مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٠

.................................................................................................

______________________________________________________

كانت عمدا تخيّر بين قصاصه وبين أخذه رقّا له فيفعل به ما يفعل بالارقّاء.

وإذا كانت خطأ يتخيّر مولاه بين دفعه إلى مولاه ليرقّه وبين فكّه وتخليصه بدفع الأقلّ من أرش جنايته وهي دية المجني عليه ، ومن قيمة الجاني على مذهب بعض ، أو بأرش الجناية خاصّة على قول آخر.

وتدلّ على الأوّل رواية إبراهيم ، قال : قال : على المولى قيمة العبد ، (وـ خ) ليس عليه أكثر من ذلك (١) ولا يضرّ ضعفه ، فافهم الدلالة ، وقد تقدم البحث في ذلك ، فتذكر.

دليل تخيير المولى في الأوّل أنّ له القتل بالنصّ والإجماع ، فإذا كان له القتل فالاسترقاق بالطريق الأولى ، لأنّه إذا كان له أخذه من مولاه وإخراجه عن ملكه مع إتلاف النفس الذي مرغوب عنه في الشرع فبدون الإتلاف الذي مرغوب للشارع بالطريق الأولى.

والاخبار الكثيرة ، مثل رواية ابن مسكان ـ كأنّه عبد الله ـ عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا قتل العبد الحرّ فدفع إلى أولياء المقتول (الحرّ ـ يب ئل) ، فلا شي‌ء على مواليه (٢).

ورواية يحيى ورواية مثنّى (٣).

وحسنة زرارة ، عن أحدهما عليهما السّلام ، في العبد إذا قتل الحرّ دفع إلى أولياء المقتول فإن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا استرقّوه (٤).

ومرسلة أبان بن تغلب عمن رواه ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا

__________________

(١) الوسائل الباب ٨ من أبواب ديات النفس الرواية ٤ ج ١٩ ص ١٥٥.

(٢) الوسائل الباب ٨ من أبواب ديات النفس الرواية ٣ ج ١٩ ص ١٥٥.

(٣) الوسائل الباب ٤١ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٤ و ٥ ج ١٩ ص ٧٤.

(٤) الوسائل الباب ٤١ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ج ١٩ ص ٧٣.

٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

قتل العبد الحرّ دفع إلى أولياء المقتول ، فإن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا حبسوه يكون (فيكون ـ ئل) عبدا لهم وان شاؤوا استرقّوه (١).

هكذا في التهذيب ، والأولى عدم قوله وان شاؤوا الأخيرة إلى آخره ، كما هو في نسختي في الكافي ، فتأمّل.

فوجه عدم جواز الاسترقاق إلّا بالتراضي ـ لأنّ الاسترقاق أخذ مال وإنّما يجوز أخذ المال في قتل العمد بالتراضي ، على ما ذكره في شرح الشرائع ـ بعيد ، فتأمّل.

وأمّا دليل تخيير المولى في الخطأ ، فهو ان قتل العبد خطأ لا يوجب إلّا الدية فما لوليّ الجناية إلّا الدية ، والمؤدى مخيّر بين وجوه الأداء ، فيكون للمولى إعطاء الدية من غير عين عبد الجاني ، وكذا له أن يؤدّيه نفسه ، إذ ليس بضامن لجنايته ، لما مرّ من عدم ضمان المولى جناية مملوكه ، وتدلّ عليه رواية ابن مسكان المتقدمة (٢) وهو ظاهر.

وإنّما البحث في انّه هل يفكّه بالأرش أو بالأقلّ ، فقد مرّ البحث فيه أيضا.

ونقول هنا : يمكن ان يقال : ان لم يأخذ وليّ الجناية المملوك ، ولم يردّه لم يكن له إلّا الأقلّ ، لأنّه إن كان الأرش فهو ظاهر ، وان كان القيمة فلأنّ المولى لا شي‌ء عليه إذ لم يضمن جناية مملوكه ، وهو ما يجني أكثر من نفسه لما مرّ ، والولي ما يريد النفس فليس إلّا قيمة هذه النفس.

وأمّا إذا رضي بالنفس وأرادها ولم يعطها المالك فله ان يقول : لي عليها دية مقتولي (مقتول ـ خ) ولم يكن له شي‌ء فأريد نفسه فإذا منعه المالك ، فله طلب

__________________

(١) الوسائل الباب ٤١ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٢ هكذا في الوسائل والتهذيب وببعض نسخ الكافي وفي بعض نسخ الكافي : وان شاؤوا استرقّوه ويكون عبدا لهم وهو الصواب.

(٢) راجع الوسائل الباب ٤١ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٦ ج ١٩ ص ٧٤.

٦٢

ولو جرح حرّا اقتصّ في العمد وان طلب الدّية (طلبت ـ خ ل) فكّه مولاه بالأرش أو دفعه للاسترقاق ، ولا يقتل وان أحاطت الجناية بقيمته ، ولو زادت قيمته فالزائد للمولى.

______________________________________________________

الدية ، فتأمّل.

فإنّه يمكن ان يرجح الأقلّ مطلقا ، إذ ليس له النفس بل عوض الجناية ، ولمّا كانت النفس لا تجني أكثر من نفسها فليس إلّا قيمة النفس ، فتأمّل هذا في الخطأ.

وأمّا في العمد ، فالدية موقوفة على التراضي ، فعلى أيّ شي‌ء وقع يؤخذ ، فلا ينبغي الخلاف في ذلك.

