مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٠

ولا يضمن العاقلة جناية بهيمة ولا إتلاف مال وان كان المتلف صبيّا أو مجنونا.

ولو رمى طائرا ذميّا ثمّ أسلم فقتل السهم مسلما لم يعقل عصبته المسلمون ، لأنّه حال الرّمي ذمّي ، ولا الكفّار لتجدّد إسلامه فيضمن الدية في ماله ولو رمى طائرا مسلما ثم ارتد ثم أصاب مسلما لم يعقل عصبته المسلمون على اشكال ولا الكفار.

______________________________________________________

فإنه يبعد ان يصير قتله ولده سببا لتحصيل مال له من قبله ، والعقل يستقبح ان يقتل ولده ويأخذ ممّن لا جناية له أصلا ، مالا لتلك الجناية ، وهو ظاهر ، ويحتمل النص أيضا ، فتأمّل.

قوله : «ولا يضمن العاقلة إلخ». أي ضمان العاقلة مخصوص بجناية القريب على الإنسان نفسا أو طرفا ، فلو أتلف قريب جماعة حيوانا أو مالا غير ذلك ، لم يضمن ذلك إلّا الجاني في ماله ، ولا يضمن العاقلة أصلا سواء كان المتلف كبيرا أو طفلا ، عاقلا أو مجنونا ، للقاعدة المتقدمة.

قوله : «ولو رمى طائرا إلخ». إذا رمى ذمّي طائرا فأسلم بعد الرمي قبل ان يصيب السهم ، فأصاب السهم ـ بعد ذلك ـ مسلما فقتله حال كون الرامي مسلما ، لم يضمن عصبته المسلمون ، لانه حال الرمي كان ذميّا ، فابتدأ صدور ما يجني ممّا لا تضمنه العاقلة.

ولا يضمنه عاقلته الكفار ، أيضا وهو ظاهر ، لان حال كفرهم ليسوا بضامنين فان الذمّي لا يعقله ورثته الكفار ، بل خطأه في ماله ، وان لم يكن فعلى الامام عليه السّلام كما مرّ.

ولا حال إسلامهم فإنّهم ليسوا بورثته ، فان الكفار ليسوا بورثته ، فان الكفار لا يرثون المسلم ، فلا يضمنون جريرته ولا يعقلونه ، فإن العاقلة هم الورثة كما مرّ

٣٠١

والشركاء في عتق عبد واحد كالواحد يلزمهم نصف دينار فان مات أحدهم لم يضمن عصبته أكثر من حصته.

______________________________________________________

فيضمن هو الدية على تقدير عدم المال له كما يعقله حال كونه ذمّيا ولأنّه عليه السّلام عاقلة من لا عاقلة له ولا يبطل دم امرئ مسلم فيؤخذ من بيت المال ، الله يعلم.

اما لو رمى طائرا حال كونه مسلما ثم ارتد فأصاب سهمه حينئذ مسلما فقتله حينئذ ، ففي ضمان عصبته المسلمين له اشكال.

وجهه انه انما فعل حال ردّته ، والمسلم لا يكون عاقلة الكافر ولا يكفي إسلامه حال الرمي فقط ، فإن الإصابة والقتل انما كان حال الردّة ، وان المسلمين يرثونه وقد كان حال الرمي مسلما فكأنه القاتل حينئذ ، فإن السهم بعد خروجه لا يبقى للرامي اختيار ، فكأنه قتل حين إسلامه ، فتأمّل.

واما ورثته الكفّار فلا يضمنونه ، إذ لم يرثوه.

قال في الشرح : والحق أنّ مبنى هذه المسألة على أنّ المرتد هل يعقله المسلم أو لا؟ فان قلنا به فهنا أولى لأنّه ابتداء الجناية كان مسلما.

وان قلنا بعدمه ، احتمل هنا ، العقل نظرا إلى ابتداء الجناية ، وعدمه نظرا إلى حال الإصابة (١).

وأنت تعلم انه ليس مبناها كما يظهر من تقريره أيضا ، مع ان أمثال هذا البناء لا يحصل له ثمرة ، لأنه ينبغي تحقيق المبنى ، كأنه حقّقه ، فتأمّل.

قوله : «والشركاء في عتق عبد واحد إلخ». وجه لزوم الشركاء في عتق عبد نصف دينار من دية مقتول المعتق خطأ ان المعتق الواحد (له ـ خ) عليه ذلك وهم بمنزلته ، فإنه لتمامه فهم المعتق (٢) ، وانما عليه ذلك ، فيكون عليهم ذلك

__________________

(١) إلى هنا عبارة الشرح.

(٢) هكذا في النسخ كلها ، ولعل الصواب (المعتقون) بدل (المعتق).

٣٠٢

والمتولد بين عتيقين ليعقله مولى الأب ، فإن كان الأب رقيقا عقله مولى الأم ، فإن أعتق الأب انجرّ الولاء ، فان جنى الولد قبل جرّ الولاء فأرش الجناية على مولى الام ، والزائد بالسّراية بعد الانجرار على الجاني ، لأنّه نتيجة جناية قبل الجرّ فلا يحمله مولى الأب ، وحصل بعد الجرّ فلا يحمله مولى الام ، وهو بين موال فلا يحمله الامام.

