مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٤٨

وتظليل الرّجل الصحيح سائرا.

______________________________________________________

يجوز للمرأة لبس المخيط إجماعا ولا نعلم فيه خلافا ، الّا قولا شاذّا للشيخ ، لا اعتداد به ويجوز لها ان تلبس الغلالة إذا كانت حائضا إجماعا لتقى ثيابها من الدّم.

روى ابن بابويه (في الصحيح) عن عبد الله بن مسكان عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : تلبس المحرمة الحائض تحت ثيابها غلالة (١).

وقال أيضا القفّازان في الأصل شي‌ء يتخذه النساء لليدين يحتشى بقطن ويكون له أزرار على الساعدين من البرد تلبسه المرأة.

قوله : «وتظليل الرجل إلخ» السابع عشر من المحرمات تظليل الرجل الصحيح الغير المتضرر بتركه حال سيره فوق رأسه فلا تحريم على النساء ولا على المتضرر عليلا كان أو صحيحا ، ولا حال النزول مطلقا ، ولا على الماشي تحت الظل في الطريق ولا على من نصب ثوبا يستظل به فيه بشرط عدم كونه فوق رأسه ، وان نقل في الدروس عن الخلاف الإجماع على الجواز وان كان فوقه.

ويفهم الإجماع على ذلك من المنتهى قال : لا يجوز للمحرم ان يظلل على نفسه سائرا فيحرم عليه الاستظلال في المحل وما في معناه كالهودج والكنيسة (٢) والعماريّة وأشباه ذلك ذهب إليه علمائنا اجمع.

وقال أيضا : وإذا نزل جاز ان يستظل بالسقف والحائط والشجر والخباء والخيمة وان نزل تحت شجرة ويطرح عليها ثوبا يستر به ، وان يمشى تحت الظلال وان يستظل بثوب ينصبه إذا كان سائرا ونازلا ، ولكن لا يجعله فوق رأسه سائرا

__________________

(١) غلالة الحائض بالكسر ثوب رقيق يلبس على الجسد تحت الثياب تتقي به الحائض عن التلويث (مجمع البحرين) والرواية رواها في الوسائل في الباب ٥٢ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١ والراوي هو عبد الله بن سنان على ما في التهذيب والوسائل.

(٣) الكنيسة هي شي‌ء يغرز في المحمل أو الرحل ويلقى عليه ثوب يستظل به الراكب ويستتر به والجمع كنائس (مجمع البحرين).

٣٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

خاصة لضرورة وغير ضرورة ، عند جميع أهل العلم.

ويدل عليها الاخبار في الجملة مثل رواية جعفر بن المثنى الخطيب عن محمد بن الفضيل وبشر (بشير خ ل) بن إسماعيل قال : قال لي محمد (كأنه ابن الفضيل) : ألا أبشرك (أسرّك خ ل) يا ابن المثنى (مثنى خ ل) فقلت : بلى فقمت اليه وقال : دخل هذا الفاسق آنفا ، فجلس قبالة أبي الحسن الكاظم عليه السّلام ثم اقبل عليه فقال له : يا أبا الحسن ما تقول في المحرم أيستظل (يستظل خ ل) على (في يب) المحمل؟ فقال له : لا قال : فيستظل في الخباء فقال له : نعم فأعاد عليه القول شبه المستهزئ يضحك ، فقال : يا أبا الحسن فما فرق بين (هذين يب) هذا وهذا؟ قال : يا أبا يوسف ان الدين ليس بقياس كقياسكم أنتم تلعبون بالدين انما صنعنا كما صنع رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وقلنا كما قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله يركب راحلته فلا يستظل عليها وتؤذيه الشمس فيستر (بعض يب) جسده بعضه ببعض وربما ستر وجهه بيده وإذا نزل استظل بالخباء (في الخباء ئل) وفي‌ء البيت وفي‌ء الجدار (بالجدار خ ل) (١).

وهذه تدل على جواز الستر باليد سائرا ويدل عليه خبر في الكافي ، وسيجي‌ء ان شاء الله تعالى.

وصحيحة عبد الله بن المغيرة (الثقة) قال : قلت لأبي الحسن الأوّل عليه السّلام : أظلل وانا محرم؟ قال : لا ، قلت : أفأظلل وأكفر؟ قال : لا ، قلت : فان مرضت؟ قال : ظلل ، وكفر ثم قال : اما علمت ان رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : ما من حاج يضحى ملبيا حتى تغيب الشمس الّا غابت ذنوبه معها (٢).

__________________

(١) الوسائل الباب ٦٦ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٦٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣.

٣٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وحسنته أيضا قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الظلال للمحرم؟ فقال : اضح لمن أحرمت له قلت : انى محرور وانّ الحر يشتد علىّ فقال : أما علمت ان الشمس تغرب بذنوب المحرمين (١).

وصحيحة جميل بن دراج عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا بأس بالظلال للنساء وقد رخص فيه للرجال (٢).

