نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٥

محمّد بن الحسن الشيباني

نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٥

المؤلف:

محمّد بن الحسن الشيباني


المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٤٤٦

الضّحّاك قال : «الشّاهد» القبر ، و «المشهود» يوم القيامة. من قوله ـ تعالى ـ : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ ، وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) (١).

يوسف المكّي والسدّي يرويان ، عن ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ والحسين بن عليّ [بن أبي طالب] (٢) ـ عليهما السّلام ـ أنّهما قالا : «الشّاهد» محمّد [رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٣). لقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) (٤).

و «المشهود» يوم القيامة ، من قوله ـ تعالى ـ : «ذلك يوم مجموع له النّاس ، وذلك يوم مشهود» (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) (٤) :

الكلبيّ (٦) قال : لقد قتل أصحاب الأخدود (٧). وهو [مخرج القسم.

__________________

(١) هود (١١) / ١٠٣.+ لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٢) ليس في م.

(٣) ليس في م.

(٤) الفتح (٤٨) / ٨.

(٥) هود (١١) / ١٠٣.+ تفسير الطبري ٣٠ / ٨٣ نقلا عن ابن عبّاس والحسن بن علي ـ عليهما السّلام ـ وتفسير أبي الفتوح ١٢ / ٤٢ نقلا عن الحسين بن عليّ عليهما السّلام.

(٦) ليس في ج ، د ، م.

(٧) مجمع البيان ١٠ / ٧٠٥ نقلا عن الفراء.

٣٤١

مقاتل وقتادة قالا : مخرج القسم (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) (٨) ؛ أي : أخذه (٩).

و «الأخدود»] (١٠) شقّ عظيم في الأرض.

وقيل : شقّ مستطيل. وجمعه أخاديد (١١). أمرهم بحفره (١٢) ذو نؤاس ، من ملوك العرب من الأذواء (١٣) ، ألقى فيه قوما مؤمنين من رعيّته ، وكان قد (١٤) أضرم فيه نارا وهو جالس على حافّته يشاهد إحراقهم (١٥) فأكلتهم النّار ، واشتدّ لهيبها (١٦) فطغت فأكلت ذا نؤاس وأصحابه.

وروي عن عليّ ـ عليه السّلام ـ : أنّ أصحاب الأخدود ملك من ملوك الحبشة كان (١٧) قد أمر بحفرة ، [وأحرق] (١٨) فيه نبيّا وجماعة من المؤمنين ، فطغت النّار فأكلته وأصحابه ولم يمكنهم (١٩) الهرب منها (٢٠).

__________________

(٨) البروج (٨٥) / ١٢.

(٩) تفسير الطبري ٣٠ / ٨٦ نقلا عن قتادة.

(١٠) ليس في ج.

(١١) كشف الأسرار ١٠ / ٤٣٩ من دون نسبة القول إلى أحد.

(١٢) ج : لحفره.

(١٣) ج ، د ، م : الأزد.+ ج ، د زيادة : و.

(١٤) ليس في ج.

(١٥) ج ، د ، م : احتراقهم.

(١٦) د ، م : لهبها.

(١٧) ليس في د.

(١٨) ليس في ج.

(١٩) ج ، د ، م : يمكنه.

(٢٠) يظهر ممّا روي عن عليّ عليه السّلام أنّ نبيّا حبشيا ومن بعثه طرحوا في النّار واحرقوا وأمّا طغيان النّار فأكلها إيّاهم فلم لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر. انظر : بحار الأنوار ١٤ / ٤٣٨ ـ ٤٤٤ ، البرهان ٤ / ٤٤٧ وكنز الدقائق ١٤ / ٢١٥ ونور الثقلين ٥ / ٥٤٧.

٣٤٢

وقال مقاتل : «أصحاب الأخدود» كانوا قبل مولد النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ بتسعين سنة ، وهو ذو نؤاس وأصحابه (١).

