مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٠

وفي قطع رأس الميّت مائة دينار وفي جوارحه وشجاجه بحسب ذلك ويصرف في وجوه البرّ لا الوارث وقال المرتضى لبيت المال.

______________________________________________________

قوله : «وفي قطع رأس الميّت إلخ». لعلّ دليله الإجماع بعد الاخبار ، مثل ما في مرسلة محمّد بن الصباح ـ الطويلة ـ : عليه مائة دينار ـ أي على قاطع رأس الميت (إلى قوله) : فقال أبو عبد الله عليه السّلام : ليس لورثته منها (فيها ـ خ) شي‌ء ، إنما هذا شي‌ء صار (اتى ـ خ) إليه في بدنه بعد موته يحج بها عنه ، أو يتصدق بها ، أو تصير في سبيل من سبل الخير (١).

ورواية الحسين بن خالد قال : سئل أبو عبد الله عليه السّلام من رجل قطع رأس رجل ميّت؟ فقال : ان الله حرّم منه ميّتا كما حرّم منه حيّا ، فمن فعل بميّت فعلا يكون في مثله اجتياح (٢) نفس الحيّ ، فعليه الدية ، فسألت عن ذلك أبا الحسن عليه السّلام؟ فقال : صدق أبو عبد الله عليه السّلام هكذا قال رسول الله صلّى الله عليه وآله ، قلت : فمن قطع رأس ميّت أو شق بطنه أو فعل به ما يكون فيه اجتياح نفس الحيّ ، فعله دية النفس كاملة ، فقال : لا ، ولكن ديته دية الجنين في بطن امّه قبل أن تنشأ (تلج ـ ئل) فيه الروح ، وذلك مائة دينار ، وهي لورثته ودية هذا هي له ، لا للورثة ، قلت : فما الفرق بينهما؟ قال : ان الجنين أمر مستقبل مرجوّ نفعه ، وهذا قد مضى فذهبت (وذهبت ـ ئل) منفعته ، فلما مثل به بعد موته صارت ديته بتلك المثلة له ، لا لغيره يحتجّ بها عنه ، ويفعل أبواب الخير والبرّ من صدقة أو غيرها ، قلت : فإن أراد رجل ان يحفر له ليغسّله (في الحفرة ـ كا ـ ئل) فتسدر (٣)

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٧.

(٢) الجوح البطيخ الشامي والاهلاك والاستيصال كالاجاحة والاجتياح ، ومنه الجائحة للشدة المحتاجة للمال (القاموس).

(٣) والسدر تحيّر البصر ، يقال : سدير البعير بالكسر تحيّر من شدة الحرّ فهو سدر ، وفي الحديث (فسدر الرجل فمالت مسحاته في يده فأصابت بطن الميت فشقه) من هذا الباب (مجمع البحرين).

٣٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

الرجل ممّا يحفر (فدير ـ خ) فمالت مساحته بيده (في يده ـ خ) فأصاب بطنه (بطن الميّت ـ خ) فشقه فما عليه؟ فقال : إذا كان هكذا فهو خطأ ، وكفارته عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو صدقة على ستين مسكينا ، مدّ لكل مسكين بمدّ النبي صلّى الله عليه وآله (١).

فكأنه لا يضرّ ضعفها.

وحمل في التهذيب والاستبصار ، الأخبار الدالّة على ان حرمة الميّت مثل حرمة الحيّ ، على حصول العقاب والحرمة لا في الدية.

مثل مرسلة جميل ، عن غير واحد من أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قطع رأس الميّت أشد من قطع رأس الحيّ (٢) ، وهي صحيحة في الفقيه عن محمّد بن أبي عمير (٣).

ومرسلة صفوان ، عن رجالهم ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : أبى الله أن يظن بالمؤمن إلّا خيرا ، وكسر عظامه حيّا وميتا سواء هكذا في الاستبصار (٤).

وفي التهذيب صحيحة ، عن ابن أبي عمير ، عن صفوان من غير إرسال (٥) والصحيح ، عن مسمع كردين ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل كسر عظم ميّت؟ قال : فقال : حرمته أعظم من حرمته وهو حيّ (٦).

وحمل فيها رواية إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال :

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٨.

(٢) الوسائل باب ٢٥ حديث ٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٩.

(٣) في الفقيه : ج ٤ (باب ما يجب على من قطع رأس ميّت) ص ١٥٧ طبع مكتبة الصدوق : هكذا : وفي نوادر محمّد بن أبي عمير إنّ الصادق عليه السّلام قال : قطع رأس الميّت أشدّ من قطع رأس الحيّ (انتهى).

(٤) الاستبصار ج ٤ باب دية من قطع رأس الميّت حديث ٣ ص ٢٩٧ طبع دار الكتب الإسلامية ، النجف.

(٥) التهذيب ج ١٠ باب دية عين الأعور. حديث ١٢ ص ٢٧٢.

(٦) الوسائل باب ٢٥ حديث ٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٧.

٣٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

قلت : ميّت قطع رأسه؟ قال : عليه الدية قلت : ممن يأخذ ديته؟ قال : الامام هذا لله وان قطعت يمينه أو شي‌ء من جوارحه فعليه الأرش للإمام (١).

ورواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل قطع رأس الميّت؟ قال : عليه الدية ، لأن حرمته ميّتا كحرمته وهو حيّ (٢).

ورواية عبد الله بن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل قطع رأس الميّت؟ قال : عليه الدية لأن حرمته ميّتا كحرمته وهو حيّ (٣) وهي صحيحة في الفقيه.

على (٤) دية الجنين ، لرواية الحسين بن خالد ، فإنها كانت صريحة في ان المراد بالدية ليست دية النفس ، بل دية الجنين.

وجمع في الفقيه بينهما ، بأنّ قطع رأس الميّت ـ بعد ارادة قتله ـ موجب للدية الكاملة ، وبدونها موجب لدية الجنين.

وهو بعيد لا يمكن فهمه بوجه الّا ان يكون على ذلك رواية مفصّلة فيحمل المجمل عليها.

كأنّه كذلك كما ذكره في الشرح (٥).

ثمّ ان ظاهر الروايات أنّ أرش الجناية على الميّت ليس للورثة.

وفي أكثرها مثل روايتي محمّد ، والحسين (٦) انه له بمعنى ان يصرف في

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٣ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٨.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ٤ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٨.

(٣) الوسائل باب ٢٤ حديث ٦ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٩.

(٤) قوله قدّس سرّه : على دية الجنين متعلّق بقوله قدّس سرّه : وحمل فيهما.

(٥) راجع شرح الإرشاد للشهيد الأول عند قول المصنف (العلّامة) قوله فائدة المشهور.

(٦) لاحظ الوسائل باب ٢٤ حديث ١ ـ ٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٧.

٣٤٣

تتمة

من أتلف مأكول اللحم أو غيره ممّا تقع عليه التذكية

______________________________________________________

مصالحه الأخرويّة كالحجج والصدقة وسائر سبل الخير.

وفي رواية إسحاق : دية رأسه يأخذه الإمام وهو لله وأنّ أرش جوارحه للإمام (١) ويمكن أن يكون المراد أن الأخذ له والصرف في مصالحه.

أو يقال : يأخذه الإمام ويجعله في بيت المال لصرفه في مصالح المسلمين ، وهو أيضا سبيل من سبل الخير.

أو أنه يأخذه ويفعل به ما يريد ، فإنه ما يصرفه إلّا في سبيل الخير فيبعد اختصاصه ببيت المال كما نقل عن السيد.

والظاهر ان صرفه في مصالح الميّت أولى ، وان للحاكم ان يفعل ذلك مع تعذر الامام.

ويحتمل بدونه أيضا ، ولسائر المؤمنين مع الاجتماع أو الانفراد أيضا مع العدالة و (أو ـ خ) بدونها مع التعذر أو مطلقا إذا عرفت المسألة.

ويحتمل الولاية للورثة.

والظاهر ان لو كان هناك وصيّ بحيث يشمل وصايته أمثال ذلك فهو مقدم.

والظاهر ان ديونه ووصاياه مقدم.

ثم الإخراج في العبادات عنه ، الحج أولى ثم الصدقة لذكرها في الرواية.

واما كون أرش جوارحه ، وشجاجه ، وأطرافه بحساب كون الدية مائة ، فهو ظاهر بناء على كون (مائة ـ خ) ، دية (مائة دينار ـ خ).

قوله : «من أتلف مأكول اللحم إلخ». قال في الشرح : هذا قوله في

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ٢٤ ذيل حديث ٣ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٤٨ ولكن عبارة الشارح قدّس سرّه هنا منقولة بالمعنى.

٣٤٤

(الذكاة ـ خ ل) بالذكاة ضمن الأرش وليس للمالك دفعه وأخذ القيمة على رأي ولو أتلفه لا بالذكاة أو ما لا تقع عليه الذكاة فالقيمة.

______________________________________________________

المبسوط واختاره ابن إدريس ، لتحقق الماليّة بعد الجناية ، فكان الواجب الأرش ، وقال المفيد رحمه الله ، والشيخ في النهاية وأتباعهما وتخيّر بين التزامه بقيمته يوم إتلافه وتسلّمه إليه ، أو يطالبه بالأرش نظرا إلى إتلاف معظم منافعه ، وتصير ، كالتالف فيضمن قيمته (١).

حاصل الوجه الأوّل انه لما أتلف المأكول بالذكاة أو ما يقبل الذكاة ويطهر بالذكاة ، والباقي ممّا ينتفع به ، فمات أتلف إلّا بعض منافعه وبعض المال فليس عليه الّا عوض ما أتلف فيكون الأرش.

والثاني انه أتلف المعظم ، فكأنه أتلفه بالكلّية ، فإن النفع القليل بمنزلة العدم في نظر الشرع أيضا فعليه دية الكل.

فيه تأمّل ، فإنه يدلّ على تعيين القيمة ، لا التخيير ، فافهم.

وانه قد يفرض انه ما أتلف إلّا بعض منافعه القليل ، بل قد لا يكون أتلف شيئا مثل ان أتلف سبعا ليس النفع إلّا في جلده.

