نهج البيان عن كشف معاني القرآن

محمّد بن الحسن الشيباني

نهج البيان عن كشف معاني القرآن

المؤلف:

محمّد بن الحسن الشيباني


المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٣٦٥

مقدّمة المؤلّف

١
٢

بِسْمِ (١) اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٢)

الحمد لله ذي العزّة والجلال [والقدرة] (٣) والحكمة والأفعال ، المخصوص

__________________

(١) من هنا ليس في م ، ب ويأتي بدايتهما فيما بعد.+ واعلم أنّه يوجد في الصفحة الاولى من نسخة «ج» هكذا : كتاب نهج البيان عن كشف معاني القرآن للشيخ الأجلّ محمد بن الحسن الشيباني الإمامي (ره). هذا وكتب العلّامة المفضال السيد محمد علي روضاتي ـ سلّمه الله ـ في الهامش : هذا خطّ أحد أجدادنا الإخوة الأربعة الأماجد الأبرار ألا وهو العلّامة الحجّة آية الله الحاج ميرزا السيد محمد الموسوي الجهارسوقى (١٢٢٢ ـ ١٢٩٣) خلف الامام العلّامة الزاهد الورع الحجّة آية الله العظمى الحاج ميرزا السيّد زين العابدين (١١٩٠ ـ ١٢٧٥) وهو الّذي هاجر إلى أصفهان واستوطنها ومات بها ودفن فيها بمزاره المشهور في تخت فولاد وهذه النسخة الشريفة من خزانة كتب الجدّ الأعلى وفيها خطّه وخطّ ولده ثمّ انتقلت بالإرث إلى ولده الآخر الإمام المرجع المجدّد وحيد عصره أستاذ الفقهاء الأعاظم آية الله العظمى السيّد ميرزا محمد هاشم (١٢٣٥ ـ ١٣١٨) ومنه إلى احدى بناته المكرّمة أمّ العالم الفاضل الشهير ميرزا محمد باقر المعروف بألفة النجفي المسجد شاهي (١٣٠١ ـ ١٣٨٤) فأوقفها ألفة في أواخر عمره ـ قدّس الله تعالى أرواح الجميع ـ. ثمّ إنّ العلّامة المرحوم ألفة قد حصلت عنده نسخة اخرى من هذا التفسير فأوقفها أيضا في حياته وقفا عاما وتلك النسخة وإن لم نجد فيها اسم الكاتب ولا تاريخ الكتابة إلّا أنّ الغالب على الظنّ أنّه تمّ استنساخها كهذه النسخة في اصفهان وفي العشرة الأخيرة من زمن حياة العلّامة المجلسي صاحب البحار. المتوفى ١١١٠ ـ عليه الرحمة ـ كما أنّ نسخة ثالثة للكتاب كانت بالوصف في خزانة كتب العالم المصنف المتتبع الخبير الحجّة الحاج ميرزا يحيى بن الحاج ميرزا شفيع الإصفهاني المتوفّى ١٣٢٥ ه‍ وقد تفرقت كتب خزانته بعد وفاته وانتقلت نسخته المذكورة مع طائفة من مصنّفاته وآثاره إلى إحدى خزائن الكتب العامّة بقم والسّلام.

(٢) ج ، د زيادة : وبه نستعين.

(٣) ليس في ج ، د.

٣

بصفات الكمال (١) المنزّه عن الأشباه والأضداد والأمثال ، رافع السّموات السّبع البعيدة المنال ، ومزيّنها بالكواكب الجارية في الأفلاك السريعة (٢) الحركات والانتقال ، ومرسل السّحاب بالماء (٣) الزّلال ، وساطح الأرض ذات الطّول (٤) والعرض والنّبات والحيوان (٥) والشّجر والمعادن والأبحر والجبال ، الّذي ابتدع الإنسان من صلصال من حمإ مسنون ، في إعجال (٦). ثمّ خلق له من نفسه زوجة (٧) ذات أنس وجمال ، وبثّ منهما رجالا كثيرا ونساء ، وصرفهم من حال إلى حال. ثمّ أكرمهم بالحواسّ والآلات ، وفضّلهم بالعقل والنّطق على سائر الحيوانات المخلوقة لمنافعهم ، وسخّرها لهم بالإذلال. ثمّ أنعم عليهم بالتّكليف المؤدّي (٨) إلى النّعيم الدّائم بلا تكدير ولا زوال (٩) ، أحمده حمد معترف بما أنعم (١٠) عليّ في مبدئه والمآل.

وأصلّي على (١١) خاتم الأنبياء وسيّد الأصفياء ، ذى الشّرف الباذخ (١٢) والفرع الشّامخ والعلم الرّاسخ والبيان الواضح بغير إشكال ، الّذي أيّده بالكتاب العزيز ، ذي

__________________

(١) أ : بصفات بدل بصفات الكمال.

(٢) الظاهر أنّ ما أثبتناه في المتن هو الصواب وفي النسخ : الشريفة.

(٣) ج ، د : السحاب بالمطر والماء.

(٤) ج ، د : الطوال.

