مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

العام أو بعده ، فقلت : أصلحك الله ، سألتك فأمرتني بالتمتع ، وأراك قد أفردت الحج ، العام ، فقال : أما والله انّ الفضل لفي الذي أمرتك به ، ولكنّي ضعيف ، فشق على طوافان بين الصّفا والمروة فلذلك أفردت الحج (١).

ورواية جميل ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : ما دخلت قطّ الّا متمتعا إلّا في هذه السنة ، فإنّي والله ما افرغ من السّعى حتّى تتقلقل أضراسي ، والذي صنعتم أفضل (٢)

لعلّ الشّاق السّعى متّصلا بالقدوم والخروج إلى منى ، والّا فلا بد من سعى آخر مع الافراد في العمرة المفردة أيضا ، الّا أنّه يجوز تأخيرها فتأمل.

فإنّ الظاهر منهما ومن غيرهما من الاخبار (٣) عدم العمرة مع الافراد والقران ، كما سيجي‌ء.

واعلم أنّ المصنف في المنتهى جوز العدول للمفرد ، بعد ان دخل مكّة إلى التمتع اختيارا ، لكن لا يلبّ بعد طوافه ، ولا بعد سعيه ، لئلا ينعقد إحرامه

وامّا القارن فليس له ذلك ، قال : ذهب إليه علمائنا بعد ما منع أوّلا من اجزاء أحدهما عن الآخر اختيارا ، واثبت ذلك.

ولعل المراد (٤) هنا مع عدم التعيين ، بخلاف الأوّل ، ولا دلالة في الرواية (٥) ـ التي رأيتها وهي رواية أمره صلّى الله عليه وآله الناس الى العدول ـ على

__________________

(١) الوسائل الباب ٤ من أبواب أقسام الحج الرواية ١٠.

(٢) الوسائل الباب ٤ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢٢.

(٣) راجع الوسائل الباب ٢ من أبواب أقسام الحج.

(٤) يعنى لعل مراد المصنف ره في المنتهى ، ثانيا (حيث أطلق جواز العدول من الافراد) هو فرض عدم تعيّن القران والافراد بالأصالة أو العارض ، بخلاف ما ذكره أوّلا ، من عدم اجزاء أحدهما عن الآخر ، فإنه محمول على فرض التعيّن أو أراد العدول في الأثناء لا العدول الابتدائي.

(٥) الوسائل الباب ٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ١.

٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

ذلك ، لأنّه ما كان للحاضر الذي تعيّن بعد نزول الآية (١) وثبوت الأخبار المعينة ، فكلام شارح الشرائع ، محل التأمل

أو أنه يجوز العدول بعد الشروع دون الابتداء ، وهو بعيد بل العكس أولى

وأيضا جواز ابتداء العدول الى الافراد للمتمتع ، وذلك بان يضيق الوقت عن أفعال العمرة ، أو يحصل حيض أو مرض أو غيرهما من علّة تمنع ذلك.

واحتج عليه بصحيحة جميل بن دراج ، قال : سئلت أبا عبد الله عليه السّلام. عن المرأة الحائض إذا قدمت مكّة يوم التروية؟ قال : تمضي كما هي الى عرفات ، فتجعلها حجة ، ثم تقيم حتى تطهر ، فتخرج الى التنعيم ، فتحرم ، فتجعلها عمرة ، قال ابن ابى عمير ، كما صنعت عائشة (٢).

كأنها لعمومها وترك التفصيل دلت على الجواز على (مع ظ) تعينه عليها ، ومع ذلك لا يدل على ذلك ابتداء بل بعد الشروع ، وكأنّه فهم من باب الموافقة.

واحتج على عدم جواز عدول القارن الى التمتع ، وعلى جوازه للمفرد ، بعدم عدوله (ص) منه الى التمتع ، وتاسّفه (٣) بسوق الهدى وأمر المفردين بذلك ويؤيّده أيضا احتجاجه (ص) بأنه ساق الهدى ومن ساق لا يحل حتى يأتي الهدي محلّه (٤)

وأنت تعلم ان نفى الحرج والضيق ، وارادة اليسر ، وعدم ارادة العسر ، مع صحيحة جميل (٥) المتقدمة تدل على الجواز مطلقا مع الاضطرار مطلقا مع التعيين و

__________________

(١) البقرة ١٩٧.

(٢) الوسائل الباب ٢١ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢.

(٣) أشار قده الى قوله صلّى الله عليه وآله في صحيحة معاوية بن عمار : لو استقبلت من امرئ مثل الذي استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم به إلخ راجع الوسائل الباب ٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ٤.

(٤) راجع الوسائل الباب ٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ٤.

(٥) الوسائل الباب ٢١ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢.

٢٢

ويجوز للمفرد لا القارن إذا دخل مكّة العدول الى التمتع ان لم يتحتّم

______________________________________________________

عدمه ، من كل واحد الى آخر.

وانّ الظاهر عدم جواز العدول مع الاختيار والتعيين مطلقا ابتداء وفي الأثناء ، ووجهه ظاهر.

ولا حجيّة ـ على عدم جواز العدول من الافراد دون القران مطلقا في الاخبار المتظافرة (١) فيما امره (ص) الناس (٢) على خلاف ذلك لما عرفت (٣) فتأمل.

والجواز بدون ذلك على الظاهر مطلقا ، ووجهه ظاهر.

وأنّه قد أشار في المتن وأكثر كتبه أيضا الى ما قاله في المنتهى.

بقوله : «ويجوز للمفرد لا القارن إذا دخل مكّة ، العدول الى التمتع» ، بعد منعه اختيارا وتجويزه اضطرارا مطلقا ، بل مثله موجود في أكثر الكتب.

