مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٠

وللمولى مع اللوث إثبات القسامة في عبده.

ولو ارتدّ المولى (الولي ـ خ ل) منع القسامة فإن حلف قيل : صحّ.

______________________________________________________

فتأمّل وهو مختار الشرائع.

ونقل عن الشيخ ثبوتها له على المسلم محتجا بعموم أدلة القسامة ، غير أنه لا يثبت القصاص بمانع ، فيثبت الدية كما ثبتت عند ثبوت قتله عمدا.

والأصل يندفع بالدليل.

وليس بمعلوم شمول السبيل ، والّا يلزم سقوط الدعاوي وإثبات حقوقه وليس كذلك فإنهم لا يقولون انه سبيل خرج بالدليل ، ولو قيل ذلك يقبل هنا أيضا كذلك ، وهو مختار المختلف.

هذا جيّد لو كان دليل القسامة بحيث يشمل قسامة الكافر ، وليس كذلك كما ترى إذا ترجع إليه ، فإنه ليس هنا صحيح صريح نصّ في ذلك أو عام يشتمل على شرائط القسامة.

فالخروج عن القواعد إليها ـ بالقياس في غير موضع الوفاق والنصّ ـ مشكل.

وأيضا قد مرّ في الاخبار (١) عدم الاعتداد بيمين الكافر لنفي القتل ، فكيف يثبت بها القتل على المسلم فإنه يستحل دمه وماله ، وكأنه لذلك اختار الأول هنا.

قوله : «وللمولى مع اللوث إلخ». قد مرّ أن للمولى ان يثبت على مملوكه القتل العمد بالقسامة إذا وجد شرائطها ، فيحلف خمسين يمينا ثم يعمل بمقتضى القسامة.

وان فائدته التسلط على قتله شرعا ظاهرا من غير إنكار أحد عليه ، وفكّه من الرهانة.

قوله : «ولو ارتد المولى إلخ». ظاهر هذا الكلام ان المرتد مطلقا ممنوع عن

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١١٦.

٢٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

القسامة بمعنى انه لا يجوز له ويمنعه الحاكم عن ذلك.

وانما الخلاف في انه إذا خالف وحلف هل يقع محلّه ويترتب عليه أحكام القسامة أم لا؟

ويفهم توقفه في ذلك حيث نقل قولا به وسكت عليه.

وفي الأول بحث ، خصوصا عند من جوّز قسامة الكافر على المسلم ، وهو قول الشيخ بل المصنف أيضا على ما مرّ.

ولأنهم يجوّزون يمين الكافر ولو كان على المسلم لإثبات حقه بالإجماع على ما نقل فلا يظهر وجه منع قسامة المرتد.

على ان الظاهر ان المدّعى عليه أعم من الكافر والمسلم ، صرّح به في الشرح.

ولا مانع من قسامة الكافر على الكافر وحلفه له بمقتضى مذهبه ، فلا يكون الكفر مانعا لان من يجترئ على الارتداد يجترئ على الايمان الكاذبة أيضا لأنه مشترك بين مطلق الكفار فيلزم عدم سماع دعواهم بينهم ، وقد مرّ خلافه هكذا قيل.

ويمكن ان يقال : فرق بين المرتد والكافر الأصلي ، فإنه يقوم عليه بعد الايمان فيقدم على اليمين الكاذبة أيضا ، بخلاف الأصلي ، فإنه ما قدم عليه بعده ، بل كان معتقدا بأنه لا قبح فيه ، فتأمّل.

ويمكن ان يقال : سبب المنع ما تقدم في الرواية من قول الأنصاري : (ما نرضى بيمين اليهود) (١) وقررهم صلّى الله عليه وآله.

أو انه (٢) محجور عليه عندهم فكيف يصح الدعوى ، واليمين ، وإثبات حق

__________________

(١) راجع الوسائل : باب ١٠ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١١٧ ، والعبارة منقولة بالمعنى.

(٢) عطف على قوله قدّس سرّه : (ما تقدم في الرواية يعني سبب المنع محجورا إلخ).

٢٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

بها خصوصا الفطريّ ، فإن تم هذا يبقى الكلام في الثاني ، فإن ظاهر المنع من الرواية عدم ترتب أثره عليه وكذا المحجور عليه.

ثم ان وقوع اليمين منه وترتب أحكامها عليها مع كونه ممنوعا منها ممّا يستبعد ، فان لغالب المنع في أمثال ذلك لعدم الفائدة ولجرأته على اليمين الكاذبة وعدم مبالاته بها ، فكيف يترتب عليها الحكم ، خصوصا المرتد الفطري الذي ممنوع عندهم عن كلّ أمر ووجب قتله فوريا ولا يملك شيئا ويخرج ما ملكه عن ملكه فكيف يثبت بيمينه الممنوعة مال أو قصاص.

وكذا الملّي كيف يثبت بيمينه الممنوعة الغير المسموعة والمجوزة ، مالا ، مع انه لا يرث شيئا إذا كان المقتول حرّا ووقع الارتداد قبل قتل المورّث.

الّا ان يقال : ليس هو حينئذ وليّا فليس بداخل.

