مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٠

.................................................................................................

______________________________________________________

قيد بالمقتول ، وان كان انما قتل في غير الحرم ثم التجأ إليه ضيّق عليه في المطعم والمشرب ، ومنع من مخالطته ومبايعته إلى ان يخرج ، فيقام عليه الحدّ ، وكذلك الحكم في مشاهد الأئمّة عليهم السّلام مثل ذلك (١).

فهذه العبارة تعطي عموم الحكم المذكور ، مع احتمال عوده إلى التضييق وعدمه.

وقد صرّح شيخنا المفيد رحمه الله أنّه الالتجاء (٢).

والظاهر انه مراد الشيخ أبي جعفر.

وكذا صرّح به ابن البرّاج في الكامل والموجز ، وهو تلميذ الشيخ رحمه الله ومختصّه (٣) ولعلّه سمع منه ان ذلك هو المراد.

وكذلك ابن إدريس ذكر أنّ المراد ذلك.

واستحسن المحقق في النكت (٤) كلام الشيخين رحمهما الله تعالى.

__________________

(١) هذه العبارة موجودة في نسختين مخطوطتين من النسخ وهي مطابقة لما في كتاب النهاية ، لكن في النسخة المطبوعة وبعض النسخ المخطوطة ، ليس فيها من قوله رحمه الله : رجب إلى قوله : (المذكورة) والصحيح هو الأوّل.

(٢) عبارة المفيد رحمه الله هكذا : ومن جنى ما يستحق عليه عقابا فلجأ إلى مشهد من مشاهد أئمّة الهدى من آل محمّد عليهم السّلام ، صنع به كما يصنع بمن يلجأ إلى الحرم مستعصما من اقامة الحدود عليه ، فان كانت الجناية منه في المشهد أقيم عليه حدّ الله عزّ وجلّ فيه لانه انتهك حرمته ولم يعرف حقه (انتهى) المقنعة باب القاتل في الحرم وفي أشهر الحرام ص ٧٤٢ طبع مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم.

(٣) يعني اختصّه الشيخ وجعله من خليفته : قال المحقق الكركي في بعض إجازاته في حق ابن البرّاج : الشيخ السعيد خليفة الشيخ الإمام أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي بالبلاد الشاميّة إلخ الكنى والألقاب ج ١ ص ٢١٤ مطبعة صيدا.

(٤) قال في النكت : ـ بعد نسبة الفتوى إلى الأصحاب في مسألة القتل في الأشهر الحرم وبعد التوقف في حكم القتل في الحرم قائلا بأني لم أقف على مستند فيه ـ قال : واما قوله ـ يعني المحقق ـ : وكذلك الحكم في مشاهد الأئمة عليهم السّلام فشي‌ء ذكره الشيخان وهو حسن (انتهى).

٣٢١

ودية الأنثى نصف ذلك.

وولد الزنا كالمسلم على رأي وكالذّمي على رأي ولا دية لغير الذمّي وان كانوا أهل عهد أو لم تبلغهم الدّعوة.

______________________________________________________

والمصنف في التحرير نقل عن الشيخ في النهاية ، التغليظ في مشاهد الأئمّة عليهم السّلام وقد عرفت عبارته (١).

وأنت تعلم ان ظاهرها ، العموم كما ذكره أوّلا ، ولكن لا بدّ من النظر في الدليل ، وما ذكروا ذلك. وعلى التقديرين (٢) لا دليل عليه ـ على ما عرفت ـ الّا القياس.

وفيه ما فيه فيبعد توقف المصنف ، واستحسان المحقق ، وقول الشيخ علي أيضا به ، وهم أعرف.

قوله : «ودية الأنثى إلخ». كأنّ دليله الإجماع والاخبار وقد مرّت ، فتذكّر.

قوله : «وولد الزنا إلخ». كون دية ولد الزنا دية المسلم هو المشهور لعل مبناه انه مسلم على المشهور وفيه إشكال ، فإنه ليس بمسلم حقيقة وملحق به شرعا ، نعم ذلك غير بعيد إذا بلغ وقال بالإسلام.

وقيل : (ديته دية الذمي) ليس (٣) لانه كافر ، وهو فرع ذلك القول.

والّا ، ينبغي عدم الدية ، فإنه ليس بذمّي.

فلعلّه لرواية إبراهيم بن عبد الحميد ، عن جعفر عليه السّلام ، قال : قال : دية ولد الزنا دية الذمّي ثمانمائة درهم (٤).

__________________

(١) إلى هنا عبارة الشرح.

(٢) أي تقدير عدم الحكم إلى التضيق أو إلى الجميع ـ كذا في هامش بعض النسخ.

(٣) يعني كذلك فإن الذمي كافر والمفروض أنه قال : إنّ ولد الزنا كالمسلم.

(٤) الوسائل باب ١٥ حديث ٣ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٤.

٣٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

لكن في الطريق إبراهيم بن هاشم ، عن عبد الرحمن بن حماد (١) ، وهو مجهول ، وإبراهيم أيضا قيل : انه واقفي.

ومثلها رواية عبد الرحمن بن عبد الحميد ، عن بعض مواليه ، قال : قال لي أبو الحسن عليه السّلام : دية ولد الزنا دية اليهودي ، ثمانمائة درهم (٢).

