نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٥

محمّد بن الحسن الشيباني

نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٥

المؤلف:

محمّد بن الحسن الشيباني


المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٤٤٦

جبرئيل ـ عليه السّلام ـ من مكانه فزلزل (١) حصونهم ، وأمره بإخراجهم إلى الشّام ، وقطع نخيلهم وحشرهم هناك.

قوله ـ تعالى ـ : (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ) :

قيل : كان أحدهم يخرج من بيته ويضرم فيه النّار ، وما سلم (٢) منها (٣) يغنمه المسلمون ويقطعون نخيلهم (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ) ؛ يعني : أوجب إخراجهم [إلى الشّام] (٥) ، ليعذّبهم بأيديكم (٦).

قوله ـ تعالى ـ : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ) ؛ أي : بأمره.

و «اللّينة» قال الكلبيّ : النخيل (٧) كلّها ، إلّا العجوة (٨). وقيل : إنّ العجوة (٩)

__________________

(١) ج : وزلزل.

(٢) ج ، د ، م : يسلم.

(٣) ج ، د : فيها.+ م : فيه.

(٤) تفسير الطبري ٢٨ / ٢٠ نقلا عن قتادة.+ سقط من هنا قوله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) (٢)

(٥) ليس في د.

(٦) سقط من هنا قوله تعالى : (لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ) (٣) والآية (٤)

(٧) ج ، د ، م : النّخل.

(٨) تفسير الطبري ٢٨ / ٢٢ نقلا عن عكرمة.

(٩) ليس في ج.

١٦١

البرنيّة (١).

وقال القتيبيّ : «اللّينة» الدّقلة كلّها إلّا العجوة (٢). وقيل : هي جنس غير البرنيّ (٣).

قوله ـ تعالى ـ : ([وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ (٥) وَ] ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ) ؛ يريد : ما أعطاه (٤) من غنيمة بني النّضير الّتي لم يوجف عليها.

قيل : هي منسوخة ببراءة (٥).

وقيل : إنّه ـ عليه السّلام ـ خصّ بها المهاجرين (٦).

(فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) :

«الرّكاب» الإبل خاصّة. و «الإيجاف» ضرب من السّير.

يريد ـ سبحانه ـ : ما أخذتم من غنيمتهم أخذتموه بغير قتال (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) ؛ يريد به : ما أفاء (٨) عليه من الغنيمة.

(فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) ؛

__________________

(١) تفسير القرطبي ١٨ / ٩ نقلا عن أبي عبيده : أنها جميع ألوان التمر سوى العجوة والبرني.

(٢) تفسير القرطبي ١٨ / ٩ نقلا عن الأصمعى : أنها الدقل.

(٣) كشف الأسرار ١٠ / ٣٦ : اللينة ألوان النخل ما لم تكن العجوة والبرني.

(٤) ج ، د ، م زيادة : الله.

(٥) التبيان ٩ / ٥٦٣ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٦) تفسير الطبري ٢٨ / ٢٤ نقلا عن مجاهد.

(٧) سقط من هنا قوله تعالى : (وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٦)

(٨) ج : أفاءوا.

١٦٢

يريد : الّذي يأخذه النّبيّ ـ عليه السّلام ـ من الغنيمة ، فيقسمه (١) ستّة أسهم :

ثلاثة له ـ عليه السّلام ـ : سهم لله (٢) ، وسهمه ، وسهم ذي القربى وهو الإمام الّذي يقوم بعده من أهله ـ عليه السّلام ـ في الأمّة مقامه.

والثّلاثة الأخرى ليتامى آل محمّد ومساكينهم وأبناء سبيلهم. وهذا قسمة الأخماس (٣) من غنيمة حرب ، أو كسب.

قوله ـ تعالى ـ : (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) ؛ أي : يتداولونها الأغنياء منهم.

و «الدّولة» بضمّ الدّال في المال ، وبفتح الدّال في الحرب.

وقيل : هما واحد (٤) لغتان (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ؛ أي : قطنوا (٦) دار الهجرة ، وهي المدينة ، عند النّبيّ ـ عليه السّلام ـ.

