مصابيح الظلام - ج ٥

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٥

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-5-1
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٤٨

وفي الموثّق ـ كالصحيح ـ عن زرارة عن الباقر عليه‌السلام : «إنّما على أحدكم إذا انتصف الليل أن يقوم فيصلّي صلاته جملة واحدة ثلاث عشرة ركعة ، ثمّ إن شاء جلس فدعا وإن شاء نام ، وإن شاء ذهب حيث شاء» (١). إلى غير ذلك من الأخبار.

وفي صحيحة إسماعيل السابقة : «أحبّها إليّ الفجر الأوّل» (٢) فيدلّ على عدم انحصار الوقت فيه وفي كثير من الصحاح : «صلّهما قبل الفجر ومعه وبعده» (٣).

والظاهر فيها التقيّة ، كما ستعرف أو أنّ الأمر فيها في مقام توهّم الحظر.

نعم ، في صحيحة حمّاد ، عن محمّد بن حمزة بن بيض ، عن ابن مسلم ، عن الباقر عليه‌السلام : أنّه سأله عن أوّل وقت ركعتي الفجر؟ فقال : «السدس الباقي» (٤) وظاهر أنّها لا تقاوم الأخبار السابقة ، فضلا عن أن يغلب عليها.

ويمكن حملها على مضمون صحيحة إسماعيل السابقة (٥) ، وفي «المدارك» جعل دليلهما صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «صلّهما بعد ما يطلع الفجر» (٦) (٧).

وفيه تأمّل ، لعدم معلوميّة أنّ مرجع الضمير هو النافلة ، على تقدير الظهور ،

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٧ الحديث ٥٣٣ ، الاستبصار : ١ / ٣٤٩ الحديث ١٣٢٠ وسائل الشيعة : ٦ / ٤٩٥ الحديث ٨٥٢٧.

(٢) مرّ آنفا.

(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٨ الباب ٥٢ من أبواب المواقيت.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٣ الحديث ٥١٥ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٣ الحديث ١٠٣٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٥ الحديث ٥١١١ نقل بالمعنى.

(٥) راجع! الصفحة : ٤٧٩ و ٤٨٠ من هذا الكتاب.

(٦) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٤ الحديث ٥٢٣ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٤ الحديث ١٠٤٠ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٧ الحديث ٥١١٩.

(٧) مدارك الأحكام : ٣ / ٨٤.

٤٨١

فالمتبادر من مطلق الفجر هو الثاني ، كما هو مسلّم عنده أيضا.

فعلى هذا يكون الأمر واردا في مقام توهّم الحظر ، أي لا حظر في صلاتهما بعد طلوع الفجر الصادق ، لما يظهر من الأخبار من ورود المنع ، وورود التجويز دفعا لتوهّم المنع ، وستعرف بعضها.

وأمّا كون آخر وقتهما طلوع الحمرة ، فلصحيحة عبد الرحمن المذكورة.

وقويّة يعقوب بن سالم ، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «صلّهما بعد الفجر» (١) الحديث فتأمّل!

وصحيحة علي بن يقطين ، عن الكاظم عليه‌السلام : عن الرجل لا يصلّي الغداة حتّى يسفر وتظهر الحمرة ولم يركع الفجر أيركعهما أو يؤخّرهما؟ قال : «يؤخّرهما» (٢) إذ لم ينكر عليه في اعتقاده ، بل أقرّه عليه ، ومنها يظهر تعارف إطلاق ركعتي الفجر على النافلة في ذلك الزمان.

وكذا يظهر من الأخبار السابقة والآية (٣) ، مثل صحيحة زرارة (٤) ، وصحيحة البزنطي (٥) وغيرهما.

فما في الصحاح الكثيرة من أنّ ركعتي الفجر تصلّى قبل الفجر ، وعنده وبعده ، واضح الدلالة على المطلوب ، مضافا إلى ظهور عدم جواز الفريضة قبل الفجر.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٤ الحديث ٥٢١ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٤ الحديث ١٠٣٨ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٧ الحديث ٥١٢٠.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤٠ الحديث ١٤٠٩ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٦ الحديث ٥١١٥.

(٣) الذاريات (٥١) : ١٨.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٧ الحديث ٥٣٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٩٥ الحديث ٨٥٢٧.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٣ الحديث ٥١٦ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٣ الحديث ١٠٣٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٥ الحديث ٥١١٢.

٤٨٢

وفي رواية إسحاق بن عمّار ، عن الصادق عليه‌السلام : عن الركعتين اللتين قبل الفجر ، قال : «قبل الفجر ومعه وبعده» قلت : ومتى أدعهما حتّى أقضيهما؟ قال : «إذا قال المؤذّن : قد قامت الصلاة» (١).