(٥) ج ، د : الحيوانات.

(٦) ج ، د : الإعجال.

(٧) د : زوجه.

(٨) ج ، د : بالتكاليف المؤدّية.

(٩) ج : بلا جدال بدل بلا تكدير ولا زوال.

(١٠) ج زيادة : الله.

(١١) ج زيادة : من.

(١٢) ج : البارج.

٤

الفصاحة والحكم والمواعظ (١) والأحكام (٢) والآداب والقصص والأمثال.

وأصلّي على (٣) عليّ ؛ أمير المؤمنين ووصيّه ووارث علمه ، الّذي اختاره ـ عزّ وجلّ ـ لإخائه من بين أمّته وأهله وأصحابه ، وأمره بتشريفه بإمرة المؤمنين ، وتزويجه بابنته الطّاهرة سيّدة نساء العالمين ؛ المبتولة عن النّظراء (٤) والأشكال والأمثال.

وأصلّي على ولديهما السّيّدين الإمامين ؛ الحسن والحسين ؛ سيّدي شباب أهل الجنّة ؛ المخصوصين بالشّرف والجلال (٥). أولئك أصحاب الطّهارة والمباهلة في الكتاب العزيز ، المنزل عليهما من ذي الجود والكرم والإفضال ، وعلى ذرّيتهما الأئمّة الطّاهرين المعصومين عن (٦) رذائل الأفعال وأباطيل الأقوال ، وعلى أصحابه الصّديقين التّابعين لهم (٧) بإحسان إلى يوم الدّين ؛ المنزّهين عن الغلّ والنّفاق والإشكال.

(وبعد) (٨) فقد كان يتردّد في خاطري ، زمان الشّباب والنّشاط والاشتغال ، جمع شيء من معاني كلام الله ـ تعالى ـ وأسباب نزوله وغريبه ، و (٩) كان يصدفني عنه عوارض الوقت (١٠) وقواطعه و (١١) قوادحه وموانعه ، فاتّفق لحسن التّوفيق ، ذات يوم ، الاجتماع في جماعة من العلماء الفضلاء الأصدقاء الصّلحاء ذوي الفضل والأدب

__________________

(١) أ ، ج : في بدل و.

(٢) ج : آلاء الأحكام.

(٣) في ج زيادة : ابن عمّه.

(٤) د : عند النظر.

(٥) أ : الإجلال.

(٦) ج ، د : من.

(٧) ج : له.

(٨) ليس في أ.

(٩) ليس في أ.

(١٠) إلى هنا ليس في م.

(١١) د : أو.

٥

والنّباهة والتّحقيق والإخاء ، فأجرينا الكلام بيننا في كتاب الله ـ تعالى ـ واحتوائه على كلّ أدب وعلم وتنبيه وعظة وفصاحة وحكم ، فأطلعتهم على ما يتردّد في خاطري (١) ويسنح في جناني وضمائري ، فحثّوني (٢) عليه ، وأرهقوا عزمي ومسارعتي إليه ، وقالوا في ضمن كلامهم : أنت تعلم ما في هذا ، من الذّكر الباقي الجميل والثّواب الوافي (٣) الجزيل ، مع ما روي في ذلك عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ [من قوله] (٤) : من نشر علما كان له مثل أجره ، ومثل أجر العامل به إلى يوم القيامة (٥).

فسارعت إلى تلبيتهم ، وبادرت إلى إجابتهم ، وشرعت في جمعه على كثرة قواطع الزّمان ومنعه. هذا ، مع اعترافي معهم بالتّقصير ، وقصوري عن استيفاء معاني كلام اللّطيف الخبير.

قال الله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) (٦).

__________________

(١) ج ، د : خواطري.

(٢) ج : فحثّني به.

(٣) أ : الوافر.

(٤) ليس في أ.

(٥) ورد مؤدّاه في الكافي ١ / ٣٥ ح ٤ عن الباقر ـ عليه السلام ـ وبصائر الدرجات / ٢٥ ح ٨ عن الباقر ـ عليه السّلام ـ عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، وح ٩ عن الباقر ـ عليه السلام ـ ، وح ١١ عن الصادق ـ عليه السلام ـ وعنه البحار ١ / ١٧٣ ح ٣٥ و ٣٦ ، وج ٢ / ١٧ ح ٤٣ وفي المحاسن / ٢٧ ح ٩ عن الباقر ـ عليه السلام ـ وعنه البحار ٢ / ١٩ ح ٥٣. ولمزيد الفائدة نأتي بما رواه الكليني عن عليّ بن إبراهيم ، عن أحمد بن محمد البرقي ، عن عليّ بن الحكم ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ يقول : من علّم خيرا فله مثل أجر من عمل به ، قلت : فإن علّمه غيره يجري ذلك له؟ قال : إن علّمه الناس كلّهم جرى له ، قلت : فإن مات؟ قال : وإن مات. الكافي ١ / ٣٥ ، ح ٣.

(٦) لقمان (٣١) / ٢٧.

