مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

دخلنا على ابى عبد الله عليه السّلام أنا وعنبسة بن مصعب وبضعة عشر رجلا من أصحابنا فقلنا جعلنا الله فداك أيّهما أفضل المشي أو الركوب؟ فقال : ما عبد الله بشي‌ء أفضل من المشي ، فقلنا أيّما أفضل نركب إلى مكة فنعجل فنقيم بها الى ان يقدم الماشي أو نمشي؟ فقال : الركوب أفضل (١).

وحمل الشيخ ما يدل على أفضلية الركوب على من يريد التعجيل للعبادة في مكة بقرينة هذه.

وبالجملة ، الظاهر ان المشي أفضل ، ويؤيّده اشتمال هذه التي تدل على أفضلية الركوب على انه ما عبد الله بشي‌ء أفضل من المشي ، فينعقد نذره ، ونذر الحج ماشيا ، ولا يبعد ذلك ، ولو قلنا بعدم الأفضلية ، لأنه يكفي كونه عبادة ذا فضيلة في نفسه ولا تحتاج إلى الأفضلية ، وسيجي‌ء تحقيقه ، وقد مرت إليه الإشارة ، فتذكر.

ويدل عليه الإجماع المنقول في المنتهى ، قال : لو نذر الحج ماشيا وجب عليه ، لأنه طاعة فيصح نذره بلا خلاف ، لقوله صلّى الله عليه وآله من نذر ان يطيع الله فليطعه (٢) وسيجي‌ء أيضا الأخبار الصحيحة ، وغيرها.

وامّا ما يدل على عدم الانعقاد ـ مثل صحيحة ابى عبيدة الحذاء (الثقة) قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل نذر أن يمشى إلى مكة حافيا فقال : انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله خرج حاجا فنظر الى امرأة تمشي بين الإبل فقال من هذه؟ فقالوا أخت عقبة بن عامر ، نذرت أن تمشي إلى مكة حافية ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : يا عقبة انطلق إلى أختك فمرها فلتركب فانّ الله غنى عن مشيها

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٢ من أبواب وجوب الحج الرواية ٢ ونقل ذيلها في الباب ٣٣ من تلك الأبواب الرواية ٣.

(٢) سنن الدارمي ج ٢ كتاب النذر والايمان ، (باب لا نذر في معصية) ، وتمام الحديث ومن نذر ان يعصى الله فلا يعصيه وراجع كنز العمال أيضا ج ١٦ ص ٧١٠ تحت رقم ٤٦٤٦٢.

١٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

وحفاها قال فركبت (١).

فينبغي تأويلها قال المصنف في المنتهى : ان ذلك حكاية حال ، فلا عموم لها ، فلعله صلّى الله عليه وآله علم من حال المرأة العجز عن المشي ، فأمرها بالركوب.

ولكن العلة تدل على العموم ، وان كان التقييد بمشيها وحفاها ، يفيد الاختصاص بها ، فتأمل ، وقبل حصول العجز الحكم بحكم العجز غير مناسب.

ويمكن عدم القائل بعدم الانعقاد ، فيمكن ارتكاب ما ذكره ، وان كان بعيدا.

وأيضا يمكن حملها على علمه صلوات الله عليه بعدم صحة نذرها للإخلال بشرط ما من الصيغة ، كما هو المتعارف بين العوام الى الآن ، من قوله : نذرنا من ان نفعل ، بمجرد قولهم : النذر والخطور بالبال من غير صيغة شرعية ، والقربة ، واذن الزوج ، وغيرها.

وأنّها ليست صريحة في النذر ماشيا ، بل حافيا ، ويمكن عدم انعقاد ذلك لمشقة عظيمة ، ولا كون المشي للنسك والعبادة ، بل قالت : نذرت المشي إلى مكة.

ولو وجد القائل لأمكن القول بعدم صحة نذرها ذلك ، مقتصرا على موضع النّص ، فتأمل.

وبالجملة الظاهر انعقاد نذر المشي ، لما مرّ ، وللأخبار الآتية.

فعلى هذا لو نذر الحج ماشيا يجب عليه المشي من بلد النذر ، ويحتمل من موضع قصد الحج ، والميقات إلى مكة ، وفعل جميع أركانه ماشيا ، ويمكن وجوب جميع أفعاله ومقدماتها (مقدماته خ) كذلك حتى يخلص من مناسك أيام التشريق.

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب وجوب الحج الرواية ٤.

١٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

روى في الفقيه عن الحسين بن سعيد عن إسماعيل بن همام المكي عن ابى الحسن الرضا عليه السّلام عن أبيه قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام في الذي عليه المشي : إذا رمى الجمرة زار البيت راكبا (١).

لعله يريد بالجمرة آخر الجمار يوم النفر ، وبزيارة البيت طواف الوداع ، وهي صحيحة في الكافي ، بلفظ (إذا رمى الجمار) ، وهو أظهر في المطلوب ، ويؤيّد الحمل المذكور.

ويؤيده أيضا صحيحة جميل قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : إذا حججت ماشيا ورميت الجمرة فقد انقطع المشي (٢).

فلو حج راكبا مع القدرة ، ولو في بعض الطريق ولم يتداركه بالمشي ـ فلو تداركه قبل فوات محله ، لم يكن عليه شي‌ء أصلا ـ أمكن انه يصح حجّه ، بمعنى حصول الثواب له ، لو لم يكن معينا بالوقت الذي فعله غير ماش ، ولا شي‌ء عليه من كفارة وهدى ، ويجب عليه الحج المنذور مع الوصف المشروط.