ورواية جعفر بن بشير ، عن بعض رجاله قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن دية ولد الزنا؟ فقال : ثمانمائة درهم مثل دية اليهودي والنصراني والمجوسي (٣).

وهما مرسلان مع جهل بعض رجال الأولى أيضا.

فقول (٤) الشارح ـ القول الأوّل يلتزمه أكثر الأصحاب ، وهم القائلون بإسلامه وصرّح المحقق في النكت بأنه مسلم فيدخل تحت عموم المسلمين والقول الثاني للمرتضى مدّعيا عليه (فيه ـ خ) الإجماع للإجماع على انه يكون لا مؤمنا فهو كالذمّي للحوقه به باطنا وهو قول الصدق ـ محل نظر.

ثم نقل رواية جعفر وعبد الرحمن المتقدمة.

وقال : هاتان ذكرهما الشيخ في الزيادات من التهذيب ، وهما مرسلتان وقال ابن إدريس ـ بعد نقل كلام السيّد ـ : لم أجد لأصحابنا فيه قولا فأحكيه ومقتضى الأدلّة التوقف ، والّا فلا دية له لأصالة البراءة (٥).

__________________

(١) طريقه كما في التهذيب هكذا : محمّد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عبد الرحمن بن حماد ، عن إبراهيم بن عبد الحميد.

(٢) الوسائل باب ١٥ حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٤.

(٣) الوسائل باب ١٥ حديث ٢ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٤.

(٤) قوله قدّس سرّه : فقول الشارح مبتدأ وخبره قوله قدّس سرّه : محلّ نظر.

(٥) إلى هنا عبارة الشرح.

٣٢٣

ودية العبد قيمته ما لم تتجاوز دية الحرّ فتردّ إليها.

ودية جنين الحرّ المسلم مائة دينار إذا تمّ ولم تلجه الروح ذكرا كان أو أنثى.

______________________________________________________

والعجب انه ما ذكر (١) غير الإرسال وما نقل المسندة مع وجودها معها ، ورواية جعفر مذكورة في الفقيه أيضا ، وما توجه (٢) إلى ان ابن إدريس يقول : بأنه كافر ، مع انه لا يقول : بان ديته دية الذمي ، وتوقف (٣) ابن إدريس أيضا فإنه ليس بمقتضى الأدلّة ، بل المقتضي هو عدمها كما صرّح بقوله : (والّا فلا دية له) : وأيضا ، وكان ينبغي ـ بناء على مذهبه ـ الجزم بعدم الدّية.

ويحتمل أن يجعل النزاع في البالغ المسلم.

قوله : «ودية العبد قيمته إلخ». قد مرّ دليل أن دية المملوك قيمته ، وانه لا يتجاوز عن دية الحرّ المسلم ، فتذكر.

قوله : «ودية الجنين الحرّ إلخ». المشهور أنّ دية الجنين الذي تمّ خلقته ولم تلجه الروح ولم يصر حيّا ذكرا كان أو أنثى وكان أبوه حرّا مسلما مائة دينار عشر دية أبيه.

وخالف في ذلك ابن الجنيد رحمه الله وقال : بأن ديته غرّة ، عبدا كان أو أمة كما هو مذهب أكثر العامة.

دليل الأوّل روايات كثيرة مثل صحيحة عبد الله بن مسكان ذكره عن أبي

__________________

(١) ردّ لقول الشارح حيث نسب الروايتين كلتيهما إلى الشيخ فقط في التهذيب مع أن رواية جعفر موجودة في الفقيه أيضا.

(٢) يعني الشهيد الأول في الشرح وقوله قدّس سرّه : (وما توجه إلخ) إشارة إلى بيان ان فتوى ابن إدريس مبني على ما اختاره من الحكم بكفر ولد الزنا.

(٣) يعني ان توقف ابن إدريس أيضا استنادا إلى انه مقتضى الأدلّة ، محلّ إشكال فإن مقتضى الأدلة ليس هو التوقف مقتضاها عدم الدية كما صرّح بقوله : (والّا فلا دية له).

٣٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

عبد الله عليه آلاف التحيّة والمجد والثناء والسّلام قال : دية الجنين خمسة أجزاء ، خمس للنطفة عشرون دينارا ، وللعلقة خمسان أربعون دينارا ، وللمضغة ثلاثة أخماس ستون دينارا ، (وللعظم أربعة أخماس ثمانون دينارا) فإذا (وإذا ـ ئل) تمّ الجنين كانت له مائة دينار ، فإذا أنشئ فيه الروح ، فديته ألف دينار أو عشرة آلاف درهم ان كان ذكرا وان كان أنثى فخمسمائة دينار ، وان قتلت المرأة وهي حبلى فلم يدر أذكرا كان ولدها أم أنثى فدية الولد (نصفين ـ خ) نصف دية الذكر ونصف دية الأنثى وديتها كاملة (١).

ومنها رواية سليمان بن صالح ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في النطفة عشرون دينارا ، وفي العلقة أربعون دينارا ، وفي المضغة ستون دينارا ، وفي العظم ثمانون دينارا ، فإذا كسى اللحم فمائة دينار ثم هي ديته حتى يستهلّ ، فإذا استهلّ فالدية كاملة (٢).

لعلّ كساء اللحم عبارة عن تمام خلقته قبل ولوج الروح ، والاستهلال كناية عن ولوج الروح.