وفي حسنة أبي بكر الحضرمي عنه عليه‌السلام : متى أصلّي ركعتي الفجر؟ قال : «حين يعترض الفجر وهو الذي تسمّيه العرب بالصديع» (٢) إلى غير ذلك من الأخبار.

ويعضده الاستصحاب والشهرة بين الأصحاب أيضا ، لكن يعارض جميع ما ذكر ما سنذكر ، ونذكر الحال.

قوله : (وقيل : آخره). إلى آخره.

نسب هذا القول إلى ابن الجنيد ، والشيخ في كتابي الحديث (٣).

ودليلهما صحيحة زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام : عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعده ، فقال : «قبل الفجر أنّهما من صلاة الليل [ثلاث عشرة ركعة صلاة الليل] ، أتريد أن تقايس؟! لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تتطوّع؟ إذا دخل عليك وقت الفريضة ، فابدأ بالفريضة» (٤).

وحسنة زرارة عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال له : الركعتان اللتان قبل الغداة أين موضعهما؟ فقال : «قبل طلوع الفجر ، فإذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة» (٥) ،

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤٠ الحديث ١٤٠٨ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٩ الحديث ٥١٢٩.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٣ الحديث ٥١٧ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٨ الحديث ٥١٢٤ مع اختلاف يسير.

(٣) لاحظ! الحدائق الناضرة : ٦ / ٢٤٠.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٣ الحديث ٥١٣ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٣ الحديث ١٠٣١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٤ الحديث ٥١٠٩.

(٥) الكافي : ٣ / ٤٤٨ الحديث ٢٥ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٣٦ الحديث ١٣٨٩ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٢ الحديث ١٠٢٧ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٥ الحديث ٥١١٣.

٤٨٣

إلى غير ذلك من الأخبار.

منها ما مرّ من الأمر باحشائها [في] صلاة الليل في الصحاح ، وما مرّ من أنّهما من صلاة الليل (١) ، وفي صحيحة البزنطي : «احش بهما صلاة الليل وصلّهما قبل الفجر» (٢).

وصحيحة سليمان بن خالد ، عن الصادق عليه‌السلام : عن الركعتين اللتين قبل الفجر ، قال : «تركعهما حين تترك الغداة ، إنّهما قبل الغداة» (٣) ، لكن مرّ ما يعارض الكلّ.

وفي «المدارك» : يمكن التوفيق إمّا بحمل لفظ «الفجر» في الروايات السابقة على الأوّل ، أو حمل الأمر في هذه على الاستحباب ، ولعلّ الثاني أرجح (٤) ، انتهى.

ومنشأ الرجحان أنّ مع الاحتمال لا يثبت التكليف لأصالة البراءة.

ولا يخفى أنّ الحملين في غاية البعد ، مع أنّه في رواية الحسين بن أبي العلاء أنّه قال للصادق عليه‌السلام : متى أصلّي ركعتي الفجر؟ قال : «بعد طلوع الفجر» قلت له : إنّ أبا جعفر عليه‌السلام أمرني أن اصلّيهما قبل طلوع الفجر ، فقال : «يا أبا محمّد! إنّ الشيعة أتوا أبي مسترشدين فأفتاهم بمرّ الحقّ ، وأتوني شكّاكا فأفتيتهم بالتقيّة» (٥).

مع أنّ في صحيحة زرارة (٦) أيضا إشعار بذلك ، كما لا يخفى ، وربّما يظهر من

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٤٨٠ من هذا الكتاب.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٣ الحديث ٥١٦ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٣ الحديث ١٠٣٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٥ الحديث ٥١١٢.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٣ الحديث ٥١٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٦ الحديث ٥١١٦ مع اختلاف يسير.

(٤) مدارك الأحكام : ٣ / ٨٦.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٥ الحديث ٥٢٦ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٥ الحديث ١٠٤٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٤ الحديث ٥١٠٨ مع اختلاف يسير.

(٦) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٤ الحديث ٥١٠٩.

٤٨٤

ملاحظة ما ذكرنا ، وهن أيضا بالنسبة إلى الأخبار السابقة المتضمّنة لصحّة الإتيان بالنوافل في أيّ وقت كان ، وجعل (١) تلك الأخبار مستند من يقول بامتداد النافلة بامتداد أداء الفريضة ، ومرّ القول هنا (٢).

وكيف كان الاحتياط واضح ومطلوب إليه.

قوله : (كما في المعتبرة). إلى آخره.

هي صحيحة حمّاد بن عثمان ، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «ربّما صلّيتهما وعليّ ليل فإن قمت ولم يطلع الفجر أعدتهما» (٣).

وموثّقة زرارة عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال : «إنّي لأصلّي صلاة الليل فأفرغ من صلاتي فاصلّي الركعتين فأنام ما شاء الله قبل أن يطلع الفجر فإن استيقظت قبل (٤) الفجر أعدتهما» (٥).

