مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٠

.................................................................................................

______________________________________________________

فروع

(الأوّل) يتضاعف الدية إذا قتل في أشهر الحرم ، كأنه لا خلاف فيه.

ومستنده ، رواية كليب بن معاوية ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : من قتل في شهر حرام فعليه دية وثلث (١).

وصحيحة زرارة مثلها (٢).

ولا يضرّ عدم ثبوت توثيق كليب (٣) في الاولى وابان بن عثمان في الثانية (٤).

(الثاني) هل يوجد التغليظ في غيره مثل حرم مكة؟ الظاهر العدم ، لعدم الدليل ، والقياس على الشهر (٥) ، وكفارة الصيد (٦) ، غير حجّة ، ومع ذلك قال به الشيخان ، وهما أعرف.

وعلى تقديره لا يقاس عليه المدينة والمشاهد.

ولا بد من كون المقتول في الحرم ، فلو رمى من الحلّ وقتل في الحرم تغلظ بناء على القول به وكأنه باتفاق القائلين به ، ولا يقاس عليه العكس.

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٩ ومتن الحديث كما في الوسائل هكذا : قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يقتل في الشهر الحرام ما ديته؟ قال : دية وثلث.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٣ و ٥ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٨.

(٣) سندها كما في الكافي هكذا : علي بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن كليب الأسدي.

(٤) فان سندها كما في التهذيب هكذا : ابن أبي عمير ، عن ابان بن عثمان ، عن زرارة.

(٥) الظاهر ان المراد ان قياس المكان (مكة شرفها الله) على الزمان (الشهر الحرام) غير حجّة.

(٦) يعني قياس المقام على كفارة الصيد في الحرم التي تتضاعف بالنسبة إلى الصيد غير حجّة لاحظ باب ٣٦ من أبواب كفارات الصيد من كتاب الحج ج ٩ ص ٢٤٣.

٢٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

(الثالث) قال في الشرائع (١) : (ولا يعرف التغليظ في الأطراف) تنبيها على خلاف بعض العامة قاله في شرحه.

(الرابع) يدل على دخول صوم العيد في كفّارة القتل في أشهر الحرم ـ كأنه تغليظ أيضا وقال به الشيخ ـ صحيحة زرارة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل قتل رجلا خطأ في أشهر الحرم؟ قال : عليه الدية وصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم ، قلت : ان هذا يدخل فيه العيد وأيام التشريق ، فقال : يصوم (يصومه ـ ئل) فإنه حق لزمه (٢) ومثلها صحيحة أخرى له عنه عليه السّلام (٣).

فيهما دلالة على تحريم صوم أيام التشريق أيضا.

وعلى أنه لا بد من صوم شهر الحرام للقاتل فيهما ، فكأنه فوريّ.

وظاهرهما عدم جواز الإفطار حتى يكمل ولو صام شهرا ويوما.

ولكن انما يلزم صوم الأشهر على تقدير اللزوم ان كان بعد القتل يبقى شهران ولا يصوم من غيرهما.

وعلى تقدير الإمكان ولم يفعل يصوم غيرهما بدون كفارة أخرى مع الإثم ان كان فوريّا والّا فبدونه ، فتأمّل.

(الخامس) إذا جنى خارج الحرم ، والتجأ إليه ، لا يحدّ ولا يقتص فيه ، بل يمهل ، ولكن لا يطعم ويضيّق عليه حتى يخرج ويحدّ ويقتصّ قاله الأصحاب

__________________

(١) قال في الشرائع : ولو قتل في شهر الحرام ألزم دية وثلثا من أي الأجناس كان ، تغليظا وهل يلزم مثل ذلك في حرم مكة؟ قال الشيخان : نعم ، ولا اعرف التغليظ في الأطراف (انتهى). وفي المسالك : ونبّه بقوله : (ولا نعرف التغليظ في الأطراف) على خلاف بعض العامة حيث ألحقها بالنفس في ذلك ولا دليل عليه عندنا ولا قائل من أصحابنا (انتهى).

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٤ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٥٠.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٥٠.

٢٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ومستنده صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السّلام في الرجل يجني في الحرم جناية أقيم به الحدّ فإنه لم ير للحرم حرمة (١).

الظاهر ان الجناية أعم من القتل ، والقطع ، والجرح ، وممّا يوجب حدّا أو قصاصا ، وأنه لا يطعم أصلا.

(السادس) لو جنى في الحرم يفعل به فيه ما يقتضي جنايته.

والظاهر أنه لو جنى خارجا واتفق وجوده فيه من غير التجاء ، فحكمه حكم الجناية في الخارج فيقتص فيه للفظ الإلجاء في الرواية (٢) والعبارة.

