مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ممن يحسن ويقدر التكلّم والنطق ببعض الحروف خاصّة ، ولا يقدر على البعض الآخر فيتحمل لزوم كمال الدية ، إلحاقا له بناقص قتله كامل ، وضعيف قتله قويّ ، فإنّه يلزم حينئذ دية النفس تامّة ، وقتل الكامل به إذا كان موجبا للقصاص.

وبالجملة إنّ دية النطق دية كاملة ، سواء كان نطقا كاملا أو ناقصا مثل ان دية النفس دية كاملة ، كاملة كانت أو ناقصة.

وكذا ضعيف القوى ، وقويّها ، فإنّ الأعمش مثل الصحيح ، وكذا الأخفش.

ويحتمل إسقاط ما لم يقدر النطق عليه ، فلا يلزمه الّا ما أذهبه من الحروف التي يقدر عليه ، لأنّ دية النطق موزّعة على الحروف كما تقدم.

فذلك ليس مثل الناقص والكامل ، والضعيف والقوي ، فإنّ دية النفس ليست بموزّعة على أعضائها أو منافعها ، بل هي للنفس أي شي‌ء كانت فالفرق بينهما ظاهر.

وكأنه لذلك قرّبه المصنف ، قال في الشرح : في بعض النسخ : بضعف القوى ، وفي بعضها : بضعيف بياء ، والأمر فيهما متقارب ، والمراد واحد ، وهو الإلحاق بالقوى الضعيفة كالخفش وضعف البطش.

وليس المراد به ، الشخص الضعيف القوى كما توهمه بعضهم ، إذ لا مناسبة بين الشخص وبين الطرف ، لانه لو قتل الأعمى والأصم ، وجب كمال الدية مع نقص بعضه حقيقة وليس كذلك لو قطع لسان الأخرس فإنه لا شي‌ء فيه سوى الثلث إلخ ، فتأمّل فيه.

هذا إذا كان النقص بآفة ، من الله تعالى خلقة أم لا.

واما إذا كان النقص بجناية جان ، فنقصه معتبر ، فيسقط ذلك (المقدار ـ خ) من الدية ويؤخذ الباقي من الجاني.

٤٤١

وفي الصوت الدية وان أبطل حركة اللسان.

وفي الذوق الدية.

وفي منفعة المشي والبطش كمال الدية.

______________________________________________________

وظاهر المتن عدم التردد واحتمال عدم السقوط حينئذ ، والظاهر انه محتمل لجريان دليل الآفة فيه ، فتأمّل.

قوله : «وفي الصوت الدية إلخ». دليل لزوم تمام الدية بإبطال الصوت بالجناية على أيّ وجه كان ، ما في صحيحة يونس : (والصوت كله من الغنن ، والبحح ، ألف دينار) (١).

وفي كتاب ظريف : (والصوت كلّه ألف دينار ، والبحح ألف دينار) (٢).

ثم انه أشار بقوله : (وان أبطل حركة اللسان) إلى عدم تعدّد الدية إذا أبطل الصوت وأبطل معه حركة اللسان أيضا فإنه يحتمل دية أخرى لإبطال حركة اللسان ، قال في القواعد : هل يجب ديتان لو أبطل حركة اللسان مع بطلان الصوت؟ إشكال ينشأ من انهما منفعتان ، ومن ان منفعة الصوت النطق.

قوله : «وفي الذوق ، الدية». لعلّ دليله أنه منفعة اللسان وقد أبطله ، وقد تقرر ان في اللسان دية ودلّ عليه الدليل ، وانه إحدى المنافع كالسمع والشمّ ، ففيه الدية مثلهما.

قوله : «وفي منفعة المشي والبطش كمال الدية». لعل المراد بإبطال البطش تصييره بحيث لا يقدر على شي‌ء ولم يبق فيه قوّة ، فهو مثل بطلان المشي وأكثر.

__________________

(١) الوسائل باب ٣ قطعة من حديث ٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٤.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٣ بقوله : ورواه أيضا بأسانيده الصحيحة إلى كتاب ظريف ج ١٩ ص ٢١٤.

٤٤٢

وفي قوّة الامناء والإحبال الدية.

______________________________________________________

ولعلّ دليلهما يعلم ممّا تقدم فإنهما منفعتان عظيمتان أعظم من بعض ما أوجبوا له الدية مثل بطلان الشم وقطع الأنف وبطلان الجلوس ، ويحتمل ان يكون عليهما دليل خاص أيضا.

قوله : «وفي قوّة الامناء والإحبال ، الدية». لعل دليلهما أيضا يعلم ممّا مرّ مثل سابقتهما ويشعر بالأول ما في رواية سماعة عن أبي عبد الله عليه السّلام : وفي الظهر إذا انكسر حتى لا ينزل صاحبه الماء ، الدية (كاملة ـ ئل) (١).

وما تقدم في رواية إبراهيم بن عمر : (وانقطع جماعه وهو حيّ بستّ يأت) (٢) فتأمّل.