٦

قال بعض علماء التّفسير : يريد ـ سبحانه ـ : ما نفدت معاني كلماته ـ تعالى ـ وحكمها وفوائدها.

[وكنت] (١) إذ ذاك قد وقفت على كثير من أقوال المفسّرين ، من السّلف الصّالح والأنموذج الرّاجح ، فرأيتها مختلفة غير متّفقة ، ومتباينة غير مؤتلفة ، يتحيّر الواقف عليها والمتصفّح لها ؛ لكون كلّ منهم قد فسر على رأيه ومذهبه ، ثمّ رفعه إلى صحابيّ أو تابعيّ.

فألغيت ذلك وحكيت من أقوالهم وتفاسيرهم ما يقلّ الخلاف فيه ، وتحصل (٢) الفائدة به للعالم الفقيه والقارئ النبيه ، وذكرت في ضمن ذلك بعض ما ورد عن أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ من الوفاق لهم ، وأومأت إلى وجه الدّليل في بعض ما اختصّوا به وخولفوا عليه.

فذكرت جملة من النّاسخ والمنسوخ ، وجملة من العبادات الشّرعيّة والأحكام النّبويّة المذكورة في القرآن المجيد (٣) على مذهبهم ـ عليهم السّلام ـ وذكرت جملة من أسباب النّزول وكلام أئمّة اللّغة المنقول ، ممّا لا يستغني العالم عنه ، ولا بدّ للفقيه والقارئ منه.

وأعرضت عن كثير ممّا يعلم معناه (٤) من ظاهره ، ولم أتعرّض للنّحو والإعراب والتّصريف والاشتقاق والقراءات (٥) ، إلّا اليسير ممّا استحسنته واخترته ؛ لأنّي رأيت الشّروع في ذلك يؤدّي إلى الإسهاب (٦) والإضجار ، وكان غرضي في هذا المختصر

__________________

(١) ليس في ج.

(٢) ج : لتحصل بدل وتحصل.

(٣) ليس في ج.

(٤) ليس في أ.

(٥) د : القراءة.

(٦) أسهب : أكثر من الكلام وأطال ويقال : أسهب كلامه وفيه ، وفي كلامه إسهاب. المعجم الوسيط ١ / ٤٥٧ ، مادّة «سهب».

٧

تجنّب الإطالة والإكثار. ولا تعرّضت فيه لشيء من البواطن والأسرار ، إلّا بعض ما ورد عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ والأئمّة الأطهار والصّحابة الأخيار. وكيف يجوز التّعرض لذلك ، وقد ورد في كلام العزيز الغفّار (١) : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (٢) وهم (٣) ـ صلوات الله عليهم ـ الّذين رسخوا في العلم ، واختصّهم الله ـ تعالى ـ لكتابه (٤) وشرعه ، وشرّفهم بالاطّلاع على [سرّه و] (٥) حكمه ، ونصبهم تراجمة لوحيه (٦) ووسائط بينه وبين عباده ، وأطلعهم على غيبه ، وجعل مادّة علمهم من علمه.

ثمّ أمر ـ سبحانه وتعالى ـ النّاس بسؤالهم (واتّباعهم) (٧) والأخذ منهم وعنهم ، فقال ـ سبحانه وتعالى ـ : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٨).

وقال ـ سبحانه ـ : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ، وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (٩).

وقال ـ سبحانه ـ في حقّ نبيّه [ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (١٠) (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (١١).

__________________

(١) د زيادة : الجبّار.+ هامش أ : الجبّار ـ خ.

(٢) آل عمران (٣) / ٧.

(٣) م : فهم.

(٤) د : بكتابه.

(٥) ليس في ج.

(٦) ليس في أ.

(٧) ليس في أ.

(٨) النحل (١٦) / ٤٣.

(٩) الحشر (٥٩) / ٧.

(١٠) م وأ وب ود : ـ عليه السلام ـ.

(١١) النجم (٥٣) / ٣ ـ ٤.

٨

ثمّ أيّده ـ سبحانه ـ بالآيات والبراهين والمعجزات ، فقال (١) ـ عليه [الصلاة و] (٢) السّلام ـ في حقّ كتابه المبين ؛ الفاصل بين الشّكّ واليقين ، وفي حقّ آله (٣) الطّاهرين ؛ الّذين نصبهم أعلاما للدّين ، واستخلفهم على أمّته ، وأفضى (٤) إليهم بما أوحي إليه ، والقي من السرّ في كتاب الله وشرعه عليه ، وذلك عند اقتراب أجله فقال : «خلّفت فيكم الثّقلين ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ؛ حبلين ممدودين [إلى يوم القيامة] (٥) ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض» (٦).

فهم ـ عليهم الصّلاة والسّلام ـ أهل التقرير وأهل الهدى والبيان (٧) والتّفسير ، فلا يهتدي لمعانيه المودعة فيه إلّا النّبيّ [ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٨) وأهل بيته الطّاهرون الأئمّة المعصومون ؛ الّذين قولهم حجّة [على عباده] (٩) كقوله (١٠) وأفعالهم

__________________

(١) م : فبلغ.

