فكان الراي ان يُبعَد يوسف عن الانظار لينسى الناس اسمه وشخصه ، وفي نفس الوقت يحافظون على سمعتهم وصونا لاسرتهم من العار والهوان ، وليشيع بين الناس ان المذنب هو يوسف ، وفعلا ادخل يوسف السجن مؤقتا حتى تهدأ الامور وينسى الناس.
ومن جملة السجناء الذين دخلوا مع يوسف السجن فتيان يقال : انهما كانا عبدين من عبيد الملك.
بعد فترة من الزمن ويوسف جالس في السجن يعبد الله ، جاء هذا الفتيان الى يوسف وقال احدهما : اني رأيت فيما يرى النائم اعصر خمرا ، وقال الثاني : اني رأيت احمل فوق راسي خبزا تأكل الطير منه.
فاجابهما يوسف بعدما نصحهما وارشدهما الى توحيد الله ودعا لهما ، ثم التفت اليهما وقال : ( يا صاحبي السجن اما احدكما فيسقي ربه خمرا واما الآخر فيصلب فتاكل الطير من رأسه ... ).
المراد هنا من ـ فيسقي ربه خمرا ـ بمعنى هذا الذي سوف يخرج من السجن ويطلق صراحه سوف يسقي الملك خمرا ويصبح ساقي للملك ، لذلك طلب منه يوسف ان يذكره عند الملك ليطلق سراحه في قوله تعالى : « اذكرني عند ربك » اي توسل يوسف بغير الله ، ولكن الغلام نسى وانساه الله ان يخبر الملك واصبح يوسف منسيا وضل في السجن ما يقارب سبع سنوات.
بقي يوسف سنين في السجن المظلم كأي انسان منسي ، ولم يكن لديه من عمل سوى بناء شخصيته ، وارشاد السجناء وعيادة المرضى وتسلية الموجعين منهم الى ان حان الفرج.