فما عن المبسوط : (والأولى ان لا يمكّن الإمام من القسامة مرتدا لئلا يقدم على يمين كاذبة فمتى حالف وقعت موقعها لعموم الاخبار ، وقال شاذ : (لا يقع) وهو غلط ، لانه اكتساب ، وهو غير ممنوع منه في مدّة الإمهال وهي ثلاثة أيام.

بعيد (١) لانه قال أوّلا : يمنع من اليمين ثم قال : (اكتساب وهو غير ممنوع منه) مع انه أعم من الفطري.

وهو ممنوع الّا ان يخصّ بالملّي بقرينة قوله : (في مدّة الإمهال) فإن الفطري لا يمهل أو يقال : المراد بعدم منعه من الاكتساب ، ترتّب حكمه وهو الملكيّة على ما يكون مثله يملك وان كان حراما.

ولأنا ما رأينا في الاخبار التي نقلها في كتابه ما يدل على ذلك ، وعلى تقديره يكون جائزا أيضا لعمومها.

__________________

(١) خبر لقوله قدّس سرّه : (فما عن المبسوط إلخ).

٢٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وبالجملة القسامة مخالفة للقواعد ، فلا بدّ لها من دليل قوي ، فثبوت أحكامها بيمين ممنوعة ولا مسموعة ، مشكل ، فإن إثبات مثل هذا في غير المادة المجمع عليها والمنصوص مشكل ، وهو أعرف.

ونقل في الشرح مؤيّدا للشيخ عن المصنف انه قال : وكما يصح يمين الذمي في حقّه على المسلم ، فكذا هنا ، فإذا رجع إلى الإسلام استوفى ما حلف عليه مرتدا.

ولا يخفى بعد قياس هذا على ذلك ، لان هذا ممنوع بخلاف ذلك ، وذاك عليه أدلة من النص والإجماع بخلاف هذا ، مع مخالفته للقواعد.

ثم قال : وأورد عليه المحقق والمصنّف ان الحالف لا بد وان يكون وليّا ، والولاية هنا ولاية الإرث ، والارتداد مانع منه ، وكأنه في دفع ذلك قال : الولي هنا أعم من الوارث وسيّد العبد بالارتداد (١) ان يكون بعد قتل المقسم على قتله واما قتله فقط ، فظاهر مذهبه في المبسوط منع الولي من القسامة وعدم اعتبارها ان كان وارثا وصرّح بجوازها في العبد ، قال : لان اختلاف الدين مانع للإرث لا مانع الملك (٢).

ولا يخفى ان الإيراد ، على ظاهر هذا الكلام ، فإنه عام بحسب الظاهر حيث قال : (مرتدا) نكرة في سياق النفي ، مقيدة للعموم ، فهو أعمّ من الولي وغيره وبعد القتل وقبله فيمكن ان يقال : انه مخصّص بالولي والمرتد الملّي الذي ارتد ـ قبل قتل المدعى ـ قبله بقرينة الولي ، فإن الفطري ليس بوليّ ، وبقرينة الإمهال فإنه لا يمهل ، والذي ارتد قبل القتل ليس بولي أيضا لأن المراد بالولي ، ولي الدم ووارثه وهو ليس

__________________

(١) هكذا في النسخ ذكره مع الباء.

(٢) قالوا : يا رسول الله كيف نرضى باليهود وما فيهم من الشرك أعظم إلخ. الوسائل : باب ١٠ قطعة في حديث ٣ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١١٧.

٢٠٤

ويقسّم المكاتب في عبده فان عجز قبل الحلف والنكول حلف السيّد وان كان بعد النكول لم يحلف.

______________________________________________________

كذلك.

ثم قال : نعم لو قيل : لا يقع موقعها لوقوعها بغير اذن الحاكم ، فان الحاكم لا يجيبه على الإحلاف ، أمكن الّا انه مشكل بإمكان عدم علم الحاكم بردّته فيستحلفه ثم يظهر انه مرتد.

فيه أيضا تأمّل ، إذ كلام الشيخ بوقوعها موقعها أعمّ من هذه الصورة ، بل ظاهره انه مع كونها ممنوعة يقع موقعها.

ولما مرّ ـ من أن المتبادر من المنع في هذه المواضع خصوصا عن الكافر الذي لا يبالي بالكفر ووقع عدم الرضا بيمينه ، معلّلا (بأن ما فيه أعظم من اليمين الكاذبة) (١) ـ عدم الوقوع.

ثمّ قال : في منعه من الأيمان كلام ، والاعتذار بإقدامه على الردّة فيقدم على اليمين آت في كل كافر مع الإجماع على صحّة يمينه ، هذا.

مع أنّ ملكه باق على أمواله ما لم يقتل أو يمت ، إذ التقدير أنه عن ملّة.

نعم يمكن أن يقال : ان المرتد محجور عليه فلا يقع يمينه ، إذ هي من جملة تصرفاته وقد عرفت الفرق بين المرتد وسائر الكفّار وبين القسامة وسائر الايمان وانه ما قيل : أنّ ملكه غير باق حتى يرد انه باق.

وانه محجور عليه عن التصرف في الأموال بمعنى الإخراج ، واما بمعنى الكسب وإدخاله في ملكه فليس بظاهر كونه محجورا عليه خصوصا عن اليمين الموجبة لإثبات الحق وعدم ضرر فيها بما له ونفسه ، فتأمّل.