ويحتمل العدم لحرمة الحرم كما يظهر من الرواية.

(السابع) لا يقاس عليه حرم المدينة المشرّفة ، ولا المشاهد المتبركة لبطلان القياس وعدم دليل غيره.

ولا تدل عليه صحيحة جميل ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : سمعته يقول لعن رسول الله صلّى الله عليه وآله من أحدث في المدينة حدثا أو آوى محدثا ، فقلت ما (ذاك) في الحدث؟ فقال (قال ـ ئل) : القتل (٣) لأنّ المراد به ، القتل ظلما ، لا قصاصا وحدّا على الظاهر ، فتأمّل.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٤ حديث ١ من أبواب مقدّمات الحدود ج ١٨ ص ٣٤٦ وصدرها هكذا : عن أبي عبد الله عليه السّلام في الرجل يجني في غير الحرم ثم يلجأ إلى الحرم؟ قال : لا تقام عليه الحدّ ولا يطعم ولا يسقى ولا يكلّم ولا يبايع ، فإنه إذا فعل به ذلك يوشك ان يخرج فيقام عليه الحدّ وان جنى في الحرم جناية إلخ.

(٢) راجع صدر حديث هشام بن الحكم الذي نقلناه في الهامش السابق وراجع أيضا باب ١٤ من أبواب مقدّمات الطواف ج ٩ ص ٣٣٦.

(٣) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب القصاص في النفس ج ١٩ ص ١٥.

٢٢٣
٢٢٤

كتاب الديات

٢٢٥

كتاب الديات

ومقاصده ستة :

الأوّل

في الموجب

وهو الإتلاف مباشرة أو تسبيبا.

______________________________________________________

كتاب الديات

قوله : «الأوّل ، الموجب إلخ». أي سبب وجوب الدية ـ وهو المال بالجناية على النفس أو الطرف ـ أمران.

(الأوّل) مباشرة الإتلاف ـ أي فعل ما يحصل معه تلف النفس أو العضو من غير قصد الإتلاف ـ سواء كان هناك قصد الفعل فيكون شبيه العمد ، وهو من ماله أو لا يكون أصلا ، فيكون خطأ فهو على العاقلة.

وأخرج العمد لانه موجب للقود أوّلا وبالذات غالبا ، وقد يؤول إلى الدية بالتراضي عليها أو بغيره مثل قتل بعض شركاء الدم ، الجاني فيلزم للباقي الدية.

وقد يكون موجبا للدية أولا مثل قتل الوالد ولده.

٢٢٦

الأوّل : المباشرة

وهي فعل ما يحصل معه الإتلاف لا مع القصد ، فالطبيب يضمن ما يتلف بعلاجه ان قصّر أو عالج طفلا أو مجنونا لم يأذن الولي أو بالغا لم يأذن ولو كان حاذقا.

وان اذن له البالغ فآل إلى التلف ضمن على رأي في ماله وهل يبرأ بالإبراء قبله؟ فيه قولان.

______________________________________________________

قوله : «فالطبيب يضمن إلخ». أي لمّا قلنا : أن مباشرة الإتلاف من غير قصد ، موجبة للدية ، يلزم كون الطبيب ضامنا لما يتلف بعلاجه ان قصّر ، سواء كان حاذقا أم لا ، باذن المريض ووليّه أم لا.

والظاهر عدم الخلاف في ذلك.

وكذا يضمن لو عالج طفلا أو مجنونا مع عدم اذن الولي وان كان طبيبا حاذقا علما وعملا وما قصر ولكن ترتب عليه التلف من غير اختياره وان اذن له البالغ معالجته ، وان كان حاذقا وما قصر وسعى وعمل بعلمه وتلف ، فهو ضامن في ماله على رأي المصنف.

والظاهر انه كذلك في المجنون والطفل مع اذن الولي.

قال في الشرح : هنا مسألتان (الأولى) إذا كان الطبيب حاذقا أي ماهرا في الصناعة والعلاج علما وعملا فعالج فاتفق التلف نفسا أو طرفا ، ففي الضمان قولان (أحدهما) نعم وهو قول الشيخ أبي عبد الله المفيد ، والشيخ أبي جعفر في النهاية ، وابن البرّاج في الكامل ، وسلار وأبي الصلاح ، وابن زهرة ، والطبرسي ، والكيدري ، ونجم الدين ، ونجيب الدين وابني سعيد رحمهما الله ، وجعلوه شبيه عمد.

اما الضمان فلحصول التلف المستند إلى فعل الطبيب ولا يبطل دم امرئ مسلم.

