مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٠

ويقتصّ للكامل من الناقص ولا يضمّ أرش ولا يجوز العكس فتثبت الدية.

وحدقة العمياء ولسان الأخرس وذكر العنّين كالأشلّ وذكر الخصيّ والشيخ والصبي والأغلف وأنف فاقد الشمّ واذن الأصمّ والمثقوبة وسنّ الصبي إذا لم تعد بعد السنة (سنة ـ خ ل) والمجذوم إذا لم يسقط منه شي‌ء يساوي المقابل.

______________________________________________________

والظاهر أنّ القاطع صحيح ، فيفهم منه الدية.

قوله : «ويقتصّ للكامل إلخ». يعني إذا قطع من يده ناقصة ببعض الأصابع أو الاعوجاج أو قلّة القوّة ، يدا كاملة لا قصور فيها من تلك الوجوه ، يقتصّ للكامل من الناقص فيقطع الكاملة لها من غير ان يؤخذ (يأخذ ـ خ) منه شيئا آخر عوضا عن كمالها.

لعموم أدلة القصاص في الأطراف وظهورها في عدم شي‌ء غير ذلك.

ولأنّه يقتل النفس الكاملة بالنفس الناقصة من جهة الخلقة والأوصاف من غير ردّ ، فكذا في الأطراف ، وللأصل.

ودليل عدم جواز العكس ، أي عدم القصاص للناقص من الكامل ولزوم الدية يفهم ممّا تقدم ، فافهم.

قوله : «وحدقة العمياء إلخ». حكم العين العمياء وحدقتها حكم اليد الشّلاء ، فيقاصّ لها من مثلها ، ولا يقاصّ من الصحيحة ، بل يتعيّن الدية حينئذ ، ويقتصّ للصحيحة منها كما في اليد الشّلاء.

وكذا لسان الأخرس حكمه حكم اليد الشّلاء وحدقة العين العمياء ، فيقتصّ له بالصحيح وبمثله ، ولا يقتصّ الصحيح به ، فيتعيّن الدية وقد ظهر.

بخلاف ذكر الخصيّ ، فإنّ حكمه حكم الصحيح الكامل فيقتصّ الكامل

٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

له ، والدية الكاملة على تقدير الدية.

وكذا ذكر الشيخ الكبير الفاني.

والصبيّ الصغير مثل الذكر الشّابّ القويّ.

وكذا ذكر الأغلف مثل عدم الأغلف الصحيح ، فحكمها واحد ، ولعدم نقص فيها.

ولكن تدل على عدم التساوي صحيحة (١) بريد بن معاوية العجلي ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : في لسان الأخرس وعين الأعمى وذكر الخصي الحرّ وأنثييه ثلث الدية (٢).

ولأنّه لا شك في نقصه عن ذكر غيره ، فإنّه لا يلد له ولد.

ويدلّ على تساوي ذكر العنّين غيره رواية السكوني عن أبي عبد الله عليه السّلام ، في ذكر الصبي الدية (٣) وفي ذكر العنين الدية (٤).

وفي صحيحة بريد العجلي ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : في ذكر الغلام الدية كاملة (٥).

وكذا أنف فاقد الشّم مثل صحيحه ، فهما متساويان في الحكم.

واذن الأصمّ مثل اذن الصحيح.

وكذا الاذن المشقوقة مثل الصحيحة في الحكم قصاصا.

ودية سنّ الصبي إذا انقطع وانكسر ولم يعد ولم ينبت بدله بعد سنة حكمه

__________________

(١) في باب دية عبد الأعور (منه) هكذا في هامش بعض النسخ المخطوطة.

(٢) الوسائل الباب ٣١ من أبواب ديات الأعضاء الرواية ١ ج ١٩ ص ٢٥٦.

(٣) في باب دية الأعضاء في التهذيب (منه) هكذا في هامش بعض النسخ المخطوطة.

(٤) الوسائل الباب ٣٥ من أبواب ديات الأعضاء الرواية ٢ ج ١٩ ص ٢٥٩.

(٥) الوسائل الباب ٣٥ من أبواب ديات الأعضاء الرواية ١ ج ١٩ ص ٢٥٩.

٨٢

ولو قلع الأعور حدقة (حلقة ـ خ ل) عين صحيح قلعت عينه وان عمى وبالعكس له واحدة وفي استرجاع التفاوت قولان.

______________________________________________________

حكم سنّ الكبير في القصاص والدية.

والعضو المجذوم الذي فيها مرض الجذام ـ ولكن ما سقط منه شي‌ء بعد ـ حكمه حكم الصحيح الكامل فيهما ، فيقطع الصحيح به ، ويؤخذ به دية الصحيح له ، إذا كان قطعه موجبا لها.

قيل : لا يقطع الصحيح به مطلقا ، فليس ديته دية الصحيح ، بل يؤخذ له الحكومة ، لأنّه مرض بحيث يخرج (خرج ـ خ) عما خلق ، والمذكور في دليل القصاص والدية محمول على الخلقي الصحيح الغير المعيب ، فتأمّل.

و (ذكر الخصي) مبتدأ و (الشيخ والصبي والأغلف) مجرورات معطوفات على الخصي ، و (أنف فاقد الشم) مرفوع معطوف على الذكر ، وكذا (اذن الأصمّ والمثقوبة) ، أي الاذن التي فيها ثقب ، و (سنّ الصبي) وكذا (المجذوم) عطف على ذكر الخصي ، و (يساوي المقابل) خبره.

