مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الميقات الذي جازت عنه مع الإمكان وان تمكنت الى غيره أمكن وجوب الرجوع اليه ، ومع العجز ، بالكلية تخرج خارج الحرم ، وتحرم منه ومع التعذر تحرم من موضعها لأنّ الإحرام من الميقات واجب فيجب الرجوع اليه والإحرام منه.

وإذا تعذر مع عدم العلم والعمد فلا خلاف في عدم وجوب الرجوع اليه ، وفي وجوب الإتيان إلى موضع يصح منه الإحرام ، وكان ميقاتا وعلى تقدير الإمكان وأدناه خارج الحرم.

ومع التعذر تحرم من مكانها ، لعدم القدرة على تحصيله في ميقات مّا بوجه ، وقد مر البحث في مثلها فيمن جاوز الميقات ناسيا أو جاهلا.

ويؤيده موثقة زرارة عن أناس من أصحابنا حجّوا بامرأة معهم ، فقدموا الى الوقت (الميقات خ ل) وهي لا تصلّى فجهلوا أنّ مثلها ينبغي ان تحرم فمضوا بها كما هي ، حتّى قدموا مكة ، وهي طامث حلال ، فسألوا الناس ، فقالوا : تخرج الى بعض المواقيت فتحرم منه ، وكانت إذا فعلت لم تدرك الحج ، فسألوا أبا جعفر عليه السّلام فقال : تحرم من مكانها قد علم الله نيتها (١).

وفيها إيماء إلى الاكتفاء بالخروج الى ميقات ما مع الإمكان ، لا تعيين الميقات الذي جازت عنه.

ولا دلالة على عدم الخروج مهما أمكن إلى صوب الميقات وخارج الحرم ، وقد تقدم البحث في ذلك مرارا ، فتذكر.

وصحيحة (٢) معاوية بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن امرأة كانت مع قوم فطمثت ، فأرسلت إليهم فسألتهم ، فقالوا : ما ندري أعليك إحرام أم

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب المواقيت الرواية ٦.

(٢) عطف على قوله : ويؤيّده موثقة زرارة إلخ.

٢٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

لا ، وأنت حائض؟ فتركوها حتى دخلت الحرم فقال عليه السّلام : ان كان عليها مهلة فلترجع الى الوقت فلتحرم منه ، فان لم يكن عليها وقت (مهلة خ ل) فلترجع الى ما قدرت عليه ، بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها (الحج فتحرم يب) (١).

يمكن حمل الرجوع ـ الى المواقيت مهما تقدر ـ على الاستحباب ، لما تقدم ، وعلى الخروج الى ميقات آخر غير الذي مرت ، لعدم كون الإحرام إلّا في ميقات ، وليس ما بين الميقات والحرم ميقات ، وكذا ما بينهما وبين خارج الحرم ، على تقدير تعذّر الخروج وإمكان التقدم في الجملة.

ولما (٢) في صحيحة عبد الله بن سنان ، في الرجل الجاهل ، والناسي عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : يخرج من الحرم ويحرم منه ويجزيه ذلك (٣).

ولما في صحيحة الحلبي وحسنته (في الناسي والخائف فوت الوقت) عنه عليه السّلام فليحرم من مكانه وان استطاع ان يخرج من الحرم فليخرج ثم ليحرم (٤) ولما في صحيحة أخرى (٥) له عنه مثلها ، ولغير ذلك مما تقدم.

ويمكن تخصيص الطامث بهذا وتخصيص تلك الروايات بهذه (٦) ولكنّه بعيد والأصل والشريعة السهلة مؤيّدة ولان الانتهاء الى محل يعلم الخوف بعده و

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب المواقيت الرواية ٤.

(٢) عطف على قوله : لما تقدم.

(٣) الوسائل الباب ١٤ من أبواب المواقيت الرواية ٢ ومتن الرواية هكذا : عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن رجل مرّ على الوقت الذي يحرم منه الناس فنسي أو جهل فلم يحرم حتى اتى مكة ، فخاف ان رجع الى الوقت ان يفوته الحج؟ فقال : يخرج من الحرم ويحرم ويجزيه ذلك.

(٤) الوسائل الباب ١٤ من أبواب المواقيت الرواية ٧ ومتن الرواية : عن الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل نسي أن يحرم حتى دخل الحرم ، قال : قال ابى : يخرج الى ميقات أهل أرضه ، فإن خشي ان يفوته الحج أحرم من مكانه فان استطاع إلخ.

(٥) الوسائل الباب ١٤ من أبواب المواقيت الرواية ١.

(٦) أي بصحيحة معاوية الواردة في الطامث.

٢٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

لا تجوز التعدي (١) بنحو شبر ، مشكل جدا ، مع عدم ظهور قول به ، فإنّ أكثر العبارات يفيد عدم وجوب الخروج مهما أمكن ، نعم يمكن كون ذلك أحوط ، مع التجديد في أدنى الحل والمكان (٢) لاحتمال صيرورتهما ميقاتا فتأمل.

واما المستحاضة فمع فعلها ما يجب عليها بحكم الطاهر فتفعل ما تفعله.

