مصابيح الظلام - ج ٥

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٥

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-5-1
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٤٨

الصلاة فلا تقضي ظهرها حتّى تفوتها الصلاة ويخرج الوقت ، أتقضي الصلاة التي فاتتها؟ قال : «إن كانت توانت قضتها ، وإن كانت دائبة في غسلها فلا تقضي» (١).

وورد أخبار ظاهرة في خلاف ما ذكر ظاهره التقيّة ، مثل رواية الفضل بن يونس الظاهرة في انقضاء وقت الظهر بعد مضيّ أربعة أقدام من الزوال (٢) وغيرها ، وتتمّة التحقيق مرّت في مبحث الحيض (٣).

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٣٩١ الحديث ١٢٠٧ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٣٦٤ الحديث ٢٣٧٣.

(٢) الكافي : ٣ / ١٠٢ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٣٨٩ الحديث ١١٩٩ ، الاستبصار : ١ / ١٤٢ الحديث ٤٨٥ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٣٦١ الحديث ٢٣٦٧.

(٣) راجع! الصفحة : ٢٢٢ ـ ٢٢٤ (المجلّد الأوّل) من هذا الكتاب.

٥٢١
٥٢٢

١٠٨ ـ مفتاح

[حكم من اشتغل بالعصر والعشاء أوّلا]

لو اشتغل بالعصر أو العشاء أوّلا ، فإن ذكر وهو في صلاته عدل بنيّته بلا خلاف ، للصّحاح (١) ، وإن فرغ أجزأته إن لم يصلّها في الوقت المختصّ بالاولى ، وعلى قول الصدوق أجزأته مطلقا (٢) ، وله ظواهر الروايات هاهنا (٣).

ويحتمل إجزاؤها عن الاولى في الظهرين ، كما يدلّ عليه الصحيح وغيره : «إنّما هي أربع مكان أربع» (٤) ، وأوّلهما الشيخ بالبعيد (٥).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٩٠ الباب ٦٣ من أبواب المواقيت.

(٢) نقل عنه في مدارك الأحكام : ٣ / ٣٥ و ١١٦.

(٣) وسائل الشيعة : ٤ / ١٢٥ الباب ٤ من أبواب المواقيت.

(٤) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٩٠ الحديث ٥١٨٧ ، ٢٩٢ الحديث ٥١٨٩.

(٥) الخلاف : ١ / ٣٨٦.

٥٢٣
٥٢٤

قوله : (لو اشتغل). إلى آخره.

مرّ الكلام في ذلك مستوفى عن قريب (١) ، فلاحظ!

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٥١١ ـ ٥١٣ من هذا الكتاب.

٥٢٥
٥٢٦

١٠٩ ـ مفتاح

[ما لو حصلت الآية في وقت الفريضة]

إذا حصلت الآية في وقت فريضة حاضرة قدّمت المضيّقة إجماعا ، فإن تضيّقتا قدّمت الحاضرة بلا خلاف ، لأنّها أهمّ ولما يأتي ، وإن اتسعتا تخيّر وفاقا للأكثر (١) للأصل.

وقال الصدوق : بل تقدّم الحاضرة (٢) للأمر به في الصحيح : «ابدأ بالفريضة» (٣).

وينبغي حمله على الاستحباب ، للجمع بينه وبين الصحيح الآخر : «فصلّها ما لم تتخوّف أن يذهب وقت الفريضة ، فإن تخوّفت فابدأ بالفريضة واقطع ما كنت فيه من صلاة الكسوف ، فإذا فرغت من الفريضة فارجع إلى حيث كنت قطعت واحتسب بما مضى» (٤).

__________________

(١) شرائع الإسلام : ١ / ١٠٤ ، الدروس الشرعية : ١ / ١٩٥ ، البيان : ٢٠٨ ، مدارك الأحكام : ٤ / ١٤٥ ، ذخيرة المعاد : ٣٢٦.

(٢) المقنع : ١٤٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٧ ذيل الحديث ١٥٣٤.

(٣) وسائل الشيعة : ٧ / ٤٩٠ الحديث ٩٩٣٤.

(٤) وسائل الشيعة : ٧ / ٤٩١ الحديث ٩٩٣٧.

٥٢٧

والقطع والبناء في هذه الصورة منصوص بهما في الصّحاح الاخر (١) أيضا ، ووجوب القطع إجماعي ، وأمّا البناء فخالف فيه في «المبسوط» وأوجب الاستيناف (٢) ، واختاره في «الذكرى» (٣) ، وليس بشي‌ء بعد ورود النص.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٧ / ٤٩٠ الحديث ٩٩٣٥ و ٩٩٣٦ و ٩٩٣٧.