قوله : «ولو قلع الأعور إلخ». أي لو قلع من له عين واحدة صحيحة ـ سواء كانت خلقة أو ذهبت بآفة سماويّة أو جناية أخذت ديتها ، أو اقتصّ لها حدقة عين شخص صحيح العينين أي أعماها بأيّ وجه كان ـ قلعت عين قالع الواحدة ، وان كان ذلك موجبا لعماء بالكليّة.

هذا هو المشهور بين الأصحاب ، حتّى أنّه لم يظهر خلافه.

ويدلّ عليه العقل والنقل ، مثل «الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ» (١) «وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ» (٢) «فَمَنِ اعْتَدى» (٣).

وحسنة محمّد بن قيس ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام : أعور فقأ عين

__________________

(١) المائدة : ٤٥.

(٢) المائدة : ٤٥.

(٣) البقرة : ١٧٨.

٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

صحيح ، قال (فقال ـ ئل) : تفقأ عينه ، قال : قلت : يبقى أعمى؟ قال : الحقّ أعماه (١).

ومرسلة أبان ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن أعور فقأ عين صحيح متعمّدا؟ فقال : تفقأ عينه ، قلت : يكون أعمى؟ قال : الحق أعماه (٢)

ولا يضرّ اشتراك محمّد بن قيس في الأولى ، لما مرّ غير مرّة ، بل ولا إرسال أبان في الثانية أيضا ، لأنّ الظاهر أنّه ابن عثمان الذي نقل إجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه.

وبالجملة الحكم لا غبار عليه (فيه ـ خ) ، فقول شارح الشرائع : ـ ولا يخفى أنّ السند ليس بنقي ، إلّا أنّ الحكم لا رادّ له ـ غير نقي.

ولو انعكس بان قلع وفقأ صحيح العينين عين الأعور ، الظاهر ان له القصاص بعين واحدة ، وعدم جوازه في العينين ، وهو ظاهر.

ونقل في شرح الشرائع عدم الخلاف بين الأصحاب في ثبوت الدية الكاملة (له ـ خ).

والظاهر أنّه مع التراضي على الدية ، أو كانت موجبة لها.

ولكن في تمام الدية تأمل لو لم يكن نصّ أو إجماع ، لأنّ العين الواحدة نصف النفس مطلقا ، لما ثبت بالنصّ والإجماع ، وصيرورته أعمى بالكلّية ليس بفعل الجاني ، بل به وبغيره.

ولأنّه ما جنى إلّا بعين واحدة ، فكيف يعطى دية العينين ، فتأمّل.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٥ من أبواب قصاص الطرف الرواية ١ ج ١٩ ص ١٣٤.

(٢) الوسائل الباب ١٥ من أبواب قصاص الطرف الرواية ١ بالسند الثاني.

٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ولهذا قال في المتن : (وفي استرجاع نصف الدية ـ يعني هل على الجاني نصف دية أخرى مع الاقتصاص بعينه الواحدة ـ قولان) ولو كان له تمام الدية كان ينبغي عدم الخلاف في استرجاع النصف ، بل في جواز القصاص في عينيه.

وما تقدّم من الآية والاخبار يدلّ على عدم الاسترجاع وعدم استحقاق سوى عين واحدة أو عوضها ان رضيا مع العمد أو كان موجبة للدية لكونه خطأ أو شبهه ، فتأمّل.

وأمّا القولان فقال في الشرح ـ بعد دعوى اتفاق الأصحاب على لزوم تمام الدية على من قلع عين الأعور خلقة أو ذهبت بآفة من الله ـ : فأطلق جميع الأصحاب كالشيخين وابن البرّاج وابن حمزة وابن إدريس تخييره بين أخذ الدية والقصاص.

والظاهر أنّه مع رضا الجاني ، وإلّا فالقصاص هو الواجب بالأصالة ، فإذا اقتصّ من صحيح ، فهل يجب على الصحيح ان يردّ نصف دية النفس؟ قال الشيخ في النهاية والمبسوط والقاضي والصهرشتي والطبري وابن حمزة : يردّ ، ورواه الصدوق في المقنع ، وهو اختيار المختلف.

لرواية محمّد بن قيس ، عن الباقر عليه السّلام ، قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل أعور أصيبت عينه الصحيحة ففقئت ، أن تفقأ إحدى عيني صاحبه ، ويعقل له نصف الدية ، وان شاء أخذ دية كاملة ، ويعفو عن عين صاحبه (١) ولرواية عبد الله بن الحكم عن الصادق عليه السّلام في رجل صحيح فقأ عين رجل أعور ، فقال : عليه الدية كاملة فإن شاء الذي فقئت عينه ان يقتصّ عن صاحبه ويأخذ خمسة آلاف درهم فعل لأنّ له الدية كاملة وقد أخذ نصفها بالقصاص (٢).

__________________

(١) الوسائل الباب ١٧ من أبواب قصاص الطرف الرواية ١ ج ١٩ ص ١٣٦ هكذا في النسخ وفي التهذيب أيضا ، وفي الكافي ويعفى بدل ويعفو.

(٢) الوسائل الباب ١٥ من أبواب قصاص الطرف الرواية ٢ ج ١٩ ص ١٣٥.

٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذا اختيار ابن الجنيد ، وزاد : أنّ للأعور قلع عيني الصحيح ويردّ على الصحيح خمسمائة دينار.

وهو غريب ، قال في المختلف : العينان إمّا ان تساويا (١) عينه أو لا ، وعلى الأوّل لا ردّ ، وعلى الثاني لا قلع.

ويشكل بأنّه لا يلزم من عدم المساواة عدم الافتقاء (الانتقاء ـ خ) كالذكر والأنثى.