______________________________________________________

ولا فرق في ذلك بين الاثنين وما فوقهما.

وهو ظاهر على القول بأن على كل عاقلة الغني نصف دينار وعلى الفقير ربعه ونفرض كونهم أغنياء والّا يكون عليهم ربعه.

وعلى القول بأنه بما يراه الامام عليه السّلام ما يراه.

وعلى ما قلناه من الاحتمال فالكل عليهم ، لأن الدية على العاقلة بتمامها ، وهم العاقلة فقط.

وجه ظهور انه ان مات احد الشركاء يلزم جميع عصبته ما يلزم الميّت ـ وهو ربع دينار أو ثمنه على الأول ، وعلى الثاني ما يراه الامام عليه السّلام ـ ظاهر.

قوله : «والمتولد بين عتيقين إلخ». إذا حصل من العتيقين (المعتقين ـ خ) اللذين يعقلهما مولاهما وله عاقلة ومولاه ، مولى أبيه لا مولى امّه ، لما مرّ في الإرث انه المولى ، والوارث مع اجتماعهما.

ولو لم يكونا معتقين ، بل الام معتقة ، والأب رقّ ، فالمولى والعاقلة هو مولى الأم ، إذ لا مولى غيره فان انعتق بعد ذلك أبوه بحيث يكون له الولاء على الأب ينجرّ ولاؤه من مولى الأم إلى مولى الأب ، فأرش جنايته قبل عتق الأب على مولى الأم ، لأنه العاقلة لا غير وبعد ذلك فأرشه على مولى الأب فإنه المولى والعاقلة بالجرّ ، كل ذلك قد ثبت عندهم وقد مرّ ، وبالجملة ، حكمهم حكم الوارث ، فإن العاقلة هو الوارث.

٣٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

واما وجه (١) أن أرش ما زاد في الجناية بعد الجرّ ، على الجاني في ماله ـ مثل ان كانت الام معتقة والأب رقا فحصل منها ولد وجنى بان قطع إصبعا خطأ ثم انعتق الأب فجرّ الولاء إليه ثم سرت تلك الجناية إلى إصبع أخرى مثلا ، فأرش الإصبع الأولى على مولى الأم ، لأنه حين حصولها ما كان المولى والعاقلة غيره فهو عليه واما الإصبع الأخرى فليس عليه أرشها ، لأنه إنما حصلت بعد زوال الولاء والعقل عنه إلى مولى الأب فلم يكن عليه شي‌ء ، ولم يكن على مولى الأب أيضا.

لأنه سراية جناية لم يكن ابتدائها عليه ، بل على غيره فلم يضمن اثر جناية لم يكن هو ضامنا لها.

ولم يكن على الإمام أيضا لأنه انما يكون عليه مع العاقلة أو عجزهم فيكون في مال الجاني لئلا يبطل دم امرئ مسلم ، فتأمّل.

__________________

(١) جواب قوله قدّس سرّه : واما وجه كون إلخ قوله قدس سرّه : (لأنه سراية جناية إلخ» والمناسب حينئذ (فلانه إلخ).

٣٠٤

المقصد الثالث

في دية النفس

المقتول إمّا مسلم ومن هو بحكمه أو كافر.

والثاني لا دية له الّا ان يكون يهوديّا أو نصرانيا أو مجوسيّا فديته ثمانمائة درهم ان كان ذكرا حرّا ، وان كان عبدا فقيمته ما لم تتجاوز دية مولاه ، وان كان أنثى فاربعمائة وان كانت أمة فقيمتها ما لم تتجاوز دية الذميّة وحكم أطفالهم حكمهم.

______________________________________________________

قوله : «الثاني لا دية إلخ». أي الكافر ومن بحكمه من أولاده ، لا دية له الّا اليهوديّ والنصراني والمجوسي ومن بحكمهم من أولادهم ، وهم سواء في الدية.

وديتهم ثمانمائة درهم ان كانوا ذكورا وأحرارا.

وان كان مملوكا فديته قيمته ما لم يتجاوز دية مولاه كمماليك المسلمين.

وان كان أنثى فنصف دية الذكر كما في نساء المسلمين.

ودليل انها ثمانمائة درهم ، الأخبار ، مثل حسنة ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السّلام انه قال : دية اليهوديّ والنصراني والمجوسي ثمانمائة درهم (١).

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ٢ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٠.

٣٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة أبان بن تغلب قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : إبراهيم يزعم ان دية اليهودي والنصراني والمجوسي سواء؟ قال : نعم قال الحق (١).

وصحيحة ليث المرادي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن دية النصراني واليهودي والمجوسي؟ قال : (فقال ـ ئل) ديتهم جميعا سواء ، ثمانمائة درهم ، ثمانمائة درهم (٢).

وكذا في موثقة سماعة بن مهران (٣).

