مصابيح الظلام - ج ٥

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٥

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-5-1
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٤٨

تتوضّأ منه ، إنّما هي سبع» (١).

وليس في طريقها من يتوقّف فيه ، إلّا محمّد بن الفضيل الراوي عنه مكرّرا ، ووثّقه المفيد رحمه‌الله على ما كتبنا في الرجال (٢) ، والعلّامة في «المنتهى» وصف هذه الرواية بالصحّة (٣).

وفي صحيحة زرارة عنه عليه‌السلام : «أنّ في كتاب علي عليه‌السلام أنّ الهرّ سبع ، ولا بأس بسؤره وإنّي لأستحيي من الله أن أدع طعاما ، لأنّ الهرّ أكل منه» (٤).

نعم ، في رواية الوشّاء ، عمّن ذكره عنه عليه‌السلام «أنّه كان يكره سؤر كلّ شي‌ء لا يؤكل لحمه» (٥).

ويؤيّدها أيضا ما رواه الكليني بسند لا يقصر عن الصحيح عنه عليه‌السلام : «لا بأس بأن تتوضّأ ممّا يشرب منه ما يؤكل لحمه» (٦).

وموثّقة عمّار عنه عليه‌السلام سئل عمّا يشرب منه الحمام؟ فقال : «كلّ ما اكل لحمه يتوضّأ من سؤره ويشرب» (٧).

وما رواه الشيخ والصدوق عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «كلّ شي‌ء يجترّ (٨) فسؤره حلال ، ولعابه حلال» (٩).

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٢٧ الحديث ٦٥٣ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٢٨ الحديث ٥٨٢.

(٢) تعليقات على منهج المقال : ٣١٥ و ٣١٦.

(٣) منتهى المطلب : ١ / ١٥٦.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٢٢٧ الحديث ٥٨٠.

(٥) الكافي : ٣ / ١٠ الحديث ٧ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٢ الحديث ٥٩٤.

(٦) الكافي : ٣ / ٩ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٣١ الحديث ٥٩٣.

(٧) الكافي : ٣ / ٩ الحديث ٥ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٠ الحديث ٥٩٠ مع اختلاف يسير.

(٨) الاجترار : هو أن يجرّ البعير من الكرش ما أكل إلى الفم فيمضغه مرّة ثانية. (مجمع البحرين : ٣ / ٢٤٤).

(٩) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٨ الحديث ٩ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٢٢٨ الحديث ٦٥٨ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٢ الحديث ٥٩٧.

١٨١

وموثّقة سماعة عنه عليه‌السلام سأله : هل يشرب سؤر شي‌ء من الدوابّ ويتوضّأ منه؟ فقال : «أمّا الإبل والبقر والغنم فلا بأس» (١).

وموثقة عمّار عنه عليه‌السلام فقال : «كلّ ما يؤكل لحمه فليتوضّأ منه وليشربه» (٢) ، ورواها الصدوق عنه عليه‌السلام (٣).

وبالجملة ، من ملاحظة جميع ما ذكر ظهر كراهة سؤر كلّ ما لا يؤكل لحمه ، ولعلّ السباع تكون مستثناة.

وفي «المدارك» ، وظاهر الشيخ رحمه‌الله في كتابي الأخبار المنع من سؤر كلّ ما لا يؤكل لحمه ، عدا ما لا يمكن التحرّز عنه ، كالهرّة والفأرة والحيّة (٤). وفيه تأمّل ، إذ ظهر منه خلاف ذلك في مواضع متعدّدة ، فلعلّ منعه على سبيل الكراهة.

وفي «المعالم» مثل ما في «المدارك» ، وزاد عليه : أنّه ذهب في «المبسوط» إلى نجاسة سؤر كلّ ما لا يؤكل لحمه من الحيوان الانسي ، عدا ما لا يمكن التحرّز منه ، كالفأرة والحيّة والهرّة ، وطهارة سؤر الطاهر من الوحشيّ طيرا كان أو غيره ، حكاه عن المحقّق.

وحكى عن العلّامة أنّ ابن إدريس حكم بنجاسة ما يمكن التحرّز منه ممّا لا يؤكل لحمه من حيوان الحضر غير الطير (٥) ، انتهى.

وقد عرفت أنّ الظاهر هو الطهارة ، للأدلّة المذكورة ، مع عدم معارض لها أصلا.

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٩ الحديث ٣ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٢ الحديث ٥٩٥.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٢٣١ الحديث ٥٩٢.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٠ الحديث ١٨.

(٤) مدارك الأحكام : ١ / ١٣١ و ١٣٢ ، لاحظ! تهذيب الأحكام : ١ / ٢٢٤ ، الاستبصار : ١ / ٢٦.

(٥) معالم الدين في الفقه : ١ / ٣٥٩ و ٣٦٠ ، لاحظ! مختلف الشيعة : ١ / ٢٢٩ ، السرائر : ١ / ٨٥.

١٨٢

ثمّ اعلم! أنّ المشهور كراهة سؤر الجلّال أيضا ، ولم ندر الوجه في ترك المصنّف ذكره ، إذ لو كان الوجه عدم ورود دليل عليه بالخصوص ، فهو مشترك كما عرفت ، بل عرفت الحال في السباع.

مع أنّ القائل بالكراهة في الجلّال أكثر وأكثر ، لأنّه الفاضلان (١) وجماعة بعد المرتضى والشيخ وابن الجنيد (٢) ، بل ربّما قال بعضهم بالنجاسة ، مثل المرتضى والشيخ (٣).