و «الإيمان» هو التصديق بالله ، وبما جاء به محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

(يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ) ؛ يريد : في القسمة والمنازل.

__________________

(١) ج ، م : يقسمه.+ د : فقسمه.

(٢) ج ، د ، م : الله.

(٣) ج ، د ، م زيادة : كلّها.

(٤) ليس في م.

(٥) د : أختان.+ تفسير أبي الفتوح ١١ / ٩٩ نقلا عن عيس بن عمر.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٧) والآية (٨)

(٦) م : توطنوا.

١٦٣

(وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) ؛ أي : حاجة وسوء حال.

قال أبو هريرة : نزلت هذه الآية في ثابت بن قيس ورجل من الأنصار يقال له : أبو المتوكّل. نزل به ثابت ، ولم يكن عند أبي المتوكّل إلّا قوته وقوت عياله. فقال أبو المتوكّل لزوجته : أطفئي السّراج ونوّمي الصّبية. ففعلت ، وقدّم لضيفه ثابت ما كان عنده من طعام ووفّره عليه ، وكان هو جائع فآثره على نفسه وولده. فأحضره النّبيّ ـ عليه السّلام ـ من الغد وأحضر أبا المتوكّل ، فقال له : لقد تعجّبت الملائكة من فعلك البارحة مع ضيفك ، وأثنت عليك الملائكة في السّماء (١).

قوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٩) :

قيل : إن (٢) «الشّحّ» أشدّ من البخل (٣).

وقيل : «الشّحّ» هاهنا ، ترك الزّكاة والحقوق الواجبة في الأموال (٤).

وقيل : ترك الصّدقة ، وترك صلة الأرحام والقرابة (٥).

وقيل : ترك الضّيافة (٦).

وقيل : هو على عمومه (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا

__________________

(١) أسباب النزول / ٣١٣.

(٢) ليس في ج ، د ، م.

(٣) تفسير أبي الفتوح ١١ / ١٠٤ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٤) التبيان ٩ / ٥٦٦ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٥) تفسير القرطبي ١٨ / ٢٩ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٦) تفسير القرطبي ١٨ / ٢٩ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٧) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.+ سقط من هنا الآية (١٠)

١٦٤

مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ) (الآية) :

نزلت هذه الآية في كعب بن الأشرف وإخوانه من بني قريظة وبني النّضير ، لأنّهم وعدوهم بأن ينصروهم على محمّد. فلما وقع الجلاء والقتل فيهم والنّفي (١) ، تبرّءوا منهم.

فضرب الله لهم المثل في الشيطان والرّاهب ، وأخبر عنهم فقال (٢) : (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) (١٢) (٣) : قوله ـ تعالى ـ : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) (١٦) :

قيل : نزلت هذه الآية (٤) في الشّيطان وبرصيصا الرّاهب. وذلك أنّه أصاب امرأة (٥) [لم من الشّيطان فأتوا بها إلى] (٦) الراهب ليعزم عليها ويدعوا لها (٧) ، [فجاء الشيطان إلى الراهب] (٨) فزيّن له الفاحشة معها. فراودها عن نفسها فطاوعته ، فوطأها فحملت منه ، فأراد الرّاهب قتلها وقتل حملها بتزيين الشّيطان له

__________________

(١) م : السبي.

(٢) سقط من هنا قوله تعالى : (وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (١١)

(٣) سقط من هنا الآيات (١٣) ـ (١٥)

(٤) ليس في ج.

(٥) م : المرأة.

(٦) ليس في أ.

(٧) ليس في د.

(٨) ليس في أ.

١٦٥

وتخويفه الفضيحة بسببها ، فقتلها وألقاها على (١) بعض الأماكن خفية. فجاء [الشّيطان إلى أهلها وأخبرهم بما فعل الراهب ، فجاؤوا إليه فأخذوه ليقتلوه.

فجاء] (٢) الشّيطان إلى الرّاهب فقال : اسجد لي حتّى أخلّصك منهم. فسجد له وكفر ، فأخذوه ليقتلوه فقال للشّيطان : خلّصني منهم. فتبرأ منه وقال (٣) : «إنّي أخاف الله ربّ العالمين» (٤).

(فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها) ؛ يعني : الشّيطان والراهب.

(وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) (١٧) :

قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ) ؛ يعني : قدّمت من الخير (٥) والصّدقة والبرّ (٦).

(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) ؛ أي : تركهم من لطفه ، و (أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (١٩) :

(لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ) (٢٠) ؛ [أي الظّافرون] (٧) بما أرادوا.

قوله ـ تعالى ـ : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً

__________________

(١) ج ، د ، م : في.

(٢) ليس في ج.

(٣) ج : فقال.

(٤) تفسير الطبري ٢٨ / ٣٣ نقلا عن ابن عبّاس.

(٥) ج ، د ، م : من فعل الخير والطّاعة.

(٦) سقط من هنا قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١٨)

(٧) ليس في أ.

١٦٦

مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) ؛ يريد ـ سبحانه ـ : لما فيه من المواعظ والزّواجر. وهذا من المجاز ، وهو من أحسن الأمثال.

(وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) (٢٢) ؛ وهو إقرار بالوحدانيّة ، وهو تعليم لنا.

و «الغيب» هاهنا ، ما غاب عنا علمه.

و «الشّهادة» شهادة الأعضاء.

«هو الرّحمن الرّحيم» ؛ أي : المنعم بنعم الدّنيا والآخرة.

(هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ) ؛ يعني : ملك يوم الدّين ، لا ملك غيره في ذلك اليوم.

و «القدّوس» الطّاهر المطهر المنزّه.

«السّلام المؤمن المهيمن» :

«السّلام» الّذي سلمت ذاته من العيب وصفاته من النّقص.

و «المؤمن» المصدّق لأنبيائه ، المؤيّد لهم بالمعجزات.

وقيل : «المؤمن» الّذي آمن أولياءه من عذابه (١).

و «المهيمن» الشّاهد.

(الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ) :

«الجبّار» الّذي لا ينال باهتضام.

__________________

(١) مجمع البيان ٩ / ٤٠٠.

١٦٧

و «المتكبّر» المتعظّم في ملكه (١) وقدرته.

(سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٢٣) : تنزيه له ـ تعالى ـ عن الشّريك.

(هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢٤) : عزّ فحكم.

و «العزيز» الّذي لا ينال باهتضام.

و «التسبيح» تسبيحان : تسبيح نطق ، وتسبيح دلالة.

__________________

(١) ج ، د ، م : بملكه.

١٦٨

ومن سورة الممتحنة

وهي ثلاث عشرة آية.

مدنيّة بغير خلاف.

«الممتحنة» هي امرأة جاءت إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ تشكو أمرها وأسلمت وبقي زوجها على كفره ، ففرّق النّبيّ ـ عليه السّلام ـ بينهما.

وقال أكثر المفسّرين : إذا أسلم أحد الزّوجين وجبت الفرقة (١).

وورد في أخبارنا ، عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام ـ : أنّه ينتظر بمن لم يسلم منهما خروج العدّة ، فإن تاب فهما على النّكاح ، وإن لم يتب وجبت الفرقة (٢).

وسيجيء الحكم في وسط هذه السّورة في ذلك في قوله ـ تعالى ـ : «يا أيّها الّذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهنّ الله» (٣) (الآية) وما حكم به

__________________

(١) التبيان ٩ / ٥٨٩ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٢) ورد مؤدّاه في تفسير القمّي ٢ / ٣٦٢ ـ ٣٦٣ والكافي ٥ / ٣٤٩ ومجمع البيان ٩ / ٤١٠ وعنها أو غيرها كنز الدقائق ١٣ / ٢٠٧ ـ ٢٠٩ ونور الثقلين ٥ / ٣٠٣ ـ ٣٠٥ والبرهان ٤ / ٣٢٤ و٣٢٥ وفي الجميع ليس أنّه ينتظر بمن لم يسلم منهما خروج العدّة.

(٣) الممتحنة (٦٠) / ١٠.

١٦٩

النّبيّ ـ عليه السّلام ـ في ذلك.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) ؛ يريد : بالنّسب.