ورواية ليث المرادي وعبد الأعلى بن أعين (جميعا ـ ئل) عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : دية اليهودي والنصراني ثمانمائة درهم ، ثمانمائة درهم (٤).

وحمل الشيخ رواية أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : دية اليهودي والنصراني والمجوسي دية المسلم (٥).

وهي حسنة في النهاية على ما قاله العلّامة وابن داود ، وهي صحيحة على ما رأيته في الفقيه.

وصحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : من أعطاه رسول الله صلّى الله عليه وآله ذمّة فديته كاملة (٦).

وفي الطريق ابان (٧).

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٠.

(٢) الوسائل باب ١٣ حديث ٥ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦١.

(٣) راجع الوسائل باب ١٣ حديث ٩ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٢.

(٤) راجع الوسائل باب ١٣ حديث ١٠ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٢.

(٥) راجع الوسائل باب ١٤ حديث ٢ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٣.

(٦) راجع الوسائل باب ١٤ حديث ٣ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٣ وتمام الحديث : قال زرارة فهؤلاء؟ قال أبو عبد الله عليه السّلام : وهؤلاء من أعطاهم ذمة؟

(٧) طريقة كما في التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن ابان عن زرارة.

٣٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وضعيفة أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم ، ودية المجوسي ثمانمائة درهم (١) على (٢) من اعتاد قتلهم ، وللإمام ان يأخذ منه لهم دية المسلم تارة وأربعة آلاف درهم تارة ، وثمانمائة درهم تارة ، بحسب ما يراه أصلح وأردع.

بموثقة (٣) سماعة قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن مسلم قتل ذمّيا ، قال : فقال : هذا شي‌ء شديد لا يحتمله الناس فليعط أهله دية المسلم حتى ينكل عن قتل أهل السواد ، وعن قتل الذمي ثم قال : لو ان مسلما غضب على ذمّي فأراد أن يقتله ويأخذ أرضه ويؤدي إلى أهله ثمانمائة درهم ، إذا يكثر القتل في الذمّيين ، ومن قتل ذمّيا ظلما فإنه ليحرم على المسلم ان يقتل ذمّيا حراما ما آمن بالجزية وأدّاها ولم يجحدها (٤).

ثم قال (٥) : فأمّا رواية أبي بصير خاصّة فقد روينا عنه عليه السّلام ان ديتهم ثمانمائة درهم مثل سائر الاخبار وما تضمن خبره من الفرق بين اليهوديّ والنصراني والمجوسي فقد روى هو أيضا انه لا فرق بينهم وهم في الدية سواء ومرويّ غيره أيضا ذلك وقد قدمنا في ذلك الأخبار.

واما كون دية مماليكهم فقيمتهم ما لم يتجاوز ديتهم فتقف عندهم ، وان دية نسائهم نصف دياتهم ، وان حكم أطفالهم حكمهم ، فكأنه القياس على المماليك المسلمين ونسائهم وأطفالهم أو الإجماع ولو كان مركبا ، فتأمّل.

__________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ٤ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٣ وتمام الحديث : وقال أيضا ان للمجوس كتابا يقال له : جاماس.

(٢) متعلق بقوله قدّس سرّه : وحمل الشيخ إلخ.

(٣) يعني حمل الشيخ الأخبار المذكورة على من اعتاد قتل الذمّي بالشهادة موثقة سماعة.

(٤) الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٦٣.

(٥) يعني الشيخ رحمه الله.

٣٠٧

وفي المسلم عبد الذّمي إشكال.

______________________________________________________

قوله : «وفي المسلم عبد الذّمي إشكال». إذا كان مسلم أو مسلمة مملوكا للذمي أو الذميّة ، سواء كانا ملكاهما مسلما ، بالشراء وجوّز لهم ذلك أو أسلما عندهما وقتلا قبل ان يباعا عليهما من مسلم أو مسلمة.

ففي ضمان قيمته إذا تجاوز قيمة الذمي أو الذميّة إشكال.

من حيث انه ملك للذمي فلا يتجاوز قيمته ديته ، إذ لا يزيد دية المملوك على دية المالك.

ومن حيث انه مسلم ، وقيمة المسلم ما بلغت الّا ان يتجاوز دية المسلم.

وأدلّة ضمان المملوك أو المملوكة بقيمتهما ، تقتضي ضمان القيمة مهما كانت ، فلا بد ان يقوّما مسلمين ، فيعطى تلك القيمة الّا انه قد دل الدليل على ان قيمتهما لا تتجاوز دية الحرّ المسلم بالنص والإجماع فيبقى الباقي ، فتأمّل.

وما في صحيحة ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام (١).

وما في رواية أبي الورد ، عن أبي جعفر عليه السّلام : ولا يتجاوز بقيمته عشرة آلاف (درهم ـ خ) ، قال (٢) : دية العبد قيمته ، وان كان نفيسا فأفضل قيمته عشرة آلاف درهم ، ولا يتجاوز به دية الحرّ (٣).