وحسنة أبي جرير القمي ، قال : سألت العبد الصالح عليه السّلام عن النطفة ما فيها من الدية؟ وما في العلقة؟ وما في المضغة؟ وما في المخلّقة وما يقرّ في الأرحام؟ فقال : انه يخلق في بطن امّه خلقا من بعد خلق يكون نطفة أربعين يوما ثم تكون علقة أربعين يوما ، ثم مضغة أربعين يوما ، ففي النطفة أربعون دينارا ، وفي العلقة ستون دينارا ، وفي المضغة ثمانون دينارا ، فإذا اكتسى العظام لحما ، ففيه مائة دينار ، قال الله عزّ وجلّ (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) ، فان كان

__________________

(١) الوسائل باب ٢١ حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٩.

(٢) الوسائل باب ١٩ حديث ٣ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٣٨.

٣٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ذكرا ففيه الدية ، وان كانت أنثى ففيها ديتها (١).

وحسنة ابن فضال ويونس ـ كأنه ابن عبد الرحمن ـ جميعا قالا : عرضنا كتاب الفرائض عن أمير المؤمنين عليه السّلام ، على أبي الحسن عليه السّلام؟ فقال : هو صحيح (٢).

وكان ممّا فيه : إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام جعل دية الجنين مائة دينار إلخ مثل الاولى في ديات النطفة ، والعلقة ، وكونها ان كان ذكرا ألف دينار ، وان كان أنثى فخمسمائة دينار ، وفي كون دية الحامل الميتة المشتبهة ، ولدها الذكر والأنثى نصف ديته ونصف ديتها ، وفي آخرها : وأفتى عليه السّلام في منيّ الرجل يفرغ عن عريسه (عرسه ـ خ) فعزل (يعزل ـ خ) عنها الماء ولم يرد ذلك ، نصف خمس المائة ، عشرة دنانير ، وان (إذا ـ خ) أفرغ ، فيها عشرون دينارا ، وقضى في دية جراح الجنين من حساب المائة على ما يكون من جراح الذكر والأنثى ، الرجل والمرأة ، كاملة ، وجعل له في قصاص جراحه (جراحته ـ خ) ومعقلته على قدر ديته ، وهي مائة دينار (٣) وغيرها ولا يخفى ما في هذه الاخبار من الأحكام.

مثل كون دية المرأة نصف دية الرجل.

وكون دية الجنين التام إذا كان ذكرا نصف خمس دية الذكر ، وهو مائة دينار.

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ٩ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤١.

(٢) ذكر هذا السند في الوسائل من غير متن في باب ٢ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٨ ، لكن متن الحديث منقول من كتاب ظريف : ب ١٩ حديث ١ منها ص ٢٣٧.

(٣) الوسائل باب ١٩ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ونقل صدرها بالمعنى وذيلها من قوله عليه السّلام : وافتى عليه السّلام في منيّ الرجل إلخ بعين الألفاظ وأورده في الكافي باب دية الجنين من كتاب الديات ج ٢ ص ٢٣٦ طبع أمير بهادري.

٣٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وإذا كانت أنثى نصف خمس دية الأنثى ، وهو خمسون دينارا.

وإذا كان مشتبها فنصف خمس دية الذكر ، ونصف خمس دية الأنثى ، وهو خمس وسبعون دينارا.

فقول المصنف وغيره : (ودية الجنين الحرّ المسلم ، مائة دينار إذا تمّ ولم تلجه الروح ذكرا كان أو أنثى) غير جيّد.

كأنّ دليلهم إطلاق بعض الروايات : (دية الجنين مائة دينار) (١) كما رأيته ، ولكن قد علم ـ ممّا ذكر فيها من أن دية الجنين المشتبه بالذكر والأنثى ، نصف ديتهما ـ أن ليس ديتهما واحدة ، فيكون دية الأنثى نصف دية الذكر كما إذا ولجته الرّوح ، فتأمّل.

دليل الثاني (٢) روايات من طرق العامة (٣) والخاصّة مثل رواية أبي بصير ، والسكوني وصحيحة داود بن فرقد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : جاءت امرأة فاستعدت على أعرابيّ قد أفزعها فألقت جنينا ، فقال الأعرابيّ لم يهلّ ولم يصح ومثله يطل فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله : اسكت سجاعة ، عليك غرّة وصيف عبد أو أمة (٤) ومثلها صحيحة سليمان بن خالد (٥).

وصحيحة أبي عبيدة ، والحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سئل ، عن رجل قتل امرأة خطأ ، وهي على رأس ولدها تمخض؟ فقال : (عليه ـ خ) خمسة آلاف درهم ، وعليه دية الّذي في بطنها (غرّة ـ خ) ، وصيف أو وصيفة أو أربعون

__________________

(١) الوسائل باب ٢١ قطعة من حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٩.

(٢) يعني قول ابن الجنيد القائل بأن دية الجنين غرّة.

(٣) راجع سنن أبي داود ج ٤ باب دية الجنين ص ١٩٠ طبع مصر مطبعة مصطفى محمّد.

(٤) الوسائل باب ٢٠ حديث ٢ ـ ٣ ـ ٥ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٣.

(٥) راجع الوسائل باب ٢٠ حديث ٤ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٣.

٣٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

دينارا (١).

