان من غير تقدير شرعا فيرجع الى القيمة لعدم غيرها فيكون على المحرم في الحل وعلى المحل في الحرم قيمة واحدة وقيمتان على مجتمع الوصفين.

الّا أنّ الظاهر وجوب دم شاة في كل طير وفي فرخه حمل ، عدا النعامة ، كما نقل القول به عن. ابن بابويه وفي المنتهى ، لصحيحة ابن سنان المتقدمة فتأمل.

قوله : «والأفضل ان يفدى إلخ» لعل دليل أفضلية مفادات الصيد المعيب بالصحيح هو حصول النفع للفقراء أكثر وانه اختيار الأعلى لله ، ولا يبعد كونه إجماعيا لما يجد العقل من حسنه.

__________________

(١) الوسائل الباب ٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

(٢) الدّبا ـ الجراد قبل ان يطير ، الواحدة دبائة.

(٣) الوسائل الباب ٥٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

٣٨٤

والمماثل في الأنوثة والذكورة ، ويجوز بغيره.

ويفدى الماخض بمثله ، فان تعذر قوّم الجزاء ماخضا.

ولا ضمان لو شك في كونه صيدا.

ويقوم الجزاء وقت الإخراج ، وما لا تقدير لفديته وقت الإتلاف.

______________________________________________________

ودليل أفضلية المماثلة في الذكورة والأنوثة مراعاة ظاهر لفظ الآية (١) والحديث (٢) مع عدم الوجوب بالأصل وصدق المماثلة بدونه ، وظهورها في الوضع والجثّة في الجملة ، وعدم ظهور الإرادة من وجه الأنوثة والذكورة أيضا وهو دليل قوله : (ويجوز بغيره).

قوله : «ويفدى الماخض بمثله إلخ». دليل وجوب افداء الحامل بمثله ظاهرهما (٣) وما يجده العقل من انه بمنزلة قتل اثنين ، فينبغي كون كفارته كذلك فيلزم تقويم الكفارة حاملا على تقدير وجوب القيمة بتعذر المثل.

قوله : «ولا ضمان لو شك إلخ». دليل عدم وجوب ضمان ـ بفعل ما يوجب الضمان بحيوان لم يعلم كونه صيدا محرّما على المحرم أو في الحرم ـ هو الأصل وعدم الموجب فان الموجب هو الفعل بالصيد الممنوع منه ، وذلك غير ظاهر ، والأصل عدمه وبراءة الذمة ، فتأمل.

قوله : «ويقوم الجزاء إلخ» دليل تقويم الحيوان الذي هو كفارة الصيد ـ على تقدير العجز عنه وقت الإخراج لا وقت الجناية ولا وقت العجز ـ هو ان هذا الوقت هو وقت تعيين قيمته ، لان قتله انما تجب (٤) عين الفداء ، لدليله ، ولعله يوجد إلى

__________________

(١) إشارة إلى قوله تعالى (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) (المائدة ٩٥).

(٢) راجع الوسائل الباب ١ من أبواب كفارات الصيد.

(٣) اى الآية والاخبار.

(٤) هكذا في جميع النسخ ، والصواب يوجب.

٣٨٥

ويجوز صيد البحر وهو ما يبيض ويفرخ فيه ، وأكله.

______________________________________________________

حين الإخراج فحين الإخراج تجب القيمة.

ولو وجد الفداء قبله (ولو في زمان وجوب إخراج القيمة) تعيّن ، لأنه الأصل بخلاف تقويم الصيد الذي لا تقدير كفارته من الحيوان ، فان التقويم حينئذ وقت الإتلاف ، لأنّه وقت الضمان وتعلق وجوب شي‌ء وان كان زمان الإخراج بعده ، وهو وقت وصول مكة أو منى ، وهو ظاهر.

وقيل مثله في وجوب القيمة حين التسليم والإقباض على ضمان المثلي على تقدير تعذره ، ووجوب القيمة حين الإتلاف والضمان على ضمان القيمي ، إلّا في الغاصب كما سيجي‌ء تحقيقه ان شاء الله تعالى.