ولكن قد يقال : انه قد أتلف مالا حيّا ، فله ان يقول : عليك عين ذلك الحيّ الّا انه لما تعذّر ، وكان قيميّا فعليك بالقيمة ، وانه قد يكون في تحصيل قيمة الباقي صعوبة وكلفة فلا يكلّف ، فله ان يقول : ما ارتكب ذلك فإنك أتلفته.

وبالجملة يرى أن القيمة أرجح خصوصا إذا كان المتلف عامدا ، عاديا ، فتأمّل.

قوله : «ولو أتلفه لا بالذكاة إلخ». دليل لزوم القيمة على متلف ما يقع عليه الذكاة بغيرها ؛ ومتلف ما لا يقع عليه الذكاة وان أتلفه بها ، ظاهر فيما إذا لم

__________________

(١) إلى هنا عبارة الشرح.

٣٤٥

ففي كلب الصيد أربعون درهما وفي كلب الغنم كبش أو عشرون (درهما ـ خ)

______________________________________________________

يكن له بعد موته نفع معتبر شرعا ، أصلا.

وإذا فرض له نفع مثل الانتفاع بعظمه كالفيل ، بل جميع مستثنيات الميّت ، مثل الصوف والشعر ، ففيه تأمّل بناء على القول الأول ودليله في المسألة السابقة ، فامّا ان يخصّص أو يقال : أمثال ذلك النفع ليس ممّا يعتبر وينظر ، فتأمّل.

قوله : «ففي كلب الصيد إلخ». التفريع باعتبار لزوم غير الأرش أو يراد بالقيمة ما عيّن الشارع عوضا له ، لا ما يسوى في السوق ، فيصحّ التفريع على لزوم القيمة ، والأمر فيه معيّن ، وإنما العمدة الدليل.

فدليل أربعين درهما لكلب الصيد ، رواية وليد بن صبيح ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : دية الكلب السلوقي ، أربعون درهما أمر (أمره ـ خ) رسول الله صلّى الله عليه وآله بديته (ان يديه ـ كا ـ ئل) لبني خزيمة (١).

والسلوقي منسوب إلى السلوق قرية باليمن ، أكثر كلابها معلّمة.

فلعلّه أراد هنا كلب الصيد مطلقا ، أو يقاس سائره عليه لعدم الفرق وظهور العلّة.

فتأمّل ، فإنه قد يمنع ذلك.

وفي سندها أيضا إبراهيم بن هاشم ، وإبراهيم بن عبد الحميد (٢) قيل : انه واقفي ، ولكن يظهر من المصنف في الخلاصة في الباب الأوّل في ذكر عيسى بن أبي

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٧.

(٢) سندها كما في التهذيب هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد عن الوليد بن صبيح وفي الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير إلخ ولا يخفى أن سند الكافي أقل إشكالا.

٣٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

منصور انه مقبول وحسن.

والظاهر عدم الفرق بين السلوقي وغيره ، فتأمّل.

ورواية علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السّلام (أبي عبد الله عليه السّلام ـ ئل) انه قال : دية الكلب السلوقي أربعون درهما جعل ذلك له رسول الله صلّى الله عليه وآله ، ودية كلب الغنم كبش ، ودية كلب الزرع جريب (١) من برّ ودية الكلب الأهلي (كلب الأهل ـ ئل) قفيز من تراب لأهله (٢).

وفي طريقه أيضا إبراهيم بن هاشم ، ومحمّد بن حفص (٣) وليسا بمصرّح على توثيقهما والأوّل مشهور بالحسن ، وفي الثاني قيل : انه من وكيل الناحية. (٤)

وعلي بن أبي حمزة كأنه البطائني الضعيف.

ولعل (أبا بصير) أيضا يحيى بن القاسم ، قيل : هو أيضا واقفي.

وهي دليل كون دية كلب الغنم كبشا.

ودليل كونها (عشرون درهما) مرسلة ابن فضال عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه السّلام (٥).

__________________

(١) الجريب من الأرض بستين ذراعا في ستين ، والذراع قبضات والقبضة بأربع أصابع ، وعشر هذا الجريب يسمى قفيزا ، وعشر هذا القفيز يسمى عشيرا (مجمع البحرين).

(٢) الوسائل باب ١٩ حديث ٢ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٧.

(٣) وطريقه كما في التهذيب هكذا : علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمّد بن حفص عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير.

(٤) تنقيح المقال ج ١ ص ٣٦ بالطبع الحجري ، نقلا عن الكشي : ما هذا لفظه وحفص بن عمرو كان وكيل أبي محمّد عليه السّلام ، واما أبو جعفر محمّد بن حفص بن عمرو فهو ابن العمري وكان وكيل الناحية وكان الأمر يدور عليه (انتهى).

(٥) الوسائل باب ١٩ حديث ٤ من أبواب ديات النفس ومتن الحديث هكذا : محمّد بن علي بن الحسين بإسناده ، عن ابن فضال عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : دية كلب الصيد أربعون درهما ودية كلب الماشية ، عشرون درهما ، ودية الكلب الذي ليس للصيد ولا للماشية زنبيل من تراب ، على القاتل ان يعطي ، وعلى صاحبه ان يقبل.

٣٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

قال المحقق في الشرائع : الأولى (١) أصحّ طريقا.

وكذا نقل عن المصنف في التحرير في الشرح.

