مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٠

.................................................................................................

______________________________________________________

(للناس ـ ئل) (١).

وحسنة بريد بن معاوية عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن القسامة؟ فقال : الحقوق كلها ، البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه الّا في الدم خاصّة فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بينما هو بخيبر إذ فقدت الأنصار رجلا منهم فوجدوه قتيلا فقالت الأنصار : ان فلان اليهودي قتل صاحبنا ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله للطالبين : أقيموا رجلين عدلين من غيركم أقيده (أقده ـ خ ل) برمّته ، فان لم تجدوا شاهدين فأقيموا قسامة خمسين رجلا أقيده برمّته ، فقالوا : يا رسول الله ما عندنا شاهدان من غيرنا ، وانا لنكره ان نقسم على ما لم نره ، فودّاه رسول الله صلّى الله عليه وآله (من عنده ـ خ) فقال (وقال ـ ئل) : انما حقن دماء المسلمين بالقسامة لكي إذا يرى (رآى ـ ئل) الفاجر الفاسق فرصة من عدوّه حجزه مخافة القسامة أن يقتل به فكف عن قتله وإلا حلف المدعي عليه قسامة ، خمسين رجلا : ما قتلنا ولا علمنا قاتلا والّا أغرموا الدية إذا وجدوا قتيلا بين أظهرهم إذا لم يقسم المدّعون (٢).

فيها أحكام (منها) كون البيّنة على المدعي واليمين على من أنكر وكون الشهود من غير المدعين للتهمة.

وكون شاهدين عدلين.

وكون شاهدي القتل ـ كأنه العمد ـ رجلين عدلين وان كان المدعى عليه كافرا.

وكون حالف يمين القسامة خمسين رجلا فلا يكفي المرأة والصبيّ.

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ٢ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١١٤.

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ٣ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١١٤.

١٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

وكراهة اليمين ـ ولو كان في الدماء ـ على ما لم يره لديه صلّى الله عليه وآله وكذا من يقوم مقامه لمصلحة المسلمين.

وخمسين قسامة على المدّعى عليه للتخلص عن دعوى الدم ولو كان المدعي مسلما والمدعى عليه كافرا.

وحسنة زرارة قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن القسامة فقال : هي حق ان رجلا من الأنصار وجد قتيلا في قليب (١) من قلب اليهود فأتوا رسول الله صلّى الله عليه وآله فقالوا : يا رسول الله انا وجدنا رجلا منا قتيلا في قليب من قلب اليهود فقال : ائتوني بشاهدين من غيركم ، قالوا : يا رسول الله ما لنا شاهدان من غيرنا ، فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وآله فليقسم خمسون رجلا منكم على رجل ندفعه إليكم ، قالوا : يا رسول الله كيف نقسم على ما لم نر؟ قال : فيقسم اليهود ، قالوا : يا رسول الله كيف نرضى باليهود وما فيهم من الشرك أعظم ، فودّاه رسول الله صلّى الله عليه وآله قال زرارة : قال أبو عبد الله عليه السّلام : انما جعلت القسامة احتياطا لدماء المسلمين (الناس ـ ئل) كي ما إذا أراد الفاسق ان يقتل رجلا أو يغتال رجلا حيث لا يراه احد خاف ذلك فامتنع من القتل (٢).

ومثل رواية أبي بصير ، ورواية حنان بن سدير ، وصحيحة عبد الله بن سنان ، وصحيحة سليمان بن خالد (٣).

ثم اعلم أن هذه الأخبار خالية من اعتبار اللّوث لفظا يعني لم يوجد للقسامة

__________________

(١) والقليب بئر تحفر فينقلب ترابها قبل ان تطوى كذا في المغرب ، وعن الأزهري : القليب عند العرب البئر العادية القديمة مطوية كانت أو غير مطوية والجمع قلب كبريد وبرد (مجمع البحرين).

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٣ من أبواب دعوى القتل إلخ ج ١٩ ص ١١٧.

(٣) راجع الوسائل باب ١ حديث ١ ـ ٢ ـ ٤ ـ ٥ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١١٧ ـ ١١٨ على الترتيب.

١٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

شرط اللوث.

نعم في بعضها : (وجد القتيل في قبيلة (قليب ـ خ ل) وقرية (١) ونحو ذلك ، وليس ذلك بواضح ولا صريح في اشتراطه كما لا يخفى.

مع انه لا لوث ، ولا قسامة فيما ذكره فيه ، بل رواه عن رسول الله صلّى الله عليه وآله.

وكأن لهم على ذلك إجماعا أو نصا ما اطلعت عليه ، فتأمّل.

وان الذي دل عليه الأخبار من كون اليمين خمسين انما هو في قتل العمد لا غير ، للأصل.

ولما فيها من الاشعار به من اشتمالها على قتل القاتل بعد القسامة ، وعلى الاحتياط في الدماء كي لا يقتل الفاسق الفاجر إذا لم يره احد خوفا من ذلك وذلك انما يكون في العمد.

ولصحيحة عبد الله بن سنان ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : في القسامة خمسون رجلا في العمد وفي الخطأ خمسة وعشرون رجلا وعليهم ان يحلفوا بالله (٢).

وما في حسنة يونس ورواية المتطبّب : (والقسامة جعل في النفس على العمد خمسين رجلا وجعل في النفس على الخطأ خمسة وعشرين رجلا) (٣).