قوله : «ويجوز صيد البحر إلخ». دليل جواز تصرف المحرم في صيد البحر مطلقا هو الأصل والآية (١) والأخبار وقد تقدمت.

ولعل التفسير بما ذكر (٢) هو الإجماع ويدل عليه بعض الاخبار.

روى في الكافي عن حريز عمن أخبره عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا بأس بأن يصيد المحرم السّمك ويأكل مالحه وطريه ويتزوّد ، قال الله «أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ» قال : مالحه الذي تأكلون ، وفصل بينهما (٣) كل طير يكون في الآجام يبيض في البر ويفرخ في البر فهو من صيد البر وما كان من صيد البر يكون في البر ويبيض في البحر (ويفرخ في البحر يب) فهو من صيد البحر (٤).

ولا يضر إرساله مع أنه مسند في التهذيب الى ابى عبد الله عليه السّلام ، وان

__________________

(١) قال الله تعالى «أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيّارَةِ) (المائدة ٩٦).

(٢) أي بما ذكره المصنف في المنتهى.

(٣) يعنى فصل ما بين البرّ والبحر.

(٤) الوسائل الباب ٦ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣.

٣٨٦

والدّجاج الحبشي (١).

______________________________________________________

كان فيه عبد الرحمن المشترك (٢) وفي حسنة معاوية بن عمار وهي صحيحة في التهذيب عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : كل شي‌ء يكون أصله من (في خ ل) البحر ويكون في البر والبحر فلا ينبغي للمحرم ان يقتله فان قتله فعليه الجزاء كما قال الله عز وجل (٣).

ولعل الجزاء من هذا القبيل ، ويدل عليه بعض الاخبار ، ونقله بعد هذه الرواية.

والظاهر ان المراد بقوله : (فلا ينبغي) هو التحريم كما يشعر به قوله عليه السّلام : (فان قتله إلخ).

والروايات الدالة على وجوب الكفارة في الجراد وغيرها ما روى في الكافي عن الطيار عن أحدهما عليهما السّلام قال : لا يأكل المحرم طير الماء (٤).

والظاهر أنّه لكونه في البرّ.

قوله : «والدجاج الحبشي» دليل جواز أكله الأصل ، وعدم العلم بكونه صيد البرّ والإجماع.

قال في المنتهى : الدجاج الأهلي يجوز للمحرم والمحل ذبحه في الحرم وغيره ، بلا خلاف الى قوله : وأمّا الدجاج الحبشي فعندنا أنه كالاهلى يجوز ذبحه للمحرم والمحل ، قاله علمائنا.

وأيّده بصحيحة معاوية بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الدّجاج الحبشي فقال ليس من الصيد انما الصيد ما طار بين السّماء والأرض قال :

__________________

(١) الحبشي قال في الجواهر : قيل انه طائر أغبر اللون في قدر الدجاج الأهلي ، أصله من البحر.

(٢) والسند (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن عبد الرحمن عن حماد عن حريز.

(٣) الوسائل الباب ٦ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٤) الوسائل الباب ٦ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٤.

٣٨٧

والنعم إذا توحشت.

______________________________________________________

وقال أبو عبد الله عليه السّلام : ما كان من الطير لا يصف فلك (فله خ ل) ان تخرجه من الحرم وما صف منها فليس له ان يخرجه (١).

لعل مراده ب (انّما الصيد) حصر الصيد المحرم من الطيور فيما يمتنع بالطيران بين السماء والأرض.

والظاهر أنّه يريد بقوله : (ما كان من الطير لا يصف) انّه لا يقدر على الطيران بنفسه فافهم.

ويؤيّده صحيحة جميل بن دراج ومحمد بن مسلم قالا سئل أبو عبد الله عليه السّلام عن الدجاج السندي يخرج به من الحرم؟ فقال : نعم لأنّها لا تستقل بالطيران (٢).

قوله : «والنعم إذا توحشت» دليل ـ جواز أكل النعم وذبحه في الحلّ والحرم للمحل والمحرم وان توحش وصار ممتنعا لا يقدر عليه ـ هو الأصل وعدم دليل مخرج (محرّم خ ل) وأدلة جوازهما والإجماع.