وفيهما ما لا يخفى ، وهما اعرف.

ثم كلام (٢) المصنف هنا يحتمل التخيير ، بل هو الظاهر ، فيكون عنده مخيّرا بين الكبش والعشرين ، حملا للروايتين على ذلك للجمع.

أو يكون المقصود الإشارة إلى المذهبين ، فيكون المراد الكبش على قول ، والعشرين على قول آخر ، ويكون (٣) مترددا.

قال في الشرح : وسبب هذا الاحتمال اختلاف معنى (أو) فإنه قد تكون للعناد وقد تكون للتخيير ، فتأمّل.

قال : وظاهر المصنف في المختلف انه يقوم محتجا برواية السكوني عن الصادق عليه السّلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : فيمن قتل كلب الصيد انه يقومه (م ـ خ) وكذلك البازي ، وكذلك كلب الغنم ، وكذلك كلب الحائط (٤).

ووجه التخيير ان صحّة الرواية تعارض شهرة الأخرى (٥).

هذه الرواية مع ضعفها بالنوفلي والسكوني (٦) موافقة للأصل والقواعد (القاعدة ـ خ) ، فان لازم إتلاف القيمي ، قيمته بالتقويم العدل في السوق ، وقته ، والخروج عنهما يحتاج إلى دليل ، ولا دليل غير ما تقدّم وقد عرفت اختلافها وما في سدها.

__________________

(١) يعني رواية أبي بصير هكذا في هامش بعض النسخ.

(٢) يعني قوله قدّس سرّه : وفي كلب الغنم كبش أو عشرون (درهما ـ خ).

(٣) يعني المصنف على تقدير كونه للإشارة إلى المذهبين.

(٤) الوسائل باب ١٠٩ حديث ٣ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٧.

(٥) انه إلى هنا عبارة الشرح.

(٦) سندها كما في الكافي والتهذيب هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي عن السكوني.

٣٤٨

وفي كلب الحائط عشرون.

وفي كلب الزرع قفيز برّ (قفيز من برّ ـ خ ل).

ولا قيمة لغيرها من الكلاب.

______________________________________________________

ويمكن حملها على ما كانت القيمة ذلك ، وان الشهرة ليست بحجّة فلا تعارض الصحّة لو كانت.

ولكن قد عرفت عدمها ، والأحوط للجاني أن يعطي أكثر الأمرين من القيمة والمقدّر ، وللمالك أن يأخذ أقلهما.

واما دليل كون دية كلب الحائط عشرين درهما ـ كما هو في أكثر العبارات ـ فليس بواضح ، قال في الشرائع : لا أعرف المستند.

فالظاهر القيمة لما مرّ من القاعدة والرواية ودليل كون دية كلب الزرع ، قفيز بر ـ أي الحنطة ـ ما تقدم في رواية أبي بصير وقد عرفت حالها فهنا أيضا القيمة محتملة لما مرّ.

وعبارة الكتاب أولى ممّا في الشرائع : (قفيز طعام) (١) فان المتبادر منه ما يطلق عليه الطعام عرفا وهو أعم من البرّ وقد كان في الرواية ، البرّ ، وكأن مراده البر ، إذ قد يخصّ الحنطة بالطعام في بعض البلاد.

ولعل المراد بالجريب في الرواية (٢) القفيز فتأمّل.

واما دليل عدم القيمة لغير المذكورات من الكلاب ـ فلا يضمن قاتلها شيئا ـ فهو أصل عدم الملك ، وبراءة الذمة ، وعدم شغلها بشي‌ء إلّا بالدليل ولا دليل هنا على الضمان والملك.

__________________

(١) في الشرائع (في الجناية على الحيوان) : وفي كلب الزرع قفيز من البر (انتهى) ولا يخفى انه ليس لفظة الطعام.

(٢) يعني رواية أبي بصير المتقدمة راجع الوسائل ج ١٩ ص ١٦٧ حديث ٢.

٣٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ولعل قوله عليه السّلام في رواية أبي بصير : (ودية كلب الأهل قفيز من تراب لأهله) (١) إشارة إلى عدم تملك كلب الأهل ، قيل : المراد ما يتخذ لحراسة أهله في البوادي ، وقد يتخذه أهل الحضر ، كذلك في شرح الشرائع ، فإن التراب لا يسوي شيئا فلا يكون قيمة المملوك له قيمة.

ففيما نقل عن ابن الجنيد من قوله بان : في كلب الدار زبيل (زنبيل ـ خ) من تراب لرواية أبي بصير السابقة ، تأمّل مع ان في الرواية : (قفيز) لا (زبيل).

وكذا فيما نقل ، عن الصدوق ، من زبيل (زنبيل ـ خ) تراب على قاتل كلب الزرع ، وعلى صاحبه أن يقبل.

لعلهم يريدون ترابا خاصا له قيمة أو يتبعون مطلق النصّ وانّ للصدوق أيضا نصّا ما إليه وهم أعرف.

فرع

الظاهر ان المراد بكلب الصيد ، الجنس الخاصّ الذي يصلح لذلك وللتعلم لا المعلّم بالفعل ، فإنه المتبادر.

وان الظاهر ان ذلك مملوك ومقوم ، فقاتله يضمن.

