نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٥

محمّد بن الحسن الشيباني

نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٥

المؤلف:

محمّد بن الحسن الشيباني


المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٤٤٦

محمّد بن كعب قال : هو جدّ عاد (١).

الكلبيّ قال : هو عاد بن آرم بن عوص بن سام بن نوح (٢).

«إرم ذات العماد» ؛ أي : ذات الطّوال والخلق الطّويل ، وذلك أنّهم كانوا أطول النّاس. وإلى هذا (٣) ذهب السدّي وقتادة ومجاهد (٤).

الكلبيّ قال : كانوا أهل عمود وأخبية وماشية سيّارة (٥) في الرّبيع ، فإذا هاج العود ويبس رجعوا إلى منازلهم (٦).

الفرّاء قال : كانوا أهل عمد ، ينتقلون إلى الكلأ ويرجعون إلى منازلهم (٧). شبّه ـ سبحانه تعالى ـ طولهم بالعماد ، وكان طول (٨) الرّجل منهم اثني عشر ذراعا بذراعهم ؛ كما أخبر الله ـ تعالى ـ عنهم.

وقال بعض المؤرّخين : «إرم ذات العماد» وهي الجنّة الّتي بناها عاد بالذّهب والفضّة ، وفرشها بالمسك والعنبر ، وجعل فيها من كلّ ما ذكر الله ـ تعالى ـ في الجنّة.

فلمّا كملت سار إليها بعسكره ليدخلها ، فأهلكه الله ـ تعالى ـ وعسكره على بابها ولم يدخلها (٩).

وهي الّتي قال فيها ـ سبحانه ـ : (الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ) (٨).

__________________

(١) تفسير الطبري ٣٠ / ١١١ نقلا عن قتادة.

(٢) تفسير الطبري ٣٠ / ١١١ نقلا عن ابن إسحاق.

(٣) ليس في م.

(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ١١٢ نقلا عن ابن عباس.

(٥) م : سيادة.

(٦) مجمع البيان ١٠ / ٧٣٧ نقلا عن ابن عبّاس.

(٧) معاني القرآن ٣ / ٢٦٠.

(٨) ليس في أ.

(٩) مجمع البيان ١٠ / ٧٣٧ من دون نسبة القول إلى أحد. وفيه شدّاد بن عاد بدل عاد.

٣٦١

قوله ـ تعالى ـ : (وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ) (٩) ؛ أي (١) : قوم صالح ، نقبوا الصّخرة بوادي القرى. ذكر ذلك أبو عبيدة وغيره (٢).

مقاتل قال : كانوا يقطعون الحجر ، يتّخذونه بيوتا بوادي القرى (٣).

و «جابوا» قطعوا ؛ كما يجاب الجيب.

قوله ـ تعالى ـ : (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ) (١٠) ؛ أي : ذي الجنود والملك الثّابت. روي هذا (٤) ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ (٥).

مقاتل (٦) : «ذي الأوتاد» ذي العقابين (٧).

الكلبيّ والفرّاء وسعيد قالوا : كان (٨) ذو الأوتاد إذا غضب على رجل ، شدّه بين أربعة أوتاد على الأرض حتّى يموت (٩).

الضّحّاك قال : «ذى الأوتاد» ؛ أي : ذي البنيان المطوّل الثّابت. ومثله عن قتادة (١٠).

__________________

(١) ليس في م.

(٢) مجاز القرآن ٢ / ٢٩٧.

(٣) مجمع البيان ١٠ / ٧٣٨ نقلا عن ابن عبّاس.

(٤) ج : عن.+ د ، م زيادة : عن.

(٥) تفسير الطبري ٣٠ / ١١٤.

(٦) ج ، د ، م زيادة : قال.

(٧) تفسير القرطبي ١٥ / ١٥٤ : كان إذا غضب على أحد مدّه مستلقيا بين أربعة أوتاد في الأرض ، ويرسل عليه العقارب والحيّات حتى يموت.

(٨) ليس في د.

(٩) معاني القرآن ٣ / ٢٦١.