ويؤيده ما في آخر صحيحة معاوية المتقدمة (في حكاية أسماء في الفقيه) ولم تطهر حتى نفروا من منى وقد شهدت المواقف كلّها عرفات وجمعا ورمت الجمار ولكن لم تطف بالبيت ولم تسع بين الصفا والمروة فلما نفروا من منى أمرها رسول الله صلّى الله عليه وآله فاغتسلت وطافت بالبيت وبالصفا والمروة الرواية (٣).

وهذه تدل على عدم اشتراط الطهارة في منسك غيرهما وسيجي‌ء.

وكذا ما في آخرها في الكافي : وقد اتى لها ثمانية عشر يوما فأمرها رسول الله صلّى الله عليه وآله ان تطوف بالبيت وتصلّى ولم ينقطع عنها الدم ففعلت ذلك (٤).

وفيها دلالة على أكثر النفاس وقد تقدم وعلى جواز إدخال النجاسة الغير المتعدية الى المسجد ويمكن ان يكون مخصوصا بها وبحال التعذر والضرورة.

وكذا مرسلة يونس بن يعقوب عمن حدثه عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : المستحاضة تطوف بالبيت وتصلى ولا تدخل الكعبة (٥).

ويمكن كون النهي للتحريم والكراهة ، لعدم ظهور وجه التحريم ، والإرسال ، والأصل ، وكونها في حكم الطاهر.

__________________

(١) وفي بعض النسخ : تجويز التعدي بدل (ولا تجوز التعدي).

(٢) أي في مكانه.

(٣) الوسائل الباب ٤٩ من أبواب الإحرام الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ٩١ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٥) الوسائل الباب ٩١ من أبواب الطواف الرواية ٢.

٢٦٣

المطلب الثالث : في تروكه

يجب على المحرم اجتناب صيد البرّ.

وهو كل حيوان ممتنع يبيض ويفرخ في البرّ أكلا وذبحا و

______________________________________________________

قوله : «وهو كل حيوان ممتنع إلخ». ما يجب على المحرم اجتنابه أمور.

أوّلها صيد البرّ ، وعرفه المصنف بما تقدم ، ولعل مراده بكل حيوان هو كل حيوان محلل لظهور عدم تحريم كل حيوان موصوف.

قال في المنتهى : ولا كفارة في قتل السباع طائرة كانت أو ماشية كالبازي والصقر والشاهين والعقاب ونحوها والنمر والفهد ونحوهما إلّا الأسد فإن أصحابنا رووا ان في قتله كبشا (١) إذا لم يرده واما إذا أراده فإنه يجوز قتله ولا كفارة حينئذ إجماعا ثم قال : روى أبو سعيد المكاري قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : رجل قتل أسدا في الحرم فقال : عليه كبش يذبحه (٢) وعندي في هذه

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٩ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٣٩ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

٢٦٤

اصطيادا واشارة ، ودلالة ، وإغلاقا ، وإمساكا.

______________________________________________________

الرواية توقف ، والأولى سقوط الكفارة عملا بما تقدم من الأحاديث (١).

ويمكن ان يقال السند أيضا غير صحيح والدلالة غير واضحة على المطلوب ، فيحمل على الاستحباب.

ولكن بقي ان بعض المحرمات أيضا حرام صيده على المحرم مثل الثعلب والأرنب والضبّ والقنفذ واليربوع.

لصحيحة مسمع عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : في اليربوع والقنفذ والضب إذا أصابه المحرم فعليه جدي والجدي خير منه وانما جعل هذا لكي ينكل عن فعل غيره من الصيد (٢) ولا يضر عدم التصريح بتوثيق مسمع

ولعموم الأدلة (٣) ولصحيحة أحمد بن محمد البزنطي قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن محرم أصاب أرنبا أو ثعلبا فقال : في الأرنب (دم قيه) شاة (٤).

والظاهر ان ليس التخصيص مرادا لما في الصحيح عنه عن علي بن أبي حمزة عن ابى بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل قتل ثعلبا؟ قال : عليه دم قلت : فأرنبا؟ قال : مثل ما في الثعلب (٥).

ولا يضر عدم توثيق علي وابى بصير ـ بان الظاهر ان علي هو البطائني الضعيف وأبو بصير هو يحيى بن القاسم الضعيف أيضا ـ لعدم القائل بالفرق على الظاهر.

__________________

(١) انتهى كلام المنتهى.

(٢) الوسائل الباب ٦ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٣) أي الأدلة الدالة على تحريم الصيد من الآيات والروايات.

(٤) الوسائل الباب ٤ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٥) الوسائل الباب ٤ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٤.

٢٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ويحتمل كون صيد هذه الحيوانات غير حرام عنده وتحمل الرواية على الندب لعدم صحة الكل ، والصراحة في الكل ، والأصل.

وهو بعيد للتصريح بوجوب الكفارة في المنتهى وغيره.

ويمكن ان يقال يجوز كون غير الصيد أيضا من الحيوانات يكون حراما كالعظاية (١) والزّنبور.

لصحيحة معاوية (٢) قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : محرم قتل عظاية؟ قال : كفّ من طعام.

وفي قتل الزنابير أيضا مثل ذلك (٣).