صريح في انه يتجاوز دية الذمي ولا يتجاوز دية الحرّ المسلم ، وتخصيصه بما إذا كان عند المسلم ، خلاف الظاهر ، فلو لم يثبت عدم تجاوز قيمة العبد الذمي ، قيمته لأمكن القول بان ديته قيمته ، وان تجاوز دية مولاه ، فإنه مقتضى الدليل مع قطع النظر عن ذلك الإثبات ، فتأمّل.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٦ حديث ٢ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٥٢.

(٢) هذه الجملة من صحيحة ابن مسكان لا رواية أبي الورد.

(٣) الوسائل باب ٧ قطعة من حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٥٣.

٣٠٨

وأمّا المسلم ومن هو بحكمه من الأطفال المولودين على الفطرة أو الملتحق بإسلام أحد أبويه فإن كان حرّا ذكرا وكان القتل عمدا فديته أحد السّتة إمّا ألف دينار أو ألف شاة أو عشرة آلاف (ألف ـ خ ل) درهم أو مائتا حلّة هي أربعمائة ثوب من برود اليمين أو مائة من مسانّ الإبل أو مائتا بقرة.

وتستأدى في سنة واحدة من مال الجاني ويتخيّر الجاني في بذل أيّها شاء ولا تجري المراض ولا القيمة.

______________________________________________________

قوله : «واما المسلم ومن هو بحكمه إلخ». دليل كون دية المسلم الذكر الحرّ ، أحد الستة المذكورة في العمد إذا تراضوا بالدية على الإطلاق والاجمال وصولحوا عليها أو يكون الموجب دية كقتل الأب ولده أو فات القصاص بموت الجاني أو يقتل من يستحق دية ونحو ذلك أو قيل : ان مقتضى العمد ، الدية والّا فلا تعيين لها ، بل هي ما يرضون عليه أقل أو أكثر.

كأنه (١) الإجماع المأخوذ من الروايات.

مثل ما في صحيحة معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن دية العمد؟ فقال : مائة من فحولة الإبل المسانّ ، فان لم يكن إبل فمكان كل جمل عشرون من فحولة الغنم (٢).

ومرسلة جميل بن درّاج قال : الدية ألف دينار أو عشرة آلاف درهم ، ويؤخذ من أصحاب الحلل الحلل ، ومن أصحاب الإبل الإبل ، ومن أصحاب الغنم الغنم ، ومن أصحاب البقر البقر (٣).

__________________

(١) خبر لقوله قدّس سرّه : دليل كون دية المسلم إلخ.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ٢ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٦.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ٤ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٣ والرواية مقطوعة لا مرسلة.

٣٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ورواية عبيد (عبيد الله ـ ئل) بن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : الدية ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم أو مائة من الإبل ، وقال : إذا ضربت الرجل بحديدة فذلك العمد (١).

ومرسلة محمّد بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السّلام انه قال : من قتل مؤمنا متعمدا فإنه يقاد به الّا ان يرضى أولياء المقتول أن يقبلوا الدية أو يتراضوا بأكثر من الدية أو أقل من الدية ، فإن فعلوا ذلك بينهم جاز ، وان لم يتراضوا (تراجعوا ـ ل خ) قيدوا ، وقال : الدية عشرة آلاف درهم أو ألف دينار أو مائة من الإبل (٢).

ورواية أبي بصير قال : دية الرجل مائة من الإبل ، فان لم يكن فمن البقر بقيمة ذلك ، فان لم يكن فألف كبش هذا في العمد ، وفي الخطأ مثل العمد ألف شاة مخلّطة (٣)

وصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ، قال : سمعت ابن أبي ليلى يقول : كانت الدية في الجاهليّة مائة ، من الإبل ، فأقرّها رسول الله صلّى الله عليه وآله ، ثم انه فرض على أهل البقر مائتي بقرة ، وفرض على أهل الشاة ألف شاة ثنيّة ، وعلى أهل الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم ، وعلى أهل اليمن ، الحلل مائتي حلّة ، قال عبد الرحمن بن الحجّاج : فسألت أبا عبد الله عليه السّلام عما روى ابن أبي ليلى؟ فقال : كان علي عليه السّلام يقول : الدية ألف دينار وقيمة الدينار عشرة دراهم ، وعشرة آلاف لأهل الأمصار ، وعلى أهل البوادي مائة من

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١٠ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٤.

(٢) الوسائل باب ١٩ حديث ١ من أبواب قصاص النفس ج ١٩ ص ٣٧ وفيه : محمّد بن عيسى عن يونس عن بعض أصحابنا.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ١٢ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٥.

٣١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

الإبل ، ولأهل السواد مائة بقرة أو ألف شاة (١).

وصحيحة عبد الله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : من قتل مؤمنا متعمدا قيد منه إلّا ان يرضى أولياء المقتول ان يقبلوا الدية ، فإن رضوا بالدية وأحبّ ذلك القاتل ، فالدية اثنا عشر ألفا ، أو ألف دينار ، أو مائة من الإبل ، وان كان في أرض فيها الدنانير ، فألف دينار ، وان كان في أرض فيها ، الإبل فمائة من الإبل ، وان كان في أرض فيها الدراهم ، فدراهم بحساب ذلك اثنا عشر ألفا (٢).