ولعل المراد به ما مرّ من كونه مع عدم التعيين ، ولكن لا خصوصيّة بالمفرد ، بل ينبغي جوازه للقارن أيضا في غيره مثل المندوب (كالمندوب خ) والمنذور المطلق والاستيجار المطلق ، لو جاز ، من غير فرق ، أو يجوز ذلك للمفرد مطلقا ، أو بعد دخول مكّة ، لا للقارن ، للنص ، ولا استبعاد ، فتأمل ، فإن الفرق محتمل حال الاختيار لحسنة معاوية (٤) وسيجي‌ء ثم اعلم أنّه لا يحتاج خلف العدول في الأثناء ، إلى نيّة (أعدل من إحرام (حج الافراد خ) حج الإسلام إلى عمرة التمتع عمرة الإسلام ، قربة الى الله) مثلا ، بمعنى اجعل ما تقدّم وما تأخر من

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ٢ من أبواب أقسام الحج.

(٢) في بعض النسخ هكذا : فيما امره صلّى الله عليه وآله على ذلك.

(٣) اى لما عرفت من حملها على صورة التعيين.

(٤) الوسائل الباب من أبواب أقسام الحج ، الرواية ٤.

٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الثاني ، كما قيل مثلها في النقل من الصلاة المتأخرة (مع النسيان) إلى المتقدمة ، بل يكفى فعل ما يفعل بقصد الثاني ، وان كانت النيّة أولى وأحوط.

والظاهر ان المراد بقوله عليه السّلام في الرواية (١) : (فتجعلها كذلك) ما ذكرناه فقط ، مع احتمالها ، ويشعر به حسنة معاوية بن عمار ، قال : سئلت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن رجل لبّى بالحج مفردا ، فقدم مكّة ، وطاف بالبيت ، وصلّى ركعتين عند مقام إبراهيم ، وسعى بين الصفا والمروة؟ قال : فليحلّ وليجعلها متعة ، الّا ان يكون ساق الهدى (٢).

وكأنّه يريد بقوله : فليحل جواز التحلل بالتقصير ، لانه المحلل من عمرة التمتع ، كما هو المذكور في دليله وقول الأصحاب.

ويحتمل الوجوب أيضا للأمر ، والتحلل بمجرد ما فعل لأنه الظاهر.

ولما في موثقة زرارة ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السّلام ، يقول : من طاف بالبيت وبالصفا والمروة ، أحل ، أحب ، أو كره (٣).

ومرسلة يونس بن يعقوب ، عمن أخبره ، عن ابى الحسن عليه السّلام ، قال : ما طاف بين هذين الحجرين ، الصفا والمروة أحد ، إلّا أحلّ ، إلّا سائق هدي (الهدى يب) (٤).

واعلم ان هذه الروايات حتى الأولى (٥) لا تدل على العدول عن الافراد الى التمتع مطلقا ومقيّدا بعدم التلبية ، وان معها يتم على حجة الأفراد ، كما قالوه.

__________________

(١) يعني رواية جميل المتقدمة.

(٢) الوسائل الباب ٥ من أبواب أقسام الحج الرواية ٤.

(٣) الوسائل الباب ٥ من أبواب أقسام الحج الرواية ٥.

(٤) الوسائل الباب ٥ من أبواب أقسام الحج الرواية ٦.

(٥) يعني رواية معاوية بن عمار المتقدمة.

٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

بل تدل عليه بعد الشروع في الجملة ، وتدل الثانية (١) عليه بعد الطواف والسعي والإحلال ، لكن لا دلالة لها مع التعيين والاختيار ، وكأنّه فهم من الإطلاق وترك التفصيل.

وأنّ (٢) فيها دلالة واضحة على عدم الدقّة في النيّة ، فإنها تدل على جواز جعل حجّ الإفراد متعة بعد بعض أفعاله مع عدم الإتيان بنيّة المتعة في أفعال عمرتها ، الّا التقصير ، فتأمل.

وأنّها تدل على حصول الإحلال بعد السعي لمطلق المحرم إلّا السائق ، لوجوده في البعض ، ويحمل عليه الباقي.

والظاهر إخراج عمرة التمتع ، للدليل الدال على حصوله بعد التقصير.

ويدل عليه أيضا ، ما في الفقيه في آخر موثقة زرارة (أحبّ أو كره) الّا من اعتمر في عامه ذلك أو ساق الهدى وأشعره وقلّده (٣) قوله عليه السّلام : (وأشعره) بيان لسوق الهدى ، والمراد أو قلده.

وأنّ القول (٤) به مع ذلك مشكل لعدم حصوله في العمرة المفردة أيضا إلّا بعد الحلق أو التقصير على ما قالوه.

وأنّه لا يحل له كل شي‌ء ، فان حل النساء موقوف على حصول طوافهن.

وأنّه يفهم عدم حصوله الّا بعد السعي ، وهو خلاف ما ذهب إليه

__________________

(١) أي رواية زرارة المتقدمة.

(٢) عطف على قوله ره : انّ هذه الروايات وكذا قوله ره : وأنّها تدل وقوله : وانّ القول به وقوله ره : وانّه لا يحل وقوله : وانّه يفهم وقوله ره : وانّها تدل.

(٣) الوسائل الباب ٥ من أبواب أقسام الحج الرواية ٥ وفي ذيلها ، ورواه الصدوق بإسناده عن ابن بكير مثله وزاد : الّا من اعتمر في عامه ذلك أو ساق الهدى وأشعره وقلده.

(٤) اى القول بالإحلال بمجرد السعي.

٢٥

ولو دخل القارن والمفرد مكّة جاز لهما الطواف.