ويشعر بالثاني ما يدل على دية الجنين والنطفة ونحوها ، فتأمّل فيه.

وما في صحيحة سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام : وسألته عن رجل وقع بجارية فأفضاها وكانت إذا نزلت بتلك المنزلة لم تلد؟ قال : الدية (كاملة ـ ئل) (٣) ، فتأمّل فيه ويحتمل ما يختصّ بهما أيضا.

ولكن في صحيحة أبي بصير ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام : ما ترى في رجل ضرب امرأة شابّة على بطنها فعقر رحمها فأفسد طمثها ، وذكرت انها قد ارتفع عنها طمثها لذلك وقد كان طمثها مستقيما؟ قال : ينتظر بها سنة ، فان رجع طمثها الى ما كان والّا استحلفت وغرم ضاربها ثلث ديتها لفساد رحمها وانقطاع طمثها (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٩.

(٢) وعن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه وبصره ولسانه وعقله وفرجه وانقطع إلخ الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٠.

(٣) الوسائل باب ٩ ذيل حديث ١ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٤.

(٤) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٦.

٤٤٣

وفي قوة الإرضاع حكومة.

وفي إبطال الالتذاذ بالجماع والطعام ان أمكن ، الدية.

ولو تعطل المشي بخلل في غير الرّجل فعطل (بحيث عطل ـ خ ل) الرّجل فالأقرب الدية.

______________________________________________________

وهذه ظاهرة في لزوم ثلث الدية بقطع الاحبال ، فتأمّل.

قوله : «وفي قوة الإرضاع حكومة». المراد لزوم الأرش في إبطال القوّة التي بها يصير الغذاء لبنا ويخرج عن الثدي وينتفع به الولد.

لعل دليله انه لا تقدير فيه شرعا ، ففيه الأرش كغيره ، فتأمّل فإنه يفهم الدية في أقل منه ممّا مرّ.

قوله : «وفي إبطال الالتذاذ بالجماع والطعام ان أمكن ، الدية». إذا فرض إمكان ذهاب منفعة اللذة التي في الجماع والطعام فذهب بجناية جان يلزمه الدية ، وتقريبه ما تقدم.

ويحتمل الأرش إذ لا تقدير في الشرع ، ويحتمل وجوده.

ثم انه يحتمل إرادة الدية في المجموع.

والظاهر في كل واحد ، بل ذهاب لذّة الطعام عبارة عن ذهاب الذوق ، وقد تقدم.

قوله : «ولو تعطل المشي إلخ». إذا تعطل المشي بجناية ، على غير الرجل أو بغير جناية فتعطل الرجلان ، وبالجملة إذا قطعت الرجلان بعد ان صار بحيث لم يقدر على المشي بهما من غير قصور فيهما وفي قوتهما قطعا ، وهو المراد بقوله : (فعطل الرجل) ، هل في قطعهما حينئذ دية كاملة أم لا؟ يحتمل ذلك ، وهو الأقرب عند المصنف رحمه الله هنا ، لأنّه قد ثبت في الرجلين الدية ، وهما كانتا هنا موجودتين فقطعتا فيلزم ديتهما كما في غير هذه الصورة.

٤٤٤

وفي سلس البول الدية (فالدية ـ خ ل) ، وقيل : ان دام إلى الليل الدية وإلى الظهر النصف وإلى ارتفاع النهار الثلث.

______________________________________________________

ولأنهما سليمتان وانما المفقود المشي ، وذلك غير الرجلين ، بل ولا منفعتهما أيضا ففقده ووجوده لا مدخل له فيهما.

ويحتمل ثلث الدية ، لأن المشي منفعة الرجلين ولم تكن فصارتا كذكر العنّين والعضو الأشل ، ففيهما ثلث الصحيح ، ويؤيّده أصل البراءة.

ودليل الدية الكاملة في الرجلين يرجح الأول ، فإنه لا قيد فيه بوجود المشي وعدمه ، وان المشي ليس من لوازم منفعة الرجلين ، وان ذهابه ليس مثل شللهما ، فتأمّل.

قوله : «وفي سلس البول ، الدية إلخ». لعلّ دليل تمام الدية في سلس البول إنه إبطال منفعة عظيمة فيكون فيهما ، الدية ، إذ كان في انقص منها الدية ، وهو ظاهر ورواية غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السّلام ان عليّا عليه السّلام قضى في رجل ضرب حتى سلس بوله (ببوله ـ ئل) ، بالدية كاملة (١).

هذه نصّ في الباب الّا ان الغياث بتريّ.

وفي صحيحة سليمان بن خالد ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن رجل كسر بعصوصه (٢) فلم يملك استه فما فيه من الدية؟ فقال : الدية كاملة (٣).

وفي الصحيح ، عن إسحاق بن عمّار ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في الرجل يضرب على عجانه (٤) فلا يستمسك غائطه ولا بوله ان في ذلك ، الدية كاملة (٥).