وقال المفيد والشيخ في الخلاف وابن إدريس والمحقق وقوّاه المصنف في التحرير : لا ردّ ، لعموم «الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ» (٢) وللأصل.

وفيه نظر لمنع عمومية العين ، فإنّه مفرد محلّى باللام ، ولو سلم خصّ بدليل ، وقد ذكر.

والأصل إنّما يكون حجة لو سلم عن المعارض.

واعترض على الاستدلال بالآية بأنّه حكاية عن التوراة ، وشرع من قبلنا منسوخ فلا يكون حجة.

وأجاب الشيخ في التهذيب بان حكمها مقرّ في شرعنا لرواية رواها عن أحدهما عليهما السّلام ، في قوله تعالى «النَّفْسَ بِالنَّفْسِ» الآية ، قال : هي محكمة (٣) قلت : ويدلّ على التزامنا بها قوله تعالى «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ» (٤) و (من) للعموم والظلم وضع الشي‌ء في غير موضعه ، وهو حرام فتركه واجب ، وهو لا يتم الّا بالحكم بها (بهما ـ خ) ، وهذا ذكره المفسّرون.

__________________

(١) وفي النسخ ، يساوي عينه والصواب ما أثبتناه.

(٢) المائدة : ٤٥.

(٣) الوسائل الباب ١ من أبواب قصاص الطرف الرواية ١ ج ١٩ ص ١٢٢.

(٤) المائدة : ٤٥.

٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

واعلم أنّ ظاهر كلامه أنّ ظاهر الأصحاب التخيير بين تمام الدية والقصاص في الأعور خلقة أو ذهبت احدى عينيه بآفة من الله فلو أخذت ديتها أو اقتصّت لها لم يكن كذلك ويكون الاسترجاع أيضا فيهما ، فينبغي حينئذ تقييد المتن بتلك (ذلك ـ خ) ، ولهذا وجد في بعض النسخ (فلو قلع الأعور خلقة عين الصحيح إلخ) وترك الذاهبة بآفة من الله لظهور أنّ حكمها حكم الخلقة ، ولهذا قال في أوّل الشرح : في عين الأعور خلقة أو بآفة من الله تعالى إلخ.

وكذا ظاهر الروايات التي مستندهم ، مثل رواية محمّد بن قيس (١).

والظاهر أنّها صحيحة في التهذيب ، ولا يضرّ اشتراكه ، فان كونه الثقة ظاهر ، لمّا مرّ غير مرّة.

وأنّ رواية عبد الله بن الحكم (٢) ضعيفة.

وأنّ في بعض الروايات ما يدلّ على تمام الدية ، مثل رواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، في عين الأعور ، الدية (٣) وفي حسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : في عين الأعور ، الدية (٤).

وأنّك قد عرفت انّ في لزوم تمام الدية إشكالا ، وفي التخيير كذلك ، فتقييد العبارات والروايات برضى الجاني ـ كما قيده ـ لا ينفع ، لأنّ ذلك مستلزم على الظاهر ، لعدم الخلاف في استرجاع نصف الدية ، وردّه ، بل في استحقاق قلع العينين بواحدة.

والإجماع غير معلوم.

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ١٥ من أبواب قصاص الطرف للرواية ١ ج ١٩ ص ١٣٤.

(٢) الوسائل الباب ١٥ من أبواب قصاص الطرف الرواية ٢ ص ١٣٥.

(٣) الوسائل الباب ٢٧ من أبواب ديات الأعضاء الرواية ٣ ج ١٩ ص ٢٥٢.

(٤) الوسائل الباب ٢٧ من أبواب ديات الأعضاء الرواية ١ ص ٢٥٢.

٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

والرواية الثانية ضعيفة من وجوده.

والأولى حكاية قضاء أمير المؤمنين عليه السّلام ، في واقعة قد تكون مخصوصة ، فإنّ أوّلها في الكافي والتهذيب بالإسناد عن محمّد بن قيس ، قال : قال أبو جعفر عليه السّلام في قضاء أمير المؤمنين عليه السّلام ، في رجل أعور ، إلى آخر ما تقدّم (١).

مع أنّها معارضة بمثلها ممّا ذكرناه بإسناد حسن ويرجّح بأنّها معللة ، قال : الحق أعماه (٢) وبرواية أبان ، مع التعليل (٣) وبظاهر القرآن «وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ» (٤) «وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ» (٥) «فَمَنِ اعْتَدى» (٦) ولا شك في عمومه العرفي ، كما في «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» (٧) وقد صرّح به في الأصول المصنف وغيره فسقط كلامه.

وأنّها ظاهرة في الاكتفاء بذلك ، وعدم استحقاق غيره ، وما ثبت الرجوع في بعض المسائل مع وجود «النَّفْسَ بِالنَّفْسِ» (٨) مثل الذكر بالأنثى فهو لدليل خاص فلا ينافي الظهور.

وأنّ حكم هذه الآية باقية بالإجماع والنصّ مثل صحيحة زرارة (٩) ، قال في التهذيب : وليس لقائل (لأحد ـ يب) ان يقول : انّ الآية إنّما هي إخبار عما كتب الله تعالى على اليهود في التوراة ، وليس فيها أنّ ذلك حكمنا ، لأنّ الآية وان تضمنت انّ ذلك كان مكتوبا على أهل التوراة فحكمها سار فينا يدلّ على ذلك ما رواه

__________________

(١) تقدم ذكرها آنفا.

(٢) راجع الوسائل الباب ١٥ من أبواب قصاص الطرف الرواية ١ بالسند الأول والثاني.