قال الشيخ : ان قوله : ورخص فيه للرجال محمول على الضرورة وإلزام الكفارة للأخبار الكثيرة الصحيحة (٣) في ذلك ويؤيّده لفظة الرخصة فإنها غالبا تستعمل في جواز الممنوع لضرورة كأكل الميتة ، قاله في المنتهى.

وصحيحة سعد بن سعد الأشعري عن ابى الحسن الرضا عليه السّلام قال : سألته عن المحرم يظلل على نفسه؟ فقال أمن علة؟ فقلت تؤذيه حر الشمس وهو محرم فقال : هي علة يظلل ويفدى (٤).

وصحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : كتبت الى الرضا عليه السّلام هل يجوز للمحرم ان يمشى تحت ظل المحمل؟ فكتب : نعم قال : وسأله رجل عن الظلال للمحرم من أذى مطر أو شمس ، وانا اسمع ، فأمره أن يفدى شاة ويذبحها بمنى (٥).

وصحيحة حريز عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا بأس بالقبة على النساء والصبيان وهم محرمون ولا يرتمس المحرم في الماء ولا الصائم (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ٦٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١١.

(٢) الوسائل الباب ٦٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١٠.

(٣) راجع الوسائل الباب ٦٤ من أبواب تروك الإحرام.

(٤) الوسائل الباب ٦ من أبواب بقية كفارات الإحرام الرواية ٤.

(٥) روى صدرها في الوسائل في الباب ٦٧ من أبواب بقية تروك الإحرام الرواية ١ وذيلها في الباب ٦ من تلك الأبواب الرواية ٦.

(٦) روى صدرها في الوسائل في الباب ٦٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١ وذيلها في الباب ٥٨ ـ من تلك الأبواب الرواية ٣.

٣٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذه تدل على تحريم تغطية الرأس مطلقا بالطريق الأولى.

وصحيحة هشام بن سالم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن المحرم يركب في الكنيسة؟ فقال : لا وهو للنساء جائز (١).

والظاهر عدم الفدية عليهن ، والتحريم على الرجال مطلقا وان افدوا ، الا مع العلة ، فيجوز ، ويجب الفداء ، ولو كانت من أذى الشمس بحيث يشق أو يتصدع ، لما تقدم في الروايات.

ولما في رواية عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرّجل المحرم كان إذا أصابته الشمس شق عليه وصدع فيستتر منها؟ فقال : هو اعلم بنفسه إذا علم أنّه لا يستطيع ان تصيبه الشمس فليستظل منها (٢) وغير ذلك من الاخبار.

وأنّه يكفى الواحد في العمرة كالحج لبعض الاخبار وان لم يكن صحيحا ، وللأصل ، ولصدق الامتثال لما تقدم.

وما يدل على اثنين في العمرة ليست بصريحة ولا صحيحة وحمله في المنتهى على الاستحباب.

وهو خبر على بن راشد قال : قلت له عليه السّلام : جعلت فداك انه يشتد على كشف الظلال في الإحرام لأنّي محرور يشتد علىّ حر الشمس فقال : ظلل وارق دما فقلت له دما أو دمين؟ فقال (قال خ ل) : للعمرة؟ قلت : انّا نحرم بالعمرة وندخل مكة فنحل ونحرم بالحج قال : فأرق دمين (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ٦٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٤.

(٢) الوسائل الباب ٦٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٦.

(٣) الوسائل الباب ٧ من أبواب بقيّة كفارات الإحرام الرواية ١ والصواب ابى علي بن راشد.

٣٢٤

ولو زامل عليلا أو امرأة اختصّا بالتظليل دونه.

______________________________________________________

وجه عدم الصحة (١) ظاهر وعدم الصراحة لاحتمال كون دمين لاحرامى العمرة والحج بل هو الظاهر حيث حكم أوّلا بدم وبدمين بعد ذكر إحرام العمرة والحج

وصحيحة إبراهيم بن ابى محمود (الثقة) كالصريح في عدم الاثنين مطلقا قال : قلت للرضا عليه السّلام : المحرم يظلل على محمله ويفدي إذا كانت الشمس والمطر يضران به؟ قال : نعم قلت : كم الفداء؟ قال : شاة (٢).

قوله : «ولو زامل إلخ». إشارة إلى انه لو زامل الممنوع غيره من النساء والمتضرر والصبيان اختص غير الممنوع به لوجوب العمل بالأخبار المتقدمة الدالة على عدم الجواز لغيرهم والمزاملة لا تستلزم الجواز وهو ظاهر.

ويؤيده ما رواه الشيخ عن بكر بن صالح قال : كتبت الى ابى جعفر الثاني عليه السّلام ان عمتي معي وهي زميلتي ويشتد عليها الحرّ إذا أحرمت أفترى أن أظلّل علىّ وعليها؟ فكتب : ظلل عليها وحدها (٣) ولا يضر عدم صحتها بضعف بكر.

وما يدل على جواز التظليل (التظلل خ) عليه وعلى غير الممنوع ـ وهو مرسل العباس بن معروف عن بعض أصحابنا عن الرضا عليه السّلام قال : سألته عن المحرم له زميل فاعتل فظلل على رأسه إله أن يستظل؟ فقال : نعم (٤).