وصحيحة صفوان عن يحيى الأزرق ، قال : سألت أبا عبد الله وأبا الحسن عليهما السّلام ، عن محرم قتل زنبورا؟ فقال : ان كان خطأ فليس عليه شي‌ء قال : قلت : فالعمد؟ قال : يطعم شيئا من طعام (٤).

وكذا قتل القمل وسائر هوام الجسد وقتل هوام الحيوانات كما سيجي‌ء.

وأنّه (٥) أراد به المحلل وما يشمل هذه مثل ما قال في الدروس : هو الحيوان المحلل الّا ان يكون أسدا أو ثعلبا أو أرنبا أو ظبيا أو قنفذا أو يربوعا الممتنع بالأصالة البري.

والمراد بالممتنع ، هو الممتنع من أخذه بسهولة غالبا ، لتوحشه أصالة ، لأنّه

__________________

(١) العظاء (بالعين المهملة والظاء المعجمة) ممدودا دويبة أكبر من الوزغة الواحدة العظاية والعظاية (مجمع البحرين).

(٢) الوسائل الباب ٧ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

(٣) الوسائل الباب ٨ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ٨ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

(٥) عطف على قوله : يجوز كون غير الصيد.

٢٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

المتبادر من صيد البر المحرم للمحرم في القرآن (١) والحديث والإجماع.

قال في المنتهى : ولا بأس للإحرام ولا للمحرم في تحريم شي‌ء من الحيوانات الأهلي ، وان توحش كالإبل والبقر والغنم ، وهو قول علماء الأمصار ، لأنّ المقتضي للإباحة ـ وهي النصوص الدالة عليه ـ موجود والمانع وهو كونه صيدا منفي ، ولأنّ الأصل هو الإباحة إلخ.

وأمّا البرّي فالظاهر انّ المراد به ما يطلق عليه ذلك عرفا بان يكون معيشته غلبا في البر غير البحر وأما البيان المذكور في المتن وغيره (٢).

أيضا ، فلعله لقربه إلى معناه العرفي ومساواته له ، ويحتمل ان يكون لهم نص أيضا على ذلك وما رأيته إلّا ما ذكره في الفقيه (٣).

قال الله عز وجل «أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيّارَةِ» (٤).

وقال الصادق عليه السّلام : هو مليحه (مالحه كا يب) الذي يأكلون ، وقال :

فصل بينهما كل طير يكون في الآجام يبيض في البر ويفرخ في البر فهو من صيد البرّ وما كان من طير يكون في البر ويبيض في البحر ويفرخ في البحرفهومن صيد البحر (٥)

والظاهر أنه من كلامه عليه السّلام ولكن سنده غير معلوم لعل ضمان مصنفه ، والشهرة ، وعدم ظهور الخلاف ، يجبره.

وأمّا دليل المسألة فهو الإجماع على ما ذكره في المنتهى ، والنص.

__________________

(١) المائدة ٩٦.

(٢) إشارة إلى قول المصنف قدس سره : يبيض ويفرخ في البر.

(٣) ولكن ما نقله من الفقيه موجود في الكافي والتهذيب مسندا وسند الكافي مصحح فراجع.

(٤) المائدة ٩٦.

(٥) الوسائل الباب ٦ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣ ورواها فيمن لا يحضره الفقيه (في باب ما يجب على المحرم في أنواع ما يصيب من الصيد الرواية ١٧ إلى آخر الحديث).

٢٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

مثل قوله تعالى «أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً» (١).

وقوله تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ» (٢).

ولا يخفى أنّ ظاهرهما تحريم الصيد المعروف الذي كان حلالا للمحلّ ، لأنّه المتبادر ، ويحتمل ارادة ما يقصد صيده ويتعارف لفائدة ما وان لم يكن حلالا : فيدخل فيه الأرنب والثعلب ويدخل حينئذ ما ليس بمعلوم تحريمه مثل الذئب والضبع ، وعلى التقديرين يخرج منه بعض ما قيل بتحريمه مثل القنفذ والزّنبور ، ولا يضر ، لإمكان ثبوت تحريمها بدليل آخر.

ويمكن جعل الصيد كناية عن الحيوان المتوحش مطلقا ، ويخرج ما يجوز قتله بدليله ، ولكنّهما غير ظاهر فيه.

وبالجملة الذي تحريمه ظاهر من حيوان البر هو ما يسمى صيدا عرفا للنص والإجماع ، وما يدل الاخبار على تحريمه أيضا مما تقدم والباقي باق على التحليل كصيد البحر للأصل والآية مثل قوله تعالى «أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ» وغيره مثل ما يدل على حصر المحرمات (٣) وأنّ الظاهر تحريم أكل الصيد وقتله بقرينة قوله : (وأحل لكم) فانّ المتبادر منه هو تحليل الأكل المستلزم لتحليل أخذه ولقوله تعالى : «لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ» الّا أنّ الظاهر تحريم جميع ما ذكره في المتن أكلا ، وذبحا ، واصطيادا ، واشارة ودلالة (وهي (٤) مغنية عن اشارة) وإغلاقا وإمساكا و

__________________

(١) المائدة ٩٦.

(٢) المائدة ٩٥.