هذه (٣) الأخبار مع عدم صراحة شي‌ء منها في المطلوب ، بل دلالة بعضها على بعض المطلوب وانه الدية.

وصحيحة جميل بن درّاج ، عن محمّد بن مسلم وزرارة وغيرهما ، عن أحدهما عليهما السّلام في الدية؟ قال : هي مائة من الإبل وليس فيها دنانير ولا دراهم ولا غير ذلك ، قال ابن أبي عمير : فقلت لجميل : هل للإبل أسنان معروفة؟ قال : نعم ثلاث وثلاثون حقّة وثلاث وثلاثون جذعة ، واربع وثلاثون ثنية إلى بازل عامها كلّها خلفة إلى بازل عامها ، ثم قال : وروى ذلك بعض أصحابنا عنهما وزاد علي بن حديد في حديثه إن ذلك في الخطأ ، قال : قيل لجميل : فان قبل أصحاب العمد ، الدية كم لهم؟ قال : مائة من الإبل إلّا أن يصطلحوا على مال أو ما شاؤوا (من ـ خ) غير ذلك (٤).

هكذا في الكافي في باب الدية مع وجود التنافي.

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٢.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٩ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٤.

(٣) قوله قدّس سرّه هذه الاخبار مبتدأ وخبره قوله قدّس سرّه : (لم تكن حجّة إلخ).

(٤) الوسائل باب ٢ حديث ٧ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٨.

٣١١

.................................................................................................

______________________________________________________

لم تكن حجّة على المطلوب.

وحمل الشيخ في التهذيب ما فيه ، اثنا عشر ألف درهم ، على كونه ناقصا بحيث يقابل عشرة آلاف درهم ، وما (١) فيه ما يدل على كل عشرون غنما فيصير ألفي غنم ، على عدم إعطاء صاحب الإبل مع وجودها فيلزمه الولي بذلك.

أو على كون القاتل عبدا ، والمقتول حرّا ، لما صرّح بذلك في الكافي في رواية زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السّلام في العبد يقتل حرّا عمدا؟ قال : مائة من الإبل المسانّ فان لم يكن إبل فمكان كل جمل عشرون من فحولة الغنم (٢).

ويمكن حمل الغنم على الصغار والمراض بحيث يسوى عشرون منه عشرا من الصحاح.

وبالجملة ، ما نعرف دليل هذه الأحكام ، كأنه إجماع أو نصّ ما اطلعنا عليه ، الله يعلم وهو المستعان.

والمراد بالدينار والدرهم ، الشرعيّان ، والشاة ما صدق عليه ، والحلّة التي هي أربعمائة ثياب ، ما نعرفه كأنهم يعرفون كغيره.

والمراد بالدينار والدرهم ، الشرعيّان ، والشاة ما صدق عليه ، والحلّة التي هي أربعمائة ثياب ، ما نعرفه كأنهم يعرفون كغيره.

وكأن المراد بالثوب ما يصدق عليه ، مثل القميص الذي يستر أكثر البدن ويحتمل كونه للرجل (الرجل ـ خ) بحيث يستر عورته المستحب سترها أيضا.

والظاهر هو ما ذكروه في باب الكفّارة.

قال في بعض كتب اللغة : الحلّة إزار ورداء والحلل جمع ، وكونه من برد

__________________

(١) يعني حمل الشيخ. على عدم إعطاء الإبل إلخ.

(٢) راجع الوسائل باب ٢ حديث ٥ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٧.

٣١٢

ودية شبيه العمد ثلاث وثلاثون حقّه وثلاث وثلاثون بنت

______________________________________________________

اليمن الذي تجلب منه ، وهو معروف.

والمسانّ ، قيل : جمع مسنّة ، وهي التي دخلت في الثالثة.

والظاهر ان الذكر يجتزي (يجزي ـ خ) ، بل ظاهر بعض الروايات ذلك حيث قال : (من فحولة الإبل المسان) (١).

والبقرة أيضا ما تصدق عليه ، وكأنه لا بد ان تكون أنثى في سن يقال : انها بقرة.

واما كون الدية تستأدى في سنة واحدة فدليله واضح ، وهو صحيح أبي ولاد المتقدم.

واما كونها من مال الجاني ، فهو ظاهر ومقتضى القواعد.

واما (٢) كون دية الأطفال ، سواء ولد وحصل حال إسلام أحد أبويه أو أسلم وحدهما قبل بلوغه فيلحق به مثل دية الرجل المسلم وكون دية النساء نصف ذلك.

فما أعرفه ، فكأنه إجماع أو نص ما اطلعت عليه.

واما عدم اجزاء المراض من الحيوانات المذكورة ، وكذا عدم اجزاء القيمة مع القدرة على العين ، فهو واضح بعد ثبوت المذكورات بالدليل.

وأشار في الشرائع (٣) إلى التردد في إجزاء القيمة ، وكأنه للشيخ على ما قيل في شرحه.