قال في المنتهى : وهو قول علماء الأمصار.

واستدل أيضا بالأخبار مثل رواية حريز عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : المحرم يذبح ما حل للحلال في الحرم ان يذبحه وهو في الحل والحرم جميعا (٣).

وصحيحة أبي بصير عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : يذبح في الحرم الإبل والبقر والغنم والدّجاج (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ٤١ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٤٠ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

(٣) الوسائل الباب ٨٢ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٤) الوسائل الباب ٨٢ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

٣٨٨

ولا كفارة في السّباع.

ولا المتولد بين وحشيّ وانسىّ ، أو بين المحرّم والمحلل إذا لم يصدق الاسم.

______________________________________________________

قوله : «ولا كفارة في (قتل خ) السباع :» قال في المنتهى : لا كفارة في قتل السباع طائرة كانت أو ماشية كالبازي والصقر والشاهين والعقاب ونحوها والنمر والفهد ونحوهما إلّا الأسد ، فإن أصحابنا رووا في قتله كبشا إذا لم يرده ، واما إذا أراده فإنه يجوز قتله ولا كفارة حينئذ إجماعا ، وقد اجمع كل من يحفظ عنه العلم على ان الأسد إذا بدا للمحرم فقتله لا شي‌ء عليه.

فلعل دليل المسألة الأصل والإجماع إلّا في الأسد ، وفيه الأصل ، وعدم دليل الوجوب.

قال في المنتهى بعد نقل ـ رواية أبي سعيد المكاري قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام رجل قتل أسدا في الحرم ، فقال : كبش يذبحه (١).

وعندي في هذه الرواية توقف ، والاولى السقوط.

لعل المراد بالتوقف فيها عدم العمل بها لعدم الصحة وأصل براءة الذمة من الكفارة ، وان قلنا بتحريم القتل ، وقد مر البحث فيه فتذكر.

قوله : «ولا المتولد إلخ». دليل عدم جواز القتل ـ ووجوب الكفارة في الحيوان المتولد من الحيوان الذي لا يجوز للمحرم قتله وفي الحرم ومن الذي يجوز ذلك ، ان صدق اسم الأوّل والعدم ان صدق اسم الثاني ـ هو صدق الاسم فيجري دليل كل واحد فيه ، وان لم يصدق اسمهما ، فدليل عدم الكفارة وجواز القتل هو الأصل وعدم جريان دليل التحريم ولعلهما (٢) مقصود الشيخ بإطلاق عدم الشي‌ء

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٩ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٢) أي عدم الكفارة وجواز القتل.

٣٨٩

ويجوز قتل الأفعى والفارة والعقرب والبرغوث.

ورمى الحدأة (١) والغراب.

______________________________________________________

المنقول عنه في المنتهى.

ولعله يريد بما بين الوحشي والأهلي ، المحللان (المحللين ظ) في الأصل ، وبالمحرم والمحلل المحرم والمحلل في الأصل مثل الخنزير والشاة ، وكان يمكن الاختصار على الثاني ، وإدراج الأوّل فيه ، فتأمل.

قوله : «ويجوز قتل الأفعى إلخ». لعل دليله رواية معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : ثم اتق قتل الدواب كلّها إلّا الأفعى والعقرب والفأرة فأمّا الفأرة فإنها توهي السقاء (٢) وتضرم على أهل البيت واما العقرب فان رسول الله صلّى الله عليه وآله مدّ يده إلى الحجر فلسعته قال : لعنك الله لا برا تدعينه ولا فاجرا والحية وإذا أرادتك فاقتلها وان لم تردك فلا تردها والأسود الغدر فاقتله على كل حال وارم الغراب والحدأة رميا على ظهر بعيرك (٣).

هذه تدل على عدم قتل الحيّة على تقدير عدم الإرادة ويمكن حملها على الكراهة.