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ٤ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٥.

(٢) كعصفور ، عظم الورك وعظم دقيق حول الدبر وهو العصعص (مجمع البحرين).

(٣) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٤.

(٤) ما بين الخصية إلى حلقة الدبر (عن الصحاح).

(٥) الوسائل باب ٩ حديث ٢ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٤.

٤٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ولكنهما ليستا ظاهرتين في البول وحده ، ودليل (قيل) غير ظاهر ، إذ ما رأيت غير ما ذكرت.

وغير رواية صالح بن عقبة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سأله رجل وانا عنده ، عن رجل ضرب رجلا فقطع بوله فقال له : ان كان البول يمرّ إلى الليل فعليه الدية ، لأنه قد منعه المعيشة ، وان كان إلى آخر النهار فعليه الدية ، وان كان إلى نصف النهار ، فعليه ثلثا الدية وان كان إلى ارتفاع النهار فعليه ثلث الدية (١).

وهي لم تصلح دليلا له لقوله : (ثلثا الدية) ، وذكر هو (النصف) وان كان النصف انسب بالنسبة إلى قوله : (ان كان يمرّ إلى الليل فعليه الدية).

وأيضا فيه (إلى آخر النهار) كأنه بيان (إلى الليل).

ويمكن الفرق بإدخال الليل في الأول.

وأيضا سنده كما ترى فان (صالح) قيل : كذّاب وضاع غال ، وفي (إسحاق) قول.

وكأنه لذلك عبّر في بعض الكتب بمضمون الرواية بقولهم : (روى) إشارة إلى ضعفها وعدم القول بها.

فيحتمل ان يكون صاحب القيل حمل (ثلثا) (٢) على انه غلط من الناسخ ، والصحيح نصف الدية بقرينة (الدية) إلى الليل.

ثم انه في حواشي ع ل (٣) : (وما ذكره المصنف هنا من النصف غريب ،

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ٣ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٨٤.

(٢) يعني في قوله عليه السّلام : (فعليه ثلث الدية).

(٣) يعني الشيخ علي بن عبد العالي الكركي في حواشي الإرشاد.

٤٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والعمل بالرواية مشهور بين الأصحاب ، فلا يضرّ ضعف اسنادها).

وفيه تأمّل ، لما مرّ ولأنه قال في الشرح : والصدوق ذكرها بصيغة الرواية ، وكذا المحقق والمصنف في التحرير ، نعم نقل عن الشيخ في النهاية واتباعه وابن إدريس ونجيب الدين ، القول بمضمون الرواية ، فالعمل بمثلها بمجرد قول هؤلاء الجماعة وجعله مشهورا ، مشكل.

ثم قال في الشرح : الظاهر أن المراد في كلّ يوم ، ووجهه ليتحقق فوت المعيشة ، ونقل عن التحرير تضعيف الرواية ، وقال أيضا : ذكر المصنف هنا وفي القواعد غريب والمشهور الثلثان ، فتأمّل.

٤٤٧

المقصد السّادس

في دية الشجاج

في الحارصة ـ وهي الّتي تقشّر الجلد ـ بعير.

وفي الدامية ـ وهي الآخذة في اللّحم يسيرا ـ بعيران.

وفي الباضعة وهي النافذة في اللحم ـ ثلاثة وفي السمحاق ـ وهي البالغة إلى الجلد الرقيق على العظم ـ أربعة وفي الموضحة ـ وهي

______________________________________________________

قوله : «في الحارصة وهي التي إلخ». ثبوت بعير في الحارصة واثنين في الدامية ، هو المشهور.

ودليله رواية منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في الحرصة (الخرصة ـ يب ئل) شبه الخدش بعير ، وفي الدامية بعيران ، وفي الباضعة ـ وهي ما دون السمحاق ـ ثلاث من الإبل وفي السمحاق ـ وهي دون الموضحة ـ أربع من الإبل ، وفي الموضحة خمس من الإبل (١) وفيها بعض (٢) الاشتراك وان أمكن دفعه.

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١٤ من أبواب ديات الشجاج والجراح ج ١٩ ص ٢٩٣.

(٢) الظاهر اشتراك الحسن بن علي بين جماعة بعضهم موثق وبعضهم غير موثق لكن الظاهر بقرينة روايته عن ظريف الذي هو ظريف بن ناصح هو كون المراد هنا الحسن بن علي بن فضال الثقة وان كان معروفا بالفطحيّة ، والله العالم.

٤٤٨

التي تكشف هذه الجلدة عن العظم ـ خمسة.

______________________________________________________

ويدل على كون بعير واحد للدامية ، رواية مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام قضى رسول الله صلّى الله عليه وآله في المأمومة ثلث الدية وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل ، وفي الموضحة خمس (خمسا ـ ئل) من الإبل وفي الدامية بعير (بعيرا ـ ئل) ، وفي الباضعة بعيران (بعيرين ـ ئل) ، وقضى في المتلاحمة ثلاثة أبعرة ، وقضى في السمحاق أربعا (أربعة ـ ئل) من الإبل (١).