ونزلت هذه الآية بسبب حاطب بن أبي بلتعة ، كتب إلى أهل مكّة يخبرهم أنّ النّبيّ ـ عليه السّلام ـ يريد آن يغزوكم. ونفذ الكتاب مع جاريته إليهم ، فنزل جبرئيل ـ عليه السّلام ـ إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ وخبّره (١) بذلك. فنفذ النّبيّ ـ عليه السّلام ـ أبا بكر وعليّا ـ عليه السّلام ـ في أثر الجارية ، ليأخذا الكتاب منها. فوصل أبو بكر إليها قبل عليّ ـ عليه السّلام ـ فطلب منها الكتاب الّذي معها ، فحلفت له فأمسك عنها. وجاء عليّ (٢) ـ عليه السّلام ـ بعده فأخبره بذلك ، فالتمس عليّ منها إخراج الكتاب.

فقال له أبو بكر : ـ سبحانه ـ الله ، قد حلفت أنّه لا كتاب معها.

فقال له عليّ ـ عليه السّلام ـ : يخبرنا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّ معها كتابا وتصدّقها فيما حلفت.

ثمّ شام سيفه وقال : والله ، لئن لم تخرجي (٣) الكتاب لأعلونّك بسيفي هذا.

فقالت به : تنحّ عنّي حتّى أخرجه.

فتنحّى عنها ، فأخرجت الكتاب من عقيصتها ، فأخذه وجاء به إلى (٤) النّبيّ

__________________

(١) ج ، د : أخبره.+ م : فأخبره.

(٢) ليس في ج.

(٣) ج ، د زيادة : إلىّ.

(٤) ليس في أ.

١٧٠

ـ عليه السّلام ـ وعنده جماعة من المسلمين وفيهم حاطب بن أبي بلتعة ، [فناوله النّبيّ ـ عليه السّلام ـ وأخبره بما جرى له ولأبي بكر.

فقال ـ عليه السّلام ـ : ليقم الّذي كتب هذا الكتاب ، وإلّا فضحه الوحي. فقام حاطب بن أبي بلتعة] (١) ، وهو يرتعد.

فقال له النّبيّ ـ عليه السّلام ـ : ما الّذي حملك على هذا؟

فقال : يا رسول الله ، خفت على قومي.

فقال له : استغفر الله ولا تعود إلى مثلها.

قوله ـ تعالى ـ : (وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ) ؛ [يريد : لأجل إيمانكم] (٢). (وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ) (٣) :

قوله ـ تعالى ـ : (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (٢) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣) قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ (٤) وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) :

__________________

(١) ليس في ج.

(٢) ليس في د.+ سقط من هنا قوله تعالى : (أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ).

(٣) سقط من هنا قوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَ).

(٤) من موضع المذكور سابقا إلى هنا ليس في ب.

١٧١

قيل : إنّما وعد إبراهيم أباه بالاستغفار له ، لما وعده بالإيمان والتوبة (١).

يقول ـ سبحانه ـ : تأسّوا بإبراهيم ـ عليه السّلام ـ في الاستغفار. لأنّه إنّما وعده ذلك عن موعدة وعدها إيّاه ، وهو أنّه (٢) يؤمن بالله (٣).

(عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) ؛ أي : مناكحة ومودّة في الإسلام.

و «عسى» من الله واقع.

وروي بعض المفسّرين : أنّ (٤) «المودّة» هاهنا ، تزويج النّبيّ ـ عليه السّلام ـ بأمّ حبيب ؛ رملة بنت أبي سفيان (٥).

وقيل : إنّ الآية عامّة (٦).

قوله ـ تعالى ـ : (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ) (الآية) :

مجاهد قال : يريد : الّذين كانوا بمكّة ولم يهاجروا (٧).

__________________

(١) التبيان ٩ / ٥٨٠ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٢) ج ، د ، م : أن.

(٣) سقط من هنا قوله تعالى : (وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (٤) والآيتان (٥) و (٦)

(٤) ليس في ج.

(٥) تفسير أبي الفتوح ١١ / ١٢٤ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٦) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٧)

(٧) تفسير الطبري ٢٨ / ٤٣ ، تفسير مجاهد ٢ / ٦٦٨.