(٢) من هامش أ ود.

(٣) ج : الأئمّة.

(٤) د : أوحى. أفضيت إليه بالسرّ : أعلمته به. المصباح المنير / ٦٥٢ ، مادّة «فضا».

(٥) ليس في أ.

(٦) هذا الحديث من متواترات الفريقين معنى بل ولفظا ، وقد تصدّى ثلّة من الأعلام قديما وحديثا على جمع طرقه وعبائره المختلفة الموجودة في الجوامع ، منهم : العلّامة البحراني في غاية المرام / ٢١١ ـ ٢٣٤ ، والسيد مير حامد حسين الهندي في عبقات الأنوار مجلّد حديث الثقلين ، والسيد علي الميلاني في خلاصة عبقات الأنوار مجلّد حديث الثقلين ، والعلّامة المجلسي في البحار ٢٣ / ١٠٦ ـ ١١٨ ، والسيّد محمد باقر الأبطحي في جامع الأخبار والآثار ، كتاب القرآن ، القسم الأوّل / ٥٧ ـ ٦١ و ٩٤ ـ ١٢٦ ولمؤسسة دار التقريب بمصر رسالة في أسانيد الحديث ألّفها أحد الأعلام في الحوزة العلميّة بقم ، طبعت في كتاب إحقاق الحقّ ٩ / ٣٠٩ ـ ٣٧٥.

(٧) ج : التأويل.+ م : التدبّر.

(٨) م ، د ، أ : عليه السلام.

(٩) ليس في أ ، د.

(١٠) ليس في ج ، أ.

٩

قدوة ؛ كفعله. فهم أمناء الله في أرضه وبلاده ، وهم حججه على عباده. فمن ادّعى الإحاطة بأسرار القرآن العزيز سواهم ، كان كاذبا.

وقد روي عن حبر الأمّة ؛ عبد الله بن العبّاس ـ رحمة الله عليه ـ في تفسير قوله ـ تعالى ـ : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (١). فقال : هم آل محمّد ـ عليهم السّلام ـ (٢).

وقال ـ رحمه الله ـ : تأويل القرآن على أربعة أوجه : وجه يعلمه العلماء و (٣) الفقهاء ؛ كتأويل المتشابه وفروع الأحكام. ووجه لا يعذر أحد بجهله ؛ وهو ما يلزم المكلّفين معرفته ، من التّوحيد والعدل ومعالم الدّين والشّرع. ووجه تعرفه العرب بلغاتها ؛ وهو ما تواضعوا عليه (٤) وما اقتضاه لسانهم. ووجه لا يعلمه إلّا الله ـ تعالى ـ ونبيّه [ـ عليه السّلام ـ] (٥) وآله الطّاهرون ؛ وهو الأسرار الباطنة والعلم بالغائبات

__________________

(١) آل عمران (٣) / ٧.

(٢) لم نعثر عليه منقولا عن ابن عباس ولكن روى القمّي عن محمد بن أحمد بن ثابت عن الحسن ابن محمد بن سماعة عن وهب بن حفص عن أبي بصير عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : سمعته يقول : إنّ القرآن زاجر وآمر ، يأمر بالجنّة ويزجر عن النار ، وفيه محكم ومتشابه ، فأمّا المحكم فيؤمن به ويعمل به وأمّا المتشابه فيؤمن به ولا يعمل به ، وهو قول الله : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) (آل عمران (٣) / ٧) وآل محمد ـ عليهم السلام ـ الراسخون في العلم تفسير القمّي ٢ / ٤٥١ وعنه كنز الدقائق ٣ / ٣٣ ونور الثقلين ١ / ٣١٥ ، ح ٢٩+ ورد مؤدّاه في الكافي ٨ / ٢٦٩ ، صدر ح ٣٩٧ وج ١ / ٢١٣ ، ح ١ ـ ٣ وص ١٨٦ ضمن ح ٦ وص ٢٤٥ ضمن ح ١ وتفسير القمّي ٢ / ١٥٢ وعنهما نور الثقلين ١ / ٣١٥ ـ ٣١٦ ، ح ٢٧ و ٢٨ و ٣٣ و ٣٤ ـ ٣٧ وكنز الدقائق ٣ / ٣٦ ـ ٤٥.

(٣) ليس في د.

(٤) تواضع القوم على الأمر : اتّفقوا عليه. المعجم الوسيط ٢ / ١٠٤٠ ، مادّة «وضع».

(٥) ليس في د.

١٠

وأحوال القيامة ، من البعث والنّشور وما يتبع ذلك ، الّذي أطلعهم نبيّه (١) ، عليه (٢) ، عن الله ـ تعالى ـ. فمن ادّعى غيرهم الإحاطة به ، كان كاذبا (٣).

وهذا (٤) السّيّد العالم الحبر ، وقوله حجّة في تفسير القرآن وكثير من العلم والفقه بإجماع ؛ لأنّ النّبيّ ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ دعا له ، فقال : «اللهم فقّهه في دينك ، ووفّقه للتّأويل» (٥).