والمشهور أيضا كراهة سؤر البغال والحمير ، والحق بهما الدوابّ ، لكراهة لحم الجميع ، وعمّم جماعة الحكم في كلّ مكروه اللحم (٤) ، وقد عرفت كراهة الكلّ من الأخبار (٥) ، بل كراهة كلّ ما لا يؤكل لحمه ، كما قيل بها (٦).

وعن الشيخ في «المبسوط» والعلّامة : كراهة سؤر الدجاج مطلقا (٧) ، وعلّل بعدم انفكاك منقاره عن النجاسة غالبا ، لكن ظهر لك من الأخبار ما ظهر.

وعن الشيخ رحمه‌الله في «النهاية» : أنّ الأفضل ترك استعمال سؤر الفأرة والحيّة ، والماء الذي وقعتا فيه (٨).

ووجه ما ذكره في الفأرة ظهر من الأخبار المذكورة في المقام ، وما ورد من

__________________

(١) المعتبر : ١ / ٩٧ ، شرائع الإسلام : ١ / ١٦ ، مختلف الشيعة : ١ / ٢٢٩ ، قواعد الأحكام : ١ / ٥.

(٢) الروضة البهية : ٤٦ و ٤٧ ، المراسم : ٣٧ روض الجنان : ١٦١ ، ذكرى الشيعة : ١ / ١٠٧.

(٣) نقل عن السيّد في المعتبر : ١ / ٩٧ ، المبسوط : ١ / ١٠ ، لاحظ! الحدائق الناضرة : ١ / ٤٢٩.

(٤) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ٧٦ ، نهاية الإحكام : ١ / ٢٤٠ ، ذكرى الشيعة : ١ / ١٠٧ ، الحدائق الناضرة : ١ / ٤٣٢.

(٥) لاحظ! وسائل الشيعة : ١ / ٢٣١ الباب ٥ من أبواب الأسآر.

(٦) معالم الدين في الفقه : ١ / ٣٥٨.

(٧) المبسوط : ١ / ١٠ ، منتهى المطلب : ١ / ١٦٣.

(٨) النهاية للشيخ الطوسي : ٦.

١٨٣

الأمر بغسل أثر الفأرة الواقعة في الماء (١) ، ومرّ أيضا ، وأمّا الحيّة ، فلعلّه للخوف من تأثير السمّ ، ورواية أبي بصير في حيّة دخلت حبّا فيه ماء ثمّ خرجت منه ، قال : «إن وجد ماء غيره فليهرقه» (٢) ، لكن لا دخل لما ذكر في استحباب الإزالة.

قوله : (والحائض المتهمة). إلى آخره.

قال الشيخ في «النهاية» : يكره سؤر الحائض المتّهمة (٣) ، وبه قال الفاضلان والشهيدان (٤) ، وعن الشيخ في «المبسوط» كراهة سؤرها مطلقا (٥) ، واختاره بعض المتأخّرين (٦) ، ونقل ذلك عن المرتضى وابن الجنيد (٧).

وفي «الذخيرة» : وظاهر «التهذيب» ، عدم الجواز مع القيد المذكور (٨).

وفيه تأمّل ، لأنّه جمع بين الأخبار تارة بالمنع مع القيد ، واخرى بالاستحباب (٩).

حجّة الأوّلين : أنّ الأخبار بعضها مطلق وبعضها مقيّد ، والمطلق يحمل على المقيّد.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦٠ الباب ٣٣ من أبواب النجاسات.

(٢) الكافي : ٣ / ٧٣ الحديث ١٥ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٤١٣ الحديث ١٣٠٢ ، الاستبصار : ١ / ٢٥ الحديث ٦٣ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٩ الحديث ٦١٧.

(٣) النهاية للشيخ الطوسي : ٤.

(٤) شرائع الإسلام : ١ / ١٦ ، المعتبر : ١ / ٩٩ ، منتهى المطلب : ١ / ١٦٢ ، نهاية الإحكام : ١ / ٢٣٩ ، الدروس الشرعيّة : ١ / ١٢٣ ، ذكرى الشيعة : ١ / ١٠٧ ، اللمعة الدمشقيّة : ١٦ ، الروضة البهيّة : ١ / ٤٧.

(٥) المبسوط : ١ / ١٠.

(٦) مجمع الفائدة والبرهان : ١ / ٢٩٣ و ٢٩٤.

(٧) نقل عنهما في ذخيرة المعاد : ١٤٤.

(٨) ذخيرة المعاد : ١٤٤.

(٩) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٢٢ ذيل الحديث ٦٣٦ ، الاستبصار : ١ / ١٧ ذيل الحديث ٣٤.

١٨٤

أمّا المطلق ، فرواية عنبسة عن الصادق عليه‌السلام : «سؤر الحائض يشرب منه ولا يتوضّأ (١)». ومثلها رواية الحسين بن أبي العلاء عنه عليه‌السلام (٢) ، ورواية أبي بصير عنه عليه‌السلام : هل يتوضّأ من فضل [وضوء] الحائض؟ قال : «لا» (٣).

وأمّا المقيّد ، فموثّقة عليّ بن يقطين عن الكاظم عليه‌السلام [في الرجل] يتوضّأ بفضل الحائض ، قال : «إذا كانت مأمونة فلا بأس» (٤) ، ومفهوم الشرط حجّة.

وموثّقة العيص ، عن الصادق عليه‌السلام عن سؤر الحائض قال : «توضّأ منه وتوضّأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة وتغسل يدها قبل أن تدخلها الإناء. وقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يغتسل هو وعائشة في إناء واحد ، ويغتسلان جميعا» (٥).