(١٠) تفسير أبي الفتوح ١٢ / ٨٢ الأوتاد عبارة عن ثبات مملكته وطول مدته.+ تفسير القرطبي ١٥ / ١٥٤ نقلا عن الضّحاك : كان كثير البنيان ، والبنيان يسمى أوتادا.

٣٦٢

قوله ـ تعالى ـ : (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ) (١١) ؛ أي : تجاوزوا الحدّ في الظّلم.

قوله ـ تعالى ـ : (فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ) (١٣) :

الكلبيّ قال : عذابا دائما أهلكهم الله به (١).

قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) (١٤) ؛ يريد : لمن عمل مثل (٢) عملهم.

الفرّاء قال : إليه المصير (٣).

وقيل في تفسير قوله : «إنّ جهنّم كانت مرصادا» (٤) ؛ أي : مرجعهم إليها (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ) ؛ أي : أنعم عليه فأسبغ وأوسع (فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) ؛ أي : ضيّقه (فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ) (١٦) :

قوله ـ تعالى ـ : (كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (١٧) وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) (١٨) ؛ أي (٦) : لا تحثّون على إطعامه.

قوله ـ تعالى ـ : (وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا) (١٩) ؛ أي : شديدا.

__________________

(١) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٢) ج : من.

(٣) معاني القرآن ٣ / ٢٦١.

(٤) النبأ (٧٨) / ٢١.

(٥) تفسير القرطبي ١٩ / ١٧٧ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٦) ليس في ج.

٣٦٣

أبو عبيدة : ألممته (١) ؛ أي : جمعته (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا) (٢٠) :

وقيل : إنّ هذه الآية نزلت في أميّة بن خلف (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) (٢١) :

صاحب النّظم قال : دكّت دكّا بعد دكّ ، مثل : صفّت صفّا بعد صفّ (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) (٢٢) ؛ أي : وجاء أمره وملائكته وعقابه صفّا بعد صفّ.

قوله ـ تعالى ـ : (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) ؛ أي : أحضرت.

قوله ـ تعالى ـ : (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى (٢٣) يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) (٢٤) :

ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ قال : يقول (٥) : قدّمت لآخرتي الباقية الّتي لا موت فيها (٦).

صاحب النّظم قال : قوله : «قدّمت لحياتي» على وجهين :

أحدهما ، أنّ معنى «الحياة» : الآخرة ؛ كقوله : (وَإِنَّ الدَّارَ

__________________

(١) ج ، م : لممته فألممته.+ د : فألممته.

(٢) مجاز القرآن ٢ / ٢٩٨.

(٣) قال مقاتل : نزلت في قدامة بن مظعون وكان يتيما في حجرا مية بن خلف. تفسير القرطبي ٢٠ / ٥٢.

(٤) تفسير الكشاف ٤ / ٧٥١ ، تفسير الطبري ٣٠ / ١١٨ نقلا عن عمرو مولى غفرة.

(٥) م زيادة : يا ليتني.

(٦) مجمع البيان ١٠ / ٧٤١ من دون نسبة القول إلى أحد.

٣٦٤

الْحَيَوانُ) (١).

والوجه الآخر «لحياتي» ؛ أي : لنجاتي من النّار ، فأكون من الأحياء في الجنّة.

لقوله : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) (٢) ؛ يعني : الموتة في القبر (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ (٢٥) وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ) (٢٦) ؛ يعني به (٤) : الكافر ، لا يعذّب عذابه أحد في الدّنيا.

و «الوثاق» ما يوثق به كالعبد.

قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) (٢٧) ؛ يعني : المطمئنّة بالإيمان ، المصدّقة بالثّواب.

قوله ـ تعالى ـ : (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً) (٢٨) ؛ يعني : المطمئنّة بثوابه.

قوله ـ تعالى ـ : (فَادْخُلِي فِي عِبادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي) (٣٠) :

الكلبيّ ومقاتل قالا : ادخلي مع عبادي جنّتي. لقوله ـ تعالى ـ : (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ) (٥).

__________________

(١) العنكبوت (٢٩) / ٦٤.