ورواية حسين بن ابى العلاء عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : قال لي : يقتل المحرم الأسود الغدر والأفعى والعقرب والفأرة فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله سماها الفاسقة والفويسقة ويقذف الغراب ، وقال : اقتل كل شي‌ء (كل واحد خ ل) ومنهنّ يريدك (٤)

فظاهرهما جواز رمى الحدأة والغراب بغير قصد القتل ويمكن تحريمه لأوّل الاولى ، ولا شك انه أحوط وان أمكن فهم استثناء قتلهما منه لجواز الرمي فإنه قد

__________________

(١) الحدأة بكسر الحاء وفتح الدال مع الهمز المحرك نحو عنبة طائر من الجوارح.

(٢) وفيه الفأرة توهي السقاء اى تخرقه (مجمع البحرين).

(٣) الوسائل الباب ٨١ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٤) الوسائل الباب ٨١ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٥.

٣٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

يفضي إليه فتأمل.

والظاهر أيضا جواز رميهما من ظهر البعير فلو كان داخلين في الصيد المحرم يجب الاختصار عليه ، وان كان ظاهر الثانية في الغراب أعم ، لعدم صحتها وإمكان تقييدها بالأولى.

والظاهر عدم التقييد بالمحرم كما قيل انه مخصوص بالمحرم الذي هو من الخمس الفواسق (١) للعموم بل ليس تحريم قتل ذلك المحرم (للمحرم ظ) بمعلوم حتى يحتاج الى استثناء الرمي عن ظهر البعير فقط كما فعله القائل فتأمل.

وامّا البرغوث فما نعلم دليلا على جواز قتله سوى الأصل ، ولكن (اتق) في أوّل الاولى (٢) يدل على التحريم ، فافهم.

وقال في التهذيب : لا بأس بقتل البق والبرغوث والنمل في الحرم ، إذا كان الإنسان محلا.

ويدل على جواز القتل صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا بأس بقتل النمل والبق في الحرم ولا بأس بقتل القملة في الحرم (٣).

ولا يجوز له إذا كان محرما ، وقد بينا أنّه إذا كان محرما لزمته الكفارة (٤).

ولا يبعد كونها كفا من طعام ، ولا جواز قتلها على تقدير الأذى وعدم

__________________

(١) العقرب والغراب والحدأة والكلب العقور والأفعى من خطه ره (كذا في هامش بعض النسخ الخطيّة).

(٢) أي قوله عليه السّلام في أوّل رواية معاوية : اتق قتل الدواب.

(٣) الوسائل الباب ٨٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٤) إلى هنا كلام التهذيب مع تقديم وتأخير.

٣٩١

وإخراج القماري والدّباسى (١) من مكة لا قتلهما وأكلهما.

______________________________________________________

الكفارة لما تقدم ، فتأمل.

وقد مر في المتن تحريم قتل الدواب فيكون البرغوث مستثنى مطلقا ، أو مع حصول الأذى منه ، أو يريد جواز قتله في الحرم للمحل ، وهو بعيد.

قوله : «وإخراج القماري والدباسي» (٢). أي يجوز إخراجهما من حرم مكة للمحل ولا يجوز قتلهما فيه ولا أكلهما مطلقا إذا ذبحا فيه نعم يجوز أكلهما فيه للمحل إذا ذبحه في الحل كسائر أنواع الصيد.

امّا دليل عدم جواز قتلهما وأكلهما ، فهو العمومات الدالة على التحريم مطلقا (٣) من غير مناف.

ويؤيده رواية سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عما في القمري والدبسي والسمان والعصفور والبلبل قال : قيمته فإن اصابه وهو محرم (المحرم خ ل) في الحرم فعليه قيمتان ليس عليه دم (٤).

وفيها أيضا دلالة على الجمع في الحرم ولا يضر ضعف السند ، لأنّها مؤيّدة.

وامّا جواز إخراجهما فهو موجود في كلامهم ره قال في الدروس : فيجوز على كراهة شرائهما وإخراجهما للمحل والمحرم على الأقوى ، مع وجود ما يدل على منع إخراج الطير مطلقا ، وأنّه يجب إطلاق ما دخل الحرم وان كان أهليا ، وان كان مقصوص الريش يصبر حتى يطيب فيخلّى سبيله ، وان أراد الخروج يخليه عند من بمكة حتى يستوي ويخلّيه.

__________________

(١) الدّباسى ، جمع ادبس من الطير الذي لونه بين السواد والحمرة.