قوله : «ويقسم المكاتب إلخ». يعني إذا قتل مملوك المكاتب ووجدت

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٣ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١١٧.

٢٠٥

ولو مات الولي حلف وارثه ان لم ينكل الميّت.

ولو قتل عبدا فأوصى بقيمته لمستولدته ومات ، فللورثة ان

______________________________________________________

شرائط القسامة ، له ان يفعل القسامة كما إذا قتل مملوك الحرّ ، لأنها (١) حق وليّ الدم ، ولا شك أن المكاتب وليّ دم مملوكه ، لان منافعه له ، وله اكتسابه وبيعه وصرف ثمنه في الكتابة.

وليس الولاية لمولى المكاتب ، إذ تسلّطه منقطع عنه وعن ماله الّا استيفاء حق الكتابة.

نعم ان عجز المكاتب عن مال الكتابة وانفسخت قبل الحلف والنكول وانقطاع الدعوى ، فللسيّد القسامة ، فان الحق صار له ، فان المكاتب ومملوكه صارا مملوكين محضا له ، فهو كما إذا قتل مملوكه ابتداء ووجد معه شرائط القسامة.

وان كان العجز بعد نكول المكاتب عن القسامة ، فلا قسامة للمولى ، إذ سقطت بالنكول فلا ترجع بعده.

نعم له اليمين الواحدة على المدّعى عليه ، لأن القسامة سقطت ، لا الدعوى ، فان للمكاتب كان إحلافه بعد نكول القسامة فانتقل الحق إليه ، فله ذلك كما في سائر الدعاوي ، وهو ظاهر.

قوله : «ولو مات الولي إلخ». لو مات وليّ دم مقتول سواء كان حرّا أم مملوكا وكان له القسامة وما فعل ولا نكل عنها حتى يسقط كان لوارثه القسامة مع الشرائط.

وليس له بعد نكول المورث ، فإنها سقطت فلا تعود ، نعم له إحلاف المدّعى عليه يمينا واحدة كما مرّ في مولى المكاتب.

قوله : «ولو قتل عبدا إلخ». إذا قتل مملوك شخص استحق مولاه

__________________

(١) القسامة.

٢٠٦

يقسموا وإن كانت القيمة للمستولدة ، لأنّ لهم حظّا (حقّا ـ خ ل) في تنفيذ الوصية ، فإن نكلوا فللمستولدة القسامة على اشكال وكذا الإشكال في قسامة الغرماء لو نكل الوارث فان لم يقسموا فلهم يمين المنكر.

______________________________________________________

القسامة فأوصى بقيمته لامّ ولد له ، ثم مات الموصى كان لورثته القسامة لإثبات الدم فيأخذ هي.

الظاهر أن المراد قتل موجب للدية مثل ان قتله الحرّ أو المملوك من غير عمد ، وانه لا مانع عن الوصيّة بقيمة مثله.

وانه انما فرض المستولدة دون المملوك المحض ليصحّ الوصيّة من غير (١) كما للحرفان في الوصيّة للمملوك خلافا.

وجواز القسامة للورثة ـ مع شرائطه ـ ما ذكره من أنّ لهم حظا ونصيبا في إخراج وصيّة مورثهم ، تعلّقا بإخراجها وان كان المال يحصل للموصى له.

كما ان لهم الدعوى وإثبات الديون والأموال للميّت بالبيّنة واليمين مع شاهد واحد أو الردّ وبعد الحصول يأخذه الديان.

فيه تأمل إذ اليمين ـ لإثبات حق الغير ـ مشكل ، ومجرّد التعلق غير كاف مع ان الورثة ليس لهم الإخراج ، وانما ذلك للوصي أو الحاكم وليس لهم التبديل والتغيير فيها ، بخلاف الديون ، فان لهم التصرف فيها وإعطاء العوض فبالحقيقة يثبتون لأنفسهم ذلك.

وظاهر كلامهم أن لا بحث فيه ، انما البحث في حلف الموصى له والغرماء مع نكول الورثة عن ذلك مع انا نجد أن حظهم بالمدعى أكثر من حظ الورثة.

هذا أحد طرفي الإشكال.

__________________

(١) هكذا في النسخ كلها فتأمّل في المراد منه.

٢٠٧

ومن قتل ولا وارث له فلا قسامة ، ولو غاب احد الوليّين حلف الحاضر خمسين واثبت حقّه ولم يرتقب ، فان حضر الغائب حلف خمسا وعشرين يمينا وكذا لو كان أحدهما صغيرا ولو جنّ قبل الإكمال ثم أفاق أكمل.

ولو مات في الأثناء قال الشيخ : يستأنف الوارث لئلا يثبت حقّه بيمين غيره.

______________________________________________________

والآخر أن حقّهم ليس بثابت فيه ، بل انما يثبت بعد ثبوت الحق ، فقبله ، هم أجنبي.

وأنت تعلم ان القسامة قد خالفت به الدعاوي والايمان ، فإنها تقع من الأجنبي ، والموصى له ، والديّان ليسا بأجنبيين صرف ، فتأمّل.

وعلى تقدير نكول الورثة عن القسامة ، فان لم يفهموا المستولدة والغرماء ، فلهم أو للورثة ، اليمين الواحدة على المدّعى عليه إذا لم يكن عليهم قسامة حتى تسقط الدعوى أو يثبت شي‌ء لو لم يحلفوا ، وهو ظاهر.