ويمكن اجزائه عن الحج المنذور ، ووجوب الكفارة مع فعله بنيّة النذر ، وعدم ترك المشي في ركن ، فتأمل.

ولو كان معينا ، وما فعل ركنا بغير المشي الذي نذر فعله به فصح الحج أيضا ، وبرأ ذمته من النذر ، ولم يجب القضاء ، الّا أنّه يجب عليه كفارة خلف النذر للركوب حال المشي.

يمكن ان يكون كفارة واحدة ، لأنه نذر واحد في عبادة واحدة شرعا وعرفا.

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٥ من أبواب وجوب الحج الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٣٥ من أبواب وجوب الحج الرواية ٢.

١٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وان فعل ركنا بغير المشي ، لم يصح الحج ، للنهى ، اللازم من الأمر بالشي‌ء في العبادة ، وكونه مفسدا ، وهو واضح ، بناء على كون الأمر مستلزما للنهى عن الضد الخاص ، وكونه في العبادة ، موجبا للبطلان ، كما هو الحق.

وامّا مع العجز بالكليّة ، ففي المعين يسقط وجوب المشي ، بل الحج أيضا ، لأنه كان منذورا بوصف ، وهو عاجز عنه ، فما وجب بالنذر الذي نذره ، والغرض عدم وجوبه بوجه آخر ، ولا يتم الاستدلال ب (لا يسقط الميسور بالمعسور (١)) ولا ب (إذا أمرتكم بشي‌ء فأتوا بما استطعتم منه (٢)) ونحوها.

إذ لا أمر بمطلق الحج ، ولا وجوب للميسور ، ولا بان الواجب أمران ، فإذا تعذّر أحدهما بقي الآخر ، لعدم وجوب الأمرين ، بل ليس إلّا أمر مركب ، أو مقيّد ، فمع تعذر الإتيان به فلا وجوب أصلا ، لانعدام وجوب المركب والمقيد بعدم وجوب الجزء والقيد ، ولا وجوب للجزئين ، والمقيد ، إلّا في ضمن الوجوب المتعلق بالمجموع ، وبدليل وجوب المجموع ، وقد عدم بالاتفاق وهو واضح.

فالحج يسقط عنه سواء عجز قبل الشروع أو بعده ، فلو ركب وحج صح حجه ، لكنه غير حج النذر ، بل تطوع.

وفي المطلق (٣) ينبغي ان يتوقع المكنة ، للوصف المنذور ، فلو حج راكبا بغير الوصف المنذور ، صح الحج ، ويبقى الحج المنذور في ذمته الى ان يحصل المكنة ، فلو لم يتمكن حتى مات لم يأثم ، ولا قضاء ، ولا كفارة ، ويحتمل القضاء.

هذا هو مقتضى النظر في الأصول والقوانين الممهدة ، مع قطع النظر عن

__________________

(١) عوالي اللئالى ج ٤ ص ١٧١.

(٢) مجمع البيان طبع صيدا الإسلامي ج ٣ ص ٢٥٠ وصحيح مسلم كتاب الحج ص ١٠٢ وكنز العمال ج ٥ ص ٢١.

(٣) عطف على قوله : ففي المعيّن.

١٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

كلام الأصحاب ، والنص في خصوص هذه المسألة.

واما كلام الأصحاب ، والأخبار فيها ، فقال في المنتهى : إذا نذر المشي فركب طريقه اختيارا أعاد ، إلى قوله : ولو ركب بعض الطريق ، قال الشيخ ره : يقضى ، ويمشى ما ركب ، ويركب ما يمشي ، إلى قوله : وقال ابن إدريس : يقضى ماشيا لإخلاله بالصفة المشترطة ، وهو جيد.

امّا لو عجز فإنه يركب إجماعا ، لأن العجز مسقط للوجوب ، لان التكليف مشروط بالقدرة ، إذا عرفت هذا ، قال الشيخ ره : إذا ركب مع العجز. ساق هديا بدنة كفارة عن ركوبه (الى قوله) : وقال بعض أصحابنا لا يخلو النذر امّا ان يكون معينا أو مطلقا ، فان كان معيّنا ، فان ركب مع القدرة قضاه ، وكفر ، لخلف النذر ، وان كان مع العجز لم يجبره بشي‌ء وان كان النذر مطلقا ، وجب القضاء فيما بعد ، ولا كفارة ، وهذا قول جيّد ، (ثم ذكر دليله ، وهو ظاهر مما تقدم) ثم قال : احتج الشيخ ره بما رواه (في الصحيح) عن الحلبي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : رجل نذر ان يمشي إلى بيت الله وعجز عن المشي قال : فليركب وليسق بدنة فانّ ذلك يجزى عنه ، إذا عرف الله منه الجهد (١).

وعن ذريح المحاربي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل حلف ليحجّن ماشيا ، فعجز عن ذلك ، فلم يطقه ، قال : فليركب وليسق الهدى (٢) (٣).

وهذه أيضا صحيحة ، وما اعرف عدم تسميتها في المنتهى بها ، ويمكن (٤)

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب وجوب الحج الرواية ٣.

(٢) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب وجوب الحج الرواية ٢.

(٣) انتهى كلام المنتهى.

(٤) اى يمكن عطف قوله في المنتهى : وعن ذريح المحاربي ، على قوله : عن الحلبي ، فتكون العبارة في الصحيح عن ذريح المحاربي فعلى هذا تكون رواية ذريح صحيحه أيضا.

١٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

عطف عن على (عن) فيكون الصحيح قبله أيضا كما هو الظاهر ، ثم حملهما على الاستحباب (١) لعدم الوجوب في صحيحة أبي عبيدة المتقدمة في أخت عقبه (٢).

وفي صحيحة رفاعة بن موسى (الثقة) قال قلت لأبي عبد الله عليه السّلام رجل نذر ان يمشي إلى بيت الله ، قال : فليمش قلت : فإنّه تعب قال : إذا تعب ركب (٣) فيه.

تأمل (٤) ، للإجمال ، وعدم الفرق بين المطلق والمعيّن ، والظاهر الفرق ، كما مرّ ، وعدم ذكر حكم العجز قبل الشروع ، وقد عرفته.

وان قول الشيخ : بركوب ما مشى غير بعيد ، فان محصل النذر وجوب المشي الى البيت ، والإتيان بالأفعال عنده ، ماشيا ، وقد اتى بالمشي في بعض الطريق ، والأصل عدم اشتراط صحة ما فعله بفعل الباقي ، والحج ، ولهذا لو مشى جميع الطريق ، ولم يحج لم يبق عليه الّا الحج ماشيا ، لا المشي في الطريق ، فلو اقام هناك لم يجب عليه الرجوع الى أهله ، ليمشي إلى مكة.

ولهذا لم يجب الإجارة عمن مات في الطريق من بلد الميت اتفاقا على الظاهر ، بل من الموضع الذي مات فيه ، لإتيانه ببعض ما وجب عليه صحيحا ، بل لو مات ناذر المشي ، في الطريق وقبل الإحرام ، أو بعده ، على تردد ، يستأجر عنه من الموضع.

وبالجملة ، إذا فعل المكلف بعض ما وجب عليه ، ولم يعلم اشتراط صحته على ما لم يفعل ، صح منه ما فعل ، ولم يحتج إلى إعادته ، وهو ظاهر ، ليس بخفي ،

__________________

(١) قال في المنتهى : والجواب عن الحديثين ، أنّهما محمولان على الاستحباب إلخ.

(٢) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب وجوب الحج الرواية ٤.

(٣) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب وجوب الحج الرواية ١.

(٤) أي في الكلام المذكور في المنتهى.

١٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

فجيادة قول ابن إدريس دون قول الشيخ خفي ، وهو اعرف.

ولانّ ظاهر كلامهم ، والروايات أيضا ، انه على تقدير العجز عن المشي ، يجب الحج راكبا مطلقا ، وهو محل المنع ، فان الظاهر عدم وجوب الحج بوجه في المعيّن ، وتوقع المكنة ، والصبر في المطلق ، والسقوط مع اليأس ، الّا على تقدير التقصير ، فيمكن الوجوب حينئذ على وجه يقدر ، واستيجار من يمشى ، والسقوط أيضا ، لأنه ما أخر إلّا للوسعة ، وأنّه يجوز له ذلك ، فلا تقصير ، بخلاف تأخير حج الإسلام ، فإنه فوري ، والتأخير حرام ، ولهذا لو قصّر يجب ، ولو مشيا ، وتسكعا ، والاستيجار على تقدير العجز ، بالكلية ، والأصل مؤيّد قوى.

ويمكن حمل كلامهم الذي يمكن ، والروايات على جواز الركوب لو حج ، لا على وجوب الحج راكبا بعد العجز ، فان الظاهر سقوط الوجوب حينئذ كما لو عجز قبل الشروع عن المشي ، كما في سائر الواجبات المنذورة ، وقد مرّ تحقيقه.

ولهذا قال المصنف في المنتهى : إذا ركب مع العجز لم يكن عليه شي‌ء ، لأن العجز مسقط لأصل الحج ، فلصفته اولى.

وحمل الروايات في المختلف على نذر حج ، ومشى فيه معا ، بان نذر أمرين ، فإذا عجز عن أحدهما بقي الآخر ، ويمكن حمل كلام بعضهم على هذا أيضا ، فتأمل.

ولعدم ظهور دليل القضاء (١) لو ركب في المعين مع القدرة ، فإنه يحتاج الى دليل جديد ، وما رأيته ، وما ذكره. ولان ظاهر الروايات وجوب الجبر مع العجز (٢) وعدم القضاء حينئذ ، ولو كان مطلقا ، والاكتفاء بالحج راكبا بعد ان حصل العجز في الطريق ، فلا يبعد القول به ، كما هو ظاهر كلامهم ، للروايتين

__________________

(١) إشارة إلى قول المنتهى : فان ركب مع القدرة قضاه.

(١) إشارة الى ما نقله المنتهى عن بعض الأصحاب (وان كان مع العجز لم يجبره بشي‌ء).

١٢٧

ويشترط في النائب : كمال العقل ، والإسلام

______________________________________________________

الصحيحتين (١).

ويمكن كون الجبران بالهدي لعدم القضاء ، وان كان مع العجز ، فحملها على الاستحباب خلاف الظاهر ، ولا تدل صحيحة ابى عبيدة ورفاعة المتقدمتين (٢) على عدم الوجوب ، إذ لا منافاة بين عدم الذكر فيهما ، والذكر في غيرهما ، لأن الزيادة مقبولة ، وعدم ذكرها في بعض الرواية ، لا يستلزم العدم ، وهو ظاهر ، فلا يبعد التعيين ، بعد كونه مطلقا بالشروع ، لتلك (لتينك خ ل) الروايتين ، وترك التفصيل يدل على العموم ، فلا يبعد ما ذكروه (٣) فتأمل.