قوله ـ تعالى ـ : (النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ) (٥) ؛ أي : ذات الحطب. وهي مجرورة بالبدل من «الأخدود».

قوله ـ تعالى ـ : (إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ) (٦) ؛ يعني : يتفرّجون على إحراقهم (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ) (٧) ؛ أي : حضور (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) ؛ يعني : الّذين (٤) أحرقوهم بالنّار.

و «الفتنة» النّار (٥) من قوله ـ تعالى ـ : (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) (٦) ؛ أي : يعذّبون ويحرقون.

__________________

(١) قال مقاتل كان أصحاب الأخدود ثلاثة واحد بنجران والآخر بالشّام والآخر بفارس حرقوا بالنّار أمّا الّذي بالشّم فهو أنطياخوس الرومي وأمّا الّذي بفارس فهو بخت نصر وأمّا الّذي بأرض العرب فهو يوسف بن ذي نواس. مجمع البيان ١٠ / ٧٠٧.

(٢) ج : احتراقهم.

(٣) سقط من هنا الآيتان (٨) و (٩)

(٤) ليس في ج ، د ، م.

(٥) م : العذاب بالنّار.

(٦) الذاريات (٥١) / ١٣.

٣٤٣

قوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) (١٠) ؛ يريد : في الدّنيا (١).

__________________

(١) سقط من هنا الآيات (١١) ـ (٢٢)

٣٤٤

ومن سورة الطّارق

وهي ستّ (١) عشرة آية.

مكيّة بلا خلاف (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ) (١) ؛ أي : الكواكب تطرق باللّيل ، وتخفى بالنّهار. عن مقاتل (٣).

الفرّاء قال : «الطّارق» النّجم ، لأنّه يطرق باللّيل. وكلّ من أتاك ليلا (٤) ، فهو طارق (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) (٣) :

[قيل : «النّجم» الثّريّا عند العرب] (٦).

__________________

(١) ج : سبع.

(٢) ليس في ج.

(٣) تفسير الطبري ٣٠ / ٩٠ نقلا عن قتادة.

(٤) ج : بالليل.

(٥) سقط من هنا الآية (٢).+ معاني القرآن ٣ / ٢٥٤.+ في جميع النسخ زيادة : وقيل : النّجم الثريّا عند العرب. وبما أنّ هذه العبارة تأتي بعد سطرة حذفناها من المتن.

(٦) ليس في ج ، د ، م.+ تفسير الطبري ٣٠ / ٩١ نقلا عن ابن زيد.

٣٤٥

[و «الثّاقب»] (١) ؛ يعني : المتوقّد المضيء.

وذكر السدي (٢) : إنّما سميّ : ثاقبا ، لأنّه ترمى به الشّياطين فيثقبهم (٣).

وقيل : إنّ «النّجم الثّاقب» هو زحل (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) (٤) ؛ يعني (٥) : إلّا عليها حافظ من الملائكة.

وقوله : «لمّا» مؤكّدة.

أبو عبيدة (٦) : «لمّا» صلة (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ) (٦) ؛ أي : مدفوق في الرّحم. عن الفرّاء (٨).

قوله ـ تعالى ـ : (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) (٧) (٩) ؛ يخرج من صلب الرّجل ، وترائب المرأة ؛ وهي عظام الصّدر ، واحدتها تريبة ، وهي موضع القلادة من الصّدر.

قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ) (٨) :

__________________

(١) ليس في ج ، د ، م.

(٢) م زيادة : أنّه.

(٣) تفسير أبي الفتوح ١٢ / ٥٣ نقلا عن مجاهد.

(٤) تفسير الطبري ٣٠ / نقلا عن ابن زيد.

(٥) م : بمعنى.

(٦) د ، م زيادة : قال.

(٧) مجمع البيان ١٠ / ٧١٣ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٨) تفسير الطبري ٣٠ / ٩١ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٩) ج ، د ، م زيادة : يريد.