ومدحه أمير المؤمنين ، عليّ (٦) ـ عليه السّلام ـ فقال : «كنيف مملوء علما» (٧).

وقال الشّيخ الإمام العالم الصّدوق ؛ المفيد ؛ محمّد بن محمّد بن النّعمان ـ رحمه

__________________

(١) د زيادة : ع.+ ج زيادة : ص.+ م زيادة : عليه السلام.

(٢) ب : عن علمه بدل عليه.

(٣) روى الطبري عن محمد بن بشار عن مؤمل عن سفيان عن أبي الزناد قال : قال ابن عبّاس : التفسير على أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب من كلامها ، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لا يعلمه إلّا الله. وروى أيضا عن يونس بن عبد الأعلى الصدفي عن ابن وهب قال : سمعت عمرو بن الحارث يحدث عن الكلبي عن أبي صالح مولى امّ هانئ عن عبد الله بن عبّاس أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : انزل القرآن على أربعة أحرف حلال وحرام لا يعذر أحد بالجهالة به وتفسير تفسره العرب وتفسير تفسره العلماء ومتشابه لا يعلمه إلّا الله ومن ادّعى علمه سوى الله فهو كاذب. تفسير الطبري ١ / ٢٦.

(٤) د : هو.

(٥) قال ابن حجر في الإصابة ج ٢ / ٣٢٢ : إنّ البغوي نقل في معجمه مسندا عن ابن عمر أنّه كان يقرب ابن عبّاس ويقول : إنّي رأيت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ دعاك ، فمسح رأسك وتفل في فيك وقال : «اللهم فقّهه في الدين وعلّمه التأويل». وروى في اسد الغابة ج ٣ / ١٩٣ والاستيعاب ج ٢ / ٣٤٤ مثله. وروى الترمذي في سننه ج ٥ / ٦٨٠ أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : «اللهم علّمه الحكمة» وقريب منه روايتان بعدها. وفي تنقيح المقال ج ٢ / ١٩١ نقلا عن رجال المشكاة للعامّة أنّ النّبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ دعا له بالفقه والحكمة والتأويل.

(٦) ليس في د.

(٧) الظاهر أنّ هذه الجملة ليست عن امير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ على ما تتّبعنا ولكن نقل عن

١١

الله ـ : والاربعة الأوجه الّتي ذكرها ابن عبّاس ـ رضي الله عنه ـ كلّها حاصلة فيهم ـ عليهم السّلام ـ. لأنّهم سادات العلماء والفقهاء الّذين يؤخذ العلم والفقه (منهم و) (١) عنهم ، وهم سادات [أولي النهى المنبّهون على ما فيه والمعيّنون (٢) للأحكام والأوامر والنّواهي فيه ، وهم سادات] (٣) العرب وأهل اللّغة والفصاحة. فينبغي الرّدّ إليهم فيه ، والأخذ منهم وعنهم في جميع أحكامه ومعانيه ، والسّرّ الّذي ألقي إليهم فيه ، إذ ذلك هو الواجب علينا والمتعلّق بنا (٤).

وقد روي عن الصّادق ؛ جعفر بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال : نزل القرآن أربعة أرباع : ربع فينا ، وربع في عدوّنا ، وربع في (٥) القصص والأمثال ، وربع في الفرائض والأحكام (٦).

__________________

عمر بن الخطاب أنّه قال في حقّ عبد الله بن مسعود : إنّه كنيف ملئ علما. انظر : الطبقات الكبرى ج ٣ / ١٥٦ ، الاستيعاب ج ٢ / ٣١٥. وكنيف : لقب ابن مسعود ، لقّبه به عمر في قوله : كنيف ملئ علما تشبيها بوعاء الرّاعي والتصغير للتعظيم والمدح. أقرب الموارد ٢ / ١١٠٨ ، مادّة «كنف».

(١) من ج ، وهامش أ+ د : منهم بدل ما بين القوسين.

(٢) د : المبيّنون.

(٣) ليس في ج.

(٤) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٥) ليس في أ.

(٦) روى الكليني عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : نزل القرآن أربعة أرباع ؛ ربع فينا ، وربع في عدوّنا ، وربع سنن وأمثال ، وربع فرائض وأحكام. الكافي ٢ / ٦٢٨ ح ٤ وعنه البرهان ١ / ٢١ ح ٣+ قريب منه في الكافي ٢ / ٦٢٧ ح ٣ عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ وعنه البرهان ١ / ٢١ ح ٢+ قد جاء الحديث باختلاف في بعض ألفاظه من طرق العامّة والخاصّة عن رسول الله وأمير المؤمنين ـ صلّى الله عليهما وآلهما أجمعين ـ. انظر : جامع الأخبار والآثار ، كتاب القرآن ، القسم الأوّل / ١٦ ـ ١٩.

١٢

وقد روي عن ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ أنّه قال : والله ، ما أوجب علينا حفظ القرآن ولا تلاوته ، إلّا ما تيسّر منه في الصّلاة. وإنّما أوجب علينا فهم معانيه ، وما تضمّنه (١) من الأحكام والأوامر والنّواهي فيه. ولهذا قال ـ سبحانه ـ : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) (٢) فتوعّد على ذلك ، فكان فهم معانيه واجبا (٣).