إلّا ان يقال : إنّما الخلاف على تقدير الرضا بالدية في العمد مطلقا ، من غير تعيين الدية ، فلنفرض أنّه لزمت الدية والمال على الإطلاق شرعا بالنذر ونحوه.

فالخلاف في أنّه هل هو قيمة المقتول مهما أمكن أو الأقلّ منها ومن قيمة القاتل.

وبالجملة له في الصورتين عوض الجناية ، وليس هنا إلّا نفس الجاني ، فإذا رضي بغيرها وصار العوض شرعا غيرها ، فإنّما يكون عوضها وهو قيمته كائنة ما كانت ، فتأمّل.

قوله : «ولو جرح حرّا إلخ». لو جرح عبد حرّا اقتصّ منه ، وان رضي المجني عليه بالدية وطلبها فعلى مولاه فكّه بأرش جنايته أو دفعه إليه ليسترقّ منه ما يساوي أرش جنايته ، فإن كان ناقصا ليس له غيره ، وان كان مساويا فالكلّ له ، وان كان زائدا فقابل تلك الزيادة منه للمالك ، وما يساوي الأرش منه للمجنى عليه فهو مشترك بينهما بالنسبة ، فلا يجوز له قتله وان كانت قيمته مساوية أو انقص من الأرش ، فإنّه ما فعل ما يوجب ذلك.

٦٣

ولو قتل (قتله ـ خ ل) مثله فلمولى المقتول قتله ولو (فان ـ خ ل) طلب الدية استعبده إن ساواه في القيمة أو قصر والّا استرق بقدر قيمة المقتول ، وفي الخطأ يتخير مولى القاتل في فكّه بقيمته أو دفعه ليسترق (للرق ـ خ ل) ولو فضل منه شي‌ء فله ، ولا يضمن الإعواز.

______________________________________________________

ثم أنّ الظاهر من هذا الكلام ان ليس له فكّه بأقلّ الأمرين فاختار ذلك المذهب.

قال في شرح الشرائع : وهو مذهب الخلاف محتجّا بالإجماع وفي المبسوط أنّه الأظهر في الروايات ، وقال المحقق : انّه مرويّ ، وهو ظاهر النهاية وابن إدريس وكثير من الأصحاب.

والظاهر ممّا تقدم التردّد فيه أو اختيار الأقلّ في الخطأ ، ويبعد تعيين الأرش هنا.

فتأمّل لما مرّ ، وما رأيت في الروايات ما يكون صريحا في ذلك ، نعم رأيت أنّ دية العبد قيمته وذلك غير صريح في ذلك بل مرّ فيها ما يدلّ على الأقلّ ، مثل ما يجني الجاني أكثر من نفسه.

قوله : «ولو قتل مثله إلخ». أي إذا قتل عبد عبدا آخر (مثلا ـ خ) موجبا للقود فلمولى المقتول قتله ، وهو ظاهر ، وقد مرّ.

ولو رضي بالدية وطلبها ، له استرقاقه كلّه إن ساواه في القيمة أو انقص منه ، وليس له غير ذلك ، وان كان (كانت ـ خ) قيمة الجاني زائدة يسترق منه ما يساوي قيمة المقتول ، ويكون الباقي لمولاه فيشتركان فيه بالنسبة ، وقد مرّ أنّه له القتل والاسترقاق.

وإن رضي بالدية فلمولاه دفعه أو فكّه بالأقلّ أو الأرش في الجرح فتذكّر.

وان قتل مثله خطأ تخيّر مولى القاتل بين تسليمه ليسترق ما يساوي قيمة

٦٤

ولو افتكّ المولى المدبر فهو على تدبيره ، ويبطل لو سلّمه ليسترق (للرّق ـ خ ل) في الخطأ أو استرقه الولي في العمد.

______________________________________________________

المقتول فإن نقص فلا شي‌ء على مولاه ، فإنّه ما يجني أكثر من نفسه ، وان زاد فالزيادة له ، فتأمّل وبين فكّه (١) بقيمته مطلقا.

وهذا يدلّ على أنّ اختياره القيمة مطلقا ، والظاهر أنّ مرجعه إلى أقلّ الأمرين ، وقد مرّ ، فتذكر وتأمّل.

قوله : «ولو افتكّ المولى إلخ». يعني المدبّر حكمه حكم غيره من المماليك ، فإذا قتل عمدا فوليّ الدّم مخيّر بين قتله واسترقاقه ، فإذا استرقّه خرج به عن كونه مملوكا لمولاه الذي دبّره ، فيبطل تدبيره ويصير قنّا محضا لولي الدّم ، وإذا قتل خطأ فمولاه مخيّر بين فكه وبين تسليمه إلى وليّ الدم ليسترقّه ، فلو فكه بقي على تدبيره الذي كان ، وإذا استرقه ولي الدّم كان رقّا له ، وبطل تدبيره.

هذا هو مقتضى القواعد ويشعر به صحيحة أبي بصير ، قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام ، عن مدبّر قتل رجلا عمدا؟ (قال : ـ خ) فقال : يقتل به ، قلت : فان قتله خطأ ، قال : فقال : يدفع إلى أولياء المقتول فيكون لهم (رقّا ـ ئل) ، فان شاؤوا استرقّوه ، وليس لهم ان يقتلوه ، قال : ثم قال : يا با (أبا ـ خ) محمّد أنّ المدبر مملوك (٢).