(٢) الدخان (٤٤) / ٥٦.

(٣) أنظر : تفسير القرطبي ٢٠ / ٥٦ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٤) ليس في ج.

(٥) النمل (٢٧) / ١٩.+ تفسير أبي الفتوح ١٢ / ٨٨ نقلا عن المقاتل والقرظي.

٣٦٥

ومن سورة البلد (١)

عشرون آية ، مكيّة (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) (١) ؛ أي (٣) : أقسم به ؛ يعني : مكّة.

ونزلت هذه الآية يوم فتح مكّة.

قوله ـ تعالى ـ : (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) (٢) ؛ أي : أحلّ الله ـ تعالى ـ له (٤) القتل فيها ساعة واحدة ، ولم يحلّ ذلك لأحد قبله ولا بعده.

فقتل في تلك السّاعة مقيس (٥) بن خبابة (٦) وعبد الله بن أنس ، وقتل ـ أيضا ـ قينتين كانتا تغنّيان بهجائه (٧) ـ عليه السّلام ـ. وقتل رجلا آخر كان يهجوه ، وظفر به قبل ذلك فأطلقه ودخل مكّة ، فقال : إنّي سخرت بمحمّد فأطلقني.

__________________

(١) ج زيادة : وهي.

(٢) ج زيادة : بغير خلاف.

(٣) ليس في أ.

(٤) ليس في ج.

(٥) م : مقبس.

(٦) ج ، د : ضبابة.

(٧) أ : بهجيه.

٣٦٦

فأخذه (١) يوم فتح مكّة فقال له مثل مقالته الأولى ، فقال (٢) ـ عليه السّلام ـ : المؤمن من لا يلدغ من جحر واحد مرّتين. وأمر بقتله.

وقيل : قتله بيده (٣).

وهذا الخبر وإن كان ظاهره يقتضي الإخبار ، فالمراد به : النّهي.

وقيل في قوله : «وأنت حلّ بهذا البلد» ؛ أي : حلال. قال ذلك الزّجّاج (٤).

يقال : رجل حلّ وحلال ومحلّ ؛ كما يقال : حرم وحرام ومحرم.

وقيل : «حلّ بهذا البلد» ؛ أي : مقيم ساكن (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) (٣) :

الكلبيّ ومقاتل ومجاهد والضّحّاك والفرّاء قالوا : يعني : آدم ـ عليه السّلام ـ وذريّته (٦).

السدي عن ابن عبّاس قال : هو آدم وحوّاء ، وما ولد (٧) من النّاس كلّهم (٨).

وفي رواية عن ابن عبّاس أنّه قال : عني بذلك : كلّ والد (٩) وما ولد من

__________________

(١) د : فأخذوه.

(٢) ج زيادة : له.

(٣) أنظر : مجمع البيان ١٠ / ٧٤٧.

(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ١٢٤ نقلا عن ابن زيد.

(٥) مجمع البيان ١٠ / ٧٤٧ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٦) تفسير الطبري ٣٠ / ١٢٥ ، تفسير مجاهد ٢ / ٧٥٨ ، معاني القرآن ٣ / ٢٦٣.

(٧) م : ولدا.

(٨) تفسير القرطبي ٢٠ / ٦٢ نقلا عن عطيّة العوفي.

(٩) د : ولد.

٣٦٧

النّاس (١).

ومخرج القسم : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) (٤) ؛ أي : في شدّة وشقاء ومكابدة ؛ يعني : أن (٢) يكابد من (٣) الدّنيا والآخرة. عن الكلبيّ (٤) ومقاتل وقتادة والفرّاء (٥).

وقال الكلبيّ : نزلت هذه الآية في الحارث بن عامر بن نوفل (٦).

وقال مقاتل : نزلت هذه الآية في الأسيد (٧) بن كلدة بن أسد الجمحيّ (٨).

قوله ـ تعالى ـ : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) (٦) ؛ أي : أتلفت مالا كثيرا في عداوة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فندم على ذلك حيث لم تنفعه النّدامة (٩).

قوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (١٠) :

قتادة قال : «هديناه النّجدين» (١٠) عرّفناه الطريقين : طريق الخير ، وطريق

__________________

(١) مجمع البيان ١٠ / ٧٤٧.

(٢) ج ، د ، م : أنّه.

(٣) ج ، د ، م : أمر.

(٤) ليس في د.

(٥) معاني القرآن ٣ / ٢٦٤.

(٦) تفسير القرطبي ٢٠ / ٦٤ نقلا عن مقاتل.

(٧) د : الأشد.+ ج : الأشتر.+ م : الأسد.

(٨) تفسير أبي الفتوح ١٢ / ٩١ وفيه أسيد بن خلف بدل أسد الجمحيّ.

(٩) سقط من هنا الآية (٧)

(١٠) ليس في أ ، د ، م.

٣٦٨

الشّرّ (١).

وقيل (٢) : طريق الجنّة وطريق النّار (٣).

وقيل : «النّجدان» الثديان (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) (١١) ؛ يريد : الّتي بين الجنّة والنّار ، وهي الباب والسّور والحجاب والصّراط.

قوله ـ تعالى ـ : (وَما أَدْراكَ) يا محمّد (مَا الْعَقَبَةُ) (١٢) تعظيما لها وتهويلا.

ثمّ قال : (فَكُّ رَقَبَةٍ) (١٣) ؛ أي : عتق رقبة من العبوديّة.

(أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) (١٤) ؛ أي : ذي مجاعة.

قوله ـ تعالى ـ : (يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) (١٦) ؛ أي : فقيرا لاصقا بالتّراب ، لا شيء له غيره.

قوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) (٥) ؛ يعني : الفقير (٦) المسكين الّذي (٧) تصدّقوا عليه.

قوله ـ تعالى ـ : (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) (١٧) ؛ أي :

__________________

(١) تفسير الطبري ٣٠ / ١٢٧ نقلا عن ابن عبّاس.

(٢) ليس في أ : وقيل.

(٣) ليس في د.+ كشف الأسرار ١٠ / ٤٩٩ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ١٢٨ نقلا عن ابن عبّاس.

(٥) ج ، د ، أ زيادة : وعملوا الصّالحات.

(٦) أ زيادة : و.

(٧) ج : الّذين.

٣٦٩

بالتّراحم.

قوله ـ تعالى ـ : (أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) (١٨) ؛ أي : أصحاب اليمين.

قوله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا (١) بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ) (٢٠) ؛ أي : مطبقة.

__________________

(١) م زيادة : وكذّبوا.

٣٧٠

ومن سورة الشّمس (١)

ست عشرة (٢) آية ، مكيّة.

قوله ـ تعالى ـ : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) (١) :

الكلبيّ ومقاتل قالا : [أقسم الله (٣) بالشّمس وضوئها (٤).

مقاتل قال] (٥) : وحرّها (٦).

مجاهد قال (٧) : وإحراقها (٨).

الفرّاء والضّحّاك قالا : ونهارها. [وكذلك قوله في (٩) : «والضّحى»] (١٠).

__________________

(١) ج زيادة : وهي.

(٢) ج : خمس عشرة.

(٣) ليس في ج ، م.

(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ١٣٣ نقلا عن مجاهد.

(٥) ليس في د.

(٦) مجمع البيان ١٠ / ٧٥٤.

(٧) ليس في م.

(٨) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٩) د : تعالى.

(١٠) ليس في ج.+ معاني القرآن ٣ / ٢٦٦.

٣٧١

قوله ـ تعالى ـ : (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) (٢) ؛ يريد : إذا أتبع الشّمس في الغروب.

وقيل : إذا غرب آخر الشّهر (١) ؛ أي : بالهلال (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها) (٣) :

[مقاتل قال : جلّاها] (٣) الرّبّ ـ تبارك وتعالى ـ عن ظلمة اللّيل (٤).

(وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) (٤) ؛ أي : يغشى ظلام اللّيل ضوء النّهار.

الكلبيّ قال : قوله ـ تعالى ـ : «واللّيل إذا يغشاها» الشّمس ، فيذهب بضوئها (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (وَالسَّماءِ وَما بَناها) (٥) ؛ أي : ومن رفعها.