______________________________________________________

المصنف من حصوله بالطواف فقط.

وأنّها تدل على حصوله ، سواء لبّى أم لا ، مع دلالة بعض الأخبار على تقييده بترك التلبية ، فيمكن تقييدها به أيضا لتلك الأخبار ، ويشعر بذلك (طاف وسعى) فإنه يفهم ترك التلبية ولكن يفهم انّ تركها مع الطواف لا يحلّل من غير سعى وهو خلاف مذهب المصنف وما يشعر به بعض الاخبار مثل ما يدل على وجوب التلبية بعد الطواف ، وأنّ تركها موجب للإحلال ، فتأمل.

قوله : «ولو دخل إلخ» ظاهر هذا الكلام أعم من كون ذلك الطواف ، طوافا للحج ، أو طوافا مندوبا ، وذلك ليس ببعيد ، الّا انّ ظاهر أكثر الأخبار كونه طوافهما ، ووجوب التلبية بعد الطواف وركعتيه ، وانّ تاركها يحل بعد السعي

والتي تدل على جواز تقديم طوافهما هي موثقة زرارة (١) قال : سئلت أبا جعفر عليه السّلام ، عن المفرد للحج ، يدخل مكّة ، يقدّم طوافه أو يؤخره؟ فقال : سواء (٢).

وصحيحة حماد بن عثمان ، قال : سئلت أبا عبد الله عليه السّلام عن مفرد الحج (يقدم كا) أيعجّل طوافه أو يؤخّره؟ قال : هو والله سواء عجّله أو أخّره (٣)

وموثقة زرارة ، قال : سئلت أبا جعفر عليه السّلام عن مفرد الحج. يقدّم طوافه أو يؤخره؟ قال : يقدّمه ، فقال رجل الى جنبه : لكن شيخي لم يفعل ذلك كان إذا قدم ، اقام بفخّ ، حتى إذا رجع الناس الى منى ، راح معهم ، فقلت له من شيخك؟ فقال : على بن الحسين عليه السّلام ، فسألت عن الرّجل فإذا هو أخو على بن الحسين لأمّه (٤).

__________________

(١) في هامش بعض النسخ هكذا : لابن فضال ، أظن أنّه الحسن بن علي بن فضال ، لما صرح به في الاخبار الآتية ، وهو مقبول على ما أظن ، وقيل انّه فطحي ، ولوجود ابن بكير ، وهو عبد الله المجمع عليه (منه).

(٢ ـ ٤) الوسائل الباب ١٤ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢ و ١ و ٣.

٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والتي تدل على جواز الطواف ووجوب التلبية ، وأنّ تاركها يصير محلا ـ هي ما في حسنة معاوية بن عمار ، عن ابى عبد الله (عليه السّلام) ، قال سئلته عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة؟ قال : نعم ما شاء ، ويجدّد التلبية بعد الركعتين ، والقارن بتلك المنزلة ، يعقدان ما أحلّا من الطواف بالتلبية (١).

قال في التهذيب : قال محمد بن الحسن : وفقه هذا الحديث ، انّه قد رخص للقارن والمفرد ، ان يقدما طواف الزيارة قبل الوقوف بالموقفين ، فمتى فعلا ذلك فان لم يجدّدا التلبية ، يصيرا محلّين ، ولا يجوز ذلك ، فلأجله (ولأجله خ ل) أمر المفرد والسائق بتجديد التلبية عند الطواف ، مع ان السائق لا يحل ، وان كان قد طاف ، لسياقه الهدى.

وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال قلت لأبي عبد الله عليه السّلام ، انّى أريد الجواز بمكّة فكيف اصنع؟ قال : إذا رأيت الهلال هلال ذي الحجة فاخرج الى الجعرانّة ، فأحرم منها بالحج ، فقلت له كيف أصنع إذا دخلت مكّة؟ أقيم إلى يوم التروية لأطوف بالبيت قال : تقيم عشرا لا تأتي الكعبة ، انّ عشرا لكثير ، انّ البيت ليس بمهجور ، ولكن إذا دخلت فطف بالبيت ، واسع بين الصفا والمروة ، فقلت أليس كل من طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة فقد أحل؟

فقال : انّك تعقد بالتلبية ، ثم قال : كلما طفت طوافا ، وصليت ركعتين ، فاعقد بالتلبية (الحديث) (٢).

يحتمل ان معنى قوله عليه السّلام : (تقيم عشرا) أنّه يجوز له ذلك (وأنّ

__________________

(١) الوسائل الباب ١٦ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ١٦ من أبواب أقسام الحج الرواية ١.

٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

عشرا كثير) انّه بطريق الإنكار ، يعني ليس بكثير ، (وانّ البيت ليس بمهجور) انّه ليس ينقطع عنه الطائف ، والطواف ، لعدم طوافك فان غيرك يطوفه.

ويحتمل ان يراد الإنكار بقوله : (تقيم عشرا) اى لا تقيم وتترك الطواف ، فان البيت لا يهجر طوافه بل كلّما دخلت فطف بالبيت وهذا انسب بقوله : (ولكن) إلخ.

واعلم ان هذه الأخيرة (١) مشتملة على وجوب الافراد على المجاور في العام الأوّل ، ووجوب الطواف والسعي بعد دخول المسجد في أوّل ذي الحجة ، ومن خارج الحرم ، لا من دويرة الأهل ، كل ذلك خلاف المشهور ويمكن الحمل على الجواز والتخيير ، وانّ ذلك بعد حجه حجة الإسلام ، الله يعلم ، وان هذه الاخبار (٢) تدل على جواز تقديم الطواف للمفرد ، وبعضها للقارن أيضا ، إذا دخلا مكّة اختيارا ، والطواف أيضا غير ما هو وظيفتهما.