وظهر من هذه الرواية أنّ السؤر هنا ما باشره جسم حيوان ، كما عرّفه بعض المتأخّرين (٦) ، وهو الظاهر من المستدلّين أيضا (٧).

لكنّها رواها الكليني رحمه‌الله بطريق يقرب من الصحيح ، وفيها : سألته عن سؤر الحائض ، فقال : «لا تتوضّأ منه وتوضّأ من سؤر الجنب» (٨).

__________________

(١) الكافي : ٣ / ١٠ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٢٢٢ الحديث ٦٣٤ ، الاستبصار : ١ / ١٧ الحديث ٣٢ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٦ الحديث ٦٠٦ مع اختلاف يسير.

(٢) الكافي : ٣ / ١٠ الحديث ٣ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٢٢٢ الحديث ٦٣٥ ، الاستبصار : ١ / ١٧ الحديث ٣٣ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٦ الحديث ٦٠٧.

(٣) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٢٢ الحديث ٦٣٦ ، الاستبصار : ١ / ١٧ الحديث ٣٤ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٧ الحديث ٦١٢.

(٤) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٢١ الحديث ٦٣٢ ، الاستبصار : ١ / ١٦ الحديث ٣٠ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٧ الحديث ٦١٠.

(٥) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٢٢ الحديث ٦٣٣ ، الاستبصار : ١ / ١٧ الحديث ٣١.

(٦) ذكرى الشيعة : ١ / ١٠٦ ، روض الجنان : ١٥٧ ، الروضة البهيّة : ١ / ٤٦.

(٧) الحدائق الناضرة : ١ / ٤١٩.

(٨) الكافي : ٣ / ١٠ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٤ الحديث ٦٠٠.

١٨٥

والشيخ نقلها في «التهذيب» مرّة اخرى بذلك السند موافقا للكافي (١).

مع أنّ «الكافي» أضبط غالبا ، مع أنّ متنها أيضا أحسن وأولى ممّا ذكرنا أوّلا ، بل لا يخلو هو عن حزازة ظاهرة فتأمّل!

وكيف كان ، الظاهر أنّها كما نقلها في «الكافي» و «التهذيب» مرّة اخرى ، فعلى هذا تصير ظاهرة في المنع مطلقا ، كما ذهب إليه الآخرون.

مع أنّ حمل المطلق على المقيّد في المقام ، ليس أولى من الحمل على تفاوت مراتب الاستحباب ، بل بملاحظة صحيحة عيص يتعيّن ذلك بحسب الظاهر ، مضافا إلى التسامح في أدلّة السنن والكراهة ، كما مرّ (٢).

ومقتضى الأخبار المنع من الوضوء خاصّة دون الشرب ، ودون كونه مع الإنسان في الصلاة ، وأمثال ذلك ، كما ذكره المصنّف.

وألحق في «البيان» بالحائض المتّهمة كلّ متّهم (٣) ، واختاره بعض المتأخّرين عنه أيضا (٤) (٥).

__________________

(١) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٢) راجع! الصفحة : ١٢٣ ـ ١٢٨ (المجلّد الثاني) من هذا الكتاب.

(٣) البيان : ١٠١.

(٤) الروضة البهيّة : ١ / ٤٧.

(٥) ورد في هامش (د ١) بعد قوله : بعض المتأخّرين عنه أيضا ، هكذا :

منهم الشهيد الثاني في «الروضة» [لاحظ! الروضة البهيّة : ١ / ٤٧] وردّه المحقّق الشيخ علي بأنّه تصرّف في النصّ. [جامع المقاصد ١ / ١٢٤].

ونقل السيّد نور الدين أخ السيّد محمّد صاحب «المدارك» عبارة الشيخ علي هكذا : بأنّه تصرّف في التصرّف.

وقال في توجيهها : وكأنّه أراد بذلك أنّ قصر الكراهة في سؤر الحائض على المتّهمة في الجمع بين الأخبار

١٨٦

ولا بدّ فيهما من تأمّل سيّما الأخير ، إذ لعلّ الأوّل يكون له وجه.

ويكون مستند فتوى الاصحاب غير مقصور في الأخبار المذكورة ، بخلاف الحاق غير الحائض ، لظهور منشأ الإلحاق.

نعم ، روى الكليني رحمه‌الله عن ابن أبي يعفور أنّه سأل الصادق عليه‌السلام : أيتوضّأ الرجل من فضل المرأة؟ قال : «إذا كانت تعرف الوضوء.» (١).

والشيخ في «الخلاف» بعد ما ادّعى الإجماع على عدم كراهة الوضوء بفضل المرأة ، ردّا على بعض العامّة ، قال : وروى ابن مسكان ، عن رجل ، عن الصادق عليه‌السلام أيتوضّأ الرجل بفضل [وضوء] المرأة؟ قال : «نعم إذا كانت تعرف الوضوء وتغسل يدها قبل أن تدخلها في الإناء» (٢) (٣).

ومرّ أيضا في شرح المفتاح السابق ماله دخل في المقام (٤) ، وممّا ذكر ظهر حال قول المصنّف : (ومن لا يتوقّى عن النجاسة) ، فتأمّل!

__________________

تصرّف أوّل ، ثمّ تعدية الحكم إلى كلّ متّهم إنّما حصل بهذا التصرّف فهو تصرّف في التصرّف الأوّل. [لاحظ! الحدائق الناضرة : ١ / ٤٢٤].