ولا يخفى انها في فعله عليه السّلام في قضيّته لا عموم لها فلا تدل على العموم ، وكذا رواية العامّة إلّا رواية أبي بصير والأخيرة.

فيمكن حملها على شي‌ء واحد ، وأنّ الأخيرة مشتملة على (أو أربعين دينارا) وليس به قائل مطلقا فتصلح إشارة إلى كون الغرّة تسوى أربعين دينارا ، فيكون مخيّرا بينهما.

ويمكن حملها على التخيير واستحباب مائة دينار.

وعلى حمل (غرّة) على انها تسوى مائة دينار.

وحمل الأخير (الأخيرات) في التهذيب والاستبصار على ما لم يتم ، والأول كانت في التام واستدل عليه بصحيحة. (علي ـ خ) بن رئاب ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في امرأة شربت دواء وهي حامل لتطرح ولدها ، فألقت ولدها؟ قال : ان كان له عظم قد نبت عليه اللحم وشق له السمع والبصر ، فان عليها دية تسلّمها إلى أبيه قال : وان كان جنينا علقة أو مضغة ، فإن عليها أربعين دينارا أو غرة تسلّمها إلى أبيه ، قلت : فهي لا ترث من ولدها من ديته؟ قال : لا ، لأنها قتلته (٢).

وهذه تدل على التساوي بين العلقة والمضغة ، وقد مضى خلافه ، فتأمّل.

وتدل على التخيير بين الغرّة وأربعين دينارا ، وان الغرة تسوى أربعين.

ولكن تدل على خلاف ذلك ، صحيحة عبيد بن زرارة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : (ان ـ خ) الغرّة (قد ـ خ) تكون بمائة دينار ، وتكون بعشرة

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ٦ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٤.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٢ وفيه عن أبي عبيدة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام.

٣٢٨

ودية جنين (وجنين ـ خ ل) الذمّي عشر دية أبيه والمملوك عشر قيمة امّه المملوكة ، وتعتبر قيمتها وقت الجناية لا الإلقاء.

______________________________________________________

دنانير؟ فقال : بخمسين (١).

وفي الحسن ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : انّ الغرّة تزيد وتنقص ، ولكن قيمتها أربعون دينارا (٢) ، مؤيّد للأوّل.

وبالجملة ، الغرّة والأربعون محمول على بعضها ، وكذا الخمسون والمائة فتأمّل.

ولا يخفى أنّ حمل الشيخ ، ينافي ما تقدم من أن الغرّة دية جنين غير تام من النطفة ، والعلقة ، والمضغة الّا ان يحمل على التخيير بينهما وبين الغرّة في كل موضع على ذلك مثل الأربعين في الأوّل.

وحمل في التهذيب ، الأخيرة ، تارة أخرى على التقيّة قال : لأنها موافقة لكثير من مذاهب العامّة.

قوله : «ودية جنين الذمّي إلخ». دليله ما علم ان دية جنين المسلم عشر ديته فدية جنين الذمي كذلك.

ورواية السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم السّلام انه قضى في جنين اليهوديّة ، والنصرانية ، والمجوسيّة عشر دية امّه (٣).

ويحتمل ان يكون أباه كافرا حربيّا ومات كذلك ، وكونه ولد شبهة من كافر آخر.

ويمكن حملها على كون الجنين أنثى ، فالتفصيل هنا أيضا غير بعيد مثل جنين المسلم.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ٧ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٤.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ٨ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٤.

(٣) الوسائل باب ١٨ حديث ٣ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٦.

٣٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وحملها على كونها مسلمة بعيد لا يمكن.

ودليل كون دية جنين المملوك عشر قيمة امّه المملوكة ـ كما هو المشهور ـ رواية السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في جنين الأمة عشر ثمنها (١).

وهي ضعيفة به وبغيره.

والمناسب لما تقدم ، التفصيل ، فان كان ذكرا ، عشر قيمة أبيه ، وان كان أنثى ، عشر قيمة أمّها ، أو عشر قيمة أبيه مطلقا لما تقدم ، فافهم.

ورواية أبي سيّار (٢) ـ في الكافي وفي التهذيب ابن سنان وهو عبد الله ، وصرّح به في الفقيه ـ عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل قتل جنين أمة لقوم في بطنها؟ فقال : ان كان مات في بطنها بعد ما ضربها فعليه نصف عشر قيمة امّه (الأمة ـ خ) وان كان ضربها فألقته حيّا فمات ، فان عليه عشر قيمة امّه (الأمة ـ خ ل) (٣).

ولكن هذا التفصيل غير معلوم القائل إلّا ابن الجنيد ، فإنه نقل ذلك عنه ، كأنها دليله ، وهي ضعيفة بجهل نعيم بن إبراهيم (٤) ، وعدم التصريح بتوثيق أبي سيّار.

وأيضا غير مناسب لما تقدم ، بل المناسب كون دية المملوك عشر دية أبيه أو التفصيل بأن دية الذكر عشر ديته ، ودية الأنثى عشر ديتها ، وهو مذهب المبسوط ، فتأمّل.

__________________

(١) الوسائل باب ٢١ حديث ٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٥.

(٢) اسمه مسمع ـ منه رحمه الله ـ كذا في هامش بعض النسخ.

(٣) الوسائل باب ٢١ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٥.

(٤) سندها كما في الكافي هكذا : محمّد بن يحيى ، عن احمد بن محمّد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا عن ابن محبوب ، عن نعيم بن إبراهيم ، عن أبي سيّار.

