مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٠

فان انقطع منهما (معهما ـ خ) شي‌ء (شيئا ـ خ ل) من جلد الصدر فديتها (فديتهما ـ خ ل) والحكومة.

وفي الحلمتين ديتهما.

(١) وكذا في حلمتي الرّجل على رأي.

وقيل : في حلمتي (حلمة ـ خ ل) الرّجل الثمن.

وفي كل ضلع يخالط القلب إذا كسر خمسة وعشرون دينارا وفيما يلي العضدين عشرة.

______________________________________________________

ودليل الحكومة زائدا على دية الثديين إذا قطعه أو قطع معهما جلد الصدر ، ان قطع الجلد لا بد له من عوض ، وما قدّر في الشرع ، فيكون الأرش.

قوله : «وفي الحلمتين ديتها إلخ». دليل تمام دية الثديين في حلمتي ثديي المرأة ، والنصف في الواحد ما تقدم ، لعموم الخبر (١) ولا يستبعد ، والحلمة جزءها للنصف والتعبد كما في اليد والأصابع ، واليد من المرفق والكوع ، والذكر والحشفة والأنف كما مرّ ، فتأمّل.

وكذا دليل تمام الدية في حلمتي الرجل ، الخبر العام المتقدم (٢) مع نفي الاستبعاد وقيل في كل واحدة من حلمتي ثدي الرجل ثمن ديته.

دليله ما في كتاب ظريف : (وافتى عليه السّلام في حلمتي ثدي الرجل ثمن الدية مائة دينار وخمسة وعشرون دينارا) (٣) ، وهذه خاصّة مقدمة على العام ، وقد مرّ الحديث في ضعفه وردّه ، فتذكّر.

قوله : «وفي كلّ ضلع إلخ». دليله ما في كتاب ظريف : (فيما خالط

__________________

(١) يعني الخبر العام الدال على ان كل ما في الإنسان ، اثنان ففيهما ، الدية وفي كل واحد نصف الدية راجع الوسائل باب ١ حديث ١ ـ ١٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٣ ـ ٢١٧.

(٢) يعني الخبر العام الدال على ان كل ما في الإنسان ، اثنان ففيهما ، الدية وفي كل واحد نصف الدية راجع الوسائل باب ١ حديث ١ ـ ١٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٣ ـ ٢١٧.

(٣) الوسائل باب ١٣ قطعة من حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٣١.

٤٢١

وفي كسر البعصوص بحيث لا يملك الغائط أو العجان بحيث لا يملك الغائط والبول الدية.

وفي كسر عظم من عضو خمس دية العضو فان صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية كسره وفي موضحته ربع دية كسره وفي رضّه ثلث ديته فان صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية رضّه.

______________________________________________________

القلب من الأضلاع إذا كسر منها ضلع فديته خمسة وعشرون دينارا ، وفي الأضلاع ممّا يلي العضدين ، دية كلّ ضلع عشرة دنانير إذا كسر) (١).

قد مرّ حديث ضعفه ، وما فيه (٢).

وبالجملة ، هم تارة يفتون بما في رواية ظريف ، وتارة يردونه مع انهم يقولون : انها ضعيفة ، وقد قال ذلك شارح الشرائع وغيره مرّات متعددة.

قوله : «وفي كسر البعصوص (٣) إلخ». دليله ما في صحيحة سليمان ابن خالد ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل كسر بعصوصه فلم يملك استه ، فما فيه من الدية؟ فقال : الدية كاملة (٤).

وما في الصحيح ، عن إسحاق بن عمّار ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في الرجل يضرب على عجانه ، فلا يستمسك غائطه ولا بوله ، أن في ذلك الدية كاملة (٥).

قوله : «وفي كسر عظم من عضو ، خمس دية العضو إلخ». لعل دليله

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ قطعه من حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٣١.

(٢) يعني قد مرّ ضعف ما قيل من تصنيف كتاب ظريف وقلنا انه صحيح سندا.

(٣) البعصوص عظم دقيق حول الدبر (مجمع البحرين).

(٤) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٥.

(٥) الوسائل باب ٩ حديث ٢ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٥ والعجان ككتاب ما بين الخصية والدبر (مجمع البحرين).

٤٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الإجماع وليس بظاهر.

قال شارح (في شرح ـ خ) الشرائع : مستند هذا التفصيل كتاب ظريف ، ولم يتوقف في حكمه المصنف هنا ، ولا الأكثر وفي مختصر الكتاب (١) نسبه إلى الشيخين مقتصرا عليه ، ووجهه ضعف المستند.

وقد عرفت عدم الضعف ، فان ما كتابه منقول من غيره بطريق حسن بل صحيح.

ولكن ما رأيته.

وكأنّه يفهم من رواية كتاب ظريف من مثل : (في العضد إذا كسر وجبر على غير عثم (٢) ولا عيب فديتها خمس دية اليد ، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا) (٣).

ومن مثل : (وفي الرّكبة إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب ، خمس دية الرجلين مائتا دينار ، فان انصدعت فديتها أربعة أخماس دية كسرهما مائة وستون دينارا ، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسون دينارا) (٤) ولعل المراد كسر الركبتين معا.