٢٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

واما انه شبيه عمد ، فلتحقق القصد إلى الفعل لا إلى القتل.

وقال ابن إدريس : لا يضمن للأصل وسقوطه باذنه ، ولانه فعل سائغ شرعا فلا يستعقب ضمانا.

ويمكن الجواب بأنّ أصالة البراءة لا تتم مع دليل الشغل ، والاذن ، في العلاج ، لا في الإتلاف ولا منافاة بين الجواز ، وبين الضمان كالضّارب للتأديب.

ويؤيّد الضمان ما رواه الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ان أمير المؤمنين عليه السّلام ضمّن ختّانا قطع حشفة الغلام (١).

قال في النكت : الأصحاب متفقون على أنّ الطبيب يضمن ما يتلف بعلاجه ، فالعمل على هذا الأصل ، لا على هذه الرواية لأنّ الأكثرين يطرحون ما يتفرد به السكوني (٢).

وقد (٣) عرفت ان الإجماع المنقول بخبر الواحد حجّة.

وكذا ادعى عليها ابن زهرة الإجماع ، وابن إدريس زعم ان رواية السكوني صحيحة لا خلاف فيها ، والمراد بها انه (٤) فرّط بان قطع غيرها زيد منه لأن الحشفة (٥) ما فوق الختان (٦).

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ١٩٥.

(٢) إلى هنا عبارة النكت لكن في النقل تقديما وتأخيرا فإن العبارة في النكت هكذا : وقد عرفت ان الأكثرين يطرحون ما ينفرد به السكوني غير أنّ الأصحاب متفقون على ان الطبيب يضمن ما يجنيه بعلاجه فكان عملهم على ذلك الأصل لا على هذه الرواية.

(٣) هذا تتمة عبارة الشهيد في الشرح فلا تغفل.

(٤) يعني الختان قصّر بقطعه غير الحشفة.

(٥) والحشفة أيضا رأس الذكر من فوق الختان إذا قطعت وجبت الدية كاملة (مجمع البحرين).

(٦) إلى هنا عبارة الشرح.

٢٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

واعلم ان كثيرا من الأصحاب لم يعتد بالاذن وان كان ظاهرهم الإذن.

واعلم ان النوفلي أيضا ضعيف ، وان مراد ابن إدريس بصحّة الرواية صحّة مضمونها ، وانه (أنها ـ خ) الحكم الصحيح الشرعي.

وانك قد عرفت ما في أمثال هذه الإجماعات.

وان عدم الضمان مع الاذن محتمل لأنه ما قصد الإتلاف وما قصّر مع انه استأذن وحاصله انه يفعل ما يقتضيه علمه ولم يكن عليه به شي‌ء.

وان ذلك قد يجب عليه ، إذ قد يكون ذلك من الواجب الكفائي بل قد يصير عينيّا.

وما ثبت شرعا ان كل إتلاف موجب للضمان.

ورواية الختان قد تحمل على ما حملها ابن إدريس من التفريط بعد تسليم الصحّة.

بل قد يحمل كلام الأصحاب أيضا على عدم الاذن.

قال الشارح : انهم لم يقيدوه به ، ويؤيّده القول بالسقوط بالإبراء في المسألة الثانية.

ثم (١) قال : (الثانية) لو ابرأ المعالج قبل الفعل أو وليّه ، قال الشيخ وأتباعه ، وأبو الصلاح : يبرأ ، لمسيس الحاجة إليه ، فإنه لا غناء عن العلاج ، وإذا عرف البيطار والطبيب انه لا مخلص له من الضمان ، توقّف في العلاج مع الضرورة إليه فوجب ان يشرع الإبراء ، دفعا لضرورة الحاجة.

ولرواية السكوني ، عن جعفر عليه السّلام (أبي عبد الله عليه السّلام ـ ئل) ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : من تطبّب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليّه وإلّا

__________________

(١) يعني في الشرح.

٢٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

فهو له ضامن (١).

وانما ذكر الولي ، لأنه هو المطالب على تقدير التلف ، فلما شرع الإبراء قبل الاستقرار لمكان الضرورة ، صرف إلى من يتولى المطالبة بتقدير وقوع ما يبرأ منه.

قال (٢) المحقق : ولا استبعد الإبراء من المريض فإنه فعل مأذون فيه والمجني عليه إذا أذن في الجناية سقط ضمانها فكيف بإذنه في المباح المأذون في فعله.

ونقل عن ابن إدريس انه لا يصحّ البراءة ، لأنه إسقاط لما لم يجب ولأنّ الإبراء اما ممّا تعدّى فيه أو غيره وكلاهما لا يصحّ الإبراء (٣).