فليس بصحيح وهو ظاهر ولا صريح لما قال في التهذيب : يحتمل ان يكون أراد ان هذا الذي اعتل فظل هل كان له ذلك أم لا فقال : نعم مع مخالفتها لما تقدم.

ويمكن حملها على عدم إمكان التظليل على العليل الّا بالتظليل على زاملة أيضا.

__________________

(١) لوجود ابى علي بن راشد في الرواية.

(٢) الوسائل الباب ٦ من أبواب بقية كفارات الإحرام الرواية ٥.

(٣) الوسائل الباب ٦٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ٦٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢ وفي الوسائل : عن ابى عبد الله عليه السّلام خ ئل.

٣٢٥

وتغطية الرّجل رأسه وان كان بالارتماس.

______________________________________________________

قوله : «وتغطية الرّجل رأسه إلخ». الثامن من عشر منها هو تحريم ستر الرأس على الرّجل دون المرأة.

لعل المراد بالرأس هنا هو الذي يحلق ، لانه المتبادر ، ولعدم ظهور دليل تحريم غيره والأصل العدم.

الّا أنّ رواية صفوان عن عبد الرحمن (كأنها صحيحة لأنه ابن الحجاج لنقل صفوان عنه كثيرا ونقله عن ابى الحسن الكاظم عليه السّلام والظاهر من إطلاق أبي الحسن هو عليه السّلام) قال : سألت أبا الحسن عن المحرم يجد البرد في أذنيه يغطيهما؟ قال : لا (١)

تدل على تحريم سترهما أيضا فيمكن إدخالهما أيضا فيه ، لعل الدليل هو الإجماع والاخبار.

قال في المنتهى : ويحرم على الرّجل حال الإحرام تغطية رأسه ، وهو قول علماء الأمصار ، لا نعلم فيه خلافا ، ثم استدل بالاخبار من طرق العامة (٢).

ومن طرق الخاصة مثل صحيحة حريز قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن محرم غطى رأسه ناسيا قال : يلقى القناع من رأسه ويلبّى ولا شي‌ء عليه (٣).

و (يلقى) ظاهر في الوجوب فافهم ، وان كان (يلبّى) للاستحباب.

وكذا صحيحة زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام الرّجل المحرم يريد ان ينام يغطى وجهه من الذباب قال : نعم ، ولا يخمر رأسه والمرأة المحرمة لا بأس ان تغطى وجهها كلّه (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٢) حرم الرجل في وجهه ورأسه وحرم المرأة في وجهها (كنز العمال ج ٥ ص ٣٥).

(٣) الوسائل الباب ٥٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣.

(٤) الوسائل الباب ٥٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٥.

٣٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

كذا في التهذيب وزاد فيها في الكافي بعد (كلّه) عند النوم.

والتخمير تغطية الرأس بالخمار.

وهذه تفيد تحريم تغطية الرأس بالمعنى الذي ذكرناه.

وكذا ما روى في الفقيه عن عبد الله بن ميمون ، عن ابى عبد الله عليه السّلام المحرمة لا تتنقب لأن إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرّجل في رأسه (١)

فالظاهر من الرأس هو ما يتعارف حلقه ، فلا يحرم غيره للأصل ، وعدم ظهور شمول الدليل له.

وأيضا ظاهر الدليل هو تحريمه بما يتعارف الستر به في الجملة ، فلا يحرم بالحناء والطين الّا ان يكثر لانّ العرف مقدّم على اللغة.

ويمكن ارادة المعنى اللغوي فيحرم بكل ما يستر في الجملة ويدل عليه العلة المفهومة من حصول مشقة مّا بالشمس ونحوها ويؤيده (واضح للشمس) (٢) وتحريم الظلال والارتماس في الماء ، ولهذا قال في المنتهى : لا فرق بين ان يغطى رأسه بالمعتاد كالعمامة والقلنسوة وغيرها بان يجعل على رأسه قرطاسا وكذا لو خضبه أو طيّنه بطين أو جعل عليه نورة أو دواء كل ذلك ستر له ، وهو ممنوع منه ويجب الفدية.

وأيضا الدليل ظاهر في تحريم جميع الرأس ، وامّا البعض فلا ، إذ الإجماع فيه غير ظاهر ، وكذا شمول الاخبار له ، والأصل العدم ، ويؤيّده عدم تحريم غمس بعض الرأس في الماء وصبّه عليه كما سيجي‌ء.

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢ وفيه عن جعفر الصادق عن أبيه عليهما السّلام.

(٢) لعلّه إشارة الى ما رواه عبد الله بن المغيرة عن ابى الحسن عليه السّلام وغيرها من الرّوايات من قوله : اضح لمن أحرمت له ، والمراد انّ (اضح) فيها انّما تطلق بالنسبة إلى الشمس وامّا التعبير ب (اضح للشمس) فلم نعثر عليه.

