مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

فانّ الظاهر عدم وجوب مقارنة النية لأحدهما (١) على تقدير وجوبها ، كما هو الظاهر من الأدلة.

وهي الأصل ، مع الاتفاق ، والإجماع ، بالانعقاد بعدها ، وعدم دليل واضح عليه قبلها.

وصحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا بأس ان يصلى الرجل في مسجد الشجرة ويقول الذي يريد ان يقوله ولا يلبّى ثم يخرج فيصيب من الصيد وغيره فليس عليه فيه شي‌ء (٢).

وما في صحيحة المتقدمة (٣) في بيان كيفية التلبية.

ومثلها ما في صحيحته الأخرى في الكافي في بيان كيفية الإحرام يجزيك ان تقول هذا مرة واحدة حين تحرم ثم قم فامش هنيئة فإذا استوت بك الأرض ماشيا كنت أو راكبا فلبّ (٤).

وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن ابى عبد الله عليه السّلام في الرجل يقع على اهله بعد ما يعقد الإحرام ولم يلبّ قال ليس عليه شي‌ء (٥).

وصحيحة حفص بن البختري وعبد الرحمن بن الحجاج عن ابى عبد الله عليه السّلام انه صلّى ركعتين في مسجد الشجرة وعقد الإحرام ثم خرج فاتى خيص فيه زعفران فأكل منه (٦).

__________________

(١) أي التلبية أو الإشعار أو التقليد.

(٢) الوسائل الباب ١٤ من أبواب الإحرام الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الإحرام الرواية ٦.

(٤) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الإحرام الرواية ١ نقلها في ذيل الرواية.

(٥) الوسائل الباب ١٤ من أبواب الإحرام الرواية ٢.

(٦) الوسائل الباب ١٤ من أبواب الإحرام الرواية ٣ وفي الفقيه في ذيل الرواية ما هذا لفظه : (فأكل قبل ان يلبى منه).

٢٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة حفص بن البختري عن ابى عبد الله عليه السّلام فيمن عقد الإحرام في مسجد الشجرة ثم وقع على اهله قبل ان يلبّى قال : ليس عليه شي‌ء (١).

وما في الصحيح عن علي بن عبد العزيز قال : اغتسل أبو عبد الله عليه السّلام للإحرام بذي الحليفة ثم قال لغلمانه : هاتوا ما عندكم من الصيد حتى نأكله فأتي بحجلتين ـ فأكلهما قبل أن يحرم (٢).

قال الشيخ في التهذيب بعد هذه الروايات : والمعنى في هذه الأحاديث ، انّ من اغتسل للإحرام ، وصلّى ، وقال ما أراد من القول بعد الصلاة ، لم يكن في الحقيقة محرما ، وانّما يكون عاقدا للحج ، والعمرة ، وانّما يدخل في ان يكون محرما إذا لبّى.

والذي يدل على هذا المعنى ما رواه موسى بن القاسم عن صفوان عن معاوية بن عمار وغير معاوية ممّن روى صفوان عنه هذه الأحاديث يعني هذه الأحاديث المتقدمة وقال هي عندنا مستفيضة (مستفاضة خ ل) عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما السّلام انّهما قالا : إذا صلّى الرّجل ركعتين وقال الذي يريد ان يقول من حج أو عمرة في مقامه ذلك ، فإنه إنما فرض على نفسه الحج ، وعقد عقد الحج ، وقالا : ان رسول الله صلّى الله عليه وآله ، حيث صلّى في مسجد الشجرة ، صلّى وعقد الحج ، ولم يقولا : صلّى وعقد الإحرام ، فلذلك صار عندنا ان لا يكون عليه فيما أكل مما يحرم على المحرم ولانه قد جاء في الرجل يأكل الصيد ، قبل ان يلبّى ، وقد صلّى. وقد قال الذي يريد ان يقول ، ولكن لم يلبّ.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب الإحرام الرواية ١٣.

(٢) الوسائل الباب ١٤ من أبواب الإحرام الرواية ٧ وزاد في الفقيه بعد قوله عليه السّلام بذي الحليفة : (وصلّى).

٢٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وقالوا : قال ابان بن تغلب عن ابى عبد الله عليه السّلام : يأكل الصيد (الى قوله) وإذا فرض على نفسه الحج ثم أتم بالتلبية فقد حرم عليه الصيد وغيره ووجب عليه في فعله ما يجب على المحرم لأنّه قد يوجب الإحرام ، أشياء ثلاثة الاشعار والتلبية والتقليد فإذا فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد أحرم ، وإذا فعل الوجه الآخر قبل ان يلبّى فلبّى فقد فرض (١) ، (٢).

وما في الفقيه ، (لعل الراوي وهب بن عبد ربّه ، لانه تقدم) (٣) وكتب بعض أصحابنا الى ابى إبراهيم عليه السّلام في رجل دخل مسجد الشجرة فصلى وأحرم ثم (وخ) خرج من المسجد فبدا له قبل ان يلبّى أله أن ينقض ذلك بمواقعة النساء حينئذ؟ فكتب عليه السّلام نعم ، أو لا بأس به (٤).