(٢) الدّباسى قيل هو الحمام الأحمر ، من خطه ره.

(٣) من الآيات والروايات الدالة على تحريم الصيد فراجع.

(٤) الوسائل الباب ٤٤ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٧.

٣٩٢

ولو أكل مقتوله فدى القتيل وضمن قيمة ما أكل.

______________________________________________________

وما رأيت له مستندا إلّا رواية العيص بن القاسم (صرح بصحتها في المنتهى) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن شراء القماري يخرج من مكة والمدينة؟ فقال : ما أحب ان يخرج منها (منهما يب) شي‌ء (١).

لعلهم فهموا منها الجواز على كراهية وليست بصريحة إذ كثيرا ما يقال : ما أحبّ ، وأريد به التحريم.

على أنّ في سندها عبد الرحمن المشترك (٢) وأنها مخصوصة بالقماري. ولعله لا قائل بالفرق ، والقول بالجواز لا يخلو عن اشكال.

مع وجود أخبار صحيحة صريحة في عدم جواز الإخراج ووجوب الرد ، لو أخرجه والكفارة لو تلف.

مثل صحيحة على بن جعفر عليه السّلام قال سألت أخي موسى عليه الصلاة والسّلام عن رجل أخرج حمامة من حمام الحرم إلى الكوفة أو غيرها قال : عليه ان يردها ، فان ماتت فعليه ثمنها يتصدق به (٣).

قوله : «ولو أكل مقتوله إلخ» أي لو قتل المحرم في الحل صيدا محرّما وأكل منه يجب الفداء أي كفارة ذلك أي شي‌ء كان للقتل وقيمة مقدار ما أكل منه.

كأنّ دليله انّ قتل الصيد حرام وله موجب فيلزم به وكذا اكله حرام ، ومتلف لبعض الصيد فيكون ضامنا للمتلف ، والأصل عدم التداخل ، وعدم ثبوت أمر زائد على الجناية.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

(٢) وسندها (على ما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن عبد الرحمن عن صفوان بن يحيى عن عيص بن القاسم.

(٣) الوسائل الباب ١٤ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

٣٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ويحتمل تضاعف الفداء كما اختاره البعض لانه قد ثبت ان قتل الصيد موجب للفداء وكذا أكله موجب لذلك والأصل عدم التداخل.

ويؤيده صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهم السّلام عن قوم اشتروا ظبيا فأكلوا منه جميعا وهم حرم ما عليهم؟ قال : على كل من أكل منهم فداء صيد ، كل انسان منهم على حدته فداء صيد كاملا (١).

وصحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا اجتمع قوم على صيد وهم محرمون في صيده أو أكلوا منه فعلى كل واحد منهم قيمته (٢).

وكان لعدم صراحة الأخبار ـ بل ولا عمومها في وجوب الفداء في الأكل مع الوجوب بالتقييد والأصل ـ اختار المصنف هنا قيمة المتلف فقط ، فيحتمل عدم شي‌ء أصلا ، لعدم ثبوت ضمان مثله ، ولأنه قد ضمنه بالقتل فكأنّه صار ملكه مثل مال الغير ، فلا يضمن بالأكل منه مرة أخرى.

نعم لما كان أكل الصيد حراما حصل الإثم بذلك ، هذا مذهب بعض العامة الّا أنّه نقل إجماع علمائنا على وجوب التعدد في المنتهى قال : إذا ذبح الصيد ثم اكله ضمنه للقتل ووجب عليه ضمان آخر للأكل قاله علمائنا. وهو ظاهر في تعدد الفداء وقد عرفت عدم الإجماع على ذلك لاختياره قيمة ما أكل هنا وعدم دلالة الاخبار على وجوب التعدد حين الأكل والذبح معا ، وحال الإجماع أيضا فلا يبعد التداخل ، وعدم لزوم غير شي‌ء واحد ، كما هو ظاهر صحيحة على بن جعفر المذكورة.

ويؤيده ، صحيحة أبان بن تغلب : في المشتركين في ذبح الفرخ وأكله

__________________

(١) الوسائل الباب ١٨ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ١٨ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

٣٩٤

ولو لم يؤثر الرّمي فلا شي‌ء.