قوله ـ تعالى ـ : (وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) (٦) :

مقاتل قال : معناه وطحاها (٦).

الكلبيّ وأبو عبيدة قالا : ومن طحاها ؛ أي : ومن بسطها (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) (٧) ؛ يعني : سوى خلقها ؛ العينين والأذنين والمنخرين واليدين والرّجلين.

__________________

(١) ليس في ج.

(٢) التبيان ١٠ / ٣٥٧ نقلا عن ابن زيد والحسن.

(٣) ليس في أ.

(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ١٣٣ نقلا عن بعض أهل العربية.

(٥) تفسير الطبري ٣٠ / ١٣٣ نقلا عن قتادة.

(٦) ج ، د ، م : طحوها.+ التبيان ١٠ / ٣٥٨ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٧) مجاز القرآن ٢ / ٣٠٠.

٣٧٢

قوله ـ تعالى ـ : (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) (٨) ؛ أي : بيّن لها سبيل الخير والشّرّ ؛ كقوله : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (١).

قوله ـ تعالى ـ : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) (٩) ؛ أي : قد فاز وظفر من أصلحها وطهّرها من المعاصي والذّنوب ، وتصدّق ، ووصل الرّحم ، وعمل الطّاعات. وهذا جواب القسم.

قوله ـ تعالى ـ : (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) (١٠) (٢) :

الكلبيّ ومقاتل قالا : قد (٣) خسر من أغواها (٤).

«وقد خاب من دسّاها» ؛ أي : خاب من أهملها (٥) بترك الطاعة والصدقة.

الفرّاء قال : قد خاب من أثمها (٦).

أبو روق وأبو خير ومجاهد ، عن عليّ ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : معناه (٧) بالحبشيّة : من أغواها (٨). وقوله : «قد أفلح من زكّاها» ؛ أي : طهّرها وزادها نماء وثوابا بالطّاعة.

قوله ـ تعالى ـ : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) (١١) :

__________________

(١) البلد (٩٠) / ١٠.

(٢) د زيادة : أي خاب وخسر.

(٣) ليس في م.

(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ١٤٦ نقلا عن سعيد : من أغواها.

(٥) ج ، د ، م : أخملها.

(٦) تفسير الطبري ٣٠ / ١٣٦ نقلا عن قتادة.

(٧) ليس في د.

(٨) تفسير الطبري ٣٠ / ١٣٦ نقلا عن سعيد ، تفسير مجاهد ٢ / ٧٦٤.

٣٧٣

مقاتل والكلبيّ والفرّاء قالوا : بطغيانها (١).

مجاهد قال : بمعصيتها (٢).

ومعنى ذلك : بطغيانهم وحملهم على الكفر والتّكذيب.

قوله ـ تعالى ـ : (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) (١٢) ؛ يعني : أشقى ثمود. وهو [قذار ابن قذيرة] (٣) ، عاقر النّاقة ، رجل أشقر أحمر أزرق (٤) ولد زنا.

قوله ـ تعالى ـ : (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ) ؛ يعني : صالح ـ عليه السّلام ـ.

(ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) (١٤) ؛ أي : احذروا ناقة الله.

«وسقياها» ؛ يعني : وشربها.

قوله ـ تعالى ـ : (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها) (١٤) :

الكلبيّ قال : «دمدم عليهم» بالصّيحة (٥).

الفرّاء قال : أرجف بهم (٦).

الزّجّاج قال : أطبق بالعذاب (٧).

__________________

(١) معاني القرآن ٣ / ٢٦٧.

(٢) تفسير الطبري ٣٠ / ١٣٦ ، تفسير مجاهد ٢ / ٧٦٣.

(٣) ج ، د ، م : قدار بن قديرة.

(٤) ج زيادة : العينين.

(٥) تفسير القرطبي ٢٠ / ٧٩ من دون نسبة القول إلى أحد : أي فسوى الدّمدمة والإهلاك عليهم. وذلك أن الصيحة أهلكتهم.

(٦) معاني القرآن ٣ / ٢٦٩.