وأيضا (فيه في الصحيح) عن حفص بن البختري ومعاوية بن عمار وعبد الرحمن بن الحجاج والحلبي جميعا عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا صلّيت في مسجد الشجرة فقل وأنت قاعد في دبر الصلاة قبل ان تقوم : ما يقول المحرم ثم قم فامش حتّى تبلغ الميل وتستوي بك البيداء فإذا استوت بك (البيداء خ) فلبّ وان أهللت من المسجد الحرام للحج فإن شئت لبيت خلف المقام وأفضل ذلك ان تمضي حتى تأتى الرقطاء (٥) وتلبّي قبل ان تصير الى الأبطح (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب الإحرام الرواية ٥.

(٢) انتهى كلام الشيخ قده في التهذيب.

(٣) اى تقدم نقل وهب بن عبد ربّه في صدر هذه الرواية.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ح ٢٥٦٩.

(٥) الرقطاء ارض فيها بياض وسواد.

(٦) الوسائل الباب ٣٥ من أبواب الإحرام الرواية ٣ على نقل الصدوق ونقل ذيلها في الوسائل في الباب ٤٦ من تلك الأبواب الرواية ١.

٢٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي صحيحة هشام بن الحكم (فيه أيضا) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : ان أحرمت من غمرة أو بريد البعث صليت وقلت : ما يقول المحرم في دبر صلاتك وان شئت لبيت من موضعك والفضل ان تمشي قليلا ثم تلبّي (١).

ويدل عليه أيضا صحيحة معاوية بن وهب المتقدمة قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن التهيؤ للإحرام؟ فقال : في مسجد الشجرة فقد صلّى فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله وقد ترى ناسا يحرمون منه فلا تفعل (فلا تعقد خ ل) حتّى تنتهي إلى البيداء (تأتي البيداء خ ل) حيث الميل فتحرمون كما أنتم في محاملكم تقول لبيك الحديث.

وصحيحة منصور بن حازم عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا صليت عند الشجرة فلا تلبّ حتى تأتى البيداء حيث يقول النّاس يخسف بالجيش (٢).

وصحيحة عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله لم يكن يلبّى حتّى يأتي البيداء (٣).

وجه دلالة هذه الأخبار على وجوب أحدها (٤) وترتب الاحكام عليه ظاهر.

وكذا على تأخير التلبية عن عقد الإحرام ظاهر لان بعضها يدل على وجود الإحرام ، وتحققه قبلها ، ظاهرا.

وحمل الشيخ ـ على تحقق عقد الحج دون الإحرام ، مؤيّدا بما في صحيحة معاوية بن عمار وغير معاوية المتقدمة (٥) ـ غير ظاهر ، للتصريح بعقد الإحرام في

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٥ من أبواب الإحرام الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الإحرام الرواية ٤.

(٣) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الإحرام الرواية ٥.

(٤) أي الثلاثة المذكورة وهي الاشعار والتقليد والتلبية.

(٥) يعني المتقدمة في كلام الشيخ في قوله : (وعقد عقد الحج إلخ).

٢٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

بعضها ، كما تقدم.

وتدل عليه أيضا (١) حسنة معاوية بن عمار (في الكافي) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : صلّ المكتوبة ثم أحرم بالحج أو بالمتعة واخرج بغير تلبية حتّى تصعد إلى أوّل البيداء إلى أوّل ميل عن يسارك فإذا استوت بك الأرض راكبا كنت أو ماشيا فلبّ (٢).

وهذه تبطل التوجيه الآتي أيضا ، للشيخ ، على أنّه لا يظهر معنى تحقق عقد الحج ، قبل تحقق عقد الإحرام ، ولهذا قال في المنتهى : إذا عقد الإحرام ولبس ثوبيه ، ثم لم يلبّ ، ولم يشعر ، ولم يقلد جاز له ان يفعل ما يحرم على المحرم فعله ، ولا كفارة عليه ، فإذا لبّى حرم عليه ذلك فتأمّل.

وبعضها (٣) يدل على جواز التأخير ، بل الوجوب عن الميقات المقررّة (المقرّر ظ) عندهم ، مع قولهم بوجوب عقد الإحرام فيه ، الّا ان يقال بكون مثل البيداء ، والجحفة أيضا ميقاتا كما دل عليه بعض الأخبار المتقدمة أيضا فيكون التهيّؤ ، والصلاة للإحرام ، في أوّل الميقات مثل مسجد الشجرة ، والتلبية وتحقق عقد الإحرام بحيث يترتب عليه الاحكام بعد ذلك في البيداء.

ويمكن جوازه في الأوّل أيضا ، كما دل عليه بعض الروايات ، مثل صحيحة هشام المتقدمة (٤) وما دل على كون مسجد الشجرة ميقاتا ، وعقد الإحرام فيه ، ممّا تقدم ، فيحمل ما يدل على عدم عقد الإحرام فيه ، وتأخير التلبية عنه على عدم الوجوب العيني ، وجواز التأخير ، فتأمل.