ومن قوله : (ودية المنكب إذا كسر ضمن دية اليد مائة دينار ، فان كان في المنكب صدغ فديته أربعة أخماس (دية ـ خ) كسره ثمانون دينارا ، فإن أوضح فديته ربع دية كسره خمسة وعشرون دينارا) (٥) ، وقال في كتاب ظريف : (فإن

__________________

(١) يعني مختصر الشرائع الذي سماه ب (المختصر النافع) قال : الثالثة قال الشيخان في كسر عظم إلخ.

(٢) عثم العظم المكسور إذا انجبر من غير استواء (مجمع البحرين).

(٣) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٢٦.

(٤) الوسائل باب ١٦ قطعة من صدر حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٣٣.

(٥) الوسائل باب ٩ قطعة من حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ٢٢٦.

٤٢٣

وفي فكّه بحيث يتعطّل العضو ثلثا ديته فان صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية فكّه.

وفي الترقوة إذا كسرت فجبرت على غير عيب أربعون دينارا.

______________________________________________________

رضّ ـ أي المنكب ـ فعثم فديته ثلث دية النفس ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون وثلث دينار ، فان فكّ فديته ثلاثون دينارا) (١) وأمثالها كثيرة.

ولا يفهم ما ذكروه منه ، بل يفهم غيره من ثلث دية النفس في رضّ العضو إذا عثم.

ودية فكّه ثلاثون دينارا (٢) ، فقول شارح الشرائع : (ومستند هذا التفصيل كتاب ظريف غير واضح.

ويمكن ان يستدل على ما ذكره في المتن للفك بأنه شلل وبقوله ـ في كتاب ظريف في ذكر الورك ـ : (ودية فكّها ثلثا ديتها) (٣) ، فافهم.

وما يفهم منه في المجبور والمصطلح على غير عيب أربعة أخماس الفكّ ، كثير من كتاب ظريف ، وقد مرّ البعض.

ودليل أربعين دينارا ـ في الترقوة إذا كسرت فجبرت على غير عيب ـ ما في كتاب ظريف : (وفي الترقوة إذا انكسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب أربعون دينارا ، فان انصدعت فديتها أربعة أخماس دية كسرها اثنان وثلاثون دينارا) (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ٩ قطعة من حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ٢٢٦.

(٢) الوسائل باب ٩ قطعة من حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ٢٢٦ ولكن العبارة هكذا : فان فك فديته ثلاثون دينارا.

(٣) الوسائل باب ١٥ قطعة من حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٣٣ ولكن عبارة الحديث هكذا : (ودية فكها ثلاثون دينارا) ولعل نسخة الشارح قدّس سرّه كانت كما نقله والله العالم.

(٤) الوسائل باب ٩ قطعة من حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ٢٢٦.

٤٢٤

ومن داس بطن انسان حتى أحدث اقتصّ منه أو فدى نفسه بثلث الدية.

______________________________________________________

قوله : «ومن داس بطن إنسان إلخ». كأنّ دليله رواية النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : رفع إلى أمير المؤمنين عليه السّلام رجل داس بطن رجل حتى يحدث (أحدث ـ خ) في ثيابه فقضى عليه السّلام ، عليه ان يداس بطنه حتى أحدث (في ثيابه كما أحدث كا ـ يب ـ فيه ـ ئل) أو يغرم ثلث الدية (١) كأن المراد ، عمدا فيشكل التخيير ، على أنّ سندها مقطوع إلى النوفلي مع ما فيها وذهب جماعة إلى الحكومة ، لما في الرواية (٢).

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من أبواب قصاص الطرف ج ١٩ ص ١٣٧.

(٢) من القصور فيها.

٤٢٥

المقصد الخامس

في دية المنافع

في العقل الدية وفي بعضه الأرش بحسب نظر الحاكم.

فان ذهب بالشّجة لم تتداخل وان اتحدت الضربة فانعاد لم

______________________________________________________

قوله : «في العقل ، الدية إلخ». كأنه لا خلاف في لزوم الدية كاملة لإذهاب العقل فقط ويدل عليه الخبر (١) أيضا والاعتبار.

وفي ذهاب بعضه بعض الدية على الحساب.

لا كلام ان علم نسبة الذاهب إلى الباقي ، ولكن العلم مشكل ولا سبيل إليه الّا نظر الحاكم ومن عاشره من الحذّاق ، فيمكن امتحانه باليوم.

فان كان نصف يوم عاقلا ونصفه مجنونا ، فنصف الدية أو بالأيام أو بمعقوليّة كلامه وضبط أحواله ، فإن علم النسبة فيعمل بها ، والا فالحكومة ، وينبغي المصالحة على ذلك ، فتأمّل.

فإن ذهب العقل بجناية موجبة لعوض مثل قطع يده أو شجّة على رأسه ونحو

__________________

(١) الوسائل باب ٧ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨١.

٤٢٦

تسترجع وروي لو ضربه على رأسه فذهب عقله انتظر سنة فان مات فالدية في النفس وان بقي ولم يرجع فالدية للعقل.