فقوله : ولو نذره ماشيا اى الحج ، وقوله : وجب اى الحج ماشيا ، كما سمعت ، وقوله : أعاد أي الحج ماشيا ، ويحتمل المشي فيما ركب ، كما هو مذهب الشيخ أي المشي مطلقا.

قوله : «ويشترط في النائب إلخ». لعلّه أراد بكمال العقل البلوغ أيضا ، امّا اشتراط أصل العقل فظاهر ، وكذا التميز ، وأمّا البلوغ ، فالمشهور هو الاشتراط ، فلا يصح من المميّز الغير البالغ ، ويؤيّده عدم صحة عبادته على المشهور ، وانه مرفوع القلم (٤) ، وانه قد لا يفعل ، لاعتقاده ان لا وجوب عليه فيخبر بالوقوع مع عدمه ، فلا اعتماد عليه.

وفيه تأمل ، لأنّ الظاهر ان عبادته شرعيّة صحيحة وانه قد يوثق به أكثر من غيره.

وأيضا الكلام في أنّه إذا فعل فهو صحيح ، ويبرأ ذمة المنوب أم لا ،

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب وجوب الحج الرواية ٢ ـ ٣.

(٢) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب وجوب الحج الرواية ٤.

(٣) إشارة الى ما استظهره قده من ظاهر كلامهم ، من وجوب الحج راكبا على تقدير العجز عن المشي.

(٤) الوسائل الباب ٤ من أبواب مقدمة العبادات.

١٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر أنّه كذلك ، والاحتياط واضح.

ولهذا قال في المنتهى : قد بيّنا التردد في نيابة الصبي. أمّا العبد المأذون له ، فيجوز.

وما رأيت البيان ، بل رأيت بيان عدمه (١) قبيله بقليل ، وهو اعرف.

وامّا الإسلام ، فاشتراطه واضح ، لأنّه شرط في صحة العبادات بالإجماع ، ولوجوب النية ، مع تعذرها عنه.

بل يمكن وجوب الايمان ، واشتراطه ، ويمكن ان إيراد به ذلك.

بل اشترط البعض العدالة ، ولكن بمعنى توقف براءة ذمة الوصي ـ والذي يخرج الحج عن المنوب ـ على عدالته ليوثق به ، لا بمعنى صحة حجّه في نفس الأمر ، وبراءة ذمة المنوب عنه.

وفيه تأمّل لأنّه يمكن حينئذ بطلان إجارته ، لإمكان كون الوصي منهيا عن استيجاره ، فتبطل الإجارة ، ولأنّه إنّما يفعله بقصد الوجوب عليه بالإجارة ، فلا يصح حجّه على هذا القصد.

هذا بناء على قواعدهم ، والّا فالظاهر الصحة مع الشرائط ، وبرأيه ذمّة المخرج على تقدير الوثوق ، والاخبار بفعله ، وذلك ممكن ، بل قد يحصل العلم بأنّه فعل ، والظاهر أنّه يكفى من يوثق به وثوقا تامّا ، والاحتياط واضح.

وانّه لا بد له من شعور بأفعال الحج في الجملة ، حين الإجارة ، ليعلم العمل الذي يعمله ، ويجب عليه ، ويأخذ به الأجرة المذكورة ، ويكفى عند الفعل الحج مع من يعرف ، وتعليمه بشرط كونه ممن يجوز تقليده ، ويوثق به.

__________________

(١) قال في المنتهى : مسألة يشترط في النائب الإسلام ، الى ان قال : أمّا المميّز فالوجه أنّه لا يصح نيابته أيضا إلخ.

١٢٩

وان لا يكون عليه حج واجب ، وتعيين المنوب عنه قصدا

______________________________________________________

وأمّا اشتراط ان لا يكون عليه حج واجب ، فان كان الحج عليه مضيقا يجب الرواح اليه فوريّا فذلك واضح ، ويدلّ عليه ما في الأخبار (١) من إخراج شخص صرورة لا مال له ، وهذا القيد مذكور في اخبار صحيحة.

ورواية سعيد بن عبد الله الأعرج ـ (الثقة) في الفقيه في باب دفع الحج الى من يخرج فيها ، وهي صحيحة في التهذيب) (٢) سأل أبا عبد الله عليه السّلام عن الصرورة أيحج عن الميّت؟ فقال : نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحج به ، فان كان له مال فليس له ذلك حتى يحج من ماله وهو يجزى عن الميت كان له مال أو لم يكن له مال (٣) ـ يدل على ان الاعتبار بوجود المال الموجب للحج بالفعل في عدم جواز الحج عن الغير لا يوجب الحج (٤).

لعل المراد بقوله عليه السّلام : وهو يجزى إلخ إجزاء حج من حج من ماله (٥) عن الميت ، سواء كان له (٦) مال أم لم يكن له مال ، فتأمل.

وجواز نيابة من وجب عليه مع عدم القدرة بالفعل بوجه ، لا يبعد ، بل يمكن وجوب الاستيجار عليه ، ليتمكن من واجبة أيضا.

وان كان موسّعا يجوز تأخيره ، كالنذر المطلق ، وان كان مع القدرة ، فاشتراط خلو ذمة النائب عنه غير ظاهر ، والاحتياط واضح.

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ٥ من أبواب النيابة.