__________________

(١) يعنى على مغايرة الإحرام مع التلبية.

(٢) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الإحرام الرواية ٦.

(٣) عطف على قوله قده : لأنّ بعضها يدل إلخ.

(٤) الوسائل الباب ٣٥ من أبواب الإحرام الرواية ١.

٢٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

قال الشيخ في التهذيب (بعد هذه الاخبار) : وقد رويت رخصة في جواز تقديم التلبية ، في الموضع الذي يصلّى فيه ، فان عمل الإنسان بها ، لم يكن عليه فيه بأس ، ونقل رواية عبد الله بن سنان انه سأل أبا عبد الله عليه السّلام هل يجوز للمتمتع بالعمرة إلى الحج ان يظهر التلبية في مسجد الشجرة؟ فقال : نعم انّما لبى النبي صلّى الله عليه وآله على (في خ ل) البيداء لان الناس لم يعرفوا التلبية فأحب أن يعلمهم كيف التلبية (١).

وهذه كالصريحة في جواز التأخير ، وعدم مقارنة النية بها ، ان كان عقد الإحرام في المسجد ، ولكنّها غير صحيحة (٢) على ما رأيتها في التهذيب ، فتأمل.

ثم قال : الوجه في هذه الرواية ، ان من كان ماشيا ، يستحب له ان يلبّى من المسجد ، وان كان راكبا فلا يلبّي الا من البيداء ، ثم استدل عليه بصحيحة عمر بن يزيد عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : ان كنت ماشيا فأجهر باهلا لك وتلبيتك من المسجد وان كنت ، راكبا فإذا علت بك راحلتك البيداء (٣).

ولا يحتاج الى هذا الوجه البعيد ، مع حصول وجه الجمع القريب (٤) قبله ، فانّ حمل تلك الأخبار الكثيرة كلّها على الراكب بعيد ، ودلالتها هذه على استحباب قول التلبية للماشي من المسجد مخفي (مخفية ظ) ، فإنها تدل على

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٥ من أبواب الإحرام الرواية ٢.

(٢) سندها على ما في الكافي والتهذيب هكذا : علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن عبد الله بن سنان.

(٣) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الإحرام الرواية ١.

(٤) من التخيير والتهيّؤ والصلاة والدعاء في مسجد الشجرة والتلبية وعقد الإحرام في البيداء (نقل بخطه قده)

٢٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وجوب رفع الصوت والجهر للماشي من المسجد ، وللراكب من البيداء ، فيحمل على الاستحباب ، لقرينة ، فيكون الجهر مستحبا له فيه ، لا أصل التلبية.

وحسنة معاوية المتقدمة (١) صريحة في كون تلبية الماشي أيضا في البيداء ، وكذا ، صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة أيضا ، ثم امش هنيئة فإذا استوت بك الأرض ماشيا كنت أو راكبا فلب ، فتذكر (٢).

وكذا لا يحتاج إلى التأويل الذي ذكره بعض الأصحاب ، من ان المراد ترك الجهر بها في المسجد للراكب ، مع القول بها سرّا فيه ، والرّفع في البيداء ، بقرينة رواية عمر بن يزيد المتقدمة.

لأنه حصل الجمع بارتكاب التخيير ، والتهيؤ ، كما تقدم ، فلا ضرورة لارتكاب مثله.

مع انه بعيد ، لأنّ الأخبار الكثيرة الصحيحة (٣) كالصريحة في عدم وجوب التلبية في المسجد مثلا ، بل بعضها (٤) يدل على عدم الجواز ، فيحمل على أولويّة الترك. أو الجواز ، كما أشار إليه الشيخ ، بأنّ الأولى هو التأخير ، والتقديم رخصة واما الذي يدل على الانعقاد بالاشعار والتقليد أيضا ـ وذلك انّما يكون للقارن وهو ظاهر ، مضافا الى ما تقدم في صحيحة معاوية ، يوجب الإحرام ثلثة أشياء : التلبية والاشعار والتقليد (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الإحرام الرواية ٦.

(٢) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الإحرام الرواية ٢.

(٣) راجع الوسائل الباب ٣٤ و ٣٥ من أبواب الإحرام.

(٤) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الإحرام الرواية ٨ ـ ٦.

(٥) الوسائل الباب ١٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢٠ وتمامها : فإذا فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد أحرم.

٢٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

فصحيحته أيضا عن ابى عبد الله عليه السّلام (في حديث) قال : يقلّدها نعلا خلقا قد صلّيت فيها والاشعار والتقليد بمنزلة التلبية (١).

ويمكن قراءة (صلّيت) بناء للمجهول ، فيعمّ نعل المحرم وغيره.

وصحيحة عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه السّلام (في حديث) ثم تحرم إذا قلّدت وأشعرت (٢).