٣٣٠

ولو كان الحمل زائدا عن واحد فلكل واحد دية.

ولو ولجته الروح فدية كاملة للذكر ونصف للأنثى بشرط تيقّن (تعيين ـ خ ل) الحياة.

______________________________________________________

ويمكن ان يكون نظر المصنف وغيره إلى تابعيّة الولد الرق للأب ، ولهذا لو زنى بها مملوك الولد يلحق بها ، ويكون لمالكها.

والروايتان مؤيدتان في الجملة.

ويؤيده أيضا ما في رواية السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله في جنين البهيمة إذا ضربت فأزلقت (فألقت ـ خ) عشر قيمتها (عنها ـ خ) (١) فتأمّل.

وعلى التقادير إذا كان ديته يقاس بقيمة الأمّ ، فيمكن ان ينظر إلى قيمتها حين الجناية لا حين الإلقاء والإسقاط ، فإن ذلك هو وقت شغل الذمة وترتب أثره عليه وان لم يظهر الّا بعد الإلقاء.

ويحتمل وقت الإلقاء.

ولو كان الحمل أكثر من واحد ، فلكلّ واحد ديته مثل ان يكون وحده ، وهو ظاهر.

قوله : «ولو ولجته الروح إلخ». قد مرّ دليله ، فإنه إذا ولجته الروح ، فهو نفس ، فديته ديتها ، فان كان ذكرا فديته التامّة ، وان كان أنثى فنصف دية الذكر ، وهي ديتها التامّة ، لما تقدم من الأخبار وسيجي‌ء أيضا.

ولا بد من العلم بكونه حيّا ومات بالجناية ، فإن الأصل عدم الحياة وطريان الموت عليها فلا بد فيها من تحقق الذكورة والأنوثة أيضا ، لما تقدم من انه ان حصل الشك ، فيه فنصف دية الذكر ، ونصف دية الأنثى.

__________________

(١) الوسائل باب ١٨ حديث ٢ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٦.

٣٣١

ولو لم تتم خلقته قيل : غرة ، والمشهور في النطفة بعد استقرارها عشرون دينارا وفي العلقة أربعون وفي المضغة ستون وفي العظم ثمانون وفيما بين ذلك بحسابه.

______________________________________________________

قوله : «ولو لم تتم خلقته إلخ». قد مرّ دليل من يقول بالغرّة مطلقا ، وهو الروايات ، وهي أدلّة من قال بها ان لم يتمّ خلقته.

ولكن قد عرفت ، فيها من الاضطراب والمقارنة (مطلقا ـ خ) (بأربعين) واختلاف الاخبار وقيمتها ، وانه يمكن حملها على التخيير أو التقيّة ، أو إسقاط بعضها بالبعض للتعارض وكذا دليل التفصيل المذكور المشهور من الروايات مثل صحيحة عبد الله بن مسكان (١) ، فتأمّل.

والغرّة مفسّرة بالعبد والأمة ، والاختلاف في القيم باعتبار التفاوت في أفرادها ، فتأمّل.

بقي الخفاء في قوله (٢) : (وفيما بين ذلك بحسابه) فإنه محلّ التأمّل ، فإن ظاهر بعض الروايات ان المكث (فما ـ خ) بين العلقة والمضغة ، وكذا بين غيرهما ، هو أربعون يوما وان كان نطفة وعلقة مثلا ، فيكون ما يجب في النطفة ، يجب لما بينها وبين العلقة مثل العشرين دينارا أو الأربعين لما بين العلقة والمضغة وهكذا مثل صحيحة محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرجل يضرب المرأة فتطرح النطفة؟ فقال : عليه عشرون دينارا ، فقلت (قلت ـ خ) : يضربها فتطرح العلقة؟ فقال : عليه أربعون دينارا ، فقلت : فيضربها فتطرح المضغة؟ فقال : عليه ستون دينارا ، فقلت : فيضربها فتطرحه وقد صار له عظم؟ فقال : عليه الدية كاملة ، وبهذا قضى أمير المؤمنين عليه السّلام ، فقلت : فما صفة النطفة التي تعرف بها؟

__________________

(١) الوسائل باب ٢١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٩.

(٢) يعني قول الماتن رحمه الله.

٣٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فقال : النطفة تكون بيضاء مثل النخامة الغليظة فتمكث في الرحم إذا صارت فيه ، أربعين يوما ثم تصير إلى علقة ، قلت : فما صفة خلقة العلقة التي تعرف بها؟ فقال : هي علقة كعلقة الدم المحجمة الجامدة تمكث في الرحم بعد تحويلها عن النطفة أربعين يوما ، ثم تصير مضغة ، قلت : فما صفة المضغة فخلقتها التي تعرف بها؟ قال : هي مضغة لحم حمراء فيها عروق خضر مشبّكة (مشتبكة ـ كا) تصير إلى عظم ، قلت : فما صفة خلقته إذا كان عظما؟ فقال : إذا كان عظما شق له السمع والبصر ورتبت جوارحه فإذا كان كذلك ، فان فيه الدية كاملة (١).

وكذا في رواية سعيد بن المسيّب (٢) وغيرهما مثل حسنة أبي جرير (٣).