(٣) قال الله تعالى (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً) الآية (الانعام ١٤٥).

(٤) اى قوله : دلالة مغنية عن قوله : اشارة.

٢٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

يمكن استخراج أكثرها من الاولى (١) امّا بحملها على تحريم منافع الصيد وما هو سبب لذلك أو بحمل الصيد على المعنى المصدري ، للإجماع.

قال في المنتهى : وصيد البر حرام اصطياده والأكل منه والإشارة والدلالة والاغلاق وكذا فرخه وبيضه ، وهو قول كل من يحفظ عنه العلم.

ولحديث عمر بن يزيد عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : واجتنب في إحرامك صيد البر كلّه ولا تأكل مما صاده غيرك ولا تشر اليه فيصيده (٢) (اى اشارتك اليه اصطياد وتصييد له).

وصحيحة منصور بن حازم عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : المحرم لا يدل على الصيد فان دل عليه فقتل فعليه الفداء (٣) وغير ذلك من الاخبار وستسمع البعض.

وان جميع ما يحرم على المحرم من صيد البر يحرم على المحل في الحرم للإجماع

قال في المنتهى : واجمع المسلمون كافّة على تحريم صيد الحرم على الحلال والحرام ، لم يخالف فيه مخالف وتدل عليه الاخبار أيضا وسيجي‌ء البعض ثم قال : ويضمن المحرم في الحلّ والحرم بلا خلاف وكذا يضمن المحل في الحرم ذهب إليه علمائنا وأكثر الجمهور ونقل الرواية بطرقهم (٤).

__________________

(١) من الآية الأولى.

(٢) الوسائل الباب ١ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٥.

(٣) الوسائل الباب ١ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣.

(٤) قال في المنتهى ص ٨٠٠ : لنا ما رواه الجمهور عن الصحابة انّهم قضوا في حمام الحرم بشاة شاة رووه عن علي عليه السّلام وابن عباس وعمر وعثمان وابن عمر ولم ينقل خلاف لهم فكان إجماعا.

وقال في التذكرة : البحث الثاني فيما لا بدل له على الخصوص ، الى ان قال : ففي كل حمامة شاة ذهب إليه علمائنا اجمع وبه قال علي عليه السّلام وعمر وعثمان وابن عمر وابن عباس ونافع بن الحرث فإنّهم

٢٦٩

والنساء وطيا ، وعقدا له ولغيره.

______________________________________________________

ومن طرقنا رواية معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : في (حديث) وان أصبته وأنت حرام في الحلّ فعليك القيمة (١).

ثم قال : فكل ما يحرم ويضمن في الإحرام يحرم ويضمن في الحرم للمحل الّا القمل والبراغيث فإنه يحرم قتلهما حال الإحرام ولا بأس به في الحرم للمحل بلا خلاف وان وقع الخلاف في تحريم قتلهما في حال الإحرام (٢) وسيجي‌ء تحقيقه.

ويؤيد الإجماع ـ على اباحة قتل القمل والبرغوث والنمل وأشباهه للمحل في الحرم ـ صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا بأس بقتل النمل والبق في الحرم ولا بأس بقتل القملة في الحرم (٣).

وهي تدل على جواز قتل النملة مطلقا (٤) فما روى في قرب الاسناد ـ عن علي بن جعفر (٥) عن أخيه موسى عليهم السّلام وسألته عن قتل النملة؟ قال : لا تقتلها الّا ان تؤذيك ـ يكون مقيدا لهذا فيكون مخصوصا بوقت الإيذاء وذلك أحوط ويحتمل الكراهة فتأمل.

قوله : «والنساء وطيا وعقدا له ولغيره وشهادة عليه واقامة وتقبيلا ونظرا بشهوة والاستمناء».

إشارة إلى ثاني المحرمات الظاهر أنّ المراد بها المحللة غير حال الإحرام

__________________

حكموا في حمام الحرم بكل حمامة شاة انتهى ج ١ ص ٣٤٦.

(١) الوسائل الباب ٤٤ من أبواب كفارات الصيد الرّواية ٥ ، وفي ذيلها : وان أصبته وأنت حرام في الحل فإنّما عليك فداء واحد (والظاهر انّها منقولة بالمعنى).

(٢) انتهى كلام المنتهى.

(٣) الوسائل الباب ٨٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٤) أي مع الإيذاء وعدمه.

(٥) قرب الاسناد باب ما يجوز من الأشياء ص ١٢١.

٢٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

والمحرمة وان اللمس والتزامها وملاعبتها كالنظر ولعل في النظر والتقبيل إشارة إليها.

وأنّهما مقيدان بالشهوة في المحرمات نسبا ورضاعا ومصاهرة لما قال في المنتهى : ولا يحرم للمحرم ان يقبل امّه لأنها ليست محل الشهوة.

ولرواية حسين بن حماد قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن المحرم يقبل امّه؟ قال : لا بأس به هذه قبلة رحمة ، إنّما يكره قبلة الشّهوة (١).

ومثلها رواية سماعة (٢) عنه عليه السّلام مع قوله : لانّ ذلك يكون من جهة الرحمة والتعطف دون الشهوة وميل الطباع.