__________________

(١) في (ز ٣) : واحتمل.

(٢) راجع! الصفحة : ٤٧٠ من هذا الكتاب.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٥ الحديث ٥٢٧ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٥ الحديث ١٠٤٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٧ الحديث ٥١٢٢.

(٤) في المصادر : عند.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٥ الحديث ٥٢٨ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٥ الحديث ١٠٤٥ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٧ الحديث ٥١٢٣.

٤٨٥
٤٨٦

١٠٥ ـ مفتاح

[كيفيّة معرفة الأوقات]

يعرف الزوال بزيادة الظلّ بعد نقصه ، كما في الأخبار (١) ، أو حدوثه بعد عدمه في بعض المواضع ، وبميل الشمس إلى الحاجب الأيمن لمن استقبل نقطة الجنوب في بعضها ، وبميل الظلّ عن خطّ نصف النهار إلى جهة المشرق للحسّاب.

ويعرف الغروب باستتار القرص وغيبته عن النظر مع انتفاء الحائل على الأصح ، وفاقا للإسكافي وجماعة (٢) ، للمعتبرة المستفيضة (٣).

منها : الصحيح : «وقت المغرب إذا غاب القرص ، فإن رأيته بعد ذلك وقد صلّيت أعدت الصلاة ، ومضى صومك وتكفّ عن الطعام إن كنت أصبت منه شيئا» (٤).

__________________

(١) انظر! وسائل الشيعة : ٤ / ١٦٢ الباب ١١ من أبواب المواقيت.

(٢) نقل عن الإسكافي في مختلف الشيعة : ٢ / ٣٩ و ٤٠ ، رسائل الشريف المرتضى : ١ / ٢٧٤ ، المبسوط : ١ / ٧٤.

(٣) وسائل الشيعة : ٤ / ١٨٧ الحديث ٤٨٤٢ ، ١٧٩ الحديث ٤٨٤٤ ـ ٤٨٤٧ ، ١٨١ الحديث ٤٨٥٠ ـ ٤٨٥٦.

(٤) وسائل الشيعة : ٤ / ١٧٨ الحديث ٤٨٤٣.

٤٨٧

وقيل : بذهاب الحمرة المشرقيّة (١) ، وعليه الأكثر (٢) ، لأخبار ضعيفة (٣) مخالفة للاعتبار ، قابلة للتأويل. والأحوط تأخير صلاة المغرب والإفطار إليه ، والعماني باسوداد الافق من المشرق (٤) ، للخبر (٥) ، ووالد الصدوق ببدوّ ثلاثة أنجم (٦) للصحيح (٧) ، وهما شاذّان ، والصحيح مأوّل (٨).

ويعرف انتصاف الليل بانحدار النجوم الطالعة عند الغروب عن سمت الرأس ، كما في الخبر (٩) ، وبمنازل القمر وقاعدة غروبه وطلوعه.

ويعرف الفجر الأوّل بالضوء المستدقّ المستطيل الذي يتوسّط بينه وبين الافق ظلمة. والفجر الثاني بازدياد ذلك الضوء بحيث يأخذ طولا وعرضا ، وينبسط في عرض الافق ويتّصل به ، كما في الصحّاح (١٠).

__________________

(١) النهاية للشيخ الطوسي : ٥٩.

(٢) مختلف الشيعة : ٢ / ٣٩ ، مدارك الأحكام : ٣ / ٥٣ ، كشف اللثام : ٣ / ٣٣.

(٣) راجع! وسائل الشيعة : ٤ / ١٧٢ الباب ١٦ من أبواب المواقيت.

(٤) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٢ / ٤٠.

(٥) وسائل الشيعة : ٤ / ١٧٥ الحديث ٤٨٣٤.

(٦) نقل عن والد الصدوق في من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٨١ ذيل الحديث ٣٥٨.

(٧) وسائل الشيعة : ١٠ / ١٢٤ الحديث ١٣٠١٦.

(٨) لاحظ! تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٠ ذيل الحديث ٩٠.

(٩) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٧٣ الحديث ٥١٤١.

(١٠) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٠٨ و ٢١١ و ٢١٣ الحديث ٤٩٣٧ و ٤٩٤٥ و ٤٩٤٨.

٤٨٨

قوله : (يعرف الزوال). إلى آخره.

لا تأمّل في أنّه يعرف الزوال بزيادة الظلّ ، أي شروعه في الزيادة ، فأوّل ما يظهر منه زيادة ما ، فقد ظهر تحقّق الزوال ، إلّا أنّ ابتداء الزوال قلّما يمكن الاطّلاع عليه ، إلّا أن يجعل الشاخص في غاية الطول والاستواء ، والأرض أيضا في غاية الاستواء.