ولو جرحه ثم رآه سويّا فربع القيمة.

______________________________________________________

بدنة مكان أكلهم وذبحهم (١) وسيجي‌ء في شرح قوله : (ويضمن) إلخ.

قوله : «ولو لم يؤثر الرّمي فلا شي‌ء إلخ». يعني إذا رمى المحرم صيدا واصابه ، ولكن علم عدم تأثيره فيه ، فلا شي‌ء عليه من الكفارة لعدم ضمانه شيئا مع الأصل ، نعم يأثم بذلك ان كان عمدا عالما.

اما لو علم الجرح والكسر ثم رآه سويا من غير حصول كسر ونقص فيه ضمن ربع فداه ، ولو لم يعلم حاله من الكسر والقتل وغيرهما بعد العلم بالتأثير يضمن جميعه بما يقرر له.

دليل ذلك كلّه رواية أبي بصير عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن محرم رمى صيدا فأصاب يده ، فعرج؟ قال : ان كان الظبي مشى عليها ورعى وهو ينظر اليه فلا شي‌ء عليه وان كان الظبي ذهب على وجهه وهو رافعها فلا يدرى ما صنع فعليه فدائه لأنّه لا يدرى لعله قد هلك (٢).

ولا يخفى أنّ فيها دلالة على عدم شي‌ء ولو علم الجرح والتأثير أيضا إذا كان رآه من غير نقص وكسر ، ولا يضر الجهل ببعض رواتها لكونها مقبولة عندهم.

لعلّها محمولة على عدم الجرح والتأثير الكثير الموجب للشي‌ء الذي يدل عليه ما سيذكر أو على عدم الفداء التام أو الرّبع والأصل موجب لعدم شي‌ء أصلا إلّا فيما سيأتي.

وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهم السّلام قال : سألته عن رجل رمى صيدا وهو محرم فكسر يده أو رجله فمضى الصيد على وجهه فلم يدر

__________________

(١) الوسائل الباب ١٨ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٤.

(٢) الوسائل الباب ٢٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

٣٩٥

ولو جهل حاله فالجميع ، وكذا لو جهل التأثر.

______________________________________________________

الرّجل ما صنع الصيد؟ قال : عليه الفداء كاملا إذا لم يدر ما صنع الصيد (١).

وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهم السّلام قال : سألته عن رجل رمى صيدا فكسر يده أو رجله وتركه فرعى الصيد قال : عليه ربع الفداء (٢).

وصحيحة أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام رجل رمى ظبيا وهو محرم فكسر يده أو رجله فذهب الظبي على وجهه فلم يدر ما صنع فقال : عليه فدائه قلت : فإنه رآه بعد ذلك مشى قال : عليه ربع ثمنه (٣).

الظاهر انّ ضمير (ثمنه) راجع الى الفداء ويحتمل مراد الكتاب ب (ربع القيمة) ذلك لصراحة صحيحة علي بن جعفر في ذلك.

وهما صريحتان في وجوب الفداء في كسر الرّجل مع عدم العلم بحاله فإيجاب الفداء لمطلق التأثير مع الجهل بحاله محل التأمل ، وفي وجوب الرّبع في كسر الرّجل إذا رأى بعد ذلك يمشى فاختيار الأرش حينئذ كما قاله البعض محل التأمل.

نعم يمكن ذلك فيما دون ذلك ، مع احتمال عدم شي‌ء أصلا للأصل وعدم دليل واضح.

واما دليل وجوب الفداء وجميع القيمة مع الجهل بالتأثير فغير واضح والأصل عدم التأثير وعدم الوجوب بل لو لم يكن النص لكان القول بعدمه ـ على تقدير العلم بالتأثير وجهل حاله أيضا ـ جيّدا لذلك بل كان اللازم هو الأرش وهو ما يقتضيه الجناية المحققة ، إلّا مع العلم أو الظن الغالب بكون الجراحة مهلكة ، كما قاله بعض العامّة.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٢٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢ وروى ذيلها في الباب ٢٨ من تلك الأبواب الرواية ٢.

