محمّد بن الحسن الشيباني
المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٤٤٦
محمّد بن كعب قال : هو جدّ عاد (١).
الكلبيّ قال : هو عاد بن آرم بن عوص بن سام بن نوح (٢).
«إرم ذات العماد» ؛ أي : ذات الطّوال والخلق الطّويل ، وذلك أنّهم كانوا أطول النّاس. وإلى هذا (٣) ذهب السدّي وقتادة ومجاهد (٤).
الكلبيّ قال : كانوا أهل عمود وأخبية وماشية سيّارة (٥) في الرّبيع ، فإذا هاج العود ويبس رجعوا إلى منازلهم (٦).
الفرّاء قال : كانوا أهل عمد ، ينتقلون إلى الكلأ ويرجعون إلى منازلهم (٧). شبّه ـ سبحانه تعالى ـ طولهم بالعماد ، وكان طول (٨) الرّجل منهم اثني عشر ذراعا بذراعهم ؛ كما أخبر الله ـ تعالى ـ عنهم.
وقال بعض المؤرّخين : «إرم ذات العماد» وهي الجنّة الّتي بناها عاد بالذّهب والفضّة ، وفرشها بالمسك والعنبر ، وجعل فيها من كلّ ما ذكر الله ـ تعالى ـ في الجنّة.
فلمّا كملت سار إليها بعسكره ليدخلها ، فأهلكه الله ـ تعالى ـ وعسكره على بابها ولم يدخلها (٩).
وهي الّتي قال فيها ـ سبحانه ـ : (الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ) (٨).
__________________
(١) تفسير الطبري ٣٠ / ١١١ نقلا عن قتادة.
(٢) تفسير الطبري ٣٠ / ١١١ نقلا عن ابن إسحاق.
(٣) ليس في م.
(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ١١٢ نقلا عن ابن عباس.
(٥) م : سيادة.
(٦) مجمع البيان ١٠ / ٧٣٧ نقلا عن ابن عبّاس.
(٧) معاني القرآن ٣ / ٢٦٠.
(٨) ليس في أ.
(٩) مجمع البيان ١٠ / ٧٣٧ من دون نسبة القول إلى أحد. وفيه شدّاد بن عاد بدل عاد.
قوله ـ تعالى ـ : (وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ) (٩) ؛ أي (١) : قوم صالح ، نقبوا الصّخرة بوادي القرى. ذكر ذلك أبو عبيدة وغيره (٢).
مقاتل قال : كانوا يقطعون الحجر ، يتّخذونه بيوتا بوادي القرى (٣).
و «جابوا» قطعوا ؛ كما يجاب الجيب.
قوله ـ تعالى ـ : (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ) (١٠) ؛ أي : ذي الجنود والملك الثّابت. روي هذا (٤) ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ (٥).
مقاتل (٦) : «ذي الأوتاد» ذي العقابين (٧).
الكلبيّ والفرّاء وسعيد قالوا : كان (٨) ذو الأوتاد إذا غضب على رجل ، شدّه بين أربعة أوتاد على الأرض حتّى يموت (٩).
الضّحّاك قال : «ذى الأوتاد» ؛ أي : ذي البنيان المطوّل الثّابت. ومثله عن قتادة (١٠).
__________________
(١) ليس في م.
(٢) مجاز القرآن ٢ / ٢٩٧.
(٣) مجمع البيان ١٠ / ٧٣٨ نقلا عن ابن عبّاس.
(٤) ج : عن.+ د ، م زيادة : عن.
(٥) تفسير الطبري ٣٠ / ١١٤.
(٦) ج ، د ، م زيادة : قال.
(٧) تفسير القرطبي ١٥ / ١٥٤ : كان إذا غضب على أحد مدّه مستلقيا بين أربعة أوتاد في الأرض ، ويرسل عليه العقارب والحيّات حتى يموت.
(٨) ليس في د.
(٩) معاني القرآن ٣ / ٢٦١.
(١٠) تفسير أبي الفتوح ١٢ / ٨٢ الأوتاد عبارة عن ثبات مملكته وطول مدته.+ تفسير القرطبي ١٥ / ١٥٤ نقلا عن الضّحاك : كان كثير البنيان ، والبنيان يسمى أوتادا.