(٣) راجع الوسائل الباب ١٥ من أبواب قصاص الطرف الرواية ١ بالسند الأول والثاني.

(٤) المائدة : ٤٥.

(٥) المائدة : ٤٥.

(٦) البقرة : ١٧٨.

(٧) البقرة : ٢٧٥.

(٨) المائدة : ٤٥.

(٩) الوسائل الباب ١ من أبواب قصاص الطرف الرواية ٥ ج ١٩ ص ١٢٣.

٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن ابان عن زرارة ، عن أحدهما ، في قول الله عزّ وجلّ «النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ، وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ، وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ» الآية قال : هي محكمة (١) (٢).

والطريق إلى الحسين صحيحة (٣) وهو ثقة.

والظاهر أنّ ابان هو ابن عثمان المجمع عليه.

وبالجملة لا توقف عند الأصحاب ، بل عند غيرهم أيضا في بقاء حكم هذه الروايات ، وان لم يكن شرع من قبلنا حجة ، فتأمّل.

وأنّه لا يدلّ على التزام جميع ما في القرآن قوله «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ» (٤) بأنّ (من) للعموم ، والظلم وضع الشي‌ء في غير موضعه ، وهو حرام ، وتركه واجب ، وهو لا يتم الّا بالحكم بها.

لأنّ المراد من حكم بغير ما في القرآن على الوجه الذي فيه فهو ظالم ، أي يجب ان يحكم بما فيه على الوجه الذي فيه ، فان كان الحكم فيه بأنّ على اليهود كان في التوراة كذا ، يجب ان يحكم كذلك ، لا أنّ ما كان في التوراة يجب كونه

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب قصاص الطرف الرواية ٥ ج ١٩ ص ١٢٣.

(٢) انتهى كلام التهذيب.

(٣) طريق الشيخ ـ كما في مشيخة التهذيب ـ هكذا : وما ذكرته في هذا الكتاب عن الحسين بن سعيد ، فقد أخبرني به الشيخ أبو عبد الله محمّد بن محمّد النعمان ، والحسين بن عبيد الله واحمد بن عبدون كلّهم ، عن احمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه محمّد بن الحسن الوليد ، وأخبرني به أيضا أبو الحسين بن أبي جيّد القمي ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن الحسين بن الحسن بن ابان ، عن الحسين بن سعيد ، ورواه أيضا محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن احمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، وما ذكرته عن الحسين بن سعيد (عن الحسن ـ خ ل) عن زرعة ، عن سماعة وفضالة بن أيّوب والنضر بن سويد وصفوان بن يحيى فقد رويته بهذه الأسانيد ، عن الحسين بن سعيد عنهم انتهى ج ١٠ من التهذيب ص ٦٣ من المشيخة طبع النجف.

(٤) المائدة : ٤٥.

٨٩

ولو كانت اذن المجني عليه مخرومة اقتصّ الى حدّ الخرم وأخذ أرش الباقي.

______________________________________________________

عليكم يا (أيا ـ خ) امة محمّد صلّى الله عليه وآله ، وهو ظاهر.

وفي آية أخرى ومن لم يحكم فهو فاسق (١) وفي اخرى أنّه كافر (٢).

وأنّ كلام المختلف على ابن الجنيد متوجه ، ولا يرد عليه كلام الشارح ، فإنّ العين الواحدة ان لم تكن تقابل العينين لا معنى لقلعهما لها ، إذ لا معنى لقلع العينين بواحدة مع عدم تساويهما لهما ومقابلتهما بواحدة فقط.

فلا يرد قتل الذكر بالأنثى مع الردّ وعدم التساوي ، فإنّها نفس بالنفس وواحدة بواحدة ، لا اثنين بواحدة ، كما في العين.

ولأنّ نفس الأنثى نصف الذكر فهو ضعفها ، بخلاف عين الأعور ، فإنّها إمّا واحدة مثل أخرى أو مثلهما ، وهو ظاهر ، ولهذا لا يقتصّ لعين ، الرّجل الواحدة عيني المرأة مع التساوي ويقتصّ لعيني المرأة عيني الرّجل مع الرد وعدم التساوي.

وبالجملة للتعدد دخل ، وهو ظاهر ، والعين إذا أخذت ديتها أو اقتصّت أو عفى صاحبها لم تكن عين الأعور الصحيحة إلّا مساويا (٣) لعين غيره.

وكأنّه لا خلاف فيه على ما يظهر من تقييد الشارح ونسخة المتن.

وأنّ هذا مؤيّد للتساوي في صورة الخلقة والآفة ، فتأمّل.

قوله : «ولو كانت اذن إلخ». إذا قطع جان صحيحة الاذن اذن شخص صحيحة الاذن فعليه الدية في غير العمد والقصاص فيه ، وان كانت مثقوبة ومنقوبة ، إلّا ان تكون فاحشة ، فإنّه حينئذ حكمه حكم المخرومة «الاذن

__________________

(١) إشارة إلى قوله تعالى «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ» المائدة : ٤٧.

(٢) إشارة إلى قوله تعالى «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ» ، المائدة : ٤٤.

(٣) هكذا في جميع النسخ ، ولعل الصواب مساوية.

٩٠

ولو عادت سنّ المثغر ناقصة أو متغيرة فالحكومة ولو عادت كهيئتها فالوجه الأرش.

______________________________________________________

بالاذن» (١) «وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ» (٢).

وان كانت اذن الجاني مخرومة يقتص بالمساوي والصحيحة مع أرش الزيادة.

وان كانت اذن المجني عليه مخرومة ومقطوعة ، بان ذهب بعضها فلا شك في قطع المساوي لها والأنقص مع استرجاع أرش الزائد ان كانت.