ولكن وردت روايات بعتقه بعد موت مولاه ، وهي حسنة جميل بن درّاج ـ لإبراهيم ـ قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام ، في مدبّر قتل رجلا خطأ من يضمن عنه؟ قال : يصالح عنه مولاه ، فإن أبى دفع إلى أولياء المقتول يخدمهم حتّى يموت الذي دبّره ، ثمّ يرجع حرّا لا سبيل عليه (٣).

__________________

(١) عطف على قوله قدّس سرّه : بين تسليمه.

(٢) الوسائل الباب ٤٢ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ج ١٩ ص ٧٥.

(٣) الوسائل الباب ٩ من أبواب ديات النفس الرواية ١ ج ١٩ ص ١٥٥.

٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ورواية محمّد بن حمران وجميل جميعا عن أبي عبد الله عليه السّلام ، في مدبّر قتل رجلا خطأ ، قال : من شاء مولاه ان يؤدّى إليهم الدية وإلّا دفعه إليهم يخدمهم فإذا مات مولاه يعني الذي أعتقه رجع حرّا (١).

وفي رواية يونس ، لا شي‌ء عليه (٢).

وفي الكتابين هذه الروايات هكذا وردت مطلقا حتّى مات المدبر صار حرّا ، وينبغي ان يقول : متى مات المدبر ينبغي ان يستسعى العبد في دية المقتول ، لئلا يبطل دم امرئ مسلم ، ويحمل ما تضمن رواية يونس في قوله : «لا شي‌ء عليه» ، أنّه لا شي‌ء عليه من العقوبات ، أو أنّه لا شي‌ء عليه في الحال ، وإن وجب عليه أن يسعى فيه على مستقبل الأوقات.

وأراد برواية يونس رواية محمّد بن حمران حيث وقع يونس في طريقه (٣).

واستدلّ برواية خطاب بن سلمة (مسلمة ـ ئل) ، عن هشام بن أحمد (أحمر ـ خ ئل) ، قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام ، عن مدبّر قتل رجلا خطأ أيّ شي‌ء رويتم في هذا الباب؟ قلت : روينا عن أبي عبد الله عليه السّلام أنّه قال : يتلّ برمّته إلى أولياء المقتول ، فإذا مات الذي دبّره عتق ، قال : سبحان الله فيبطل دم امرئ مسلم ، قلت : هكذا روينا ، قال : غلطتم على أبي ، يتلّ برمّته إلى أولياء المقتول ، فإذا مات الذي دبّره استسعى في قيمته (٤).

فيها دلالة على الرجوع بأقلّ الأمرين ، بخلاف عبارة الشيخ فإنّها تدلّ على

__________________

(١) الوسائل الباب ٩ من أبواب ديات النفس الرواية ٣ ج ١٩ ص ١٥٥.

(٢) الوسائل الباب ٩ من أبواب ديات النفس الرواية ٤ ج ١٩ ص ١٥٦.

(٣) سندها ـ كما في الكافي ـ هكذا : عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمّد بن احمد بن أبي نصر عن جميل وعلي بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى عن يونس عن محمّد بن حمران جميعا.

(٤) الوسائل الباب ٩ من أبواب ديات النفس الرواية ٥ ج ١٩ ص ١٥٦.

٦٦

ويستسعى من انعتق بعضه لو قتل عبدا في نصيب الحرّية ويسترق نصيب الرقية فتبطل كتابته أو يفديه مولاه أو يباع وفي الخطأ يفدى الامام نصيب الحرّية ويتخيّر المولى بين فك الرقبة بنصيبها من الجناية أو تسليم الحصة.

______________________________________________________

انّ الرجوع بأرش الجناية.

وهذه الرواية (١) ضعيفة باشتراك محمّد بن حمران مع وجود علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى عن يونس (٢) ، وبوجود سهل في طريق رواية جميل (٣) ولكن رواية جميل بن درّاج حسنة ، إلّا أن رواية أبي بصير صحيحة (٤) ، فإنّ الظاهر أنّه الليث ، وهي موافقة للقوانين ، والشهرة ، فيمكن ترجيحها ، فتأمّل.

قوله : «ويستسعى إلخ». إذا قتل المكاتب شخصا عمدا فان كان مشروطا أو لم يؤدّ شيئا فهو مثل القنّ فإذا قتل أو استرقّه أولياء الدم بطل كتابته ، وإذا فكّه المولى ، فالظاهر بقاء كتابته.

وإذا كان أدّى بعض كتابته وانعتق بحسابه بعضه ، فقتل عبدا محضا ، أو من كان عتقه أقل من عتقه ، لم يجز قتله به ، ويستسعى في نصيب الحرّية ويسترق نصيب الرقيّة ، فتبطل كتابته ، وكذا لو باعه المولى في جنايته.

وأمّا مع فك المولى فتبقى الكتابة على حالها فيستخدم ويقسّم كسبه بين أرش جناية نصيب الحرّية لأولياء الدّم ، وبين مال الكتابة بالنسبة.

وان كان خطأ موجبا للدية ، فالذي تعلّق بنصيب الحرّية ، على الإمام ،

__________________

(١) يعني رواية محمّد بن حمران وجميل جميعا.

(٢) سندها ـ كما في الكافي ـ هكذا : علي بن إبراهيم.

(٣) تقدّم ذكر سندها آنفا.

(٤) الوسائل الباب ٤٢ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ج ١٩ ص ٧٥.

٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

والذي تعلّق بنصيب الرقيّة فالخيار إلى المولى ان أراد ان يعطيه للأولياء فيسترقّوه فيبطل كتابته ، وان أراد يستبقيه ويعطى قيمته إليهم فتبقى حصّة الرقيّة مكاتبة ، كما كانت ، هذا هو الموافق للقوانين.

ولكن ينبغي تقييد كونه (على الامام) بعدم العاقلة ، كما في رواية عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في مكاتب قتل رجلا ، قال : عليه من ديته بقدر ما أعتق ، وعلى مولاه ما بقي من قيمة المملوك ، فان عجز المكاتب فلا عاقلة له ، وإنّما ذلك على امام المسلمين (١).

ولكنها مقيدة بعجز المكاتب ، ولم يقولوا به ولعلّ المراد على المولى بمعنى تخييره بين فكّه وتسليمه كما ذكر.

مع أنّ في سندها إسماعيل بن مرار عن يونس (٢) وذهب بعض مثل الصدوق والشيخ المفيد وسلّار إلى أن على الامام (٣) بقدر ما أعتق من المكاتب والباقي يستخدمه ورثة الدم مدّة حياته ، وليس لهم بيعه ، ونفى البأس عنه في المختلف.

ودليله صحيحة محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام ، عن مكاتب قتل رجلا خطأ؟ قال : فقال : ان كان مولاه حين كاتبه اشترط عليه ان عجز فهو رقّ فهو بمنزلة المملوك يدفع إلى أولياء المقتول ، فإن شاؤوا قتلوا وإن شاؤوا باعوا ، وان كان مولاه حين كاتبه لم يشترط عليه ، وكان قد أدّى من مكاتبته شيئا ،

__________________

(١) الوسائل الباب ١٢ من أبواب العاقلة الرواية ١ ج ١٩ ص ٣٠٨.

(٢) سندها ـ كما في الكافي ـ هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرّار ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان.

(٣) هكذا في جميع النسخ ، ولعلّه سقطت منها كلمة من الدية قبل قوله : «بقدر ما أعتق» كما دلّت عليها الرواية أيضا.

٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

فإنّ عليّا عليه السّلام كان يقول : يعتق المكاتب بقدر ما أدّى من مكاتبته ، وأنّ على الامام ان يؤدّي إلى أولياء المقتول من الدية بقدر ما أعتق من المكاتب ، ولا يبطل دم امرئ مسلم وأرى ان يكون ما بقي على المكاتب ممّا (بما ـ قيه) لم يؤدّه رقّا لأولياء المقتول (١) فلأولياء المقتول يستخدمونه حياته بقدر ما ادّى وليس لهم ان يبيعوه (٢).

ولكنها مشتملة على القتل في الخطأ (مع الاستخدام ـ خ) وأرى ان يكون ما بقي على المكاتب مما لم يؤدّ رقّ (رقّا ـ خ) عدم جواز بيعه وهو خلاف القواعد (٣).

ويمكن حمل الاستخدام على أنّه ملك ، وعدم البيع على عدم بيعه كلّه لا حصّة الرقبة التي تملكوها.

فيمكن جعلها دليل المشهور ، وهو مذهب المتأخّرين.

ولكن فيها ما ذكرناه ، فتأمّل.

ومذهب الاستبصار أنّه إذا أدّى نصف كتابته فهو بمنزلة الحرّ.

دليله رواية علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام ، قال : سألته عن مكاتب فقأ عين مكاتب أو كسر سنّه ما عليه؟ قال : ان كان أدّى نصف كتابته فديته دية حرّ ، وان كان دون النصف فبقدر ما أعتق ، وكذا إذا فقأ عين حرّ ، وسألته عن حرّ فقأ عين مكاتب أو كسر سنّة؟ قال : إذا أدّى نصف مكاتبته تفقأ عين الحرّ أو ديته (أو دية ـ خ) ان (فان ـ صا) كان خطأ هو بمنزلة الحرّ

__________________

(١) هكذا في الوسائل والكافي والفقيه والتهذيب ، ولكنه سقط من النسخ التي بأيدينا قوله عليه السّلام : وارى ان يكون الى قوله : لأولياء المقتول.

(٢) الوسائل الباب ٤٦ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٢ ج ١٩ ص ٧٨.

(٣) هكذا في جميع النسخ من قوله : (وأرى) إلى قوله : خلاف القواعد ، ولكنها غير واضحة المراد فتأمّل في هذا الكلام لعلك تفهم ما ارادة قدّس سرّه.

٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وان كان لم يؤدّ النصف (وان لم يكن أدّى النصف ـ ئل) قوّم وأدّى بقدر ما أعتق منه ، وسألته عن المكاتب (الذي ـ يب ئل) إذا أدّى نصف ما عليه؟ قال : هو بمنزلة الحرّ في الحدود وغير ذلك من قتل أو غيره (وـ خ) غيره (١).

قال في الاستبصار ـ بعد نقلها وقوله : فلا ينافي هذا ، الخبر المذكور في أوّل هذا الباب ، عن محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في مكاتب قتل ، قال : يحتسب (يحسب ـ خ) منه ما أعتق ، فيؤدّى به دية الحرّ وما رقّ منه دية (فدية ـ ئل) العبد (٢) ـ لأنّ الوجه (٣) في الجمع بينهما ان يحمل الخبر الأوّل على التفصيل الذي تضمنه الخبر الأخير ، فتقول : يحتسب فيؤدّى بحساب الحرّية ، ما لم يكن أدّى نصف ثمنه ، فإذا أدّى ذلك كان حكمه حكم الأحرار على ما تضمنه الخبر الأخير (٤).