فيحمل الأول على العمد لوجوب حمل العام على الخاص والمطلق والمجمل

__________________

(١) لاحظ الوسائل حديث ٥ من باب ٩ وحديث ٥ من باب ١٠ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١١٥ ـ ١١٨.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ١ من أبواب القتل ج ١٩ ص ١١٩.

(٣) راجع الوسائل باب ١١ حديث ٢ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١٢٠ وقوله قدّس سرّه : ورواية يونس يعني يونس عن عبد الله بن سنان فتوجه.

١٨٣

وان لم يوجد اثر القتل كالشاهد الواحد أو جماعة الفسّاق

______________________________________________________

على المقيد والمفصّل (١).

فمذهب المصنف ـ هنا كما سيجي‌ء وغيره ، مثل ابن إدريس وغيره من كونها خمسين مطلقا لعموم الأدلّة ـ غير جيّد.

ثم اعلم ان القسامة مخالفة لغيرها من الأيمان في الدعاوي بأمور :

(منها) كون اليمين ابتداء على المدعي.

وتعدد الايمان.

وجواز حلف الإنسان لإثبات حق غيره.

ولنفي الدعوى عن غيره.

وعدم سقوط الدعوى بنكول من توجه إليه اليمين إجماعا بل يرد اليمين على غيره.

فلا يصار إليها إلّا فيما وجد شرائطها بالنص والإجماع ، وإذا لم يوجد الشرائط فالحكم فيها يكون مثل سائر المسائل.

فالبحث عنها يقع في أركانها وهي ثلاثة :

(الأوّل) المحلّ ، انما يثبت القسامة في قتيل يكون معه لوث أي امارة يغلب معها ظن الحاكم ، على صدق المدّعي فيما يدّعيه من انه قتل فلان ، فلانا وان لم يوجد فيه اثر القتل ، فلا يشترط كونه مجروحا وملطخا بالدم ، انه قد يحصل القطع بدونهما مثل الخنق ، والعصر ، وقبض مجرى النفس ، وسقي السمّ وغير ذلك.

كأنه أشار بذلك إلى مذهب العامّة ، بل إلى مذهب بعض الأصحاب كما يظهر من الشرائع قال :

ولا يشترط أثر القتل على الأشبه (٢) ، ولكنه بعيد.

__________________

(١) نشر على ترتيب اللف.

(٢) العبارة في الشرائع هكذا : ولا يشترط في اللوث وجود أثر القتل. إلخ.

١٨٤

أو النساء مع ظن ارتفاع المواطاة أو جماعة الصبيان والكفار (أو الكفّار ـ خ ل) ان بلغوا التواتر.

ولو وجد قتيلا وعنده ذو سلاح عليه دم أو في دار قوم أو محلّة منفرد عن البلد لا يدخلها غيرهم أو في صفّ مقابل للخصم بعد المراماة فلوث.

______________________________________________________

والامارة مثل الشاهد الواحد العدل ، وجماعة فسّاق غير مقبول الشهادة ، أو النساء الكثيرة بحيث يغلب على الظن عدم المواطاة على الكذب ، أو جماعة الصبيان ، أو الكفّار ان بلغوا التواتر.

كأنه يريد بالتواتر ما يفيد الظن الغالب بصدق المدّعي وعدم تواطئهم على الكذب ، والّا فيبقى الحكم بصدق المدعي من غير قسامة ، لحصول العلم به ، ولا شك انه أقوى من الحكم بالشاهدين العدلين.

ولعلّ اشتراط التواتر في الصبيان والكفار ، لأنهم غير مقبولي الشهادة بخلاف الشاهد الواحد ، وجماعة النسوة.

ولهذا نقل في شرح الشرائع عدم افادة قولهم اللوث في المشهورة ، قال : ولو شهد جماعة ممن يقبل روايتهم كالعبيد والنسوة وأفاد خبرهم الظن ، فهو لوث ، وان احتمل التواطؤ على الكذب كاحتماله في شهادة ـ وان لم يقبل رواياتهم كالصبية ، والفسقة ، وأهل الذمة ـ فالمشهور عدم افادة قولهم اللوث لانه غير معتبر شرعا.

وهذا بعيد ، كأنه لذلك قال :

ولو قيل بثبوته مع افادته الظن كان حسنا ، لأن مناطه الظن ، وهو قد يحصل بذلك (١).

__________________

(١) إلى هنا عبارة شرح الشرائع (المسالك).

١٨٥

وكذا في محلّة مطروقة بينهم وبينه عداوة أو في قرية كذلك.

ولو انتفت العداوة فلا لوث ولو وجد بين قريتين فاللوث لأقربهما أو لهما مع التساوي.

ولو وجد في زحام أو على قنطرة أو بئر أو جسر أو جامع عظيم أو

______________________________________________________

وكان ينبغي الجزم بذلك فإنه يحصل بظنّ أقوى من الظن بشاهد واحد ونسوة.

وعدّ من المفيد للوث ، وجدان قتيل في موضع وعنده ذو سلاح وعليه دم.

أو في دار قوم وجماعة ، أو في محلّة منفردة لقوم عن البلد لا يدخل تلك المحلة غير تلك الجماعة المعينة التي فيها.

أو وجد في صفّ مقابل للخصم بعد المراماة ورمى السهام.

وكذا لو وجد قتيل في محلّة مطروقة يدخل غيرهم ، ولكن بين القتيل وأهل المحلّة عداوة.

أو وجد في قرية بين أهلها وبين القتيل فيها ، عداوة.