ومثلها ما في صحيحة الفضيل بن يسار (في الفقيه) قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام (في حديث) فإنّه اشتراها قبل ان ينتهي إلى الوقت الذي يحرم منه فأشعرها وقلّدها أيجب عليه حين فعل ذلك ما يجب على المحرم؟ قال : لا ولكن إذا انتهى الى الوقت فليحرم ، ثم يشعرها ويقلّدها ، فان تقليده الأوّل ليس بشي‌ء (٣).

وقد تقدمت هذه في بيان المواقيت.

ورواية عمر بن يزيد من أشعر بدنته فقد أحرم ، وان لم يتكلم بقليل ولا كثير (٤).

فقول السيد وابن إدريس بعدم انعقاد الإحرام إلّا بالتلبية للأخبار المتقدمة وكونه مجمعا عليه دون غيره ، بناء على مذهبهما من عدم قبول الخبر الواحد ، وامّا على المشهور المنصور ، فيحمل الأوّل على غير القارن ، وهو جمع واضح حسن.

قال في المنتهى : الاشعار مختص بالإبل ، والتقليد مشترك بينه وبين

__________________

(١) الوسائل الباب ١٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ١١.

(٢) الوسائل الباب ١٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ١٨.

(٣) الوسائل الباب ١٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ١٣.

(٤) الوسائل الباب ١٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢١.

٢٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الغنم ، وقال أيضا : التقليد هو ان يجعل في رقبة البدن (ينبغي اضافة أو الغنم أو البقر) نعلا قد صلّى فيه ، ليعلم أنه صدقة ، وهو بمنزلة الإشعار ، أو يجعل في رقبة الهدي خيطا أو سيرا (١) أو ما أشبههما.

وروى ابن بابويه (في الصحيح) عن حريز عن زرارة ، عن ابى جعفر عليه السّلام ، قال : كان الناس يقلدون الغنم والبقر ، وانّما تركه الناس حديثا ويقلّدون بخيط أو سير (٢).

وهذه تدل على عدم الاختصاص بهما أيضا ، وقد دلت صحيحة معاوية على تقليد النعل.

وروى أيضا عن محمد بن الفضيل عن ابى الصباح الكناني عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن البدن ، كيف تشعر؟ فقال : تشعر وهي باركة من شق سنامها الأيمن وتنحر وهي قائمة من قبل الأيمن (٣).

وعن ابن فضال عن يونس بن يعقوب قال : خرجت في عمرة فاشتريت بدنة وانا بالمدينة فأرسلت الى ابى عبد الله عليه السّلام فسألته كيف اصنع بها؟ فأرسل الىّ ما كنت تصنع بهذا فإنه كان يجزيك ان تشترى منه من عرفة وقال : انطلق حتى تأتى مسجد الشجرة فاستقبل بها الى القبلة وأنخها ثم ادخل المسجد فصل ركعتين ثم اخرج إليها فأشعرها في الجانب الأيمن ثم قل : بسم الله اللهم

__________________

(١) السير الذي يقد من الجلد والجمع سيور كفلس وفلوس ، ومنه الحديث كانوا يتهادون السيور من المدينة إلى مكة (مجمع البحرين).

(٢) الوسائل الباب ١٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ٩.

(٣) الوسائل الباب ١٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ١٤ إلى قوله عليه السّلام : انطلق ، وتمام الرواية في الفقيه (باب الاشعار والتقليد) فراجع.

٢٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

منك ولك اللهم تقبل منّى فإذا علوت البيداء فلبّ (١).

وفي رواية عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السّلام أنّها تشعر وهي معقولة (٢).

ورواية يونس (٣) صريحة في تأخير انعقاد الإحرام ، وعدم اشتراط وقوعه في المسجد ، وإطلاق الإتيان الى المسجد ، على الإتيان إلى حواليه ، فلا يبعد كونها ميقاتا ، ولهذا حكم بإحرام الحائض منه ، الظاهر أنّه يراد به ذلك ، لا نفس المسجد ، لتحريم دخولها ، فتأمل.

فالذي استفيد من الاخبار ، عدم انعقاد الإحرام إلّا بالتلبية ، للمفرد ، والمتمتع ، وللقارن بها ، أو بالإشعار ، أو بالتقليد ، وجواز الإحرام والتلبية في مسجد الشجرة ، أو البيداء ، بل كونها وكون الجحفة ميقاتا أيضا لأهل المدينة ، ان لم يكن قريبة من مكة ، كما فهم من إحرام الصبيان منها ، وعدم مقارنة النيّة (في الشجرة) للتلبية ، بل تحقق الإحرام فيها في الجملة ، من غير تلبية.

فالظاهر أنّ النيّة واقعة فيها ، لو كانت ، فيمكن كونها مقارنة لشدّ الإزار ، كما قيل ، على ما نقل في الدروس ، وان لا يكون مقارنة لشي‌ء ، كما هو ظاهر الرّوايات.

بل ظاهر الاخبار الصحيحة الكثيرة عدم نيّة الإحرام.

وصحيحة حماد بن عثمان قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : انى أريد أن أتمتع بالعمرة إلى الحج فكيف أقول؟ قال : تقول : اللهم انّى أريد أن أتمتع

__________________

(١) الوسائل الباب ١٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ١٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ١٢.