ولكنها مشتملة على ما لا يقال به ، وخلاف القوانين على الظاهر ، مثل التسوية بين دية عين الحرّ والمكاتب وسنّة ونحو ذلك.

اللهم إلّا ان يكون الشيخ قائلا به ، بل هو الظاهر حيث يفهم كليّة ذلك من قوله : (فلا ينافي إلخ).

وفي سندها محمّد بن أحمد العلوي (٥) ، وهو غير مذكور ، فهو مجهول.

ولكن قالوا طريقه إلى علي بن جعفر عليهما السّلام صحيح (٦) ، وكأنّ المراد

__________________

(١) الوسائل الباب ١٠ من أبواب ديات النفس الرواية ٣ ج ١٩ ص ١٥٧.

(٢) الوسائل الباب ١٠ من أبواب ديات النفس الرواية ٢ ص ١٥٧.

(٣) قوله : لان الوجه. إلخ مقول قوله : قال في الاستبصار.

(٤) انتهى كلام الاستبصار.

(٥) سند الرواية ـ على ما في التهذيب ـ هكذا : محمّد بن احمد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد العلوي ، عن العمركي الخراساني ، عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام.

(٦) طريق الشيخ ـ كما في مشيخة التهذيب ج ١٠ ص ٨٦ ـ هكذا : وما ذكرته عن علي بن جعفر فقد

٧٠

ولو قتل العبد مولاه عمدا فللولي القصاص ولو قتل عبده فللمولى القصاص وان كانت قيمة الجاني أكثر أمّا لو كان العبد لغيره لم يكن له القتل الّا بعد ردّ الفاضل وكذا الأمة لو قتلها عبد.

______________________________________________________

مع حذف الطريق.

إلّا أنّه غير ما يفهم من الفهرست ، وكذا من بعض المواضع من الكتابين.

وأيضا هذا الحكم خلاف القواعد ، وليس بمفهوم من كلام الإستبصار الذي نقلناه هنا كون ذلك مذهبا ، وإنّما أوردها للجمع بينها وبين خبر محمّد بن قيس (١) فقد لا يقول بما هو زائد على ذلك.

إلّا أنّ ذلك بعيد ، فإنّ ظاهره قوله به ، مع أنّه إذا قال بتقييد مثل ما في رواية محمّد بن قيس ، فلا يفرق بينه وبين غيره ممّا يفهم منها من عدم مطابقته للقاعدة.

ويمكن قوله به لأجل هذه الرواية ، ولكن لا يلزم القول به ، لما تقدم ، وكأنّه لذلك ، ذهب إليه الأكثر ، بل الشيخ أيضا في غيره ، فتأمّل ، فإنّه يمكن صحتها وانها مذكورة في التهذيب أيضا.

قوله : «ولو قتل العبد إلخ». دليل القصاص ـ لولي المولى من العبد إذا قتل مولاه قتلا موجبا لذلك ـ ظاهر.

وكذا دليل أن للمولى القصاص لو قتل مملوكه الآخر ، سواء كانا في القيمة متساويين أو متفاوتين ، وان كان قيمة الجاني أكثر من غير ردّ.

بخلاف ما إذا قتل مملوك الغير ، فإنّ للغير القصاص ، إذا ردّ الفاضل من

__________________

أخبرني به الحسين بن عبيد الله عن احمد بن محمّد بن يحيى عن أبيه محمّد بن يحيى عن العمركي النيسابوري البوفكي عن علي بن جعفر.

(١) تقدّم آنفا.

٧١

ولو سرت جناية الحرّ على العبد وقد تحرّر فللمولى أقلّ الأمرين من قيمة الجناية والدّية عند السراية كان يقطع يد من قيمته الدية ثم يقطع الآخر يده بعد الحرّية ثم ثالث رجله فللمولى ثلث الدية بعد النصف.

______________________________________________________

قيمة الجاني إلى مولاه ، كما إذا قتل الرجل بالمرأة ، فإنّه إنّما يكون ذلك بعد ردّ نصف ديته ، وقد مرّ.

وكذا لو قتل عبد أمة ، فإنّه يقتل بها بعد ردّ الفاضل من قيمته الى مولاه ، وان كانا لمولى واحد لا ردّ.

وبالجملة في مملوك شخص واحد القصاص من غير ردّ ، وفي الغير إنّما يكون ذلك بعد ردّ الفاضل ، إذا كان في قيمة الجاني فضل على قيمة المجني عليه ، سواء كانتا أمتين أو عبدين أو مختلفين ، هكذا يفهم من كلامهم ، وقد مرّ ما فيه.

قوله : «ولو سرت إلخ». إذا جنى على مملوك حال كونه مملوكا فعتق ثم سرت الجناية فيه حتى مات حال كونه حرّا لا قصاص عليه لفقد شرط التكافؤ المعتبر وهو حال الجناية على ما مرّ.

نعم على الجاني الدية فلمولاه عليه حينئذ أقلّ الأمرين من أرش جناية العضو ومن ديته حال السراية ، ولورثته تتمّة الدية التي استقرّت بعد السراية فلو قطع إصبعا من عبد فانعتق (ثم عتق ـ خ) وسرت حتّى مات فلمولاه عشر قيمته ولورثته دية كاملة لا عشر قيمته.