______________________________________________________

ذلك ، فالمشهور عدم التداخل ، فالدية التامّة لذهاب العقل وللجناية أيضا مقتضاها مثل نصف الدية لليد ، سواء كانت الضربة متعددة أو واحدة ، فيؤخذ مقتضاهما من غير انظار.

ولم يرجع بالدية ان رجع عقله ، فإن الدية لذهاب عقله ولو في بعض الزمان ، فان عوده عطيّة مستأنفة.

وتدل عليه رواية الثمالي الآتية.

ويحتمل الرجوع ، والحكومة كما أشار إليه في شرح الشرائع.

قال : ولو قيل بالرجوع إلى أهل الخبرة في ذلك ، فان قضوا بذهابه بالكلية لم يرجع ، والّا فالحكومة ، كان حسنا.

فإن الذي علم بالدليل لزوم الدية لذهاب العقل بالكليّة بحيث يصير مجنونا وبلا عقل حتى يلحق بالأموات والحيوانات.

والرواية التي أشار إليها بقوله : (وروي) صحيحة أبي عبيدة الحذّاء ، قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه حتى وصلت الضربة إلى الدماغ وذهب (فذهب ـ ئل) عقله؟ فقال (قال ـ ئل) : ان كان المضروب لا يعقل منه أوقات الصلاة ولا يعقل ما قال ، ولا ما قيل له فإنه ينتظر به سنة ، فان مات فيما بينه وبين سنة (لسنة ـ ئل) أقيد به ضاربه ، وان لم يمت فيما بينه وبين سنة (السنة ـ ئل) ولم يرجع إليه عقله أغرم ضاربه ، الدية في ماله لذهاب عقله ، قلت : فما ترى عليه في الشجّة شيئا؟ قال : لا لأنه إنما ضربه ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فألزمته أغلظ الجنايتين وهي الدية ، ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائنة ما كانت (كائنا ما كان ـ ئل) الّا ان يكون فيهما الموت (فيقاد به ضاربه لواحدة وتطرح

٤٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الأخرى) (١) ، وان (فان ـ ئل) ضربه ثلاث ضربات واحدة بعد واحدة فجنين ثلاث جنايات ألزمته جناية ما جنت الثلاث ضربات كائنات ما كانت ما لم يكن فيها الموت فيقاد به ضاربه ، قال : وقال (قال : فإن ضربه ـ ئل) : وان ضربه عشر ضربات فجنين جناية واحدة ألزمته تلك الجناية التي جنتها (تلك ـ خ) العشر ضربات (كائنة (٢) ما كانت ما لم يكن فيها الموت) (٣).

قال في الشرائع : وهي حسنة.

كأنه يرد لغير المصطلح.

وروى أبو حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : قلت له : جعلت فداك ما تقول في رجل ضرب رأس رجل بعمود فسطاط فأمّه حتى (يعني خ ـ ل ـ ئل) ذهب عقله؟ قال : عليه الدية ، قلت : فإنه عاش عشرة أيّام أو أقل أو أكثر فرجع إليه عقله إله أن يأخذ الدية؟ قال : لا قد مضت الدية بما فيها ، قلت : فإنه مات بعد شهرين أو ثلاثة قال أصحابه : نريد ان نقتل الرجل الضارب؟ قال : ان أرادوا أن يقتلوه يردّوا الدية ما بينهم وبين سنة ، فإذا مضت السنة فليس لهم ان يقتلوه ومضت الدية بما فيها (٤)

قال في الشرح ـ بعد نقلهما ـ : وأوردها المحقق والمصنف (٥) بصيغة (وروي) فإنه يمكن ان يقال : بعدم القود الّا مع كون الضربة ممّا يقتل غالبا مع القصد

__________________

(١) بواحدة وتطرح الأخرى فيقاد (به ضاربه ـ ئل).

(٢) ليست هذه الجملة في الوسائل.

(٣) فان سندها في الكافي هكذا : محمّد بن يحيى ، عن احمد بن محمّد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة الحذاء ، فهي مشتملة على سندين أحدهما صحيح والآخر حسن على قول.

(٤) الوسائل باب ٧ حديث ٢ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٢.

(٥) يعني العلّامة.

٤٢٨

ولو اشتبه زوال عقله روعي في الخلوة ولا يحلف لانه يتجانن في الجواب.

______________________________________________________

وتحقق الموت بها ثم مع هذه الشرائط لا يتقدر بسنة ولكن هذا الكلام على النص وفتوى الأصحاب ، والأصحّ حينئذ العمل بهذه الرواية ، ويوجد في بعض نسخ الإرشاد : (فان مات فالدية في النفس) وهو سهو من الناسخين ، بل (قيد به) (١).

نسختي كانت : (فان مات ، فالدية في النفس).

والظاهر ما قاله ، فإنه الموجود في الرواية.

ثمّ إنّ الرواية الأولى صحيحة (٢) ، والثانية ضعيفة (٣) بعبد الله بن جبلة الذي قيل : انه واقفيّ ، وبجهالة يحيى بن المبارك ، ومحمّد بن الربيع (٤).

ويجب الحمل الذي نقله للمحقق والمصنّف ، وهو كونه قتلا عمدا عدوانا لما ذكره.