قوله ـ تعالى ـ : (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ) (١١) ؛ أي : تجاوزوا الحدّ في الظّلم.
قوله ـ تعالى ـ : (فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ) (١٣) :
الكلبيّ قال : عذابا دائما أهلكهم الله به (١).
قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) (١٤) ؛ يريد : لمن عمل مثل (٢) عملهم.
الفرّاء قال : إليه المصير (٣).
وقيل في تفسير قوله : «إنّ جهنّم كانت مرصادا» (٤) ؛ أي : مرجعهم إليها (٥).
قوله ـ تعالى ـ : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ) ؛ أي : أنعم عليه فأسبغ وأوسع (فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) ؛ أي : ضيّقه (فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ) (١٦) :
قوله ـ تعالى ـ : (كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (١٧) وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) (١٨) ؛ أي (٦) : لا تحثّون على إطعامه.
قوله ـ تعالى ـ : (وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا) (١٩) ؛ أي : شديدا.
__________________
(١) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٢) ج : من.
(٣) معاني القرآن ٣ / ٢٦١.
(٤) النبأ (٧٨) / ٢١.
(٥) تفسير القرطبي ١٩ / ١٧٧ من دون نسبة القول إلى أحد.
(٦) ليس في ج.
أبو عبيدة : ألممته (١) ؛ أي : جمعته (٢).
قوله ـ تعالى ـ : (وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا) (٢٠) :
وقيل : إنّ هذه الآية نزلت في أميّة بن خلف (٣).
قوله ـ تعالى ـ : (كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) (٢١) :
صاحب النّظم قال : دكّت دكّا بعد دكّ ، مثل : صفّت صفّا بعد صفّ (٤).
قوله ـ تعالى ـ : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) (٢٢) ؛ أي : وجاء أمره وملائكته وعقابه صفّا بعد صفّ.
قوله ـ تعالى ـ : (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) ؛ أي : أحضرت.
قوله ـ تعالى ـ : (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى (٢٣) يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) (٢٤) :
ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ قال : يقول (٥) : قدّمت لآخرتي الباقية الّتي لا موت فيها (٦).
صاحب النّظم قال : قوله : «قدّمت لحياتي» على وجهين :
أحدهما ، أنّ معنى «الحياة» : الآخرة ؛ كقوله : (وَإِنَّ الدَّارَ
__________________
(١) ج ، م : لممته فألممته.+ د : فألممته.
(٢) مجاز القرآن ٢ / ٢٩٨.
(٣) قال مقاتل : نزلت في قدامة بن مظعون وكان يتيما في حجرا مية بن خلف. تفسير القرطبي ٢٠ / ٥٢.
(٤) تفسير الكشاف ٤ / ٧٥١ ، تفسير الطبري ٣٠ / ١١٨ نقلا عن عمرو مولى غفرة.
(٥) م زيادة : يا ليتني.
(٦) مجمع البيان ١٠ / ٧٤١ من دون نسبة القول إلى أحد.
الْحَيَوانُ) (١).
والوجه الآخر «لحياتي» ؛ أي : لنجاتي من النّار ، فأكون من الأحياء في الجنّة.
لقوله : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) (٢) ؛ يعني : الموتة في القبر (٣).
قوله ـ تعالى ـ : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ (٢٥) وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ) (٢٦) ؛ يعني به (٤) : الكافر ، لا يعذّب عذابه أحد في الدّنيا.
و «الوثاق» ما يوثق به كالعبد.
قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) (٢٧) ؛ يعني : المطمئنّة بالإيمان ، المصدّقة بالثّواب.
قوله ـ تعالى ـ : (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً) (٢٨) ؛ يعني : المطمئنّة بثوابه.
قوله ـ تعالى ـ : (فَادْخُلِي فِي عِبادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي) (٣٠) :
الكلبيّ ومقاتل قالا : ادخلي مع عبادي جنّتي. لقوله ـ تعالى ـ : (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ) (٥).
__________________
(١) العنكبوت (٢٩) / ٦٤.
(٢) الدخان (٤٤) / ٥٦.