(٧) التبيان ١٠ / ٣٦١ من دون ذكر للقائل.

٣٧٤

ومعناه : دمرّ عليهم الرّبّ ـ تعالى ـ [واستأصلهم] (١) بذنبهم.

«فسوّاها» ؛ [أي : سوّى أمّة صالح بإنزال العذاب الكبير والصّغير.

مقاتل قال : سوّى بيوتهم على قبورهم ؛ أي : ماتوا جميعا (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (وَلا يَخافُ عُقْباها) (١٥) ؛ يعني : عاقر النّاقة. على قول قوم ، وهو مردود.

قوله ـ تعالى ـ : «إذ انبعث أشقاها. ولا يخاف» عقبى ما صنع.

ومن قرأ بانّون فهو مردود. على قوله : «فدمدم عليهم ربّهم بذنبهم فسوّاها»] (٣) يعني : بالعذاب والهلاك صغيرهم وكبيرهم ، ولم يخف عقبى ذلك وتبعته. وعليه الأكثرون.

__________________

(١) ليس في ج ، د ، م.

(٢) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٣) ليس في ج ، د ، م.

٣٧٥

ومن سورة اللّيل (١)

عشرون آية ، مكيّة (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) (١) ؛ يريد : النّهار.

قوله ـ تعالى ـ : (وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) (٢) ؛ أي : إذا أضاء وبان.

قوله ـ تعالى ـ : (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (٣) :

أبو عبيدة قال : وما (٣) خلق (٤).

مقاتل ، مثله (٥).

وخلق الذّكر والأنثى ، و «ما» هاهنا ، صلة.

قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) (٤) هذا جواب القسم ؛ أي : إنّ عملكم لمختلف ؛ يريد : عمل أهل الجنّة وعمل أهل النّار ، فمصدّق ومكذّب.

__________________

(١) ج زيادة : وهي إحدى و.

(٢) ج زيادة : بغير خلاف.

(٣) م : من.

(٤) مجاز القرآن ٢ / ٣٠١.

(٥) مجاز القرآن ٢ / ٣٠١ نقلا عن أبي عبيدة.

٣٧٦

قوله ـ تعالى ـ : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) (٧) :

نزلت هذه الآية في عليّ ـ عليه السّلام ـ. وكان له حديقة (١) بالمدينة تسمّى : الحسنى. وكان (٢) رجل غنيّ له نخلة في دار رجل مؤمن فقير ، وله أطفال صغار. فكان ذلك الغنيّ إذا لقطها يقع من تمرها شيء تحتها ، فيلتقط منه صغار ذلك الفقير : فيسارع الغنيّ فيأخذه منهم ، حتّى أنّه ربّما وضع الطّفل في فيه شيئا من التّمرة فيدخل الغنيّ إصبعه في فم الطّفل فيخرجه من فم الطّفل. فشقّ ذلك على الفقير ، فجاء إلى النّبيّ ـ عليه السّلام ـ فشكا إليه من الغنيّ.

فقال له النّبيّ : اذهب إلى بيتك وراجعني.

ثمّ إنّه ـ عليه السّلام ـ قام بنفسه إلى ذلك الغنيّ فقال له : تبيعني نخلتك الفلانيّة الّتي (٣) في بيت (٤) فلان الفقير بنخلة في الجنّة؟

فقال : لا.

فما زال النّبيّ ـ عليه السّلام ـ يزيده نخلة نخلة في الجنّة حتّى بلغها عشر نخلات ، فلم يسمح بها ، غير أنّه قال : والله ، ما أبيعها إلّا بما أظنّ لا (٥) أعطاه في الدّنيا ، وهي حديقة عليّ بن أبي طالب ؛ الحسنى.

__________________

(١) ج ، د ، م زيادة : نخل.

(٢) م زيادة : بالمدينة.

(٣) م زيادة : لك.

(٤) ج ، د ، م : دار.

(٥) ليس في أ.