(٣) الوسائل الباب ٤٨ من أبواب الإحرام الرواية ٢ ، وراجع الباب ١٤ من أبواب المواقيت الرواية ٤ ، فإنها بإطلاقها تدل على المدعى.

٢١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك وان شئت أضمرت الذي تريد (١).

غير ان تقول ، مثل ما في صحيحة معاوية من الدعاء والاشتراط يقول الى قوله : اللهم انّى أريد أن (التمتع خ ل) أتمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك إلخ (٢).

فيمكن كون ذلك هو النيّة ، فوجوب مقارنتها بالتلبية ـ مثل مقارنة الصلاة بتكبيرة الإحرام ، على ما نقله في الدروس ، عن ابن إدريس ، والمشهور بين المتفقهة ـ غير ظاهر قال فيه : ويظهر من الرواية والفتوى ، تأخير التلبية عنها وذكر رواية معاوية وعبد الله بن سنان (٣) وقد تقدمنا مع غيرهما.

ويمكن ان تكون النيّة أيضا متأخرة عن المسجد في البيداء ، كالتلبية فينوي حين التلبية ، ويقارن بها ، ويكون الإحرام ، وعقده ، والدعاء ، والاشتراط ، ولبس الثياب ، بعد الغسل ، والصلاة قبلها ، في المسجد ، لما يفهم ـ من الروايات المتقدمة (٤) ـ حصول عقد الإحرام فيه ، وأنه لا نية للإحرام ، بل إنّما النيّة لكل فعل عنده (٥) على تقدير وجوبها ، مثل التلبية ، فينوي التلبية عند قولها ، ويترتّب عليه الاحكام وينعقد بذلك الإحرام.

وبالجملة ، هذه الاخبار مؤيدة لعدم المبالغة في أمر النيّة.

ولكن الأحوط ان ينوى في المسجد ، بعد مقدماته ، حتى الدعاء والاشتراط ويقارنها بالتلبية ، ثم ينوى في البيداء ، ويقارنها أيضا ، بما قدّمناه من

__________________

(١) الوسائل الباب ١٧ من أبواب الإحرام الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الإحرام الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الإحرام الرواية ٥ ـ ٦.

(٤) الوسائل الباب ١٤ و ٣٥ من أبواب الإحرام.

(٥) أي عند كل فعل.

٢١١

.................................................................................................

______________________________________________________

التلبيات ، ويزيد عليه لبيك بحجّة وعمرة معا.

قال في الدروس : قال الشيخ في موضع : يستحب ان يقول لبيك بحجة وعمرة معا كما سلف ، وروى أيضا عن الصادق عليه السّلام (١).

وصحيحة يعقوب بن شعيب (الثقة) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام فقلت له : كيف ترى لي ان أهلّ؟ فقال لي : ان شئت سميت وان شئت لم تسمّ شيئا فقلت له كيف تصنع أنت؟ فقال : اجمعهما فأقول لبيك بحجّة وعمرة معا (لبيك ئل) الحديث (٢).

قال في التهذيب : هذا يؤكد ما ذكرناه من ان الإهلال بهما ، والتلبية بهما أفضل.

ولما في صحيحة الحلبي ان أمير المؤمنين عليه السّلام قال : بحجة كذلك (٣).

ومعنى التلبية بهما ، ان يفعل العمرة ، وبعد الخلاص منها ، يفعل تتمة حجّ التمتع ، ولا ينافيه استئناف إحرام مع التلبية للحج ، لتوسط التحلل ، فان حجّ التمتع عبارة عن العمرة ، والحج ، كما يظهر من كلام الأصحاب ، والروايات المتقدمة ، ولهذا اكتفى في صحيحة زرارة بالحج ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام : كيف أتمتع؟ قال : تأتى الوقت فتلبّي بالحج ، فإذا دخلت مكة طفت بالبيت وصلّيت الركعتين (ركعتين خ ل) خلف المقام وسعيت بين الصفا والمروة وقصّرت وأحللت من كل شي‌ء وليس لك ان تخرج من مكة حتى

__________________

(١) انتهى.

(٢) الوسائل الباب ٢١ من أبواب الإحرام الرواية ٦.

(٣) الوسائل الباب ٢١ من أبواب الإحرام الرواية ٧ ولفظ الحديث هكذا : لبيك بحجة وعمرة معا لبيك (وهذه قطعة من الرواية).

٢١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

تحجّ (١).

وهذه تدل مع (على خ ل) ما سبق على كون البيداء ميقاتا ، حيث جعل التلبية في الميقات ، وقد مرّ كونها فيها وكذا اكتفى به في رواية حمران بن أعين قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن التلبية؟ فقال لي : لبّ بالحجّ فإذا دخلت مكة طفت بالبيت وصليّت وأحللت (٢).