(٢) المبسوط : ١ / ١٧٢.

(٣) ذكرى الشيعة : ٤ / ٢٢٠.

٥٢٨

قوله : (إذا حصلت الآية).

مرّ الكلام في ذلك أيضا مستوفى في بحث صلاة الآيات (١) ، فلاحظ!

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٤٨٠ ـ ٤٨٨ (المجلّد الثاني) من هذا الكتاب.

٥٢٩
٥٣٠

١١٠ ـ مفتاح

[كراهة التنفّل بعد دخول أوقات الفرائض]

المشهور تحريم التنفّل بغير الرواتب بعد دخول أوقات الفرائض ، للنهي عنه في الصّحاح المستفيضة (١) ، والنهي وإن عمّ الرواتب لإطلاقه إلّا أنّ القطع باستحبابها في أوقات الفرائض أخرجها. والذي يظهر لي كراهة ذلك وبقاؤه على ظاهره من العموم.

أمّا الأوّل ، فللجمع بينها وبين ما دلّ على الجواز ، كالحسن : قلت له : إذا دخل وقت الفريضة أتنفّل أو أبدأ بالفريضة؟ فقال : «الفضل أن تبدأ بالفريضة ، وإنّما أخّرت الظهر ذراعا من عند الزوال من أجل صلاة الأوّابين» (٢). على أنّ استعمالهم النهي في الكراهة أكثر منه في التحريم ، سيّما وتفوح إرادتها هاهنا من بعض ألفاظهم عليهم‌السلام ، ويؤيّده الأصل.

وأمّا الثاني ، فلصراحة كثير منها في الراتبة كالحديث المذكور ، وكالصحيح : عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر؟ فقال : «قبل الفجر ،

__________________

(١) راجع! وسائل الشيعة : ٤ / ٢٢٦ الباب ٣٥ من أبواب المواقيت.

(٢) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٣٠ الحديث ٤٩٩٩ و ٥٠٠٠.

٥٣١

إنّهما من صلاة الليل ثلاث عشرة ركعة صلاة الليل ، أتريد أن تقايس لو كان عليك من شهر رمضان ، أكنت تتطوّع إذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة» (١). وفي معناه الحسن (٢).

واشتراك الوقت ليس على ما ظنّوه ، فإنّ الوقت المقدّر للنافلة خارج عن وقت الفريضة في حقّ المتنفّل ، كما يظهر من الحسن السابق ، ووقع التصريح به في الصّحاح المستفيضة (٣).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٤ الحديث ٥١٠٩.

(٢) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٥ الحديث ٥١١٣.

(٣) وسائل الشيعة : ٤ / ١٤٠ الباب ٨ من أبواب المواقيت.

٥٣٢

قوله : (المشهور).

بل في «المعتبر» أسنده إلى علمائنا مؤذنا بدعوى الإجماع عليه (١) ، واستدلّوا عليه برواية ابن مسلم ، عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال له رجل من أهل المدينة : يا أبا جعفر ، مالي لا أراك تطوّع بين الأذان والإقامة كما يصنع الناس؟ فقلت : «إنّا إذا أردنا أن نتطوّع كان تطوّعنا في غير وقت الفريضة ، فإذا دخلت الفريضة فلا تطوّع» (٢).

ولا يخفى أنّ المراد من وقت الفريضة فيها غير الوقت المعروف ، بل الوقت الذي لا يصادم فيه الفريضة النافلة ، وإن كان المراد من التطوّع ما يشمل الرواتب أيضا.

ويظهر منها أيضا أنّ الأخبار الاخر الدالّة على عدم التطوّع في وقت الفريضة يكون المراد من الوقت ومن التطوّع هو ما ذكرناه ، مضافا إلى ما مرّ من أنّ الوقت كان يطلق على معان كثيرة ، فالأمر كما ذكره المصنّف.

ويحتمل أن يكون المراد من التطوّع غير الرواتب (٣) ، وهو المستحب للفصل بين الأذان والإقامة ، فتصير الرواية دليلا للمشهور ، كما ستعرف.

قوله : (كالحسن).

هو حسنة ابن مسلم ، عن الصادق عليه‌السلام (٤) ، ولا يخفى أنّ الظاهر من الوقت

__________________

(١) المعتبر : ٢ / ٦٠.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٦٧ الحديث ٦٦١ و ٢٤٧ الحديث ٩٨٢ ، الاستبصار : ١ / ٢٥٢ الحديث ٩٠٦ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٢٧ الحديث ٤٩٨٩ مع اختلاف يسير.