٣٧٧

فتركه النّبيّ ـ عليه السّلام ـ وولّى عنه. فعرف عليّ ـ عليه السّلام ـ ذلك ، فجاء (١) بنفسه الكريمة إلى ذلك الغنيّ [فساومه وحكى له ما جرى للنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ معه ، وقال له عليّ ـ عليه السّلام ـ : قد اشتريتها منك إن بعت.

فقال : قد بعتكها بالحسنى. وافترقا.

فجاء عليّ ـ عليه السّلام ـ إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : يا رسول الله ، إنّ النّخلة الفلانيّة الّتي في دار فلان الفقير للغنيّ فلان قد صارت لي ، وقد جعلتها لفلان الفقير وأولاده.

ففرح النّبيّ ـ عليه السّلام ـ بذلك ، فأحضر الفقير عنده فقال له : إنّ النّخلة قد صارت لك] (٢).

فنزل جبرئيل ـ عليه السّلام ـ على النّبيّ ـ عليه السّلام ـ بالآية ، فقرأها عليّ ـ عليه السّلام ـ وبشّره بالجنّة.

ومن أسماء الجنّة : الحسنى.

قوله ـ تعالى ـ : (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) (٩) ؛ يعني : ذلك الغنيّ كذّب بالجنّة ، وبخل بما طلب النّبيّ ـ عليه السّلام ـ.

(فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) (١٠) ؛ يعني : النّار.

ومن أسماء النّار : العسرى.

وقال قوم من المفسّرين : نزلت الآية في الوليد بن المغيرة وأبي سفيان بن

__________________

(١) أ : وجاء.

(٢) ما بين المعقوفتين في م : بياض.

٣٧٨

حرب ، وتكذيبهما بالجنّة (١).

قوله ـ تعالى ـ : (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى) (١١) ؛ أي : وما ينفعه ماله إذا تردّى في النّار ؛ يعني : ذلك الغنيّ المنافق الكافر (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) (١٤) ؛ أي : تلهب.

قوله ـ تعالى ـ : (لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي) ؛ مثل : ذلك الغنيّ الكافر (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) (١٧) ؛ مثل : عليّ ـ عليه السّلام ـ وأصحابه.

(الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى) (١٨) ؛ أي : يتصدّق به. وكذا فعل عليّ ـ عليه السّلام ـ تصدّق بجميع ما غرسه بيده ، وما ملكه من الحدائق.

قوله ـ تعالى ـ : (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضى) (٢١) ؛ أي : يرضى بما يعطيه الله ـ تعالى ـ في الجنّة.

__________________

(١) تفسير أبي الفتوح ١٢ / ١٠٥ نقلا عن الكلبيّ : إنّها نزلت في حق أبو سفيان بن حرب.

(٢) سقط من هنا الآيتان (١٢) و (١٣)

(٣) سقط من هنا قوله تعالى : (كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (١٦)

٣٧٩

ومن سورة الضّحى (١)

إحدى عشرة آية.

وهي مكيّة (٢).

ورد في أخبارنا ، عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام ـ : أنّ هذه السّورة والّتي بعدها سورة واحدة (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى) (٢) (٤) :

«الضّحى» ساعة من ساعات النّهار ، أقسم الله ـ تعالى ـ بها.

قوله ـ تعالى ـ : «واللّيل إذا سجى» (٥) الكلبيّ (٦) : اسودّ وأظلم (٧).

__________________

(١) ج زيادة : وهي.

(٢) ج زيادة : بغير خلاف.

(٣) روي الطبرسي عن العيّاشي بإسناده عن المفضّل بن صالح ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : سمعته يقول : لا تجمع سورتين في ركعة واحدة إلّا (الضُّحى) و (أَلَمْ نَشْرَحْ) و (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ) و (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) مجمع البيان ١٠ / ٨٢٧ وعنه كنز الدقائق ١٤ / ٣١٥ ونور الثقلين ٥ / ٥٩٣.

(٤) ج ، د زيادة : قيل.

(٥) ج ، د زيادة : قال.

(٦) ليس في ج.

(٧) مجمع البيان ١٠ / ٧٦٤ نقلا عن الضّحّاك.

٣٨٠