ففي قول شارح الشرائع : المراد به المعلّم ، تأمّل.

وكذا في قوله : (يدخل في ذلك ـ أي قول الشرائع ـ : ولا قيمة لما عدا ذلك من الكلاب وغيرها) كلب الدار والجرو القابل للتعليم.

وكذا في قوله (٢) : (ووجه عدم وجوب شي‌ء للجميع عدم المقتضى له

__________________

(١) لعلهم استندوا إلى مرسلة ابن فضّال المتقدمة وقد نقلناها ذيلا فلاحظ.

(٢) يعني شارح الشرائع.

٣٥٠

وهذه التقديرات للقاتل أمّا الغاصب فالقيمة وان زادت.

______________________________________________________

وعدم قيمة للكلب حيث لا يرد فيها مقدّر ويشكل على القول بأنّها مملوكة فان لها حينئذ قيمة في الجملة) من التنافي في الجملة ومنع الوجه ونقضه بما لم يرد فيه مقدر مع القول بالقيمة ، فتأمّل.

قوله : «وهذه التقديرات إلخ». دليل كون قيمة الكلاب على الغاصب ـ وان كان لها مقدّر أو قيل به في القاتل ، مثل الأربعين في كلب الصيد وان زادت على المقدر : لزوم القيمة على الغاصب القيميّ حينئذ ـ كأنه الإجماع ، مع أنه يؤخذ بأشق الأحوال والعقل يساعده.

هذا ـ إذا كانت القيمة زائدة على المقدر ـ لا يخلو عن وجه.

واما إذا كانت انقص ، فلا يظهر ذلك ، ولهذا قال البعض بأكثر الأمرين من المقدّر في الشرع والقيمة وكأنّ في قوله : (وان زادت) اشارة إليه حيث يشعر بأن النزاع في الزيادة على المقدر لا المساوي والناقص ، فتأمّل.

ومع ذلك ، فيه بحث ، لأنه إذا قرّر في الشرع ، الدية لمال على متلفه ـ خصوصا إذا كان عمدا ـ لا يكون على الغاصب في غير ذلك ، فان الغصب ليس فوق الإتلاف عمدا عدوانا ، فان الغاصب اما ان يتلفه عمدا أو خطأ أو شبهه ، أو يقصره (في حقه ـ خ) بحقّه حتى يتلف ويسلّمه إلى غيره ، كل ذلك ليس بأعظم من الإتلاف.

بل يمكن ان يقال : ان القاتل ، هو غاصب إذا قتل عمدا بل شبهه.

ثم على تقدير لزوم القيمة يلزمها (١) وان كانت أقلّ من المقدّر ، فان اللازم على الغاصب هو القيمة ، فلا يلزمه غيرها وان كانت الزيادة لازمة على غيره مثل القاتل.

__________________

(١) لعل حق العبارة : تلزمه ، كما لا يخفى.

٣٥١

ولو أتلف على الذمي خنزيرا فالقيمة عند مستحلّيه وفي أطرافه الأرش

ولو أتلف الذمّي خمرا أو آلة لهو لمثله ضمنها ولو كان مسلما لمسلم أو لذمّي متظاهر فلا ضمان ولو كان لذمّي مستتر ضمن بقيمته عند مستحلّيه.

______________________________________________________

وبالجملة ان كان الغاصب غير القاتل والتقدير مخصوص بالقتل ، فلا يلزم الغاصب غير القيمة وان كان قاتلا ، فالمقدّر ، فلا وجه لأكثر الأمرين ، فتأمّل.

قوله : «ولو أتلف على الذمي إلخ». دليل لزوم قيمة خنزير ذمّي عند مستحليه على المتلف ـ ولو كان مسلما ـ أنه أتلف مالا لمن لماله حرمة كنفسه فعليه قيمته.

ولكن لما لم يكن له قيمة عندنا فيكون القيمة المعتبرة عند اهله ، وهم المستحلّون ويمكن اشتراط عدالة المقوّمين منهم في مذهبهم ، ومع الاختلاف الرجوع إلى الأكثر ، ومع المساواة إلى الأوسط كما في غيره ، فتأمّل.

ويعلم منه لزوم أرش أطرافه على الوجه المقرّر بالنسبة إلى القيمة.

قوله : «ولو أتلف الذمي إلخ». دليل لزوم الأرش على الذمّي ـ إذا أتلف مال مثله كالخنزير أو آلة لهو الذي يجوز عندهم ـ ظاهر كعدم لزوم شي‌ء على المسلم إذا أتلف ما كان من خنزير متعلّق بمسلم أو آلة (آلات ـ خ) لهو كذلك ، أو لذمّي متظاهر بذلك ، إذ لا قيمة له حينئذ.

وذلك في المسلم ظاهر ، وفي الذمّي المتظاهر ، لمخالفته للشرع ، فسقط حرمة ماله الذي انما يكون بسبب الذمة وشرائطها ومنها عدم التظاهر بالمناكير عندنا ، فتأمّل فيه.

ويدل عليه خبر مسمع ، عن أبي عبد الله عليه السّلام إن أمير المؤمنين رفع

٣٥٢

ولو جنت الماشية على الزرع ضمن مالكها مع التفريط لا بدونه وقيل : يضمن ليلا لا نهارا.