وكذا رواية السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ان رسول الله صلّى الله عليه وآله قضى في الدامية بعيرا ، وفي الباضعة بعيرين ، وفي المتلاحمة ثلاثة أبعرة ، وفي السمحاق أربعة أبعرة (٢).

والأصل يؤيّده مع تعدد الروايتين وان كانتا ضعيفتين أيضا.

وحينئذ يحتمل عدم ثبوت الحارصة ، والحكومة.

ويحتمل البعير الواحد فيها أيضا كما يظهر من الشرائع ، قال : أمّا الحارصة فهي التي تقشر الجلد ، وفيها بعير ، وهل هي الدامية؟ قال الشيخ : نعم ، والرواية ضعيفة ـ ، والأكثرون على ان الدامية غيرها (٣).

والذي يناسب دليل الشيخ وتفسير الدامية عدم بعير في الحارصة التي تقشر الجلد من غير جريان الدم.

قال في شرح الشرائع : اختلف الفقهاء في الحارصة ، والدامية هل هما مترادفان أم مختلفان؟ فذهب الشيخ وجماعة إلى الأوّل لرواية مسمع ، ونقل

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ٦ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩١.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ٨ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩٢.

(٣) إلى هنا عبارة الشرائع.

٤٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الروايتين (١) ثم قال : وذهب الأكثر (إلى قوله) : إلى الثاني إلخ.

وأنت تعلم ان لا دلالة في الروايتين على الاتحاد ، بل لا ذكر للحارصة في الروايات ، على ما رأيته ، نعم هما يدلان على البعير الواحد للدامية وان ثبت ان في الحارصة أيضا بعير لزم اتحادهما في الحكم لا الترادف ، ولكن ما رأيت شيئا إلّا رواية منصور وقد عرفتها.

وان القول بها يستلزم الفرق ، والقول بعضها دون بعض غير جيّد.

وبالجملة ان كان دليل آخر لبعير للحارصة ، واثنين للدامية ، فهو المتبع ، والّا فالظاهر عدمه في الحارصة ، وواحد في الدامية ، وهو واضح.

ويمكن الجمع بينها بحمل الزائد على الاستحباب ، فتأمّل.

وقد علم من دليلهما أيضا ، المخالفة في الباضعة ، فان روايتي مسمع ، والسكوني تدلان على بعيرين في الباضعة ، ورواية منصور على الثلاثة.

وكذا رواية زرارة ، وسندها أجود منها ، إذ ليس في طريقها من فيها شي‌ء إلّا القاسم بن عروة وابن بكير (٢) ، والأول ممدوح في كتاب رجال ابن داود ، وفيه تأمّل ، والثاني ادعى الإجماع على توثيقه.

عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : في الموضحة خمس من الإبل ، وفي السمحاق اربع من الإبل ، (وفي) الباضعة ثلاث من الإبل ، وفي المأمومة ثلاث وثلاثون من الإبل ، وفي الجائفة ثلاث وثلاثون من الإبل ، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل (٣).

__________________

(١) يعني نقل شارح الشرائع رواية مسمع التي تقدمت آنفا ورواية السكوني.

(٢) فان سندها كما في التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن عروة ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام إلخ.

(٣) الوسائل باب ٢ حديث ١١ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩٢.

٤٥٠

وفي الهاشمة ـ وهي التي تهشم العظم ـ عشرة أرباعا أو أثلاثا في الخطأ وشبهه.

______________________________________________________

وكذا حسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : في الموضحة خمس من الإبل ، وفي السمحاق اربع من الإبل ، وفي الباضعة ثلاث من الإبل والمنقلة خمس عشرة من الإبل وفي المأمومة ثلاث وثلاثون من الإبل (١).

وكأنه لذلك رجحوا رواية منصور عليهما فتأمّل.

قوله : «وفي الهاشمة وهي التي إلخ». دية الهاشمة ـ أي التي تكسر العظم ، سواء أوضحه وسمحقه أم لا ـ عشرة من الإبل من أربعة أنواعه في الخطأ المحض ، بنتا مخاض وابنا لبون ، وثلاث بنات لبون ، وثلاث حقق ، بناء على ما تقدم من تربيع دية النفس خطأ على ما في صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة (٢) ، فإنه كانت فيها عشرون بنت مخاض ، وعشرون ابن لبون ، وثلاثون بنت لبون ، وثلاثون حقة ، وعلى الرواية الأخرى (٣) خمسة وعشرون بنت مخاض ، وخمسة وعشرون بنت لبون ، وخمسة وعشرون حقة ، وخمسة وعشرون جذعة ، يكون هنا بنتا مخاض ونصف ، ومثله بنت لبون ، ومثله حقّة ، ومثله جذعة ، فتأمّل.