١٧٢

وقال قتادة : هي منسوخة بقوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (١).

وقال ابن زيد : نزلت هذه الآية في أسماء بنت أبي بكر ، كانت لها أمّ مشركة تسمّى : قبيلة ، في الجاهليّة ، أتتها بهدية في الإسلام فلم تقبلها. وسألت (٢) النّبيّ ـ عليه السّلام ـ عن صلتها وهي مشركة ، فقال : نعم صليها. فنزلت هذه (٣) الآية (٤).

وقيل : إنّها (٥) منسوخة بآية القتال (٦).

وقيل : إنّها نزلت في خزاعة (٧) وبني الحارث لأنّهم كانوا حلفاء للنّبيّ ـ عليه السّلام ـ (٨).

قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ) ؛ أي : عاونوا (أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٩) :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ) ؛ يعني : اللّاتي أسلمن ولم يسلم أزواجهنّ.

(فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَ

__________________

(١) التوبة (٩) / ٥.+ تفسير الطبري ٢٨ / ٤٣.

(٢) ج : فسألت.

(٣) من أ.

(٤) تفسير الطبري ٢٨ / ٤٣ نقلا عن عبد الله بن زبير.

(٥) ليس في ج.+ ب : هي.

(٦) تفسير الطبري ٢٨ / ٤٣ نقلا عن قتادة.

(٧) ج : بخزاعة.

(٨) تفسير أبي الفتوح ١١ / ١٢٤ نقلا عن عبد الله ابن عبّاس.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (٨)

١٧٣

إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا) ؛ يعني : ما أعطوهنّ من المهور.

قيل : إنّ (١) هذه الآية منسوخة. ولا يجوز للنّبيّ ـ عليه السّلام ـ أن يردّ إليهم من جاء مسلما ؛ لأنّ إقامة المسلم بأرض الشّرك لا يجوز (٢) ، وعقد الصّلح عليه غير جائز (٣).

(وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) ؛ يريد : بعد انقضاء عدّتهنّ من أزواجهنّ الكفّار.

وقيل : إنّ هذه الآية نزلت فيما صالحهم النّبيّ ـ عليه السّلام ـ عام الحديبية (٤).

«وآتوهم ما أنفقوا» ؛ أي : ما أعطوهنّ مهرا.

قوله ـ تعالى ـ : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) :

قيل : إنّ هذه الآية مخصوصة بعبدة الأوثان (٥).

وقال ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ : كان النّبيّ إذا جاءته منهم امرأة راغبة في الإسلام ، أحلفها بالله : أنّها ما خرجت من بغض زوج ، ولا خرجت لهوى في نفسها ، ولا محبّة لأرض (٦) دون أرض (٧) ولا لدنيا ، وإنّما خرجت لله ـ تعالى ـ (٨).

__________________

(١) ليس في ج.

(٢) م : تجوز.

(٣) التبيان ٩ / ٥٨٥ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٤) تفسير الطبري ٢٨ / ٤٥ نقلا عن ابن زبير.

(٥) أنظر تفسير أبي الفتوح ١١ / ١٢٧ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٦) ج ، د : الأرض.

(٧) ج ، د : الأرض.

(٨) تفسير الطبري ٢٨ / ٤٤.

١٧٤

الكلبيّ والسدي قالا : لا تمسكوا بالعقد عليهنّ وعدّتهن ؛ أي : من كانت له امرأة كافرة (٩) وقد أسلم (١٠) فلا يعتدّ بها ، وله أن ينكح أربعا ، فالفرقة (١١) وجبت والعقد قد انقطع. وكذلك إذا أسلمت هي (١٢).

وما ذكرناه من انتظار العدّة ، فعندنا خاصّة ولا بدّ منه. وهذا عندنا في غير اليهود والنّصارى ، فإنّ (١٣) اليهوديّة والنّصرانيّة إذا (١٤) أسلم كان له أن يمسك أربعا منهنّ.

قوله ـ تعالى ـ : (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ) ؛ يريد : ما أنفقتم عليهنّ من المهور.

ويقوّي ذلك قوله ـ عليه السّلام ـ : أدّوا العلائق ؛ يعنى : المهور.