ولو انتفت العداوة عن أهل القرية والمحلّة المطروقة ، فلا لوث ، لاحتمال صدور القتل من غير أهلهما بل من خارجهما.

ولو وجد بين قريتين ، فاللوث لأقربهما إليه ، ومع التساوي فاللوث لهما.

وينبغي ان يكون بين القتيل وبين أهل القريتين عداوة بناء على ما سبق ، من انه إذا وجد في قرية لم يكن بينها وبينه عداوة ، وكذا في المحلّة المطروقة ، لم يكن لوث ، فهنا بالطريق الأولى.

كلّ هذه الصور التي وجد فيها اللوث إذا عيّن ولي الدم ، القاتل ، يفعل القسامة ويعمل بمقتضاها ، ولو لم يكن لوث يكون مثل سائر الدعاوي فيقنع بيمين واحدة من المنكر في إسقاط الدعوى ، وهو ظاهر.

قوله : «ولو وجد في زحام إلخ». لو وجد قتيل في مجتمع الناس لكثرتهم

١٨٦

شارع أو في فلاة فالدية على بيت المال.

______________________________________________________

وغلبتهم مثل سوق وباب يزدحم الناس فيهما أو قنطرة ، أو بئر ، أو جسر ، أو مسجد جامع عظيم ، أو شارع ، أو غيره ، أو في فلاة ليس فيه ناس من قرية وسكان بادية فلا لوث ولا يمكن الدعوى على شخص ، فديته على بيت المال فإنه لا يبطل دم امرئ مسلم فكأنه قتله المسلمون ، فيؤخذ من أموالهم.

وبالجملة ديته من مصالح المسلمين.

دليله ما في رواية أبي بصير : وان كان بأرض فلاة أديت ديته من بيت مال المسلمين فإن أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقول : لا يبطل دم امرئ مسلم (١).

وكأنّه لا فرق بين الفلاة وغيرها من المذكورات.

وتدل على الغير روايات كثيرة ، مثل رواية مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ان أمير المؤمنين عليه السّلام قال : من مات في زحام الناس يوم الجمعة أو يوم عرفة أو على جسر لا يعلمون من قتله ، فديته من بيت المال (٢).

وصحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السّلام قال : ازدحم الناس يوم جمعة في إمرة علي عليه السّلام بالكوفة فقتلوا رجلا فودّى ديته إلى أهله من بيت مال المسلمين (٣).

وصحيحة عبد الله بن سنان ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل وجد مقتولا لا يدري من قتله؟ قال : ان كان عرف له أولياء يطلبون ديته ، أعطوا ديته من بيت مال المسلمين ولا يبطل دم امرئ مسلم لأن ميراثه للإمام عليه السّلام فكذلك ، تكون ديته على الامام ويصلّون عليه ويدفنون ، قال : وقضى في رجل زحمه

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ ذيل حديث ٥ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١١٨.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ٥ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١١٠.

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ٢ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١٠٩.

١٨٧

وقول المجروح : قتلني فلان ليس لوثا.

ولو وجد قتيلا في دار فيها عبده فلوث.

______________________________________________________

الناس يوم الجمعة في زحام الناس فمات أن ديته من بيت مال المسلمين (١).

ولعلّ دليله أيضا ما تقدم من فعله صلّى الله عليه وآله بعد عدم إمكان القسامة فوداه رسول الله صلّى الله عليه وآله من عنده (٢) مع انه كان هناك مدع على ان اليهود قتلوه ووجد اللوث الّا انه لا بد من العلم على القتل حتى يحلف وادعوا عدم ذلك وقابليّة المدعى عليه للحلف أيضا بأن يقبل منه ولم يقبلونها من اليهود لكفرهم فسقط القسامة فوداه رسول الله صلّى الله عليه وآله كأنّه من بيت مال المسلمين لئلا يبطل دم امرئ مسلم ، فهنا بالطريق الأولى ، فتأمّل.

قوله : «وقول المجروح قتلني إلخ». دليل عدم كون قول المجروح : قتلني فلان ، لوثا ، هو الأصل مع ما تقدّم ، وانه مدع وقول المدّعي لا يعتبر.

قوله : «ولو وجد قتيلا إلخ». قد مرّ أن وجود القتيل في دار قوم ، موجب اللّوث ، فلا فرق بين ان يكونوا عبيدا أو أحرارا ، فلو وجد انسان قتيلا في داره فيه عبده الذي يمكن ان يكون قاتله فهو لوث فيمكن لوليّه القسامة بأن ادعى عليه وله ان يحلف القسامة ان علم ذلك فيثبت عليه القتل.

وفائدته ان كان ولي الدم مولى التسلط على قتله شرعا ان كان عمدا بحيث لا يعترض عليه الحاكم وفكّه من الرهانة ان كان رهنا ، فإن أرش الجناية مقدم على حقّ الرهانة كما تقدم.

ويمكن ان يقال : لو كان الولي عارفا ، له ذلك من غير إثباته عند الحاكم ، بينه وبين الله ، فان كان قادرا على قتله من غير خوف من الحاكم أو تخليص من

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب ما يثبت به الدعوى ج ١٩ ص ١٠٩ وفيه عن عبد الله بن سنان وعبد الله بن بكير جميعا عن أبي عبد الله عليه السّلام.

(٢) راجع الوسائل باب ١٠ من أبواب ما يثبت به الدعوى ج ١٩ ص ١١٧.