وهما يفيدان التقييد في غيرها أيضا مثل البنت والأخت وغيرهما.

والأصل مع عدم ظهور دليل التحريم مؤيّد.

وأمّا دليل تحريم الوطي قبلا أو دبرا حال الإحرام وتعلق الكفارة والفساد ، فهو النص من الكتاب (٣) والسنة ، فانّ الرّفث فسر بالجماع في الاخبار الصحيحة وسيأتي ، والإجماع.

قال في المنتهى : ويحرم وطى النساء قبلا حال الإحرام وكذا يحرم دبرا إجماعا ، ويتعلق به الإفساد على ما يتعلق بالوطي في القبل على ما يأتي بيانه.

وامّا دليل تحريم العقد مطلقا فهو الإجماع المدّعى في المنتهى أيضا.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٨ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٥.

(٢) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٤ وقوله : (لان ذلك إلخ) يحتمل ان يكون من كلام الشيخ في يب ، ولعله لذلك لم ينقله في الوسائل ، راجع يب باب الكفارة عن خطأ المحرم وتعدية الشروط.

(٣) وهو قوله تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ) (البقرة ١٩٧).

٢٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة ابن سنان (كأنه عبد الله بن سنان الثقة) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : ليس للمحرم ان يتزوّج ولا يزوّج فان تزوّج أو زوّج محلّا فتزويجه باطل (١).

ومثلها في الحسن عن معاوية بن عمار (٢) وغيرهما من الأخبار.

وهي كما تدل على تحريم الفعل ، تدل على بطلانه أيضا ، وهو مؤيد لما قلناه من دلالة النهي على البطلان في غير العبادات أيضا في الجملة ، فتذكر ، وتأمل.

وكأنّه لا خلاف عندنا في البطلان أيضا ، وكذا في التحريم الأبدي مع العلم بالتحريم.

قال في المنتهى : لو عقد المحرم حال إحرامه على امرأة فإن كان عالما بتحريم ذلك فرق بينهما ولم تحل له ابدا ، وان لم يكن عالما فرق بينهما ، فإذا أحلا أو أحل ان لم تكن محرمة ، جاز له العقد عليها ، ذهب إليه علمائنا خلافا للجمهور.

ولرواية أديم بن الحر الخزاعي ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : ان المحرم إذا تزوج وهو محرم ، فرق بينهما ، ولا يتعاودان ابدا ، والذي يتزوج المرأة ولها زوج يفرق بينهما ولا يتعاودان ابدا (٣).

ومثلها رواية إبراهيم بن الحسن (٤) في المحرم فقط لا في المتزوج على من لها زوج.

وهما غير صحيحين ولا صريحين لاحتمال النهي عن ذلك الفعل دائما ،

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ١٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٩.

(٣) الوسائل الباب ١٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٤) الوسائل الباب ١٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١ ومتن الرواية عن الكافي : إبراهيم بن الحسن ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : ان المحرم إذا تزوج وهو محرم فرق بينهما ، ثم لا يتعاودان ابدا.

٢٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

بل هو الظاهر من العود ، واما عدم الصحة (١) فلوجود العبّاس (٢) المشترك. وعبد الله بن بكير الواقفي ، وان كان ثقة في الاولى وهو (٣) موجود في الثانية مع الاشتراك في الحسين بن علي ، وإبراهيم بن الحسن فهما (٤) في الحقيقة منتهيتان الى عبد الله بن بكير ، فلو وجد الرفيق لا يبعد القول بالجواز للأصل وآيات التحليل (٥) واخباره (٦).

وصحيحة عاصم بن عبد الحميد (الثقة) عن محمد بن قيس ، عن ابى جعفر عليه السّلام ، قال :

قضى أمير المؤمنين عليه السّلام ، في رجل ملك بضع امرأة ، وهو محرم قبل ان يحل ، فقضى ان يخلّى سبيلها ، ولم يجعل نكاحه شيئا حتى يحلّ فإذا أحلّ خطبها ان شاء ، فان شاء أهلها زوجوه ، وان شاءوا لم يزوّجوه (٧).

ولا يضر اشتراك محمد بن قيس (٨) لأنّ الظاهر أنّه البجلي (الثقة) لما قال

__________________

(١) سند الاولى في التهذيب هكذا : موسى بن القاسم عن عباس عن عبد الله بن بكير عن أديم بن الحرّ الخزاعي.

وسند الثانية هكذا : احمد بن محمد بن عيسى عن الحسين (الحسن خ ل) بن علي عن ابن بكير عن إبراهيم بن الحسن.

(٢) هكذا في النسخ والصواب العباس كما في سند التهذيب فراجع.

(٣) اى ابن بكير.

(٤) اى الروايتان.

(٥) قال الله تعالى (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) الآية النور ٣٢ وغيرها من الآيات الواردة في النكاح.

(٦) راجع الوسائل الباب ١ من أبواب مقدمات النكاح.

(٧) الوسائل الباب ١٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣.

(٨) والسند كما في التهذيب هكذا : موسى بن القاسم عن صفوان وابن ابى عمير عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس.

٢٧٣

وشهادة عليه ، واقامة.