وفي قطع الصحيحة له قولان الجواز ، وهو مذهب المحقق «الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ» (٣) وغيره ، إلّا أنّه لما كانت اذن الجاني صحيحة كاملة يجب ردّ دية ما زاد وهو المخروم ، لئلا يلزم الظلم.

والآخر عدم جواز قطع كلّه بل إلى موضع الخرم فقط ، لأنّ الزيادة غير مستحقة ، فهو ظلم لا قصاص ، فلا يجوز.

ولكن يلزم الجاني أرش ما بقي من مقدار المخروم ، وهو اختيار المصنف ، ويحتمل الانتقال إلى الدية كما إذا تعذّر القصاص.

قوله : «ولو عادت سنّ إلخ». يعني إذا قلع شخص سنّ الصبي مثغر ـ بالثّاء والتّاء ـ هو الذي يسقط سنّه وينبت وان لم يعد فلا شك في لزوم مقتضاه ، فإن عادت قبل الاستيفاء ناقصة أو متغيّرة فيجب أرشه ، وهو المراد بالحكومة.

وان عادت كهيئتها تامّة من غير نقص وتغيير وعيب ففيه قولان الأوّل لزوم الأرش أيضا كما كان في الأولين ، فالأرش هو الحكومة ، فالتعبير بالحكومة تارة وبالأرش اخرى للتّفنّن لوجود موجبه وهو القلع وعوده إنّما يسقط القصاص وتمام الدية لا الأرش لحصول الألم ونقص العضو مدة ولا يسقط ذلك وان فرض أنها

__________________

(١) المائدة : ٤٥.

(٢) المائدة : ٤٥.

(٣) المائدة : ٤٥.

٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

كالأولى.

والثاني أنّه يلزمه بعير ، ويحتمل العمل بمقتضاها قصاصا أو تمام الدية لحصول الجناية الموجبة وعدم ثبوت أنّ وجود بدلها مسقط ، بل هو الظاهر ، لو لا خلاف الإجماع ، فتأمّل.

ويحتمل عدم شي‌ء لعدم نقص فيها (فإنّها كما كانت ولا نقص فيها ـ خ) فالله جبر فعله ، فلا شي‌ء عليه.

قال في الشرح ومعناه أي معنى الأرش ـ وهو الحكومة في الناقص والمتغيّر ـ تفاوت ما بين قيمته بسنّ تامّة وبها متغيّرة.

ويمكن ان يقال : تفاوت ما بين كونه مقلوع السنّ مدة ، ثم ينبت (نبتت ـ خ) متغيّرة ، وبين كونه بسنّ أي بسنّ صحيح كان له في تلك المدة وبعدها غير متغيّرة ، لأنّه نقص حصل في تلك المدة ، فلا يهدر ، ولأنّه لو لا اعتباره لم يمكن (يكن ـ خ) توجّه الأرش إذا عادت كهيئتها ، فإنّ ذلك الأرش لا يمكن إلّا بان يفرض عبدا مقلوع السنّ مدّة ، ثم يعود ، وغير مقلوعها أصلا.

إلى قوله : والتحقيق ان يقوم مقلوعها مدّة وغير مقلوعها أصلا ، وإنّما كان هو الوجه ، لأنّه نقص دخل على المجني عليه بسبب الجاني ، فلا يهدر ، للحديث (١) ، وللزوم الظلم وعود السن نافي القصاص والدية لا ذلك النقص لاستحالة إعادة المعدوم ، وهو فتوى الخلاف محتجّا بالإجماع ، لكنّه فرضه في الصغير ، وفي المبسوط : وقيل : لا أرش لعودها كما كانت إلخ.

والحاصل أنّ الأرش يعني الحكومة هو التفاوت ما بين ان يقوم المجني عليه أي يفرض مملوكا متّصفا بما كان عليها قبل الجناية وبين ان يقوم مع عدم حصولها مع

__________________

(١) إشارة الى الحديث المعروف : لا يهدم دم امرئ مسلم.

٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

بقاء النقص معه إلى ان حصل العود ناقصة أو متغيّرة أو كاملة ، والأرش والحكومة هو ذلك التفاوت أي شي‌ء كان ، ولو فرض عدم التفاوت لم يكن هناك أرش بل يكون مثل الضرب.

ثمّ قال في الشرح : وان لم يحكموا بعودها ، سواء حكموا بعدم عودها أو لم يحكموا بشي‌ء أصلا استوفى الحق ، فان لم يعد فلا كلام ، وان عادت إمّا بعد الحكم ابتداء بعدم العود أو بعد مضيّ مدّة الحكم والاستيفاء ، احتمل الرجوع لظهور بطلان الحكم بالاستيفاء ، وهو اختيار المهذب ، وعدمه لأنّه مع حكم أهل الخبرة يغلب الظنّ أنّها هبة مجددة ، وهذان ذكرهما في المبسوط واختار فيه وفي الخلاف الثاني ، وهو اختيار المصنف في المختلف محتجّا بعدم قضاء العادة بالعود ، وهو يتأتّى فيما إذا لم يحكم بالعود.

وقال في القواعد بعد اختياره هذا ويلزم منه وجوب القصاص وان عادت ، أي يلزم من عدم غرم سنّ الجاني المقلوعة في هذه الصورة بالدية ان يقتصّ ولو حكم أهل الخبرة بعودها ، وعادت ، لأنّها إذا كانت نعمة مجددة لم يخرج عن كونها نعمة بحكم أهل الخبرة ولا بعدمه ، ولأنّ الضرورة قاضية بأنّ العائد غير الاولى.