والظاهر أنّ المراد به حج التمتع ، وهو مشتمل على العمرة ، والحج ، فكأنه قال لبيك بحجة وعمرة ، مثل ما نقل (٣) عن أمير المؤمنين وابى عبد الله عليهما أفضل الصلوات والتحيات.

وقد ورد بالعمرة أيضا فقط ، ولعل المراد واحد ، فتأمل ، فلا تنافي بينها حتّى تحمل الأخيرتان (٤) على التقيّة ، وأنّ معناه لبّى بالحج ، ونوى العمرة ، وذلك جائز تقيّة ، وضرورة ، كما قاله في التهذيب ، قال في الدروس : ونهى في التهذيب عن ذلك ، إلّا لتقيّة.

واستدل عليه بصحيحة أحمد بن محمد قال : قلت لأبي الحسن علي بن موسى عليهما السّلام : كيف أصنع إذا أردت أن أتمتع؟ فقال : لبّ بالحج وانو المتعة ، وإذا دخلت مكة طفت بالبيت وصليت ركعتين خلف المقام ، وسعيت بين الصّفا والمروة وقصّرت فنسختها (وخ ل) وجعلتها متعة (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب الإحرام الرواية ٣ ويستفاد منها جعل التلبية في كل ميقات ، ودلت الأخبار السابقة على جواز التلبية في البيداء ، فيستفاد من مجموعها ان البيداء ميقات.

(٢) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب الإحرام الرواية ٢.

(٣) راجع الوسائل الباب ٢١ و ٢٢ من أبواب الإحرام.

(٤) أي صحيحة زرارة ورواية حمران المتقدمتان آنفا.

(٥) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب الإحرام الرواية ٤.

٢١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

لأنّه (١) لا ينبغي حملها على التقيّة ، وانه على تقدير قصد العمرة ، لا نسخ للحج.

فيمكن حملها على انه لبّ بالحج ، وأقصد أن تجي‌ء بالعمرة ، قبله ، فإذا قصّرت من العمرة ، أزلت كونها حجّة ، على ما كان حجّة مفردة ، كما كان يتوهّم ، من قوله : (بالحج) فلا محذور عليك ، لا في القصد ، ولا في الفعل ، حيث قصدت العمرة مقدمة ، وفعلتها ، وأزلت ، وهم تقدّمه عليها ، فلا بأس عليك.

نعم قد تدل ـ على أنّ عدم ذكر الحج والعمرة أفضل ـ صحيحة أبان بن تغلب قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : بأيّ شي‌ء أهلّ؟ فقال : لا تسمّ لا حجا ولا عمرة وأضمر في نفسك المتعة فإذا (فإن خ ل) أدركت متمتعا والّا كنت حاجّا (٢).

لعل لفظة (كنت) محذوفة في الاولى (٣).

والظاهر أنّ المراد ليس عدم الذكر ، والتسمية فقط ، بل عدم القصد بالكلية ، فيدل على الاجمال والإهمال ، في قصد العمرة والحج ، وعدم الاعتداد بشأن التعيين في النيّة ، على ما ذكره الأصحاب ، ويدل على ما قلناه (٤) قوله : (٥) (فإذا أدركت) فافهم.

ومعلوم عدم أولوية ذلك مطلقا ، عندهم ، فيمكن حملها على حال التردد

__________________

(١) تعليل لقوله : (فلا تنافي بينها إلخ).

(٢) الوسائل الباب ٢١ من أبواب الإحرام الرواية ٤.

(٣) يعني في الجملة الاولى من الرواية ـ يعني : فإذا أدركت كنت متمتعا إلخ.

(٤) من عدم الاعتداد بشأن التعيين في النيّة.

(٥) يعني قول الامام عليه السّلام في رواية أبان بن تغلب المتقدمة آنفا.

٢١٤

ولبس الثوبين ممّا يصحّ فيه الصلاة

______________________________________________________

في إدراك التمتع وعدمه ، أو انّ المراد نفى الوجوب ، أو في شخص لا يجب عليه حج التمتع.

وكذا ما في صحيحة منصور بن حازم قال : أمرنا أبو عبد الله عليه السّلام ان نلبّي ولا نسمي شيئا وقال : أصحاب الإضمار أحب الىّ (١).

وكذا صحيحة إسحاق بن عمار أنه سأل أبا الحسن موسى عليه السّلام قال : (أصحاب ئل) الإضمار أحبّ الىّ فلبّ ولا تسم شيئا (٢).

يمكن كونها للتقية ، واحتمال الضرر بالإظهار ، ويمكن ان يكون أفضل بالنسبة إلى إظهار ما لا يوافق ما عليه مع قصده للتقيّة ، ويحمل قول أمير المؤمنين عليه السّلام على الجواز.

قوله : «ولبس الثوبين ممّا يصح إلخ». قال في المنتهى : لبس ثوبي الإحرام واجب ، وقد اجمع العلماء كافة على تحريم لبس المخيط للمحرم ، فإذا أراد الإحرام وجب عليه نزع ثيابه ، ولبس ثوبي الإحرام ، يأتزر بأحدهما ، ويرتدي بالآخر ، الى قوله : ولا نعلم فيه خلافا.