٣٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة محمد بن مسلم انه سأل أبا عبد الله عليه السّلام عن المحرم يضع عصام القربة على رأسه إذا استقى (استسقى خ ل) فقال : نعم (١) وترك التقييد بحال الضرورة يفيد المطلوب ، وكونه ضرورة دائما غير معلوم لجواز الاستقاء على غير الرأس ، كما هو المتعارف والمتداول خصوصا في العجم فإنّه لم يكن على الرأس إلّا نادرا.

ولا يدل على تحريم كل بعض صحيحة معاوية بن وهب عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا بأس بأن يعصب المحرم رأسه من الصّداع (٢).

لاحتمال ارادة كل الرأس ، ولأنه مفهوم ضعيف ، نعم هي تدل على جواز ستر الرأس مع الضرورة.

ويدل عليه أيضا نفى الحرج.

واستدل في المنتهى على جواز تعصيب الرأس بعصابة بها.

وبرواية يعقوب بن شعيب سأل أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل المحرم يكون به القرحة يربطها أو يعصبها بخرقة؟ قال : نعم (٣).

وبأنّه غير ساتر لجميع العضو فكان سائغا كستر النعل.

وقال فيه : يحرم تغطية بعض الرأس كما يحرم تغطيته ، لأن النهي عن إدخال شي‌ء في الوجود يستلزم النهي عن إدخال أبعاضه ، ولهذا لما حرم الله حلق الرأس تناول حلق بعضه أيضا.

ويمكن ان يقال ان النهي عن إدخال شي‌ء في الوجود هو النهي عن إيجاده

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٧ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٥٦ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٧٠ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

٣٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وجعله موجودا ، ولا شك في عدم وجوده وتحققه ، ما دام لم يوجد الكل فان الكل يعدم بعدم جزء مّا فلم يكن مرتكبا للنهى ما لم يوجد الكل ، وما فعل المنهي ولهذا لو أمر بإعدامه يحصل الامتثال بإعدام جزء منه على الظاهر.

نعم قد يكون المراد من النّهى عن إدخال الشي‌ء في الوجود ذلك ، لقرينة ، أو عرف ، أو لصدق اسم الكل عليه وليس ضابطا كليا ، ولهذا تحريم الارتماس والانغماس لم يستلزم تحريم رمس بعض الرأس فيه ولهذا يجوز للصائم ان يغطى بعض رأسه في الماء عند المانعين عنهما.

وكأنّه وجد ذلك (١) في الحلق ، على أنه لو لم يكن هناك أيضا دليل لأمكن منعه.

وبالجملة ان ذلك يمكن دعواه فيما نحن فيه بان يقال : بعض الرأس رأس ومعلوم ان من غطى بعض رأسه صدق عليه انه غطى رأسه ويمكن ان يقال له : لم غطّيت رأسك ويبعد السماع عنه انى ما غطيت رأسي بل غطيت بعضه فإنه يقال قد غطّيت ونحن نراه.

ولانّ الغالب في ستره بقاء بعضه في الجملة فلا يكاد يتحقق ستر الرأس لو لم يتحقق إلّا في الكل والقدر الذي لا يضر ليس بمعلوم ولا شك انه أحوط وان المراد المنع عنه بالمرة إذ يبعد تجويز التغطية بحيث يبقى جزء قليل جدا ويؤيّده العلة (واضح للشمس) ومفهوم الصحيحة المتقدمة.

وامّا ما يدل على تحريم الارتماس فهو ما تقدم في صحيح حريز ولا يرتمس المحرم ولا الصائم (٢).

__________________

(١) يعني وكانّ القرينة موجودة على ارادة البعض أيضا في الحلق.

(٢) الوسائل الباب ٥٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

٣٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ومثله في الصحيح عن يعقوب بن شعيب (الثقة) عن ابى عبد الله عليه السّلام (١) وما تقدم في صحيحة عبد الله بن سنان أيضا ولا يرتمس في ماء تدخل فيه رأسك (٢).

والظاهر انه يجوز صبّ الماء على الرأس وان لم يكن لغسل واجب يفهم من المنتهى الإجماع عليه وللأصل وعدم المنع.

ولصحيحة يعقوب بن شعيب (الثقة) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن المحرم يغتسل؟ فقال : نعم يفيض الماء على رأسه ولا يدلك (ولا يدلكه خ ل) (٣).

والظاهر انّ نفى الدلك للاستحباب لاحتمال ان يقع شعر أو يدمي ، ويحرم مع أحدهما.

ويدل على التخصيص بالجنابة صحيحة حريز عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا اغتسل المحرم من الجنابة صبّ على رأسه الماء يميز الشعر بأنامله بعضه عن بعض (٤).

وينبغي حمل ما ورد في الرواية ـ من جواز تغطية الرأس إذا أراد النوم (٥) بعد تسليم الصحة ـ على الضرورة كما حمل في التهذيب والظاهر أنّه يجوز كشف الوجه للرّجال فيجوز تغطيته من غير كفارة لما تقدم ، وللإجماع المنقول في المنتهى ، وقال الشيخ : تغطية الوجه جائز مع الاختيار غير أنّه يلزم الكفارة ، ومتى لم ينو الكفارة

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٤.