قوله : «ومن قتل ولا وارث له فلا قسامة». وجه عدم القسامة ـ مع عدم وارث لمقتول لا وارث له ظاهرا ـ ظاهر ، فإن القسامة لا بدّ لها من مدّع يعلم ويقسم ، وذلك ليس لغير الوارث.

ولو كان هناك ديّان أو موصى له ، فيجي‌ء فيه الاشكال المتقدم.

قوله : «ولو غاب احد الوليين إلخ». إذا قتل شخص ولديه وليّان أحدهما حاضر والآخر غائب ، فللحاضر إثبات حقه بما يمكن ولو بالقسامة.

فلو أراد مع وجود شرائطها ، له ذلك ويحلف خمسين يمينا تمام عدد القسامة فإن حق القسامة لا يثبت الّا بالخمسين وما حلف شي‌ء منه ، فعليه تمامه ، بخلاف ما لو حضر الغائب وأراد ذلك مع وجود الشرط فليس عليه الّا مقدار حصته فإنه ما

٢٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ثبت الحق باليمين ، فلا بد من تحققها منه أيضا.

بخلاف ما لو ثبت المدّعي به بالبيّنة ، فإنه لا يحتاج إلى إثبات الغائب بعد ان حضر ، بل حقّه أيضا ثابت ، لانه واحد مثل القتل وقد شهد عليه بالحجّة الشرعيّة مطلقا.

واما وجه حلفه نصف الخمسين ، لأنّ حقّه ذلك وقد حلف على النصف الآخر مقداره وزيادة فوجد الخمسون والزيادة مع دعوى الخصمين فيهما.

ويحتمل عليه أيضا ، تمام العدد ، وعدم شي‌ء كما في البيّنة ، فتأمّل.

ولا يجب على الحاضر ، الانتظار حتى يحضر الغائب ويحلفان جميعا ، العدد.

وكذا الكلام إذا كان احد الوليين أو الأولياء أو أكثر ، صغيرا أو مجنونا وليس لوليهما القسامة واليمين ، لعدم إثبات حق الغير بيمينه.

ولو جنّ ولي الدم بعد ان قسم بعض القسامة فيما إذا كان عليه أكثر من يمين واحدة ثم أفاق لا يجب عليه استيناف العدد ، بل يكفي إكماله العدد ، إذ يصدق عليه انه حلف القسامة مع اتصافه بمن يصح منه ذلك ، والأصل عدم ضرر اعتراض الجنون لعدم اشتراط الاتصال ، وهو ظاهر.

وفيما إذا مات الوليّ ـ قبل الإكمال في الأثناء ـ تأمّل فإنه لو لم يستأنف الوارث عدد القسامة لزم ثبوت حقه بيمين الغير ، فإنه يثبت الحق بيمين المورث والوارث وهو ممنوع ولذا قال الشيخ بالاستيناف لئلا يثبت حقه بيمين غيره بمعنى انه لا شك ولا شبهة في ان ثبوت الحق موقوف على يمين الميّت ، فإنه لولاها لم يثبت للوارث شي‌ء أصلا بما فعله وهذا هو المراد بإثبات الحق بيمين الغير الممنوعة.

ويحتمل الاكتفاء بالإتمام فإن الوارث يكمّل العدد ولم يلزم إثبات الحق بيمين الغير لان المورث انما حلف لحقه ، لا لحق الغير الّا انه بعد موته انتقل الحق إلى غيره فلو حلف الكل فانتقل الحقّ إلى الوارث ، لا يلزم باليمين لحق الغير فكذا

٢٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

هنا فان في وقت الحلف ما كان لغيره.

واشتراط كون الكل عليه ، غير ظاهر.

ولأن القسامة خرجت عن تلك القاعدة ، فإن فيها اليمين لإثبات حق الغير ، لأنهم اشترطوا كون القوم الذين يحلفون غير وارث الدم ، وهو ظاهر.

وكذا الحلف لنفسه عنه ، وهو ظاهر.

فليفرض ان الميّت حلف لإثبات حق الوارث.

فتأمّل فيه ، إذ قد يقال : انه ممنوع ، خرج ما خرج ، وبقي الباقي الّا انه قد يمنع كون هذا الردّ ممنوعا ، والأصل عدم زيادة التكليف بالإيمان ، وهو حاصل.

غير انه قد يقال : الأصل عدم ثبوت الدم على المدّعى عليه ، وإثباته بالقسامة خلاف القواعد وخرج ما هو المتفق والمنصوص ، وبقي الباقي تحته.

ومن هذا التقرير لوجهي المسألة علم عدم ورود ما أورده الشارح ـ بعد تقرير الأول ـ بقوله : (وليشكل عليه بان أيمان المورث لم تثبت الحقّ ولا شيئا منه وانما يثبت الحقّ عند كمال القسامة وهو من الوارث ولا يلزم من توقّف استحقاق الوارث على المجموع أخذه به خصوصا إذا قلنا فإن (ان ـ خ) العلّة المركّبة لا وجود لها ، فيكون الجزء الأخير هو العلّة أو الهيئة الاجتماعيّة إن جعلناها مغايرة للأجزاء.