ثمّ أنّه ذكر في مطلب اللسان من القواعد أنّ سنّ المثغر إذا عادت لم تستعد الدية ، لأنّ المتجدّد غير الساقط (لأنّ المتجددة غير الساقطة ـ قواعد) ويمكن ان يقال مع الحكم بعودها يكون كمن لا يتغر وقد وافقنا على عدم القصاص إذا عادت مع الجزم بأنّ المتجددة غير الاولى ، وجوابه جوابنا.

لا يقال : يمكن الالتزام بالقصاص في سنّ غير المثغر وان عادت فنقول : احداث ثالث لأنّ الأصحاب بين قائلين إمّا بالأرش مع عودها كالمفيد والشيخ في النهاية والخلاف ومن تبعه أو بالبعير كابن الجنيد والتّقي وابن زهرة وابن حمزة عادت أو لم تعد ، فالفرق خرق الإجماع انتهى.

٩٣

ولو عادت سنّ الصبيّ قبل السنة فالحكومة ولو مات قبل اليأس فالأرش.

______________________________________________________

الحكم بالبعير مطلقا مشكل ، وكذا بالأرش فقط ، وعدم القصاص مع العمد وعدم الدية مع الخطأ وشبهه مع العود مطلقا ، سواء كان غير المثغر أو المثغر مع حكم أهل الخبرة بالعود وبعدمه.

وسكوتهم مشكل جدّا لما علم من عبارة القواعد ، فان قلع السنّ يقتضي عوضه ، وهو القصاص في محله لعموم «السِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ» (١) «فَمَنِ اعْتَدى» (٢) وغير ذلك من الاخبار والاعتبار ، وكذا تمام الدية في محلّها (٣) وعود بدلها لا يسقط مقتضى الجناية الواقعة يقينا وهو ظاهر.

الّا ان يقال ذلك لإجماع أو دليل آخر ، ولكن ما نجد ذلك غير عبارات بعض الأصحاب ، مع الخلاف الذي تقدم في سنّ المثغر.

الّا ان يقال : انما يجب قصاص في السنّ إذا لم يبق له سنّ وصار يغير سنّ لما في الحياة والعين والاذن واللسان وكذا تمام الدية فكأنه ما قلع سنه المقتضي للقصاص والدية ، بل فعل به جراحة وقلع عضوا فليس فيه الّا الأرش ، فتأمّل وكذا في عبارات الشرح ، فإنه لا يخلو عن غلط.

قوله : «ولو عادت سنّ إلخ». قال في الشرح : هناك مباحث.

الأوّل : التقييد في سنّ الصبي بالعود قبل السنة غريب جدّا ، فانّي لم أقف عليه في كتب احد من الأصحاب مع كثرة تصفّحي لها ككتب الشيخين وابن البرّاج وابن حمزة وابن إدريس وابن سعيد وغيرهم من القائلين بالأرش مع العود

__________________

(١) المائدة : ٤٥.

(٢) البقرة : ١٨٧.

(٣) في بعض النسخ أو عود بدلها ولعلّ الصواب ما أثبتناه.

٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وابن الجنيد ومن تبعه من القائلين فيه بالبعير مطلقا ولا في رواياتهم ولا سمعت من أحد من العقلاء الذين لقيتهم ، بل الجميع أطلقوا الانتظار بها ، وقيّدوه بنبات بقيّة أسنانه بعد سقوطها ، وهو الوجه ، لأنّه ربما قلع سنّ ابن اربع ، والقاعدة قاضية بأنّها لا تنبت الّا بعد مدة تزيد على السنة قطعا ، وإنّما هذا شي‌ء اختصّ به هذا المصنّف فيما علمته في جميع كتبه التي وقفت عليها ، حتّى أنّه في التحرير علّل بأنه الغالب ، ولا اعلم وجه ما قاله ، وهو اعلم بما قال.

نعم في رواية أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : السنّ إذا ضربت انتظر بها سنة فان وقعت اغرم الضارب خمسمائة درهم ، وان لم تقع واسودّت أغرم ثلثي الدية (١).

وهذه وان كانت صحيحة إلّا أنّها لا تدلّ على المطلوب إذ موضوعها سنّ ضربت ولم تسقط.

ويمكن ان يعتذر له رحمه الله بأنّ المراد به إذا قلعها في وقت تسقط أسنانه فيه ، فإنه ينتظر سنة ولا ريب أنّ هذا إذ ذاك غالب.

الثاني : أنّ الحكومة هل هي واجبة أم لا ، فقد مرّ الخلاف فيه ، والشيخ في الخلاف ادّعى الإجماع على الحكومة ، واحتج المصنف في المختلف على أنّ الواجب بعير.

برواية مسمع بن عبد الملك ، عن الصادق عليه السّلام ، قال : إنّ عليّا ، قضى في سنّ الصبي قبل ان يثغر بعيرا ، في كل سنّ (٢).

وفيه نظر ، لانّ الطريق إلى مسمع ضعيف جدّا ، وقد تقدم ضعفه.

__________________

(١) الوسائل الباب ٨ من أبواب ديات الأعضاء الرواية ٤ ج ١٩ ص ٢٢٥.

(٢) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب ديات الأعضاء الرواية ٢ ج ١٩ ص ٢٥٨.

٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ولو احتج بما رواه النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام ، قضى في سنّ الصبيّ إذا لم يثغر بعيرا (١).

قلنا : السكوني ضعيف والنوفلي أيضا ضعيف ، وقد توقفت أنت (٢) فيما يروى في الخلاصة.