(٢) الوسائل الباب ٥٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٧٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ٧٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٥) لا حظ الوسائل الباب ٥٥ و ٥٦ من أبواب تروك الإحرام.

٣٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

لم يجز له ذلك.

واستدل عليه برواية زرارة (١) وعلى لزوم الكفارة بصحيحة الحلبي قال : المحرم إذا غطى وجهه فليطعم مسكينا في يده قال : ولا بأس ان ينام المحرم على وجهه على راحلته (٢).

وهو بعيد للرّوايات الكثيرة الصحيحة الدالة على الجواز (٣) مطلقا ويمكن حملها على الاستحباب كما ذكره في المنتهى ، وقال : مع أنّ الحلبي لم يسندها الى امام وان قال : ونحن في هذا من المتوقفين ، وهو أبعد مع نقل الإجماع في الجواز وهو مستلزم لعدم وجوب الكفارة ، فتأمل.

وكذا يجوز له ستر بعض بدنه ببعض من غير علّة لما تقدم من الخبرين (٤).

ولصحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا بأس ان يضع المحرم ذراعه على وجهه من حرّ الشمس وقال : لا بأس ان يستر بعض جسده ببعض (٥) وقال في المنتهى : الوجه الجواز ، وهو قول الجمهور إلخ.

الّا أنّه نقل عن ابن بابويه عن سعيد الأعرج انه سأل أبا عبد الله عليه السّلام عن المحرم يستتر (يستر خ ل) من الشمس بعود أو بيده؟ فقال : لا الّا من علّة (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٥.

(٢) الوسائل الباب ٥٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٤ وروى ذيلها في الباب ٦٠ من تلك الأبواب.

(٣) راجع الوسائل الباب ٥٩ ـ ٦١ وغيرهما من أبواب تروك الإحرام.

(٤) راجع الوسائل الباب ٦٧ من أبواب تروك الإحرام.

(٥) الوسائل الباب ٦٧ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣.

(٦) الوسائل الباب ٦٧ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٥.

٣٣١

وفرخ الصيد وبيضه والجراد كالصيد.

______________________________________________________

غير ان طريقه إليه (١) قويّ كما قيل في الخلاصة وكتاب ابن داود ويمكن حملها على ما تقدم فإنه قد سمى أذى الشمس في الرواية المتقدمة (٢) بأنّه علّة فتأمل واحتط.

وامّا المرأة فقال في المنتهى : لا يجوز لها تغطية الوجه وهو قول علماء الأمصار ولا نعلم فيه خلافا وسيجي‌ء تحقيقه.

قوله : «وفرخ الصيد إلخ». يعنى أنّها كالصيد في التحريم ، ووجوب أصل الكفارة لا في تعيينها.

ولعل دليل الكل الإجماع ، قال في المنتهى ، وكذا فرخه وبيضه ، وهو قول كل من يحفظ عنه العلم.

ويدل على تحريم الفرخ ما يدل على تحريم أبويه ، لصدق الاسم ، ويدل عليه وعلى البيض ما يدل على وجوب الكفارة فيهما ، وسيجي‌ء.

واما الجراد ، فقال في المنتهى : الجراد عندنا من صيد البر يحرم قتله ، ويضمنه المحرم في الحل والحرم والمحل في الحرم ذهب إليه علمائنا واستدل عليه بالروايات أيضا مثل صحيحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام أنه مرّ على أناس (ناس يب) (الناس قيه) يأكلون جرادا (وهم محرمون يب) فقال : سبحان الله وأنتم محرمون؟ فقالوا : انما هو من صيد البحر ، فقال لهم : فارمسوه (ارموه خ ل) في الماء اذن (٣).

__________________

(١) طريق الصدوق الى سعيد الأعرج كما في مشيخة الفقيه هكذا : وما كان فيه عن سعيد الأعرج فقد رويته عن أبي رضى الله عنه عن سعد بن عبد الله عن احمد بن محمد بن عيسى عن احمد بن محمد بن ابى نصر البزنطي عن عبد الكريم بن عمر والخثعمي عن سعيد بن عبد الله الأعرج الكوفي.

(٢) الوسائل الباب ٦ من أبواب بقية كفارات الإحرام الرواية ٤.

(٣) الوسائل الباب ٧ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١ وفي الكافي عن ابى جعفر عليه السّلام ، قال مرّ علي صلوات الله عليه على قوم إلخ.

٣٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذه دلت على أنّه من صيد البر كما هو المحسوس ، فيدل عليه جميع ما يدل على تحريمه ، ويدل على تفسير صيد البر والبحر في الجملة (١).

وتدل على تحريم قتله أيضا صحيحة معاوية بن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : ليس للمحرم أن يأكل جرادا ولا يقتله ، قال : قلت : ما تقول في رجل قتل جرادة وهو محرم؟ فقال : تمرة خير من جرادة ، وهي من البحر ، وكل شي‌ء أصله من البحر ويكون في البر والبحر ، فلا ينبغي للمحرم ان يقتله فان قتله متعمدا فعليه الفداء ، كما قال الله تعالى (٢) وهذه تدل على أنّ كفارة الجراد تمرة.