ثمّ يمكن ان يقال : الوراث هنا ليس مخاطبا بكمال الخمسين حتى يتوقف حقه عليها لان ما حلف مورّثه قد امتثل به الأمر بالقسامة وامتثال الأمر يقتضي الإجزاء ، فكأنّ قسامة الوارث منحصرة في الباقي من الأيمان.

ثم يطرد في كل وارث متعدّد ، فإنهم إذا حلفوا مجموع الايمان لا يستحق كل بأيمانه حقه ، بل استحقوا بالمجموع ، المجموع وهو لا يتألّف الّا من اجزائه فيكون إثباتا بيمين غيره ، لما عرفت أنّ المراد بالإثبات ذلك فلا شك في وجوده هنا.

على أنه لا معنى لمنع وجود العلّة المركّبة وكون العلّة للجزء الأخير فقط أو

٢١٠

ولا يشترط في القسامة حضور المدّعى عليه.

وإذا استوفى القسامة فأقر آخر بقتله منفردا لم يكن للولي إلزامه على رأي.

______________________________________________________

الهيئة من غير مدخليّة الأجزاء ، وهو ظاهر ومقرّر في الحكمة والكلام.

ولأن دعوى عدم خطاب الوارث بالخمسين مصادرة.

وما ذكره في بيانه لا يدل عليه ، فان كون أمر المورث للاجزاء بمعنى خروجه عن العهدة وعدم تكليفه بفعله مرّة أخرى ، لا يدل على عدم تكليف الوارث بخمسين يمينا قسامة ، لإثبات مدعاه ، وهو ظاهر.

على ان عدم خطابه بكمال الخمسين لا يدل على كفاية ما بقي وعدم مدخليّة ما فعله المورث في إثبات حقّه.

وانه لا يمين لإثبات الحق قسامة إلّا خمسين فكيف يجوز الأقل حتى الواحدة مثل ان يفرض موته بعد بقاء الواحدة.

ثم أنه لا يطرد أيضا ، لأنا قلنا : ان المراد ان يكون لإثبات حق الغير فقط لا انه يكون لإثبات حق نفسه إلّا انه يحصل حق غيره أيضا به ، فالممنوع ما يكون مثبتا لحق الغير فقط لا لإثبات حق نفسه الذي يلزم منه حق الغير أيضا.

قوله : «ولا يشترط في القسامة إلخ». دليل عدم اشتراط حضور المدّعى عليه ، هو الأصل وعموم الأدلّة.

وإنه إثبات دعوى مثل سائر الدعاوي فلا يشترط حضور المدعى عليه مثله.

قوله : «وإذا استوفى القسامة إلخ». إذا حلف المدّعي خمسين قسامة واثبت ما يحلف المدّعي المطلوب ـ وهو القتل على شخص معيّن ـ ثم أقر غيره بأنه القاتل وحده للمقتول الذي ادّعى قتله لم يكن لولي الدم المدعى إلزام المقر بالدم

٢١١

.................................................................................................

______________________________________________________

على رأي ، لأنه يكذّب لإقراره بالدعوى والحلف عليها.

ولأن الحلف عند الأصحاب انما يكون مع علمه بالمحلوف عليه ، فكيف يلزم المقرّ مع علمه بأنه غير قاتل ، وهو قول المبسوط ومختار المختلف أيضا.

ويحتمل عدم إلزام أحدهما والدية من بيت المال كما مرّ في قضاء الحسن عليه السّلام (١) وإن لم تكن هذه من تلك الصورة إلّا انها قريبة منها.

ودليله عليه السّلام جار هنا ، وقول الخلاف التخيير بين إلزام أيّهما أراد مثل ما اشهد على أحدهما وأقر الآخر ، أو أقرّ كل واحد بالقتل وحده لانه ثبت في المحلوف عليه باليمين وفي المقرّ بإقراره.

ويمكن أن يقال : بينه وبين الله تعالى ، ويحلّه العمل بعلمه ، فإن أخذ من المحلوف عليه شيئا ورجع عنه إلى المقرّ ، يرد ما أخذه ، إليه.

واما بحسب ظاهر الشرع فيه اشكال لما مرّ من التكذيب.

ودفع بأنه إذا أكذب نفسه في الدعوى الاولى والحلف ، له اختيار إلزام المقر.

وله نظائر في الشرع ، مثل ان أقرّ بأنه أخذ المال المودوع من الودعيّ وأنكر الودعيّ ذلك ثم رجع المودع ، عن إقراره وقال : ما أخذت ، سواء أظهر توجيها لإقراره أم لا ، مثل ان أخذت غيرها وتوهمت أنّه ذلك أو وكّلت شخصا في أخذها وظنت أنه أخذها ونحو ذلك ، له مطالبة الودعيّ بتلك الوديعة لاعتراف الودعيّ أو أقر شخص لآخر بمال معيّن فأنكر المقر له ملكيته أو ادّعى ملكيته.

قالوا قبل هذا مطلقا : فعلم ان لا منافاة بين الإقرار بشي‌ء والرجوع عنه بالمنافي.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٤ حديث ٢ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١٠٧.

٢١٢

ولو التمس الولي حبس المتّهم ، قيل : يجاب إليه.