يفهم من المتن والشرح ، التردد فيها.

وكذا من الشرائع ، الاقتصار على نقل الخلاف (٤).

وعدم استبعاد المحقق غير بعيد ، لما تقدم ، ويؤيّده المؤمنون عند شروطهم (٥).

ومرجع الإبراء عدم المؤاخذة وعدم سقوط حق لو حصل الموجب ، ولا

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ١٩٥.

(٢) والاولى نقل عبارة المحقق بعينها في النكت قال : البراءة التي يأخذها ممّا لا يؤمن ان يحدثه العلاج وهو شي‌ء لم يحصل العدوان فيه والبراءة منه ، على خلاف الأصل ، لكن شرعيته لضرورة الحاجة ، فإنه لا غنى عن العلاج ، وإذا عرف البيطار أو الطبيب انه لا مخلص له من الضمان توقف في العلاج مع الضرورة إليه فوجب ان يشرع الإبراء دفعا لضرورة الحاجة وقد روى ذلك ، السكوني (ثم ذكر الرواية ثم قال) : وانما عدل إلى الولي ، لأنه هو المطالب على تقدير التلف فلمّا شرع الإبراء قبل الاستقرار لمكان الضرورة ، صرف إلى من يتولى المطالبة بتقدير وقوع ما يبرأ منه ولا استبعد الإبراء من المريض فإنه يكون فعلا مأذونا فيه (إلى آخر ما نقله الشارح).

(٣) الظاهر انه إلى هنا عبارة الشرح.

(٤) لكن ظاهره اختيار الضمان قال : في النظر الثاني من كتاب ديات الشرائع ، ولو كان الطبيب عارفا واذن له المريض في العلاج فآل إلى التلف قيل لا يضمن لان الضمان يسقط بالإذن ولانه فعل سائغ شرعا وقيل : يضمن لمباشرته الإتلاف وهو أشبه (انتهى).

(٥) الوسائل باب ٢٠ ذيل حديث ٤ من أبواب المهور ج ١٥ ص ٢٠.

٢٣٠

وتضمن العاقلة ما يتلفه النائم بانقلابه وان كانت ظئرا للضرورة وان كانت للفخر فالدية في مالها.

______________________________________________________

استبعاد في لزوم الوفاء به بمعنى عدم ثبوت حق حينئذ ، أو انه يثبت ويسقط ، فلا يكون إسقاطا لما ليس بثابت ، فتأمّل.

والرواية مؤيّدة وليس معناها الإبراء مع وجود سببه كما فهمه شرح الشرائع حيث قال : نقول بموجبها ، فان البراءة حقيقة ، لا تكون الّا بعد ثبوت الحق لأنها إسقاط ما في الذمة من الحقّ وينبّه عليه أخذها من الولي ، إذ لا حق له قبل الجناية ، وقد لا يصير إليه بتقدير عدم بلوغها القتل إذا أدت إلى (أيّهما ـ خ) انك تعرف ان معنى (تطبّب) انه أراد فعله ، لا انه فعله وهو ظاهر.

وقد مرّ وجه إسناده إلى الولي ، وأنه ينبّه على صحّة إبراء المريض إذا كان الحق له بالطريق الأولى ، وانه لا يحتاج إلى الأمر به وهو ظاهر ، فافهم.

واعلم ان في عد التطبب من المباشرة ، كما هو ظاهر المتن ، تأمّلا.

قوله : «وتضمن العاقلة إلخ». دليل ضمان العاقلة ما يجنيه النائم ، هو كون الخطأ على العاقلة ، فإنه خطأ محض لانه واقع من غير قصد أصلا ، فهو أولى بأن يكون خطأ محضا ممّا يقصد في الجملة ، مثل الرمي على طير فأصاب إنسانا ونحو ذلك.

ونقل عن الشيخ كونه في مال النائم ، لأن إتلاف النائم ، من الأسباب ، لا الجنايات بالمباشرة لأنه قد ارتفع اختياره.

ويؤيّده ما تقدم ان الضمان على العاقلة خلاف القواعد العقليّة والشرعيّة ، فلا يصار إليه الّا في المنصوص والمتفق عليه.

وما تقدّم في تفسير الخطأ في الروايات : (وانما الخطأ ان تريد شيئا (الشي‌ء ـ ئل) ويصيب غيره) وهو في مرسله (١) وفي صحيح الحلبي : (الخطأ من

__________________

(١) الوسائل باب ١١ ذيل حديث ١ من أبواب القصاص في النفس ج ١٩ ص ٢٤ والخبر ليس بمرسل ،

٢٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

اعتمد شيئا فأصاب غيره) (١) كما مرّ ، ولكن تفسيرهما الخطأ يشمله ، فتأمّل.