وفيه ، أنّه لو كان عبارة الشيخ علي ـ على ما نقل الناقل ـ يشعر بعدم قول الشيخ علي بتقييد التهمة وعدم اختياره له.

مع أنّه صرّح في صدر هذا الكلام بأنّه الأصحّ عنده حيث قال بعد قول المصنّف ـ أعني العلّامة ـ : والحائض المتّهمة هكذا ، أي : بعدم التحفّظ من النجاسة والمبالات بها على الأصحّ ، جمعا بين رواية النهي عن الوضوء بفضلها ونفي البأس إذا كانت مأمونة [جامع المقاصد : ١ / ١٢٤].

وفي الظن أنّ ما فعله الناقل المشار إليه ناشئ عن غلط في نسخته ، وتصحيف النص بالتصرّف ، وإلّا فالمعنى على ما نقلنا لا غبار فيه. «منه رحمه‌الله».

(١) الكافي : ٣ / ١١ الحديث ٤ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٦ الحديث ٦٠٨.

(٢) بحار الأنوار : ٧٧ / ١٣٥.

(٣) الخلاف : ١ / ١٢٨ و ١٢٩ مسألة ٧٢.

(٤) راجع! الصفحة : ١٦٥ ـ ١٦٨ من هذا الكتاب.

١٨٧

ويدلّ على أنّ المنع عن سؤر الحائض إنّما هو على سبيل الكراهة لا الحرمة رواية أبي هلال عنه عليه‌السلام : «الطامث أشرب من فضل شرابها ، ولا احبّ أن تتوضّأ منه» (١) ، مضافا إلى ظهور ذلك من الجمع الذي ذكرناه بين الأخبار.

ثمّ اعلم! أنّه اعترض في «المدارك» بأنّ مقتضى النصّ كراهة سؤر غير المأمونة ، وهي أخص من كونها غير متّهمة ، لتحقّق الثاني في ضمن من لا يعلم حالها (٢) ، انتهى.

وفيه ، أنّ من لا يعلم حالها ربّما كانت داخلة في المأمونة بقاعدة الشرع حملا لأفعال المسلمين على الصحّة ، وما كانوا يعاملون مع مجهول الحال معاملة غير المأمون ، كما لا يخفى ، فتأمّل جدّا!

قوله : (والحيّة). إلى آخره.

وجه استحباب غسل سؤر الفأرة والوزغ والثعلب والأرنب الخروج عن خلاف الشيخ ، حيث أوجب في «النهاية» غسل ما يصيب الحيوانات المذكورة برطوبة من الثوب والبدن ، وقرنها مع الكلب والخنزير (٣).

والمفيد رحمه‌الله جعل الفأرة والوزغة مثل الكلب والخنزير في غسل الثوب إذا مسّاه برطوبة وأثّرا فيه (٤).

وحكي في «المختلف» عن أبي الصلاح أنّه أفتى بنجاسة الثعلب والأرنب (٥).

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٢٢ الحديث ٦٣٧ ، الاستبصار : ١ / ١٧ الحديث ٣٥ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٨ الحديث ٦١٣.

(٢) مدارك الأحكام : ١ / ١٣٥ نقل بالمعنى.

(٣) النهاية للشيخ الطوسي : ٥٢.

(٤) المقنعة : ٧٠.

(٥) مختلف الشيعة : ١ / ٤٦٤ ، لاحظ! الكافي في الفقه : ١٣١.

١٨٨

وحكي ذلك عن ابن زهرة أيضا (١).

وقيل : كلام الصدوقين يشعر بنجاسة الوزغ (٢). وربّما نسب الى الصدوق رحمه‌الله نجاسة الفأرة أيضا (٣).

ومرّ الكلام في الكلّ (٤) ، وأنّ الأظهر طهارة الكلّ ، وإن ورد الأمر بغسل أثر الفأرة في الثياب إذا وقعت في الماء ومشت عليها ، والأمر بغسل اليد من مسّ الثعلب والأرنب وشي‌ء من السباع حيّا أو ميّتا ، والأمر بنزح البئر للوزغة.

ومرّ كلّ ذلك ، وأنّ ابن زهرة ادّعى الإجماع على نجاسة الثعلب والأرنب بسبب الأمر (٥).

لكن على هذا كان على المصنّف أن يذكر المسوخ أيضا كذلك ، لحكاية القول بنجاستها عن الشيخ وسلّار وابن حمزة (٦).

نعم ، يحكى عن بعض الأصحاب الحكم بنجاسة لعابها (٧) ، ومرّ الكلام فيها أيضا (٨).

وأمّا حشرات الأرض ، فلم نجد ما يشير إلى استحباب إزالة أسئارها ، إلّا ما مرّ عن المحقّق في صراصر الحشّ ودوده (٩) ، بل لم نجد دلك في الحيّة أيضا ، إذ غاية

__________________

(١) حكى عنه في معالم الدين في الفقه : ٢ / ٥٥٠ ، لاحظ! غنية النزوع : ٤٤.

(٢) معالم الدين في الفقه : ٢ / ٥٥٠.

(٣) مختلف الشيعة : ١ / ٤٦٤.

(٤) راجع! الصفحة : ٤٣ ـ ٤٥ من هذا الكتاب.

(٥) غنية النزوع : ٤٤.

(٦) الحدائق الناضرة : ١ / ٤٣٢ ، الخلاف : ٦ / ٧٣ ، المراسم : ٥٥ ، الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ٧٨.

(٧) المراسم : ٥٥.