١٨٨

ويرتفع اللوث بالشك كأن يوجد بقرب المقتول مع ذي السّلاح الملطّخ سبع ، ولو قال الشاهد قتل احد هذين لم يكن لوثا بخلاف قتله احد هذين.

______________________________________________________

الرهان ولو بحيلة يفعل ذلك من غير قسامة فتأمّل.

قوله : «ويرتفع اللوث بالشك إلخ». قد يرتفع اللوث المتوهم بمقارنة شي‌ء مانع من حصول الظن مثل ان يحصل شكّ بأنه واقع ممّن عيّنه الولي أو غيره مثل ان يوجد بقرب المقتول ـ مع شخص ذي سلاح ملطخ بالدم ـ سبع فهنا يحصل الشك في ان القاتل هذا الشخص أو السبع فلا يحصل اللوث لوجود الشك الذي ضد الظن.

ولو قال الشاهد : قتل احد هذين : أي لو قال الشاهد الواحد : قتل فلان احد هذين الشخصين فليس هنا لوث ، لإبهام الشاهد ، المقتول فلا يفيد الظن بتعين القاتل لمقتول المدّعي ، فقتله لمقتوله وغيره مساو في نظر الحاكم وغيره من غير رجحان فلا يحصل الظن بصدق المدعي الذي يدعي انه قتل المقتول المعيّن.

بخلاف ما لو قال الشاهد : قتل احد هذين هذا المقتول ، فان فيه لوثا لان الشاهد قد عيّن المقتول وحصر القاتل في أحدهما فيحصل الظن بالمعيّن مع تعيين الوارث.

بخلاف الأوّل فإنه ما عيّن المقتول فلا يؤثّر تعيين الوارث فإنه متهم بأنه يجرّ نفعا.

وهذا يصلح ان يكون فارقا ، وادعى الشيخ الفرق وتردّد (١) في الشرائع فيه

__________________

(١) قال في الشرائع : ويشترط في اللوث خلوصه عن الشك فلو وجد بالقرب من القتيل ذو سلاح متلطخ بالدم مع سبع من شأنه قتل الإنسان بطل اللوث لتحقّق الشك ، ولو قال الشاهد قتل احد هذين كان لوثا ، وقال : قتل احد هذين لم يكن لوثا وفي الفرق تردد (انتهى).

١٨٩

أو يدّعي الجاني الغيبة عن الدار إذا ادّعى الولي القتل على أحدهم فإذا حلف سقط بيمينه أثر اللوث فإن أقام على الغيبة بينة بعد الحكم بالقسامة بطلب القسامة واستعيدت الدية.

ولو ظهر اللوث في أصل القتل دون كونه عمدا أو خطأ لم تسقط القسامة.

______________________________________________________

وظاهره ان مراده عدم الفرق في عدم كونهما لوثا ، لا في كونهما لوثا فيثبت.

والقاعدة التي تقدمت تدل على عدم اللوث إلّا في المنصوص والمجمع عليه.

قوله : «أو يدعي الجاني إلخ». عطف على قوله : (قال الشاهد) يعني ليس هنا أيضا لوث أي لو وجد قتيل في دار فيها جماعة فهو موجب للوث ، فان ادعى المدّعي ان فلانا منهم قتله فان كان حاضرا وقابلا للقتل فقد مرّ انه لوث ، فله ان يفعل القسامة ويعمل بمقتضاها.

ولو ادّعى المدّعى عليه الجاني الغيبة عن تلك الدار حين قتله فيه المقتول فالقول قوله مع يمينه ، للأصل فان ثبت عدم الغيبة فهو لوث ، والّا فله عليه يمين واحدة أنه كان غائبا ، فإن حلف سقط اللّوث فلا يوجد اللوث كما في صورة شهادة الشاهد ، أنّ فلانا قتل أحد هذين أو وجود السبع ونحو ذلك.

فإن أقام مدّعي الغيبة بعد الحكم بالقسامة أو وجودها والعمل بمقتضاها مثل أن أخذ الدية بطل الحكم بها واستعيدت الدية التي أخذت.

ولو اقتصّ ، يمكن أخذ الدية أيضا للشبهة وعدم تحقق العمد العدوان ويحتمل القصاص كعدم شي‌ء أصلا ، فتأمّل.

قوله : «ولو ظهر اللوث إلخ». يعني إذا ظهر اللوث وظن الحاكم بان المدّعي صادق في كون المدّعى عليه قاتلا ، لا في انه قاتل عمدا ـ كما يدعيه ـ أو خطأ

١٩٠

والأقرب أنّ تكذيب أحد الورثة يبطل اللوث بالنسبة إليه ، فلو قال أحدهما قتل أبانا زيد وآخر (والآخر ـ خ ل) لا أعرفه وقال الآخر

______________________________________________________

ان ادّعى ، لم يضرّ باللوث ، بل هو حاصل فوجب القسامة فيعمل بمقتضاها وأخذ الدية لعدم العمد وثبوت الأصل ، والأصل عدم كونه عمدا.

ولا ينافي ذلك دعوى المدّعي بأنه يدّعي الخاصّ وقد اثبت المطلق.

قوله : «والأقرب ان تكذيب إلخ». يعني إذا كان أولياء الدم متعددين وادعى أحدهم تعيين القاتل ويظهر اللوث المفيد لظن الحاكم بصدقه ، وكذّبه أحدهم في ذلك يبطل اللوث في حق المكذّب لا غير ، بل بقي لوثه ، فيعمل بالقسامة وبمقتضاها على الأقرب عند المصنف إذ قد يكون تكذيب الآخر لا يكون رافعا لظن الحاكم لما أظهره المدعي مفيدا له لقوته.