فدليل وجوب لبس ثوبي الإحرام هو الإجماع مستندا الى ما في صحيحة معاوية بن عمار في الفقيه عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : والبس ثوبيك (٣).

وكذا دليل تحريم المخيط هو الإجماع مستندا إلى صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا تلبس وأنت تريد الإحرام ثوبا تزرّه ولا تدرعه ولا تلبس سراويل الّا ان لا يكون لك إزار ولا الخفين الّا ان لا يكون لك

__________________

(١) الوسائل الباب ١٧ من أبواب الإحرام الرواية ٥ والسند هكذا (في الكافي والوسائل) عن ابى بكر الحضرمي وزيد الشحام ، ومنصور بن حازم ، قالوا إلخ.

(٢) الوسائل الباب ١٧ من أبواب الإحرام الرواية ٦.

(٣) الوسائل الباب ٦ من أبواب الإحرام الرواية ٤ قطعة من الرواية.

٢١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

نعلان (١).

في وجوب اجتناب مطلق المخيط تأمل ، لعدم ظهور نص فيه.

فروع

(الأوّل) الظاهر وجوب الثوبين ، بحيث يطلق عليهما ذلك ، فلا تقدير لهما قدرا لما تقدم ، فلا يظهر الاكتفاء بثوب واحد طويل ، يتزر ببعضه ، ويرتدي بالباقي ، وقال في الدروس : أجزأ ، فتأمل.

(الثاني) الظاهر عدم وجوب كونهما معه دائما ، بل حال عقد الإحرام ، للأصل ، وعدم ظهور الوجوب من الدليل سواه مع الاحتمال ، فتأمل.

(الثالث) عدم وجوب كيفيّة في لبسهما ، لذلك.

(الرابع) جواز الأكثر منهما ، للأصل ، ورواية الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الثوبين يرتدي بهما المحرم (المحرم يتردى بالثوبين خ ل يب) قال : نعم والثلاثة ان شاء يتقى بها البرد والحرور (٢).

(الخامس) اشترط كونهما ممّا يصح فيه صلاة الرّجل ، من كونهما غير حرير محض ، طاهرين ، غير حاكيين ، لقول الأصحاب ، مع عدم ظهور الخلاف ، الّا أنّ في الدروس فرّق بين الرّداء ، والإزار ، وأوجب كون الثاني غير حاك ، وكونه أحوط في الرّداء.

مستندا الى مفهوم حسنة حريز عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : كل ثوب

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٣٠ من أبواب الإحرام الرواية ١.

٢١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

يصلى فيه فلا بأس ان يحرم فيه (١).

فتأمل ، وهي صحيحة في الفقيه.

والى التأسي ، لما في صحيحة معاوية بن عمار قال : كان ثوبا رسول الله صلّى الله عليه وآله اللذان أحرم فيهما يمانييّن عبري وأظفار ، وفيهما كفن (٢).

ويمكن فهم استحباب جعلهما كفنا.

ومرسلة الحسن بن علي عن بعض أصحابنا عن بعضهم عليهم السّلام قال : أحرم رسول الله صلّى الله عليه وآله في ثوبي كرسف (٣) فتأمل.

ولما في بعض الاخبار (يغسلهما إذا أصابهما الجنابة) كما في رواية الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن المحرم يحوّل ثيابه قال : نعم وسألته يغسلها إن أصابها شي‌ء قال : نعم ، إذا احتلم فيها فليغسلها (٤).

وهذه تدل على جواز التحويل وعدم وجوب اللّبس دائما.

وفي صحيحة محمد بن مسلم في الفقيه (في حديث) ولا يغسل الرجل ثوبه الذي يحرم فيه حتى يحل ، وان توسخ ، الا ان تصيبه جنابة ، أو شي‌ء فيغسله (٥).

ولعل النهي للكراهة ، لجواز التحويل ، ولاستحباب الطواف في الثوب الذي أحرم فيه كما ذكره الأصحاب ودل عليه الرواية.

وقال في التهذيب : ولا يجوز ان يغسل المحرم ثوبه ، إلّا إذا اصابه ما يوجب

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٧ من أبواب الإحرام الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٢٧ من أبواب الإحرام الرواية ٢.

(٣) الوسائل الباب ٢٧ من أبواب الإحرام الرواية ٣.

(٤) الوسائل الباب ٣٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٤.

(٥) الوسائل الباب ٣٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١ وصدر الرواية : عن أحدهما عليهما السّلام ، قال : سألته عن الرّجل يحرم في ثوب وسخ؟ قال : لا ولا أقول انّه حرام ولكن تطهيره أحبّ الى ، وطهوره غسله.

٢١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ازالته ، واستدل بهذه الرواية.

ويحتمل كونه (١) للكراهة ، لأن عادة الشيخ المفيد (٢) التعبير عن المكروه به ، ويحتمل كون المراد للصلاة ونحوها ، كما هو في غيرها.