وقد ورد عن بعض أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ أنّه قال : ما كنّا على عهد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ نجاوز الآية ، حتّى نعرف سببها ومعناها (٤).

وروي عن الحسن البصريّ ، أنّه قال : نزل القرآن ليعمل بما فيه النّاس ، فاتّخذوا تلاوته عملا. وكان أصحاب النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ الّذين هم قدوة بعده (٥) ، لا يحفظ الرّجل منهم أكثر من السّورة والسّورتين والثّلاث والأربع ، فإن تجاوز فالشّطر (٦). وما ختم القرآن ، على عهده [ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٧) إلّا ستّة نفر : عليّ ـ عليه السّلام ـ وعثمان بن عفّان ، وعبد الله بن عبّاس ـ رضي الله عنه ـ وزيد ابن ثابت ، وأبيّ بن كعب ، وعبد الله بن مسعود ـ رحمة الله عليهم ـ. (٨)

__________________

(١) م ، ج ، د : ضمنه.

(٢) النساء (٤) / ٨٢.

(٣) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٤) ورد مؤدّاه في روايات : منها ما روى الطبري عن محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي عن أبيه عن الحسين بن واقد عن الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود قال : كان الرجل منّا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهنّ حتّى يعرف معانيهنّ والعمل بهنّ. تفسير الطبري ١ / ٢٧ ـ ٢٨

(٥) ج : بعد.

(٦) ج : الشطر.

(٧) ج ، م : ـ عليه السّلام ـ.+ م زيادة : منهم.

(٨) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

١٣

وقد روي عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه عرض القرآن على أبيّ (١) بن (٢) كعب مرّتين ، وعرضه على عبد الله بن مسعود مرّة واحدة ، وعرضه على زيد بن ثابت مرّة واحدة (٣). وإنّما عرضه عليهم (٤) (ـ عليه السّلام ـ) (٥) ليعلّمهم وليعرف قدر ما عندهم ، لا أنّه ـ صلّى الله عليه وآله (وسلّم) (٦) ـ كان محتاجا إليهم فيه ، إذ كان (٧) ـ عليه السّلام ـ الكامل في العلم والقراءة (٨) والفصاحة والأخلاق والرّأي ، إلى غير ذلك. فينبغي لنا أن نحتذي حذو النّبيّ وحذو آله ـ عليهم السّلام ـ وحذو صحابته بعده.

فابتدأت ـ حينئذ ـ بذكر ما رفع عن الصّحابة والمفسّرين المعروفين ، من التّابعين ، الّذين رووا عنهم ـ عليهم السّلام ـ. وذكرت بعد ذلك ما ورد عن النّبيّ ـ

__________________

(١) ليس في ج.

(٢) ج : ابن.

(٣) يظهر ممّا روي في فضل اصحاب الرّسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّ جبرئيل عرض القرآن عليه ـ صلّى الله عليه وآله ـ في العام الّذي قبض فيه مرّتين ، فحضر ذلك عبد الله بن مسعود فعلم ما نسخ من ذلك وما بدل. انظر : الاستيعاب ٢ / ٣١٤ ، الطبقات لابن سعد ٢ / ٣٤٢.

ورووا أنّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، قال لأبيّ بن كعب : أمرت أن اعرض عليك القرآن ، وقال بعضهم : سورة كذا وكذا. انظر : الطبقات ٢ / ٣٤١.

وقد ادّعى بعض أنّ زيد بن ثابت شهد العرضة الأخيرة للقرآن على النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ. ولكنّه لا يوجد في كتب التاريخ والرّجال كالطبقات والاستيعاب واسد الغابة وتذكرة الحفاظ والجرح والتعديل ومعرفة القرّاء الكبار للذهبي عين ولا أثر منه.

انظر : التمهيد في علوم القرآن ١ / ٢٤٢ ـ ٢٥٠.

(٤) ليس في ج. وفي د : عليه بدل عليهم.

(٥) ليس في م.

(٦) ليس في م.

(٧) في ج زيادة : عليّ.

(٨) ج : القراءات.

١٤

صلّى الله عليه وآله ـ ليكون هذا المختصر جامعا (١) لكثير من أقوال المفسّرين.

وقد وسّمته بـ (نهج البيان عن كشف معاني القرآن) وأهديته للخزانة المعظّمة (٢) المولويّة العالميّة (٣) العابديّة العادليّة الرّحيميّة المؤبّديّة المظفّرة المنصورة العزيزة الإماميّة المستنصريّة ـ رفع الله دعوتها في أقطار الأرض وبقاعها وو هادها (٤) ويفاعها (٥) وبرّها وبحرها وسهلها وجبلها ، وملّكها نواصي العباد وصياصي (٦) البلاد ، بمحمّد وآله الطّاهرين الأمجاد ـ صلّوات الله عليه وعليهم ـ ، صلاة متّصلة إلى يوم التّناد.