ولا يبعد الصبر إلى السنة لتحقق الموت أو الجنون للنصّ ، وكذا التخيير إلى سنة بين القتل وردّ الدية وتركه ، ويكون هذا الحكم مستثنى من القواعد ، للنصّ.

وأمثال ذلك ليس بعزيز.

كأنه لذلك قال (٥) : (والأصح العمل بهذه الرواية).

ويمكن تخصيصها أيضا بالواقعة ، فتأمّل.

ثم انه مع اشتباه ذهاب عقله لا بد من الامتحان في الخلوات والغفلات

__________________

(١) يعني كان بدل (فالدية في النفس) (أقيد به).

(٢) إلى هنا عبارة الشارح.

(٣) قد ذكرنا آنفا سندها وان لها سندين أحدهما صحيح والآخر حسن.

(٤) سندها كما في التهذيب هكذا : الصفار ، عن السندي بن محمّد ، عن محمّد بن الربيع عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن عاصم الحناط ، عن أبي حمزة الثمالي.

(٥) يعني الشارح رحمه الله.

٤٢٩

وفي السمع الدية سواء ذهب أو وقع في الطريق ارتتاق لو حكم العارفون بالعود بعد مدّة فإن انقضت ولم يعد استقرّت.

______________________________________________________

حتى يتحقق ذلك ، إذ قد لا يكون مجنونا ، ويتجانن أي يستعمل ما يستعمله المجنون ويظهر نفسه مجنونا ثم يحكم بموجبه كما في سائر الجنايات مع الاشتباه ، وهو ظاهر.

قوله : «وفي السمع ، الدية إلخ». دليل كمال الدية في سمع الأذنين معا والنصف في كل واحدة ، ما تقدم من عموم الخبر (١).

ورواية إبراهيم بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل ضرب رجلا بعصا ، فذهب سمعه ، وبصره ، ولسانه ، وعقله ، وفرجه ، وانقطع جماعه وهو حيّ ، بست ديات (٢).

وصحيحة يونس انه عرض على أبي الحسن عليه السّلام (٣) كتاب الديات ، وكان فيه في ذهاب السمع كلّه ، ألف دينار الخبر (٤).

ولا فرق في دية السمع بين ذهاب أثره فقط ، وبين رتق في ثقبة الاذن بحيث يمنع السماع ، لانه يصدق عليه بطلان السمع.

ولو حصل آفة بجناية في اذنه ولم يسمع ولكن لم يعلم الذهاب والبطلان بالكليّة ، فإن حكم العالمون ـ بطريق بطلان السمع وعدمه ـ بأنه يعود في مدّة كذا وكذا أصبر ، فان عاد ، فلا يلزم على الجاني إلّا الحكومة ، وان لم يعد وآيس من عوده استقرت الدية لحصول العلم بالموجب ، فان عاد يحتمل الأمران كما تقدم.

__________________

(١) يعني الخبر الدال على ان ما في الإنسان اثنان وفيهما الدية وفي كل واحد نصف الدية راجع الوسائل باب ١ حديث ١٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٢ ـ ٢١٧.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٠.

(٣) يعني أبا الحسن الرضا عليه السّلام.

(٤) الوسائل باب ١ قطعة من حديث ١ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٧٢.

٤٣٠

ومع الشك يصاح بصوت منكر عظيم عند الغفلة فإن تحقق دعواه والّا احلف القسامة وحكم له.

______________________________________________________

وان شكّ في زواله وعدمه يمتحن بان يصاح عليه بصوت منكر عظيم عند غفلته ، فان تحقق دعواه أو عدمه ، والّا احلف القسامة وحكم له بمقتضى دعواه وهو نصف الدية في الواحد ، وكماله في الكل.

لعلّ المراد خمسون (١) قسامة لانه مدعي مع اللوث في الجملة ولم يمكن إثباته بالبيّنة فلا بدّ له من طريق لإثباته لئلا يضيع حقوق الناس ، وليس الّا اليمين ولمّا كان موجبا لكمال الدية التي هي عوض النفس ، فيكون خمسين يمينا فيهما مثل النفس ونصفها في الواحدة.

ويحتمل الاكتفاء بواحدة كما في غيره ، للأصل وعدم نصّ على الزيادة ، وفي النفس ذهب إليه ، للنصّ ، فتأمّل.

ويحتمل ست ايمان في كل واحدة ، ويحلف العدد معه من أقاربه من يعلم ذلك كما في دعوى النفس وان لم يكن فيكرّر عليه.

لصحيحة يونس وحسنة ابن فضال جميعا ، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال يونس : عرضت عليه الكتاب فقال : هو صحيح ، وقال ابن فضال : قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام : إذا أصيب الرجل في إحدى عينيه فإنها تقاس بيضة تربط على عينه المصابة ، وينظر ما منتهى بصره (عينه ـ ئل) الصحيحة؟ ثم تغطى عينه الصحيحة ، وينظر ما منتهى بصره (عينه ـ خ) المصابة؟ فيعطى ديته من حساب ذلك ، والقسامة مع ذلك من الستة الاجزاء على قدر ما أصيب من عينه ، فان كان سدس بصره حلف هو وحده واعطى ، وان كان ثلث بصره حلف هو وحلف معه رجل آخر (واحد ـ ئل) (كذا في يب) (٢) وان كان نصف بصره حلف

__________________

(١) يعني في قول الماتن رحمه الله : والّا احلف القسامة.