قوله ـ تعالى ـ : (وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا) ؛ يعني : بذلك : المهور ـ أيضا ـ.

قوله ـ تعالى ـ : (ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ [وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ]) (١٠) ؛ وعلى ذلك صالحهم النّبيّ ـ عليه السّلام ـ.

وقال بعض المفسّرين : يقول ـ سبحانه ـ : قولوا لأهل مكّة ، يردّوا عليكم مهور النّساء اللاتي خرجن إليهم مرتدّات (١٥) «وليسألوا ما أنفقوا» ؛ يريد : يسألوا

__________________

(٩) ب ، ج ، م زيادة : بمكّة.

(١٠) أ زيادة : وجها.

(١١) م زيادة : قد.

(١٢) تفسير أبي الفتوح ١١ / ١٢٧ من دون نسبة القول إلى أحد.

(١٣) ب : فأمّا.

(١٤) ب : فإذا.

(١٥) التبيان ٩ / ٥٨٥ من دون نسبة القول إلى أحد.

١٧٥

مهور من خرج إليكم من نسائهم. وعلى هذا وقع (١) الصّلح بينه وبينهم يوم الفتح.

قوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ) ؛ يعني : لحقت بدار الحرب ولها زوج.

(فَعاقَبْتُمْ) ؛ أي : أعقبكم (٢) الله ـ تعالى ـ غنيمة.

(فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا) ؛ أي : قل لهم يعطوا المهور قبل قسمة (٣) الغنائم منها. هذا بعد (٤) استحلافهنّ : أنّه ما دعاهنّ إلى ذلك داع من بغض ، أو هوى ، أو شيء في أنفسهنّ.

وقال القتيبيّ في قوله : «عاقبتم» ؛ أي : أصبتم بعاقبتهنّ (٥) غزوا بعد غزو (٦).

فأعطوا الّذين ذهبت أزواجهنّ إلى مكّة من الغنيمة ، قبل القسمة ، مثل ما أنفقوا.

وعلى ذلك وقع الصّلح بينه وبينهم [يوم الفتح] (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَ) :

__________________

(١) أ : أوقع.

(٢) أ : عاقبكم.

(٣) ليس في أ.

(٤) م : قبل.

(٥) ب ، ج ، د ، م : معاقبهنّ.

(٦) تفسير أبي الفتوح ١١ / ١٢٨ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٧) ليس في ب ، ج ، د.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) (١١)

١٧٦

قيل : معنى «بين أيديهنّ» ؛ أي : بألسنتهم. وبين «أرجلهنّ» فروجهنّ (١).

وقيل : «بين أيديهنّ» القبلة أو (٢) اللّمسة أو (٣) الغمزة. وبين «أرجلهنّ» ؛ أي (٤) : الجماع (٥).

وقيل : لا يلحقن ببعولتهنّ ولدا من غيرهم (٦).

(وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٢) :

قيل (٧) : السّبب في هذه الآية ونزولها عند فتح مكّة ، ومبايعة الرّجال للنّبيّ ـ عليه السّلام ـ. أنّ النّساء بعدهم أتين تقدمهنّ هند بنت عتبة بن ربيعة ؛ زوجة أبي سفيان بن حرب ، فتلا عليهنّ هذه الآية.

فقالت هند : [يا رسول الله ، تأخذ علينا ما تأخذه على الرّجال فقال : نعم. فلما قرأ : «ولا يسرقن» فقالت هند : (٨)] (٩) والله ، ما سرقت شيئا إلّا من مال أبي سفيان.

فقال ـ عليه السّلام ـ لها : إنّك لهند؟

قالت : نعم ، اعف عنّي عفا الله عنك ، يا رسول الله. وذلك أنّها كانت السّبب في

__________________

(١) البحر المحيط ٨ / ٢٥٩.

(٢) ج : و.

(٣) ب ، ج ، م : و.

(٤) ليس في ب.

(٥) البحر المحيط ٨ / ٢٥٩.

(٦) تفسير الطبري ٢٨ / ٥١ نقلا عن ابن عبّاس.

(٧) ب زيادة : إنّ.