وانّها مع الاخبار السابقة (٣) تدل على حصول الإحلال بعد الصلاة والسعي ، وإذا لبّى ينعقد ويصير محرما ، ولم يبق محلا.

وأنّه لا بدّ من التلبية بعد ركعتي الطواف لئلا يحل ، وأنّه يحل بدون ذلك من طاف ، وصلّى ، وسعى ، الّا من ساق ، لوجود الاستثناء في البعض (٤).

فالمفرد الطائف قبل الموقف يحل إذا ترك التلبية ، دون القارن ، مع وجوب التلبية عليه أيضا كما يفهم من بعض الاخبار مثل ما في حسنة معاوية بن عمار (٥) :

__________________

(١) الوسائل الباب ١٦ من أبواب أقسام الحج الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ١٤ من أبواب أقسام الحج.

(٣) الوسائل الباب ١٦ من أبواب أقسام الحج.

(٤) الوسائل الباب ٥ من أبواب أقسام الحج الرواية ٤.

(٥) الوسائل الباب ١٦ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢.

٢٨

ويستحب لهما تجديد التلبية عند كل طواف.

______________________________________________________

والقارن بتلك المنزلة) مع نفى الإحلال المفهوم من البعض الأخر ، كما تدل عليه الآية : حتى يبلغ الهدى محلّه (١) وهو ظاهر قول الشيخ في بيان هذه الحسنة : وفقه هذا الحديث إلخ

ويحتمل عدمه عليه ، لأنّ الفائدة عدم التحلل ، وهي تحصل من الهدى ، وعدم فهم وجوبها عليه ، من صحيح صريح.

وما ذكرناه أحد الأقوال ، وقيل بعدم الوجوب ، وعدم التحلل مطلقا الّا مع النيّة ، وباستحباب تجديدها كما في المتن ، وقيل بوجوبها وحصول التحلل بدون تجديد التلبية مطلقا ، وهو غير واضح الدليل.

وقال في شرح الشرائع : الأقوى توقف انعقاد الإحرام على تجديد التلبية ، بعد الطواف ، للنصوص الكثيرة الدالة عليه (٢) وينبغي الفورية بها عقيبه وبدونها يحلّان من غير فرق بينهما ، ولا يفتقر إلى إعادة نيّة الإحرام قبلها ـ بناء على أنّ التلبية ، كتكبيرة الإحرام ، لا يعتبر بدونها ـ لما سيأتي من ضعف ذلك ، بل هذا الحكم دال على فساد المبنى عليه ولو أخلّا بالتلبية صار حجّهما عمرة ، وانقلب تمتعا ، كما صرح به جماعة إلخ (انتهى)

وهذا الكلام غير واضح ، لأني ما رأيت إلّا خبرين (٣) دالين على تجديد التلبية بعد الصلاة ، نعم الاخبار (٤) على جواز تقديم الطواف لهما كثيرة ، وكذا ما يدل على تحلل من طاف وصلّى وسعى ، وقد ذكرنا ما رأيناه فيما تقدم ، فكأنّه أراد ذلك ، ولا يبعد الفورية بعد هما ، كما يفهم من دليله

__________________

(١) البقرة ١٩٧.

(٢) راجع الوسائل الباب ١٦ من أبواب أقسام الحج.

(٣) الوسائل الباب ١٦ الرواية ١ و ٢ (من أبواب أقسام الحج).

(٤) راجع الوسائل الباب ١٤ من أبواب أقسام الحج.

٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ولوجود الفرق بينهما بسياق الهدى في القران دون الافراد ، والتصريح باستثناء من ساق الهدى في الاخبار المتقدمة ، مع عدم ما يدل على حكم القارن الّا ما في حسنة معاوية (١) المتقدمة (والقارن بتلك المنزلة) مع عدم الصراحة بالتحلل بدونها ، ولأنّه يفهم من قوله (٢) ـ (توقف انعقاد الإحرام) (ولا يفتقر إلخ) ـ أنّه حصل التحلل ، فلا بد من التلبية لعقد الإحرام ، وذلك غير واضح ، وان كان ظاهر الأخبار ذلك ، كما أشرنا إليه ، لأنّ الظاهر أنّ المراد أنّه يحصل التحلل بترك التلبية ، وهي مانعة عنه ، وهو المراد بالعقد (٣) بالتلبية ، ولو كان مجازا ، لا انّه يحصل إحرام مجدّد ، كما هو الظاهر من كلام الأصحاب.

وليس مرادهم (٤) لأنّه ليس بإحرام الحج ، ولا بالعمرة ، لسبق بعض عمل الحج ، وعدم فعل العمرة ، وهو ظاهر ، مع حصر الإحرام في إحرامهما.

ولانه ما ذكر له وقت ولا ميقات ، ولانه ما ذكر له نيّة ، بل وما قال به أحد على الظاهر.

مع انّه لا بد في العبادات كلّها من النيّة ، على ما قرّروه ، ومسلّم عنده (٥) أيضا ، ولا نيّة هنا ، لأن النيّة الأولى قد ارتفعت ، فإنها كانت للإحرام ، وقد أحل ، وخرج منه حينئذ كفعل المحلل في غير هذا الموضع ، وكالسّلام المحلل في الصّلوة ، وان كان في غير محلّه ، فصار الثاني عبادة مستقلة تحتاج إلى النيّة.

فليس الافتقار إلى النيّة لأجل المقارنة فقط ، بل لا معنى لها حينئذ أصلا ،

__________________

(١) الوسائل الباب ١٦ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢.

(٢) أي من قول الشارح فيما تقدم أنّفا.