ويبالغ في الملاحظة والاستطلاع ، ويمسح الظلّ بآلة مستوية لا تقبل التخلخل والتكاثف ، فكلّما ينقض الظلّ أو يسكن فلم تزل ، وإذا شرع في الزيادة فقد زال.

وورد هذا في الأخبار أيضا ، مثل رواية علي بن أبي حمزة قال : ذكر عند الصادق عليه‌السلام زوال الشمس ، فقال : «تأخذون عودا طوله ثلاثة أشبار ، وإن زاد فهو أبين فيقام ، فما دام [ترى] الظلّ ينقص فلم تزل ، فإذا زاد [الظلّ] بعد النقصان فقد زالت» (١) إلى غير ذلك من الأخبار.

قوله : (وبميل الشمس). إلى آخره.

لا تأمّل في أنّه لو استقبل المكلّف نقطة الجنوب وجعلها بين عينيه ، فإذا رأى الشمس مالت إلى الحاجب الأيمن ، فلا شكّ في أنّه زالت ، إلّا أنّه يظهر ذلك بعد مدّة من الزوال ، ولا يظهر منه ابتداءه.

ومعرفة أوائل الميل إلى الحاجب في غاية الصعوبة ، ومعرفة نقطة الجنوب أشكل ، فإنّ نقطة الشمال مع كونها أبين من نقطة الجنوب تشخيصها في غاية الصعوبة ، كلّ ذلك بالظنّ والتخمين.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٧ الحديث ٧٦ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٦٣ الحديث ٤٨٠٤.

٤٨٩

ولو روعي العلم فلا شكّ في حصوله ، إلّا أنّه بعد مضيّ مدّة مديدة عن الزوال.

قوله : (وبميل الظلّ). إلى آخره.

هذا أقوى المعرّفات ، ويعرف بالدائرة الهنديّة ، وبها يستخرج خطّ نصف النهار الذي إذا وقع ظلّ الشاخص المنصوب في وسط الدائرة عليه كان في خطّ الاستواء ووقوف الشمس ، فإذا مال عنه إلى جانب الذي فيه المشرق كان أوّل الزوال.

وطريقها أن تسوّي موضعا من الأرض ، خاليا من ارتفاع وانخفاض ، تسوية صحيحة كاملة ، ثمّ يدار عليها دائرة بأيّ بعد يكون ، وتنصب على مركزها مقياس مخروط محدد الرأس ، يكون طوله قدر ربع قطر الدائرة تقريبا ، ويكون نصبه عليه نصبا مستقيما ، بحيث يحصل عن جوانبه زوايا قوائم.

ويعلم ذلك ، بأن يقدّر ما بين رأس المقياس ومحيط الدائرة بمقدار واحد من ثلاث نقط ، ويرصد رأس الظلّ عند وصوله إلى محيطها ، وهو يريد الدخول فيها ، فيعلم عليه علامة ، ثمّ يرصد بعد الزوال ، عند خروج رأس الظلّ المذكور من الدائرة.

فإذا وصل إليه وأراد الخروج عنه ، علّم عليه أيضا علامة ، ووصل ما بين العلامتين بخط مستقيم ، ثمّ ينصف القوسان ، ويكفي تنصيف القوس الشمالي ، فيخرج من تنصيفه خطا مستقيما يتّصل بالمركز ، فذلك خط نصف النهار ، فإذا ألقى المقياس الشاخص ظلّه على هذا الخط الذي هو خط نصف النهار ، كانت الشمس في وسط السماء لم تزل ، وكان وقت وقوفها وسكونها في النظر ، وإلّا فهي غير واقفة قطعا ـ لكن من جهة عدم حركة في الظلّ أصلا سمّي سكونها ـ فإذا ابتدأ رأس الظلّ

٤٩٠

أن يخرج عن هذا الخطّ فقد زالت الشمس البتّة.

وذكروا أنّ الأولى والأضبط إحداث الدائرة المذكورة ، ورصد دخول رأس الظلّ إلى الدائرة وخروجه عنها وتعليم موضع الدخول والخروج في أوّل انتقال الشمس من الحوت إلى الحمل ، أو من السنبلة إلى الميزان ، أي وقت استواء اليوم مع الليل بحسب المقدار ، والله يعلم.

قوله : (ويعرف الغروب). إلى آخره.

اختلف الأصحاب فيما ذكر ، فعن الشيخ في «المبسوط» و «الاستبصار» (١) ، والصدوق في كتابه «العلل» (٢) ، وابن الجنيد ، والمرتضى في بعض مسائله : أنّ الغروب يعرف باستتار القرص وغيبته عن البصر مع انتفاء الحائل بينهما (٣).