ويحتمل كونه مبطلا له بالكلّية ، فإنه بمنزلة شاهد للمدّعى عليه بعدم صدوره منه فيضعف دعوى المدّعي وشاهده الواحد وما يقوم مقامه ممّا يفيد الظن ، والقاعدة (١) التي تقدمت ، مع الثاني (٢).

وينبغي الحوالة إلى الحاكم ، فان كان مع ذلك ظنّه بصدق المدعي ، باقيا وما صار ضعيفا بذلك وشكا ، لم يبطل والّا بطل.

ولو عمل بمقتضى ظاهر كلامهم وهو جعل العمل باللوث وكونه كلاما يفيد الظن فالبحث عن خصوصيّة المواد عبث ، إذ يوكّل الكل الى الحاكم وظنّه ، فان حصل ، حصل ، والّا فلا والتكاذب المسقط على تقديره مثل ان يقول أحدهما : قتل أبانا زيد ، وقال الآخر : ما قتله زيد ، فلو قال : قتله زيد مع شخص آخر لا اعرف ذلك الشخص من هو ، وقال الوارث الآخر : قتله عمرو مع آخر ولا أعرف

__________________

(١) في هامش بعض النسخ المخطوطة هكذا : هي ان الأصل عدم اللوث إلّا في صورة النص (انتهى).

(٢) وهو عدم اللوث بالنسبة ، مع المكذب وغيره يعني القاعدة التي تقدمت تقتضي عدم اللوث بالنسبة إلى الجميع لا المكذّب فقط.

١٩١

قتله عمرو وآخر (الآخر ـ خ ل) لا أعرفه فلا تكاذب ومع انتفاء اللوث تكون اليمين واحدة على المنكر كغيره من الدعاوي

(الثاني) في الكيفية : ويحلف المدعي مع اللوث خمسين يمينا في العمد والخطأ على رأي وفيما يبلغ الدية من الأعضاء على رأي والّا فبالنسبة من الخمسين ولو كان للمدعي قوم حلف كل واحد يمينا ان كانوا خمسين والّا كررت عليه.

______________________________________________________

ذلك الآخر ، لا تكاذب بينهما ، إذ يحتمل ان يكون الآخران زيد أو عمرو ، والأوّل لا يعرف عمروا ، والثاني لا يعرف زيدا ، ولا بعد في ذلك وهو ظاهر.

قوله : «ومع انتفاء اللوث إلخ». يعني إذا ادّعى مدع على شخص بأنه قاتل مورثه ولم يحصل لوث ، فالقول قول المنكر ، فليس له عليه الّا يمين واحدة على العدم كما في سائر الدعاوي فإن البيّنة على المدعي ، واليمين على من أنكر بالنص والإجماع ، خرج دعوى القتل مع اللوث بالنص والإجماع وبقي الباقي.

ولكن قد عرفت ان الأدلة على عموم القسامة ما كان فيها شي‌ء صحيح صريح في اعتبار اللوث ، فتأمّل ، واحتط ، وهم أعرف.

قوله : «الثاني في الكيفيّة إلخ». قال في الشرح : هنا مسألتان ، الاولى لا خلاف ان الايمان في العمد خمسون ، واما في الخطأ ، ففيه قولان ، المساواة ، وهو قول المفيد وسلار ، وابن إدريس ، وهو ظاهر كلام ابن الجنيد ، ويلوح من كلام ابن زهرة وتبعه الكيدري (١) ، وأطلق الخمسين أبو الصلاح وادعى ابن إدريس إجماع المسلمين.

__________________

(١) هو : كما في الكنى والألقاب للمحدث القمي رحمه الله ج ٣ ص ٦٠ ، أبو الحسن محمّد بن الحسين الحسن البيهقي النيسابوري الإمامي الشيخ الفقيه الفاضل الماهر الأديب ، الاريب البحر الزاخر صاحب الإصباح في الفقه وأنوار العقول في جميع اشعار أمير المؤمنين عليه السّلام وشرح النهج وغير ذلك ، وله اشعار لطيفة وكان معاصرا للقطب الراوندي وتلميذا لابن حمزة الطوسي ، انتهى موضع الحاجة.

١٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ويمكن ان يحتج بقضيّة الأنصار مع يهود خيبر لما قتل عبد الله بن سهل ، فإن النبيّ صلّى الله عليه وآله حكم فيها بخمسين.

ويشكل بأنه حكاية حال ، فلا تعمّ ، على أنّه في بعض ألفاظ رواياتها : (وأقيموا خمسين رجلا أقيده برمّته) (١) وفي بعضها : (رجل ندفعه إليكم) (٢).

وبأنه (٣) أحوط في التهجم على الأموال.

ويشكل بأن فيه تهجما على التكليف بزيادة الأيمان.

وفي كتب الشيخ واتباعه كالقاضي والصهرشتي والطبرسي وابن حمزة : في الخطأ خمسة وعشرون ، وهو فتوى المختلف ، لأنه أظهر في المذهب لصحيحة (٤) عبد الله بن سنان المتقدمة (٥).

وقد مرّ تحقيق المسألة على ما هي مختار المختلف فتذكّر.