ولا فرق في النائم الذي إتلافه بانقلابه وسائر حركاته ، بيده أو رجله ، بين الظئر للضرورة والحاجة إلى الأجرة ، وبين غير الظئر.

وان كانت ظئرا للفخر مثل ان يكون ذلك للسلطان والحكّام فإن الدية في مالها.

وتدل على هذا التفصيل ، الرّوايات ، مثل رواية محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال : أيّما ظئر قوم قتلت صبيّا لهم وهي نائمة (فان قلبت عليه ـ خ) فقتلته ، فان عليها الدية من مالها خاصّة ان كانت انما ظائرت طلبا للعزّ والفخر ، وان كانت انما ظائرت من الفقر ، فإن الدية على عاقلتها (٢).

ومثلها رواية عبد الرحمن بن مسلم ، عن أبيه ، عن جعفر عليه السّلام (٣).

ورواية الحسين بن خالد وغيره عن الرضا عليه السّلام مثلها (٤).

وهي تضعّف مذهب الشيخ ، ولكن في سند الكلّ ضعف وجهالة بمنع من العمل بمضمونها مع مخالفتها للأصل.

لما مرّ من ان فعل النائم مطلقا من الخطأ المحض ، فيكون دية ما تلفته الظئر نائمة ، على عاقلتها.

ولهذا اختار كون دية الظئر على عاقلتها مطلقا أكثر المتأخرين.

نقل في شرح الشرائع ان مذهب الشيخ ، على ان فعله من قبيل الأسباب ،

__________________

بل هو صحيح السند

(١) الوسائل باب ١١ ذيل حديث ٣ من أبواب القصاص ج ١٩ ص ٢٥.

(٢) الوسائل باب ٢٩ حديث ١ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ١٩٩ ، بالسند الأول.

(٣) الوسائل باب ٢٩ حديث ١ من أبواب موجبات الضمان بالسند الثاني وفيه : عبد الرحمن بن سالم.

(٤) الوسائل باب ٢٩ حديث ١ من أبواب موجبات الضمان بالسند الثالث.

٢٣٢

ويضمن المعنف بزوجته بجماعة قبلا أو دبرا أو بضمّه في ماله ، وكذا الزوجة.

______________________________________________________

فيكون حينئذ من خاصّة ماله ، فيكون ضمان الظئر في عاقلتها مطلقا أيضا.

وترك الشيخ ، العمل بالروايات ، بعيد فتأمل.

نعم العلّامة والمحقق ، على التفصيل الذي تقدم ، للروايات ، لعلها معتبرة عندهما.

قوله : «ويضمن المعنف إلخ». دليل ضمان المعنف من أحد الزوجين بالآخر حتى قتله بالعنف بالجماع أو الضم كمال الدية في ماله ، هو انّه قتل شبيه بالعمد لعدم قصد القتل وقصد الفعل المؤدّي إليه.

وصحيحة سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام أنه سئل عن رجل أعنف على امرأته فزعم أنها ماتت من عنفه؟ قال : الدية كاملة ، ولا يقتل الرجل (١).

والظاهر ان العكس كذلك ، لعدم الفرق.

ورواية زيد عن أبي جعفر عليه السّلام في رجل نكح امرأة في دبرها فألحّ عليها حتى ماتت من ذلك؟ قال : عليه الدية (٢).

ورواية إسحاق بن عمّار ، عن جعفر عليه السّلام انّ عليّا عليه السّلام كان يقول : من وطأ امرأة من قبل ان يتم لها تسع سنين فأعنف ضمن (٣).

وحمل الشيخ رواية يونس عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن رجل أعنف على امرأته ، أو امرأة أعنفت على زوجها

__________________

(١) الوسائل باب ٢١ حديث ١ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ٢٠١.

(٢) الوسائل باب ٢١ حديث ٢ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ٢٠١.

(٣) الوسائل باب ٤٤ حديث ٤ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ٢١٢.

٢٣٣

وحامل المتاع إذا كسره أو أصاب به غيره.

______________________________________________________

فقتل أحدهما الآخر؟ قال : لا شي‌ء عليهما إذا كانا مأمونين ، فإن اتهما ألزما اليمين بالله انهما لم يردا القتل (١).

على (٢) ان لا يكون عليهما شي‌ء من القود ، فلا ينافي وجوب الدية ، فإذا لم يكونا مأمونين لم ترفع التهمة إلّا بالحلف ، ثم يلزم الدية على التقديرين.

وكأنه عمل بمضمونها في النهاية.