٣٤٦

[الكلبيّ ومقاتل والفرّاء قالوا : إنّه لقادر على إحيائه بعد موته (١).

السدي قال (٢) : إنّه لقادر] (٣) على أن (٤) يجعل الشّيخ شابّا ، والشّاب صبيّا ، والصّبيّ طفلا ؛ أي : جنينا (٥).

الحسن قال : إنّه لقادر على أن يجعله عظاما ، ثمّ لحما ، ثمّ مضغة ، ثمّ علقة ، ثمّ نطفة ، ثمّ يردّها إلى الصّلب والتّرائب (٦).

قوله ـ تعالى ـ : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) (٩) ؛ أي : تظهر وتختبر (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ) (١١) ؛ أي : ترجع بالمطر في وقته.

و «الرّجع» الماء. عن مقاتل (٨).

قوله ـ تعالى ـ : (وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ) (١٢) ؛ أي : تصدع بالنّبات.

فأقسم الله ـ تعالى ـ بالسّماء ذات المطر ، والأرض ذات النّبات.

قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣) وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) (١٤) :

[«فصل» ؛ أي : حقّ. و «الهزل»] (٩) اللعب. بل جدّ وحقّ.

__________________

(١) معاني القرآن ٣ / ٢٥٥.

(٢) ليس في م.

(٣) ليس في د.

(٤) أ : أنّه.

(٥) تفسير الطبري ٣٠ / ٩٣ نقلا عن الضّحّاك.

(٦) تفسير الطبري ٣٠ / ٩٣ نقلا عن عكرمة.

(٧) سقط من هنا الآية (١٠)

(٨) التبيان ١٠ / ٣٢٦ من دون ذكر للقائل.

(٩) ليس في ج ، د ، م.

٣٤٧

و «قول فصل» ؛ يعني : القرآن المجيد.

قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً) (١٥) ؛ [أي : يمكرون بك] (١) ويكيدونك كيدا.

(وَأَكِيدُ كَيْداً) (١٦) ؛ أي : أجازيهم على كيدهم ومكرهم.

قوله ـ تعالى ـ : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ) ؛ أي : خلّ عنهم وأجّلهم.

قوله ـ تعالى ـ : (أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (١٧) ؛ أي : أمهلهم إلى [الأجل المعلوم] (٢). وفيه تهديد لهم ووعيد.

__________________

(١) ليس في د.

(٢) ما بين المعقوفتين في م : بياض.

٣٤٨

ومن سورة الأعلى

وهي سبعة عشرة آية.

مكيّة بغير خلاف.

قوله ـ تعالى ـ : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) (١) :

الكلبيّ : صلّ بأمر ربّك الرّفيع العليّ (١).

مقاتل قال : اذكر اسم ربّك ، وهو أن تقول : سبحان الله الأعلى (٢).

صاحب النّظم قال : «الاسم» هاهنا ، صلة (٣) ؛ كقول لبيد (٤) :

إلى الحول ثمّ اسم (٥) السّلام عليكما

[ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر (٦)

قوله ـ تعالى ـ : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) (٢) ؛ أي : أحكم خلقه كلّه.

قوله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) (٣) ؛ أي : خلق فهدى.

__________________

(١) تفسير أبي الفتوح ١٢ / ٥٩ نقلا عن ابن عباس.

(٢) تفسير الطبري ٣٠ / ٩٦ نقلا عن ابن عباس.

(٣) تفسير أبي الفتوح ١٢ / ٥٩ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٤) أ زيادة : شعرا.

(٥) م : أسل.

(٦) تفسير أبي الفتوح ١٢ / ٥٩.

٣٤٩

قيل : هدى الذّكر] (١) إلى الأنثى (٢).

وقيل : الطّفل إلى الثّدي ، والفرخ إلى الحبّ (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى) (٤) ؛ يعني : الحشيش الرّطب والكلأ.

قوله ـ تعالى ـ : (فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى) (٥) : جعله يابسا بعد الخضرة والرّطوبة.