وإذا قطع يده ثم عتق وسرت فمات فللمولى نصف القيمة وهو نصف الدية ، ان كانت قيمته الدية أو أزيد ، وإلّا نصف القيمة ، وللورثة تتمّة الدية.

فلو قطع آخر بعد الحريّة يده الأخرى ، فآخر رجله فسرت الجنايات ومات فللمولى ثلث الدية على الجاني الأوّل بعد ان كان نصفها ان كان قيمته الدية أو

٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

أزيد وإلّا فله ثلث القيمة بعد ان كان نصفها ، وهو أقلّ الأمرين من ثلث القيمة وثلث الدية ، لأنّ الذي حصل حال الحرية ليس للمولى فيه حظّ ، وكان ذكره في هذه الصورة ، بل الاقتصار على قيمة الجاني أولى ، فتأمّل ، والباقي للورثة على الجارحين بان تأخذ الورثة من الأوّل فضل ثلث الدية عن ثلث القيمة والباقي من الأخيرين.

ويحتمل كون ثلثها للمولى على الجارح الأوّل الذي جرحه ، وهو عبد ، وثلثاها للورثة ، على الجارحين حال الحرّية ، فتأمّل.

ثمّ الظاهر ان يكون للورثة القصاص من الجارحين الأخيرين ، كما ذكره المصنف في المسألة الأخيرة ، لأنّهما جرحا حال الحرّية عمدا وأثرا فكان القتل عمدا موجبا للقصاص وكونه ـ من قتل مملوكا ـ غير مانع ، فإنّ الشرط بالنسبة إليهما موجود ، ولكن ترد (١) دية وثلثا إليهما ، فإن كانت القيمة متساوية أو أزيد فالثلث أيضا ممّا لهم ، وإلّا ففضل ما بين ثلث القيمة وثلث الدية من الجاني الأوّل وتتمته منهم أيضا ، فتأمّل.

ثم هنا اشكال ، وهو أنّه إذا كان الاعتبار بالجناية بحال الجرح لا بحال السراية ، كيف يكون على الجاني الأوّل أقلّ الأمرين من أرش جناية العضو وديته حال السراية ، بل ينبغي ان يكون أرش الجناية متعيّنا ، فإنّه إذا قطع اليد أو الإصبع لزم قيمة الجناية على الجاني فأعتق ولا اعتبار بعد ذلك بشي‌ء.

والظاهر أن لا تفاوت بين أقلّ الأمرين وأرش الجناية إلّا بالعبارة ، غير أنه يخرج الزيادة على أرش الجناية التي تحصل بسبب الحرية ، لأنّه (لأنها ـ ظ) زادت بسبب السراية حينئذ فلا يبعد اعتبار حال السراية أيضا في الجملة ، فلا إشكال ، فتأمل.

__________________

(١) أي الورثة.

٧٣

ولو قطع يده ثم سرت بعد الحرّية فلا قصاص بل دية الحرّ وللسيد نصف قيمته وقت الجناية والباقي للورثة.

فلو قطع آخر رجله بعد العتق وسرتا فعلى الأوّل نصف الدية وعلى الثاني القصاص بعد ردّ نصف الدية.

______________________________________________________

أو أن نظرهم الى دخول الطرف في النفس ، ولما قطع صار عليه جناية الطرف ، ولمّا سرت هذه ، فدخل الطرف في النفس ، وقد وجد حينئذ متلفات أخر وسرت الجميع ، فينظر حينئذ إلى الجرح الأوّل ، لأنّ الذي سرى ليس هو فقط ، بل مع اثنان آخران فعليه ثلث هذه النفس ، ولكن يلزم حينئذ إلزامه بثلث الدية لا بأقلّ الأمرين وهو مختار الشرائع.

وفيه تأمّل ، إذ ليس للمولى ان سرى الجرح حال الحرّية حظّ ونصيب في الزيادة الحاصلة بالعتق ، وهو الفاضل من القيمة إلى دية الحرّ ، فليس له إلّا ثلث القيمة إلّا ان يتجاوز عن ثلث قيمة الحرّ ، فيتّجه القول بالأقلّ من أرش جناية العضو بعد فرض السراية أي فرض تلفه لجميع ما وقع عليه ويقسّم القيمة عليهم فما قابل الجناية حال الرقية هو أرش الجناية ومن حصّته ونصيبه من الدية إلى الأقلّ من ثلث القيمة أو ثلث الدية إذا كان التّلف بثلاث جنايات ، الاولى حال العبودية والثنتان حال الحرية ، كما في المثال المفروض.

فلو قطع واحد يده ثمّ عتق فسرت ، فعليه الدية لا القصاص ، كما مرّ ، وللسيد نصف قيمته وقت الجناية ، والباقي من الدية للورثة التي يرثون ديته ، كما اختاره المصنف رحمه الله ، فتأمّل.

فلو قطع آخر رجله بعد ان قطع الأوّل يده وأعتق وسرتا ، فعلى الأوّل نصف الدية للمولى وعلى الثاني القصاص بعد ردّ نصف الدية لأنّه اشترك معه الأوّل ، فإنّ الغرض القتل بسراية جرحهما (جرحيهما ـ خ).

٧٤

ولو اتحد القاطع وبرئ فللمولى نصف القيمة وللمعتق القصاص في الثانية أو نصف القيمة (الدية ـ خ ل) إن رضي الجاني.