______________________________________________________

في الفهرست انّ للبجلي كتاب قضايا أمير المؤمنين عليه السّلام ثم ذكر إسناده إليه بطريق صحيح الى عاصم بن حميد عنه وكأنّه لذلك قال في المنتهى (في الصحيحة عن محمد بن قيس) : وبالجملة إذا روى عاصم بن حميد أو يوسف بن عقيل عن محمد بن قيس فمحمد بن قيس هذا ثقة وذلك ظاهر لمن نظر في الفهرست ، وكتاب النجاشي ، وطريق الفقيه إليه ، فتأمل.

فما قال في دراية الحديث (١) : ان ما اشتمل على محمد بن قيس عن الباقر عليه السّلام مردود للاشتراك ـ محل التأمل فتنبه.

وقد حملها في التهذيب والمنتهى على الجاهل بالتحريم ، وجعلها دليلا له ، فتأمل.

وامّا دليل تحريم تحمل الشهادة للعقد وإقامتها له ، فما رأيت فيه ما يعتد به ، نعم ذكره الأصحاب من غير ذكر خلاف.

ويدل عليه رواية الحسن بن علي عن بعض أصحابنا عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : المحرم لا ينكح ولا ينكح (ولا يخطب كا) ولا يشهد (النكاح كا) فان نكح فنكاحه باطل (٢).

ورواية ابن أبي شجرة عمن ذكره عن ابى عبد الله عليه السّلام في المحرم يشهد على نكاح محلّين قال : لا يشهد ثم قال : يجوز للمحرم ان يشير بصيد على محل (٣).

__________________

(١) اى الشهيد الثاني قده ، والعبارة المنقولة عنه (كما في تنقيح المقال ج ٣ ص ١٧٧) هكذا : ان الشهيد الثاني قال في شرح الدراية : كلما كان في عنوان الحديث ، محمد بن قيس عن ابى جعفر عليه السّلام ، فهو مردود ، لاشتراكه بين الثقة والضعيف انتهى.

(٢) الوسائل الباب ١٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٧.

(٣) الوسائل الباب ١ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٨.

٢٧٤

وتقبيلا.

______________________________________________________

ويمكن الكراهة لعدم صحتهما وصراحتهما في الإقامة ، واشتمال الاولى في الكافي على قوله : (ولا يخطب) مع عدم الخلاف في إباحة الخطبة كما يظهر من المنتهى.

والثانية على جواز الإشارة إلى الصيد للمحل وان حملها الشيخ في الاستبصار على الإنكار جمعا بينها وبين ما تقدم مما دل على عدم جوازها (١)

ويمكن حملها على العلم بأنّه لا يمكن صيده له ولا ميلة الى ذلك.

وبالجملة قد يكون الحرام هو الدلالة من حيث الصيد ولأن يصاد ، ولاحتمال ذلك لا مع العلم بعدم الإمكان ولغرض (لغرض خ ل) آخر كما هو الظاهر من الرواية الدالة على المنع (٢) وكلام الاستبصار لا يجوز الإشارة إلى الصيد لمن يريد الصيد فتأمل.

والظاهر عدم بطلان العقد لو شهد المحرم عقد النكاح لعدم شرطيتها في صحة العقد والأصل وعموم الأدلة نعم يمكن ذلك عند من يشترطها فيه.

وعدم (٣) جواز الحكم وصحته بشهادته ، لعدم صحة الشهادة حينئذ نعم لو حكم بها جهلا يمكن ان لا يبطل فتأمل.

واما التقبيل وما بعده فمعلوم تحريمها عمدا في الأجنبيات مطلقا.

وامّا في الزوجة وما في معناها فالظاهر تحريمها على المحرم عمدا مع الشهوة لا بدونها لصحيحة محمد (كأنّه ابن مسلم الثقة) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل (٤) حمل امرأته وهو محرم فأمنى أو أمذى؟ فقال : ان كان حملها أو مسها

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ١ من أبواب تروك الإحرام.

(٢) المستفاد من قوله عليه السّلام : (ولا تشر اليه فتصيده).

(٣) والمراد عدم جواز حكم الحاكم بشهادة المحرم.

(٤) في أحد السندين من التهذيب : عن رجل محرم حمل إلخ.

٢٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

بشي‌ء من الشهوة فأمنى أو لم يمن أمذى أو لم يمذ فعليه دم يهريقه فان حملها أو مسها بغير شهوة فأمنى أو أمذى فليس عليه شي‌ء (١).

كذا سمّاها في المنتهى مع انّ فيها علي بن أبي حمزة المشترك فكأنه علم انه الثمالي الثقة فتأمل.

وحسنة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته؟ قال : نعم يصلح ، عليها خمارها ويصلح عليها ثوبها ومحملها ، قلت : أفيمسّها وهي محرمة قال : نعم قلت : المحرم يضع يده بشهوة؟ قال : يهريق دم شاة ، قلت : فان قبل؟ قال : هذا أشد ينحر بدنة (٢).

ورواية محمد بن مسلم (على الظاهر) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل حمل امرأته وهو محرم فأمنى أو أمذى فقال : ان كان حملها أو مسّها بشهوة فأمنى أو لم يمن أمذى أو لم يمذ فعليه دم يهريقه فان حملها أو مسّها لغير شهوة فأمنى أو لم يمن فليس عليه شي‌ء (٣).

وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن الرجل يعبث بامرأته (بأهله خ ل) حتى يمني وهو محرم من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان ما ذا عليهما؟ فقال : عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي يجامع (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ١٧ من أبواب كفارات الاستمتاع في الإحرام الرواية ٦.

(٢) الوسائل الباب ١٨ من أبواب كفارات الاستمتاع في الإحرام الرواية ١ وروى صدرها في الباب ١٧ من تلك الأبواب الرواية ٢.

(٣) الوسائل الباب ١٧ من أبواب كفارات الاستمتاع في الإحرام الرواية ٦ بسند آخر في التهذيب والظاهر انها صحيحة أيضا فراجع.

(٤) الوسائل الباب ١٤ من أبواب كفارات الاستمتاع في الإحرام الرواية ١.

٢٧٦

ونظرا بشهوة.

______________________________________________________

ويدل على تحريم النظر إلى الأجنبية ، حسنة معاوية بن عمار في محرم نظر الى غير أهله فأنزل ، قال : عليه دم لأنه نظر الى غير ما يحل له وان لم يكن انزل فليتق الله ، ولا يعد ، وليس عليه شي‌ء أي لا كفارة عليه (١).

والظاهر انّه عن الامام عليه السّلام.

وما روى في الصحيح عن إسحاق بن عمار ، عن ابى بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل محرم نظر الى ساق امرأة (أو الى فرجها قيه) فأمنى؟ قال : ان كان موسرا فعليه بدنة وان كان بين ذلك (اى متوسطا (٢)) (وان كان وسطا قيه) فبقرة (فعليه بقرة قيه) وان كان فقيرا (فعليه شاة قيه) فشاة (وقال قيه) أما انّى لم اجعل ذلك عليه هذا من أجل الماء (لأنّه أمنى يب قيه) ولكن من أجل أنّه نظر (ولكنّي جعلته عليه لأنّه نظر قيه) (انما جعلته عليه لانّه نظر يب) الى ما لا يحل له (٣).

فما يدل ـ على عدم شي‌ء في النظر إلى امرأته فأمنى مع الشهوة ـ فالظاهر أنّه محمول على حال الجهل أو السهو دون العمد ، كما حمله عليه الشيخ والمصنف في المنتهى.

وهو صحيحة إسحاق بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام ، في محرم نظر الى امرأته بشهوة فأمنى؟ قال : ليس عليه شي‌ء (٤).

وكذا ينبغي حمل ما يدلّ على الكفارة ـ في تقبيل امرأته بغير شهوة ـ على الاستحباب.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٦ من أبواب كفارات الاستمتاع في الإحرام الرواية ٥.

(٢) قوله (متوسطا) من كلام الشارح المحقق قده.

(٣) الوسائل الباب ١٦ من أبواب كفارات الاستمتاع في الإحرام الرواية ٢.

(٤) الوسائل الباب ١٧ من أبواب كفارات الاستمتاع في الإحرام الرواية ٧.

٢٧٧

والاستمناء.

______________________________________________________

مثل صحيحة مسمع ابى سيّار (الممدوح في الجملة) قال : قال لي أبو عبد الله عليه السّلام : يا أبا سيار ان حال المحرم ضيقة (صعبة خ ل) فمن (ان خ ل) قبل امرأته من غير شهوة ، وهو محرم فعليه دم شاة ومن (وان يب) قبل امرأته على شهوة فأمنى فعليه جزور ويستغفر ربّه ، ومن مس امرأته بيده وهو محرم على شهوة فعليه دم شاة ، ومن نظر الى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور ، ومن مس امرأته أو لازمها من غير شهوة فلا شي‌ء عليه (١).

للأصل ، وعموم ما يدل على عدم شي‌ء في المس بغير شهوة (٢) وعدم توثيق مسمع ومدحه ، بحيث يفيد حسن الخبر.

ويمكن حملها على تقدير إنزال المني ، فكأنّ التقدير : على غير شهوة فأمنى ، ويؤيّده وجوده (٣) بعد قوله : (على شهوة) ولانّ هذا يفيد عدم جزور إذا نظر بشهوة ، ولم يمن ، فكذا ينبغي التقبيل بغير شهوة بطريق أولى ، بل إهمال إيجاب التقبيل بشهوة من دون المني شيئا ، يدل على عدم شي‌ء في التقبيل بغير شهوة بالطريق الأولى.

ويؤيده عدم شي‌ء في المس والالتزام في هذه الرواية وكذا التعليل الذي تقدم في تقبيل الام فتأمل.

وأمّا تحريم الاستمناء فهو لرواية إسحاق بن عمار عن ابى الحسن عليه السّلام قال : قلت : ما تقول في محرم عبث بذكره فأمنى؟ قال : أرى عليه مثل ما على من أتى اهله وهو محرم بدنة ، والحج من قابل (٤)

__________________

(١) الوسائل الباب ١٢ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣.

(٢) راجع الوسائل الباب ١٧ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٦.

(٣) أي وجود قوله عليه السّلام : (فأمنى).

(٤) الوسائل الباب ١٥ من أبواب كفارات الاستمتاع في الإحرام الرواية ١.

