الأفهام القاصرة ، والعقول الضعيفة والآفات اللازمة لها ، فظهر سرّ الارتباط ، فحصل الأثر برابطة المناسبة بين الإله والمألوه.
وسائل تحصيل العلم الذوقي
ثم نقول : فلمّا أدرك السالكون من أهل العناية ما ذكرنا ووقفوا على ما إليه أشرنا ، علموا أنّ حصول العلم الذوقي الصحيح من جهة الكشف الكامل الصريح يتوقّف بعد العناية الإلهيّة على تعطيل القوى الجزئيّة الظاهرة والباطنة من التصريفات التفصيليّة المختلفة المقصودة لمن تنسب إليه ، وتفريغ المحلّ عن كلّ علم واعتقاد ، بل عن كلّ شيء ما عدا المطلوب الحقّ ، ثم الإقبال عليه على ما يعلم نفسه بتوجّه كلّي جملي مقدّس عن سائر التعيّنات العاديّة والاعتقاديّة ، والاستحسانات التقليديّة والتعشّقات (١) النسبيّة ، على اختلاف متعلّقاتها الكونيّة وغيرها ، مع توحّد العزيمة والجمعيّة والإخلاص التامّ والمواظبة على هذا الحال على الدوام أو (٢) في أكثر الأوقات ، دون فترة ولا تقسّم خاطر ، ولا تشتّت عزيمة ، فحينئذ تتمّ المناسبة بين النفس وبين الغيب الإلهي وحضرة القدس الذي هو ينبوع الوجود ، ومعدن التجلّيات الأسمائيّة الواصلة إلى كلّ موجود والمتعيّنة المتعدّدة في مرتبة كلّ متجلّى له وبحسبه لا بحسب المتجلّي الواحد المطلق سبحانه وتعالى شأنه.
ولكن (٣) لهذه التجلّيات وأحكامها وكيفيّة قبولها وتلقّي آثارها وما يظهر منها وبها في القوابل أسرار جليلة لا يسع الوقت لذكر تفاصيلها ، وإنّما أذكر (٤) على سبيل الإجمال والتنبيه ما يستدعي هذا الموضع والمقام العلميّ الذي نحن بصدد بيان مراتبه وأسرار ذكره إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) ق : التعسّفات.
(٢) ق : و.
(٣) ق : لكن بدون واو.
(٤) ق : اذكر منها.