(٣) كما هو المذكور في حسنة معاوية السابقة.

(٤) يعني ما هو الظاهر من كلامه (من أنّه إحرام مجدّد) ليس مرادهم.

(٥) يعنى عند شارح الشرائع.

٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

لما مرّ ، حتّى يضعف المبنى عليه ، حتى انّه لو كان قويّا لزم ذلك.

بل لما ذكرناه من كونه عبادة مستقلة على تقدير حصول التحلل ، فينبغي دفع ذلك المبنى ، إذ لا يلزم من نفى دليل متوهم نفى المدلول.

مع ان الاحتياج انما يثبت بناء على ذلك (١) أيضا على تقدير حصول التحلل وتجديد الإحرام ، وذلك كاف في استيناف النيّة ، من غير احتياج الى ذلك (تلك ظ) المقارنة.

على انّ المقارنة أمر مقرّر عندهم ، فلو لم تثبت عنده مثلا ، يلزم القائلين بذلك ، وهم الأصحاب الذين كتبهم مشهورة ومعلومة على ما يظهر من بعض ما رأيناه من كلامهم.

والظاهر أنّهم لا يقولون بها ومقارنتها هنا ، وهذا يدل على ما قلناه (٢) فتأمل.

ومنه يعلم التأمل في قوله : بل هذا الحكم دالّ إلخ.

ولانّ قبله تمتّعا من غير نيّة مشكل ، وأيضا قد يكون في غير أشهر الحج ، وللزوم التحلّل من عمرة التمتع بغير تقصير ، مع انه لا يكون التحلّل منها الّا بالتّقصير ، كما يفهم من كلامه ودليله

الّا ان حسنة معاوية (٣) المتقدّمة تدل على ذلك في المفرد ، فلا يبعد القول به فيه ، دون القارن ، لما تقدم ، ولوجود نفى التحلّل في هذه أيضا عنه ، ولما مرّ (٤) في

__________________

(١) اى على كونه عبادة مستقلة.

(٢) في هامش بعض النسخ الخطيّة ، يعنى من عدم حصول الإحلال إلّا بترك التلبية ، لا حصول الإحلال وانعقاد الإحرام بعده بالتلبية كما ذكره الشارح.

(٣) الوسائل الباب ١٦ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢.

(٤) من عدم إحلال القارن حتى يبلغ الهدى محلّه.

٣١

ولا [فلا] يحلّان الّا مع النيّة [بالنيّة] على رأي.

______________________________________________________

حديث حجّه صلّى الله عليه وآله بطرق متعددة (١) فتذكّر.

ولانّه يفهم من كلامه حصول التحلّل بعد الطواف بمجرد ترك التلبية ، بل تأخيرها في الجملة

والذي يفهم من الاخبار المتقدمة (٢) حصول التحلّل مع الترك بعد السّعي ، فتأمل.

وأما قوله : ولا يحلّان إلّا بالنيّة على رأى ، فالظاهر أنّ الرأي متعلق بقوله : (ويستحب إلخ) وأنّه لا فرق بينهما ، وانه لا خلاف في الإحلال مع النيّة ، ولكن المراد بالنيّة غير ظاهر ، ولعل المراد بها الإحلال بالطواف والسعي ، بمعنى (يعنى خ) يفعل الطواف بقصد ان يحلّ بعد صلوته والسعي ، ونية التحلل بعدها ، وكذا السعي بنيّة الإحلال بعده ، كما يحلّ بعدهما لو أخر (أخّرا خ ل) عن الموقفين ، أو بعد الطواف فقط ، بناء على حصول بعده فقط ، في صورة التأخير ، كما هو رأى المصنف ، على ما سيجي‌ء.

وما نعرف له مستندا بخصوصه ، وكأنه الاستصحاب ، ومثل إنما الأعمال بالنيّات (٣).

ولكن عموم الأخبار المتقدمة (٤) وعدم ثبوت كون الإحلال أمرا مستقلا ، وعبادة على حدة ، ووجود الفرق فيها بينهما ، يدفع هذا المذهب ومستنده ، فتأمل.

وما عرفت لعدم الإحلال مطلقا والإحلال كذلك مستندا في الروايات

__________________

(١) الوسائل الباب ٢ من أبواب أقسام الحج.

(٢) الوسائل الباب ١٦ من أبواب أقسام الحج.

(٣) الوسائل الباب ٥ من أبواب مقدمة العبادات الرواية ٩.

(٤) الوسائل الباب ١٤ من أبواب أقسام الحج.

٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فقول الشهيد في الدروس محلّ التأمل (١) هذا كلّه فيهما.

وامّا المتمتّع فالأولى عدم تقديم الطواف له الّا مع الضرورة ، وتجديد التلبية كما مرّ ، وكذا طواف النّساء ، ولا يبعد التجديد هنا أيضا.

ولا يبعد جواز طواف الزيارة وتقديمه ، لصحيحة ابن بكير وجميل عن ابى عبد الله عليه السّلام (في الفقيه والتهذيب أيضا) عن المتمتع يقدّم طوافه وسعيه في الحج ، قال : هما سيّان قدمت أو أخّرت (٢).

وصحيحة حفص بن البختري (فيه (٣) أيضا) عن ابى الحسن عليه السّلام ، في تعجيل الطواف قبل الخروج إلى منى ، قال : هما سواء أخّر ذلك أو قدّمه يعنى للمتمتع (٤) وغيرهما من الاخبار في الفقيه والتهذيب ، مثل رواية عبد الرحمن بن الحجّاج (٥) حملها على الضرورة بغير ضرورة لا يناسب ، لعل صحة دليل التقييد ، والصراحة ، بل تحمل على التخيير والأولى ، فقول الشهيدين ـ بعدم الجواز الّا مع الضرورة ـ محل التأمل.