(٢) كذا في النسخة.

٤٣١

وفي ذهاب سمع إحدى الأذنين النصف ولو نقص سمعها قيس إلى الأخرى عند ركود الهواء بسدّها وإطلاق الصحيحة ويصاح به إلى حدّ الخفاء ثم يعكس الحال ويؤخذ بنسبة التفاوت في المساحة ولو

______________________________________________________

هو وحلف معه رجلان ، وان كان ثلثي بصره حلف هو وحلف معه ثلاثة نفر وان كان أربعة أخماس بصره حلف هو وحلف معه (أربعة نفر ـ ئل ـ كا) ، (وان كان خمسة أسداس بصره ، حلف هو وحلف معه أربعة نفر) (١) ، وان كان بصره كلّه ، حلف هو وحلف معه خمسة نفر ، وكذلك القسامة كلّها في الجروح ، فان (وان ـ خ) لم يكن للمصاب بصره من يحلف معه ضوعفت عليه الأيمان ، ان كان سدس بصره ، حلف مرّة واحدة ، وان كان ثلث بصره حلف مرّتين فان كان أكثر على هذا الحساب ، وانما القسامة على مبلغ منتهى بصره ، وان كان السمع ، فعلى نحو من ذلك غير انه يضرب له بشي‌ء حتى يعلم منتهى سمعه ، ثم يقاس (من ـ خ) ذلك ، والقسامة على نحو ما ينقص من سمعه ، فان كان سمعه كلّه فخيف منه فجور ، فإنه يترك حتى إذا استثقل (استقل ـ كا ـ ئل) نوما صيح به ، فان سمع قاس بينهما (٢) الحاكم برأيه ، وان كان النقص في العضد والفخذ فإنه يعلّم قدر ذلك يقاس (رجله الصحيحة بخيط ـ خ) يخيط رجله الصحيحة ثم يقاس به (رجله ـ خ) المصابة فيعلّم قدر ما لقصت رجله أو يده ، فإن أصيب الساق أو الساعد ، فمن الفخذ والعضد يقاس وينظر الحاكم قدر فخذه (٣).

وفيها أحكام أخر يعلم بالتأمل ، فتأمّل.

قوله : «وفي ذهاب سمع إحدى الأذنين إلخ». قد مرّ دليله ودليل قياس الاذن المعيبة بنقص بعض سمعها ، بالصحيحة بأن يسدّ المعيبة ويفتح

__________________

(١) ليست هذه الجملة في الكافي والفقيه والوسائل.

(٢) في بعض نسخ الكافي (بينهم).

(٣) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٧.

٤٣٢

نقص سمعهما فعل به ذلك مع أبناء سنّه ويجب تعدد المسافات فان تساوت صدق والّا فلا ولو ذهب بقطع الأذنين فديتان.

______________________________________________________

الصحيحة في يوم لا هواء فيه ، ثم يصاح به إلى ان يقول : ما اسمع ، ثمّ يسدّ الصحيحة ويفتح المعيبة ويصيح إلى حدّ ان يقول : ما اسمع ، فيقاس المسافة الثانية التي للناقصة إلى المسافة الأولى التي كانت للصحيحة ، فإن كانت نصفها فيكون الذاهب نصف الاذن فيلزم ربع الدية ، وهو ظاهر.

ويعلم أيضا من غيرها من الروايات.

مثل صحيحة سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام انه قال في رجل ضرب رجلا في اذنه بعظم فادّعى انه لا يسمع؟ قال : يترصّد ويستغفل وينتظر به سنة فإن سمع أو شهد عليه رجلان انه يسمع والّا حلّفه وأعطاه الدية ، قيل : يا أمير المؤمنين فإن عثر عليه بعد ذلك انه سمع (يسمع ـ خ)؟ قال : ان كان الله ردّ عليه سمعه لم أر عليه شيئا (١).

هذه تدل على المهلة سنة مع الاشتباه وعدم شي‌ء مع العلم بعدم الذهاب.

ويحتمل الحكومة ان ذهب بعض المدّة ولزوم الدية بعد السنة والحلف.

ويفهم انه يمين واحدة ، ويحتمل الستة على ما تقدم ، وعلى عدم الردّ بعد السنة ورواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل وجئ في اذنه فادّعى ان إحدى أذنيه نقص من سمعها شي‌ء؟ قال : قال : تسدّ التي ضربت سدّا شديدا وتفتح الصحيحة فيضرب لها بالجرس حيال وجهه ، ويقال له : اسمع ، فإذا خفي عليه الصوت علّم مكانه ثم يضرب به من خلفه ، ويقال له : اسمع ، فإذا خفي عليه الصوت علّم مكانه ، ثم يقاس ما بينهما فان كان (كانا ـ كا) سواء علم انه قد صدق ثم يؤخذ به ، عن يمينه فيضرب به حتّى يخفى عنه الصوت ثم يعلّم مكانه ، ثم يؤخذ به

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٧٨.