(٢) لم نعثر على هذه الرواية في التهذيب ، ولعل مراده قده صحيحة سعد بن ابى خلف التي نقلها في الوسائل في الباب ٥ من أبواب النيابة الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٥ من أبواب النيابة الرواية ٣.

(٤) فان صرف مجرد وجوب الحج عليه لا ينافي صحته عن الغير فإن الأمر بالشي‌ء لا يقتضي النهي عن ضده.

(٥) اى من مال الميت.

(٦) أي للصرورة.

١٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وامّا وجوب تعيين المنوب عنه قصدا في نيّة كل فعل منوي لا لفظا ـ بل قيل : يستحبّ ، ليتضح المنوب عنه ويبعد عن تهمة أنّه حج عن نفسه ، ولانّه قد يعين على القصد ، كما هو العادة ـ فلانّ النيّة واجبة ، وهو (١) جزءها عندهم ، لأنّ العمل يحتمل لنفسه ولغيره ، فلا بد من الامتياز ، والغير مشترك ، فلا بد من التعيين ، وقد مرّ (٢) في بحث النيّة ما يمكن فهم ما فيه.

وكأنّ في بعض الروايات ما يدل على عدم الاحتياج الى ذكره مفصّلا بخصوصه ، مثل ما في الفقيه : وروى عن البزنطي ، أنه قال : سأل رجل أبا الحسن الأوّل عليه السّلام ، عن الرّجل يحجّ عن الرّجل يسميه باسمه؟ قال : (انّ خ) الله عز وجل لا يخفى عليه خافية (٣).

وروى مثنى بن عبد السّلام ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، في الرّجل يحج عن الإنسان يذكره في جميع المواطن كلّها؟ قال : ان شاء فعل وان شاء لم يفعل ، الله يعلم أنّه قد حج عنه ، ولكن يذكره عند الأضحيّة إذا هو ذبحها (٤).

والأولى صحيحة ، والثانية يكفي كونها في الفقيه المضمون ، ويبعد تخصيصهما (٥) بالذكر لفظا.

ويؤيّده قوله عليه السّلام : قال الله تعالى إلخ (٦) ولكن يذكره عند

__________________

(١) اى قصد الفعل عن المنوب عنه.

(٢) راجع المجلد الأوّل ص ٩٨ في باب كيفية الوضوء.

(٣) الوسائل الباب ١٦ من أبواب النيابة الرواية ٥.

(٤) الوسائل الباب ١٦ من أبواب النيابة الرواية ٤.

(٥) يعني يبعد تخصيص الرّوايتين بعدم لزوم ذكر المنوب عنه لفظا فقط بل تشملان النيّة قلبا.

(٦) أي في الرواية الأولى.

١٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

الأضحيّة (١).

وما قال فيه أيضا : (في باب دفع الحج ، الى من يخرج فيها) وقال أبو عبد الله عليه السّلام : في رجل اعطى رجلا مالا يحج عنه ، فحجّ عن نفسه؟ فقال : هي عن صاحب المال (٢).

وهي مؤيّدة لعدم الاعتداد بشأن النيّة ، وسيجي‌ء ما يدل عليه أيضا.

والغرض ترك الوسواس ، لا ترك النيّة بالكلّية.

وينبغي عند كل فعل ، العمل بما في الروايات مثل رواية الحلبي (في الفقيه) عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن الرّجل يقضى (يحج خ ل) عن أخيه أو عن أبيه أو عن رجل من الناس (الحج خ) هل ينبغي له ان يتكلم بشي‌ء؟ قال : نعم يقول عند إحرامه بعد ما يحرم (عند ما يحرم ئل) اللهم ما أصابني في سفري هذا من نصب أو شدّة أو بلاء أو تعب ، فأجر فلانا فيه وأجرني في قضائي عنه (٣).

وفي رواية معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام ، أنه قال : إذا أردت أن تطوف (بالبيت ئل) عن أحد من إخوانك ، فائت الحجر الأسود ، وقل بسم الله ، اللهم تقبّل من فلان (٤).

وهذه صحيحة ، والأولى مروية بطرق متعددة في الكافي ـ بعضها حسنة (٥) لإبراهيم ـ مع تغيير ما كما سيجي‌ء.

__________________

(١) أي في الرواية الثانية.

(٢) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب النيابة الرواية ٢.

(٣) الوسائل الباب ١٦ من أبواب النيابة الرواية ٢.

(٤) الوسائل الباب ٥١ من أبواب الطواف الرواية ٤.

(٥) والسند في الكافي هكذا : علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير ، عن معاوية بن عمار إلخ

١٣٢

ولا يصح عن المخالف الّا ان يكون أبا للنائب

______________________________________________________

ويمكن حمل ما ورد في الذكر عند المواطن ، على استحباب التلفظ باسمه عند النيات كما قيل ، وذكره بهذا الوجه.

مثل ما روى في الكافي (في الصحيح) عن محمد بن مسلم ، عن ابى جعفر عليه السّلام ، قال : قلت له : ما يجب على الذي يحج عن الرّجل؟ قال : يسميه في المواطن والمواقف (١) لما تقدم (كما تقدم خ ل).

ولما روى فيه (في الحسن لإبراهيم) عن معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : قيل له أرأيت الذي يقضى عن أبيه أو امّه أو أخيه أو غيرهم ، أيتكلّم بشي‌ء؟ قال : نعم يقول عند إحرامه : اللهم ما أصابني من نصب وشعث أو شدّة ، فأجر فلانا فيه ، وأجرني في قضائي عنه (٢).