وكذا صحيحة زرارة عن ابى عبد الله عليه السّلام في محرم قتل جرادة قال : يطعم تمرة ، وتمرة خير من جرادة (٣).

ويدل على ان كفارة الكثير أيضا كف من طعام ـ أي في كل واحدة واحدة كف ، وفي الأكثر شاة ـ صحيحة محمد بن مسلم عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن محرم قتل جرادا كثيرا؟ قال : كف من طعام ، وان كان أكثر فعليه دم شاة (٤).

وعليه حمل في التهذيب رواية في دم شاة في إصابة جرادة وأكلها (٥) مع عدم صحة السند.

ويمكن تعيين الكثرة بأقل ما يصدق عليه أي الثلاثة ، والأكثر على اربع

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ١ ـ ٢ ـ ٦ وغيرها من أبواب تروك الإحرام.

(٢) الوسائل الباب ٣٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١ والآية الشريفة (في هذه الرواية) سورة المائدة ٩٥ ـ ٩٦.

(٣) الوسائل الباب ٣٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

(٤) الوسائل الباب ٣٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

(٥) الوسائل الباب ٣٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٥.

٣٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وما فوق ، وعلى العرفي ، فتأمل هذا.

وكلام الأكثر كما سيجي‌ء في المتن أيضا انّ في كثير الجراد دم شاة ، وقيل هو امّا الثلاثة فصاعدا ، وهو أولى ، لأنّه أقل مراتب الكثرة ، ويمكن الحوالة إلى العرف كسائر الأمور العرفيّة.

وهو خلاف صريح صحيحة محمد بن مسلم المذكورة في الكثيرة منها كف اى عن كل واحدة واحدة كف فيمكن تفسير الكثير الواقع في عبارات الأصحاب على ما يكون أكثر من الكثير الواقع في الرواية كما قلناه ولكن لا يمكن توجيه (قيل) مع ان في قوله (أقل) مناقشة نعم نقل هذا الرواية في الكافي بسند فيه سهل بن زياد عنه عليه السّلام في قتل جرادة كف من طعام وان كان كثيرا فعليه دم شاة (١) فيمكن كونها مبنى كلامهم و (قيل) الّا انّ ما في التهذيب هو الصحيح والجمع بحمل هذه على ما فيه أولى.

هذا كلّه مع إمكان التحرز والعمد وامّا مع العدم فلا للضرورة.

ولصحيحة حريز عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : على المحرم ان يتنكّب الجراد إذا كان على طريقه فان لم يجد بدا فقتله فلا بأس (٢).

وصحيحة معاوية قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : الجراد يكون على (في

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٦ وسندها على ما في الكافي هكذا : عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن احمد بن محمد بن ابى نصر عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام ، قال : سألته عن محرم قتل جرادة؟ قال كف من طعام وان كان كثيرا فعليه دم شاة.

(٢) الوسائل الباب ٣٨ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

٣٣٤

وإذا ذبح المحرم صيدا كان ميتة ، وكذا لو ذبحه المحلّ في الحرم ، ولو ذبحه المحلّ في الحلّ جاز للمحل أكله في الحرم.

______________________________________________________

خ) ظهر الطريق والقوم محرمون فكيف يصنعون؟ قال يتنكبونه ما استطاعوا قلت : فان قتلوا منه شيئا فما عليهم ع قال : لا شي‌ء عليهم (١).

وهذا في المحرم وامّا التحريم على المحل في الحرم فلعله مأخوذ من الإجماع ومن انّ جميع ما يحرم من الصيد على المحرم يحرم على المحل في الحرم.

قوله : «وإذا ذبح المحرم صيدا كان ميتة»

هذه ثلاث مسائل (أوليها) ان قتل المحرم الصيد الممنوع منه ـ وان كان على وجه لو لا المنع لكان ذبحا ـ ليس بذبح بل موجب لصيرورته ميتة فيكون نجسا وحراما جميع انتفاعاته لكل احد ، مثلها (٢) ويستحب دفنها خصوصا إذا قتله المحرم في الحرم.

لما في حسنة معاوية الآتية ورواية حماد السري عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : تدفنه (٣) وكذا مرسلة أبي أحمد (٤).

ودليلها إجماعنا المنقول في المنتهى مستندا الى الاخبار.

مثل رواية وهب عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم الصلوات والسّلام قال : إذا ذبح المحرم الصيد لم يأكله الحلال والحرام وهو كالميتة وإذا ذبح الصيد

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٨ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

(٢) أي مثل الميتة.

(٣) الوسائل الباب ١٠ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢ ومتن الرواية هكذا : عن خلاد (حماد يب) السري (السندي) عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل ذبح حمامة من حمام الحرم قال : عليه الفداء ، قلت : فيأكله؟ قال : لا ، قلت : فيطرحه؟ قال : إذا طرحه فعليه فداء آخر ، قلت فما يصنع به؟ قال : يدفنه.