لعلّ وجهه حمل المطلق والمجمل على المقيّد والمفصّل ، ولو كان الخبر صحيحا لكان جيّدا لكنه ضعيف بإرسال يونس وجهل صالح بن سعيد (٣).

مع انه مخالف للقاعدة ولزوم الدية في شبيه العمد وسائر أدلّة الديات مثل لا يبطل دم امرئ مسلم.

قوله : «وحامل المتاع إلخ». دليل ضمان حامل المتاع ـ إذا كسر بوقوعه على انسان فمات (المتاع والمقتول في ماله) ـ رواية داود بن سرحان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل حمل متاعا على رأسه فأصاب إنسانا فمات أو انكسر منه؟ فقال : هو ضامن (٤) لكن في السند سهل بن زياد (٥).

مع انها مخالفة لقاعدتهم من ان مالا قصد فيه ، هو خطأ محض ، والدية على العاقلة الّا انه قد يقال من الأسباب ، وانه غير معلوم دخوله في الخطأ ، لما مرّ من

__________________

(١) الوسائل باب ٢١ حديث ٤ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ٢٠٢.

(٢) متعلق بقوله قدّس سرّه : وحمل الشيخ.

(٣) سندها كما في الكافي هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صالح بن سعيد ، عن يونس عن بعض أصحابه.

(٤) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ١٨٢.

(٥) سندها كما في الكافي هكذا : عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نصر ، عن داود بن سرحان.

٢٣٤

والصائح بالمريض أو المجنون أو الطفل أو العاقل مع غفلته أو بالمفاجأة (أو المفاجأة ـ خ ل) بالصيحة مع التلف في ماله وكذا المشهر سيفه في الوجه.

______________________________________________________

تفسير الخطأ في الروايات وسيأتي أيضا.

وتضمن شخص بجناية غيره ، خلاف القواعد العقليّة والنقليّة فلا يصار إليه إلّا في المجمع عليه ، والمنصوص.

قوله : «والصائح بالمريض إلخ». دليل عدم ضمان الصائح ، على الصحيح الغير المغفل ـ كما يفهم من العبارة ـ هو الأصل وعدم كون مثل هذا الفعل قاتلا أو مؤثرا في شي‌ء.

ويحتمل الدية من بيت المال ، لعدم ابطال دم امرئ مسلم مع ما مرّ مثل قتيل لا يعلم قاتله.

ويحتمل ، عليه في ماله لاستناده إليه لأنه المفروض وان لم يكن فعله ذلك عادة موجبا لشي‌ء ، لكن ترتب عليه وقد حصل ، فهو شبيه العمد.

ولو علم ان لا اثر له بل موت اتفق في هذا الوقت ، لم يضمن ، فتأمّل.

واما دليل ضمانه ـ في ماله إذا صاح بالمريض أو بالمجنون أو بالطفل أو بالعاقل الصحيح مع غفلته أو فجأة بالصيحة فتلف نفس أو شي‌ء منه مثل عقله أو سمعه ـ هو انه قتل شبيه العمد لأنه قصد الفعل دون القتل والإتلاف.

وكذا دليل مشهر السيف في وجه إنسان أخافه فمات أو تلف منه شي‌ء في ماله.

وبالجملة لا فرق بين تشهير السيف والسلاح والصياح ، بل بين الصحيح وغيره إذا أسند القتل إليه ، وفي عدمه إذا علم عدمه.

وفي صورة الجهل يحتمل الفرق بالحمل على تأثيره فيهم وعلى عدمه في الصحيح.

٢٣٥

ولو فرّ فالقى نفسه في بئر أو من سقف أو صادفه في هربه سبع قال الشيخ : لا ضمان ، ولو كان اعمى ضمن أو مبصرا ولا يعلم البئر.

______________________________________________________

ويحتمل المساواة في ذلك أيضا ، لأنّ الأصل في الكل العدم ما لم يعلم على وجه شرعي ، فتأمّل.

قوله : «ولو فرّ فألقى إلخ». قال في الشرح : هذا قوله في المبسوط ، وفرق في الوقوع في البئر أو من السقف بين الاعمى وغيره ، فأوجب الضمان لو كان المطروح أعمى.

وفي مصادفة الشيخ لم يفرق بينهما ، وأسقط الضمان.

واحتج على الأول بأنه إنما ألجأ إلى الهرب لا إلى الوقوع ، بل ألقى نفسه باختياره فهو من باب اجتماع المباشر والسبب غير الملجئ كالحافر ، والدافع ، فان الضمان على الدافع.

وقيّد السبب بغير الملجئ ليخرج الأعمى كما لو حفر بئرا فوقع فيها أعمى ، فإنه يضمن فكذا هنا.