وقوع الوجوب بمعنى الاستحباب ، مؤيد لجواز التأويل في كلامهم عليهم السّلام ، خصوصا ما ورد في غسل الجمعة (٣) من لفظ (غسل الجمعة واجب) فافهم.

قوله : «ولا يصح عن المخالف إلخ» أي لا يصح الحج عن المخالف للحق في الاعتقاد ، بمعنى عدم الاجزاء عن الميّت ، وسقوط عقاب الترك ، وحصول الثواب له ، وعدم الثواب والأجرة للنائب ، فلا ينعقد الإجارة لو وقعت ، ولا يصير محرما بفعل الإحرام لو أحرم عنه.

وظاهرهم أعم من ان يكون النائب مثله أم لا ، ويمكن تخصيصه

__________________

(الوسائل الباب ١٦ من أبواب النيابة الرواية ٣).

(١) الوسائل الباب ١٦ من أبواب النيابة الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ١٦ من أبواب النيابة الرواية ٣.

(٣) الوسائل الباب ١ من أبواب الأغسال المسنونة الرواية ٣.

١٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

بالثاني (١) فلا يصح من المحق ، وفي دليله الذي يأتي إشعار به.

الّا ان يكون أبا للنّائب ، فيصح للمحق ذلك عنه.

وأما الدليل فلعله ما قال في الفقيه والتهذيب : وقال وهب بن عبد ربّه للصادق عليه الصلاة والسّلام : أيحج الرّجل عن الناصب؟ فقال : لا ، قلت : فان كان ابى؟ قال : فان كان أباك فحجّ عنه (٢).

الّا أنّه غير صحيح ، لكنها حسنة في الكافي لإبراهيم (٣) غير انّ بدل (فحج عنه) (فنعم).

وفيه رواية عن سهل ، فقال : لا يحجّ عن الناصب ولا يحج به (٤).

وهذه مكاتبة علي بن مهزيار ، مع عدم التصريح بالإمام عليه السّلام.

فهذه المسألة ظاهرة على القول بكفرهم وخلودهم في النّار وعدم استحقاقهم الثواب ، الّا من حيث الاستثناء ، فيكون معنى صحة عباداتهم عدم القضاء ، وقد عرفت بعده ، وأمّا على غيره فلا.

والأصل ، وعموم أدلة وجوب القضاء عن الميّت والحي (٥) مؤيّد للجواز ، وكذا ما يدل على وجوب قضاء العبادات على الولي (٦) فإنه عام يشمل المخالف

__________________

(١) اى عدم صحة الحج بما إذا كان النائب مؤمنا.

(٢) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب النيابة الرواية ١.

(٣) سندها كما في الكافي هكذا : علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن وهب بن عبد ربّه قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام إلخ.

(٤) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب النيابة الرواية ٢ وتمام الرواية هكذا : عن سهل بن زياد ، عن علي بن مهزيار ، قال : كتبت اليه : الرّجل يحج عن الناصب هل عليه إثم إذا حج عن الناصب ، وهل ينفع ذلك الناصب أم لا؟ فقال : لا يحج إلخ.

(٥) راجع الوسائل الباب ١٢ من أبواب قضاء الصلوات والباب ٢٩ من أبواب وجوب الحج.

(٦) راجع الوسائل الباب ١٢ من أبواب قضاء الصلوات الرواية ٦ والباب ٢٣ من أبواب أحكام رمضان والباب ١٥ من أبواب من يصح منه الصوم لعله يستفاد منه ذلك.

١٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

والموافق.

وعلى تقدير منع الحج عن المخالف ، يلزم عدم وجوبه (وجوبها خ ل) على الولي ، الّا ان يستثنى أبو النائب فتأمّل.

قال المصنف في المنتهى : والدّليل انّما ينهض في النّاصب ، لأنّه كافر ، ويعنى به من يظهر العداوة الشّنآن لأمير المؤمنين والأئمة من بعده عليهم السّلام ، وينسبهم الى ما يقدح في العدالة ، كالخوارج ومن ضارعهم ، ونقل الرواية المتقدمة (١).

والظاهر أنّ المراد بالناصب في الرواية ، هو المخالف الغير الكافر ، كما مر في اخبار صحة عباداته ، بعد الاستبصار ، لقوله : (وان كان أبوك فنعم) (٢) فانّ الظاهر أنّه الناصب لما سبقه (٣) ويبعد القول بصحة العبادة عن الكافر بعد موته بالكفر ، واستحقاقه العقاب الدائم ، وهو ظاهر.

ثم قال : أمّا المخالف الذي لا عناد عنده ولا بغضه لأهل البيت عليهم السّلام ففيه إشكال للإجماع على أن عبادته التي فعلها مجزية عنه ، الّا الزكاة.

وأمّا ابن إدريس ره فإنه منع من النيابة عن المخالف مطلقا سواء كان أبا النائب أو أجنبيا وادّعى عليه الإجماع ، وأنّ استثناء الشيخ ره للأب لرواية شاذة (٤) لا يعمل عليها.

ونحن لا نحقق الإجماع هنا ، ولم نظفر في المنع بأكثر من هذه الرواية ، فإن

__________________

(١) يعنى مكاتبة علي بن مهزيار.

(٢) الوسائل الباب ١٩ من أبواب النيابة الرواية ١.

(٣) أي الذي نصب من سبق عليا في الخلافة فهو ناصب بهذا المعنى فتأمّل.