قوله : «ودية شبيه العمد إلخ». اعلم أنّ الدية المذكورة بمجموعها ما

__________________

(١) الوسائل باب ٢ صدر حديث ٢ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٧.

(٢) قوله قدّس سرّه : واما كون دية الأطفال إلخ فجواب اما قوله قدّس سرّه : (فما أعرفه إلخ).

(٣) قال في أوائل كتاب الديات من الشرائع بعد بيان أنواع الحيوانات للدية : وهل يقبل القيمة السوقيّة مع وجود الإبل؟ فيه تردد ، والأشبه لا.

٣١٣

لبون واربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل أو أحد الخمسة المذكورة ، من مال الجاني في سنتين.

______________________________________________________

رأيتها في خبر ، فإن الذي في رواية أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : دية الخطأ إذا لم يرد الرجل ، القتل مائة من الإبل أو عشرة آلاف من الورق ، أو ألف من الشاة ، وقال : دية المغلّظة التي تشبه العمد وليس بعمد أفضل من دية الخطأ بأسنان الإبل ثلاث وثلاثون حقّة ، وثلاث وثلاثون جذعة واربع وثلاثون ثنيّة كلّها طروقة الفحل ، قال : وسألته عن الدية؟ فقال : دية المسلم عشرة آلاف من الفضّة ، أو ألف مثقال من الذهب ، أو ألف من الشاة على أسنانها أثلاثا ، ومن الإبل مائة على أسنانها ، ومن البقر مائتان (١).

وفي سندها علي بن أبي حمزة (٢) ، كأنه البطائني ، وأبو بصير ، كأنه يحيى بن القاسم.

وفي متنها أيضا قصور كما ترى.

وانما تكون حجّة لو كان بدل (جذعة) (بنت لبون).

ورواية العلاء بن فضيل ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : في قتل الخطأ مائة من الإبل أو ألف من الغنم أو عشرة آلاف درهم ، أو ألف دينار ، فان كانت الإبل فخمس وعشرون ابنة (بنت ـ ئل) مخاض ، وخمس وعشرون ابنة (بنت ـ ئل) لبون هو خمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة ، والدية المغلّظة في الخطأ الذي يشبه العمد الذي يضرب بالحجر أو بالعصا ، الضربة والضربتين (والاثنتين ـ ئل) لا (فلا ـ ئل) يريد قتله فهي أثلاث ، وثلاث وثلاثون حقة ، وثلاث وثلاثون جذعة

__________________

(١) أورد صدرها في الوسائل باب ٢ حديث ٤ وذيلها باب ١ حديث ٢ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٢ ـ ١٤٧.

(٢) كما في الكافي هكذا : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، وفي النسخة المطبوعة بطبع أمير بهادري (عن أبي حمزة) بدل (عن أبي بصير).

٣١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وأربع وثلاثون خلفة كلّها (١) من طروقة الفحل ، وان كان من الغنم فألف كبش ، والعمد هو القود أو رضا وليّ المقتول (٢).

وفي سندها محمّد بن سنان (٣) ومع ذلك انما تكون دليلا لو كان بدل (جذعة) (بنت لبون).

وكأنّ المراد ب (الخلفة) بفتح الخاء وكسر اللام (الثنيّة).

هذا بناء على ما في التهذيب ، أما الكافي فلا يحتاج إليه ، لأن فيه (ثنيّة) ولكن ثنيّة كلها طروقة الفحل.

وأيضا هذا الشرط ـ أي خلفة ـ ما كان في المتن فقول الشرائع مثل المتن وقول (٤) شارحه : (مستند ما اختاره من أسنان الإبل) رواية أبي بصير والعلاء بن الفضيل ، محلّ التأمّل.

ومع ذلك لا بد لفهم باقي الأقسام الخمسة من دليل وما رأيت له دليلا صالحا.

ويمكن استفادة غير الحلّة ، ولعلّ الاستفادة من قوله : (أفضل من دية الخطأ بأسنان الإبل) (٥) أي لا فرق في ديتهما إلّا بزيادة أسنان الإبل ، وفي دية الخطأ ، التخيير بين هذه الخمسة ، فيكون هنا كذلك.

ولكن فهم ذلك في الخطأ أيضا ، غير ظاهر كما سيظهر.

__________________

(١) هكذا في عدّة نسخ الكتاب وفي بعض نسخ التهذيب ، وفي بعض نسخ الكافي والتهذيب والوسائل أربع وثلاثون ثنية كلها خلفة إلخ.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ١٣ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٥.

(٣) سندها كما في التهذيب هكذا : محمّد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن سنان عن العلاء بن الفضيل.

(٤) مبتدأ وخبره قوله قدّس سرّه محلّ التأمّل.

(٥) الوسائل باب ٢ قطعة من حديث ٤ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٦.

٣١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

واما كون ديتها من مال الجاني ، فهو ظاهر ممّا تقدم.

واما كونها مؤجّلة بسنتين ، فلا دليل عليه أيضا ، كأنه للمناسبة ، فإنه أقل من العمد وأكثر من الخطأ فأجله يكون بين أجليهما.

