نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٥

محمّد بن الحسن الشيباني

نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٥

المؤلف:

محمّد بن الحسن الشيباني


المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٤٤٦

مقاتل قال : غشى بظلمته ضوء النّهار (١).

الضّحّاك قال (٢) : إذا أظلم (٣).

قتادة وأبو عبيدة ومجاهد قالوا : إذا سكن (٤) وفتر (٥) ومنه : طرف ساج ؛ أي :

ساكن فاتر. وبحر ساج ؛ أي : ساكن. وليل داج ، مثله (٦).

قوله ـ تعالى ـ : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) (٣) :

ويقرأ : «ما ودعك ربّك» بالتّخفيف.

روي : أنّ السّبب في هذه الآية ، أنّ الوحي كان قد انقطع عن النّبيّ ـ عليه السّلام ـ أربعين يوما ، فقال المنافقون واليهود : قد قلاه ربّه وودّعه. فأنزل الله ـ تعالى ـ على نبيّه ـ عليه السّلام ـ الآية تكذيبا لهم وردّا عليهم ، فقال (٧) : «ما ودّعك ربّك وما قلى» ؛ أي : ما أبغظك ولا هجرك (٨).

وقال الزّجّاج : ما قطع ربّك الوحي عنك بغضة (٩).

قوله ـ تعالى ـ : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (٥) ؛ يعني : يعطيك

__________________

(١) التبيان ١٠ / ٣٦٨ نقلا عن الحسن.

(٢) ليس في د.

(٣) تفسير الطبري ٣٠ / ١٤٧ نقلا عن بعض أهل التأويل.

(٤) ج : أسكن.

(٥) أ : وقرّ.

(٦) مجاز القرآن ٢ / ٣٠٢.

(٧) ج : وقال.+ أ زيادة : و.

(٨) أنظر : تفسير الطبري ٣٠ / ١٤٨.

(٩) التبيان ١٠ / ٣٦٨ نقلا عن ابن عباس.+ سقط من هنا الآية (٤)

٣٨١

ربّك (١) من الثّواب والملك في الآخرة والجنّة والشّفاعة ، في أمّتك ، ما يرضيك.

ثمّ عدّد نعمه على نبيّه ـ عليه السّلام ـ فقال : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى) (٦) :

السدّي ، عن ابن عبّاس قال : فآواك إلى جدّك ؛ عبد المطّلب ، وإلى عمّك ؛ أبي طالب ـ رحمة الله عليهما ـ وضمّك إليهما فأحسنا تربيتك (٢).

وكان ـ عليه السّلام ـ يسمّى : يتيم (٣) أبي طالب ، لأنّه كفله وربّاه ونصره. ولم يزل ذلك اسمه حتّى تزّوج بخديجة بنت خويلد ـ رحمة الله عليها ـ فأغنته بما لها.

وكان الّذي تولّى تزويجه بها عمّه ؛ أبو طالب ، وخطب الخطبة حيث حضر وكفل على نفسه الصّداق ، وساق إليها (٤) عشرين بكرة.

فقال في خطبته : الحمد لله الّذي جعلنا من ذرّيّة إبراهيم وفرع إسماعيل ، وجعل لنا بلدا حراما وبيتا محجوجا ، وجعلنا الحكّام على النّاس. وبعد : فإن ابن أخي هذا من لا يوازنه فتى من قريش إلّا رجح به فضلا وعلما وكرما ونبلا ، وإن كان في المال قلّا. فإنّما المال ظلّ زائل ، وعارية مستردّة. وله في خديجة بيت خويلد رغبة ولها فيه (٥) مثل ذلك ، وما أحببتم من الصّداق فعليّ.

ثمّ ساق إليهم الصّداق عشرين بكرة. وأجمع علماء الإسلام والجاهليّة ، أنّ هذه الخطبة أفضل خطب الجاهليّة وأفصحها.

__________________

(١) ليس في م.

(٢) التبيان ١٠ / ٣٦٩ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٣) ج : بيتيم.

(٤) م : إليهم.

(٥) ليس في أ.

٣٨٢

قوله ـ تعالى ـ : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) (٧) : قال (١) : معناه (٢) :

ووجدك (٣) في قوم ضلّال فهداك وهدى إليك (٤).

الزّجّاج قال : لم يكن ـ عليه السّلام ـ (٥) يدري القرآن ولا الشّرائع (٦) ، فهداه الله إلى ذلك (٧).