وعن الأكثر ، ومنهم الشيخ في «التهذيب» و «النهاية» : إلى أنّه يعلم بذهاب الحمرة المشرقيّة (٤) ، وعن ابن أبي عقيل : إنّ أوّل وقت المغرب سقوط القرص وعلامته أن يسودّ أفق السماء من المشرق ، وذلك إقبال الليل (٥) وعن والد الصدوق رحمه‌الله (٦) ما ذكره المصنّف.

حجّة الأوّلين صحيحة عبد الله بن سنان أنّه سمع الصادق عليه‌السلام يقول : «وقت

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٧٤ ، الاستبصار : ١ / ٢٦٥.

(٢) علل الشرائع : ٢ / ٣٤٩ و ٣٥٠.

(٣) نقل عن ابن الجنيد في مختلف الشيعة : ٢ / ٣٩ ، رسائل الشريف المرتضى (المسائل الميافارقيات) : ١ / ٢٧٤.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٩ ، النهاية للشيخ الطوسي : ٥٩ ، السرائر : ١ / ١٩٥ ، المعتبر : ٢ / ٥١ ، قواعد الأحكام : ١ / ٢٤.

(٥) نقل عنه العلّامة في مختلف الشيعة : ٢ / ٤٠.

(٦) نقل عنه العلّامة في مختلف الشيعة : ٢ / ٢١.

٤٩١

المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها» (١).

وصحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام : «إذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء» (٢).

وصحيحته الاخرى عنه عليه‌السلام : «وقت المغرب إذا غاب القرص فإن رأيته بعد ذلك وقد صلّيت أعدت الصلاة ومضى صومك وتكفّ عن الطعام إن كنت أصبت منه شيئا» (٣).

وموثّقة الشحّام عن الصادق عليه‌السلام : «إنّ جبرئيل عليه‌السلام نزل بها على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله سلم حين سقط القرص» (٤). إلى غير ذلك من الأخبار.

لكن نقول : إنّ الغيبة عن العين تتفاوت بتفاوت المواضع وبعض المواضع لا يتحقّق الغروب بمجرّد الغيبة عن العين فإنّا إذا كنّا في ساحة من الأرض يغيب القرص عن أبصارنا مع كون شعاع الشمس على الجدران والسطوح ، ولو صعدنا السطح نرى قرص الشمس جزما ولا شكّ في عدم تحقّق الغروب بذلك ، ولا يقال عرفا : الآن وقت المغرب.

فإذا كنّا في الصحراء ، وغاب القرص عن نظرنا بالنحو الذي ذكرت ، ولم

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٢٧٩ الحديث ٧ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨ الحديث ٨١ ، الاستبصار : ١ / ٢٦٣ الحديث ٩٤٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٧٨ الحديث ٤٨٤٢.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٤٠ الحديث ٦٤٨ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩ الحديث ٥٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٨٣ الحديث ٤٨٥٧ مع اختلاف يسير.

(٣) الكافي : ٣ / ٢٧٩ الحديث ٥ ، تهذيب الأحكام : ٤ / ٢٧١ الحديث ٨١٨ ، الاستبصار : ٢ / ١١٥ الحديث ٣٧٦ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٧٨ الحديث ٤٨٤٣.

(٤) علل الشرائع : ٣٥٠ الحديث ٣ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨ الحديث ٨٠ ، الاستبصار : ١ / ٢٦٢ الحديث ٩٤٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٩١ الحديث ٤٨٨٨.

٤٩٢

يكن سطح ولا جدار أصلا ، ولا جبل ولا منار (١) وأشجار طوال أيضا ، لكن نعلم قطعا أنّه لو كان واحد ممّا ذكر لوجدنا الشعاع عليه بيّنا لا سترة فيه.

ولو كان سطح أو مثله وصعدناه لرأينا القرص معاينة جزما على حسب رؤيتنا في البلد والعمران ، فهل يحكم الآن بدخول المغرب من جهة استتار القرص عن أعيننا؟

مع أنّه لو صعدنا لرأينا القرص عيانا ، ولو كان جدارا أو مثله لكان عليه شعاع الشمس وكنّا نحكم على الجزم أنّه لم يدخل المغرب.

وأيضا لو كان الجدران والسطوح وأمثالها متفاوتة في الارتفاع ، فربّما كان جدار بيتنا أو سطحه لا يكون عليه شعاع الشمس ، أو لا نرى قرص الشمس حينما صعدنا ، لكنّ الجدار الأعلى من جدارنا نرى الشعاع والسطح الأعلى من سطح بيتنا نرى قرص الشمس حينما صعدنا عليه ، وقس هكذا ما هو أعلى من الذي هو أعلى من بيتنا ، إلى غير ذلك ممّا ذكر.