______________________________________________________

وفيه تأمّل ، إذ قد يمنع ذلك في الأمثلة أيضا مطلقا أو مع عدم إظهار وجه وجيه وتأويل مقبول وان كان ذلك مقبولا بنصّ أو إجماع فلا يتعدى إلى ما نحن فيه ، لعدم الدليل وضعف القياس خصوصا مع الفارق للاحتياط في الدماء.

ولهذا منع البعض القياس في الحدود مع قبوله في غيرها واعتبر الشارع خمسين يمينا ، فكيف يجوز الإكذاب وأخذ غيره بدل المحلوف عليه ، فتأمّل.

قوله : «ولو التمس الوليّ إلخ». إذا التمس وليّ الدم الّذي اتّهمه بقتل مورثه ـ سواء كان ممّا يوجب القود أم لا ، وقيل : المتهم بالدم مطلقا فيشمل الجرح أيضا ـ من الحاكم حبسه ليحضر شهوده أو يفعل القسامة ، أو يقرّ ، أو يحلف قيل يجاب إليه.

أي يقبل الحاكم ويحبسه ، فان جاء ببيّنة أو بقسامة أو أقر هو ، وإلّا خلّي سبيله بعد إحلافه يمينا واحدة.

قال في الشرح : هنا بحثان (الأوّل) المتهم بالقتل ـ وفي بعض العبارات بالدم وهو يشمل الجرح ـ يحبس قال المصنف : إذا التمسه الولي ، وأطلق الشيخ في النهاية وابن البراج (١).

والمذكور في الرواية التي دليل الحكم ، الدم وأريد منه القتل بقرينة قوله عليه السّلام : (فان جاء وليّ المقتول والّا خلّي سبيله) (٢) ولا دليل على غير القتل بحسب الظاهر.

وأيضا هو تعجيل عقوبة يناسب امرا عظيما فلا يناسب كلّ دم.

وأيضا لا يناسب قياسه عليه ، ولا الجرأة بغير دليل وهو ظاهر.

__________________

(١) الظاهر انه إلى هنا عبارة الشرح.

(٢) راجع الوسائل باب ١٢ من أبواب ما يثبت به الدعوى ج ١٩ ص ١٢١.

٢١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ثمّ ان الرواية مطلقة فكلام الشيخ لعلّ المراد مع التماس الوليّ ، فإنه عقوبة لحقه فلا يكون الّا بعد التماسه.

ويؤيّده عدم الحكم بدون التماسه مع ثبوته.

قال : (الثاني) (١) مقدار الحبس ستة أيّام ، فإن جاء المدّعي ببيّنة أو اقسم ، وإلّا خلّي سبيله ، قاله الشيخ والقاضي والصهرشتي والطبرسي ، وقال ابن حمزة : ثلاثة أيام ، وقال ابن الجنيد : ان ادعى الولي البيّنة حبس إلى ستة.

ومأخذ الحكمين رواية السكوني عن الصادق عليه السّلام ، قال : ان النبيّ صلّى الله عليه وآله كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام ، فإن جاء أولياء المقتول ببينة (بثبت ـ ئل) وإلّا خلّي سبيله (٢).

وابن إدريس منع عن الحبس وزعم أنّ الرواية مخالفة للأدلّة من تعجيل العقوبة قبل ثبوت الموجب.

وقال المصنف في المختلف : ان حصلت التهمة في نظر الحاكم ألزمه الحبس عملا بالرواية ، وحفظا للنفوس عن الإتلاف ، وان حصلت لغيره فلا ، عملا بالأصل.

واعلم ان القائل بالحبس لا يفرّق بين عدم قيام بيّنة أو قيام بيّنة لا تثبت عدالتها.

ولعلّ نظر ابن حمزة إلى تعليق بعض الاحكام على الثلاثة كمدّة إمهال المرتد والشفيع ، وجريان العادة بزوال العذر عند الوليّ.

ونظر ابن الجنيد إلى أنه نهاية الاحتياط في الدماء وأقرب إلى تحقيق عدم الحجّة بالكليّة.

__________________

(١) يعني في الشرح عطف على قوله : (الأول).

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١٢١.

٢١٤

تتمّة

تجب كفارة الجمع بالقتل العمد العدوان.

______________________________________________________

قال المحقّق : السكوني ، ضعيف وفي العمل بما ينفرد به توقف.

ولكن يمكن ان يورد الشيخ ذلك ، لما فيه من الاحتياط على الدم.

وأنت تعلم عدم إمكان الاحتياط هنا ، والحبس بغير دليل شرعي مشكل ، والثلاثة لا دليل له ، والقياس غير معتبر ، والرواية ضعيفة.

ولكن لا يبعد ما ذكره في المختلف مع حصول ظن قوي للحاكم ، فتأمّل.

ويحتمل الإنظار إلى زمان يمكن فيه إحضار الشهود التي يدّعيها المدّعي ، فتأمّل.

«تتمّة»

قوله : «تجب كفّارة الجمع إلخ» دليل وجوب كفارة الجمع ، وهي الكفارات الثلاث بقتل البالغ العاقل المسلم مطلقا ، عمدا صغيرا أو كبيرا ، مجنونا أو عاقلا ، ذكرا أو أنثى ، حرا أو مملوكا وان كان القاتل هو المولى.

كأنه الإجماع وعموم الروايات الكثيرة.