مجاهد قال : وجدك ضالّا بين مكّة والمدينة فهداك (٨).

وقال غيره ، [مثل ذلك] (٩).

قوله ـ تعالى ـ : (وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) (٨) ؛ أي : وجدك فقيرا ، فأغناك بمال خديجة ـ رحمة الله عليها ـ.

قوله ـ تعالى ـ : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) (٩) :

الكلبيّ قال : فلا تظلمه ، وادفع حقّه إليه (١٠).

الفرّاء قال : لا تقهره فتذهب بحقّه (١١).

__________________

(١) ج ، د ، م : قالا.

(٢) ليس في م.

(٣) ج ، د : وجدك.

(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ١٤٩.

(٥) ليس في أ ، د.

(٦) د : والشّرائع.

(٧) مجمع البيان ١٠ / ٧٦٦ نقلا عن الحسن.

(٨) التبيان ١٠ / ٣٦٩ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٩) ليس في ج ، د ، م.+ التبيان ١٠ / ٣٦٩ من دون نسبة القول إلى أحد.

(١٠) تفسير الطبري ٣٠ / ١٤٩ من دون نسبة القول إلى أحد.

(١١) معاني القرآن ٣ / ٢٧٤.

٣٨٣

قوله ـ تعالى ـ : (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) (١٠) :

مقاتل قال : أطعمه ولا تنهره (١).

قتادة قال : ردّه برحمة ولين ورفق (٢).

الفرّاء قال : إمّا أعطيته ، وإمّا رددته ردّا ليّنا (٣).

مقاتل قال : لا تزجره (٤).

عليّ بن إسحاق قال : لا تصيح (٥) عليه إذا رددته (٦).

قوله ـ تعالى ـ : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (١١) :

الكلبيّ قال : أظهر الشّكر لله ـ تعالى ـ (٧).

غيره قال : تحدّث بها (٨).

قال النّبيّ ـ عليه السّلام ـ : التّحدّث بالنّعم شكر (٩).

مقاتل قال : ما ذكر لك من النّعم والصّنائع فحدّث بها (١٠). وكان ممّا (١١) أنعم

__________________

(١) تفسير الطبري ٣٠ / ١٤٩ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٢) مجمع البيان ١٠ / ٧٦٧ من دون نسبة القول إلى أحد : ان تردّه ردّا لينا ونقلا عن أبي مسلم ١٠ / ٧٦٨ : فاعط سائلك وارحمه.

(٣) معاني القرآن ٣ / ٢٧٥.

(٤) كشف الأسرار ١٠ / ٥٢٨ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٥) م : لا تصح.

(٦) التبيان ١٠ / ٣٧٠ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٧) تفسير القرطبي ٢ / ١٠٢ من دون نسبة القول إلى أحد : أنشر ما أنعم الله عليك بالشّكر.

(٨) التبيان ١٠ / ٣٧٠.

(٩) تفسير أبي الفتوح ١٢ / ١١٦ ومجمع البيان ١٠ / ٧٦٨.

(١٠) ج ، د ، م : به.

(١١) ج ، د ، م : من أعظم ما.

٣٨٤

الله به عليك القرآن وأمرك أن تقرأه ، فحدّث به النّاس (١٢).

الزّجّاج قال : تحدّث بجميع ما أرسلت به ، وحدّث بالنّبوّة والكتاب الّذي أتاك من الله ـ تعالى ـ. وهو أجلّ النّعم عليك وأفضلها (١٣).

__________________

(١٢) مجمع البيان ١٠ / ٧٦٨ نقلا عن الكلبيّ.

(١٣) مجمع البيان ١٠ / ٧٦٨.

٣٨٥

ومن سورة ألم نشرح (١)

ثمان آيات ، مكيّة (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) (١) ؛ يريد : بفتح مكّة ؛ لأنّهم صدّوه عنها فضاق صدره بصدّه عنها ، [وجعلوه ذنبا] (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) (٢) ؛ يعني بالوزر ، هاهنا : الّذي اعتقدوه بالصّدّ لك عنها وجعلوه ذنبا (٤).

وقيل : «وضعنا عنك وزرك» ؛ أي : ورفعنا (٥) عنك ثقل السّلاح ومعاناة الحرب بفتح مكّة (٦).

والوزر ، عند العرب ، يعبّر به عن السّلاح. قال الشّاعر :

__________________

(١) ج زيادة : وهي.

(٢) ج زيادة : بغير خلاف.

(٣) ليس في ج ، د ، م.