٣٩٦

وفي كسر قرني الغزال نصف قيمته ، وفي عينيه الجميع ، وكذا في يديه ورجليه.

______________________________________________________

قوله : «وفي كسر قرني الغزال إلخ». دليله رواية أبي بصير عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : قلت ما تقول في محرم كسر إحدى قرني الغزال (غزال خ ل) في الحل قال : عليه ربع قيمة الغزال قلت : فان كسر قرنيه قال : عليه نصف قيمته ، يتصدق به ، قلت : فان هو فقأ عينيه قال : عليه قيمته ، قلت : فان هو كسر احدى يديه قال : عليه نصف قيمته قال : قلت : فان هو كسر احدى رجليه قال : عليه نصف قيمته ، قلت : فان هو قتله؟ قال : عليه قيمته قال : قلت : فان هو فعل به وهو محرم في الحل ، قال : عليه دم يهريقه وعليه هذه القيمة (القيم ظ) إذا كان محرما في الحرم (١).

قال في المنتهى : وفي طريق هذه الرواية ، أبو جميلة وسماعة بن مهران وفيهما قول (٢) والأقرب الأرش.

قلت : قال في الخلاصة : المفضل بن صالح أبو جميلة ضعيف كذاب يضع الحديث وسماعة بن مهران ثقة ثقة كان واقفيا.

ففيهما (٣) أكثر من ان يقال (فيهما قول) على ان فيهما (٤) السندي عن الربيع (٥) عن يحيى المبارك.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

(٢) والسند (كما في التهذيب) هكذا : محمد بن الحسن الصفار عن السندي بن الربيع عن يحيى بن المبارك عن أبي جميلة عن سماعة بن مهران عن ابى بصير.

(٣) هذا اعتراض على العلامة قدس سره من قوله : (وفيهما قول).

(٤) هكذا في جميع النسخ ، والصواب فيها بدل فيهما.

(٥) هذا اعتراض على سند الرواية في التهذيب كما في النسخة التي عندنا منه أيضا (السندي عن الربيع) والصواب : سندي بن الربيع.

٣٩٧

ويضمن كل من المشتركين فداء كملا [كاملا].

______________________________________________________

وانّ إيجاب الربع في كسر القرن الواحد مستبعد لما مر من إيجابه في كسر اليد والرّجل.

وأيضا ينافي إيجاب النصف فيهما ما تقدم في الاخبار الصحيحة من إيجاب الفداء والرّبع.

وأيضا ينافي ما في صحيحة عبد الغفار الجازي (الثقة) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن المحرم إذا اضطر إلى ميتة فوجدها ووجد الصيد؟ فقال :يأكل الميتة ويترك الصيد وذكر انك إذا كنت حلالا وقتلت صيدا ما بين البريد والحرم فانّ عليك جزائه وان فقأت عينه أو كسرت قرنه أو جرحته تصدقت بصدقة (١).

مع احتمال الاستحباب فتأمل في التأويل والجمع ، ووجوب الأرش أيضا غير ظاهر للأصل ، وعدم الدليل والتحريم ، وضمان الكل على تقدير الإتلاف لا يستلزم ذلك ، إذ قد لا يكون في الأبعاض شي‌ء مع وجوب ذلك في الكل.

الّا ان يقال : ان ذلك إجماعي ، قال في المنتهى : لو أتلف جزء من الصيد ضمنه ، وهو قول كل من يحفظ عنه العلم ، الّا داود وأهل الظاهر ، فإذا وجب الضمان ولا تقدير يجب الأرش ، فتأمل.

وكان ينبغي ان يقال في المتن : وفي إحدى عينيه النصف أيضا ، وكذا في كسر احدى يديه النصف وكذا في إحدى رجليه النصف لوجودها في الرواية.

قوله : «ويضمن كل من المشتركين فداء كملا». اى كلّه نقل عن الصحاح يقال : أعطه هذا المال كملا اى كلّه.

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١١ وذكر ذيل الرواية في الباب ٣٢ من هذا الأبواب الرواية ٢.

٣٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وقد مر دليله وهو الصحيح من الاخبار.