(٤) الوسائل الباب ١٩ من أبواب النيابة الرواية ١.

١٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

كانت شاذة فالاستثناء والمستثنى منه ممنوعان ، وينبغي الجواز عملا بالأصل ، وان كان (كانت ظ) معمولا بها ، فكيف سلّم احد الحكمين الذين اشتملت الرواية عليهما ، دون الآخر ، وهل هذا الّا تحكم محض (١).

والظاهر أنّ دليل ابن إدريس هو الإجماع لا الرواية ، على أنّه قد يقبل المستثنى منه لموافقة كلامهم ويترك الاستثناء للشذوذ.

وبالجملة القول بصحة الحج ـ بمعنى حصول عبادة صحيحة للمخالف الذي مات مخالفا ، وانتفاعه بها ـ لا يخلو عن اشكال مع القول بالخلود ولو جوز العدم (٢) فغير بعيد ، الله يعلم.

وقد يفهم من بعض تصانيفه في الكلام ـ مثل الباب ـ (٣) الخلود ونقل في شرحه على التجريد الخلاف ، وأنّ المذاهب في ذلك ثلاثة ، وأنّ القول بكفرهم ـ بمجرد نسبة ما يخالف العدالة الى احد من أهل البيت عليهم السّلام ، ولو بترك مروّة ـ مشكل ، ويشعر بعدم الكفر به (٤) كلام غيره ، وكذا كلامه في غير هذا الموضع ، بل هنا أيضا ، حيث مثل بالخوارج ، وقال : أمّا المخالف الّذي إلخ ، فإنّه يدل على أنّ من ليس عنده بغضة ليس بكافر فيؤل (٥) كلامه الأوّل.

ولكن قال في بحث الزكاة : لا يجوز إعطائها للمخالف ، لأنّه كافر ، وهو يدل على أنّ المخالف مطلقا عنده كافر ، فتجويز العمل عنه هنا ، وصحته محل التأمل ، وكذا دعوى الإجماع هنا على صحة عباداتهم.

__________________

(١) انتهى كلام المنتهى.

(٢) اى عدم الخلود في النّار.

(٣) اى الباب الحادي عشر.

(٤) اى بمجرّد نسبة ما يخالف العدالة الى احد الأئمة عليهم السّلام.

(٥) هكذا في النسختين المخطوطتين ، ولكن في النسخة المطبوعة فيؤل الى كلامه الأوّل.

١٣٦

ولا نيابة المميّز على رأى.

ولا العبد بدون اذن مولاه [المولى].

ولا في الطواف عن الصحيح الحاضر.

وتصح نيابة الصرورة مع عدم الوجوب وان كان امرأة : عن رجل وامرأة.

______________________________________________________

والظاهر أن الصحة على تقدير كونها مجمعا عليها بعد الاستبصار ، لا مطلقا ، وانّما الكلام هنا في الميّت على الخلاف ، كما هو الظاهر ، فتأمّل.

قوله : «ولا نيابة المميّز على رأى». قد عرفت حاله.

قوله : «ولا العبد إلخ». لأن تصرفه في نفسه من غير اذن لا يجوز ، ومعه يجوز ، والأصل عدم اشتراط الحرية ، ولا يعقل له معنى.

قوله : «ولا في الطواف عن الصحيح الحاضر». لعل المراد به الطواف الواجب ، فدليله ظاهر.

قوله : «وتصح نيابة الصرورة إلخ». قد مر تحقيقه ، ومنع الشيخ حج المرأة الصرورة عن الغير لما تقدم في بعض الروايات (١) وقد مر تأويلها إلى الكراهة.

ويؤيّده رواية سليمان بن جعفر ، قال : سألت الرضا عليه الصلاة والسّلام ، عن امرأة صرورة حجّت عن امرأة صرورة؟ فقال : لا ينبغي (٢).

فإنّه ظاهر في الكراهية ، ونقل الإجماع في المنتهى باجزاء حج الرجل عن مثله وعن المرأة وكذا المرأة (٣).

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ٩ من أبواب النيابة.

(٢) الوسائل الباب ٩ من أبواب النيابة الرواية ٣.

(٣) وفي هامش بعض النسخ المخطوطة هكذا : وفي الفقيه المضمون ، ولا بأس ان يحج المرأة عن المرأة ، والمرأة عن الرّجل ، والرّجل عن المرأة ، والرّجل عن الرّجل ولا بأس ان يحج الصرورة عن الصرورة والصرورة

١٣٧

ولو مات النائب بعد الإحرام ودخول الحرم أجزء عن المنوب عنه ، والّا استعيد من الأجرة بما قابل المتخلّف ذاهبا وعائدا ، وكذا لو صدّ قبل الإحرام.

ويجب ان يأتي بالمشترط إلّا في الطريق ، والعدول الى التمتع مع قصد الأفضل.

______________________________________________________

قوله : «ولو مات النائب إلخ». قد مرّ البحث فيه أيضا فتذكر ، الّا استعادة الأجرة ، وهي ظاهرة حينئذ.

وكذا لو صد قبل الإحرام ، وأمّا بعده ، فسيأتي في حكم المصدود والمحصور

قوله : «ويجب ان يأتي بالمشترط (١) إلّا في الطريق». الذي يقتضيه النظر وجوب الإتيان على المشترط (٢) مطلقا ، ولو في الطريق ، وعدم العدول عنه مطلقا ، لأنّه الواجب عليه ، والمشترط بالعقد فرضا ، الّا انه وردت الرواية فيهما (٣).