(٤) ج ، د ، م زيادة : لك.

(٥) أ : رفعناه.

(٦) أنظر : تفسير أبي الفتوح ١٢ / ١١٨.

٣٨٦

وأعددت للحرب أوزارها

رماحا طوالا وخيلا ذكورا (١)

قوله ـ تعالى ـ : (الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) (٣) ؛ أي : أوقره.

الضّحّاك قال : «الّذي أنقض ظهرك» ؛ يعني : أعباء النّبوّة ، والأمر لك بالتّأدية لما [أمرت به] (٢).

وقيل : «أنقض ظهرك» [حتّى سمع له (٣) نقيضه ؛ أي : صوته (٤).

وقيل : «أنقض ظهرك» ؛ أي :] (٥) أهزله (٦). ومنه قول الشّاعر :

فأتوك أنقاضا على أنقاض (٧)

أي : مهازيل (٨) على مهازيل من النّياق.

والنّقض البعير المهزول ، عندهم. وكذلك الحسير ، وهو الذي حسره السّيل ؛ أي : أهزله.

قوله ـ تعالى ـ : (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) (٤) :

الكلبيّ ومقاتل والسدي قالوا : رفع الله ذكر نبيّه محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ فلا يذكر ـ سبحانه ـ في موضع إلّا ويذكر معه (٩).

__________________

(١) للأعشي لسان العرب ٥ / ٢٨٢ في مادّة «وزر».

(٢) ليس في د.+ مجمع البيان ١٠ / ٧٧٠ نقلا عن أبي عبيدة.

(٣) ليس في م.

(٤) مجمع البيان ١٠ / ٧٧٠ نقلا عن الزجاج.

(٥) ليس في أ.

(٦) تفسير أبي الفتوح ١٢ / ١١٨ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٧) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٨) م : مهازيلا.

(٩) تفسير الطبري ٣٠ / ١٥١ نقلا عن رسول الله صلّى الله عليه وآله.

٣٨٧

قتادة قال : ما من خطيب ولا شهيد ولا صاحب صلاة إلّا ويشهد : أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا رسول الله (١).

قوله ـ تعالى ـ : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (٦) :

روي عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال : لن يمنع ـ إن شاء الله ـ عسر واحد يسرين (٢).

قال بعض علماء النّحو : إنّه ـ سبحانه ـ (٣) ذكر العسر بلام التّعريف ونكّر اليسر ، فعلم أنّ العسر الثّاني هو الأوّل (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) (٧) :

مقال قال : فإذا فرغت من الصّلاة والسّجود ، وأنت جالس قبل أن تسلّم ، فانصب في الدّعاء إلى الله ـ تعالى ـ والمسألة (٥).

السدّي قال : اذكر حوائجك لدنياك ، موافقة لقوله ـ تعالى ـ : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ ، وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) (٦) ـ تعالى ـ (٧).

وعن الحسن البصريّ قال : إذا فرغت من جهاد عدّوك فانصب في عبادة ربّك

__________________

(١) تفسير الطبري ٣٠ / ١٥١.

(٢) روي الطبرسي عن الحسن قال خرج النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يوما مسرورا فرحا وهو يضحك ويقول : لن يغلب عسر يسيرين. مجمع البيان ١٠ / ٧٧١ وعنه كنز الدقائق ١٤ / ٣٣٥ ونور الثقلين ٥ / ٦٠٤.

(٣) أ زيادة : أنه.

(٤) مجمع البيان ١٠ / ٧٧١ نقلا عن الفراء والزّجّاج.

(٥) مجمع البيان ١٠ / ٧٧٢.

(٦) الجمعة (٦٢) / ١٠.

(٧) قال الزهري إذا فرغت من الفرائض فادع بعد التشهد بكل حاجتك. مجمع البيان ١٠ / ٧٧٢.

٣٨٨

وإلى ثوابه ، وارغب في الدّعاء والمسألة (١).

__________________

(١) تفسير الطبري ٣٠ / ١٥٢.+ سقط من هنا الآية (٨)

٣٨٩

ومن سورة التّين (١)

ثمان آيات.

مكيّة بغير خلاف.

قوله ـ تعالى ـ : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) (١) اللّذان يؤكلان. وهو أحد قولي الفرّاء (٢).

وقيل : هما جبلان بالشّام ، ينبتان التّين والزّيتون (٣).