(٨) راجع! الصفحة : ٤٥ و ٤٦ من هذا الكتاب.

(٩) المعتبر : ١ / ١٠٢.

١٨٩

ما وجدنا ما ذكرنا عن الشيخ رحمه‌الله من استحباب ترك استعمال سؤرها (١) ، وأين هذا من استحباب غسل سؤرها؟

قوله : (ولبن الجارية).

مرّ الكلام في أنّه طاهر (٢) ، كما هو المشهور المعروف ، وأنّه قيل بنجاسته ، للخبر المتضمّن للأمر بغسله. ومرّ الخبر (٣) ، فالأولى الغسل مسامحة في أدلّة السنن ، وخروجا عن شبهة الخلاف وإن كانت ضعيفة ، للاحتياط والتجنّب عن الشبهات مطلقا.

قوله : (والدم). إلى آخره.

مرّ الكلام في الامور المذكورة وأن الظاهر طهارتها ، وإن كان ابن الجنيد حكم بنجاسة المذي عقيب الشهوة (٤) وأولويّة الاجتناب عن الآخر ، وأنّ ما ورد من الأمر بالاجتناب عنه ظاهر في التقيّة.

فالأمر باستحباب الإزالة من الجهة المذكورة محلّ تأمّل ، لأمرهم عليهم‌السلام في أخبار كثيرة بترك العمل بما وافق العامّة ، وأنّ الرشد في خلافهم (٥).

ومرّ الكلام في الودي أيضا (٦) ، وأنّه إن كان قبل الاستبراء يجب غسله ، وإن كان بعده لا يجب ولا يضرّ ، وإن ورد في صحيحة محمّد بن عيسى أنّه كتب إليه

__________________

(١) النهاية للشيخ الطوسي : ٦.

(٢) راجع! الصفحة : ٤٢ من هذا الكتاب.

(٣) راجع! الصفحة : ٤٣ من هذا الكتاب.

(٤) نقل عنه العلّامة في مختلف الشيعة : ١ / ٤٦٣.

(٥) وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الحديث ٣٣٣٣٤.

(٦) راجع! الصفحة : ٢٠٨ و ٢٠٩ (المجلّد الثالث) من هذا الكتاب.

١٩٠

رجل : هل يجب الوضوء ممّا خرج من الذكر بعد الاستبراء؟ فكتب : «نعم» (١).

والظاهر أنّها محمولة على التقيّة ، ويمكن حملها على الاستحباب أيضا على بعد.

وكيف كان ، لا دخل له باستحباب الإزالة ، فتأمّل جدّا!

قوله : (والقي‌ء والقيح). إلى آخره.

وأمّا القي‌ء ، فقد مرّ الكلام فيه وأنّه طاهر (٢) ، وإن نسب إلى بعض القول بنجاسته (٣) ، وورد في خبرين الأمر بغسله (٤) ، وحملا على الاستحباب جمعا (٥).

وأمّا القيح ، فقد نقل عن بعض العامّة الحكم بنجاسته ، بسبب كونه مستحيلا عن الدم (٦).

قوله : (وطين).

المشهور ذلك ، لما رواه الكليني عن محمّد بن إسماعيل ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي الحسن عليه‌السلام في طين المطر أنّه «لا بأس [به] أن يصيب الثوب في ثلاثة أيّام إلّا أن يعلم أنّه قد نجّسه شي‌ء بعد المطر ، فإن أصابه بعد ثلاثة أيّام فاغسله ، وإن كان الطريق نظيفا لم تغسله» (٧).

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٨ الحديث ٧٢ ، الاستبصار : ١ / ٤٩ الحديث ١٣٨ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٨٥ الحديث ٧٥٢.

(٢) راجع! الصفحة : ٤٦ و ٤٧ من هذا الكتاب.

(٣) لاحظ! المبسوط : ١ / ٣٨ ، مختلف الشيعة : ١ / ٤٦٠ ، مدارك الأحكام : ٢ / ٢٨٣ و ٢٨٤.

(٤) تهذيب الأحكام : ١ / ١٢ الحديث ٢٣ ، ١٣ الحديث ٢٦ ، الاستبصار : ١ / ٨٣ الحديث ٢٦٢ و ٢٦٣ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٦٣ الحديث ٦٨٤ ، ٢٦٤ الحديث ٦٨٥.

(٥) الاستبصار : ١ / ٨٤ ذيل الحديث ٢٦٣.

(٦) انظر! المغني لابن قدامة : ١ / ٤٠٩.

(٧) الكافي : ٣ / ١٣ الحديث ٤ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٥٢٢ الحديث ٤٣٥١.

١٩١

قوله : (والحديد).

مرّ الكلام فيه (١).

قوله : (سوى). إلى آخره.

يعني أنّ الرواية الواردة ليست منحصرة في الحسن الذي أشرنا إليه.

قوله : (وأن يغسل). إلى آخره.

عن المفيد ، والشيخ في أحد قوليه ، وسلّار ، والشهيد في أكثر كتبه ، وجماعة من المتأخّرين : أنّه يغسل الإناء من الخمر سبع مرّات (٢).

وعن «المقنعة» ونهاية الشيخ : إنّ كلّ مسكر كذلك ـ أي النجس منها ـ وهي المائعة بالأصالة (٣).

وعن بعض المتأخّرين إلحاق الفقّاع أيضا ـ أي وإن لم يكن مسكرا ـ لأنّه خمر مجهول (٤) ، وغير ذلك ممّا مرّ (٥).