(٤) الوسائل الباب ١٠ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣ وفي الوسائل بعد قوله أبي أحمد(يعني ابن ابى عمير)

٣٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

في الحرم فهو ميتة حلال ذبحه أو حرام (١).

وعن إسحاق عن جعفر عليه السّلام انّ عليا عليه السّلام كان يقول ، إذا ذبح المحرم الصيد في غير الحرم فهو ميتة لا يأكله محلّ ولا محرم وإذا ذبح المحل الصيد في جوف الحرم فهو ميتة لا يأكله محل ولا محرم (٢).

والى الروايات (٣) الدالة على تحريم اكله وتقديم الميتة عليه (٤).

والخبران ليسا بصحيحين (٥) لوجود محمد بن عيسى أبي ، أحمد بن محمد بن عيسى وهو غير موثق ووهب المشترك بين الممدوح والضعيف غال كذاب في الأوّل.

والحسن بن موسى الخشاب ، وهو ممدوح غير مصرّح بتوثيقه ، وإسحاق قيل انّه فطحي وان كان ثقة في الثاني.

والأوّل غير صريح لاحتمال التحريم في الحرم فقط.

ويمكن حملها على أنه كالميتة في تحريم الأكل قال في التهذيب : لأنّه بمنزلة الميتة.

والروايات الأخر لا دلالة فيها على غير تحريم الأكل في الجملة فلو لا الإجماع (والظاهر أنّه كك) (٦) لما نقل في الدروس عن الصدوق ، وقد صرّح به في

__________________

(١) الوسائل الباب ١٠ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٤.

(٢) الوسائل الباب ١٠ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٥.

(٣) عطف على قوله : الى الاخبار.

(٤) الوسائل الباب ٤٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١١ ـ ١٢.

(٥) سند الاولى على ما في التهذيب هكذا : محمد بن احمد بن يحيى عن ابى جعفر ن أبيه عن وهب وسند الثانية هكذا : محمد بن الحسن الصفار عن الحسن بن موسى الخشاب عن إسحاق.

(٦) اى والظاهر ان ليس إجماع ، لما نقل الدروس ذلك عن الصدوق ره.

٣٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

كتاب من لا يحضره الفقيه وعن ابن الجنيد أيضا : ان مذبوح المحرم لا يحرم على المحل إذا كان الذبح في الحل ، وان كان الأكل في الحرم ، ويفهم ذلك من ظاهر كلام الشيخ المفيد والتهذيب قال فيه : قال ره ولا بأس ان يأكل المحل ما اصطاده المحرم وعلى المحرم فدائه ثم ذكر رواية منصور وحريز ومعاوية الآتيات ثم قال : وهذا انّما يجوز للمحل أكل ما اصطاد المحرم إذا كان صيده في الحل ومتى كان صيده في الحرم فإنه لا يجوز اكله على حال ثم ذكر الرّوايات الدالة على تحريم أكل ما صيد في الحرم على المحل أيضا وأثبته ، وان قال بعد ذلك بكونه كالميتة مطلقا وأوّل خبري الحلبي ومعاوية بالتأويل المذكور البعيد.

فتأمل ، فيه وفي تأويل الإجماع المدعى في المنتهى.

لأمكن (١) القول بتحريم الأكل على المحرم مطلقا وعلى المحل إذا ذبح في الحرم وبكراهته له إذا ذبحه المحرم في الحل لما مرّ (٢) وللأصل.

ولحسنة الحلبي قال : المحرم إذا قتل صيدا (الصيد خ ل) فعليه جزائه ويتصدق بالصيد على مسكين (٣) ومثلها صحيحته (٤).

وحسنة معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : إذا أصاب المحرم الصيد في الحرم وهو محرم فإنّه ينبغي له ان يدفنه ولا يأكله أحد وإذا أصابه في

__________________

(١) قوله : لأمكن جواب لقوله : فلو لا الإجماع.

(٢) أي لما مر من كلام ابن الجنيد والشيخ المفيد والشيخ في التهذيب قدس الله أسرارهم.

(٣) لم نجدها في الوسائل ولكنها موجودة في التهذيب (باب الكفارة عن خطأ المحرم رقم ٢٣٠) والسند هكذا : محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حماد عن الحلبي قال : المحرم إلخ.

(٤) الوسائل الباب ٤٨ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١ وسندها على ما في التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد عن ابن ابى عمير عن حماد عن الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : المحرم إلخ وطريق الشيخ الى الحسين بن سعيد صحيح.

٣٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الحل فان الحلال يأكله وعليه هو الفداء (١).

وحملها الشيخ في التهذيب على بقاء الرّمق فيجوز للمحل ان يذبحه في غير الحرم ويأكله أو على المقتول بالرّمي فيكون المذبوح حراما والمقتول بالرّمي حلالا.

وهما بعيدان خصوصا الأخير كما قاله في المنتهى.