وعن قتادة وكعب قالا : هما مسجد دمشق وبيت المقدّس (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (وَطُورِ سِينِينَ) (٢) :

وروي عن موسى بن جعفر ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال : إنّ الله ـ تعالى ـ اختار من البلدان أربعة : التّين وهو المدينة ، والزّيتون وهو بيت (٥) المقدس ، وطور سينين

__________________

(١) ج زيادة : وهي.

(٢) تفسير الطبري ٣٠ / ١٥٣ نقلا عن مجاهد.

(٣) معاني القرآن ٣ / ٢٧٦.

(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ١٥٣ نقلا عن الكعب وحده.

(٥) ج ، د : البيت.

٣٩٠

وهو الكوفة (١) ، و (٢) البلد الأمين وهو مكّة (٣).

(وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) (٣) ؛ يعني : مكّة ، أمن من [لجأ إليها (٤)] (٥).

ومخرج القسم قوله : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (٤) ؛ أي : في أعدل خلق ، وأحسن صورة.

وقال عكرمة : وهو الشّباب (٦).

قوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) (٥) ؛ أي : إلى أرذل العمر. عن مقاتل وقتادة وعكرمة ، وهو أحد قولي الكلبيّ (٧).

وقيل : من أدركه الهرم والمرض والكبر ، وهو على طريقة حسنة ، كتب الله له مثل ما كان يعمله وهو صحيح الحواسّ (٨).

__________________

(١) أ زيادة : قوله تعالى وهذا.

(٢) ليس في أ.

(٣) م زيادة : أمن من لجأ إليه.+ روي الصدوق عن الحسين بن أحمد بن إدريس عن أبيه عن محمد بن أحمد عن أبي عبد الله الرّازي ، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان عن موسى بن بكر عن أبي الحسن الأول عليه السّلام قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إنّ الله تبارك وتعالى ـ اختار من كل شيء أربعة ... واختار من البلدان أربعة فقال عزّ وجلّ (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) فالتين المدينة والزّيتون بيت المقدّس وطور سينين الكوفة وهذا البلد الأمين مكّة. الخصال / ٢٢٥ وعنه كنز الدقائق ١٤ / ٣٤٠ ونور الثقلين ٥ / ٦٠٤ والبرهان ٤ / ٤٧٧ والبحار ٦٠ / ٢٠٤ وج ٩٩ / ٧٧ و٣٨٣ وج ١٠٠ / ٣٩٢.

(٤) ج ، د : إليه.

(٥) ليس في م.

(٦) تفسير الطبري ٣٠ / ١٥٦.

(٧) تفسير الطبري ٣٠ / ١٥٧ نقلا عن عكرمة.

(٨) تفسير الطبري ٣٠ / ١٥٨ نقلا عن إبراهيم.

٣٩١

مقاتل والضّحّاك قالا (١) : يكتب له في كبره وهرمه ما كان يكتب له في صغره وشبابه وصحّته وقوّته (٢).

وعن ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ قال : يكتب له بعد الممات مثل ما يكتب له في حال الحياة (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ) (٧) ؛ أي : فما يحملك على التّكذيب بالدّين ، أيّها الإنسان ، بعد العلم واليقين (٤).

__________________

(١) ليس في ج.

(٢) تفسير الطبري ٣٠ / ١٥٨ نقلا عن ابن عبّاس.

(٣) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.+ سقط من هنا الآية (٦)

(٤) سقط من هنا الآية (٨)

٣٩٢

ومن سورة العلق (١)

تسع عشرة آية (٢) ، مكيّة (٣).

روي : أنّها أوّل سورة نزلت على النّبيّ ـ عليه السّلام ـ وبعدها المدّثّر والمزّمّل (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) :

«الباء» صلة.

والثّاني : اقرأ باسم ربّك القرآن ، الّذي أنزلناه إلى سماء الدّنيا ليلة القدر في شهر رمضان جملة واحدة.

__________________

(١) ج زيادة : وهي.

(٢) ليس في ج.

(٣) ج زيادة : بغير خلاف.

(٤) روى الكليني عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد وسهل بن زياد عن منصور بن العبّاس عن محمّد بن الحسن السّري عن عمّة عليّ بن السّري عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : أوّل ما نزل على رسول الله صلّى الله عليه وآله (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) وآخره (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ). الكافي ٢ / ٦٢٨ وعنه وعن غيره كنز الدقائق ١٤ / ٣٤٥ و٣٤٦ ونور الثقلين ٥ / ٦٠٩.