(٣) أنظر : تفسير القرطبي ٢٠ / ٥٦ من دون نسبة القول إلى أحد.
(٤) ليس في ج.
(٥) النمل (٢٧) / ١٩.+ تفسير أبي الفتوح ١٢ / ٨٨ نقلا عن المقاتل والقرظي.
ومن سورة البلد (١)
عشرون آية ، مكيّة (٢).
قوله ـ تعالى ـ : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) (١) ؛ أي (٣) : أقسم به ؛ يعني : مكّة.
ونزلت هذه الآية يوم فتح مكّة.
قوله ـ تعالى ـ : (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) (٢) ؛ أي : أحلّ الله ـ تعالى ـ له (٤) القتل فيها ساعة واحدة ، ولم يحلّ ذلك لأحد قبله ولا بعده.
فقتل في تلك السّاعة مقيس (٥) بن خبابة (٦) وعبد الله بن أنس ، وقتل ـ أيضا ـ قينتين كانتا تغنّيان بهجائه (٧) ـ عليه السّلام ـ. وقتل رجلا آخر كان يهجوه ، وظفر به قبل ذلك فأطلقه ودخل مكّة ، فقال : إنّي سخرت بمحمّد فأطلقني.
__________________
(١) ج زيادة : وهي.
(٢) ج زيادة : بغير خلاف.
(٣) ليس في أ.
(٤) ليس في ج.
(٥) م : مقبس.
(٦) ج ، د : ضبابة.
(٧) أ : بهجيه.
فأخذه (١) يوم فتح مكّة فقال له مثل مقالته الأولى ، فقال (٢) ـ عليه السّلام ـ : المؤمن من لا يلدغ من جحر واحد مرّتين. وأمر بقتله.
وقيل : قتله بيده (٣).
وهذا الخبر وإن كان ظاهره يقتضي الإخبار ، فالمراد به : النّهي.
وقيل في قوله : «وأنت حلّ بهذا البلد» ؛ أي : حلال. قال ذلك الزّجّاج (٤).
يقال : رجل حلّ وحلال ومحلّ ؛ كما يقال : حرم وحرام ومحرم.
وقيل : «حلّ بهذا البلد» ؛ أي : مقيم ساكن (٥).
قوله ـ تعالى ـ : (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) (٣) :
الكلبيّ ومقاتل ومجاهد والضّحّاك والفرّاء قالوا : يعني : آدم ـ عليه السّلام ـ وذريّته (٦).
السدي عن ابن عبّاس قال : هو آدم وحوّاء ، وما ولد (٧) من النّاس كلّهم (٨).
وفي رواية عن ابن عبّاس أنّه قال : عني بذلك : كلّ والد (٩) وما ولد من
__________________
(١) د : فأخذوه.
(٢) ج زيادة : له.
(٣) أنظر : مجمع البيان ١٠ / ٧٤٧.
(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ١٢٤ نقلا عن ابن زيد.
(٥) مجمع البيان ١٠ / ٧٤٧ من دون نسبة القول إلى أحد.
(٦) تفسير الطبري ٣٠ / ١٢٥ ، تفسير مجاهد ٢ / ٧٥٨ ، معاني القرآن ٣ / ٢٦٣.
(٧) م : ولدا.
(٨) تفسير القرطبي ٢٠ / ٦٢ نقلا عن عطيّة العوفي.
(٩) د : ولد.
النّاس (١).
ومخرج القسم : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) (٤) ؛ أي : في شدّة وشقاء ومكابدة ؛ يعني : أن (٢) يكابد من (٣) الدّنيا والآخرة. عن الكلبيّ (٤) ومقاتل وقتادة والفرّاء (٥).
وقال الكلبيّ : نزلت هذه الآية في الحارث بن عامر بن نوفل (٦).
وقال مقاتل : نزلت هذه الآية في الأسيد (٧) بن كلدة بن أسد الجمحيّ (٨).
قوله ـ تعالى ـ : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) (٦) ؛ أي : أتلفت مالا كثيرا في عداوة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فندم على ذلك حيث لم تنفعه النّدامة (٩).
قوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (١٠) :
قتادة قال : «هديناه النّجدين» (١٠) عرّفناه الطريقين : طريق الخير ، وطريق
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ / ٧٤٧.
(٢) ج ، د ، م : أنّه.
(٣) ج ، د ، م : أمر.
(٤) ليس في د.
(٥) معاني القرآن ٣ / ٢٦٤.
(٦) تفسير القرطبي ٢٠ / ٦٤ نقلا عن مقاتل.
(٧) د : الأشد.+ ج : الأشتر.+ م : الأسد.
(٨) تفسير أبي الفتوح ١٢ / ٩١ وفيه أسيد بن خلف بدل أسد الجمحيّ.
(٩) سقط من هنا الآية (٧)
(١٠) ليس في أ ، د ، م.
الشّرّ (١).
وقيل (٢) : طريق الجنّة وطريق النّار (٣).
وقيل : «النّجدان» الثديان (٤).
قوله ـ تعالى ـ : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) (١١) ؛ يريد : الّتي بين الجنّة والنّار ، وهي الباب والسّور والحجاب والصّراط.
قوله ـ تعالى ـ : (وَما أَدْراكَ) يا محمّد (مَا الْعَقَبَةُ) (١٢) تعظيما لها وتهويلا.
ثمّ قال : (فَكُّ رَقَبَةٍ) (١٣) ؛ أي : عتق رقبة من العبوديّة.
(أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) (١٤) ؛ أي : ذي مجاعة.
قوله ـ تعالى ـ : (يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) (١٦) ؛ أي : فقيرا لاصقا بالتّراب ، لا شيء له غيره.
قوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) (٥) ؛ يعني : الفقير (٦) المسكين الّذي (٧) تصدّقوا عليه.
قوله ـ تعالى ـ : (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) (١٧) ؛ أي :
__________________
(١) تفسير الطبري ٣٠ / ١٢٧ نقلا عن ابن عبّاس.
(٢) ليس في أ : وقيل.
(٣) ليس في د.+ كشف الأسرار ١٠ / ٤٩٩ من دون نسبة القول إلى أحد.
(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ١٢٨ نقلا عن ابن عبّاس.
(٥) ج ، د ، أ زيادة : وعملوا الصّالحات.
(٦) أ زيادة : و.
(٧) ج : الّذين.
بالتّراحم.
قوله ـ تعالى ـ : (أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) (١٨) ؛ أي : أصحاب اليمين.
قوله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا (١) بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ) (٢٠) ؛ أي : مطبقة.
__________________
(١) م زيادة : وكذّبوا.
ومن سورة الشّمس (١)
ست عشرة (٢) آية ، مكيّة.
قوله ـ تعالى ـ : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) (١) :
الكلبيّ ومقاتل قالا : [أقسم الله (٣) بالشّمس وضوئها (٤).
مقاتل قال] (٥) : وحرّها (٦).
مجاهد قال (٧) : وإحراقها (٨).
الفرّاء والضّحّاك قالا : ونهارها. [وكذلك قوله في (٩) : «والضّحى»] (١٠).
__________________
(١) ج زيادة : وهي.
(٢) ج : خمس عشرة.
(٣) ليس في ج ، م.
(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ١٣٣ نقلا عن مجاهد.
(٥) ليس في د.
(٦) مجمع البيان ١٠ / ٧٥٤.
(٧) ليس في م.
(٨) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٩) د : تعالى.
(١٠) ليس في ج.+ معاني القرآن ٣ / ٢٦٦.
قوله ـ تعالى ـ : (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) (٢) ؛ يريد : إذا أتبع الشّمس في الغروب.
وقيل : إذا غرب آخر الشّهر (١) ؛ أي : بالهلال (٢).
قوله ـ تعالى ـ : (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها) (٣) :
[مقاتل قال : جلّاها] (٣) الرّبّ ـ تبارك وتعالى ـ عن ظلمة اللّيل (٤).
(وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) (٤) ؛ أي : يغشى ظلام اللّيل ضوء النّهار.
الكلبيّ قال : قوله ـ تعالى ـ : «واللّيل إذا يغشاها» الشّمس ، فيذهب بضوئها (٥).