الّا انّ ظاهر صحيحة معاوية بن عمار في الفقيه وجوب الطهارة لكونه ثوب الإحرام قال : سألته عن المحرم يصيب ثوبه الجناية قال : لا يلبسه حتّى يغسله ، وإحرامه تام (٣) فتأمل.

فإنّ الظاهر جواز حمل النجاسة ، وعدم غسل بدنه الى وقت الصلاة على الظاهر ، وهو يفيد جواز كونها للصلاة ، ونحوها ، فيمكن حملها عليه وعلى الاستحباب والأحوط (الاحتياط ظ) لا يترك.

ويدل على عدم كونهما حريرا محضا للرجل بعض الأخبار الأخر ، مع الجواز في الممتزج به (٤).

والظاهر عدم الخلاف في ذلك.

السادس الظاهر عدم اشتراط لبسهما لصحة الإحرام ، فيمكن انعقاده بدونه ، للأصل ، وعدم دليل الّا على الوجوب وفي رواية صحيحة ، صحة إحرام الجاهل في قميصه ، وعدم شي‌ء عليه ، وهي في التهذيب ، وفيها (اى رجل ركب أمرا بجهالة فلا شي‌ء عليه) (٥).

__________________

(١) اى كون (لا يجوز).

(٢) الظاهر ان هذه العبارة من كلام الشيخ قده في التهذيب لا من كلام الشيخ المفيد ره راجع المقنعة باب صفة الإحرام ص ٦٢.

(٣) الوسائل الباب ٣٧ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٤) راجع الوسائل الباب ٢٩ من أبواب الإحرام

(٥) الوسائل الباب ٨ من أبواب بقية كفارات الإحرام الرواية ٣.

٢١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وهي تدل على كون الجاهل معذورا ، ويدل عليه ما قاله الأصحاب : إذا لبس قميصا قبل الإحرام ، نزعه من فوق ، وبعده ينزعه من تحته ويشقه ، ولا شي‌ء عليه.

مستندا إلى صحيحة معاوية بن عمار ، وغير واحد ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل أحرم وعليه قميصه ، فقال : ينزعه ولا يشقه ، وان كان لبسه بعد ما أحرم ، شقه وأخرجه مما يلي رجليه (١).

فإنّها تدل على صحة الإحرام ، ولو كان عمدا ، لعدم التفصيل ، والحكم بإعادة الإحرام على تقدير العمد ، فتأمل.

(السابع) الظاهر جواز عقد الإزار دون الرّداء ، كما قال في الدروس ، لما في موثقة سعيد الأعرج (في الفقيه) وسأله اى أبا عبد الله عليه السّلام سعيد الأعرج عن المحرم يعقد إزاره في عنقه؟ قال : لا (٢).

ويحتمل الكراهة لعدم صحة الخبر.

وما في صحيحة عمران الحلبي (الثقة) عن ابى عبد الله عليه السّلام (في الفقيه) قال : المحرم لا يشد على بطنه العمامة ، وان شاء يعصبها على موضع الإزار ، ولا يرفعها الى صدره (٣).

مثل ما في الكافي في صحيحة أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن المحرم يشدّ على بطنه العمامة؟ قال : لا ، ثم قال : كان ابى يشدّ على بطنه المنطقة الّتي فيها نفقته ، يستوثق منها ، فإنّها من تمام حجّه (٤)

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٥٣ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٧٢ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ٤٧ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

٢١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي صحيحة يعقوب بن شعيب الثقة قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن المحرم يصرّ الدراهم في ثوبه؟ قال : نعم ويلبس المنطقة والهميان (١).

ويمكن حملها على المنطقة التي فيها الدراهم ، كما تقدم ، وهو خلاف الظاهر ، فتأمل.

ويشعر به جواز شدّ الهميان في وسطه ، كما صرّح به الأصحاب ، ودل عليه الاخبار.

وكذا جواز شدّ القرحة ، كما يدل عليه صحيحة يعقوب بن شعيب (الثقة في الفقيه) وسأله اى أبا عبد الله عليه السّلام عن الرّجل المحرم تكون به القرحة يربطها أو يعصبها بخرقة؟ قال : نعم (٢).

ولعله يجوز من غير ضرورة أيضا لعدم القيد بها ، مع الاحتمال ، وهو أحوط.

وصحيحة محمد بن مسلم (في الفقيه) ، وسأله اى أبا عبد الله عليه السّلام (لانه المذكور قبلها) عن المحرم يضع عصام القربة على رأسه إذا استسقى؟ فقال : نعم (٣).

ولعله مع الضرورة ، مع احتمال الإطلاق ، كما هو ظاهرها ، والأوّل أحوط ، والأولى الجمع بينهما ، وبين ما يدل (٤) على عدم جواز تغطية الرأس ، فتأمل.

(الثامن) معلوم عدم جواز الإحرام في الغصبى ، وانّه حينئذ كالإحرام بغير ثوبيه.

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٧ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٧٠ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٣) الوسائل الباب ٥٧ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٤) راجع الوسائل الباب ٥٥ من أبواب تروك الإحرام.

٢٢٠