(٣) في (ز ٣) : النافلة.

(٤) الكافي : ٣ / ٢٨٩ الحديث ٥ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٣٠ الحديث ٤٩٩٩.

٥٣٣

فيها أيضا هو ما ذكرنا ، وكذا التنفّل.

ويدلّ عليه أيضا موثّقة سماعة أنّه سأل الصادق عليه‌السلام عن الرجل يأتي المسجد وقد صلّى أهله أيبتدئ بالمكتوبة أو يتطوّع؟ فقال : «إن كان في وقت حسن فلا بأس بالتطوّع قبل الفريضة ، وإن خاف فوات الفريضة من أجل ما مضى من الوقت فليبدأ بالفريضة وهو حقّ الله ثمّ ليتطوّع بما شاء» (١).

قوله : (على أن). إلى آخره.

فيه ما فيه ، إذ العامّ قد كثر استعماله في الخاصّ إلى أن قيل : ما من عامّ إلّا وقد خصّ ، وتلقّاه الفحول بالقبول ، ومع ذلك لم يخرج العامّ من عمومه أصلا.

والأخبار (٢) جلّها ورد فيه مجاز ، وخلاف الظاهر البتّة ، وكذا من المسلّمات أنّ أكثر اللغات مجازات.

قال في «المدارك» : ويمكن الجمع بينهما بتخصيص النهي الواقع عن الفعل بعد دخول وقت الفريضة بما إذا كان المقيم قد شرع في الإقامة ، لصحيحة عمر بن يزيد ، عن الصادق عليه‌السلام : عن الرواية التي يروون أنّه لا ينبغي أن يتطوّع في وقت فريضة ، ما حدّ هذا الوقت؟ قال : «إذا أخذ المقيم في الإقامة» فقال له : إنّ الناس يختلفون في الإقامة ، قال : «المقيم الذي يصلّي معه» (٣) (٤).

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٢٨٨ الحديث ٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٧ الحديث ١١٦٥ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٦٤ الحديث ١٠٥١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٢٦ الحديث ٤٩٨٧ مع اختلاف يسير.

(٢) في (ز ٣) : وأخبارنا.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٢ الحديث ١١٣٦ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٨٣ الحديث ٨٤١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٢٨ الحديث ٤٩٩٥.

(٤) مدارك الأحكام : ٣ / ٨٩.

٥٣٤

وفيه ما لا يخفى ، إذ الحسنة تنادي بالفضيلة ، والموثّقة لا ربط لها بما ذكر ، وكذلك الحال في رواية ابن مسلم (١) الدالّة على المنع.

ثمّ اعلم! أنّه لم يظهر من الأخبار ما يخالف دعوى الإجماع من الفاضلين (٢) وما اشتهر بين الأصحاب ، لأنّ المستفاد من الحسن والموثّق المذكورين جواز التنفّل (٣) خاصّة في الوقت المختصّ بالفريضة ، أمّا الحسن فظاهر ، وأمّا الموثّق فلأنّ الظاهر من قوله : ابتدئ بالمكتوبة أنّ المراد من التطوّع فيه هو النافلة الراتبة.

فعلى هذا يكون الأظهر المنع من غير الرواتب ، كما اشتهر للإجماعين المنقولين ، والعمومات المانعة من التطوّع مطلقا في وقت الفريضة مطلقا ، كما ورد في صحيحة أبي بكر الحضرمي ، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «إذا دخل وقت صلاة مفروضة فلا تطوّع» (٤) ، خرج النافلة لما ذكر وبقي غيرها.

والظاهر من قوله عليه‌السلام : «إنّما أخرت الظهر ذراعا [عند الزوال] من أجل صلاة الأوّابين» (٥) أنّ التأخير المذكور للنافلة خاصة.

قوله : (وكالصحيح). إلى آخره.

يظهر منه عدم جواز النافلة أيضا في وقت الفريضة ، سوى الذراع والذراعين الذين جعلا للنافلة.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٢٧ الحديث ٤٩٨٩.

(٢) لاحظ! المعتبر : ٢ / ٦٠ ، منتهى المطلب : ٤ / ١٣٩.

(٣) في (ز ٣) زيادة : بالرواتب.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٦٧ الحديث ٦٦٠ ، الاستبصار : ١ / ٢٩٢ الحديث ١٠٧١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٢٨ الحديث ٤٩٩٣.

(٥) الكافي : ٣ / ٢٨٩ الحديث ٥ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٣٠ الحديث ٥٠٠٠.