وإنّما خصصته ـ أعزّ الله أنصاره به ـ لعلمي برغبته واشتغاله ، من ميعة (٧) شبابه إلى استوائه واكتهاله ، بالتّفاسير المرويّة والرّسوم الشرعيّة والآثار النّبويّة والعلوم الأدبيّة والألفاظ اللّغويّة ؛ وليكون أنيسا له في خلواته ، ومذكّرا له في بعض أوقاته. وإن كنت في إهدائي (٨) له ـ أعزّ الله أنصاره ـ كجالب التّمر إلى هجر (٩) ، أو كجالب ضوء السّها إلى ضوء القمر. لكن قد قيل :

فالبحر يقبل غير محتقر

بلل الرّذاذ (١٠) ووابل القطر

__________________

(١) د : حاملا.

(٢) ج : العظماء.

(٣) ليس في أ ، وفي ج : العامليّة بدل العامليّة.

(٤) الوهد يكون اسما للحفرة ، والجمع أوهد ووهد ووهاد. لسان العرب ٣ / ٤٧٠ ـ ٤٧١ مادّة «وهد».

(٥) اليفاع : المشرف من الأرض والجبل ، لسان العرب ٨ / ٤١٤ مادّة «يفع».

(٦) الصياصي : الحصون. لسان العرب ٧ / ٥٢ مادّة «صيص».

(٧) أ ، د : متعة.+ ج : صغر+ ميعة الشباب : أوّله وأنشطه. لسان العرب ٨ / ٣٤٥ مادّة «ميع».

(٨) أ : اهتدائي.

(٩) هجر : اسم بلد مذكّر مصروف. لسان العرب ٥ / ٢٥٧ مادّة «هجر».

(١٠) الرّذاذ : المطر ، وقيل : الساكن الدائم الصغار القطر كأنّه غبار. لسان العرب ٣ / ٤٩٢ مادّة «رذذ».

١٥

وهو على اختصاره وصغر حجمه ، جامع لكثير من التّفاسير الّتي لم يذكر في غيره ، من التّفاسير المبسوطة. وهو هديّة الأصاغر إلى الموالي الأكابر.

وقد روي : أنّ بعض العلماء الفضلاء ، من أصحاب الخلفاء الرّاشدين ، من بني العبّاس (١) ـ سقى الله ضريحه وضرائحهم هبوب (٢) الرّضوان ـ أهدى لبعض أولادهم هديّة لطيفة ، من الطّيب والغالية ـ وأظنّ المهدى إليه ، المؤيّد بن المتوكّل ـ [وكتب معها] (٣) إليه :

أمّا بعد ، فإنّ الهديّة إذا كانت من الصّغير إلى الكبير ، فكلّ ما لطفت ودقّت ، كان أبهى لها وأرفع. وإذا كانت من الكبير إلى الصّغير ، فكلّ ما عظمت وجلّت ، كان أجلّ لها وأنفع.

وأنا أرجو من الله ـ سبحانه ـ أن يحضى هذا المختصر ، عند الحضرة العلياء والآراء المولوية العالميّة (٤) العابديّة العادليّة الرّحيميّة المولويّة ـ أجلّها الله تعالى وأسناها (٥) وجعل الجنّة منقلبها ومثواها ـ بأن يجري على لسانه حسن الإقبال والقبول. فيحكم له أهل العلم والفضل ، بالتّفضيل والنّبول (٦) ، على غيره من التّفسير المنقول. إذ كان غرض العبد ، في اختصاره في مبدأ أمره ، أن يحفظ وينشر ويروي ويذّكّر ، فيعظم بذلك الثّواب والذّكر المستطاب. والله وليّ التّوفيق لسلوك محجّة التّحقيق والإعانة على إتمام وإكمال نظامه ، بمنّه ولطفه وكرمه وعطفه. فما التّوفيق إلّا من عنده ، ولا اللّطف والتّوكّل إلّا منه وعليه. وهو حسبنا ونعم الوكيل.

__________________

(١) د : عبّاس.

(٢) ج ، د ، م : صوب.

(٣) في أ : ألمعها بدل ما بين المعقوفتين.

(٤) ج : العالية.

(٥) هامش أ : أسماها ـ خ. وفي م ، د : أسماها.

(٦) ج : القبول.

١٦

ذكر مقدمة يحسن تقديمها

ذكر الكلبيّ ، عن كعب الأحبار ، أنّه قال : الأنبياء الّذين لم يرسلوا مائة ألف وخمسة وعشرون ألفا ، والّذين أرسلوا ثلاثمائة وثلاثة عشر نبيّا. أوّلهم آدم ، وآخرهم محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ (١).

وعن أبي ذرّ ـ رضي الله عنه ـ قال : سألت النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ :

كم كتابا أنزل الله ـ سبحانه ـ (٢)؟

فقال : مائة كتاب وأربعة كتب ؛ أنزل على آدم عشر صحائف ، وأنزل على شيث خمسين صحيفة ، وأنزل على إدريس ثلاثين صحيفة ، وأنزل على إبراهيم عشر صحائف ، وأنزل التّوراة على موسى ، وأنزل الزّبور على داود ، وأنزل الإنجيل على عيسى ، وأنزل الفرقان على محمّد ـ عليه السّلام ـ (٣).