______________________________________________________

إليه رجل قتل خنزيرا فضمّنه ، ورفع إليه رجل كسر بربطا فأبطله (١).

لعلّه محمول على الذمي المستتر ، والمتظاهر بالإجماع ، ويحتمل للمسلم أيضا.

ودليل الضمان على تقدير الاستتار ـ بعد الرواية ـ انه مال لمن لماله حرمة فضمن ، وعموم لزوم الضمان على المتلف.

قوله : «ولو جنت الماشية على الزرع إلخ». قال في الشرح : الضمان ليلا لا نهارا ، مذهب أكثر الأصحاب (إلى أن قال) : وروى ابن الجنيد عن النبي صلّى الله عليه وآله أن على أهل الأموال حفظها نهارا ، وعلى أهل الماشية ما أفسدت مواشيهم بالليل حكم به في قضيّة ناقة البراء بن عازب ، وهو رواية السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم السّلام ، قال : كان علي عليه السّلام لا يضمّن ما أفسدت البهائم نهارا ويقول : على صاحب الزرع حفظ زرعه ، وكان يضمّن ما أفسدت البهائم ليلا (٢).

ومتأخرو الأصحاب كابن إدريس ، وابن سعيد ، والامام المصنّف رحمهم الله جعلوا الضابط التفريط وعدمه ، وحملوا الرواية على ذلك.

والحقّ ان العمدة في هذه (المسألة ـ خ) ليست هذه الرواية ، بل إجماع الأصحاب ، ولما كان الغالب حفظ الدابّة ليلا وحفظ الزرع نهارا خرج الحكم عليه ، وليس في حمل المتأخرين ردّ لقول القدماء ، وانما القدماء تبعوا عبارة الأحاديث ـ والمراد هو التفريط ـ فلا ينبغي ان يكون الخلاف هنا إلّا في مجرّد العبارة

__________________

(١) الوسائل باب ٢٦ حديث ١ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ١٩٦.

(٢) الوسائل باب ٤٠ حديث ١ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ٢٠٨.

٣٥٣

وعن علي عليه السّلام في بعير عقل أحد الأربعة يده فوقع في بئر فاندق ، يضمن (تضمين ـ خ ل) الثلاثة حصّته.

______________________________________________________

عن الضابط ، واما المعنى فلا خلاف فيه (١).

وذلك جمع جيّد.

ولكن خلاف ظاهر عباراتهم ، ولا ضرورة ، إذ لا يجب الجمع بين أقوالهم كالجمع بين الروايات والآيات والأدلّة.

وأيضا ان عادة بعضهم مثل الشيخ عدم الخروج عن (من ـ خ) لفظة الرواية ، ولا ينظر إلى الوجه والعلّة ، فتأمّل.

قوله : «وعن علي عليه السّلام إلخ». إشارة إلى رواية محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السّلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في أربعة أنفس شركاء في بعير فعقله أحدهم فانطلق البعير فبعث في عقاله (يبعث بعقاله ـ ئل) فتردّى فانكسر ، فقال أصحابه للذي عقله : أغرم لنا بعيرنا ، قال : فقضى بينهم ان يغرموا له حظّه من أجل انه أوثق حظه ، فذهب حظهم بحظه (٢) (منه ـ ئل).

وهذه المسألة ممّا يوردونها (يؤدونها ـ خ) بالرواية إشارة إلى انها مخالفة للقواعد ، ولهم فيها توقف.

ولكن الرواية صحيحة ، وعمل بها بعض الأصحاب ، ويمكن كونها قضيّة في واقعة ، وعمومها للصحّة والعلّة ، فيكون كل ما هو مثلها كذلك ، فتأمّل.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٩ حديث ١ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ٢٠٧.

(٢) إلى هنا عبارة الشرح.

٣٥٤

المقصد الرابع

في دية الأطراف

كل ما لا تقدير فيه ففيه الأرش.

______________________________________________________

قوله : «كل ما لا تقدير فيه ففيه الأرش». لعلّ وجه لزوم الأرش في جرح ليس له مقدّر معيّن في الشرع ، الإجماع.

وانه فوّت جزء ممن له قيمة ـ وهي ديته ـ ويكون مضمونا ، ولا تقدير له فيكون أرشا كما في عيب المبيع ونحوه.

ولثبوت عوض في بعضه مثل اليد والعين وغيرهما ممّا قدّر له الشارع أمرا معينا فيكون في غيره شيئا ـ ولكن ما عيّن فيكون أرشا ـ مع الإشارة في بعض الاخبار إليه ، فافهم.

والمراد بالأرش ، التفاوت بين قيمة الإنسان المجني عليه قبل الجناية بفرضه مملوكا وقيمته بعد الجناية فقوّم خاليا عنها.

وقيل : إنها مائة ـ مثلا ـ وقوّم معها ، فقيل : ثمانون ، فالأرش عشرون.

والمملوك أصل فيما لا تقدير فيه للحرّ ، فإنه يفرض مملوكا ويقوّم ، كما أنه أصله فيما له تقدير ، فالعبد بمنزلة الحرّ وقيمته بمنزلة دية الحرّ ، فكلّ ما ينسب في الحرّ إلى الدية ينسب في العبد إلى القيمة ، فيده نصف قيمته ، كما ان يد الحرّ نصف ديته.