مثل صحيحة عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام انه سئل عن رجل قتل مؤمنا وهو يعلم أنه مؤمن غير أنه حمله (يحمله ـ كا) الغضب على أنه قتله (أولياء المقتول ـ خ) هل له من توبة ان أراد ذلك أو لا توبة له؟ قال : يقاد منه (به ـ خ) ، فان لم يعلم به انطلق إلى أوليائه فأعلمهم أنه قتله فان عفوا عنه أعطاهم الدية وأعتق رقبة وصام شهرين متتابعين وتصدّق على ستين مسكينا (١).

__________________

(١) فروع الكافي كتاب الديات باب ٣ من قتل المؤمن على دينه حديث ٣ ص ٣١٦ طبع أمير بهادري

٢١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وقريب منه رواية أسامة (١).

وما رواه بطريق آخر ، عن عبد الله بن سنان وبكير عنه عليه السّلام (٢).

وصحيحة إسماعيل بن جابر ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام : الرجل يقتل الرجل متعمدا؟ قال : عليه ثلاث كفارات يعتق رقبة ويصوم شهرين متتابعين ويطعم ستين مسكينا ، وقال : افتى علي بن الحسين بمثل ذلك (٣).

ويدلّ على وجوبها على المولى إذا قتل عبده بخصوصها ، الأخبار.

مثل صحيحة أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : من قتل عبده متعمدا ، فعليه ان يعتق رقبة ويطعم ستين مسكينا وان يصوم شهرين (متتابعين ـ خ) (٤).

وقريب منها حسنة حمران الّا انه ليس فيها الإطعام وزاد : ويتوب إلى الله عزّ وجلّ (٥).

ومثلها صحيحة أبي أيوب ورواية سماعة (٦).

وحسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قال في الرجل يقتل

__________________

والوسائل باب ٢٨ حديث ٣ من أبواب الكفّارات ج ١٥ ص ٥٨٠.

(١) التهذيب : باب القضايا في الديات والقصاص حديث ٣٠ ج ٢ ص ٤٩١ الطبع القديم وفيه : عن أبي أسامة وهو الصواب كما في الوسائل أيضا.

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ١ بالسند الثالث من أبواب دعوى القتل ج ١٩ ص ١٩ مع اختلاف بعض الألفاظ وما نقله الشارح موافق لما رواه الشيخ في التهذيب بعين ألفاظه.

(٣) الوسائل باب ١٠ حديث ٣ من أبواب القصاص في النفس ج ١٩ ص ٢٢ وفيه إسماعيل الجعفي وكلاهما واحد يعني إسماعيل بن جابر الجعفي ج ١ من تنقيح المقال في علم الرجال.

(٤) الوسائل باب ٢٧ حديث ٣ من أبواب القصاص في النفس ج ١٩ ص ٦٧.

(٥) الوسائل باب ٢٧ حديث ٢ من أبواب القصاص في النفس وفيه : (ويتوب إلخ).

(٦) الوسائل باب ٢٧ حديث ٤ ـ ٨ من أبواب القصاص في النفس ج ١٩ ص ٦٨.

٢١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

مملوكة عمدا (متعمدا ـ ئل)؟ قال : يعجبني أن يعتق رقبة ويصوم شهرين متتابعين ويطعم ستين مسكينا ثم يكون التوبة بعد ذلك (١).

وفيها اشعار بالاستحباب.

وقوله (٢) : وفي قتل المولى عطف على (في المسلم).

واعلم ان حكم شبيه العمد حكم الخطأ ، وهو ظاهر.

وتدلّ على الجمع في العمد والترتيب في الخطأ ، صحيحة عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : كفارة الدم إذا قتل الرجل مؤمنا متعمّدا ، فعليه ان يمكّن نفسه من أوليائه ، فإن قتلوه فقد أدّى ما عليه إذا كان نادما على ما كان منه عازما على ترك العود وإن عفي عنه فعليه ان يعتق رقبة ويصوم شهرين متتابعين ويطعم ستين مسكينا وإن يندم على ما كان منه ويعزم على ترك العود ويستغفر الله ابدا ما بقي وإذا قتل خطأ أدى ديته إلى أوليائه ثم أعتق رقبة ، فان لم يجد صام شهرين متتابعين ، فان لم يستطع اطعم ستين مسكينا مدّا مدّا وكذلك إذا وهبت له دية المقتول فالكفارة عليه فيما بينه وبين ربّه لازمة (٣).

وفي هذه الاخبار فوائد فافهم.

ولعلّ المراد بالاستغفار أبدا ، الإصرار على التوبة.

ويحتمل ذكر (استغفر الله) على طريق الاستحباب في أكثر الأوقات ، الله يعلم.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٧ حديث ١ من أبواب القصاص النفس ج ١٩ ص ٦٧.

(٢) يعني قول المصنف.

(٣) أورد صدره في الوسائل باب ٢٨ حديث ٢ من أبواب الكفارات وذيله في باب ١ حديث ١ منها ج ١٥ ص ٥٧٩ و ٥٥٩.

٢١٧

والمرتبة بالخطإ مع المباشرة لا التسبيب في المسلم وان كان عبدا صغيرا أو مجنونا.

وفي قتل المولى عبده ولو قتل مسلما في دار الحرب من غير ضرورة عالما ، فالقود والكفارة.