قوله ـ تعالى ـ : (وَالسَّماءِ وَما بَناها) (٥) ؛ أي : ومن رفعها.
قوله ـ تعالى ـ : (وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) (٦) :
مقاتل قال : معناه وطحاها (٦).
الكلبيّ وأبو عبيدة قالا : ومن طحاها ؛ أي : ومن بسطها (٧).
قوله ـ تعالى ـ : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) (٧) ؛ يعني : سوى خلقها ؛ العينين والأذنين والمنخرين واليدين والرّجلين.
__________________
(١) ليس في ج.
(٢) التبيان ١٠ / ٣٥٧ نقلا عن ابن زيد والحسن.
(٣) ليس في أ.
(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ١٣٣ نقلا عن بعض أهل العربية.
(٥) تفسير الطبري ٣٠ / ١٣٣ نقلا عن قتادة.
(٦) ج ، د ، م : طحوها.+ التبيان ١٠ / ٣٥٨ من دون نسبة القول إلى أحد.
(٧) مجاز القرآن ٢ / ٣٠٠.
قوله ـ تعالى ـ : (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) (٨) ؛ أي : بيّن لها سبيل الخير والشّرّ ؛ كقوله : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (١).
قوله ـ تعالى ـ : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) (٩) ؛ أي : قد فاز وظفر من أصلحها وطهّرها من المعاصي والذّنوب ، وتصدّق ، ووصل الرّحم ، وعمل الطّاعات. وهذا جواب القسم.
قوله ـ تعالى ـ : (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) (١٠) (٢) :
الكلبيّ ومقاتل قالا : قد (٣) خسر من أغواها (٤).
«وقد خاب من دسّاها» ؛ أي : خاب من أهملها (٥) بترك الطاعة والصدقة.
الفرّاء قال : قد خاب من أثمها (٦).
أبو روق وأبو خير ومجاهد ، عن عليّ ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : معناه (٧) بالحبشيّة : من أغواها (٨). وقوله : «قد أفلح من زكّاها» ؛ أي : طهّرها وزادها نماء وثوابا بالطّاعة.
قوله ـ تعالى ـ : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) (١١) :
__________________
(١) البلد (٩٠) / ١٠.
(٢) د زيادة : أي خاب وخسر.
(٣) ليس في م.
(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ١٤٦ نقلا عن سعيد : من أغواها.
(٥) ج ، د ، م : أخملها.
(٦) تفسير الطبري ٣٠ / ١٣٦ نقلا عن قتادة.
(٧) ليس في د.
(٨) تفسير الطبري ٣٠ / ١٣٦ نقلا عن سعيد ، تفسير مجاهد ٢ / ٧٦٤.
مقاتل والكلبيّ والفرّاء قالوا : بطغيانها (١).
مجاهد قال : بمعصيتها (٢).
ومعنى ذلك : بطغيانهم وحملهم على الكفر والتّكذيب.
قوله ـ تعالى ـ : (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) (١٢) ؛ يعني : أشقى ثمود. وهو [قذار ابن قذيرة] (٣) ، عاقر النّاقة ، رجل أشقر أحمر أزرق (٤) ولد زنا.
قوله ـ تعالى ـ : (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ) ؛ يعني : صالح ـ عليه السّلام ـ.
(ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) (١٤) ؛ أي : احذروا ناقة الله.
«وسقياها» ؛ يعني : وشربها.
قوله ـ تعالى ـ : (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها) (١٤) :
الكلبيّ قال : «دمدم عليهم» بالصّيحة (٥).
الفرّاء قال : أرجف بهم (٦).
الزّجّاج قال : أطبق بالعذاب (٧).
__________________
(١) معاني القرآن ٣ / ٢٦٧.
(٢) تفسير الطبري ٣٠ / ١٣٦ ، تفسير مجاهد ٢ / ٧٦٣.
(٣) ج ، د ، م : قدار بن قديرة.
(٤) ج زيادة : العينين.
(٥) تفسير القرطبي ٢٠ / ٧٩ من دون نسبة القول إلى أحد : أي فسوى الدّمدمة والإهلاك عليهم. وذلك أن الصيحة أهلكتهم.