٤٣٣

وفي ضوء العينين مع بقاء الحدقة الدية وفي كل واحد النصف ويستوي الأعمش والأخفش وذو البياض غير المانع من أصل النظر.

______________________________________________________

عن يساره فيضرب به حتى يخفى عنه الصوت ، ثمّ يعلّم مكانه ثمّ يقاس ما بينهما ، فان كان سواء ، علم انه صدق ، قال : ثم تفتح أذنه المعتلّة ويسد الأخرى سدّا جيّدا ثمّ يضرب بالجرس من قدامه ثم يعلّم حيث يخفى عنه (عليه ـ خ) الصوت يصنع به كما صنع أوّل مرّة باذنه الصحيحة ، ثم يقاس فضل ما بين الصحيحة والمعتلّة (ثم فيؤخذ الأرش ـ خ) بحساب ذلك (١).

فيها أيضا أحكام ، فافهم.

وكذا يعلم نقص سمع اذنيه كليهما بالمقايسة يسمع من كان في سنّه وسمعه صحيح ، بأن يصاح عليه حتى يعلم انه ما يسمع ثمّ جي‌ء بمن نقص سمع اذنيه ويصاح عليه حتى يقول : ما اسمع ويعلّم النسبة بينهما فيؤخذ من الدية بتلك النسبة.

ويجب تكرار العمل وتعدّد المسافتين ، فان توافقتا صدق ، والّا فلا يصدق حتى يثبت النقص بوجه آخر.

ويمكن القسامة أيضا مثل ما تقدم ، لأن التفاوت بين الآذان والسماع يوجد كثيرا كما في الابصار وسائر الحواس مع اتحاد السن.

ولا يبعد اعتبار النسب والبلد أيضا ، إذ له أيضا دخل.

ولو كان النقص باعتبار عدم الامتياز لا باعتبار عدم السماع أصلا فالظاهر انه كذلك ولو ذهب سماع الاذن بقطعها ، فعليه ديتان إحداهما للعضو ، والأخرى للسماع ، فإن كان النقص من كل منهما أو من أحدهما فبالحساب.

قوله : «وفي ضوء العينين إلخ». دليله ما تقدّم ، وسيجي‌ء أيضا ، ومع قلع الحدقة يمكن ان فيه الدية الواحدة ، لأنه قلع العين وذهابها.

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٧٨.

٤٣٤

ولو عاد فالأرش ويصدّق في ذهابه مع القسامة.

______________________________________________________

ويحتمل الدية ، والحكومة للحدقة.

ويحتمل تعدد الدية لضوء العين ، والحدقة ، وكذا الأجفان ، فتأمّل.

ولا فرق في ثبوت الدية للعين والنصف للواحدة بين العين الصحيحة التي لا عيب فيها أصلا ، والتي فيها عيب في الجملة ، مثل العمش وهو سيلان الدمع في أكثر الأوقات مع ضعف الرؤية ، والخفش وهو صغير العين وضعف بصره.

ومثل ذي البياض الغير المانع من الرؤية لعموم الأدلّة ، ولا بين الحسنة وغيرها ، وهو أظهر.

قوله : «ولو عاد فالأرش». دليل عدم الدية واسترجاعها ـ لو أخذت بإعادة ضوء العين فيلزم حينئذ ، الحكومة ـ هو انه علم عدم الذهاب ، فما حصل الجناية الموجبة لتمام الدية ، بل الأرش فقط.

وفيه ما مرّ من انه قد يكون الإعادة إعطاء مستأنفا.

ويحتمل التفصيل بالصبر سنة وعدم الالتفات بعدها لما تقدم في السمع في الرواية.

وتدل عليه أيضا رواية سليمان بن خالد الآتية.

وبأنه ان قال أهل الخبرة بالإعادة فأعاد فليس إلّا الأرش ، والّا فالدية ، فتأمّل فإن البحث في مثله قد مرّ مرارا.

قوله : «ويصدق إلخ». وقد مرّ وجه تصديقه في ذهاب ضوء العين مع القسامة لو ادّعاه بعد الجناية المحتملة ، واحتمال كونها عدد قسامة النفس واليمين الواحدة ، والسّتة كما تقدم.

وكذا يدل عليه ما في رواية يونس (١) الصحيحة ، لكن ينبغي أن يكون

__________________

(١) تقدمت آنفا فراجع.

٤٣٥

ولو ادّعى نقصان إحداهما قيس إلى الأخرى بسدّها وفتح الصحيحة لا في الغيم ولا في الأرض المختلفة في الارتفاع ثم العكس بعد تعدد الجهات ويصدّق مع التساوي ثم يؤخذ بنسبة التفاوت في المساحة من الدية ولو نقصا قيس إلى عين أبناء سنّه.

______________________________________________________

بعد اللوث وعدم القدرة على الإثبات وعدمه بالامتحان والتجربة.

قوله : «ولو ادعى نقصان إحداهما إلخ». قد مرّ ما يعلم منه تحريره ودليله أيضا ، وانه ينبغي التقييد في أبناء سنّه بأهل بلده ، بل بأقاربه أيضا.