ويؤيّد ما قلناه (٢) الروايات الكثيرة المعتبرة الدالة على جواز أكل الصيد للمحل مطلقا (٣) بمكة وفي البعض صيد المحرم في الحل كما تقدم وفي البعض صيد الحرم للمحل فالجمع بالحمل على جواز أكل صيد المحرم في الحلّ للمحل مع الكراهة غير بعيد كما يفهم من التهذيب وكلام الشيخ المفيد المنقولين ويبعد حملها على ما كان حيّا واصطاده المحرم في غير الحرم وذبحه المحل في الحل.

وهي صحيحة معاوية بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل أصاب صيدا وهو محرم أيأكل منه الحلال؟ فقال : لا بأس إنما الفداء على المحرم (٤).

وصحيحة حريز عنه عليه السّلام قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن محرم أصاب صيدا أيأكل منه المحل فقال : ليس على المحل شي‌ء إنما الفداء على المحرم (٥).

وهذه ظاهرة في المطلوب وجعلها في الدروس (٦) معارضا لاخبار التحريم

__________________

(١) الوسائل الباب ٣ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٢) من حلّ أكل الصيد للمحل إذا صاده المحرم في الحلّ.

(٣) يأتي ذكرها عن قريب.

(٤) الوسائل الباب ٣ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٥.

(٥) الوسائل الباب ٣ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٤.

(٦) وفي الدروس بعد نقل صحيح الحلبي الدال على انّه يتصدق بالصيد على مسكين قال ما هذا لفظه :

٣٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

مؤيد وادّعى صحيحة جميل وما رأيتها والعجب ما ذكر غيرهما.

وصحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن محرم أصاب صيدا ، واهدى الىّ منه قال : لا ، انه صيد في الحرم (١).

وصحيحة منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : رجل أصاب صيدا وهو محرم أكل منه وانا حلال؟ قال : انا كنت فاعلا قلت له : فرجل أصاب مالا حراما؟ فقال : ليس هذا مثل هذا يرحمك الله ان ذلك عليه (٢) وفيها عباس (٣) الظاهر انه ابن معروف (الثقة) وصحيحته أيضا قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : رجل أصاب من صيد اصابه محرم وهو حلال قال : فليأكل منه الحلال وليس عليه شي‌ء ، إنما الفداء على المحرم (٤).

(ثانيتها) انّ قتل المحل في الحرم الصيد المذكور مثل قتل المحرم ونقل على ذلك أيضا الإجماع في المنتهى قال : لان صيد الحرم حرام على المحل والمحرم بلا خلاف.

وروى الشيخ (في الصحيح) عن الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن محرم أصاب صيدا واهدى الىّ منه قال : لا ، انه صيد في الحرم (٥).

__________________

وفيها دلالة على ان مذبوح المحرم لا يحل على المحل كقول الصدوق وابن الجنيد إذا كان الذبح في الحل وان كان الأكل في الحرم ومثلها روايتان صحيحتان عن حريز وجميل وتعارضها روايات ليست في قوتها وان كان التحريم أظهر انتهى ص ١٠٣.

(١) الوسائل الباب ٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٣ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣.

(٣) والسند كما في التهذيب هكذا : موسى بن القاسم عن عباس عن سيف بن عميرة عن منصور بن حازم.

(٤) الوسائل الباب ٣ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٥) الوسائل الباب ٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

٣٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والاخبار الدالة على ذلك كثيرة وقد تقدم بعضها.

(ثالثتها) ان مذبوح المحل في الحل مباح له ولو كان في الحرم ودليله أيضا الإجماع والأصل مع عدم ما يدل على التحريم ويدل عليه الروايات أيضا مثل صحيحة الحلبي قال : سئل أبو عبد الله عليه السّلام عن صيد رمى في الحل ثم ادخل الحرم وهو حيّ فقال : إذا أدخله (ادخل خ) الحرم وهو حيّ فقد حرم لحمه وإمساكه وقال : لا تشتره في الحرم الّا مذبوحا وقد ذبح في الحل ثم ادخل الحرم فلا بأس به (١).

وصحيحة عبد الله بن ابى يعفور قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : الصيد يصاد في الحل ويذبح في الحل ويدخل الحرم ويؤكل؟ قال : نعم لا بأس به (٢).

وليس لها معارض صريح.

ويمكن حمل ما ورد في المنع والكفارة ، على المذبوح في الحرم كما فعله في التهذيب وعلى كون الآكل محرما فإنّه ليس في الخبر (٣) التقييد بالذبح في الحل ولا بالأكل للمحل.

ثم الظاهر ان لا فرق بين كونه ممّا اصطاده المحرم أو المحلّ وفي الحل والحرم لما تقدم من الاخبار من أن الفداء على المحرم ويجوز للمحل اكله (٤).

نعم يمكن التحريم في الجملة لو قلنا ان صيد الحرم حرام مطلقا سواء ذبح في الحرم أو في غيره وذلك غير واضح بل الظاهر أنّ التحريم مخصوص بما كان في الحرم ولا يشمل ما خرج وان كان الإخراج حراما والصيد مضمونا حينئذ فيمكن ان

__________________

(١) الوسائل الباب ٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٣) أي الخبر الدال على المنع.

(٤) راجع الوسائل الباب ٣ من أبواب تروك الإحرام.

٣٤٠