وفي شبيه الخطإ أيضا عشرة من الإبل لكن من ثلاث أنواع من الإبل ، قياسا على الرواية الصحيحة في دية النفس أربعون خلفة بين ثنية إلى بازل عامها ، وثلاثون حقّة ، وثلاثون بنت لبون ، يكون هناك اربع خلفات ، وثلاث حقق ، وثلاث بنات لبون.

لكن القياس غير ظاهر ، وعلى تقديره تخصيصه بالهاشمة غير ظاهر.

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ٤ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩١ وزاد : والجائفة ثلاث وثلاثون من الإبل نقلا من الكافي.

(٢) لاحظ الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٦ مع تقديم وتأخير.

(٣) لاحظ الوسائل باب ١ حديث ١٣ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٥ مع تقديم وتأخير.

٤٥١

وفي المنقلة ـ وهي المحوجة إلى نقل العظم ـ خمسة عشر بعيرا.

وفي المأمومة ـ وهي البالغة أمّ الرأس ، وهي الخريطة الجامعة

______________________________________________________

وكذا التفاوت بين خطأها وشبهه (شبيهه ـ خ) ، وبين عمدها مع عدمه أصلا في غيرها.

وفي دليله تأمل ، فإن الرواية الدالّة عليه ليس فيها هذا التفصيل وهي :

رواية إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ان أمير المؤمنين (عليا ـ ئل) عليه السّلام قضى في الهاشمة بعشر (بعشرين ـ خ ل ئل) من الإبل (١).

مع ما ترى في سندها ، لعلّ لهم دليلا غير ما رأيته.

قوله : «وفي المنقلة وهي المحوجة إلخ». المنقلة هي التي تنقل العظم من موضعه الذي خلقه الله فيه إلى موضع آخر كما هو الظاهر منها ، وقد فسّرت به في الكافي وغيره فالتفسير بالمحوج إلى النقل ، غير ظاهر.

دليل كون ديتها خمس عشرة بعيرا ، ما في رواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام : وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل ، وهي التي قد صارت قرحة تنقل منها العظام (٢) وفي أخرى له عنه عليه السّلام : وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل (٣).

ومثل ما تقدم في رواية مسمع ، وزرارة ، وحسنة الحلبي : والمنقلة خمس عشرة من الإبل (٤).

ودليل ثلث الدية في المأمومة رواية مسمع : (وفي المأمور ثلث الدية) (٥).

وفي رواية أبي بصير : وفي المأمومة ثلث الدية ، وهي التي قد نفذت ولم تصل

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٢ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩٠.

(٢) الوسائل باب ٢ ذيل حديث ٩ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩٢.

(٣) الوسائل باب ٢ قطعة من حديث ١٠ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩٢.

(٤) تقدم ذكر مواضعها آنفا فلاحظ.

(٥) الوسائل باب ٢ صدر حديث ٦ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩١.

٤٥٢

للدماغ ـ ثلث الدية.

______________________________________________________

إلى الجوف فهي فيما بينهما (١).

وفي الأخرى له عنه عليه السّلام : وفي المأمومة ثلث الدية (٢).

وصحيحة معاوية بن وهب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الشجة المأمومة؟ قال : ثلث الدية ، والشجة الجائفة ثلث الدية (٣).

وفي حسنة الحلبي المتقدمة : والمأمومة ثلاث وثلاثون (٤).

وفي رواية زرارة : وفي المأمومة ثلاث وثلاثون من الإبل (٥).

ولكن ينبغي زيادة ثلث على ثلاث وثلاثين في جميع ما ورد فيه ذلك ، وخصوصا فيما إذا فسّر ثلث الدية به كالجائفة ، لأن ذلك هو ثلث الدية وكأن بكل منهما قائلا ولعلّ في الرواية سقط من قلم الناسخ لتوهم التكرار أو أراد إطلاق الثلث على الأكثر وما اعتبر ثلث بعير لعدم تشطير فكأنه ثلث صحيح من الأبعرة أو الدينار بحيث يأخذ من الصحاح صحيحا لا الكسور أو حذفه اقتصارا على العمدة ويكون مرادا.

ويؤيّد الأوّل كثرة الأخبار ، والاحتياط.

ويؤيد الثاني البيان ، وتفسير ثلث الدية بثلاث وثلاثين في بعض الأخبار مثل خبر الجائفة وكأنّ بكل منهما قائلا.

وعبارة الشرائع : (وفي المأمومة ثلث الدية ، ثلاث وثلاثون بعيرا).

وهي كالصريحة في عدم إرادة الحقيقة ، بل المجاز من الثلث.

__________________

(١) الوسائل باب ٢ قطعة من حديث ٩ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩٢.

(٢) الوسائل باب ٢ قطعة من حديث ١٠ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩٢.

(٣) الوسائل باب ٢ صدر حديث ١٢ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩٣.

(٤) الوسائل باب ٢ حديث ١٤ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩١.

(٥) الوسائل باب ٢ حديث ١١ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩٢.