ووجه عدم الامتحان في يوم الغيم ظاهر مع انه منصوص ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، عن أبيه ، عن عليّ عليهما السّلام قال : لا يقاس عين في يوم غيم (١).

والمنع في الأرض المختلفة أظهر.

وتدلّ على الامتحان رواية أصبغ بن نباتة ، قال : سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن رجل ضرب رجلا على هامته فادعى المضروب انه لا يبصر بعينه شيئا ، وأنّه لا يشم الرائحة وانه قد ذهب لسانه (خرس فلا ينطق ـ خ ل ئل) فقال أمير المؤمنين عليه السّلام : ان صدّق فله ثلاث ديات فقيل : يا أمير المؤمنين فكيف يعلم انه صادق؟ فقال : اما ما ادّعى انه لا يشمّ رائحته فإنه يدنى منه الحراق (٢) فان كان كما يقول والّا ينحي (نحى ـ خ ئل) رأسه ودمعت عينه واما ما ادعاه في عينيه فإنه يقابل بعينيه (عينه ـ خ) الشمس ، فان كان كاذبا لم يتمالك حتّى يغمض عينيه (عينه ـ خ) وان كان صادقا بقيتا مفتوحتين واما ما ادعاه في لسانه فإنه يضرب على لسانه بالإبرة (بإبرة ـ خ) فان خرج الدم أحمر فقد كذب وان خرج

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٠.

(٢) والحراق والحراقة ما يقع فيه النار عند القدح والعامّة تشدده (مجمع البحرين).

٤٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الدم اسود فقد صدق (١).

وصحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل أصيبت إحدى عينيه أن يؤخذ بيضة نعام فيمشي بها وتوثق عينه الصحيحة حتى لا يبصرها وينتهي بصره ثم يحسب ما بين منتهى بصر عينه التي أصيبت ، ومنتهى عينه الصحيحة ، فيؤدى بحساب ذلك (٢).

وتدل على التأجيل سنة كما مرّ في السمع.

رواية سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن العين يدّعي صاحبها أنّه لا يبصر شيئا ، قال : يؤجّل سنة ثم يستحلف بعد السنة أنه لا يبصر ثم يعطى الدية قال : قلت : فان هو أبصر بعده؟ قال : هو شي‌ء أعطاه الله إيّاه (٣).

فيها دلالة على عدم الرجوع بالدية بعد تأجيل السنة.

وتدل على الامتحان رواية كثير ، عن علي عليه السّلام قال : أصيبت عين رجل وهي قائمة فأمر عليّ عليه السّلام فربطت عينه الصحيحة واقام رجلا بحذاه ، بيده بيضة يقول : هل تراها؟ فإذا قال : نعم تأخر قليلا حتى إذا خفيت عليه علّم ذلك المكان قال : وغضّت (عصّبت ـ كا ـ ئل) عينه المصابة ، (قال ـ خ) فجعل الرجل يتباعد ، وهو ينظر بعينه الصحيحة (إلى البيضة (الصحيحة ـ خ) حتى إذا اخفيت عليه ، ثم قيس ما بينهما ، وأعطى الأرش على ذلك) (٤).

وصحيحة معاوية بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب ديات المنافع بالسند الثاني ج ١٩ ص ٢٧٩.

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ٣ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٣.

(٣) الوسائل باب ٨ حديث ٥ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٣.

(٤) الوسائل باب ٨ حديث ٢ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٣.

٤٣٧

ولو ادّعى ذهاب ضوء المقلوعة قدّم قوله مع اليمين.

______________________________________________________

الرجل يصاب في عينه (يضرب في اذنه ـ كا) فيذهب بعض بصره ، فأيّ شي‌ء يعطى؟ قال : يربط إحداهما ثم يوضع له بيضة ثم يقال : انظر فما دام يدّعي انه يبصر موضعها حتى إذا انتهى إلى موضع ان جازه قال : لا أبصر قربها حتى يبصر ثم يعلّم ذلك الموضع ثم يقاس بذلك القياس من خلفه وعن يمينه وعن شماله فان جاء سواء والّا قيل له : كذبت حتى يصدّق ، قال : قلت : أليس يؤمن؟ قال : لا ولا كرامة ويصنع بالعين الأخرى مثل ذلك ثم يقاس ذلك على دية العين (١).

وينبغي التأمّل في الكل والجمع بينها.

قوله : «ولو ادعى ذهاب ضوء المقلوعة إلخ». لو قلع شخص عين شخص ثم ادعى ان العين التي قلعتها ما كان لها ضوء ، وقال صاحبها انه كان لها ضوء فيقدّم قول القالع مع يمينه ، لأنه منكر في الحقيقة ، إذ يدعى عليه صاحبها قلع العين المضيئة والدية ، والأصل براءة الذمة وعدم ذلك.

ولا يعارضه أن الظاهر وجود الضوء ، فإنه أكثريّ ، فإن الظاهر في مثل هذا لا يقدّم ، بل ولا يعارض الأصل.