ويحتمل ان يريد (٤) ما في رواية يونس الشيباني ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : فان طرحت في النطفة قطرة دم؟ قال : القطرة عشر النطفة ، فيها اثنان وعشرون دينارا ، قال : قلت : فان قطرت قطرتين؟ قال : أربعة وعشرون دينارا ، قلت : فان قطرت ثلاث؟ قال : فستة وعشرون دينارا ، قلت فأربع؟ قال : فثمانية وعشرون دينارا ، وفي خمس ثلاثون ، وما زاد على النصف فعلى حساب ذلك حتى تصير علقة ، فإذا صارت علقة ففيها أربعون (٥) إلخ (٦).

وهي مذكورة في الفقيه أيضا مع الزيادات ، فتأمّل.

لكنها ضعيفة ومخالفة لما تقدم ، ومخالفة أيضا لما فسرت به.

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ٤ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٣٩.

(٢) راجع الوسائل باب ١٩ حديث ٨ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٠.

(٣) راجع الوسائل باب ١٩ حديث ٩ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤١.

(٤) أي المصنف بقوله : (وفيما بين ذلك بحسابه) كذا في هامش بعض النسخ.

(٥) راجع الوسائل باب ١٩ حديث ٥ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٣٩.

(٦) هكذا في النسخ ، والظاهر عدم الحاجة إلى قوله : (إلخ) لعدم تتمة في الرواية والله العالم.

٣٣٣

ولو قتلت ومات معها بعد علم حياته فدية للمرأة ونصف الديتين للجنين ان جهل حاله ولو علمت الذكورة أو الأنوثة حكم بديتها.

ولو ألقته ضمنت وان كان تسبيبا.

______________________________________________________

فإنها قيل : انها عبارة الشيخ في الفقيه وفسّرها ابن إدريس بأن ما بين كل مرتبة عشرون يوما ففي كل يوم عشر دية الكلّ.

واعترض عليه بأن ما قاله في الفقيه غير مسلّم ، وعلى تقدير التسليم ، التفسير غير مسلّم فان الفصل أربعون يوما كما مرّ.

مع ان كون الفصل ذلك لا يستلزم كون الدية على حساب اليوم.

وان المراد ما في رواية يونس ، والاعتراض ، منقول عن المحقق في النكت ، وفي الشرائع اشارة إليه.

وأنت تعلم ان ما تدل عليه الرواية (١) هو كون العشرين مثلا للنطفة ، وان ليس بينها وبين العلقة واسطة ـ مثلا ـ بحيث يستلزم شيئا غير دية النطفة ، بل لها دية واحدة إلى العلقة وهكذا ، فتأمّل.

قوله : «ولو قتلت ومات إلخ». دليل نصف الديتين للمشتبه بالذكر والأنثى ـ بعد علم الحياة ـ قد مرّ ، وهو الخبر (٢) ، والاعتبار ، وما ذكر في باب ميراث الخنثى ، وقد مرّ أيضا دية الذكر ، ودية الأنثى مع العلم بها وان جهل وولجها أيضا الروح كذلك.

قوله : «ولو ألقته ضمنت إلخ». دليله أيضا ظاهر ، وهو صحيحة علي بن

__________________

(١) أي الرواية السابقة مثل رواية محمّد بن مسلم ـ كذا في هامش بعض النسخ.

(٢) لاحظ الوسائل باب ١ حديث ١٩ من أبواب ديات الأعضاء من قوله عليه السّلام : وان قتلت امرأة وهي حبلى إلخ ج ١٩ ص ٢٣٧.

٣٣٤

ولو افزعت فالدية على المفزع ولو أفزع المجامع فعزل فعليه عشرة دنانير.

______________________________________________________

رئاب (١) وقد مرّ.

وأنها صارت سببا لتضييع المضمون مباشرة أو بالتسبيب ، مثل شرب الدواء فيضمن ، لما تقرّر من الدية من النطفة وغيرها.

وتؤيّده رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : ان ضرب الرجل امرأة حبلى فألقت ما في بطنها ميّتا فأن عليه غرة عبد أو أمة يدفعها (يدفعه ـ ئل) إليها (٢).

يمكن حمل الغرّة على كون قيمتها بمقدار الدية.

قوله : «ولو افزعت إلخ». دليله أيضا ظاهر ممّا تقدم.

ويؤيّده ما في حسنة وصحيحة يونس ، وابن فضال جميعا عنه عليه السّلام : (وافتى علي عليه السّلام في منّي الرجل يفزع (يفرغ) عن عرسه يعزل عنها الماء ولم يرد ذلك ، نصف خمس المائة عشرة دنانير ، وان أفزع (أفرغ) ، فيها عشرين دينارا ، وقضى في دية جراح الجنين من حساب المائة على ما يكون من جراح الذكر والأنثى ، والرجل والمرأة كاملة ، وجعل له في قصاص جراحته ومعقلته على قدر ديته ، وهي مائة دينار) (٣).

وقد استدلّ بها على وجوب عشرة دنانير على المجامع نفسه إذا عزل باختياره من غير إذن المرأة.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ٢٤٢.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ٥ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ٢٤٣.

(٣) الوسائل باب ١٩ ذيل حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٣٧.

٣٣٥

ولو أسلمت الذمّية بعد الضرب ثمّ ألقته لزمه دية جنين مسلم ولو ضرب الحربيّة فلا شي‌ء لعدم الضمان حال الضرب.