٤٥٣

وفي النافذة في الأنف ثلث الدية ، فإن برئت فالخمس ، وان كان في أحد المنخرين فنصف ذلك.

وفي شق الشفتين حتى تبدو الأسنان ثلث ديتهما فإن برئت

______________________________________________________

ولو كان البيان في رواية صحيحة أو حسنة كان القول به متعينا لتقديم المبيّن على المجمل ، وهو ظاهر على تقدير ثبوت صحّة النسخ وعدم غلط من الناسخ ، فتأمّل.

وفي كتاب ظريف : (وان كانت ثاقبة في الرأس فتلك تسمى المأمومة وفيها ثلث الدية ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون وثلث دينار) (١).

وعلى تقدير صحّته يدلّ على ارادة الثلث في غيره أيضا ، والحمل على الثلث صحيح (الصحيح ـ خ) كما هو الظاهر بل الصريح ، فالذهاب إلى الأحوط متعيّن.

قوله : «وفي النافذة في الأنف إلخ». دليله رواية مسمع ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في النافذة (النافلة ـ ئل) تكون في العضو ثلث (الدية ـ خ) دية ذلك العضو (٢).

وما في رواية كتاب ظريف : (وان نفذت فيه نافذة لا تنسدّ) بسهم أو برمح ، فديته ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار ، وان كانت نافذة فبرئت والتأمت فديتها خمس دية روثة الأنف مائة دينار ، فما أصيب (منه ـ ئل) فعلى حساب ذلك ، فان كانت النافذة في إحدى المنخرين إلى الخيشوم ، وهو الحاجز بين المنخرين فديتها عشر دية روثة الأنف خمسون دينارا ، لأنه النصف والحاجز بين المنخرين خمسون دينارا (٣).

وكذا دليل ثلث دية الشفتين وهي دية النفس في شقهما معا مع عدم البرء

__________________

(١) الوسائل باب ٦ ذيل حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٢٣ منقول بالمعنى.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ٧ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩١.

(٣) الوسائل باب ٤ قطعة من حديث ١ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٢١ والحديث مطابق كما في التهذيب دون الكافي والوسائل.

٤٥٤

فالخمس وان كان في إحداهما فنصف ذلك.

______________________________________________________

والالتئام وان برئت فخمس ذلك ، وفي شق كل واحدة نصف ذلك ، ومع عدم البرء السدس ، ومعه العشر.

وما يفهم من رواية كتاب ظريف : (وإذا قطعت الشفة العليا واستوصلت فديتها نصف الدية خمسمائة دينار فما قطع منها وبحساب ذلك ، فان انشقت فبدئ منها الأسنان ثم دوويت فبرئت والتأمت ، فديتها جرحها ، والحكومة فيه خمس دية الشفة مائة دينار ، وما قطع منها فبحساب ذلك ، وان شترت وشينت شينا قبيحا ، فديتها مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار ، وهذه ثلث دية الشفة العليا ، وهي نصف الدية (١) ـ أي دية النفس.

وعلى تقدير كون دية الشفة السفلى مثل العليا يكون شقها مثل شقها ، ففي كلتا الشفتين ضعف ذلك ، وهو ثلث ديتها ـ دية النفس ـ وهي ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار.

وعلى تقدير كون دية الشفة السفلى ثلث الدية مع كون العليا نصف الدية ـ كما يفهم من رواية كتاب ظريف ـ لم يكن كذلك بل كما ذكر فيه قال فيها :

ودية الشفة السفلى إذا (قطعت ـ خ) واستوصلت ثلثا الدية (كملا ـ خ) ستمائة وست وستون دينارا وثلثا دينار ، فما قطع منها فبحساب ذلك ، وان انشقت حتى تبدو منها الأسنان ثم برئت والتأمت ، مائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا ، وثلث

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٢١ ، وحيث ان المنقول هنا مختلف مع المنقول في الوسائل فالأنسب نقل ما في الوسائل أيضا قال : وإذا قطعت الشفة العليا واستوصلت فديتها خمسمائة دينار ، فما قطع منها فبحساب ذلك ، فإن (فإذا ـ يب) انشقت حتى تبدو منها الأسنان ثم دوويت وبرئت والتأمت فديتها مائة دينار فذلك خمس دية الشفة إذا قطعت واستوصلت وما قطع منها فبحساب ذلك وان شترت فشيّنت شينا قبيحا فديتها مائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار ، ودية الشفة السفلى الى آخر ما يأتي من الشارح قدّس سرّه عن قريب.

٤٥٥

وفي الجائفة ـ وهي البالغة إلى الجوف من ايّ الجهات ولو من ثغرة النحر ـ ثلث الدية.

ولو جرح في عضو وأجاف لزمه ديتان (الديتان ـ خ ل).