وقال الأصحاب بالجواز فيهما.

ولكن اشترطوا في العدول علم النائب بأنّ غرض المستأجر الآمر بغير التمتع الإتيان بالأفضل ، وغلط في انه غير التمتع ، وشرط لذلك.

وهي صحيحة علي بن رئاب (الثقة) قال : سئلت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن رجل اعطى رجلا حجّة يحج ، بها عنه من الكوفة ، فحج عنه من البصرة؟ فقال : لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد تم حجّه (٤).

__________________

عن غير الصرورة وغير الصرورة عن الصرورة بخطه ره.

(١) بفتح التاء.

(٢) بفتح التاء.

(٣) راجع الوسائل الباب ١١ و ١٢ من أبواب النيابة.

(٤) الوسائل الباب ١١ من أبواب النيابة الرواية ١ بطريق الصدوق.

١٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ومثله في الصحيح عن حريز بن عبد الله عنه عليه السّلام (١) وهذه تدل على اجزاء الحج عن الميّت من غير بلد الميّت من الميقات فافهم.

وأنّ الّذي يفهم منها أنه يصح الحجّة ، ويبرأ ذمة المنوب عنه.

وأمّا جواز العدول عن الطريق المشترط ففي فهمه تأمل ما فافهم ، ولهذا نقل في المنتهى المنع عن علي بن رئاب الراوي للحديث المتقدم (٢) فتأمل.

وكذا استحقاق جميع الأجرة وعدمه ، فالظاهر وجوب ما اشترط مهما كان ، وحذف اجرة ما ترك من الطريق ، وغيره وعدم جواز العدول.

كما يدل عليه حسنة الحسن بن محبوب عن علي (٣) في رجل اعطى رجلا دراهم يحجّ بها عنه حجّة مفردة؟ قال : ليس له ان يتمتع بالعمرة إلى الحج ، لا يخالف صاحب الدراهم (٤).

الّا ان يعلم عدم قصده (٥) وجوازه منه (٦) فيجوز ، ولا ينقص من أجره شيئا ، فالجواز مطلقا ـ أو مع عدم تعلق غرض ديني أو دنيوي ، كما يفهم من بعض عباراتهم ـ محل التأمل ، والظاهر أنّ في البعد يحصل الغرض الديني ، فإنه كلما بعد فهو أفضل ، لحصول الثواب بكثرة المشقة والخطوات.

ويمكن حملها على العلم بعدم تعلق غرض له بذلك ، وقصد الوجوب ، بل مجرّد الاتفاق ، أو تخيل الأفضليّة.

__________________

(١) الوسائل الباب ١١ من أبواب النيابة الرواية ١ بطريق الكافي والتهذيب.

(٢) لم نعثر على هذا النقل في المنتهى راجع ص ٨٦٦ منه.

(٣) الظاهر انه علي بن رئاب بقرينة الرواية المتقدمة عليها في التهذيب فراجع.

(٤) الوسائل الباب ١٢ من أبواب النيابة الرواية ٢.

(٥) أي عدم قصد الافراد بخصوصه.

(٦) أي جواز التمتع من الافراد.

١٣٩

ولو استأجره اثنان للإيقاع في عام واحد.

______________________________________________________

كما قيل في صحيحة أبي بصير ، يعني المرادي ، عن أحدهما عليهما السّلام ، في رجل اعطى رجلا دراهم يحجّ بها عنه حجّه مفردة ، فيجوز له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال : نعم انّما خالف الى الفضل (١).

وهي خالية عن القيد المتقدم ، نعم انّها محمولة على صورة يكون التمتع فيها أفضل ، بل ظاهرها كونه أفضل ، وفيه تأمل ، قد مرّ ، فيمكن كونه في ذي المنزلين ، والمنذور المطلق ، والمندوب للنائي.

ويمكن القول بالتعدي في القران أيضا ، على تقدير كونه أفضل منه أيضا ، للعلة المذكورة في الرواية (٢) والاقتصار أحوط.

ولا يفهم ذلك بعد الوجوب بعقد الإجارة ، ويفهم من ظاهر الروايات الجواز عن الميّت من غير عقد اجارة ، وانعقادها من غير صيغة ، فتأمل.

قوله : «ولو استأجره اثنان إلخ» وجه صحة الإجارة السابقة ظاهر ، لأنها عقد وقع من أهله ، في محلّه ، وكذا بطلان اللاحقة ، لأنّها ما وقعت في محلّه ، بل من غير أهله ، إذ الأجير لا يمكنه الحجّ في العام الذي استوجر للحج فيه ، غير ذلك الحجّ ، وهو ظاهر.

وكذا البطلان على تقدير المقارنة ، مثل ان يوقع أحدهما بنفسه ، والآخر بوكيله ، وعلم المقارنة ، للتساوي ، وعدم الرجحان ، ولتوقف صحة كل واحدة على بطلان الأخرى ، ولمنع كل واحدة صحة الأخرى.

والظاهر انه كذلك مع الاشتباه مطلقا سواء علم سابق واشتبه أم لا ،

__________________

(١) الوسائل الباب ١٢ من أبواب النيابة الرواية ١ وفي الفقيه : انّما خالفه الى الفضل والخير ، وفيه أيضا أيجوز له بدل قوله ع (فيجوز له إلخ).

(٢) الوسائل الباب ١٢ من أبواب النيابة الرواية ١.

١٤٠