فحينئذ الأولى العمل على المشهور من التفصيل لرواية جميل ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهما عليهما السّلام ، أنّه قال في سنّ الصغير يضربها فتسقط ثم تنبت (نبت ـ خ ل) ، قال : ليس عليه قصاص ، وعليه الأرش (٣).

الثالث : في كيفية الأرش ، وفيه ما تقدم ، وظاهر النهاية والسرائر وجماعة من الأصحاب أنّه نسبة ما بين كونها مقلوعة وغيرها والظاهر أنّهم اعتبروا إمكان العود أو وقوعه.

الرّابع : إذا مات قبل اليأس عن عودها ، قال المصنف وغيره : فيه الأرش ، ويشكل ببقاء أصل براءة الذمة عن جنايته ، وعدم العموم من جانب الآخر ، فإن قلنا به احتمل ان يكون كذلك ، لكن يراعى في هذا إمكان العود لا وقوعه ، فإنّه لم يقع ، ويحتمل ان لا يراعى أصلا ، لعدم الوقوع ، ولم يرد بقوله : الأرش المغايرة بين الحكومة والأرش ، فإنّهما واحد.

قلت : في البحث الأوّل انّ وجه التقييد بالسنة كونه غالبا ذلك كما قاله.

وأنّه قد قيّد السمع بالسّنة في صحيحة سليمان بن خالد ، ينتظر به سنة إلخ (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب ديات الأعضاء الرواية ٣ ص ٢٥٨.

(٢) هكذا في جميع النسخ ، فتدبر لعلك تفهم المراد.

(٣) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب ديات الأعضاء الرواية ١ ص ٢٥٨.

(٤) الوسائل الباب ٣ من أبواب ديات المنافع الرواية ١ ج ١٩ ص ٢٧٧.

٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وشعر الرأس كذلك في رواية سلمة بن تمام ، فأجّله سنة (١).

وقيّد طمث المرأة فيها أيضا في صحيحة أبي بصير ، ينتظر بها سنة إلخ (٢).

وقيّدت العين بها في صحيحة سليمان بن خالد ، قال : يؤجّل سنة إلخ (٣) فتأمّل.

وكذا وجه التقييد بما ذكره من نبات باقي الأسنان ، فإن الظاهر انّ المدار على النّبات متى يوجد بحيث يحكم أنّه نبت بدل الساقط وعوده ايّ وقت كان ، فانّ الحكم حينئذ ذلك (٤).

ويمكن ان يكون الغرض التمثيل والتعيين يكون للغالب.

واعلم أنّ وجه ذكره سنّ الصبي بعد ذكر سنّ المثغر ـ مع انّ الظاهر اتحادهما في الحكم ـ غير ظاهر ، بل ينبغي ان يكتفى بالصبي ، ويراد به غير البالغ الذي يسقط سنّه ، وينبت بدله ، أو يراد بالمتغر أعمّ من ان يكون صبيّا صغيرا وغيره ، كما هو الظاهر.

بل سبب التفريق ـ بين العود ناقصا ومتغيّرا وبين عودها كهيئتها مع اتحاد الحكم ، وهو لزوم الحكومة والأرش ـ غير ظاهر.

بل ذكره الأوّل بلفظ الحكومة والثاني بلفظ الأرش مشعر بالتفاوت بينهما ، وليس كذلك.

ويحتمل أنه فرق للإشارة إلى الخلاف في الثاني بقوله : (فالوجه) ، فإنّ وجها آخر ان يكون فيه بعير أو لم يكن شي‌ء بخلاف الأوّل.

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٧ من أبواب ديات الأعضاء الرواية ٣ ج ١٩ ص ٢٦١.

(٢) الوسائل الباب ١٠ من أبواب ديات المنافع الرواية ١ ج ١٩ ص ٢٨٦.

(٣) الوسائل الباب ٨ من أبواب ديات المنافع الرواية ٥ ج ١٩ ص ٢٨٣.

(٤) أي الأرش أو البعير (منه رحمه الله) هكذا في هامش بعض النسخ المخطوطة.

٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

بل يحتمل الاقتصاص وكمال الدية في الثاني ، بل في الكلّ ، فتأمّل.

وقلت في البحث الثاني : إنّه أشار إلى الخلاف في القول السابق بعد إثبات الأرش وتحقيقه ، وأنه فتوى الخلاف محتجّا بالإجماع ، لكنه فرضه في الصغير ، وان (وانّه ـ خ) في المبسوط : وقيل : ولا أرش لعودها كما كانت إلخ هذا مؤيّد لما قلناه من فرض الصبي والمثغر واحدا ، فتأمّل.

وأنّ رواية جميل ضعيفة بالإرسال (١) كروايتي بعير ، والأرش (٢) مشهور بل ادّعى الإجماع في الخلاف ، ويؤيّد بأنّه لا شك أنّه جرح وموجب لشي‌ء ، وليس في النصوص الصحيحة شي‌ء فيكون الأرش.

وأنّ جميلا ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما صحّ عنه ، فلا يضرّ إرساله ، فتأمّل.

وفي البحث الثالث أنّ المراد فرض صاحب السنّ مملوكا فيقوّم تارة مقلوع السنّ مدّة مع إمكان عودها أو عودها ، وتارة غير مقلوعة بل صحيحة الأسنان ، كما مرّ.

وفي البحث الرّابع أنّه لا اشكال لبقاء أصل براءة الذمّة ، لأنّ النقصان الموجب للأرش موجود ، وإنّما يسقط بالعود وما وجد للموت ، فاستقرّ النقصان الموجب ، فلا بدّ منه.