وربّما قيل : ان ثبت أنّه كان الضوء قبل القلع ، فلا شكّ أنّ القول قول صاحبها مع يمينه ، وان لم يثبت ، بل قال : انه ما كان له ضوء أصلا ، ـ وهو المراد ـ فللنظر فيه أيضا مجال ، لأنّ الأصل السلامة إلّا أنّ مخالفة الأصحاب محذور.

وفيه تأمّل ، إذ قد يناقش في الأول أيضا لأصل البراءة وكلامهم ليس بصريح في أن المراد هو الثاني ، بل ظاهر في أن المراد أعمّ ، وليس الأصل السلامة ، بل الظاهر ذلك ، والأصل العدم ، فالقالع منكر ، فلا مجال للنظر فيه بل في الأول.

ومخالفة الأصحاب ما لم يكن لهم دليل من إجماع ونحوه ليس بمحذور لا

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٢.

٤٣٨

وفي الشّم الدية ويصدّق في ادّعائه عقيب الجناية بعد تقريب الطيّبة والمنتنة وفي النقصان الأرش بحسب ما يراه الحاكم.

______________________________________________________

يمكن ارتكابه لدليل ، وانما المحذور مخالفة الدليل ، فتأمّل.

قوله : «وفي الشمّ ، الدية إلخ». قد مرّ ، ما يمكن ان يكون دليله.

ودليل تصديقه في ادعائه عدم الشمّ عقيب الجناية ـ بأن يقرب إلى أنفه ذو الرائحة الطيّبة والمنتنة ـ كأنّه العلم الحاصل بعدمه لعدم فرقه بينهما مع عدم إمكان البيّنة عليه.

وفيه تأمّل ، إذ قد لا يحصل العلم بذلك ، وهو ظاهر فيحتمل قبوله مع القسامة كما قاله في الشرائع.

ويحتمل خمسين يمينا أو واحدة أو الستة كما مرّ ، ومع ذلك محلّ التأمّل ، لعدم قبول يمين المدّعي الّا في المنصوص والمجمع عليه وأصل البراءة.

ويحتمل التفصيل المتقدم.

ويمكن الامتحان بتقريب الحرّاقة ، لما تقدم في رواية الأصبغ (١).

ولا يضرّ ضعف السند ، فإنّه قد يعلم بذلك مع تعذر البيّنة ، فتأمّل.

ولو نقص شمّه وثبت ذلك ـ لعلّه ـ باللوث والقسامة يثبت له الأرش بحسب ما يراه الحاكم.

لعله يريد بالأرش ، التفاوت ما بين الكامل والناقص ، فان كان الذاهب نصفه يأخذ نصف الدية.

ويحتمل انه يريد المتعارف ، وهو التفاوت ما بين قيمة المجني عليه صحيح الشم ، وبين قيمته ناقص الشم لو فرض مملوكا ، والحوالة إلى الحاكم يشعر بالأوّل وتحقيق النقص ، مشكل فينبغي المصالحة.

__________________

(١) تقدّم ذكر موضعها.

٤٣٩

وفي النطق كمال الدية وان بقي في اللّسان فائدة الذوق ولو بقيت الشفوية والحقيّة سقط من الدية بنسبة وكذا لو بقي غيرها ولو نطق بالحرف ناقصا فالأرش.

ولو كان يحسن بعض الحروف في إلحاقه بضعيف القوى نظر ، أقربه نقص الدية ولو كان بجناية جان نقص.

______________________________________________________

قوله : «وفي النطق كمال الدية إلخ». قد مرّ دليل لزوم تمام الدية على مذهب النطق وان كان جرم اللسان باقيا مع سائر فوائده من إحساس الطعوم بالذائقة.

ودليل سقوط ما في مقابلة الحروف التي ما ذهب بالجناية على اللسان ، بل اذهب (ذهب ـ خ) بعض نطقه فقط ، مثل ان بقيت الحروف الشفويّة ، والحلقية التي لا دخل للّسان فيها من الدية ، ولزوم دية ما ذهب على الجاني ظاهر ، فإنّه ما أذهب إلّا بعض النطق فلا يلزمه إلّا دية ما ذهب بجنايته.

ولكن ينبغي كون الجناية بغير القطع ، إذ قد مرّ انه لو قطع اللسان يلزمه تمام الدية وفي بعضه بحسابه وان لم يذهب الحروف أو ذهب ولكن لا بتلك النسبة ، وان كان يرد على عموم كلامهم هناك شي‌ء ، فتذكر.

والحاصل ان إذهاب النطق وقطع اللسان أمران متغايران.

نعم قد يجتمعان ، ففي الانفراد لكلّ منهما ديته ، ومع الاجتماع يحتمل الجميع وأكثر الأمرين ، وقد مرّ مفصّلا ، فتذكر.

ولو اتى بعد الجناية على لسانه بالحرف أو الحروف ناقصا غير كامل كما كان ، فعلى الجاني أرش النقص.

وفي تحقيق الأرش إشكال ، فالأولى المصالحة كما ذكرناه في الشمّ ، فتأمّل.

قوله : «ولو كان يحسن إلخ». إذا كان المجني على لسانه بإذهاب نطقه

٤٤٠