٣٩٣

و «ليلة القدر» وهي ليلة الحكم يقضي الله فيها أمر السّنة من أوّلها إلى آخرها ، من الأرزاق والأعمار والآجال. وهي اللّيلة المباركة. في قول مقاتل وغيره (١).

قوله ـ تعالى ـ : (الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) (٢) ؛ أي : من دم.

قوله ـ تعالى ـ : (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) (٣) : هذا من أبنية المبالغة.

قوله ـ تعالى ـ : (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) (٤) ؛ أي : علّم بالقلم (٢) الحظّ (٣) ؛ يعني : الكتابة.

قوله ـ تعالى ـ : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) (٥) :

قيل : يعني : آدم ـ عليه السّلام ـ (٤).

وقيل : هو عامّ (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) (٧) :

قيل : نزلت هذه الآية في أبي جهل بن هشام (٦).

و «كلّا» توبيخ وتهديد وتأكيد ؛ كقوله : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ، ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ

__________________

(١) مجمع البيان ١٠ / ٧٨٦ نقلا عن الحسن.

(٢) ليس في ج.

(٣) ج : بالخطّ.

(٤) مجمع البيان ١٠ / ٧٨١.

(٥) تفسير القرطبي ٢٠ / ١٢٢.

(٦) مجمع البيان ١٠ / ٧٨٢.

٣٩٤

تَعْلَمُونَ) (١).

(إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) (٨) ؛ أي : الرّجوع والمرجع.

قوله ـ تعالى ـ : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (٩) عَبْداً إِذا صَلَّى) (١٠) :

قيل : هو أبو جهل بن هشام كان ينهى [النّبيّ ـ عليه السّلام ـ] (٢) عن الصّلاة (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى) (١١) :

«الهدى» (٤) ؛ أي : قد كان على الهدى ؛ [يعني : النّبيّ] (٥) ـ صلّى الله عليه وآله ـ (٦).

(أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) (١٤) ؛ أي : يعلم المخلص في عبادته.

قوله ـ تعالى ـ : (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) : تهدّد ووعيد لأبي جهل.

(لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) (١٥) ؛ أي : لنأخذن بناصيته. وهذه النّون نون التّأكيد الخفيفة.

قوله ـ تعالى ـ : (ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) (١٦) ؛ يعني : ناصية أبي جهل.

و «النّاصية» مقدّم الرّأس.

قوله ـ تعالى ـ : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) (١٧) ؛ يعني : أبا جهل ؛ أي : جماعته.

__________________

(١) التكاثر (١٠٢) / ٤.

(٢) ليس في د.

(٣) تفسير الطبري ٣٠ / ١٦٣ نقلا عن مجاهد.

(٤) ليس في ج ، د ، م.

(٥) ليس في ج ، م.

(٦) سقط من هنا الآيتان (١٢) و (١٣)

٣٩٥

(سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) (١٨) : [وهم بمنزلة الشّرط] (١) والأعوان ، وهم الزّبانية ، وهم يعملون بالأيدي والأرجل.

قال أبو عبيدة : واحدهم ، زبنية. و «الزّبن» الدّفع ، وهم خزنة النّار يعملون بأيديهم وأرجلهم يدفعون بها الكفّار إلى النّار (٢).

__________________

(١) ج ، د ، م : يعني : زبانية النّار ، يعني : الملائكة.

(٢) مجاز القرآن ٢ / ٣٠٤.+ سقط من هنا الآية (١٩)

٣٩٦

ومن سورة القدر (١)

خمس آيات ، مكيّة (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (١) ؛ يعني : القرآن المجيد ، أنزله الله ـ عزّ وجلّ ـ في شهر رمضان جملة واحدة إلى سماء الدّنيا في اللّيلة المباركة ، وهي ليلة القدر. ثمّ أنزل على النّبيّ ـ عليه السّلام ـ متفرّقا في ثلاث وعشرين سنة ، بحسب الحاجة وما اقتضته المصلحة.

وسمّيت ليلة القدر ، لأنّ الله ـ سبحانه ـ قدّر فيها الآجال والأرزاق والأعمار من أوّل السّنة إلى آخرها.

وقيل : سمّيت بذلك ، لعظمها وشرفها (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) (٢) تعظيما لها ، وتبيينا (٤)

__________________

(١) ج زيادة : وهي.

(٢) ج زيادة : بغير خلاف.

(٣) التبيان ١٠ / ٣٨٥.

(٤) د : تثبيتا.

٣٩٧

وتشريفا [لليلة القدر] (١).