وعن الفاضلين في بعض كتبهما كفاية ثلاثة مرّات (٦) ، وعن «المعتبر» والعلّامة في أكثر كتبه كفاية المرّة (٧) ، وعن «اللمعة» كفاية المرّتين (٨).

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٥١ و ٥٢ من هذا الكتاب.

(٢) المقنعة : ٧٣ ، النهاية للشيخ الطوسي : ٦ ، المبسوط : ١ / ١٥ ، المراسم : ٣٦ ، البيان : ٩٣ ، ذكرى الشيعة : ١ / ١٢٦ ، جامع المقاصد : ١ / ١٩١ ، مسالك الأفهام : ١ / ١٣٤ ، الجامع للشرائع : ٢٤.

(٣) المقنعة : ٧٣ ، النهاية للشيخ الطوسي : ٥٣.

(٤) البيان : ٩١ ، ذكرى الشيعة : ١ / ١١٥.

(٥) راجع! الصفحة : ١٨ من هذا الكتاب.

(٦) شرائع الإسلام : ١ / ٥٦ ، المختصر النافع : ٢٠ ، قواعد الأحكام : ١ / ٩.

(٧) المعتبر : ١ / ٤٦٠ ، مختلف الشيعة : ١ / ٤٩٩ ، تذكرة الفقهاء : ١ / ٨٥.

(٨) اللمعة الدمشقيّة : ١٦.

١٩٢

ويدلّ على السبع رواية عمّار عن الصادق عليه‌السلام وغيرها ومرّتا (١) وعلى الثلاث رواية عمّار أيضا (٢) ، ومرّت أيضا.

وإذا كانت الشهرة مع ما دلّ على السبع ، والآخر شاذّا ـ كما قيل ـ تعيّن العمل بالسبع ، وإلّا يكون السبع محمولا على الاستحباب ، وطرح الكلّ والعمل بالمرّة أو المرّتين ضعيف ، ظاهرا ، لكون الموثّقة حجّة.

قوله : (للموثّق).

وهي موثّقة عمّار عن الصادق عليه‌السلام قال : «اغسل الإناء الذي تصيب فيه الجرذ ميّتا سبع مرّات» (٣).

وعن الشيخ في «النهاية» وجوب الغسل سبعا من موت مطلق الفأرة (٤) ، ووافقه جماعة (٥).

ولعلّ حمل الرواية على الاستحباب من جهة عدم قائل بمضمونها على سبيل الوجوب.

فروع :

الأوّل : عن الشيخ في «الخلاف» : إذا أصاب الثوب نجاسة فغسل نصفه وبقي نصفه ، فالمغسول يكون طاهرا ، ولا يتعدّى نجاسة النصف الآخر إليه ، ثمّ

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢٥ / ٣٦٨ الحديث ٣٢١٤٣.

(٢) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٩٤ الحديث ٤٢٧٢.

(٣) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٨٤ الحديث ٨٣٢ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٩٦ الحديث ٤٢٧٦.

(٤) النهاية للشيخ الطوسي : ٥.

(٥) الوسيلة الى نيل الفضيلة : ٨٠ ، الجامع للشرائع : ٢٤ ، جامع المقاصد : ١ / ١٩١.

١٩٣

حكى عن بعض العامّة أنّه قال : لا يطهر النصف المغسول ، لأنّه مجاور لأجزاء نجسة ، فتسري إليه النجاسة فينجس (١) ، قال رحمه‌الله : وهذا باطل ، لأنّ ما يجاوره أجزاء جافّة لا يتعدّى نجاستها إليه. ولو تعدّت لكان يجب أن يكون إذا نجس جسم أن ينجس العالم كلّه ، لأنّ الأجسام كلّها متجاورة ، وهذا تجاهل. وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام : «إذا وقعت الفأرة في سمن جامد أو زيت ، القي ما حوله واستعمل الباقي» (٢) ، ولو كانت النجاسة تسري لوجب أن ينجس الجميع (٣) ، انتهى.

واقتفى أثره الفاضلان والشهيد (٤) ، وما ذكره من لزوم نجاسة العالم مراده حال الرطوبة والمطر ، لأنّ الكلّ رطب.

مع أنّ موضعا منه نجس جزما ، بل مواضع كثيرة ، فيلزم على تقدير السراية نجاسة كلّ العالم الرطب ، ومرّ فيما سبق أنّه يجوز غسل ظاهر الشي‌ء الثخين ، وأنّه يطهر ذلك الظاهر (٥) ، وأنّ ذلك ظاهر الرواية. وفي رواية أيضا ما يفيد ذلك ، وأنّه يمس الجانب الآخر ، فإن وجد فيه غسل وإلّا ينضح (٦) ، فلاحظ وتأمّل!

الثاني : ظروف الخمر وغيرها إذا تنجّست تقبل التطهير إذا كانت صلبة لا تنشف كالصفر والرصاص والمغضور.

وأمّا إذا لم يكن كذلك ـ كالقرع والخشب والخزف غير المغضور ـ فاختلف

__________________

(١) لاحظ! المجموع للنووي : ٢ / ٥٩٤ و ٥٩٥.

(٢) سنن أبي داود : ٣ / ٣٦٤ الحديث ٣٨٤٢ ، كنز العمّال : ٩ / ٣٦٩ الحديث ٢٦٥٠٨ ، لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٩٤ الباب ٤٣ من أبواب الأطعمة المحرّمة.

(٣) الخلاف : ١ / ١٨٥ المسألة ١٤١.