و «الغثاء» ما يقذفه السّيل من جنبات الوادي. و «أحوى» شديد الخضرة.

وقيل : شديد السّواد (٤).

وفي الآية تقديم وتأخير ؛ أي : جعله أحوى ، ثمّ غثاء بعد يبسه.

قوله ـ تعالى ـ : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) (٦) :

بإثبات الألف في «تنسى» وهو إخبار من الله ـ تعالى ـ لا نهيا ؛ لأنّه لو كان نهيا سقطت الألف للجزم.

قوله ـ تعالى ـ : (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) ؛ يريد : من الناسخ والمنسوخ ؛ أي : ممّا (٥) ننسخه ممّا لا يعمل (٦) به ، [وما (٧) لم ننسخه فاعمل (٨) به] (٩). قال ذلك

__________________

(١) ليس في د.

(٢) مجمع البيان ١٠ / ٧٢٠ نقلا عن مقاتل.

(٣) التبيان ١٠ / ٣٢٩ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ٩٨ نقلا عن المجاهد : أسود.

(٥) م : ما.

(٦) م : لم يعمل.

(٧) م : ممّا.

(٨) م : مما عمل.

(٩) ليس في ج.

٣٥٠

السدي (١٠).

وقال الكلبيّ ومقاتل : سنعّمك فلا تنسى ؛ إلّا ما شاء الله أن ينسى (١١).

قوله ـ تعالى ـ : (وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى) (٨) :

الكلبيّ قال : أعمال (١٢) الخير (١٣).

مقاتل قال : يهوّن (١٤) عليك عمل الآخرة (١٥).

السدّي قال : يسهّل (١٦) عليك طريق الجنّة (١٧).

قوله ـ تعالى ـ : (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى) (٩) ؛ أي : قد نفعت الذّكرى المؤمن خاصّة ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (١٨).

صاحب النّظم قال : هذا أمر بشرط (١٩).

قوله ـ تعالى ـ : (سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى) (١٠) الله.

__________________

(١٠) تفسير الطبري ٣٠ / ٩٨ من دون نسبة القول إلى أحد.

(١١) ج ، د ، م : تنساه.+ تفسير الطبري ٣٠ / ٩٨ من دون نسبة القول إلى أحد.+ سقط من هنا قوله تعالى : (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى) (٧)

(١٢) ج ، د ، م : لأعمال.

(١٣) تفسير الطبري ٣٠ / ٩٩ من دون نسبة القول إلى أحد.

(١٤) م : نهوّن.

(١٥) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(١٦) م : نسهّل.

(١٧) التبيان ١٠ / ٣٣١ من دون نسبة القول إلى أحد.

(١٨) الذاريات (٥١) / ٥٥.

(١٩) قال في البحر المحيط ٨ / ٤٥٩ : الظاهر ان الأمر بالتذكير مشروط بنفع الذكرى.

٣٥١

قوله ـ تعالى ـ : (وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى) (١٢) ؛ يعني : نار جهنّم.

قوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) (١٣) ؛ أي : لا يموت فيها (١) موتا قاضيا فيستريح ولا يحيى حياة طيّبة تامّة ، فهو حيّ كميّت.

قوله ـ تعالى ـ : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) (١٥) :

قال الكلبيّ : كلّ من عمل خيرا وتصدق ووصل رحما من ماله ، فقد فاز وظفر [بما أراد] (٢) يوم القيامة (٣).

الفرّاء وقتادة قالا : قد أرضى الله خالقه ـ سبحانه ـ (٤).

«من تزكّى» ؛ أي : تطهّر فصلّى (٥).

عن (٦) ابن عبّاس والحسن قالا : من عمل زاكيا بعد الإسلام من الخير (٧).

مقاتل قال : من أدّى زكاة (٨) ماله (٩).

__________________

(١) ليس في ج ، د ، م.

(٢) ج : بالزّاد.