(٦) معاني القرآن ٣ / ٢٦٩.
(٧) التبيان ١٠ / ٣٦١ من دون ذكر للقائل.
ومعناه : دمرّ عليهم الرّبّ ـ تعالى ـ [واستأصلهم] (١) بذنبهم.
«فسوّاها» ؛ [أي : سوّى أمّة صالح بإنزال العذاب الكبير والصّغير.
مقاتل قال : سوّى بيوتهم على قبورهم ؛ أي : ماتوا جميعا (٢).
قوله ـ تعالى ـ : (وَلا يَخافُ عُقْباها) (١٥) ؛ يعني : عاقر النّاقة. على قول قوم ، وهو مردود.
قوله ـ تعالى ـ : «إذ انبعث أشقاها. ولا يخاف» عقبى ما صنع.
ومن قرأ بانّون فهو مردود. على قوله : «فدمدم عليهم ربّهم بذنبهم فسوّاها»] (٣) يعني : بالعذاب والهلاك صغيرهم وكبيرهم ، ولم يخف عقبى ذلك وتبعته. وعليه الأكثرون.
__________________
(١) ليس في ج ، د ، م.
(٢) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٣) ليس في ج ، د ، م.
ومن سورة اللّيل (١)
عشرون آية ، مكيّة (٢).
قوله ـ تعالى ـ : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) (١) ؛ يريد : النّهار.
قوله ـ تعالى ـ : (وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) (٢) ؛ أي : إذا أضاء وبان.
قوله ـ تعالى ـ : (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (٣) :
أبو عبيدة قال : وما (٣) خلق (٤).
مقاتل ، مثله (٥).
وخلق الذّكر والأنثى ، و «ما» هاهنا ، صلة.
قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) (٤) هذا جواب القسم ؛ أي : إنّ عملكم لمختلف ؛ يريد : عمل أهل الجنّة وعمل أهل النّار ، فمصدّق ومكذّب.
__________________
(١) ج زيادة : وهي إحدى و.
(٢) ج زيادة : بغير خلاف.
(٣) م : من.
(٤) مجاز القرآن ٢ / ٣٠١.
(٥) مجاز القرآن ٢ / ٣٠١ نقلا عن أبي عبيدة.
قوله ـ تعالى ـ : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) (٧) :
نزلت هذه الآية في عليّ ـ عليه السّلام ـ. وكان له حديقة (١) بالمدينة تسمّى : الحسنى. وكان (٢) رجل غنيّ له نخلة في دار رجل مؤمن فقير ، وله أطفال صغار. فكان ذلك الغنيّ إذا لقطها يقع من تمرها شيء تحتها ، فيلتقط منه صغار ذلك الفقير : فيسارع الغنيّ فيأخذه منهم ، حتّى أنّه ربّما وضع الطّفل في فيه شيئا من التّمرة فيدخل الغنيّ إصبعه في فم الطّفل فيخرجه من فم الطّفل. فشقّ ذلك على الفقير ، فجاء إلى النّبيّ ـ عليه السّلام ـ فشكا إليه من الغنيّ.
فقال له النّبيّ : اذهب إلى بيتك وراجعني.
ثمّ إنّه ـ عليه السّلام ـ قام بنفسه إلى ذلك الغنيّ فقال له : تبيعني نخلتك الفلانيّة الّتي (٣) في بيت (٤) فلان الفقير بنخلة في الجنّة؟
فقال : لا.
فما زال النّبيّ ـ عليه السّلام ـ يزيده نخلة نخلة في الجنّة حتّى بلغها عشر نخلات ، فلم يسمح بها ، غير أنّه قال : والله ، ما أبيعها إلّا بما أظنّ لا (٥) أعطاه في الدّنيا ، وهي حديقة عليّ بن أبي طالب ؛ الحسنى.
__________________
(١) ج ، د ، م زيادة : نخل.
(٢) م زيادة : بالمدينة.
(٣) م زيادة : لك.
(٤) ج ، د ، م : دار.
(٥) ليس في أ.