(٤) المعتبر : ١ / ٤٥٠ ، تذكرة الفقهاء : ١ / ٨٣ ، ذكرى الشيعة : ١ / ١٣١.

(٥) راجع! الصفحة : ١٢٥ من هذا الكتاب.

(٦) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٠٠ الحديث ٣٩٧٣.

١٩٤

الأصحاب في قبولها للتطهير ، نسب إلى جمهورهم القبول أيضا (١). وعزا إلى ابن الجنيد القول بعدم طهارته (٢) ، وفي «المختلف» عزا إلى ابن البرّاج القول بعدم جواز استعمال هذا النوع ، غسل أو لم يغسل (٣).

احتجّوا للمشهور بأنّ الواجب إزالة النجاسة المعلومة ، وما لم يعلم لا يجب تتبّعه ، وبأنّه بعد إزالة عين النجاسة يرتفع المانع من الاستعمال.

وبرواية عمّار عن الصادق عليه‌السلام عن الإبريق يكون فيه خمر أيصلح أن يكون فيه ماء؟ قال : «إذا غسل فلا بأس» (٤) ، وترك الاستفصال يفيد العموم.

وحجّة الثاني : ما روي عنهم عليهم‌السلام : «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن الدبّاء والمزفّت والحنتم والنقير ، وفسّر فيه الدبّاء : بالقرع ، والحنتم : الجرار الزرق ، والنقير : ما كان أهل الجاهليّة ينقرونها حتّى يصير لها أجواف ينبذون فيها» (٥). وأنّ للخمر حدّة ونفوذا في الأجسام ، فإذا لم يكن الظرف مغضورا دخلت في باطنه ، فلا ينالها الماء.

واجيب عن الأوّل بأنّ النهي محمول على الكراهة بسبب المعارض ، وعن الثاني بأنّ الماء أيضا ينفذ ، بل أشدّ نفوذا من الخمر.

والتحقيق أنّه إذا حصل العلم بإزالة القدر الذي يعلم وجوده فلا كلام ، وإن علم بقاء شي‌ء لم يغسل بالماء ، فيمكن القول بطهارة القدر الذي غسل وعدم السراية بما بقي وأنّه يكفي ، لما عرفت في الفرع السابق ، فتأمّل جدّا!

__________________

(١) لاحظ! تذكرة الفقهاء : ١ / ٨٧.

(٢) لاحظ! تذكرة الفقهاء : ١ / ٨٧.

(٣) مختلف الشيعة : ١ / ٥٠٥ ، لاحظ! المهذّب : ١ / ٢٨.

(٤) الكافي : ٦ / ٤٢٧ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٩٤ الحديث ٤٢٧٢.

(٥) الكافي : ٦ / ٤١٨ الحديث ٣ ، معاني الأخبار : ٢٢٤ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٩ / ١١٥ الحديث ٤٩٩ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٩٦ الحديث ٤٢٧٥ مع اختلاف يسير.

١٩٥

الثالث : قال العلّامة في «النهاية» : يستحب الحتّ والقرص في كلّ نجاسة يابسة كالمني ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأسماء : «حتّيه ثمّ اقرصيه ثمّ اغسليه (١)» (٢) ، وتبعه في «البيان» (٣) ، ولعلّ ذلك للمسامحة في أدلّة السنن.

مع أنّه نقل عن «المنتهى» : أنّ استحباب القرص والحتّ من دم الحيض مذهب علمائنا (٤).

وعن الجوهري : الحتّ : حكّ الورق من الغصن والمني من الثوب (٥). والقرص بالإصبعين. ثمّ قال : وفي الحديث : إنّ امرأة سألته عن دم الحيض ، فقال : «اقرصيه بماء» (٦) أي اغسليه بأطراف أصابعك (٧).

وفي «القاموس» : الحتّ : الفرك والقشر (٨).

الرابع : روي في الصحيح عن الكاظم عليه‌السلام وسئل عن الرجل يصلح له أن يصبّ الماء من فيه يغسل به الشي‌ء يكون في ثوبه؟ قال : «لا بأس» (٩).

ويظهر منها أنّ دخول ماء الفم غير مضرّ وهو كذلك ، لصدق الماء عرفا.

وذكر في «المنتهى» أنّ هذه الرواية موافقة للمذهب ، لأنّ المطلوب هو الإزالة بالماء ، وقد حصلت (١٠).

__________________

(١) صحيح مسلم : ١ / ٢٠٢ الحديث ٢٩١ ، سنن الترمذي : ١ / ٢٥٥ الحديث ١٣٨ مع اختلاف يسير.

(٢) نهاية الإحكام : ١ / ٢٧٩.

(٣) البيان : ٩٤.

(٤) منتهى المطلب : ٣ / ٢٦٢.

(٥) الصحاح : ١ / ٢٤٦.

(٦) صحيح مسلم : ١ / ٢٠٢ الحديث ٢٩١ ، سنن الترمذى : ١ / ٢٥٥ الحديث ١٣٨ مع اختلاف يسير.

(٧) الصحاح : ٣ / ١٠٥٠.

(٨) القاموس المحيط : ١ / ١٥١.

(٩) تهذيب الأحكام : ١ / ٤٢٣ الحديث ١٣٤٣ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٥٠٠ الحديث ٤٢٨٦.

(١٠) منتهى المطلب : ٣ / ٣١٩.

١٩٦

٩٠ ـ مفتاح

[تطهر الأرض باطن الخفّ]

الأرض تطهّر باطن الخفّ والنعل وأسفل القدم المتنجّسة ، للصحاح وغيرها (١) ، خلافا للخلاف فجوّز الصلاة معها فحسب (٢) ، وهو شاذّ.