واحتج على الثاني بأن السبع له قصد واختيار فهو مباشر إمّا حقيقة أو ذلك السبب غير ملجئ إلى افتراسه فكان أقوى.

والمصنف والمحقق توقفا فيه من حيث انه لو لا الإخافة لم يحصل الهرب المقتضي للطلب ، وكونه باختياره ممنوع ، إذ لا مندوحة إلّا بالهرب ، غاية ما في الباب أنه اختار طريقا على طريق لمرجح أو لا لمرجح على اختلاف قول المتكلمين مع امتناع خلوّ الواقع عن أحدهما.

ويمكن ان يقال : ان كان الطريقان متساويين في الإخافة والعطب والطرق وسلك ، فاتفق التلف تحقق الضمان لعدم المندوحة.

وان ترجح أحدهما في السلامة فسلك الآخر ، فلا ضمان.

اللهم الّا أن يقال : الملجئ إلى الهرب رفع قصده أصلا ورأسا ، ولكن

٢٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ذلك غير معلوم.

وأقول : قول الشيخ قوي جدّا ، لان الهارب إما مختار أو مكره ، فان كان مختارا فلا ضمان ، وان كان مكرها ، فغايته ان يكون مثل مسألة ، (اقتل نفسك أو لأقتلنك) فقتل نفسه ، فإنه يبعد الضمان ، إذ لا معنى للخلاص عن الهلاك بالهلاك.

يدلّ على ضمان المخيف ـ مضافا إلى العقل ـ صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن رجل (الرجل ـ ئل) ينفر برجل (بالرجل ـ ئل) فيعقره ويعقر دابّته رجل آخر؟ قال : هو ضامن لما كان من شي‌ء (١).

فيلزم منه ضمان وقوع إلقائه في بئر ونحوه ، بل الذي فرّ من شي‌ء بسببه فوقع فيه (٢) ، فافهم.

واعلم انه ينبغي تقييد الاعمى بما إذا لم يعرف أن في طريقه بئرا ولم يكن هناك طريق آخر.

وان السبع وان كان مختارا لكن لا ضمان عليه ، فلا ضمان على المسبب إلّا إذا عرف الهارب أنه في ذلك الطريق سبع ، وهناك طريق آخر أسلم.

مع انه لا فرق بين البئر والسقف ، وبين السبع في ان الاعمى معذور بخلاف المبصر.

وان كون قول الشيخ قويّ جدا ، غير ظاهر ان كان الفار غير عالم بأنّ في طريقه بئرا أو سبعا أو سقفا أو عالما ولكن اضطر بسبب الإخافة ، فالضمان على المخيف ، بخلاف من قتل نفسه بقوله : (اقتل نفسك والّا أقتلك) ، فتأمّل.

__________________

(١) الوسائل باب ١٥ حديث ١ من أبواب ما يوجب الضمان ج ١٩ ص ١٨٨.

(٢) الظاهر انه إلى هنا عبارة الشرح.

٢٣٧

أو انخسف به السقف أو أضطره الى مضيق فافترسه الأسد ضمن.

والصادم هدر ويضمن دية المصدوم في ماله إذا لم يفرّط بأن يقف في المضيق ، على اشكال.

______________________________________________________

وسوى المصنف بين الأعمى والمبصر ـ الذي لا يعلم البئر ـ في ضمان من اخافهما فوقعا في البئر.

والمراد ، الأعمى الذي لا يعرف بئرا.

وكان ينبغي ذكر السقف والسبع أيضا والتسوية بينهما في ضمان الملتجئ إليهما في ماله مع عدم العلم.

وبالجملة ، الفرق بين الاعمى وغيره ، غير ظاهر ، فتأمّل.

وينبغي أيضا تقييد الأعمى بالبئر والسبع وغيره والسقف ليوافق قول المبسوط على ما نقل في الشرح.

قوله : «أو انخسف به إلخ». كأنه عطف على (القى) أي ان اخافه ففر منه إلى سقف وانخسف به السقف ، ضمنه المخيف في ماله.

وكذا لو أضطره إلى مضيق حتى افترسه السبع.

وكان ينبغي تقييد هذا أيضا بالأعمى أو المبصر الجاهل ، كأنه اكتفى بالأوّل أو يعلم من (أضطره إلى مضيق).

قوله : «والصادم هدر إلخ». يعني إذا صدم شخص شخصا فماتا معا فدم الصادم هدر لا يضمنه المصدوم ، لان الفعل منه.