(٨) ليس في ج.

(٩) ليس في أ.

١٧٧

قتل عمّه ؛ حمزة (١) ـ رضي الله عنه ـ.

فلمّا قرأ : «ولا يزنين» قالت هند : إنّه لقبيح بالحرّة.

فلما قرأ : «ولا يقتلن أولادهنّ» قالت هند : ربّيناهم صغارا وتقتلهم كبارا.

فلمّا قرأ : «ولا يعصينك في معروف» قالت هند (٢) : ما وقفنا هذا الموقف بين يديك ونحن نريد عصيانك في ما تأمرنا به وتنهانا عنه (٣). فبايعهنّ واستغفر لهنّ.

قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) ؛ يعني : اليهود. عن الكلبيّ (٤).

وقال الكلبيّ ـ أيضا ـ : لا تتولّهم (٥) ، زعموا أنّ الأكل والشرب والنّكاح في الجنّة محال (٦) ويئسوا منه (٧) (كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) (١٣) ؛ يعني بالكفّار : أصحاب الميّت الّذين غطوه تحت التّراب في القبر.

وقال بعض المفسّرين : نزلت في المنافقين الّذين يأسوا (٨) من الجنّة ونعيمها ؛ كما يئس (٩) الأحياء من موتاهم الّذين قبروهم تحت التّراب (١٠).

__________________

(١) ج : الحمزة.

(٢) ليس في ج.

(٣) تفسير الطبري ٢٨ / ٥١ نقلا عن ابن عبّاس.

(٤) تفسير الطبري ٢٨ / ٥٤.

(٥) د : تتوالهم.+ ج ، م : تتوالاهم.+ ب : تواليهم.

(٦) ليس في ب.

(٧) التبيان ٩ / ٥٨٩ من دون نسبة القول إلى أحد.+ أ ، ج ، د ، م زيادة : قد يئسوا من الآخرة.

(٨) د : ييأسوا.

(٩) د : ييأس.

(١٠) تفسير القرطبي ١٨ / ٧٦ : قيل هم المنافقون.

١٧٨

ومن سورة الصّفّ

وهي أربع عشرة آية.

مدنيّة بغير خلاف.

قوله ـ تعالى ـ : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) :

قد مضى معنى التّسبيح وتقسيمه.

و «ما» للعقلاء وغيرهم. و «من» لما (١) يعقل خاصّة (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (٢))

(كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) (٣) :

نصب «مقتا» على البيان.

والبيان (٣) والتّمييز (٤) والتّفسير واحد.

مقاتل قال : السّبب في نزول هذه الآية ، أنّ قوما من المؤمنين قالوا : لو نعلم أيّ

__________________

(١) ب : لمن.

(٢) سقط من هنا قوله تعالى : (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١)

(٣) ج : التبيين.+ ليس في د.

(٤) ليس في ج.

١٧٩

الأعمال أحبّ إلى الله لفعلناها (١). فنزلت الآية (٢) : «يا أيّها الّذين آمنوا هل أدلّكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم» (٣) فكرهوا عند ذلك القتال (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) (٤) :

[الكلبيّ قال] (٥) : «البنيان المرصوص» الّذي بني (٦) بالرّصاص (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ ، فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) ؛ أي : لمّا عدلوا عن طاعته حكم عليهم بالزّيغ والعدول عن الحقّ والإيمان.

وقال أبو أمامة : نزلت (٨) في الخوارج ، وهذا حكمهم (٩).

وقال سعد بن أبي وقّاص : هذا حكم الحروريّة (١٠).

__________________

(١) ب ، ج ، د ، م : لفعلناه.

(٢) ج ، د ، م زيادة : قل.

(٣) الصّف (٦١) / ١٠ و١١.

(٤) تفسير الطبري ٢٨ / ٥٥ نقلا عن أبي صالح.

(٥) ليس في ج.+ م : الكلبي.

(٦) ج : يبنى.

(٧) تفسير الطبري ٢٨ / ٥٦ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٨) ب زيادة : هذه الآية.

(٩) تفسير الطبري ٢٨ / ٥٧.

(١٠) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) (٥)

١٨٠