______________________________________________________

وهو بعيد لعدم الدلالة ، وجواز العزل على ما مرّ ، فتأمّل.

قوله «ولو أسلمت الدية بعد العزل إلخ». دليل ضمان دية جنين المسلم ـ لو ضرب شخص ذميّة ثم أسلمت والقت حينئذ ـ ظاهر ، فانّ ضربها غير جائز ، والضمان (١) وجنايته مضمونة وقد حصل الضمان وقت إسلامها ، والجنين تابع لها.

وكذا لو أسلم زوجها ثم ألقت هي جنينها منه.

ولكن هذا يشكل فيما إذا كان حيّا فمات بالضرب في بطنها ثم أسلم أو أسلمت والقت.

وكذا لو ألقته ميّتا واشتبه انه مات حال الضرب قبل إسلامها أو بعده.

وينبغي دية جنين الذميّة في الأوّل ، وفي الثاني تردّد ، من استصحاب الحياة فلا يحكم الّا بعد الإسلام ، ومن أصل براءة الذمة من الزيادة ، وانما المحقّق ضمان دية جنين الذميّة فقط ، ولان الظاهر انه مات حال الضرب ، فتأمّل.

واما دليل عدم ضمان دية جنين الحربيّة ـ وان أسلمت قبل إلقائها نطفة أو علقة أو مضغة أو تاما ، أو علم انه كان حيّا فمات بعد إسلامها فألقته ميّتا ـ فهو أنّ ضرب الحربيّة وقتلها ليس بمضمون ، بل دمها ، وجرحها ، وقطع أطرافها ، وولدها هدر ، وان لم يكن جائزا على ما تقرّر عندهم وقد تقدم.

ولكن فيه أنه إذا تحقّق أن إلقاء مثل النطفة ـ بعد الإسلام أو ما ولجته الروح فمات بعد الإلقاء أو بعد الضرب وبعد الإسلام ـ فإنه ينبغي الضمان لأنه

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ مطبوعة ومخطوطة ولعل الواو في قوله قدّس سرّه : (والضمان) بمعنى (مع) يعني ان ضربها ولو مع الضمان غير جائز.

٣٣٦

ولو كانت أمة فأعتقت فللمولى عشر قيمة أمته يوم الجناية.

ولو اعترف الجاني بحياته ضمن العاقلة جنينا غير حيّ والضارب الباقي ، ولو أنكر فأقام هو والولي بينتين (ببينتين ـ خ ل) حكم للولي.

______________________________________________________

مثل قتل من حكمه حكم المسلم والقى جنين المسلمة ، ومثل ان رمى كافرا فقتله مسلما فتدبر وتأمّل مثله.

قوله : «ولو كانت أمة إلخ». إذا كانت امة حاملة بولد مملوك لمولاها ـ فضربت حينئذ فأعتقت والقت جنينها حينئذ وكان تامّ الخلقة ولم تلجه الروح ـ فعلى الضارب عشر قيمة الأمة وقت الضرب والجناية لا وقت الإلقاء ، وهو ظاهر ممّا تقدم.

وعليه أرش نقص الأمة لمولاها أيضا بالاجهاض ان كان ، وهو أيضا ظاهر.

قوله : «ولو اعترف الجاني إلخ». إذا اعترف من جنى على جنين بأنه كان حيّا وقت الجناية وكانت الجناية خطأ وقد ثبت تلك الجناية والإلقاء بالبيّنة أو بإقرار العاقلة والعاقلة تنكر الحياة فيضمن (١) دية الجنين الغير الحيّ لثبوتها بالبيّنة أو الإقرار وعدم لزوم العاقلة إقرار الجاني ، لما مرّ ويلزم الباقي من دية الجنين الحيّ بعد دية الجنين الغير الحيّ ، على (٢) الجاني في ماله ، لإقراره مثل تسعة أعشار دية النفس.

ولو أنكر الجاني أيضا جنايته ، لم يلزمه شي‌ء ، فلو أقام هو البيّنة على عدم حياته مثل أن ادّعى الوليّ انه سقط بجنايته وهو حيّ ثم مات وأقام البيّنة على ذلك

__________________

(١) قوله قدّس سرّه : فيضمن إلخ جواب لقوله قدّس سرّه : إذا اعترف إلخ.

(٢) قوله قدّس سرّه على الجاني متعلق بقوله قدّس سرّه : ويلزم إلخ.

٣٣٧

ولو ألقته فمات بعد الإلقاء أو بقي ضمنا حتى مات أو كان صحيحا ومثله لا يعيش ، قتل الضارب مع العمد ولو كانت حياته مستقرّة فقتله آخر عزّر الأوّل وقتل الثاني مع العمد ولو لم تكن مستقرة عزّر الثاني وقتل الأوّل ولو اشتبه فلا قود وعليه الدية.

ولو وطأها ذمّي ومسلم واشتبه أقرع والزم الضارب دية جنين من الحق به.

______________________________________________________

يقدم بيّنة الوليّ وحكم له الحاكم ، لانه مدع والجاني منكر ، وقد مرّ ترجيح بيّنة المدعى وهذا مبني عليه فتأمّل وتذكّر.

قوله : «ولو ألقته فمات إلخ». لو جنى على امرأة جان فألقت جنينا فماتا بعده أو بقي مريضا حتى مات أو كان صحيحا غير مريض ، ولكن جنين لا يعيش مثله فمات قتل الجاني إن كان عمدا عدوانا.