فظهر أنّ مجرّد غيبة الشمس لا يصير غروبا. بل نحن في الصحراء ، لو كنّا قاعدين على الأرض أو نائمين لا نرى القرص وتغيب الشمس عن أعيننا ، لكن لو قمنا أو قعدنا لرأينا القرص جزما ، فليس الغيبة المذكورة غروبا بالبديهة.

وبالجملة ، أرض العراق مستوية خالية عن الجبال من كان مضطجعا ربّما لا يرى القرص ، وإذا قعد يراه ، وربّما كان القاعد لا يرى ، وإذا قام يرى وربّما كان القائم لا يرى ، وإذا كان راكبا يرى ، والراكب أيضا ربّما لا يرى ، لكن لو كان سطح يصعده يرى.

والسطوح متفاوتة في الارتفاع ، وربّما لا يرى في الأقلّ ارتفاعا ويرى في

__________________

(١) في (ز ٣) : بناء.

٤٩٣

أكثر منه ارتفاعا ، وربّما لا يرى على السطح المرتفع إلّا أنّه يرى لو كان تلّ ، والتلال أيضا متفاوتة في الارتفاع ، وإذا صعد التلّ يرى القرص.

وربّما لا يصعد لكن يرى شعاع الشمس على المرتفع ، ولا يصدق عرفا أنّه المغرب ، سواء كان المرتفع جدارا أو منارا أو تلّا ، وربّما لا يرى في التلال ، إلّا أنّه يرى في الجبال ، بحيث يصدق عرفا عدم المغرب جزما.

ولعلّه إلى ما ذكرنا أشار ما في بعض الأخبار ، مثل الموثّق كالصحيح عن يعقوب بن شعيب ، عن الصادق عليه‌السلام قال : «مسّوا بالمغرب قليلا فإنّ الشمس تغيب من عندكم من قبل أن تغيب من عندنا» (١).

ولعلّ المراد أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان من أهل الحجاز ، وأرضها تلال وجبال كثيرة ، سيّما مكّة والمدينة ـ شرّفهما الله تعالى ـ ، ومع رؤية القرص في التلّ والجبل أو الشعاع عليهما ما كان أهلها يبنون على دخول وقت المغرب ، وفي العراق ليس تلّ ولا جبل ، والعبرة بمغرب أهل الحجاز لأنّه اصطلاح صاحب الشرع.

ومثل رواية عبد الله بن وضاح ، عن الكاظم عليه‌السلام أنّه كتب إليه : يتوارى القرص ويقبل الليل ثمّ يزيد الليل ارتفاعا ، وتستتر عنّا الشمس وترتفع فوق الجبل حمرة ، ويؤذّن عندنا المؤذّنون فأصلّي وافطر حينئذ ، أو انتظر حتّى تذهب الحمرة التي فوق الجبل؟

فكتب : «أرى لك أن تنتظر حتّى تذهب الحمرة وتأخذ بالحائطة لدينك» (٢).

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٥٨ الحديث ١٠٣٠ ، الاستبصار : ١ / ٢٦٤ الحديث ٩٥١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٧٦ الحديث ٤٨٣٩ مع اختلاف يسير.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٥٩ الحديث ١٠٣١ ، الاستبصار : ١ / ٢٦٤ الحديث ٩٥٢ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٧٦ الحديث ٤٨٤٠.

٤٩٤

ورواية جارود قال : قال لي الصادق عليه‌السلام : «يا جارود! ينصحون فلا يقبلون فإذا سمعوا بشي‌ء نادوا به أو حدّثوا بشي‌ء أذاعوه ، قلت لهم : مسّوا بالمغرب قليلا فتركوها حتّى تشتبك النجوم فأنا الآن اصلّيها إذا سقط القرص» (١).

ورواية عمّار عن الصادق عليه‌السلام : «أمرت أبا الخطاب أن يصلّي المغرب حين زالت الحمرة فجعل هو الحمرة التي من قبل المغرب» (٢) ، الحديث. إلى غير ذلك وستعرف بعضا آخر.

والسند في هذه الأخبار وما سيجي‌ء منجبر بالتحقيق الذي ذكر ، وبالشهرة العظيمة بين الأصحاب وبكثرة الورود ، ومخالفة العامّة ، وبحكاية أبي الخطّاب ، وأنّه أخّر المغرب حتّى تشتبك النجوم (٣) ، إذ هي من المتواترات.

والأخبار كثيرة في أنّ التأخير منه لم يكن مجرّد اختراع ، بل الصادق عليه‌السلام أمره بتأخير فتوهّم تأخيرا آخر.

وحجّة القول المشهور ما ذكرنا من الأخبار المنجبرة ، وكصحيحة ابن أبي عمير عمّن ذكره ، عن الصادق عليه‌السلام قال : «وقت سقوط القرص ووجوب الإفطار أن تقوم بحذاء القبلة وتفقد الحمرة التي ترتفع من المشرق ، فإذا جازت قمّة الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب الإفطار وسقط القرص» (٤).