ولو سرتا فللولي القود بعد ردّ ما يستحقه المولى.

______________________________________________________

ولكن كان ينبغي على الأوّل نصف القيمة وعلى الثاني القصاص بعد ردّه ، بناء على ما قرّرناه من عدم الزيادة بالحريّة ، وعدم اعتبار الحرّية في الجناية الأولى ، فإنّه قطع يده وهو عبد وسرت وهو حرّ وحريّته لا اعتبار لها بالنسبة إليه فإنّ الاعتبار بحال الجناية لا بحال السراية ، فيلزم هنا النّقص على ولي الدّم ، فكأنّه لأجل العبودية ، فيأخذ المولى نصف القيمة ، ويؤدّى الورثة ذلك ، أو يأخذون الدية إلّا نصف القيمة ، ان أرادوا القصاص.

قوله : «ولو اتحد القاطع إلخ». أي إذا كان قاطع اليد حال الرقيّة وقاطع الرجل حال الحريّة شخص واحد (١) ، وبرئ منهما بان قطع يده أوّلا فعتق وبرئ من الجرح فقطع رجله ، فللمولى نصف القيمة لأجل قطع اليد ، فإنه كان حال العبودية ، فليس عليه إلّا دية اليد للمولى وهو نصف القيمة ، وللمعتق المجني عليه القصاص في الجناية الثانية ، وهي قطع الرّجل ، لأنّه قطعه وهو حرّ ، والغرض أنّه موجب للقصاص لعدم المانع وهو الرقيّة السابقة ، أو يأخذ نصف الدية الكاملة ، أن رضي بالدية ، فإنّ دية رجل الحرّ نصف دية حرّ ، أصليّا أو معتقا.

ولو سرت الجنايتان فلوليّ المجني عليه القصاص في النفس بعد ردّ ما يستحقّه المولى على الجاني ، وهو أرش الجناية الاولى ، وهو نصف القيمة وقت الجناية على الظاهر ، لا نصف الدية ، فتأمّل.

ويجوز لولي الدم الذي هو وارث المجني عليه القصاص في الرّجل وحده ، ولا يرتكب القصاص في النفس ، حيث كان فيه خلاف ، فإنّ البعض لم يجوّزوا

__________________

(١) هكذا في النسخ ، والصواب شخصا واحدا.

٧٥

ولو اقتصّ في الرّجل أخذ المولى نصف قيمته وقت الجناية وفاضل دية اليد للولي ان زادت.

______________________________________________________

ذلك ، لأنّ الموت والقتل حصل من جنايته حال الحريّة ، وهي جناية كانت أصلها حال الرقيّة ، ولم يمكن حينئذ القصاص لعدم التكافؤ ، ولا شك أنّ له ذلك على تقدير عدم جواز القصاص في النفس ، ويحتمل على تقديره أيضا.

فلو اقتصر على قصاص الرّجل أخذ المولى دية يد المجني عليه ، وهو نصف قيمته حال الجناية ، فلو كانت دية يده زائدة عن نصف قيمته حال الجناية ، فتلك الزيادة لولي المجني عليه ، حيث فرض عدم القصاص إلّا في الرّجل.

وفي أخذ تلك الزيادة تأمّل سبق ، فتأمّل.

٧٦

المقصد الثاني

في جناية الطرف

فان تعمّد الجاني فالقصاص والّا الدية ، ويتحقق العمد كما في القتل وكالشروط هناك ويقتصّ للرّجل من المرأة وبالعكس ولا ردّ ما لم تتجاوز ثلث الدية فتنتصف المرأة وكذا يتساويان في الدية ما لم يبلغ الثلث فتنتصف المرأة.

______________________________________________________

قوله : «فان تعمّد الجاني إلخ». دليل ثبوت القصاص على الجاني عمدا ـ في جراحات الطرف مثل الأنف والاذن ـ هو الكتاب مثل «والجروح قصاص» (١) «وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ» (٢) «وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ» (٣) «فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ» (٤) والسنّة والإجماع.

وتفسير العمد وتحقيقه وشرائط القصاص في الطرف مثل ما تقدم في القتل وإليه أشار بقوله : «ويتحقق العمد كما في القتل وكالشروط» أي يتحقق العمد في

__________________

(١) المائدة : ٤٥.

(٢) المائدة : ٤٥.

(٣) المائدة : ٤٥.

(٤) البقرة : ١٩٤.

٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الطرف والجراح كما يتحقق في القتل وان شروط العمد هنا وإيجابه القصاص مثل الشروط هناك ، والعبارة ضيّقة والمقصود ظاهر.

فالعمد هنا يحصل بقصد الجاني الجرح والقطع بآلة يؤدّي إلى ذلك الجرح المطلوب ، وان كانت ممّا يترتب عليه ذلك نادرا ، فلا يحصل بمجرد حصول الجرح كيفما اتفق ، ولا مع قصد الضرب.

وإنّما يوجب القصاص بالشروط الخمسة ، كون المجروح لا يستحق ذلك الجرح من الجاني ، وكونه محقونا ومحفوظا في شرع الإسلام ، وكون الجارح مكلّفا ، وكونه غير أبي المجروح ، وكون المجروح مسلما ، ان كان الجارح كذلك ، وكون المجروح حرّا ، ان كان الجارح حرّا (١) ، كما تقدّم مفصّلا في قصاص النفس.