ثم قال : الثانية اختلفوا فيما بلغ الدية من الأعضاء كاللسان ، والأنف ، واليدين ، فقال : من سمينا (٦) أوّلا ، ستة أيمان عدا المفيد وسلار وابن إدريس فإنهم أوجبوا خمسين احتياطا واختار في المختلف الأول محتجا بأن حق الجناية يناسبه حق الايمان وقلّة المشدّد.

ولحسنة يونس عن الرضا عليه السّلام ، وقال في حديث عن أمير المؤمنين عليه السّلام وعلى ما بلغت ديته من الجوارح (الجروح ـ ئل) ألف دينار ، ستة نفر ،

__________________

(١) الوسائل باب ٩ قطعة من حديث ٣ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١١٤.

(٢) الوسائل باب ١٠ قطعة من حديث ٣ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١١٧ وفيه : (فليقسم خمسون رجلا منكم على رجل ، ندفعه إليكم).

(٣) عطف على قوله قدّس سرّه : (بقضية الأنصار).

(٤) لاحظ الوسائل باب ١١ حديث ١ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١١٩.

(٥) الظاهر انه إلى هنا عبارة الشرح.

(٦) يعني في المسألة الاولى وهم المفيد وسلار إلخ فلاحظ.

١٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

فما دون ذلك بحسابه من ستة نفر (١).

قال المحقق : أصل هذه الرواية ظريف ، وهو موجود في رواية في سهل بن زياد ، عن الحسن بن ظريف (بن ناصح ـ ئل) عن أبيه ظريف بن ناصح ، عن عبد الله بن أيوب ، عن أبي عمرو المتطبّب ، قال : عرضت على أبي عبد الله عليه السّلام ما افتى به أمير المؤمنين عليه السّلام من (في ـ ئل) الديات ، فجعل مع كلّ قسامة في العمد خمسين ، وفي الخطأ خمسة وعشرين ، وفيما بلغت ديته من الجوارح ألف دينار ستة نفر (٢) الحديث (٣).

والعمل بالمشهور أحوط.

والمروي في المسألتين أقوى.

والخمسون في المسألتين كما هو رأي المصنف لا دليل له في الظاهر.

وما في حسنة يونس وابن فضال جميعا عن الرضا عليه السّلام ويحتمل الصحّة ، وهي التي رويت ، عن سهل أيضا بالإسناد المتقدم عن المتطبّب قال : عرضت إلخ كما ترى.

دليل الستة في الأعضاء التي أرشها تمام الدية كما هو مختار المختلف.

وكذا لا دليل على ان عدد القسامة للأعضاء التي ديتها دون الدية ، كاليد الواحدة والعين الواحدة ، بالنسبة إلى الخمسين ، فان كان أرشها نصف الدية يكون عدد قسامتها نصف الخمسين أي خمسا وعشرين ، فتكون قسامة اليد الواحدة خمسة وعشرين يمينا ، وكذا العين الواحدة.

بل الظاهر من رواية يونس والمتطبّب المتقدمة أن عددها ، بالنسبة إلى

__________________

(١) الوسائل باب ١١ قطعة من حديث ٢ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١٢٠.

(٢) الوسائل باب ١١ قطعة من حديث ٢ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١٢٠.

(٣) يأتي تمامه عن قريب ان شاء الله.

١٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الستة ، فيكون ـ فيما هو أرشه نصف الدية ـ نصف الستة ، فيكون في اليد الواحدة ثلاث أيمان وكذا في العين الواحدة.

قال : عرضت على أبي عبد الله عليه السّلام ما افتى به أمير المؤمنين عليه السّلام في الديات فممّا أفتى به في الجسد وجعله ستّ فرائض ، النفس ، والبصر ، والسمع ، والكلام ، ونقص (الضوء من العين ـ خ) الصوت من الغنن (١) والبحح (٢) والشلل من اليدين والرجلين ثم جعل مع كل شي‌ء من هذه قسامة على نحو ما بلغت الدية والقسامة ، جعل في النفس على العمد خمسين رجلا ، وجعل في النفس على الخطأ خمسة وعشرين رجلا ، وعلى ما بلغت ديته من الجروح ألف دينار ستّة نفر ، وما كان دون ذلك فحسابه من ستة نفر ، والقسامة في النفس ، والسمع ، والبصر ، والعقل ، والصوت من الغنن والبحح ، ونقص اليدين ، والرجلين فهو ستة أجزاء الرّجل ، تفسير ذلك إذا أصيب الرجل من هذه الأجزاء الستة وقيس ذلك ، فان كان سدس بصره أو سمعه أو كلامه أو غير ذلك ، حلف هو وحده ، وان كان ثلث بصره حلف هو وحلف معه رجل واحد ، وان كان نصف بصره ، حلف هو وحلف معه رجلان ، وان كان ثلثي بصره ، حلف هو وحلف معه ثلاثة نفر وان كان أربعة (خمسة أسداس ـ خ) أخماس بصره ، حلف هو وحلف معه أربعة ، وان كان بصره كلّه حلف هو وحلف معه خمسة نفر ، وكذلك القسامة في الجروح كلّها ، فان لم يكن للمصاب من يحلف معه ضوعفت عليه الايمان ، فإن كان سدس بصره حلف مرّة واحدة ، وان كان الثلث حلف مرّتين ، وان كان النصف حلف ثلاث مرّات ، وان كان الثلثين حلف اربع مرّات ، وان كان خمسة أسداس ، حلف خمس

__________________

(١) الغنة صوت في الخيشوم قالوا : والنون أشد الحروف غنّة ومن ذلك الاغن وهو الذي يتكلم من قبل خياشيمه يقال : رجل اغن وامرأة غنّاء (مجمع البحرين).