(٣) مجمع البيان ١٠ / ٧٢١ نقلا عن ابن عبّاس : قد ظفر بالبغية من صار زاكيا بالأعمال الصالحة والورع.

(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ١٠٠ نقلا عن قتادة.

(٥) م : وصلّى.

(٦) ليس في ج ، د ، م.

(٧) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٨) أ : إذا زكّى.

(٩) ليس في د.+ تفسير الطبري ٣٠ / ٩٩ من دون نسبة القول إلى أحد.

٣٥٢

أبو العالية قال : من أدّى زكاة الفطرة وصلّى صلاة العيد (١). وروي مثل هذا (٢) عن الباقر والصّادق ـ عليهما السّلام ـ (٣).

وفي رواية عن ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ وعن (٤) مقاتل قالا : «تزكّى» شهد أن لا إله إلّا الله ، وصلّى الصّلوات الخمس ، و (٥) سبّحه وهلّله وعظمه ومجدّه وذكره بالقرآن العزيز (٦).

الفرّاء قال : تمام هذا ، وتشهد الصّلاة مع الإمام يوم الجمعة (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) (١٦) ؛ يعني : تؤثرون بها (٨) على الآخرة (٩).

قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٨) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) (١٩) ؛ أي : ذكر القرآن ومحمّد في كتب الأنبياء المتقدّمين.

وقال الكلبيّ ومقاتل من قوله : «أفلح» إلى أربع آيات «في الصّحف الأولى» ؛

__________________

(١) تفسير أبي الفتوح ١٢ / ٦٢.

(٢) ليس في ج.

(٣) ورد مؤدّاه في روايات عديدة أنظر : كنز الدقائق ١٤ / ٢٣٦ و٢٣٧ والبرهان ٤ / ٤٥١ ونور الثقلين ٥ / ٥٥٥ و٥٥٦ والبحار ٩ / ٢٥٠ وج ٩٠ / ٣٤٨ وج ٩٦ / ١٠٩.

(٤) ليس في م.

(٥) ليس في أ.

(٦) تفسير الطبري ٣٠ / ١٠٠ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٧) معاني القرآن ٣ / ٢٥٧.

(٨) م : توثرونها.

(٩) سقط من هنا الآية (١٧)

٣٥٣

أي : في (١) كتب الأنبياء (٢) المتقدمين (٣).

قوله ـ تعالى ـ : «صحف إبراهيم وموسى» [يعني صحف إبراهيم] (٤) الّتي أنزلها الله ـ تعالى ـ [عليه ، وهي] (٥) عشرة. وصحف موسى ـ عليه السّلام ـ صحف صغار ، نزلت عليه من السّماء.

وقيل : هي الألواح الّتي نزلت عليه من زبرجد (٦) خضراء ، طولها اثنا عشر ذراعا (٧).

وقيل : بل كانت من سدر الجنّة (٨).

__________________

(١) ليس في ج.

(٢) ليس في ج.

(٣) مجمع البيان ١٠ / ٧٢٢ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٤) ليس في أ.

(٥) ليس في ج.

(٦) ج ، د : زبرجدة.

(٧) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٨) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

٣٥٤

ومن سورة الغاشية (١)

ستّ وعشرون آية ، مكيّة.

قوله ـ تعالى ـ : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) (١) ؛ أي : قد أتاك ، يا محمّد ، حديث الغاشية ؛ أي : حديث السّاعة والقيامة.

قوله ـ تعالى ـ : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (٢) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) (٣) :

النّصب و «التّعب» تعب الأبدان. و «الوصب» تعب القلوب.

قوله ـ تعالى ـ : (تَصْلى ناراً حامِيَةً) (٤) ؛ يعني : شديدة الحرّ. عن الحسن (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) (٥) ؛ أي : قد انتهى حرّها.

قوله ـ تعالى ـ : (لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لا يُسْمِنُ) : وهو طعام أهل النّار.