قوله ـ تعالى ـ : (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (٣) :

[قيل : «خير من ألف شهر»] (٢) ليس فيها ليلة القدر (٣).

وقال مجاهد : العمل فيها خير من العمل [في ألف شهر لا يكون فيها ليلة القدر] (٤).

وروي عن الصّادق ؛ جعفر بن محمّد ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : أراد بألف (٥) شهر ، هاهنا (٦) : الأشهر (٧) الّتي وليها ملوك (٨) بني أميّة ، وكانوا أربعة عشر ، وقد (٩) تغلّبوا فيها على ذرّيّة محمّد ـ عليه السّلام ـ وأحدثوا فيها أحداثا استوجبوا بها العار واللّعنة في الدّنيا والنّار في الآخرة (١٠).

قوله ـ تعالى ـ : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها) ؛ يعني : ملائكة السّماء ، من

__________________

(١) ليس في م.+ أ زيادة : قوله ـ تعالى ـ : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ) يعني : القرآن المجيد أنزله الله عزّ وجلّ في شهر رمضان جملة واحدة إلى سماء الدنيا.

(٢) ليس في د.

(٣) تفسير الطبري ٣٠ / ١٦٧ نقلا عن قتادة.

(٤) ليس في د.+ تفسير الطبري ٣٠ / ١٦٧.

(٥) م : بالألف.

(٦) م : هنا.

(٧) ليس في أ.

(٨) ليس في د ، م.

(٩) ليس في ج ، د ، م.

(١٠) ورد مؤدّاه في الكافي ٤ / ١٥٩ وج ٨ / ٢٢٢ والصحيفة السجّادية / ١٤ ـ ١٦ وعنها كنز الدقائق ١٤ / ٣٦٢ ـ ٣٦٣ ونور الثقلين ٥ / ٦٢١ و٦٢٢ وعن الأوّل البرهان ٤ / ٤٨٧ وفي البحار ٢٥ / ٧٠ و٩٦ وج ١٨ / ١٢٧.

٣٩٨

البيت المعمور إلى الكعبة المشرّفة والمساجد المعظّمة في الدّنيا.

و «الرّوح» هاهنا ، جبرئيل ـ عليه السّلام ـ.

وقيل : ملك عظيم ، عظيم (١) الخلقة هائلها. إذا نشر أجنحته ، غطّت الأفق من المشرق إلى المغرب (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) (٤) ؛ أي (٣) : في كلّ أمر يأمر الله ـ تعالى ـ به.

قوله ـ تعالى ـ : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (٥) ؛ [أي : سلامة هي حتّى مطلع الفجر] (٤) صلاته من تلك اللّيلة المباركة.

مقاتل قال : هي بركة وخير وسلامة إلى طلوع الفجر (٥).

السدي قال ـ أيضا ـ (٦) إلى طلوع الفجر (٧).

__________________

(١) ليس في ج ، د.

(٢) كشف الأسرار ١٠ / ٥٦٢ : هو ملك عظيم يفي بخلق من الملائكة.

(٣) ليس في ج.

(٤) ليس في ج.

(٥) تفسير الطبري ٣٠ / ١٦٨ نقلا عن قتادة.

(٦) ليس في ج ، د ، م.

(٧) تفسير الطبري ٣٠ / ١٦٨ نقلا عن ابن زيد.

٣٩٩

ومن سورة البيّنة (١)

تسع (٢) آيات ، مكيّة.

قوله ـ تعالى ـ : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) :

الكلبيّ ومقاتل قالا : هم اليهود والنّصارى والمشركون (٣).

السدي ومقاتل قالا : عنى : اليهود والنّصارى (٤) الّذين قالوا : عزير بن الله ، والمسيح عيسى بن مريم بن الله (٥).

الفرّاء قال : لم يكونوا (مُنْفَكِّينَ) ؛ [أي : لم يكونوا تاركين] (٦) صفة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ حتّى ظهر. فتفرّقوا ، وتركوا صفة النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ الّتي في كتبهم ، وكفروا به (٧).

__________________

(١) ج زيادة : وهي.

(٢) ج : ثمان.

(٣) تفسير الطبري ٣٠ / ١٦٩ نقلا عن بعض أهل التأويل.

(٤) ج ، د ، م زيادة : والمشركين.

(٥) تفسير الطبري ٣٠ / ١٧٠ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٦) ليس في د.

(٧) معاني القرآن ٣ / ٢٨١.

٤٠٠