والظاهر أيضا جواز الطواف له ، للعمومات (٦) ، ولصحيحة إسحاق بن

__________________

(١) قال في الدروس (بعد الحكم بجواز تقديم الطواف للقارن والمفرد في الجملة) ، ما هذا لفظه : والاولى تجديد التلبية عقيب صلاة كل طواف فان تركها ، ففي التحلل روايات ، ثالثها تحلل المفرد دون السائق ص ٩٢ من كتاب الحج وامّا وجه التأمل في كلام الشهيد قده ، عدم عثوره قده على ما دل على الإحلال مطلقا. أي في القارن والمفرد) وعدمه مطلقا.

(٢) الوسائل الباب ١٣ من أبواب أقسام الحج الرواية ١ ، أورد ما في التهذيب في الباب ١٣ وما في الفقيه في الباب ٦٤ من أبواب الطواف الرواية ٤.

(٣) أي في التهذيب.

(٤) الوسائل الباب ٦٤ من أبواب الطواف الرواية ٣.

(٥) الوسائل الباب ١٣ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢ عن علي بن يقطين.

(٦) الوسائل الباب ٤ من أبواب الطواف.

٣٣

وذو المنزلين يلزمه فرض أغلبهما إقامة ، فإن تساويا تخيّر.

______________________________________________________

عمار (١) في الفقيه ، والأصل ، فمنع الثاني ذلك ـ واحتمال بطلان الحج ، لو فعل ذلك عمدا أيضا ـ بعيد ، وكذا إيجابه التلبية للنص ، إذ لا نص صريح ، بل ولا ظاهر صحيح هنا ، فتأمل ، وهم اعرف.

قوله : «وذو المنزلين يلزمه فرض أغلبهما إقامة إلخ» اما لزوم فرض أغلبهما إقامة عليه فدليله ان المتعارف في الشرع ، هو الحكم بالأكثر في الأكثر ، مثل اعتبار أكثر النهار في قصر الصوم ، وعدمه ومبيت ليالي التشريق ، والسقي في الزكاة.

وصحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام ، قال من اقام مكة سنتين فهو من أهل مكة ، لا متعة له ، فقلت لأبي جعفر عليه السّلام ، أرأيت ان كان له أهل بالعراق وأهل بمكة؟ قال : فلينظر أيّهما الغالب عليه فهو من اهله (٢).

واما التخيير مع التساوي فلعدم الرجحان ، ولعدم دليل التعيين.

قيل وكذا المشتبه ، ولا يبعد كون الاولى التمتع هنا لما مرّ في بيان حاضري مكة ، ولانه يصدق عليه انه لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام في الجملة ، وباعتبار الأهل ، البعيد ، وهذا في المشتبه اولى ، وهو ظاهر.

واعلم ان هذا الحكم مع عدم تحقق المجاورة الموجبة لانتقال الحكم في مكة ، لا يصير حينئذ من أهلها باعتبارها وهو ظاهر وترك للظّهور.

وان مجرّد المنزل لا يكفى ، بل لا بد من صدق الأهل في كلا الموضعين المختلفين للحكم في فرض أنواع الحج ، لانه الواقع في الدليل ، وأكثر تقييدات الأصحاب ، بالمنزلين ، والظاهر انه المراد ، ولكن سبب التغيير غير ظاهر ، وهم أعرف ، فتأمل ، ولا تخرج عن الدليل.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من أبواب أقسام الحج الرواية ٧.

(٢) الوسائل الباب ٩ من أبواب أقسام الحج الرواية ١.

٣٤

ولو حجّ المكّي على ميقات أحرم منه وجوبا.

______________________________________________________

قوله : «ولو حج المكي على ميقات ، أحرم منه وجوبا» اى لو بعد المكي ، ثم يريد مكة للحج ، يجب ان يحرم من اى ميقات يمرّ عليه.

اما كون إحرامه من ذلك الميقات التي يمر عليه ، ويحج منه فظاهر ، لانه لا يجوز التجاوز عن ميقات الّا محرما.

وامّا أنّه بأي شي‌ء يحرم ، وأنه يحج التمتع أو غيره ففيه التّأمل ، والظاهر انه يفعل ما يجب عليه ، فلو كان الحج واجبا عليه قبل ان يخرج عن مكة ، يحرم بالافراد أو القران ، بناء على تعيينهما عليه.

وامّا لو لم يكن واجبا عليه ، ووجب عليه بعد ان صار نائيا ، فيحتمل انه مثل الأوّل ، لما مرّ ، مما يدل على وجوبهما على أهل مكة ، وان التمتع لمن لم يكن اهله حاضريها ، والفرض ان أهل هذا من حاضريها ، وهو ظاهر ، ويحتمل اعتبار المجاورة في غيرها ، مثل ما اعتبر في مجاورة مكة ، كما سيجي‌ء.

والظاهر العدم ، لعدم النص ، وعدم صحة القياس ، وجواز التمتع له مطلقا ، مع أولوية الافراد ، لصيرورته بالخروج ، من غير أهل مكة : ولكون إحرامه من موضع إحرام التمتّع.

ولصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج وعبد الرحمن بن أعين قالا سئلنا أبا الحسن موسى عليه السّلام عن رجل من أهل مكة خرج الى بعض الأمصار ، ثم رجع فمرّ ببعض المواقيت الّتي وقّت رسول الله صلّى الله عليه وآله له ان تمتّع؟ فقال : ما أزعم أنّ ذلك ليس له ، والإهلال بالحج أحبّ الىّ ، ورأيت من سأل أبا جعفر عليه السّلام (الى قوله) : قال : انّى قد نويت ان أحج عنك (الى قوله) : أو عن نفسي فكيف اصنع؟ قال له (فقال خ) : تمتع ، فردّ عليه القول ثلاث مرات يقول له انّى مقيم بمكة وأهلي بها فيقول : تمتع ، في حديث طويل. (١)

__________________

(١) الوسائل الباب ٧ من أبواب أقسام الحج الرواية ١.

٣٥

وينتقل فرض المقيم ثلاث سنين إلى المكّي ، ودونها يتمتّع فيخرج الى الميقات ان تمكن والّا فخارج الحرم ، ولو تعذّر أحرم من موضعه.

______________________________________________________

ولكن يحتمل كونها في غير حج الإسلام ، الّا انّ الظاهر انّه ح الأولى حج التمتع لما تقدم فحكم بعض الأصحاب ـ بجواز التمتع له مطلقا محل التأمل ، وان كان غير بعيد ، للرواية الصحيحة (١) المتقدمة ، مع التأييد بما تقدم من الترغيب والتحريص على التمتع.

ويقيّد ما ينافيه بمن لم يخرج الى مصر من الأمصار كما هو مقتضى هذه الرواية ، وترك التفصيل عن حج الإسلام وغيره يفيد العموم في الجملة وكذا أولوية التمتع مع قوله : (الإهلال بالحج أحبّ الىّ) فتأمّل.

قوله : «وينقل فرض المقيم إلخ» الظاهر ان المراد ان النائي (من نأى خ ل) عن مكة بالمقدار المتقدم إذا أقام بها سنتين كاملتين عرفيتين بالإقامة المتعارفة ينقل فرضه إلى أهلها ، بمعنى انّه يصير الآن من الحاضرين الذين فرضهم الافراد والقران في السّنة الثالثة ، فيصير بالشروع في الثالثة من أهلها ، وصرّح بذلك في المنتهى ، ونقله في كتابي الاخبار.

وعن النهاية انه لم يصر كذلك حتى يقيم ثلاثا وهو ظاهر المتن ، ونقل في الدروس ، الأوّل عن النهاية والمبسوط ، وقال : ويظهر من أكثر الروايات ، انه في الثانية.

وروى محمد بن مسلم عن أحدهما قال : من اقام بمكة سنة ، فهو بمنزلة أهل مكة (٢).

__________________

(١) الوسائل الباب ٧ من أبواب أقسام الحج الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٨ من أبواب أقسام الحج الرواية ٤.

٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وروى حفص (١) إلخ وفيه تأمل ، سيعلم ، ونحن ننقلها حتى يعلم ، وهو اعلم.

منها ما في صحيحة زرارة (المتقدمة في مسألة ذوي المنزلين) من اقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة (٢).

وصحيحة عمر بن يزيد ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : المجاور بمكة يتمتع بالعمرة إلى الحج الى سنتين ، فإذا جاوز سنتين كان قاطنا ، وليس له ان يتمتّع (٣).

وما في صحيحة الحلبي ، قال : سئلت أبا عبد الله عليه السّلام ، لأهل مكة ان يتمتعوا؟ فقال : لا ليس لأهل مكة ان يتمتّعوا ، قال : قلت : فالقاطنين بها ، قال : إذا (فإذا خ ل) أقاموا سنة أو سنتين صنعوا كما يصنع أهل مكة ، فإذا أقاموا شهرا ، فانّ لهم ان يتمتّعوا ، قلت من اين؟ قال : يخرجون من الحرم ، قلت من اين يهلّون بالحج؟ فقال : من مكة نحوا مما يقول الناس (٤).

وفي رواية عبد الله بن سنان (عن ابى عبد الله عليه السّلام خ ئل) قال : سمعته ، يقول : المجاور بمكة سنة يعمل عمل أهل مكة ، يعني يفرد الحج مع أهل مكة وما كان من دون السنة فله ان يتمتع (٥) ولكن في الطريق إسماعيل بن مرّار وهو مجهول (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ٨ من أبواب أقسام الحج الرواية ٣.

(٢) الوسائل الباب ٩ من أبواب أقسام الحج الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٩ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢.

(٤) الوسائل الباب ٩ من أبواب أقسام الحج الرواية ٣.

(٥) الوسائل الباب ٩ من أبواب أقسام الحج الرواية ٨.

(٦) سنده كما في الكافي هكذا : علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن يونس عن عبد الله بن سنان إلخ.

٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ورواية سماعة ، عن ابى الحسن عليه السّلام ، قال : سألته عن المجاور ، إله أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال : نعم يخرج الى مهّل أرضه ، فيلبّي ان شاء (١) ، وليست واضحة السند والدلالة.

ومرسلة حريز ، عمن أخبره ، عن ابى جعفر عليه السّلام ، قال : من دخل مكة بحجة عن غيره ، ثم أقام سنة فهو مكّي ، فإذا أراد أن يحج عن نفسه ، أو أراد أن يعتمر بعد ما انصرف من عرفة ، فليس له ان يحرم بمكة (من مكة خ ل) ولكن يخرج الى الوقت وكلّما حوّل رجع الى الوقت (٢) وهي مثلها.

ورواية أبي الفضل ، قال كنت مجاورا بمكة ، فسئلت أبا عبد الله عليه السّلام ، من أين أحرم بالحج؟ فقال : من حيث أحرم رسول الله صلّى الله عليه وآله من الجعرانة أتاه في ذلك المكان فتوح ، فتح الطائف وفتح خبير والفتح (٣) الخبر وهي مثلها.