٥٣٥

ويدلّ عليه أيضا صحيحة زرارة أنّه قال للباقر عليه‌السلام : أصلّي نافلة وعليّ فريضة أو في وقت فريضة ، قال : «لا ، أنّه لا تصلّى نافلة في وقت فريضة أرأيت لو كان عليك [صوم] من شهر رمضان أكان لك أن تتطوّع حتّى تقضيه؟» قلت : لا ، قال «فكذلك الصلاة» (١).

لكن بملاحظة ما مرّ في نافلة الفجر من جواز فعلها بعد الفجر أيضا ، يظهر أنّهما وردتا للتقيّة ، كما يومى إليه قياسه وما كان (٢) يقيس.

لكن مرّ الخبر الصريح (٣) ، في أنّ ما دلّ على جواز فعلها بعد الفجر ورد تقيّة ، وأنّ مضمون هذين الخبرين مرّ الحق (٤).

مع أنّ الصحاح الدالّة على أنّ التأخير ذراعا وذراعين للنافلة ، في غاية الظهور في المنع بعدهما ، حيث قال عليه‌السلام : «لك أن تتنفّل إلى أن يبلغ فيئك ذراعا ، فإذا بلغ بدأت بالفريضة وتركت النافلة» (٥) ، إلّا أن يحمل على شدّة تأكّد الاستحباب.

وكيف كان ، الأحوط المنع ، بل العمل عليه لكثرة الأخبار وصحّتها واعتبارها وقوّة دلالتها وتأيّدها بما ذكر من كون المخالف تقيّة.

فإذا مضى الوقت المذكور ولم يصلّ من النوافل شيئا ، بدأ بالفريضة البتّة.

لكن لو تلبّس بركعة قبل أن يمضي ثمّ مضى فله أن يأتي بالبواقي مخفّفة ، على

__________________

(١) روض الجنان : ١٨٤ ، مستدرك الوسائل : ٣ / ١٦٠ الحديث ٣٢٦٦.

(٢) في (د ٢) و (ك) : كاده.

(٣) في (ز ٣) : الصحيح.

(٤) راجع! الصفحة : ٤٨٤ من هذا الكتاب.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٤٠ الحديث ٦٥٣ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩ الحديث ٥٥ ، الاستبصار : ١ / ٢٥٠ الحديث ٨٩٩ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٤١ الحديث : ٤٧٤٣ و ٤٧٤٤ مع اختلاف يسير.

٥٣٦

ما أفتى به الشيخ وأتباعه (١) لموثّقة عمّار عن الصادق عليه‌السلام قال : «للرجل أن يصلّي الزوال ما بين زوال الشمس إلى أن يمضي قدمان ، فإن كان قد بقي من الزوال ركعة واحدة أو قبل أن يمضي قدمان أتمّ الصلاة حتّى يصلّي تمام الركعات ، وإن مضى قدمان قبل أن يصلّي ركعة بدأ بالاولى ولم يصلّ الزوال إلّا بعد ذلك ، وللرجل أن يصلّي من نوافل العصر ما بين الاولى إلى أن تمضي أربعة أقدام ، فإن مضت الأربعة أقدام ولم يصلّ من النوافل شيئا فلا يصلّي النوافل ، وإن كان قد صلّى ركعة فليتمّ النوافل حتّى يفرغ منها ، ثمّ يصلّي العصر» (٢) ، الحديث.

والموثّق حجّة ، سيّما وأن يفتي به الشيخ وتبعته ، إلّا أنّه لا يعارض الصحاح ، إلّا أن يقال : المتبادر منها غير صورة التلبّس بركعة ، سيّما إذا أتمّها مخفّفة.

قال في «المعتبر» : يعضدها أنّه محافظة على سنّة لم يتضيّق وقت فريضتها (٣) ، انتهى.

وأيّد بالإطلاقات ، وهو إن لم يقيّد بالتخفيف ، إلّا أنّه اعتبر مراعاة جانب الصحاح والمعتبرة ، مع جوازه مطلقا ، حتّى أنّ بعضا منهم قال : لو تأدّى التخفيف بالصلاة جالسا آثره على القيام.

بل يظهر من تتمّة هذا الموثّق أنّ المزاحمة المذكورة مشروطة بأن لا يزيد على نصف قدم في الظهر ، وقدم في العصر ، ولعلّ القدم للعصر بالنسبة إلى مجموع الست عشر ركعة إذا تلبّس بركعة منها ، فلاحظ وتأمّل.