فتركه النّبيّ ـ عليه السّلام ـ وولّى عنه. فعرف عليّ ـ عليه السّلام ـ ذلك ، فجاء (١) بنفسه الكريمة إلى ذلك الغنيّ [فساومه وحكى له ما جرى للنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ معه ، وقال له عليّ ـ عليه السّلام ـ : قد اشتريتها منك إن بعت.
فقال : قد بعتكها بالحسنى. وافترقا.
فجاء عليّ ـ عليه السّلام ـ إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : يا رسول الله ، إنّ النّخلة الفلانيّة الّتي في دار فلان الفقير للغنيّ فلان قد صارت لي ، وقد جعلتها لفلان الفقير وأولاده.
ففرح النّبيّ ـ عليه السّلام ـ بذلك ، فأحضر الفقير عنده فقال له : إنّ النّخلة قد صارت لك] (٢).
فنزل جبرئيل ـ عليه السّلام ـ على النّبيّ ـ عليه السّلام ـ بالآية ، فقرأها عليّ ـ عليه السّلام ـ وبشّره بالجنّة.
ومن أسماء الجنّة : الحسنى.
قوله ـ تعالى ـ : (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) (٩) ؛ يعني : ذلك الغنيّ كذّب بالجنّة ، وبخل بما طلب النّبيّ ـ عليه السّلام ـ.
(فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) (١٠) ؛ يعني : النّار.
ومن أسماء النّار : العسرى.
وقال قوم من المفسّرين : نزلت الآية في الوليد بن المغيرة وأبي سفيان بن
__________________
(١) أ : وجاء.
(٢) ما بين المعقوفتين في م : بياض.
حرب ، وتكذيبهما بالجنّة (١).
قوله ـ تعالى ـ : (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى) (١١) ؛ أي : وما ينفعه ماله إذا تردّى في النّار ؛ يعني : ذلك الغنيّ المنافق الكافر (٢).
قوله ـ تعالى ـ : (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) (١٤) ؛ أي : تلهب.
قوله ـ تعالى ـ : (لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي) ؛ مثل : ذلك الغنيّ الكافر (٣).
قوله ـ تعالى ـ : (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) (١٧) ؛ مثل : عليّ ـ عليه السّلام ـ وأصحابه.
(الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى) (١٨) ؛ أي : يتصدّق به. وكذا فعل عليّ ـ عليه السّلام ـ تصدّق بجميع ما غرسه بيده ، وما ملكه من الحدائق.
قوله ـ تعالى ـ : (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضى) (٢١) ؛ أي : يرضى بما يعطيه الله ـ تعالى ـ في الجنّة.
__________________
(١) تفسير أبي الفتوح ١٢ / ١٠٥ نقلا عن الكلبيّ : إنّها نزلت في حق أبو سفيان بن حرب.
(٢) سقط من هنا الآيتان (١٢) و (١٣)
(٣) سقط من هنا قوله تعالى : (كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (١٦)
ومن سورة الضّحى (١)
إحدى عشرة آية.
وهي مكيّة (٢).
ورد في أخبارنا ، عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام ـ : أنّ هذه السّورة والّتي بعدها سورة واحدة (٣).
قوله ـ تعالى ـ : (وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى) (٢) (٤) :
«الضّحى» ساعة من ساعات النّهار ، أقسم الله ـ تعالى ـ بها.
قوله ـ تعالى ـ : «واللّيل إذا سجى» (٥) الكلبيّ (٦) : اسودّ وأظلم (٧).
__________________
(١) ج زيادة : وهي.
(٢) ج زيادة : بغير خلاف.
(٣) روي الطبرسي عن العيّاشي بإسناده عن المفضّل بن صالح ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : سمعته يقول : لا تجمع سورتين في ركعة واحدة إلّا (الضُّحى) و (أَلَمْ نَشْرَحْ) و (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ) و (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) مجمع البيان ١٠ / ٨٢٧ وعنه كنز الدقائق ١٤ / ٣١٥ ونور الثقلين ٥ / ٥٩٣.
(٤) ج ، د زيادة : قيل.
(٥) ج ، د زيادة : قال.
(٦) ليس في ج.
(٧) مجمع البيان ١٠ / ٧٦٤ نقلا عن الضّحّاك.