______________________________________________________

دينار وان أصيبت فشينت شينا فاحشا (قبيحا ـ يب ـ ئل) فديتها ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار ، وذلك ثلث (نصف ـ يب ـ ئل) ديتها ، قال : وسألت أبا جعفر (عبد الله ـ يب ـ ئل) عليه السّلام عن ذلك فقال : بلغنا أن أمير المؤمنين عليه السّلام فضّلها ، لأنها تمسك الطعام والماء مع الأسنان ، فلذلك فضّلها في حكومته (١)

فعلى هذا يلزم ان يكون دية المجموع دية وسدس دية ، ويلزم في شقهما (شقها ـ خ) مع ذلك ثلث ذلك مع عدم البرء ، وهي ثلث دية وثلث سدسها ، ومع البرء خمسها ، وهو خمس الدية ، وخمس سدسها ، فجعل الحكم كما ذكره في المتن بناء على رواية ظريف ، مشكل ، فانّ البناء يقتضي ما ذكرناه أخيرا ، فتأمّل.

قوله : «وفي الجائفة إلخ». لعلّ الجائفة ليست بمخصوصة بالرأس والوجه ، بل ظاهر المتن ـ كالقواعد ـ أنها في غير الرأس والوجه ولهذا قال : (وهي البالغة إلى الجوف) أي جوف الإنسان ، وهو داخل بطنه من أيّ الجهات كان ، سواء كان من بطنه ، أو صدره ، أو ظهره ، أو جنبه ، أو من ثغرة النحر ، وهي بالضم ، النقرة التي هي بين الترقوتين.

ولو جرح عضوا جرحا موجبا لدية لذلك الجرح فاجاف أي أوصل ذلك الجرح إلى جوف المجروح مثل ان يشق كتفه حتى يحاذي جنبه ثم أدخله في جوفه فعليه دية الجرح والإيجاف ، وهو ظاهر.

واما دليل كون الإيجاف موجبا لثلث الدية فهو مثل ما مرّ في صحيحة

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٢١.

٤٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

معاوية : (والشجة الجائفة ثلث الدية) (١).

ورواية المفضل بن صالح ، وزيد الشحام ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الشجة المأمومة؟ فقال : فيها ثلث الدية وفي الجائفة ثلث الدية وفي الموضحة خمس من الإبل (٢).

وفي رواية أبي بصير : (وفي الجائفة ثلث الدية ثلاثة وثلاثون من الإبل) (٣).

ويحتمل ان يكون المراد جوف الرأس ، وان يصل إلى أمّ الرأس وأجافه فيكون فيها تمام الدية ان قتلت ، وان لم تكن قاتلة يكون ثلث الدية مثل المأمومة ، فلا فرق في الرأس بينهما كما فهم من الروايات ، فان الظاهر انها في الرأس أيضا ، ويحتمل الأعم ، فتأمّل.

والمصنف هنا ذكر الشجاج المخصوصة بالرأس والوجه ثمانية ، وكذا في القواعد الّا انه ترك هنا المتلاحمة ، وفي القواعد الباضعة ، فرأى اتحادهما.

قال فيه : الثالث المتلاحمة وهي التي أخذت في اللحم وتنفذ فيه كثيرا الّا انها نقصت عن السمحاق وفيها ثلاث أبعرة وهي الباضعة أيضا.

ومن جعل الدامية هي الحارصة حكم بتغاير الباضعة والمتلاحمة.

وهما مع الدامية ـ دون الحارصة ـ موجودة في روايتي مسمع والسكوني المتقدمتين (٤).

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ٢ حديث ١٢ من أبواب ديات الشجاج والجراح ج ١٩ ص ٢٩٣.

(٢) لاحظ الوسائل باب ٢ حديث ٥ من أبواب ديات الشجاج والجراح ج ١٩ ص ٢٩١ وفيه المفصل بن صالح عن زيد الشحام.

(٣) الوسائل باب ٢ حديث ١٠ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩٢.

(٤) راجع الوسائل باب ٢ حديث ٦ ـ ٨ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩٣.

٤٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ومعنى الحارصة والدامية والباضعة دون المتلاحمة موجود في رواية المنصور ، المتقدمة (١) ، فتأمّل.

ويدل على عموم كون هذه الجراحات في الرأس والوجه ، انه من الرأس ، في بعض الإطلاقات.

ويدل عليه أيضا وعلى اختصاصها بهما ، رواية الحسن بن صالح الغوري ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن الموضحة في الرأس كما هي في الوجه؟ فقال : الموضحة والشجاج في الوجه والرأس سواء في الدية لأن الوجه من الرأس وليست الجراحات في الجسد كما هي في الرأس (٢).

ولعله موجود في اللغة أيضا ، قال في القواعد : الشجة هي الجرح المختصّ بالرأس أو الوجه وأقسامها ثمانية ، وذكرها كلّها مع تفسيرها.