فمن هذا أيضا يظهر مطلوبية التخفيف فيها ، لأنّ مضيّ نصف القدم في الشتاء في غاية السرعة فتأمّل!

__________________

(١) النهاية للشيخ الطوسي : ٦٠ ، المهذّب : ١ / ٧١.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٧٣ الحديث ١٠٨٦ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٤٥ الحديث ٥٠٤٩.

(٣) المعتبر : ٢ / ٥٨.

٥٣٧

واختلف كلامهم في نافلة المغرب ، فعن ابن إدريس أنّه يتمّ الأربع بالتلبّس بشي‌ء منها قبل ذهاب الشفق (١).

وعن الشهيد بناء على توقيتها إلى زوال الحمرة ، أنّ من شرع في ركعتين منها ثمّ زالت الحمرة أتمّها ، سواء كانت الأوّلتين أو الأخيرتين ، للنهي عن إبطال العمل ولأنّ الصلاة على ما افتتحت (٢).

وعن المحقّق والعلّامة (٣) أنّه إذا ذهبت الحمرة ولم تكمل الأربعة اشتغل بالعشاء (٤) ، لما ورد في الأخبار من المنع من التطوّع بعد دخول وقت الفريضة (٥).

وحيث عرفت سابقا أنّ دليل انتهاء وقت هذه النافلة بزوال الحمرة ، هو الإجماع المنقول عن الفاضلين ، وتحقّقه إلى القدر الذي ذكراه هنا غير معلوم ، ولذا ما استدلّا بالإجماع.

مضافا إلى ما عرفت من بعض الأخبار من فعلهم عليهم‌السلام هذا في المشعر (٦) قبل العشاء (٧) ، فيشكل الحكم بوجوب القطع ، بل يشكل القطع ، بل يحتمل كون ما نقل عن ابن إدريس صوابا.

وأمّا نافلة الصبح فلعلّه لا إشكال فيها إذا دخل فيها قبل طلوعه ثمّ طلع الفجر وهو فيها في أنّه يتمّها ، ثمّ يصلّي الفريضة ، ومرّ ما به يظهر الحال ، فلاحظ وتأمّل!

__________________

(١) السرائر : ١ / ٢٠٢.

(٢) ذكرى الشيعة : ٢ / ٣٦٧.

(٣) في (ز ٣) : الفاضلين.

(٤) المعتبر : ٢ / ٥٩ ، تذكرة الفقهاء : ٢ / ٣١٧ و ٣١٨ المسألة ٣٨.

(٥) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ٢٢٦ الباب ٣٥ من أبواب المواقيت.

(٦) المشعر هو المزدلفة ، (لسان العرب : ٤ / ٤١٤).

(٧) الكافي : ٣ / ٢٦٧ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٢٤ الحديث ٤٩٨٢.

٥٣٨

١١١ ـ مفتاح

[موارد كراهة التنفّل]

المشهور ، كراهة التنفّل بالنوافل المبتدأة عند طلوع الشمس وغروبها وقيامها ، وبعد صلاتي الصبح والعصر ، للنصوص (١) ، وظاهر السيّد التحريم (٢). وليس في النصوص قيد الابتداء ، وإليه ذهب في «النهاية» في الأوّلين (٣) ، وكذا المفيد (٤) ، إلّا أنّ ظاهره التحريم ، وتوقّف الصدوق في أصل الحكم فيهما (٥) ، لتعارض الروايات (٦) ، وهو في محلّه.

وينبغي استثناء يوم الجمعة من الثالث ، كما في الصحيح (٧) ، وقضاء النوافل من الأخيرين ، كما في المستفيضة (٨).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٣ / ١٠٨ الحديث ٣١٥٤ ، ٤ / ٢٣٤ الباب ٣٨ من أبواب المواقيت ، ٧ / ٣١٧ الحديث ٩٤٥٤.

(٢) الناصريّات : ١٩٩ المسألة ٧٧ ، الانتصار : ٥٠.

(٣) النهاية للشيخ الطوسي : ٦٢.

(٤) المقنعة : ٢١٢.

(٥) نقل عنه في مدارك الأحكام : ٣ / ١٠٨.

(٦) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ٢٣٤ الباب ٣٨ من أبواب المواقيت.

(٧) وسائل الشيعة : ٧ / ٣١٧ الحديث ٩٤٥٤.

(٨) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٣٥ الحديث ٥٠٢٠ ، ٢٤٢ و ٢٤٣ الحديث ٥٠٣٨ ـ ٥٠٤٠ و ٥٠٤٣.

٥٣٩
٥٤٠