وان كان خطأ ، فديته على العاقلة ، وان كان شبهه فهي في ماله.

ولو كان حياته مستقرّة فقتله غير الجاني ، قتل القاتل مع العمد والعدوان وعزّر الجاني.

ولو لم يكن حياته مستقرّة قتل الجاني ان كان عمدا عدوانا وعزّر القاتل ، وهو ظاهر.

ولو اشتبه ولم يعلم كونها مستقرّة أم لا فلا قصاص على أحدهما للشبهة ، وعدم تحقق الموجب وان كان فعلهما عمدا والدية على الجاني ، فإنه القاتل بحسب الظاهر لانه قتل حيّا وان لم يعلم أنه مستقرة الحياة على ان الأصل استقرارها فتأمّل.

قوله : «ولو وطأها ذمّي إلخ». أي لو وطأ ذمّي ومسلم أمة أو زوجة بحيث اشتبه الولد والحق (١) بأحدهما شرعا ، أقرع لتعيين إلحاق الجنين فالزم

__________________

(١) هكذا في النسخ كلها ولعلّ الصواب : (والحاقه) يعني اشتبه إلحاقه بأحدهما شرعا.

٣٣٨

ولو القت عضوا فدية عضو الجنين وكذا لو ألقت أربعة يد.

ولو ماتت لزمه ديتها ودية الجنين.

ولو القت العضو ثم الجنين تداخلت دية العضو في دية الجنين سواء كان ميّتا أو حيّا غير مستقر الحياة.

ولو استقرت حياته ضمن دية اليد.

ولو تأخّر وحكم العارفون بأنّها يد حيّ فنصف الدية والّا

______________________________________________________

الضارب الذي القى الجنين بجنايته ، بدية جنين من الحق به ، هذا أيضا واضح.

قوله : «ولو القت عضوا إلخ». لو ضرب الجاني امرأة حاملا فألقت المرأة عضوا من الحمل كيده ، فيلزمه دية عضو الجنين كنصف دية الجنين.

وكذا لو ألقت أربعة أيد ، فإنما يلزمه تلك الأيدي ، وهي دية جنين واحد لاحتمال كونها من جنين واحد اثنتان اصليتان واثنتان زائدتان ، ولكن ينبغي ان يلزم الحكومة أيضا.

لزوم دية العضو انما يكون إذا لم يمت الجنين ولم تلقه ، فإذا مات الجنين أو ألقته ميّتا فليس عليه إلّا دية الجنين ، لدخول دية العضو في جنايته كما في النفس الكاملة على ما مرّ.

ولو ماتت هي أيضا لزم ديتها أيضا ، والكل واضح.

ولا فرق في التداخل بين موته في البطن وسقوطه ميّتا وحيّا ثم مات بعده وسقوط الجنين من غير ولوج الروح ، فإنه يدخل فيه.

ولو سقط مستقرّة الحياة ضمن دية العضو فقط ، ولكن لو مات بعد ذلك وكان الإلقاء هو السبب يضمن الجنين أيضا.

ويحتمل التداخل هنا أيضا ، بل هو الظاهر من قواعدهم.

ولو تأخّر سقوط الجنين عن سقوط العضو واشتبه هل كان العضو ساقطا

٣٣٩

فنصف المائة.

ويرث دية الجنين وارث المال الأقرب فالأقرب ودية جراحاته وأعضائه بنسبة ديته.

______________________________________________________

عن الحيّ وحال سقوطه كان حيّا أو ولجته الروح أم لا فكان عضو من لم تلجه الروح؟ فان حكم العارفون بأنه يد حيّ ، وسقط عن حيّ وكان حال سقوط الجنين حيّا لزمه دية عضو الحيّ ، فيكون نصف دية النفس في اليد ، والّا نصف دية الجنين التام وهي مائة ، عشر دية النفس على ما مرّ.

ويحتمل أن يكفي العارفان مع العدالة ، واحتمال الواحد بعيد كالأكثر من اثنين فصاعدا ما لم يصل عددهم إلى ما يفيد العلم بقولهم والظن المتاخم على الاجمال.

قوله : «ويرث دية الجنين إلخ». أي يفرض الجنين ميّتا ، وديته من تركته فيرثها من يرثها (يرثه ـ خ) ، وهو ظاهر ، وقد سبق دليله في إرث الدية ، فتذكر.

وكون دية أعضاء الجنين بنسبته إلى ديته ، ظاهر أيضا ، فإنه بمنزلة نفس مضمونة فديته بمنزلة دية النفس ، فكما كانت دية أعضاء النفس الكاملة بالنسبة إلى ديتها ، فكذلك الجنين.

فدية يده الواحدة نصف ديته ، ودية الاثنين دية كاملة ، وهكذا في جميع الأطراف والجراحات على قياس دية الكلّ ، فيكون أرشا مثل الجراحات على النفس فيفرض مملوكا له فيقوّم بدون ذلك الجرح ومعه.

فدية الجرح ، التفاوت بينهما ، وهو ظاهر أيضا ، وقد مرّ ما يدل عليه في الرواية (١) ، فتذكر.

__________________

(١) وهي حسنة وصحيحة يونس وابن فضّال.

٣٤٠