٣٥٥

وفي شعر الرأس أو اللحية الدية.

______________________________________________________

والظاهر ان الأرش إذا كانت الجناية في عضو له تقديره مثل جرح وكسر في اليد ولا تزيد ولا تساوي دية العبد ، ولهذا أطلقوا (١).

ولو فرض انه يساويه أو يزيد عليه ، لانه (٢) ما بقي منه ما ينفع أو أثر (٣) في عضو آخر يمكن (٤) ان يقال : لا يلزم الأرش ، بل دية العضو أو انقص منها شي‌ء مع أرش السراية ، فتأمّل.

قوله : «وفي شعر الرأس إلخ». دليل تمام الدية في شعر رأس الرجل أو لحيته ـ ان لم ينبت ـ هو صحيحة (٥) سليمان بن خالد ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : رجل دخل الحمّام فصبّ عليه ماء حارا فأسقط شعر رأسه ولحيته فلا ينبت (أبدا ـ خ)؟ قال : عليه الدية (كاملة ـ ئل) (٦).

أي على من صبّ ذلك الماء ، سواء كان عالما بذلك أم لا؟

ويحتمل انه ان كان عمدا عالما ، يلزم القصاص.

وفي دلالتها على المدعى نظر ، فإنها ظاهرة في الدية في شعر الرأس واللحية معا ، والمدعى لزومها في كلّ واحد ، بل هي تدلّ على خلاف المدّعي إنه يلزم في كلّ واحدة نصفها أو في إحداهما أزيد وفي الأخرى أنقص ، إلّا على ما في الفقيه : (فامتعط شعره) ، فتأمّل.

__________________

(١) يعني الأرش.

(٢) هذا في المساوي.

(٣) هذا في الزائد.

(٤) جواب لقوله قدّس سرّه : ولو فرض إلخ فلا تغفل.

(٥) في هامش بعض النسخ هكذا : قال في شرح الشرائع : حسنة سليمان بن خالد وفيه تأمل يعلم من الرجوع إلى الأصول ـ منه رحمه الله (انتهى).

(٦) الوسائل باب ٣٧ حديث ٢ من أبواب ديات الأعضاء بالسند الثاني ج ١٩ ص ٢٦١.

٣٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي متنها أيضا قصور من جهة حذف الفاعل ، كأنّه الحمّامي لما سيأتي ولا قصور في الفقيه حيث قال : (رجل صبّ ماء حارّا على رأس رجل فأسقط شعره).

ورواية سلمة بن تمام قال اهراق (أهرق ـ ئل) رجل قدرا فيها مرق على رأس رجل فذهب شعره فاختصموا في ذلك إلى علي عليه السّلام فأجله سنة فجاء فلم ينبت شعره فقضى عليه بالدية (١).

هذه أيضا تدل على بعض المطلوب.

ورواية مسمع ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في اللّحية إذا حلقت فلم تنبت ، الدية ، فإذا نبتت ، فثلث الدية (٢).

وهي تدل على بعض المدّعي ، ويمكن إتمامه بالقياس أو الأولويّة ، أو بعدم القائل بالفصل ، ولكنّها ضعيفة من وجوه.

ومرسلة علي بن حديد (خالد ـ خ ئل) ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قلت : الرجل يدخل الحمّام فيصبّ عليه صاحب الحمّام ماء حارّا فيتمعّط شعر رأسه فلا ينبت؟ فقال : عليه الدية كاملة (٣).

وهذه أيضا ضعيفة بما تراه ، وبسهل بن زياد (٤).

وتدل على بعض المطلوب وتقريب إتمامه ما مرّ ، فتأمّل.

فلو لم يكن دليل آخر غير ما ذكرته من إجماع ونحوه ، ينبغي ان يكون نصف الدية في كل واحد منهما.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٧ حديث ٣ من أبواب ديات الأعضاء بالسند الثاني ج ١٩ ص ٢٦١.

(٢) الوسائل باب ٣٧ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٦٠.

(٣) الوسائل باب ٣٧ حديث ٢ من أبواب ديات الأعضاء بالسند الأول ج ١٩ ص ٢٦١.

(٤) سندها كما في الكافي هكذا : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن (خالد ـ ئل) حديد عن بعض رجاله.

٣٥٧

فان نبتا (ثبتا ـ خ ل) فالأرش.

وفي شعر المرأة ديتها فان نبت فمهر نسائها.

______________________________________________________

واما كون الأرش مع الإنبات ، فلأن اللازم فيما له قيمة إذا لم تكن مقدّرة ، هو الأرش ، كما تقدم.

وقيل : بثلث الدية ، ومستنده الرواية المتقدمة (١) ، وقد عرفت ضعفها.

هذا في الرجل.

واما المرأة فالمشهور أيضا تمام الدية في شعر رأسها الظاهر تمامه.