كأنّ الدليل هو الاعتبار والإجماع والاخبار (٢) ، فتأمّل.

ولا يشترط التساوي في الذكورة والأنوثة ، فيقتصّ للرجل من المرأة إذا جرحته أو قطعت منه طرفا ، مع الشرائط ، كما تقتل المرأة به إذا قتلته ، لما تقدم.

وكذا لو جرحها أو قطع منها عضوا يقتصّ لها منه ، ولا ردّ هنا ، يعني لا تردّ المرأة شيئا إلى الجاني ثم يقتصّ منه ، كما كان يفعل ذلك في القصاص في القتل ، بل هما متساويان في الجرح والأطراف قصاصا ودية ، فإذا قطع رجل إصبع امرأة عمدا يقتصّ لها منه من غير ردّ ، وخطأ يؤخذ منه عشر ديتها ، كما في قطعها إصبعه ، ما لم تبلغ دية ذلك العضو والجرح بثلث ديتها ، فإذا بلغت ذلك فصاعدا ينتصف (يتنصّف ـ خ) حينئذ ذلك في المرأة ، فتصير هي نصف الرجل حتّى أنّ دية اربع أصابعها مثل دية الإصبعين ، وحينئذ إذا جرحت المرأة وكان عضوها ثلث ديتها أو

__________________

(١) لا يخفى ان الشروط المذكورة ستّة لا خمسة.

(٢) راجع الوسائل الأبواب الواردة في ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٣.

٧٨

ويشترط أمور ثلاثة :

______________________________________________________

أكثر واردات القصاص فلا بدّ من ردّ نصف دية ذلك العضو إلى الرجل الجاني ثم القصاص ، مثل ان قطع أربع أصابع منها ، وأرادت قصاصا فلا بدّ من ردّ النصف وهو عشرون إبلا.

وكأنّ ذلك بالإجماع المستند إلى الاخبار.

مثل صحيحة جميل ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن المرأة بينها وبين الرّجل قصاص؟ قال : نعم في الجراحات حتّى تبلغ الثلث سواء ، فإذا بلغت الثلث سواء ارتفع الرجل وسفلت المرأة (١).

ومثله صحيحة عبد الرحمن بن أبي نجران (٢).

وصحيحة أبان بن تغلب ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة كم فيها؟ قال : عشر (عشرة ـ ئل) من الإبل ، قلت : قطع اثنتين؟ قال : عشرون من الإبل ، قلت : قطع ثلاثا؟ قال : ثلاثون من الإبل ، قال : قلت : أربعا؟ قال : عشرون من الإبل ، قلت : سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ، فيقطع أربعا فيكون عليه عشرون؟ أنّ هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنتبرأ (فنبرأ ـ ئل) ممّن قاله ، ونقول : الذي جاء به شيطان ، فقال : مهلا يا ابان ، هذا حكم رسول الله صلّى الله عليه وآله ، انّ المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية ، فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف يا أبان إنك أخذتني بالقياس ، والسنة إذا قيست انمحق (محق ـ خ) الدين (٣) وغيرها.

قوله : «ويشترط أمور إلخ». أي يشترط في القصاص في الجراحات والأطراف ـ زائدة على ما تقدم في القتل ـ أمور :

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٣ ج ١٩ ص ١٢٢.

(٢) الوسائل الباب ١ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ بالسند الثالث.

(٣) الوسائل الباب ٤٤ من أبواب ديات الأعضاء الرواية ١ ج ١٩ ص ٢٦٨.

٧٩

الأوّل : تساويهما في السلامة

فلا يقطع الصحيح بالأشلّ وان بذله الجاني ويقطع الأشلّ بالصحيح ما لم يحكم العارف بعدم حسمه.

______________________________________________________

الأوّل : تساوي العضو (عضو ـ ظ) المجني عليه وعضو الجاني الذي يقتصّ ، بمعنى أنّه لا يقطع السليم بالمعيب ، فإذا قطعت سليمة اليد اليد الشلاء لم تقطع بها ، وإن رضي الجاني وبذلها للقطع ، فإنّه لا يجوز ان يقطع عضو إنسان بإذنه ، ولا يجوز له الإذن.

وبالعكس يقطع ، فلو قطع الأشلّ اليد الصحيحة يقطع الشّلاء ما لم يحكم العارف بأنّه إذا قطعت الشلاء لم ينقطع الدم ، بل يسيل دمه حتّى يموت ، وحينئذ لا يقطع الشلّاء أيضا ، بل يؤخذ الدية للمجنى عليه من الجاني ، فإنّه بمنزلة عديم اليد.

ويقطع الصحيحة بالصحيحة ، والشلّاء بمثلها ، ما لم يحكم العارف بعدم انقطاع الدم ، فلا يقطع مطلقا.

دليل عدم القطع حينئذ العقل ، فإنّه لا يجوّز تفويت النفس ، وإدخال الضرر على الجاني بأكثر ممّا فعل ، ولا يمكن ابطال حقّ المجني عليه أيضا ، فلا بدّ من الدية.

أمّا دليل قطع الصحيح والشلاء بالصحيح فظاهر.

وأمّا عدم قطع الصحيح بالشلاء فهو الاعتبار.

وخبر سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، في رجل قطع يد رجل شلاء ، قال : عليه ثلث الدية (١).

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب ديات الأعضاء الرواية ١ ج ١٩ ص ٢٥٣.

٨٠