(٢) البحح بالحائين المهملتين غلظ الصوت ومنه البحّة بالضم (مجمع البحرين).

١٩٥

ولو كان المدّعون جماعة قسطت (بسطت ـ خ ل) الخمسون عليهم بالسوية.

ولو لم تكن له قسامة وامتنع منها احلف المنكر خمسين يمينا ان لم يكن له قوم والّا احلف كل واحد يمينا.

______________________________________________________

مرّات ، وان كان كلّه حلف ست مرّات ثم يعطى (١).

هكذا في الكافي والتهذيب ، لعلّ قوله : (وتفسيره) غير داخل في الرواية بل في كلام الكافي.

ومنها علم ان الذي أرشه دون الدية يقاس إلى الستة لا الخمسين وما أشار إليه في المتن إلى الخلاف في المسألتين ، لعله متفرع على مذهبه من الخمسين في الذي أرشه الدية فيكون بالنسبة إلى الستة على من مذهبه تلك.

قوله : «ولو كان المدّعون إلخ». هذه في النفس أو العضو الذي أرشه الدية على مذهبه ، وعلى مذهب الستة حلف من قومه مع الوجود ، ومع العدم كرّر على الموجودين ولو لم يكن إلّا المدّعي ، كرّرت عليه.

قوله : «ولو لم يكن له قسامة إلخ». لو لم يكن للمدعي من يحلف معه خمسين يمينا في النفس أو العضو الذي أرشه ، الدية ـ وامتنع هو أيضا عن حلف ذلك العدد ـ احلف المنكر خمسين يمينا على نفي مدّعى المدّعي ، وانه بري‌ء ممّا نسبه إليه وان كان ما يقتضيه أقلّ منه ، يحلف ذلك العدد لا أزيد ، وهو ظاهر.

هذا ان لم يكن له قوم وأقارب يحلفون له بالبراءة.

اما بأن لا يكونوا أو يكونوا ولكن لم يحلفوا لعدم علمهم ، أو لغير ذلك وان كانوا موجودين ، ويحلفون مع علمهم بذلك ، يحلف كل واحد منهم يمينا واحدة على براءة المدّعي عليه ممّا يدّعي عليه المدّعي من قتل النفس وغيره.

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ٢ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١٢٠.

١٩٦

فان نكل ولم تكن له قسامة ألزم الدّعوى.

ولو تعدّد المدعى عليهم فعلى كل واحد خمسون.

______________________________________________________

هذا ان وافى عددهم القسامة ، والّا تكرر عليهم بالسوية حتى يكمل العدد كما في المدّعى.

قوله : «فان نكل ولم تكن له إلخ». لو ادّعى شخص على شخص القتل أو نحوه ولم يقر المدّعى عليه به ، بل أنكر ولم يكن هناك موجب القسامة من اللوث الذي هو شرط وجودها عندهم ، فان حلف فخلص من الدعوى ، وان لم يفعل ، بل نكل الزم بالدعوى وحكم الحاكم بلزوم المدّعى بسؤال المدّعي.

هذا على القول بالقضاء بالنكول ظاهر.

واما على ردّ اليمين فيرد اليمين الواحدة إلى المدّعي ثم يحكم له به كما في سائر الدعاوي.

ويحتمل ان يكون معنى قوله : (انه كانت على المنكر خمسون يمينا) ، مثلا ولم يكن له قوم يحلفون له بالبراءة إما لعدمهم أو لعدم علمهم ، كان تلك العدد على المنكر نفسه فيحلف تلك العدد.

وان لم يحلف الزم حينئذ بثبوت الدعوى عليه.

هذا على القول بالقضاء بالنكول ظاهر.

واما على القول بالرد فيمكن هنا أيضا ذلك ، لأنّها ردّت إليه فلا ترد.

ويحتمل ردّ يمين واحدة كما في غيرها.

قوله : «ولو تعدّد المدّعى عليهم إلخ». لو كان المدّعى عليهم القتل أو القاتل أو القطع متعدّدين يدّعى عليهم ذلك بالشركة ، فعلى كل واحد منهم خمسون وما في معناه في صورة إلزامهم بالقسامة كما في المنفرد ، فان كلّ واحد بمنزلة الواحد ، ولهذا يجوز قتلهم بعد ثبوت الاشتراك في القتل عمدا.

ونقل فيه قول للشيخ على كفاية كل واحد نصيبه ، محتجّا بالإجماع على

١٩٧

ويشترط ذكر القاتل والمقتول بما يرفع الاشتباه والانفراد والشركة (أو الشركة ـ خ ل) ونوع القتل ولا يجب انّ النيّة نية المدعي.

______________________________________________________

ذلك في الخلاف ، وبالأخبار ، فإنها واقعة واحدة ، فليس فيها إلّا قسامة واحدة ، وهي خمسون يمينا وما في معناه.

ونقل الاتفاق على انه يكفي للكلّ خمسون يمينا من المدّعي على تقدير القسامة.

فالظاهر انه على المدّعى عليهم خمسون يمينا على تقدير القسامة.

قوله : «ويشترط ذكر القاتل إلخ». أي يشترط في الخروج عن عهدة اليمين ـ إذا حلف ـ أن يذكر الحالف في يمينه القاتل بحيث لا يبقى الاشتراك ، مثل انّ فلان بن فلان قاتل إذا حلف المدعي أو قومه ، أو ليس بقاتل ان كان الحالف ، المنكر وقومه.