الفرّاء قال : «الضّريع» نبت ذو شوك شديد الحرّ (٣) ، يقال له (٤) : الشّبرق. فإذا

__________________

(١) ج زيادة : وهي.

(٢) تفسير الطبري ٣٠ / ١٠٢ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٣) ج : شديد.+ ليس في د ، م.

(٤) م : لرطبه.+ ج ، د زيادة : الرطبة.

٣٥٥

يبس (٥) صار سمّا ناقعا (٦).

قوله ـ تعالى ـ : (لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) (٧) بل كلّ ما أكلوا منه ازدادوا جوعا وعطشا.

قوله ـ تعالى ـ : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِها راضِيَةٌ) (٩) ؛ أي : لعملها الخير.

قوله ـ تعالى ـ : (فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (١٠) لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً) (١١) ؛ أي : لا تسمع (٧) فيها من يلغو [فيها بمنطقه] (٨).

قوله ـ تعالى ـ : (فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ) (١٢) ؛ أي : عين عذبة تجري في الجنّة وتنخرق (٩) فيها.

قوله ـ تعالى ـ : (فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ) (١٣) ؛ أي : سرر (١٠) من الجوهر والدّرّ والياقوت.

قوله ـ تعالى ـ : (وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ) (١٤) ؛ أي : شفارق من فضّة بلا عرى ولا بزل.

قوله ـ تعالى ـ : (وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ) (١٥) ؛ أي : وسائد من الدّيباج

__________________

(٥) ليس في د.

(٦) معاني القرآن ٣ / ٢٥٧.

(٧) د : يسمعوا.

(٨) ج ، د ، م : في منطقه.

(٩) م : تنخرف.

(١٠) ليس في د.

٣٥٦

والحرير. واحدها نمرقة.

قوله ـ تعالى ـ : (وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ) (١٦) :

مقاتل والفرّاء قالا : هي طنافس الإبريسم مبسوطة (١).

أبو عبيدة قال : هي البسط من الأبريسم (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) (٢٠) :

إنّما ذكر ـ سبحانه ـ للعرب هذه الأشياء ، دون سائر (٣) مخلوقاته ، لأنّ أكثر دوابّهم الإبل. وذكر لهم الأرض والجبال ، لأنّها منازلهم وأكنانهم. وذكر لهم السّماء ، لأنّها سقفهم.

(فَذَكِّرْ) ؛ يريد : يا محمّد. (إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) (٢٢) ؛ أي : لست عليهم بمسلّط.

وقيل : هي منسوخة بأية القتال (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ) (٢٤) ؛ يعني : يوم القيامة.

(إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ) (٢٥) ؛ أي : مرجعهم.

(ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ) (٢٦).

__________________

(١) معاني القرآن ٣ / ٢٥٨ : هي الطنافس الّتي لها خمل رقيق.

(٢) مجاز القرآن ٢ / ٢٩٦.

(٣) ليس في م.

(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ١٠٦ نقلا عن ابن زيد.

٣٥٧

ومن سورة الفجر (١)

الثلاثون آية ، مكيّة.

قوله ـ تعالى ـ : (وَالْفَجْرِ (١) وَلَيالٍ عَشْرٍ) (٢) : أقسم الله ـ تعالى ـ بصلاة الفجر.

«وليال عشر» (٢) عشر ذي الحجّة الّتي خلقها الله ـ تعالى ـ لموسى ـ عليه السّلام ـ. عن مجاهد (٣).

وقال ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ : هي (٤) العشر الأواخر من شهر رمضان (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) (٣) :

الضّحّاك وعكرمة والكلبيّ قالوا : «الشّفع» أيّام النفر بمنى ، «والوتر» أيّام (٦)

__________________

(١) ج زيادة : وهي.

(٢) ج ، د ، م زيادة : هي.

(٣) تفسير الطبري ٣٠ / ١٠٧.

(٤) ج ، د ، م زيادة : الليالي.

(٥) مجمع البيان ١٠ / ٧٣٦.