ولعلّ التفسير أيضا على الوجوه موجود في اللّغة وموجود في الكافي أيضا قال فيه : باب تفسير الجراحات والشجاج أوّلها تسمّى الحارصة ، وهي التي تخدش ولا يجرى الدم ، ثم الدامية ، وهي التي يسيل منها الدم ، ثم الباضعة ، وهي التي تبضع اللحم وتقطعه ثم المتلاحمة ، وهي التي تبلغ في اللحم ، ثم السمحاق ، وهي التي تبلغ العظم ، والسمحاق جلدة رقيقة على العظم ، ثم الموضحة ، وهي التي توضح العظم ، ثم الهاشمة ، وهي التي تهشم العظم ، ثم المنقلة ، وهي التي تنقل العظام من الموضع الّذي خلقه الله ، ثم الآمّة والمأمومة ، وهي التي تبلغ أمّ الدماغ ، ثم الجائفة ، وهي التي تصير في جوف الدماغ (٣).

فالظاهر من الجائفة في الرواية ، هذه فتكون مخصوصة بالرأس كغيرها.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٢ حديث ١٤ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩٣.

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩٦.

(٣) فروع الكافي ج ٧ ص ٣٢٩ باب تفسير الجراحات والشجاج من كتاب الديات.

٤٥٨

وفي النافذة في أحد أطراف الرّجل مائة دينار.

وفي احمرار الوجه باللطم دينار ونصف ، وفي اخضراره ثلاثة ، وفي الاسوداد ستّة.

______________________________________________________

ويظهر من المتن وغيره غير ذلك.

ويمكن جعلها اعلم ، قال في الفقيه : في الجائفة ، وهي التي تبلغ في الجسد الجوف ، وفي الرأس الدماغ ، فتأمّل.

ثم انه ينبغي ان يكون لمثل هذه الجراحات في البدن ، الأرش ، فتأمّل.

قوله : «وفي النافذة في أحد إلخ». دليل مائة دينار في النافذة في طرف من أطراف الرجل ، ما في صحيحة يونس ، وحسنة ابن فضال ، قال : عرضت كتاب علي عليه السّلام على أبي الحسن عليه السّلام ، فقال : هو صحيح ، وهو أفتى في النافذة إذا نفذت من رمح أو خنجر أو شي‌ء من الرجل في أطرافه فديتها عشر دية الرجل مائة دينار.

وفي كتاب ظريف أيضا مثله ، وليس فيه فقط حتى يردّ بالضعف كما مرّ مرارا وقال في شرح الشرائع : ان المصنف تارة يقبل ما فيه ، وتارة يردّه ، وتارة يتردد.

على انك قد عرفت أنّه صحيح أيضا ، ولكن فيه اشكال من حيث عموم الأطراف فيمكن تخصيصها بما فيه الدية أو نصفها ، فان غير ذلك لا يقال له : الطرف.

ثم الظاهر ان ذلك في المرأة موجبة للحكومة ، لا عشر ديتها ، للأصل وعدم الدليل ، وبطلان القياس.

قوله : «وفي احمرار الوجه إلخ». لعلّ دليله صحيحة إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في اللطمة يسودّ أثرها في الوجه ان أرشها ستة دنانير ، فان لم يسودّ واخضارّت (اخضرّت ـ خ) ، فإن

٤٥٩

فإن كان في البدن فالنصف.

ولو أوضح اثنين فديتان.

فإن أوصلهما الجاني أو سرتا واتحدتا فواحدة.

______________________________________________________

أرشها ثلاثة دنانير ، فان احمارّت ولم تخضر (١) فإن أرشها دينار ونصف دينار (٢) قال : واما ما كان من جراحات الجسد ، فان فيها القصاص الّا ان يصل المجروح دية الجراحات فيعطاها ، فتأمّل فيها.

واما قوله : (فان كان في البدن فالنصف) فدليله غير ظاهر وكأنه لذلك أسنده في الشرائع إلى جماعة ، ومقتضى القواعد الحكومة ، فتأمّل.

قوله : «ولو أوضح اثنين إلخ». دليل لزوم ديتي موضحتين على شخص فعلهما على شخص ، ظاهر من دليل دية الموضحة ، فإن كلّ واحدة موجبة لديتها فيلزمها فاعلها.

هذا ان لم يوصل بينهما.

فإن أوصلهما فعند المصنف هنا دية موضحة واحدة ، لأن المجموع موضحة واحدة.

وهو غير ظاهر بل الظاهر ثلاث ديات ، فان الأولتين موضحتان ورفع الفصل واتصالهما ، جراحة أخرى ، فلها ديتها ، فان كانت موضحة فدية موضحة أخرى والّا فغير ذلك على حسب ما اقتضاه فالحكم المذكور مشكل كما استشكله في القواعد.

وكذا يشكل دية واحدة للموضحتين على تقدير ان سرتا واتحدتا كما استشكله في شرح الشرائع ، فإنهما كانتا اثنتين ، فالسراية التي زيادة جرح مضمونة

__________________

(١) لم تخضار ـ خ ئل.

(٢) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب ديات الشجاج ج ١٩ ص ٢٩٥.

٤٦٠