وذكر المقتول أيضا بعينه مثل القاتل بحيث يرتفع الاشتباه ويمتاز عن الأغيار.

وذكر انفراده في القتل إذا كانت الدعوى كذلك واشتراكه فيه ان كانت الدعوى كذلك.

ولا بد من ذكر نوع القتل على الوجه المدّعى من كونه عمدا أو خطأ.

ولا يجب على المنكر وقومه ممن يحلف له ، ان يذكر مع ذلك أنّ نيّتي وقصدي في يميني نيّة المدعي لرفع التورية للأصل ، مع عدم الدليل ، فان عليهم ان يحلفوا على نفي ما يدّعى عليهم. وما يتوهم من التورية لا يجب دفعها ، بل لا يندفع بها أيضا.

على أنه قد ثبت ان النيّة نيّة المحقّق ، سواء ذكر أن النيّة نيّة المدّعي أم لا فينصرف اليمين إلى نفي مدّعى المدّعي لو كان المحقّ هو.

وان ورّى الحالف وينوي غير ذلك ، فيترتّب عليه أثر اليمين ، سواء كان في

١٩٨

ولو ثبت اللوث على احد المنكرين حلف المدعي قسامة خمسين يمينا له واحلف الآخر يمينا واحدة فإن قتل ردّ عليه النصف.

(الركن الثالث) الحالف : وهو كل مستحق قصاص أو دية أو دافع أحدهما عنه أو قوّم أحدهما معه.

ويشترط علمه ولا يكفي الظن ولا يقسم الكافر على المسلم

______________________________________________________

الدنيا أو الآخرة.

ولا يندفع بذلك ، الضرر العاجل والآجل بالتورية ، فلا فائدة في إيجاب ذلك.

ويمكن ان يتأتى مثله في جانب قوم المدّعي ، بل في نفسه أيضا.

ولعلّ قول المصنف إشارة إلى ردّ من قال به كما نقله في شرح الشرائع.

قوله : «ولو ثبت اللوث على احد المنكرين إلخ». إذا كان الدعوى على اثنين بالاشتراك في القتل مثلا ووجد مع أحد المدعي عليهما لوث وشرائط القسامة دون الآخر ، يفعل المدّعي معه ، القسامة كما في الواحد المنفرد.

فمع إثباته في القسامة ، له قتله بعد ردّ نصف الدية كما في سائر الشركاء ويبقى دعواه مع الآخر كسائر الدعاوي التي لا لوث ولا قسامة فيها فله عليه يمين واحدة لا غير فيحلف ويخلص من دعواه ، والكل واضح.

قوله : «الثالث إلخ». الركن الثالث من أركان القسامة ، الحالف ، وهو اما مدعي قصاص أو دية وقوّمه أو منكر ذلك وقوّمه ، فالمراد بمستحق القصاص أو الدية مدّعي أحدهما وبدافع أحدهما ، منكر لزوم القصاص أو الدية نفسه وقوّم أحدهما قوّم المستحق وقوّم الدافع ، ويضمن معه أحدهما المستحق أو الدافع ، وهو ظاهر.

قوله : «ويشترط علمه إلخ». يشترط في الحالف ان يكون عالما بما يحلف

١٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه من إثبات ونفي علما يقينيّا لا يحتمل النقيض.

ولا يكفي الظن وان كان ظنّا غالبا ، إذ لا يمين الّا مع العلم ، بالعقل (١) ، وبأنه شهادة بل شهادة وزيادة وليست الّا به.

ولهذا في الروايات كما (ترى الشمس) (٢) فكل من المدعي الذي يحلف وقومه الّذين يحلفون معه ، لا بدّ ان يكونوا عالمين بالمدّعي من قتل شخص معيّن أو قطعه (٣) شخصا معينا ، عمدا أو خطأ ، مجتمعا أو منفردا على الوجه الذي يعرفون عليه.

وكذا كل من المنكر وقومه الذين يحلفون على نفي شي‌ء من ذلك ، لا بد ان يكونوا عالمين بالبراءة علما يقينيّا ، لا ظنّا متاخما للعلم.

ويشترط أيضا إسلام الحالف الذي هو المدعي إذا كان المدّعى عليه مسلما.

ولا يثبت القسامة للكافر على المسلم مع وجود شرائطه ، إذ القسامة خلاف الأصل والقواعد فيقتصر على موضع الوفاق.

وأيضا ذلك سبيل للكافر ، وهو منفي عن المسلم.

وما ثبت من إثبات الحقوق بالدعاوي وإثبات المال بالشاهد واليمين ان قيل به ، فخرج بالنص والإجماع ان كان ما بقي الباقي.

وأيضا تثبت القسامة ـ مع العمد ـ القود ، ولا قود لو فرض المقتول مسلما

__________________

(١) هكذا في النسخ كلها ولعل الصواب (القتل) بدل العقل أو (القطع) بدله أي مع العلم القطعي كما يأتي.

(٢) قال في الشرائع : الطرف الثاني فيما به يصير شاهدا ، والضابط ، العلم لقوله تعالى «وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ» ، ولقوله صلّى الله عليه وآله ـ وقد سئل عن الشهادة ـ : هل ترى الشمس ، على مثلها فاشهد أو دع (انتهى).

(٣) هكذا في النسخ كلها ولعل الصواب (أو قتله) بدل قوله : (أو قطعه).

٢٠٠