ويحتمل السنة فقط للزومها من العمد ، فان العمد الذي هو ظلم محض ، ديته مؤجّل بسنة ، فهذا لا يكون أقل من ذلك بالطريق الأولى.

ولانه يمكن إطلاق العمد عليه في الجملة فإنه يقال له : عمد شبيه بالخطإ فهو عمد لاستلزام صدق المقيّد صدق المطلق ، فتأمّل ، والزيادة ينفيه بالأصل.

وصحيح عبد الله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : في الخطأ شبيه (شبه ـ ئل) العمد ، ان يقتل بالسوط أو بالعصا أو الحجر ، ان دية ذلك تغلّظ ، وهي مائة من الإبل ، منها أربعون خلفة من بين ثنية إلى بازل عامها ، وثلاثون حقّة ، وثلاثون بنت لبون ، والخطأ يكون فيه ثلاثون حقّة ، وثلاثون بنت (ابنة ـ خ) لبون ، وعشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون ذكر ، وقيمة كل بعير مائة وعشرون درهما أو عشرة دنانير ومن الغنم قيمة كل ناب من الإبل عشرون شاة (١).

الخلفة هي الحامل ، والثنيّة ما دخلت في الثالثة ، والبازل ما دخلت في التاسعة.

والعجب ما عمل بها هنا مع صحّتها ، كأنه لزيادة الدرهم ، والغنم.

ويمكن التأويل المتقدم.

وعمل بها في المختلف ، وعمل بها في الخطأ فهذه دليل الخطأ المحض في أسنان الإبل.

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٦.

٣١٦

ويرجع في معرفة الحامل إلى العارف ، فان ظهر الغلط وجب البدل وكذا لو أزلقت قبل التسليم وان أحضر وان (لو ـ خ ل) كان بعده فلا شي‌ء.

______________________________________________________

واما التخيير بينها وبين باقي الخمسة ، فكأنه فهم ممّا سبق.

وقد عرفت عدم صراحة ما تقدّم فيها ، وعدم فهم الحلّة بخصوصها.

ولعلّه لأنه إذا كان في العمد مخيّرا في ذلك ، ففي الخطأ وشبهه بالطريق الأولى ، فإن التعيين ضيق ، فتأمّل.

واما كونها في ثلاث سنين ، فدليله ما تقدّم من صحيحة أبي ولاد المتقدمة (١).

واما كونها على العاقلة وان كانت في دية طرف ، ما تقدم ، مع ما فيه فتذكر وتأمّل.

قوله : «ويرجع في معرفة الحامل إلخ». لا شكّ في الرجوع ، لمعرفة الحمل إلى العارف.

ويمكن اشتراط التعدد ، والعدالة ظاهرة (٢) ، يكفي الواحد مطلقا ، فان وافق فلا بحث وان ظهر الغلط وجب بدله ان لم يرض به.

ويحتمل وجوب الردّ على الولي ان لم يرض المالك وان رضي هو ، إذ قد يكون ارغب.

ويمكن إدخاله في العبارة ، ولا شك في العدم مع التراضي.

وكذا لو عيّن حاملا وأزلقت ـ أي أسقطت ـ ولدها قبل تسليمها إلى المستحق.

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٥٠.

(٢) يعني العدالة ظاهرة الاشتراط.

٣١٧

ودية الخطأ المحض أحد الخمسة أو مائة من الإبل عشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون ذكر وثلاثون بنت لبون وثلاثون حقّة ، من مال العاقلة وتستأدى في ثلاث سنين وان كانت دية طرف.

ولو قتل في الشهر الحرام أو الحرم ألزم دية وثلثا ولا تغليظ في الأطراف ولو رمى في الحلّ فقتل في الحرم غلّظ وفي العكس اشكال.

______________________________________________________

وان أحضرها عنده ، فان كان الاسقاط بعد التسليم والقبض فلا ردّ ولا عوض له وهو ظاهر.

ولكن فيما اختاره ما كان يشترط كونه حاملا وقت التسليم حتى يحتاج في المعرفة إلى العارف ، نعم ذلك على المذهب (مذهب ـ خ) المشترط ، مثل المختلف فكأنه فرض ذلك ، وقال : وعلى تقدير القول بالحامل يرجع إلخ ، وأراد طروقة الحامل ، فتأمّل.

قوله : «ولو قتل في الشهر الحرام إلخ». تغليظ الدية بما ذكره ـ إذا قتل في الحرم أو الشهر الحرام ـ هو المشهور بين الأصحاب.

والدليل ـ على الأشهر ـ ما رواه كليب بن معاوية الأسدي ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : من قتل في شهر حرام ، فعليه دية وثلث (١).

وفي الفقيه ـ بعد نقل صحيحة زرارة في لزوم صوم العيد وأيّام التشريق في كفارة القتل في أشهر الحرم : وفي رواية أبان عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : عليه دية وثلث (٢).

كأنّ المراد ، القتل في الأشهر الحرم بقرينة ما سبقه.