(٦) م : يوم.

٣٥٨

عرفة (١).

وعن الفرّاء ، مثله (٢).

مجاهد والسدي قالا : «الشّفع» الخلق كلّهم ، «والوتر» الله ـ تعالى ـ (٣).

الحسن قال : أقسم الله (٤) ـ تعالى ـ بالعدد كلّه ؛ الزّوج والفرد (٥).

وروي عن الصّادق ؛ جعفر بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال : «الشّفع» محمّد وعليّ ـ عليهما السّلام ـ. «والوتر» الله ـ تعالى ـ (٦).

قوله ـ تعالى ـ : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) (٤) ؛ يريد : ليلة المزدلفة ، وهو قول أهل التّأويل كلّهم ، وهي جمع (٧).

مقاتل وحده قال : هي (٨) ليلة عرفة (٩).

__________________

(١) تفسير الطبري ٣٠ / ١٠٨ نقلا عن عكرمة.

(٢) معاني القرآن ٣ / ٢٥٩.

(٣) تفسير الطبري ٣٠ / ١٠٩.+ تفسير المجاهد ٢ / ٧٥٥ و٧٥٦.

(٤) ليس في ج.

(٥) مجمع البيان ١٠ / ٧٣٦.

(٦) عنه البرهان ٤ / ٤٥٧.+ روي السّيّد شرف الدّين عليّ الحسيني عن محمّد بن العبّاس عن الحسين ابن أحمد ، عن محمّد بن عيسى عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد الله عليه السّلام أنّه قال : الشفع هو رسول الله وعليّ ـ صلوات الله عليهما ـ والوتر هو الله الواحد عزّ وجلّ. تأويل الآيات ٢ / ٧٩٢ و٧٩٣ وعنه كنز الدقائق ١٤ / ٢٦٧ والبرهان ٤ / ٤٥٧ والبحار ٢٤ / ٣٥٠.

(٧) تفسير الطبري ٣٠ / ١١٠.

(٨) ليس في ج.

(٩) مجمع البيان ١٠ / ٧٣٧ نقلا عن الكلبيّ : قيل : أيّتها المزدلفة لاختصاصها باجتماع النّاس فيها بطاعة الله تعالى وفيها يسرى الحاجّ من عرفة إلى المزدلفة.

٣٥٩

وجواب القسم : «إنّ ربّك لبالمرصاد (١٤)» الّذي عليه (١) طريق الخلائق.

و «المرصد» و «المرصاد» و «اللّقم» و «اللّاحب» و «النّهج» و «المنهج» و «السّبيل» و «الصّراط» كلّه الطّريق.

قوله ـ تعالى ـ : (هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) (٥) :

الفرّاء قال : لذي عقل (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ) ؛ [أي : ألم تعلم] (٣) ، يا محمّد (كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ) (٦) ؛ يعني : عاد الأولى قوم هود ، الّذين (٤) أهلكهم الله ـ تعالى ـ بالرّيح الشّديدة.

(إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ) (٧) :

محمّد بن كعب القرظيّ (٥) قال (٦) : «إرم» اسم بلدة ، وهي الإسكندريّة ، وكان فيها سرير ملكه (٧).

قتادة والسدّي ومقاتل قالوا : أراد بها : قبيلة ابن أبي بخيح (٨).

وعن مجاهد قال : عنى بها : عادا القديم (٩).

__________________

(١) د : عليها.

(٢) معاني القرآن ٣ / ٢٦٠.

(٣) ليس في ج.

(٤) د : الّذي.

(٥) م : القرطي.

(٦) ليس في ج.

(٧) تفسير الطبري ٣٠ / ١١١.

(٨) تفسير القرطبي ٢٠ / ٤٥ نقلا عن قتادة : هي قبيلة من عاد.

(٩) چتفسير الطبري ٣٠ / ١١١ ، تفسير مجاهد ٢ / ٧٥٦.

٣٦٠