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٥٩ الحديث ١٠٣٢ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٧٧ الحديث ٤٨٤١ مع اختلاف يسير.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٥٩ الحديث ١٠٣٣ ، الاستبصار : ١ / ٢٦٥ الحديث ٩٦٠ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٧٥ الحديث ٤٨٣٦ مع اختلاف يسير.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٣ الحديث ١٠٢ ، الاستبصار : ١ / ٢٦٨ الحديث ٩٧٠ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٨٩ الحديث ٤٨٨٢.

(٤) الكافي : ٣ / ٢٧٩ الحديث ٤ ، تهذيب الأحكام : ٤ / ١٨٥ الحديث ٥١٦ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٧٣ الحديث ٤٨٣٠ مع اختلاف يسير.

٤٩٥

وهذه الرواية مع انجبارها بما ذكرنا ، ليس في طريقها إلى ابن أبي عمير من يتأمّل فيه سوى سهل بن زياد ، والآن متّفقون على أنّ ضعفه سهل.

بل حقّقنا في الرجال أنّه ثقة من دون ضعف أصلا (١) ، مع أنّ في «الكافي» رواها [وهو] فيه (٢).

وقويّة بريد العجلي ، عن الباقر عليه‌السلام : «إذا غابت الحمرة من هذا الجانب ـ يعني من المشرق ـ فقد غابت الشمس من شرق الأرض وغربها» (٣) إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة ، ولا يضرّ ضعف السند لما عرفت.

ويمكن حمل هذه الأخبار على الاستحباب ، لكن لا يلائمه فهم الأصحاب ولا ما ذكرنا من التحقيق الذي يشهد عليه الاعتبار وما ظهر من الأخبار ، كما عرفت.

ولا يلائمه أيضا لزوم تحصيل براءة الذمة اليقينيّة لاشتغال الذمّة اليقيني.

ولا يلائمه أيضا ما يظهر من بعضها من أنّ ما يخالف هذه الأخبار محمول على التقيّة مثل ما ظهر من رواية جارود ، إذ يظهر منها أنّ الأمر بالتأخير كان نصيحة للشيعة فلم يقبلوه وأذاعوه ونادوا به ، وأنّ ذلك صار منشأ لإخبار الصادق عليه‌السلام أنّه الآن يصلّي عند سقوط القرص (٤).

وفي صحيحة حريز ، عن زيد الشحّام أو غيره : أنّه صعد جبل أبي قبيس والناس يصلّون المغرب ـ والمراد منهم العامّة ، كما لا يخفى ـ فرأى الشمس لم تغب

__________________

(١) تعليقات على منهج المقال : ١٧٦ و ١٧٧.

(٢) مرّ آنفا.

(٣) الكافي : ٣ / ٢٧٨ الحديث ٢ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٩ الحديث ٨٤ ، الاستبصار : ١ / ٢٦٥ الحديث ٩٥٦ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٧٢ الحديث ٤٨٢٧.

(٤) مرّ آنفا.

٤٩٦

فأخبر الصادق عليه‌السلام بذلك فمنعه عن ذلك ، وقال : «بئس ما صنعت». إلى آخر (١) ، الحديث.

وغير خفيّ أنّ هذا المنع والذمّ للتقيّة بملاحظة الأخبار المعارضة له.

مع أنّه ورد في الأخبار الكثيرة غاية الكثرة المفتى بها أنّ ما خالف العامّة فيه الرشد والصواب ، وأمروا بالأخذ به وأنّ ما وافقهم فيه التقيّة يجب ترك العمل به (٢).

وورد أيضا الأمر بأخذ ما اشتهر بين الشيعة ، وأنّه الصواب (٣) ، وظاهر معروف من الشيعة في الأعصار والأمصار أنّ طريقتهم في العمل الصبر إلى ذهاب الحمرة إلى أن صار ذلك شعارهم يعرفون به ويعرفهم العامّة أيضا.

قوله : (للخبر).

لعلّه رواية محمّد بن علي قال : صحبت الرضا عليه‌السلام في السفر فرأيته يصلّي المغرب إذا أقبلت الفحمة من المشرق يعني السواد (٤).

وفي الدلالة على مطلوبه نظر ظاهر ، لأنّ فعله عليه‌السلام ذلك في السفر لا يدلّ على عدم دخول الوقت مطلقا إلّا عند اسوداد الافق.

قوله : (والصحيح مأوّل).