وفيه تأمّل إذا كان المصدوم جالسا أو قائما في طريق مضيق ، فإنه سبب للإتلاف بفعل غير سائغ ففرط في الوقوف وقتل به شخص ، فيضمن.

٢٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ونقل في الشرائع (١) : بضمان (٢) المصدوم ، ويحتمل النصف ، فتأمّل.

كما انه حينئذ في كون المصدوم مضمونا عليه اشكالا ، من تفريطه ، ومن وقوعه (فوته ـ خ) بفعل اختياريّ من شخص آخر.

واما إذا كان المصدوم جالسا في ملكه ، أو مباح أو طريق واسع ، فكون الصادم هدرا ظاهر ، وكذا ضمانه المصدوم.

ثم ان ظاهر المتن أن في ضمان المصدوم ـ مع عدم التفريط بأن يقف في الطريق الضيّق ـ اشكالا.

وقد ذكر في الشرح : انه ما ذكر الأصحاب ، ولا المصنّف في كتبه ، الإشكال في ذلك ، وانما الإشكال مع تفريطه المذكور المفسر بوقوفه في الطريق الضيّق.

فكأنه ممّا يفهم من العبارة ، والتقدير إذا فرّط لم يضمن على اشكال ، وهو بعيد.

ويحتمل أيضا ان يكون الاشكال مع عدم التفريط كما هو الظاهر لكن لا في أصل الضمان ، بل في كون الضمان في ماله ، فيكون الاشكال للقيد لاحتمال ان يكون على العاقلة ، فإن الصادم ما قصد القتل ، ولا الفعل ـ وهو الصدم ـ فيكون خطأ محضا لا شبيها حتى يكون في ماله.

__________________

(١) لم نجد في الشرائع ما يناسب هذه المسألة إلّا هذه : قال : الخامسة لو اصطدم سفينتان بتفريط القيّمين وهما مالكان ، فلكل منهما على صاحبه نصف قيمه ما أتلف صاحبه ، وكذا لو اصطدم الحمالان فأتلفا أو أتلف أحدهما ، ولو كانا غير مالكين ضمن كل منهما نصف السفينتين وما فيها لان التلف منهما والضمان في أموالهما ، سواء كان التالف مالا أو نفوسا ، ولو لم يفرطا بان غلبتهما الرياح فلا ضمان ، ولا يضمن صاحب السفينة الواقعة إذا وقعت عليه اخرى ، ويضمن صاحب الواقعة لو فرّط (انتهى).

(٢) هكذا في النسخ والصواب (ضمان) من دون الباء.

٢٣٩

ولو تعثّر بالجالس في المضيق ضمن الجالس ولو تعثّر بقائم فالعاثر هدر ، والقائم مضمون عليه لأنّ القيام من مرافق المشي بخلاف القعود.

ولو مات المتصادمان فلورثة كلّ نصف ديته ونصف قيمة فرسه على الآخر ويقع التقاص في الدية.

______________________________________________________

وينبغي التفصيل بناء على القاعدة المقررة في الخطأ والشبيه ، فأيّهما تحقق عمل به.

قوله : «ولو تعثر بالجالس إلخ». دليل ضمان الجالس ـ في ماله دية المعثر به ومات ـ هو انه سبب لقتله بفعل غير سائغ كما يعلم من كلامهم.

ودليل عدم ضمان القائم المعثر به ، أنّ القيام جائز لأنّه من مرافق المشي دون الجلوس فدم الصادم المتعثر هدر ، وهو ضامن للقائم في ماله ، لانه تلف بفعله مع كونه مقصودا في الجملة لا عمدا فيكون شبيه العمد.

وفيه تأمل ، لأن الجلوس أيضا قد يكون من مرافق المشي ، فإنه إذا تعب يجلس ، والقيام قد لا يكون بأن يكون ذلك في طريق ضيّق من غير حاجة لهذا عدّ القيام فيما سبق تفريطا ، فإنه فسّره بالوقوف في المضيّق ، وهو ظاهر.

فالفرق بين الجلوس والقيام ـ بالجواز وعدمه ـ كأنّه مبني على ان القيام جائز والقعود غير جائز.

قوله : «ولو مات المتصادمان إلخ». إذا مات الفارسان الحرّان البالغان العاقلان المتصادمان بالتصادف معا مع فرسيهما ، فمات كل واحد بصدمه وصدم صاحبه ، يضمن (فيضمن ـ خ) كل واحد نصف دم الآخر.

ولما لم يكن عمدا أو كان ذلك ولكن يعذر القصاص ، فعلى كل واحد نصف دية الآخر ونصف فرسه ، فلورثة كل واحد نصف ديته ونصف قيمة فرسه

٢٤٠