٢٧٨

والطيب مطلقا على رأى. وان كان في الطعام.

______________________________________________________

ولصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المحرم يبعث بأهله (وهو محرم يب) حتى يمني من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان ماذا عليهما؟ قال : عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي يجامع (١).

والظاهر عدم وجوب الحج من قابل لما سيأتي من عدم الإفساد إلّا بالجماع قبل الموقفين.

ويؤيّده هذه الصحيحة ، والأصل ، مع ضعف رواية إسحاق ، ويمكن حملها على الاستحباب.

قوله : «والطيب مطلقا على رأى إلخ». هذا ثالث المحرمات وهو مطلق الطيب عند المصنف يعنى جميع أجناسه وأنواعه وما يطلق عليه الطيب حرام شمه ومسّه واستعمال ما فيه ذلك ، باللّبس والأكل ، إلّا ما استثنى والرأي إشارة إلى مذهب الشيخ في بعض كتبه مثل التهذيب والاستبصار انّ المحرم هو المسك والعنبر والزّعفران والورس قال : وفي رواية العود (٢) ونقل عن نهايته في المنتهى العود والكافور أيضا وأنّ غيرها مكروه ويستحب اجتنابه قال في المنتهى : (الورس بفتح الواو وسكون الرّاء هو نبت أحمر يوجد على قشور شجرة ينحت عنها ويجمع وهو شبيه بالزّعفران المسحوق يجلب من اليمن طيّب الرّيح) وقال أيضا : الطيب ما يطيب رائحته ويتخذ للشم كالمسك الى قوله : والأدهان الطيبة كدهن البنفسج.

واما دليل تحريمه مطلقا ، فهو الشهرة العظيمة ، وعموم الأخبار الكثيرة.

مثل صحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام قال : من أكل زعفرانا متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم وان (فان خ) كان ناسيا فلا شي‌ء عليه ،

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب كفارات الاستمتاع في الإحرام الرواية ١.

(٢) سيأتي نقلها عن ابن ابى يعفور.

٢٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ويستغفر الله ويتوب اليه (١).

وصحيحة حريز ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : لا يمس المحرم شيئا من الطيّب ولا من الرّيحان ، ولا يتلذذ به ، فمن ابتلى بشي‌ء من ذلك فليتصدق بقدر ما صنع ، بقدر شبعه ، يعنى من الطعام (٢).

كذا سماها في المنتهى ، مع انّ فيها عبد الرحمن المشترك فكأنّه علم أنه ابن ابى نجران الثقة للتصريح في بعض الاخبار بنقل موسى بن القاسم عنه ، وقد نقل موسى بن القاسم هنا عن عبد الرحمن ، فتأمل (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ٤ من أبواب بقية كفارات الإحرام الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ١٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١١ والسند كما في التهذيب والاستبصار هكذا : موسى بن القاسم عن عبد الرحمن عن حماد عن حريز إلخ.

(٣) وجهه أنّه ليس بدليل ، ولذلك صرح بنقل موسى بن القاسم عن عبد الرحمن بن سيابة عن حماد عن حريز كما وقع في بيان الشك في الطواف ، وعبد الرّحمن بن سيابة مجهول غير مذكور (منه ره) هكذا في هامش بعض النسخ المخطوطة.

أقول : الرواية التي أشار إليها (في الحاشية) نقلها في الوسائل في الباب ٣٣ من أبواب الطواف الرواية.

وسندها (كما في التهذيب) هكذا موسى بن القاسم عن عبد الرحمن سيابة عن حماد عن حريز عن محمد بن مسلم ، ولكن في الوسائل بعد نقل الرواية ، قال ما هذا لفظه : أقول عبد الرحمن الذي يروى عنه موسى بن القاسم هو ابن ابى نجران وتفسيره هنا بابن سيابة غلط كما حققه صاحب المنتقى وغيره.

ونحن ننقل عبارة المنتقى : قلت هذا هو الموضوع الذي ذكرنا في مقدمة الكتاب انّه اتفق فيه تفسير عبد الرحمن بن سيابة ولا يرتاب الممارس في أنّه من الأغلاط الفاحشة وانما هو ابن ابى نجران لانّ ابن سيابة من رجال الصادق عليه السّلام فقط إذ لم يذكره في أصحاب أحد ممن بعده ولا توجد له رواية عن غيره وموسى بن القاسم من أصحاب الرضا عليه السّلام والجواد عليه السّلام فكيف يتصور روايته عنه وامّا عبد الرّحمن بن ابى نجران فهو من أصحاب الرضا والجواد عليهما السّلام أيضا ورواية موسى بن القاسم عنه معروفة مبينة في عدة مواضع وروايته هو عن حماد بن عيسى شايعة وقد مضى منها اسناد عن قرب وبالجملة فهذا عند المستحضر من أهل الممارسة غنى عن البيان وقد اتفق في محل إيراده من التهذيب تقدم الرواية عن ابن سيابة في طريق ليس بينه وبينه سوى ثلاثة أحاديث فلعله السبب في وقوع هذا التوهم بمعونة قلة الممارسة والضبط في المتعاطيين لنقل

٢٨٠