هو صحيحة إسماعيل بن همام قال : رأيت الرضا عليه‌السلام وكنّا عنده لم يصلّ

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٤٢ الحديث ٦٦١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٦٤ الحديث ١٠٥٣ ، الاستبصار : ١ / ٢٦٦ الحديث ٩٦١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٩٨ الحديث ٤٩١٢ نقل بالمعنى.

(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.

(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٩ الحديث ٨٦ ، الاستبصار : ١ / ٢٦٥ الحديث ٩٥٨ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٧٥ الحديث ٤٨٣٤.

٤٩٧

المغرب حتّى ظهرت النجوم (١). والتأويل أنّه عليه‌السلام كان له شغل عن الصلاة إلى هذا الوقت.

قوله : (ويعرف انتصاف الليل). إلى آخره.

أقول : من أمكنه معرفة نقطة الجنوب فعرفها وتوجّه إليها فإذا رأى النجم الطالع عند غروب الشمس مال إلى الحاجب الأيمن فقد انتصف الليل ودخل وقت صلاة الليل.

ويعرف أيضا في أوقات مساواة الليل مع النهار تحقيقا أو تقريبا بطيّ الفرقدين من ابتداء الغروب مقدار ربع الدائرة ، فإنّهما يدوران حول الجدي في الليل والنهار دورة واحدة ، فمن ابتداء الغروب إذا أخذ ابتداء طيّه ودورانه إلى أن يتحقّق ربع الدائرة صار نصف الليل ، وإن تحقّق نصف الدائرة فهو وقت طلوع الشمس.

وأمّا في الأوقات التي يكون الليل طويلا والنهار قصيرا أو بالعكس ، يمكن معرفة الانتصاف بنوع من التخمين والتقدير لمن تمكّن منهما مثلا إذا اطّلع على الطيّ من ابتداء الغروب مقدار ربع الدائرة يقول : هذا انتصاف الليل في ليالي الاعتدال فإذا كان الليل أربع عشرة ساعة يصير مقدار السدس الربع أيضا لأنّ طيّ الفرقدين مقدار ربع الدائرة كان بقدر ست ساعات وهي منتهى النصف الأوّل وابتداء النصف الثاني في ليالي الاعتدال فكان طيّهما في ساعة مقدار السدس من الربع.

وعلى هذا الحساب لو كان الليل ثلاث عشرة ساعة أو أنقص أو أزيد فلو

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٠ الحديث ٨٩ ، الاستبصار : ١ / ٢٦٤ الحديث ٩٥٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٩٥ الحديث ٤٩٠٣.

٤٩٨

كان الليل عشر ساعات مثلا يكون نصف الليل عند الشروع في الدخول في السدس السادس من الربع الأوّل ، وقس على ذلك الفروض الاخر.

وما أشار إليه المصنّف من الخبر ما ذكر في «الفقيه» : سأل عمر بن حنظلة أبا عبد الله عليه‌السلام فقال له : زوال الشمس نعرفه بالنهار [فكيف لنا بالليل؟] ، فقال : «للّيل زوال كزوال الشمس» ، فقال : بأيّ شي‌ء يعرف؟ قال : «بالنجوم إذا انحدرت» (١).

والمراد النجوم الطالعة ابتداء الغروب ، فإنّها إذا طلعت لا تزال في الصعود إلى أن تبلغ خطّ نصف النهار ثمّ تشرع في الانحدار والهبوط ، فعند ابتداء انحدارها يكون انتصاف الليل.

قوله : (كما في الصحيح) (٢).

أقول : هو صحيحة ابن سنان عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «وقت الفجر حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلّل الصبح السماء» (٣).

ومثلها حسنة الحلبي عنه عليه‌السلام (٤) ، ورواية الحصين : أنّه كتب إلى أبي جعفر عليه‌السلام يسأله عن وقت صلاة الفجر ، فكتب عليه‌السلام إليه بخطّه : «الفجر ـ يرحمك الله ـ هو الخيط الأبيض ، وليس هو الأبيض صعدا» (٥) ، الحديث.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٤٦ الحديث ٦٧٧ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٧٣ الحديث ٥١٤١ مع اختلاف يسير.

(٢) في النسخة المطبوعة من مفاتيح الشرائع : كما في الصحاح.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٩ الحديث ١٢٣ ، الاستبصار : ١ / ٢٧٦ الحديث ١٠٠٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٠٨ الحديث ٤٩٣٧.

(٤) الكافي : ٣ / ٢٨٣ الحديث ٥ تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٨ الحديث ١٢١ ، الاستبصار : ١ / ٢٧٦ الحديث ١٠٠١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٠٧ الحديث ٤٩٣٣.

(٥) الكافي : ٣ / ٢٨٢ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٦ الحديث ١١٥ ، الاستبصار : ١ / ٢٧٤ الحديث ٩٩٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢١٠ الحديث ٤٩٤٤.

٤٩٩
٥٠٠