وفي الصحيح : «الأرض تطهّر بعضها بعضا» (٣) يعني : بالإزالة والإحالة والتجفيف بالوطء عليها مرّة بعد اخرى وانتقال بعضها إلى بعض.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٥٧ الباب ٣٢ من أبواب النجاسات.

(٢) الخلاف : ١ / ٢١٧ المسألة ١٨٥.

(٣) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٥٧ الحديث ٤١٦٦.

١٩٧
١٩٨

قوله : (الأرض). إلى آخره.

تطهيرها لما ذكره المصنّف بإزالة النجاسة بها بالمشي عليها أو الدلك بها ، سواء كانت ترابا أو حجرا أو رملا أو سبخة.

فالظاهر اتّفاق الأصحاب على ذلك ، وإن كان المفيد رحمه‌الله ذكر الخفّ والنعل (١) ، وكذا سلّار (٢) ، إذ لعلّه مبني على الغالب من عدم المشي حافيا ، وإنّهما كانا على سبيل المثال ، وإلّا فالظاهر عدم انحصار وقاية الرجل في الخفّ والنعل ، بل كلّ ما هو وقاؤها يكون حكمه حكم الخفّ والنعل.

نعم ، عن العلّامة أنّه استشكل في «التحرير» ثبوته في القدم (٣) ، وفي «المنتهى» نسبه إلى بعض الأصحاب ، وذكر أنّ في رواية صحيحة دلالة عليه ، ثمّ قال : عندي فيه توقّف (٤) ، وفي سائر كتبه صرّح بالتعميم (٥).

ويدلّ عليه صحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام : رجل وطئ على عذرة فساخت رجله فيها ، أينقض ذلك وضوءه؟ وهل يجب عليه غسلها؟ فقال : «لا يغسلها إلّا أن يقذرها ، ولكنّه يمسحها حتّى يذهب أثرها ويصلّي» (٦).

وما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا وطء أحدكم الأذى بخفّيه فطهورهما التراب» (٧).

__________________

(١) المقنعة : ٧٢.

(٢) المراسم : ٥٦.

(٣) تحرير الأحكام : ١ / ٢٥.

(٤) منتهى المطلب : ٣ / ٢٨٥.

(٥) قواعد الأحكام : ١ / ٨ ، نهاية الإحكام : ١ / ٢٩١.

(٦) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٧٥ الحديث ٨٠٩ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٥٨ الحديث ٤١٧١.

(٧) سنن أبي داود : ١ / ١٠٥ الحديث ٣٨٦ ، كنز العمّال : ٩ / ٣٦٩ الحديث ٢٦٥٠٧ مع اختلاف يسير.

١٩٩

وما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا وطء أحدكم بنعليه الأذى فطهورهما التراب» (١) ، والسند منجبر بالفتاوى ، والدلالة بعدم القول بالفصل.

وصحيحة الأحول عن الصادق عليه‌السلام في الرجل يطأ على الموضع الذي ليس بنظيف ثمّ يطأ بعده مكانا نظيفا ، قال : «لا بأس إذا كان خمسة عشر ذراعا» (٢).

ودلالتها على المطهّريّة واضحة ، لكن اشتراط خمسة عشر ذراعا ، يمكن أن يكون بناء على زوال العين البتّة غالبا إذا كانت النجاسة بوطء ما ليس بنظيف ، أو أنّه إن لم يكن خمسة عشر يكون فيه بأس.

والظاهر منه الكراهة ، وابن الجنيد عمل بظاهرها حيث قال : إذا وطئ الإنسان برجليه أو بما هو وقاؤهما نجاسة رطبة ، أو كانت رجله رطبة والنجاسة يابسة أو رطبة ، فوطئ بعدها نحوا من خمسة عشر ذراعا أرضا طاهرة يابسة ، طهر ماسّ النجاسة من رجله والوقاء لها ، وغسلهما أحوط ، ولو مسحهما حتّى يذهب عين النجاسة وأثرها بغير ماء أجزأ إذا كان ما مسحهما به طاهرا (٣) ، انتهى.

وفي «المدارك» : أنّ كلامه ظاهر في الاكتفاء بحصول التطهير بمسحها بغير الأرض من الأعيان الطاهرة (٤) ، انتهى. وفي الظهور المذكور تأمّل ظاهر.

وصحيحة محمّد بن فضّال وصفوان ، عن ابن بكير ، عن حفص بن أبي عيسى أنّه قال للصادق عليه‌السلام : إنّي وطئت عذرة بخفيّ ومسحته حتّى لم أر فيه شيئا ما تقول في الصلاة فيه؟ فقال : «لا بأس» (٥).

__________________

(١) سنن أبي داود : ١ / ١٠٥ الحديث ٣٨٥ ، كنز العمّال : ٩ / ٣٦٩ الحديث ٢٦٥٠٦ مع اختلاف يسير.

(٢) الكافي : ٣ / ٣٨ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٥٧ الحديث ٤١٦٥.

(٣) نقل عنه في المعتبر : ١ / ٤٤٧ ، منتهى المطلب : ٣ / ٢٨٢ ، مدارك الأحكام : ٢ / ٣٧٢ مع اختلاف يسير.

(٤) مدارك الأحكام : ٢ / ٣٧٢.

(٥) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٧٤ الحديث ٨٠٨ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٥٨ الحديث ٤١٧٠.

٢٠٠