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٤٩ لكن متن الرواية هكذا : عن كليب الأسدي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يقتل في الشهر الحرام ما ديته؟ قال : دية وثلث.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٥ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٥٠.

٣١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ويحتمل كونها صحيحة ابن أبي عمير المذكورة بعدها ، وأن المراد ب (ابان) هو (ابن عثمان) وطريقه إليه صحيح (١) ، وهو ممن أجمعت.

وكأنّه لا خلاف في ذلك أيضا ، فلا يضرّ البحث فيه.

وعلى الحرم صحيحة ابن أبي عمير ، عن ابان بن عثمان ، عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله (أبي جعفر ـ ئل) عليه السّلام : رجل قتل في الحرم؟ قال : عليه دية وثلث ، الحديث (٢) هذا الذي رأيت في هذا المقام.

فقول زين (٣) الدين في شرح الشرائع : تغليظ الدية بالقتل في الأشهر الحرم موضع وفاق وبه نصوص كثيرة ، واما تغليظها في الحرم فلا نصّ عليه ، ولكن حكم به الشيخان وجماعة ، لاشتراكهما وتغليظ قتل الصيد فيه المناسب لتغليظ غيره ، ولا يخفى ان مثل هذا لا يصلح لإيجاب ثلث الدية بمجرده إلخ محلّ نظر (٤).

وكذا قول الشيخ علي : لا نصّ في الحرم الّا ان الشيخين الحقاه ، وكفى بهما متبعا ، والنظر (٥) هنا أقوى.

وكذا قول الشهيد في الشرح : إذا كانا في الحرم أو في الشهر الحرام فلا بحث ، وان كان المقتول في الحرم فلا شك أيضا عند المحقق والمصنف مع احتمال عدم التغليظ ، لأنّ القاتل ليس في الحرم ، والظرفيّة (٦) يمكن عودها إليهما

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٥٠.

(٢) في مشيخة الفقيه هكذا : وما كان فيه عن ابان بن عثمان ، فقد رويته ، عن محمّد بن الحسن ـ رضي الله عنه ـ عن محمّد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، وأيوب بن نوح ، وإبراهيم بن هاشم ومحمّد بن عبد الجبار كلهم ، عن محمّد بن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، عن ابان بن عثمان.

(٣) في النسخ : قول زي وصرّحناه لئلا يشتبه على القارئ ، والمراد الشهيد الثاني عليه الرحمة.

(٤) خبر لقوله قدّس سرّه فقول زين الدين إلخ.

(٥) يعني كون قول الشيخ علي أكثر نظرا من النظر في قول زين الدين (الشهيد الثاني).

(٦) الظاهر من الظرفية قول الراوي في السؤال : (في الحرم) فإنه يمكن المراد ان الرجل قتل شخصا في

٣١٩

ويضيّق على الملتجئ إلى الحرم إلى ان يخرج فيقتصّ منه.

ولو جنى في الحرم اقتصّ منه فيه.

قال الشيخ : وكذا في مشاهد الأئمة عليهم السّلام.

______________________________________________________

(عندها ـ خ) ، فلا يتعدّى صورة النص ، واما العكس ففيه وجهان عندهما نشأ من الشك في عود الظرفيّة إلى القاتل أو المقتول أو إليهما وتغليب حرمة الحرم كالصيد ، بل هو أولى لزيادة شرف الآدمي على سائر الحيوانات ، وأصالة البراءة والشك في السبب المستلزم للشك في المسبب ، والمحقق رحمه الله توقف في التغليظ في الحرم مطالبا بالدليل فحينئذ يسقط هذا الفرع (١).

ويمكن تمشي هذا الفرع في الأشهر الحرم ولا يخفى ان النظر فيه ، من وجوه فافهم.

ثم انه يحتمل ان يكون مخصوصا بقتل المسلم ، وأعم ، ويكون مخصوصا بقتل العمد وأعم.

قوله : «ويضيّق على الملتجئ إلى الحرم إلى أن يخرج إلخ». فيقتصّ منه (ولو جنى في الحرم اقتصّ منه فيه) وقد مرّ مرارا ، فتذكّر.

قوله : «قال الشيخ : وهكذا في مشاهد الأئمة عليهم السّلام». قال في الشرح : وكذا حكم التغليظ وعدم الاقتصاص من اللاجئ في الحرم والاقتصاص من الجاني فيه حاصل في مشاهد الأئمّة عليهم السّلام على ما يلوح من كلام الشيخ ، فإنه قال في النهاية بهذه العبارة : ومن قتل غيره في الحرم أو في أحد أشهر الحرم ـ رجب ، أو ذي القعدة ، أو ذي الحجّة ، أو المحرّم ـ أخذت منه الدية للقتل ، وثلث الدية لانتهاكه الحرمة في الحرم وأشهر الحرم المذكورة ، وان كان طلب منه القود ،

__________________

الحرم وأن يكون المراد أن الرجل صار مقتولا في الحرم والله العالم.

(١) الظاهر انه إلى هنا كلام الشهيد في الشرح.

٣٢٠