مع أنّه يدل على الفداء الواحد ظاهر صحيحة أبان بن تغلب قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن قوم حجاج محرمين أصابوا فراخ نعام فذبحوها ، وأكلوها؟ فقال : عليهم مكان كل فرخ أصابوه واكلوه ، بدنة يشتركون فيهن فيشترون على عدد الفراخ وعدد الرّجال قلت : فان منهم من لا يقدر على شي‌ء قال : يقوّم بحساب ما يصيبه من البدن ويصوم لكل بدنة ثمانية عشر يوما (١).

ويمكن حملها على الاشتراك في أصل الكفارة مع التعدد بحسب عددهم ويؤيّده قوله : (وعدد الرجال) وقوله : (بحساب ما يصيبه من البدن).

وهذه تدل على كون البدنة في الفرخ أيضا ويمكن كونه مستحبا واحد افراد الواجب.

وتدل على الانتقال الى الصوم المذكور بعد العجز عن كل شي‌ء وفيه تأمل.

وتدل أيضا على أنه يكفى الواحدة للأكل والذبح فتأمل.

وأنّ مقتضى الدليل والأصل تخصيص ذلك بالمحرمين فلو اشترك المحلون في الصيد في الحرم فلا يكون الّا فداء واحدا على الكل.

قال في المنتهى : ولو اشترك المحلون في قتل صيد في الحرم قال الشيخ ره : لزم كل واحد منهم القيمة فإن قلنا يلزمهم جزاء واحد كان قويّا لأنّ الأصل برأيه الذمة ، ولو اشترك محلّون ومحرمون في قتل صيد في الحل لزم المحرمين الجزاء ، ولا يلزم المحلين شي‌ء ، وان اشتركوا في الحرم لزم المحرمين الجزاء والقيمة والمحلين قيمة واحدة.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٨ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٤.

٣٩٩

وشارب لبن الظبية دما وقيمة اللبن.

______________________________________________________

وقال أيضا : لو اشترك الحلال والحرام في قتل صيد حرمي وجب على المحل القيمة كملا وعلى المحرم الجزاء والقيمة معا.

وقال الشيخ في التهذيب : على المحرم الفداء كملا ، وعلى المحل نصف الفداء لما رواه إسماعيل بن ابى زياد عن ابى عبد الله عليه السّلام عن أبيه قال : كان علي عليه السّلام يقول في محرم ومحل قتلا صيدا فقال : على المحرم الفداء كاملا وعلى المحل نصف الفداء (١).

هذه غير صحيحة ، وفي متنها أيضا شي‌ء ، ومخالف لما ثبت عندهم من اجتماع الأمرين على المحرم في الحرم إذا كان القتل في الحرم وان كان في الحل فلا يكون على المحل شي‌ء الّا ان يفرض أنه حرمي وفي قتل الحرمي في الحل مثله في الحرم ، فتأمل.

قوله : «وشارب لبن الظبية إلخ» الظاهر انّ مراده وجوب الدم والقيمة على شارب لبن الظبية إذا كان محرما في الحرم لانّه مقتضى الدليل.

وهو رواية يزيد بن عبد الملك عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل مرّ وهو محرم في الحرم فأخذ عنز (عنق كا) ظبية فاحتلبها وشرب من لبنها قال : عليه دم وجزائه في الحرم ثمن اللبن (٢).

وفيها اشعار بوجوب الدّم للإحرام فقط ، والقيمة للمحرم فقط ، فافهم ، ويحتمل عدم وجوب شي‌ء أصلا لهما والقيمة لهما مطلقا.

واعلم ان الرواية ضعيفة بجهل يزيد بن عبد الملك وصالح بن عقبة فإنه

__________________

(١) الوسائل الباب ٢١ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١ وتتمة الرواية : وهو انّما يجب على المحل ان كان صيده في الحرم فامّا إذا كان صيده في الحل ، فليس عليه شي‌ء ثم اعلم ان كلام المنتهى الى قوله : وعلى المحل نصف الفداء.

(٢) الوسائل الباب ٤٥ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١ والباب ٤٤ من تلك الأبواب الرواية ٦.

٤٠٠