ودليله رواية عبد الله بن سنان ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : جعلت فداك ما على رجل وثب على امرأة فحلق رأسها؟ قال : يضرب ضربا وجيعا ويحبس في سجن المسلمين حتى يستبرئ شعرها ، فان نبت أخذ منه مهر نسائها وان لم ينبت أخذ منه الدية كاملة ، قلت : فكيف صار مهر نسائها ان نبت شعر رأسها (شعرها ـ خ)؟ فقال : يا ابن سنان إن شعر المرأة وعذرتها شريكان في الجمال ، فإذا ذهب بأحدهما وجب لها المهر كاملا (كملا ـ خ ئل) (٢).

وفي الطريق إبراهيم بن هاشم المشهور ، وإبراهيم بن سليمان المنقري (٣) وهو مجهول.

ولكن الحكم مشهور بحيث لم يظهر الخلاف الّا عن ابن الجنيد فيما إذا نبت ، فإنه أوجب ثلث الدية ، فكأنّه قاس على الرجل وأوجب فيه ذلك ، للرواية السابقة ويحتمل الأرش كما في الرجل ، فتأمّل.

__________________

(١) وهي رواية مسمع المتقدمة.

(٢) الوسائل باب ٣٠ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٥٥.

(٣) طريقه كما في التهذيب : محمّد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن (محمّد بن ـ ئل) سليمان المنقري ، عن عبد الله بن سنان وفي الكافي عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه عن محمّد بن سليمان المنقري عن عبد الله بن سنان.

٣٥٨

وفي الحاجبين خمسمائة دينار وفي أحدهما النصف وفي البعض بالحساب.

______________________________________________________

قوله : «وفي الحاجبين خمسمائة دينار إلخ». دية الحاجب على ما ذكر ، هو المشهور ، ومستنده ما في رواية عمرو المتطبب ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، من إفتاء أمير المؤمنين عليه السّلام : وان أصبت (أصيب ـ خ) الحاجب فذهب شعره كلّه فديته نصف دية العين مائتا دينار وخمسون دينارا فما أصيب منه فعلى حساب ذلك (١).

ولكنها ضعيفة بسهل (٢) ، والإرسال وغير ذلك.

ثم ان الظاهر من كلامهم والرواية ، عدم الفرق بين ان يعود الشعر أم لا.

وقيل : مع العود الأرش ، قال في شرح الشرائع : وهو الأصحّ.

وهو غير ظاهر الوجه ، لأنه ان اعتبر كلامهم والرواية ، فلا معنى للأرش حينئذ والّا ينبغي الأرش مطلقا.

نعم يحتمل الأرش مطلقا استضعافا للرواية وعدم دليل غيرها ، الّا أنّ ظاهر بعض الروايات ان فيهما الدية.

مثل صحيحة هشام بن سالم قال : كل ما كان في الإنسان اثنان ففيهما الدية وفي إحداهما (أحدهما ـ خ) نصف الدية ، وما كان واحد ففيه الدية (٣).

قال في الشرح : وفي شرح الشرائع : الظاهر انه عن الامام عليه السّلام ، لأنه ثقة.

__________________

(١) الوسائل باب ٢ ذيل حديث ٣ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٨ واما صدره منقول بالمعنى فراجع.

(٢) سندها كما في الكافي هكذا : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن ظريف ، عن أبيه ظريف بن ناصح ، عن عبد الله بن أيوب عن أبي عمرو المتطبب.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ١٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٧.

٣٥٩

وفي الأهداب الأرش ، ولا شي‌ء مع الأجفان ، وقال الشيخ : الدية ومع الأجفان ديتان (الديتان ـ خ ل).

______________________________________________________

ولا يحتاج الى ذلك مع انه لا يدل للتصريح (١) به في الفقيه حيث قال : روى ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، كل ما كان إلخ.

وحسنة عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية مثل اليدين والعينين الخبر (٢).

فعلم ان يكون دية الحاجب نصف الدية ، وديتهما دية النفس.

كأنهم حملوها على الجرح والقطع بمثل قطع الأنف ، والأذنين كما أشار إليه بقوله عليه السّلام : (مثل اليدين والعينين) فافهم.

ويؤيّده الأصل ، والاعتبار ، فافهم.

ويعلم كون الدية في بعض الحاجب بالحساب بعد أن ثبت للكلّ مقدّر والّا يكون فيه أيضا ، الأرش.

قوله : «وفي الأهداب الأرش إلخ». دليل الأرش في الأهداب (٣) ، أنه موجب لما مر ، والإجماع ولا دليل على التقدير ، فيكون الأرش ، وهو ظاهر.

ويتفرّع عليه عدم شي‌ء للأهداب إن قطعت الأجفان (٤) ، وهو ظاهر.

__________________

(١) قوله قدّس سرّه للتصريح إلخ تعليل لقوله قدّس سرّه ولا يحتاج إلخ يعني لا حاجة إلى التعليل بكونه ثقة لتصريح الفقيه بأنه عن الامام عليه السّلام.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٣.

(٣) هدب العين بضمّ هاء وسكون دال وبضمتين ما نبت من الشعر على أشفارها والجمع اهداب (مجمع البحرين).

(٤) الجفن بفتح الجيم وسكون الفاء جفن العين وهو غطاؤها من أعلاها ومن أسفلها وهو مذكر ، والجمع الجفون وربما جمع على أجفان (مجمع البحرين).

٣٦٠