__________________

(١) روى الصدوق عن عليّ بن عبد الله الأسواريّ عن أحمد بن محمّد بن قيس عن عمر بن حفص عن عبيد الله بن محمد بن أسد عن الحسين بن إبراهيم عن يحيى بن سعيد عن ابن جريح عن عطاء ، عن عبيد بن عمير الليثي ، عن أبي ذرّ ـ رحمة الله عليه ـ قال : ... قلت : يا رسول الله كم النبيّون؟ قال : مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبيّ ، قلت : كم المرسلون منهم؟ قال : ثلاثمائة وثلاثة عشر جمّاء غفيراء. الخصال ٢ / ٥٢٤ وعنه البحار ١١ / ٣٢ ، ح ٢٤.

(٢) في ج زيادة : وتعالى.

(٣) روى الصدوق عن أبي الحسن عليّ بن عبد الله بن أحمد الأسواريّ ، عن أبي يوسف أحمد بن محمّد بن القيس السجزي المذكّر ، عن أبي الحسن عمرو بن حفص ، عن أبي محمد عبيد الله بن

١٧

وجميع الكتب أنزلت في شهر رمضان (١).

وروي عن ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ أنّه قال : نزل القرآن إلى سماء الدّنيا ، في ليلة القدر ، جملة واحدة. ثم أنزل على النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ نجوما ، في ثلاث وعشرين سنة ، بحسب الحاجة (٢).

وروي عن ابن مسعود ـ رحمه الله ـ أنّه قال : سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة ، خمس وثمانون سورة مكيّة ، وثماني وعشرون مدنيّه. وآياته ستّة آلاف ومائتان

__________________

محمّد بن أسد ببغداد ، عن الحسين بن إبراهيم أبي علي ، عن يحيى بن سعيد البصريّ عن ابن جريح ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير الليثي ، عن أبي ذرّ قال : دخلت على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وهو في المسجد جالسا وحده ، فاغتنمت خلوته ... قلت : يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب؟ قال : مائة كتاب وأربعة كتب أنزل الله على شيث ـ عليه السّلام ـ خمسين صحيفة ، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة ، وعلى إبراهيم عشرين صحيفة ، وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان. الخصال ٢ / ٥٢٣ ح ١٣ ، معاني الأخبار / ٣٣٢ ح ١ وعنهما البحار ١١ / ٣٢ ح ٢٤ وج ٧٧ / ٧٠ ح ١.

(١) روى الكليني عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ؛ ومحمد بن القاسم ، عن محمد بن سليمان ، عن داود ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : نزلت صحف إبراهيم في أوّل ليلة من شهر رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان وأنزل الزبور لثمان عشر خلون من شهر رمضان وأنزل القرآن في ثلاث وعشرين من شهر رمضان ، الكافي ٢ / ٦٢٩ ، ح ٦+ يقرب منه ما في الكافي ٤ / ١٥٧ ، ح ٥ والفقيه ٢ / ١٠٢ ، ح ١٢ ، والبحار ١١ / ٥٩ ، ح ٦٤.

(٢) التبيان ٢ / ١٢٢.+ روى الكليني عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن القاسم ، عن محمّد ابن سليمان ، عن داود ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : «... نزل القرآن جملة واحدة في جملة شهر رمضان إلى البيت المعمور ثمّ نزل في طول عشرين سنة». الكافي ٢ / ٦٢٨ ، ح ٦ وعنه كنز الدقائق ٢ / ٢٤٤ ونور الثقلين ١ / ١٦٦ ، ح ٥٦٤ والبرهان ١ / ١٨٢ ، ح ٢ وورد مؤدّاه في البحار ٩٧ / ١١ ، ح ١٤ عن أمالي الصدوق ، وفي تفسير العياشي ١ / ٨٠ ، ح ١٨٤ وعنه البرهان ١ / ١٨٣ ، ح ١٠.

١٨

وثماني عشرة آية (١).

وعن عطاء بن يسار ، أنّه قال : مائة وثلاث عشرة سورة. وآياته ستّة آلاف ومائتان وعشرون آية. وكلماته ستّ وسبعون ألفا وإحدى وأربعون كلمة. وحروفه ثلاثمائة ألف وأحد وعشرون ألفا ومائتان واثنان وخمسون حرفا (٢).

__________________

(١) أنظر : مقدمتان في علوم القرآن / ٢٤٦ ـ ٢٤٧ ، الفهرست لابن النديم / ٤١.

(٢) قال الفضل بن شاذان : جميع عدد سور القرآن في قول عطاء بن يسار مائة وأربع عشرة سورة وآياته ستة آلاف ومائة وسبعون آية وكلماته سبعة وسبعون ألفا وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة وحروفه ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا. الفهرست لابن النديم / ٤١.

١٩
٢٠