وفي صحيحة عبد الرّحمن المتقدمة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : انى أريد الجوار بمكة ، فكيف اصنع؟ قال : إذا رأيت الهلال ، هلال ذي الحجة ، فاخرج الى الجعرانة ، فحرم منها بالحج الحديث (٤).

ورواية حفص بن البختري ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في المجاور بمكة ، يخرج إلى أهله ثم يرجع الى مكة ، بأيّ شي‌ء يدخل؟ فقال : ان كان مقامه بمكة أكثر من ستّة أشهر فلا يتمتّع ، وان كان أقل من ستة أشهر ، فله ان يتمتّع (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ٨ من أبواب أقسام الحج الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٩ من أبواب أقسام الحج الرواية ٩.

(٣) الوسائل الباب ٩ من أبواب أقسام الحج الرواية ٦.

(٤) الوسائل الباب ٩ من أبواب أقسام الحج الرواية ٥.

(٥) الوسائل الباب ٨ من أبواب أقسام الحج الرواية ٣.

٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي رواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام ، قال : من اقام بمكة سنة فهو بمنزلة أهل مكة (١).

وفي مرسلة حمّاد وغيره عمن ذكره ، عن ابى عبد الله عليه السّلام من اقام بمكة خمسة أشهر فليس له ان يتمتّع (٢).

وهذه مرسلة ، واللّتان (٣) قبلها ، الأولى مقطوعة إلى يعقوب بن يزيد (٤) والثانية إلى عباس بن معروف وطريقه إليهما غير ظاهر (٥) وان أمكن تصحيح الاولى من الفهرست.

__________________

(١) الوسائل الباب ٨ من أبواب أقسام الحج الرواية ٤.

(٢) الوسائل الباب ٨ من أبواب أقسام الحج الرواية ٥ وسندها على ما في الوسائل نقلا عن التهذيب هكذا : وبإسناده عن أيوب بن نوح عن عبد الله بن المغيرة عن الحسين بن عثمان وغيره عمن ذكره عن ابى عبد الله عليه السّلام وكذا في التهذيب ولا يخفى انّا لم نجد رواية في هذا المقام منقولة من حماد.

(٣) أي رواية حفص ورواية محمد بن مسلم.

(٤) لا يخفى ان المراد بالمقطوعة ليس هو المعنى المصطلح عند علماء الرّجال بل المراد منها عدم ذكر السند من الشيخ الى يعقوب بن يزيد والى عباس بن معروف.

(٥) قال الأردبيلي قده في رجاله (عند ذكر طرق الشيخ الى يعقوب بن يزيد) ما هذا لفظه : والى (اى طريق الشيخ) يعقوب بن يزيد فيه ابن ابى جيّد في الفهرست واليه صحيح في يب في باب الأحداث الموجبة للطهارة في الحديث الخمسين وفي باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة في الحديث الرابع وفي باب صفة الوضوء في الحديث السابع وفي باب تطهير الثياب قريبا من الآخر بأربعة عشر حديثا وفي باب تلقين المحتضرين في الحديث العاشر ج ٢ ص ٥٢٥.

وقال أيضا والى العباس بن معروف ضعيف في ست واليه صحيح في يب في باب الآداب الأحداث الموجبة للطهارة في الحديث الحادي والخمسين وفي باب صفة الوضوء في الحديث التاسع والأربعين وفي باب التيمم في الحديث السادس عشر وفي الحديث الرابع والثلاثين وفي باب تطهير المياه في الحديث الثامن عشر انتهى ج ٢ ص ٤٩٩.

ولعله قده لم يعثر على ما في أواخر (باب الزيادات في فقه الحج) من رواية ٣٢٥ ورواية ٤١٤.

٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

فالذي يفهم من الأكثر (أكثر خ ل) المعتبرة ، هو كون المجاور في الثالثة أهل مكة وعدم جواز التمتع له.

والظاهر انه انما يكون على تقدير كونه حج الإسلام المتعيّن عليه ، كما مرّ ، والا فالظاهر الجواز لهما فتذكر.

ويحتمل في الثانية التخيير ، بان يجعل نفسه مثل أهلها وعدمه ، لما في بعض الاخبار المتقدمة من التحديد بالسنة.

ويحتمل ذلك في ستة أشهر وخمسة أشهر أيضا للجمع بين الاخبار ، وان كان دليلها (١) غير صحيح ، والقائل به غير معلوم ، فيطرح أو يأوّل بالجواز والأفضليّة في غير حجّ الإسلام فتأمل.

ثم اعلم انه يحتمل ان يكون المراد بالمجاور سنة أو سنتين سنة الحج ومضى زمان الحج فيهما ، لا السّنتين الكاملتين العرفيتين بل سنة الحج والحجتين ، وهو غير بعيد ، بل ربما يتبادر في هذا المقام.

ويؤيّده بعض الاخبار المتقدمة مثل صحيحة عمر (٢) فلا يبعد (٣) اشتراط كون النائي المقيم مكلّفا.

وان المراد بالإقامة بمكة ، بعد ان كان نائيا ـ الكون في الموضع الذي يختلف فرض الحج به.

وان المراد بالإقامة به من لم يسبق وجوب حج الإسلام عليه قبل صيرورته مجاورا ، بالمعنى المراد هنا ، فحينئذ يندر أفراد المسألة ، وفائدتها ، خصوصا على ما نقول من اشتراط الاستطاعة من المكان الذي هو فيه الّا ان لا يجوز التمتع لأهل مكة مطلقا.

__________________

(١) يعني خمسة أشهر.

(٢) الوسائل الباب ٩ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢.

(٣) هذا تفريع على ما يستفاد من رواية عمر بن يزيد.

٤٠