______________________________________________________

واما تخصيص الكفّارة بالقتل مباشرة لا تسبيبا ، فدليله الأصل وعدم دليل صريح بل ظاهر أيضا في ذلك ، فان ظاهر الأخبار المباشرة ، لأن المتبادر من القتل ذلك ، فافهم.

ودليل القصاص مع الكفّارة إذا قتل مسلما عالما عامدا من غير ضرورة في دار الحرب ، يفهم ممّا تقدم ، فان ما تقدم لا خصوصيّة له بدار الإسلام.

فكأنّ ذكره ردّ ، على بعض العامّة أو لتوهم انه لما ذهب إلى دار الحرب والحق بهم ، صار منهم فدمه هدر.

وليس كذلك ما لم يوجد منه ما يوجب الردّة ، فتأمّل.

ولو قتله بغير علم واختيار ، يمكن أن يكون فيه الكفارة لا الدية لقوله تعالى : «وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ ، فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ ، وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ» (١) «فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ» (٢).

قال في الكافي : وتفسير ذلك إذا كان رجل من المؤمنين نازلا بين قوم من المشركين فوقعت بينهم حرب فقتل ذلك المؤمن ، فلا دية له لقول رسول الله صلّى الله عليه وآله : أيما مؤمن نزل في دار الحرب فقد برئت منه الذمة ، فإن كان المؤمن نازلا بين قوم من المشركين من أهل الحرب وبينهم وبين الرسول صلّى الله عليه

__________________

(١) النساء قطعة من طرف ذيل آية ٩٢.

(٢) النساء قطعة من صدر آية ٩٢.

٢١٨

ولو ظنّ كفره فالكفارة.

ولو ظهر أسيرا فالدية والكفارة.

ولو اشترك جماعة فعلى كل واحد كفارة كاملة.

وتجب على العامد وان قتل قودا.

وعلى قاتل نفسه.

______________________________________________________

وآله أو الإمام عليه السّلام ميثاق أو عهد إلى مدّة فقتل ذلك المؤمن رجل من المؤمنين وهو لا يعلم فقد وجبت عليه الدية والكفارة (١).

وفيه تأمّل ، إذ الظاهر ، الدية أيضا لئلا يلزم ابطال دم امرئ مسلم ، فان كان لمصلحة المسلمين يكون من بيت المال ، بل الكفارة.

ولو قتل من ظنّ كفره فظهر مسلما أسيرا في أيدي الكفار لزم قاتله الدية والكفارة على ما تقدم لقوله تعالى «وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ» (٢).

وكأن الآية مخصوصة بالواجد.

ودليل وجوب الكفارة على كلّ من شرك في دم ـ لو كان مستقلا له الكفارة ـ هو عموم الكفارة على القاتل ، فان كلّ واحد قاتل.

ولهذا يصحّ تقسيمه إليه وإلى غيره ، ويصحّ قتله.

ودليل وجوبها على القاتل العامد وان قتل قصاصا ، هو عموم الأدلّة ، وأصل عدم سقوطها مع عدم دليل عليه.

وهو دليل وجوبها على القاتل نفسه ، لكن ما رأيت في الأخبار ما هو صريح

__________________

(١) فروع الكافي باب وجوه القتل نقلا عن علي بن إبراهيم من كتاب الديات ج ٢ ص ٣١٦ طبع أمير بهادري.

(٢) النساء : ٩٢.

٢١٩

ولو تصادمت الحاملتان (الحاملان ـ خ ل) ضمنت كل واحدة أربع كفارات ان ولجت الروح الحمل.

ولو لم تلجه (تلج ـ خ ل) الرّوح فلا كفارة فيه.

ولا تجب بقتل الكافر مطلقا.

______________________________________________________

في ذلك ، بل ظاهر أيضا ، فإن أكثرها مقيد بالعفو وأخذ الدية (١).

بل صحيحة عبد الله بن سنان التي في كفارة العمد والخطأ ظاهرة في عدم شي‌ء ومنه الكفارة.

بل تدل هي وغيرها على عدمها مع القود ، بل انما تكون الكفارة مع العقود الدية ، فتأمّل.

ودليل اربع كفارات على كل واحدة من المرأتين ـ الحاملين المتصادمتين إذا كان حملهما ممّا ولجته الرّوح وقتلتا معه ، أن كل واحدة قتلت نفسها وولدها ، والأخرى وولدها ، وقد مرّ أن قتل النفس مطلقا وان كانت نفسه ، موجب للكفارة وعلم منه أن مرادهم أعمّ من أن يكون حملا أو منفصلا.

ولكن في الحمل خفاء ، والدليل غير ناهض فيه.

واما عدم كفارة الحمل ـ مع عدم ولوج الروح في الحمل ـ فظاهر ، فإنه ما قتل حيّا نفسا ، فإنه كان جمادا بعد.

ولكن تجب على كل واحدة دية الجنين وكفارتان لنفسها ورفيقها.

واما دليل عدم وجوب الكفارة لقتل الكفّار بأصنافها (فهم ـ ظ) فهو الأصل وعدم دليل ظهور الأدلة في الكفار حيث قيّد بالإسلام.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٥ من أبواب القصاص في النفس ج ١٩ ص ١٣ وباب ٥٢ من كتاب الوصايا ج ١٣ ص ٤٤١.

٢٢٠