بل يمكن القول بالقصاص مع العمد ، وتمام دية السنّ مع عدمه ، فإنّه لا شك في اقتضاء قلع السّن ذلك ، لأنّه الفرض ، وإنما يسقط ذلك ويرجع إلى الأرش بعوده ، وقد تعذر ذلك من غير سبب من جانب المجني عليه.

__________________

(١) فإنه رواه عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما السّلام الى آخر ما تقدم (منه رحمه الله) هكذا في هامش بعض النسخ المخطوطة رواها في الوسائل في الباب ٣٣ من أبواب ديات الأعضاء الرواية ١ ج ١٩ ص ٢٥٨.

(٢) راجع الوسائل الباب ٣٣ من أبواب ديات الأعضاء الرواية ١ و ٢ و ٣ ج ١٩ ص ٢٥٨.

٩٨

ولو عادت سنّ الجاني فليس للمقتصّ إزالتها بخلاف الاذن.

______________________________________________________

الّا ان يقال : قلع هذا السّن لا يوجب إلّا الأرش حيث وقع في وقت يقتضي العادة عودها ، كأنّه ما وقع قلع سن لا يعود ، بل وانّما منعه أمر آخر ، فالمقتضي للدية والقصاص انّما هو السنّ التي تقلع في وقت لا يمكن عودها بل يصير بمجرّد القلع بلا سنّ كالعين والأنف وسائر الأطراف ، فتأمّل.

وعلى تقدير الأرش يحتمل اعتبار الوقوع ، بل ينبغي ذلك ، لما مرّ.

وان لم ينظر إلى ما مرّ يجب أحد الأمرين لا الأرش ، فلا يعتبر الوقوع ، وهو ظاهر.

وأنّ المراد بالحكومة هو الأرش ، وانّما غيّر لتفنّن العبارة.

قوله : «ولو عادت سنّ الجاني إلخ». لو جنى جان فقطع سنّ شخص عمدا ، فاقتصّ له منه ، ثم عادت سنّ الجاني ، أي نبت له سنّ أخرى في موضعه كالأولى ، فليس للمجنى عليه قلعها وإزالتها مرّة أخرى ، فإنّه اقتصّ وأخذ حقّها فلا يستحق غيرها ، بخلاف الأذن فإنه إذا قطعت بالقصاص ، فأخذها الجاني فألصقها بموضعها ، فالتصقت بالدم الحارّ فصارت كالأولى ، فإنّ للمجنى عليه إزالتها قصاصا ، فإنّ المعادة بعينها هي التي اقتصت ، فليس لها جبرها وتصييرها كما كانت ، فإن المجني عليه استحقت (١) إتلافها ، فله ان يتلفها ويضيعها ، فما دامت موجودة في محلّها له ان يقتص.

وفيه تأمّل ، إذ ليس له الّا قطع الاذن بالقصاص ، وقد فعل واستوفى حقّه فما بقي له حقّ آخر بعد ذلك.

نعم يمكن ان يقال : الصاقها غير جائز لأنّها ميتة ، فيجب من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إزالتها ، إذا لم يوجب الضرر والهلاك فيمكن ان يكون

__________________

(١) هكذا في النسخ ، والصواب ، استحقّ.

٩٩

ولو قطع ناقص الإصبع يد كامل اقتصّ ، قال الشيخ ويأخذ دية الإصبع واشترط في موضع آخر أخذه لديتها.

ولو قطع إصبعا فسرت إلى الكفّ فله (فعليه ـ خ ل) القصاص في الكفّ ، وليس له القصاص في الإصبع وأخذ دية الباقي.

______________________________________________________

للإمام أو الحاكم مطلقا أو لغيرهما أيضا مع العلم بالمسألة وعدم الضرر.

وكأنّه لذلك قال في القواعد : ولو أبان الأذن فألصقها المجني عليه فالتصقت بالدّم الحارّ وجب القصاص ، والأمر في إزالتها إلى الحاكم فإن أمن هلاكه وجب إزالتها وإلّا فلا ، وكذا لو ألصق الجاني اذنه بعد القصاص لم يكن للمجنى عليه الاعتراض.

قوله : «ولو قطع ناقص إلخ». لو كان من لا يد له كاملة ـ بأن قطعت إصبعه ـ يدا كاملة ، لا شك في الاقتصاص منه ، لجواز اقتصاص الناقص بالكامل ، من غير خلاف في اليد وغيرها من الأطراف.

وهل له أخذ دية الإصبع الواحدة التي قطعت مع اليد ، ولم تكن للجاني؟ قال الشيخ في موضع من المبسوط والخلاف ـ مدعيا الإجماع ـ : أنّ له أخذه من غير تقييد ، وفي موضع آخر من المبسوط اشترط ان لا تكون خلقيّة ولا ذاهبة بآفة ، بل تكون ممّا استحق قصاصها أو ديتها ، فإنّها حينئذ مأخوذة العوض فلا بدّ من ردّ دية ما يقابلها ، بخلاف الأوّل ، فإنّه ما وصل إليه العوض ، فلا عوض لمقابلها ، وكأنّها كاملة بالنسبة إليه فيمكن تقييد الأوّل بالثاني ، ولم يكن خلاف بين كلاميه.

ولكن الظاهر خلافه.

ويفهم من المصنف هنا التوقف ، والفرق غير ظاهر ، ويظهر من عدم الردّ الظلم ، فتأمّل.

قوله : «ولو قطع إصبعا إلخ». إذا قطع شخص عمدا عدوانا إصبع

١٠٠