مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ويمكن أن يقال : يمنع سقوط الضمان عن الحافر في الأول ، ويمنع كونه على الواضع في الثاني.

وأن يقال : يحتمل على الثاني فقط إذا فرض بحيث لو لا العمق لما حصل التلف ، فتأمّل.

٢٨١

المقصد الثاني

فيمن تجب عليه

تجب دية العمد وشبهه على الجاني في ماله ودية الخطأ على العاقلة فهنا مطالب.

______________________________________________________

قوله : «تجب دية العمد وشبهه إلخ». دليل وجوب الدية نفسا وعضوا وجرحا على الجاني في ماله في العمد وشبهه كأنه الإجماع وبعض الاخبار.

مثل رواية أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : لا تضمن العاقلة عمدا ولا إقرارا ولا صلحا (١).

وفي رواية زيد بن علي ، عن آبائه قال : لا تعقل العاقلة إلّا ما قامت عليه البيّنة ، قال : وأتاه رجل فاعترف عنده فجعله في ماله خاصّة ولم يجعل على العاقلة شيئا (٢).

لعلهم حملوا العمد على الأعم.

والعمدة أن مؤاخذة غير الجاني بجنايته ، مخالف للقوانين ، للعقل والنقل ،

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب العاقلة ج ١٩ ص ٣٠٢.

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب العاقلة ج ١٩ ص ٣٠٦.

٢٨٢

الأوّل

جهة العقل أربعة العصوبة والعتق وضمان الجريرة والإمامة.

فالعصبة كل من يتقرب بالأب أو بالأبوين من الذكور البالغين العقلاء كالاخوة وأولادهم والعمومة وأولادهم وان كان

______________________________________________________

كتابا (١) وسنة وإجماعا فلا يخرج عنها بالتخصيص الّا بنص أو إجماع ، وليسا في غير الخطأ وهما دليلا وجوبها في الخطأ على العاقلة.

قوله : «الأول جهة العقل إلخ». دليل كون هذه الأربعة من العقل ـ وأسباب الضمان في الخطأ ـ كأنه إجماع أو نصّ ، ما اطلعت عليهما.

نعم عدم غيرهما ظاهر من القاعدة.

وفي بعض الاخبار إشارة إلى عقل الامام كما سيجي‌ء.

وضمان الجريرة والعتق أيضا في الجملة وعلى العصبة ، دليل ظاهر.

ولكن كون المراد بها غير ظاهر ، وفيه خلاف كثير.

والمشهور بينهم ما ذكره المصنف بقوله : (من يتقرب بالأب فقط أو بالأبوين معا من الذكور البالغين العاقلين وقت الجناية ، والوجدان عند المطالبة كما سيجي‌ء محتمل ، لا النساء.

ولكن لم يظهر ما المراد بهم؟ وهل هو بترتيب الإرث ، فمرتبته كترتيب الإرث ، فالأقرب مقدم على الأبعد؟ وان القسمة أيضا على طريقه في الدية عليهم مثل الإرث ، فيفرض الجاني ميّتا ، والدية اللازمة عليه من ماله يقسم عليهم ، فيؤخذ

__________________

(١) لعلّ المراد من الكتاب منطوق قوله تعالى «وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى» الأنعام : ١٦٤ ، الاسراء : ١٥ ، فاطر : ١٨ ، النجم : ٣٨ ، ومفهوم قوله تعالى : «فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا . إلخ» البقرة : ١٩٤ وظواهر آيات القصاص نفسا وعضوا ، والله العالم.

٢٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

بذلك الحساب منهم أم لا؟ وسيجي‌ء تفصيل ذلك في المتن في الجملة.

ثم في دخول الآباء والأولاد خلاف ، فنقل عن المبسوط والخلاف عدمه.

واحتجّ عليه في الخلاف بالإجماع ، وبعدم الدليل على اعتبارهما ، وبأصل البراءة ، وبروايتين عامّتين في إحداهما قال عليه السّلام : لا يؤخذ الرجل بجريرة ابنه ، ولا الابن بجريرة أبيه (١) وقال : هذا نصّ.

وفي أخرى امرأتين من هذيل اقتتلتا فقتلت إحداهما الأخرى ، ولكل واحدة منهما زوج وولد فقضى رسول الله صلّى الله عليه وآله بدية المقتولة على عاقلة القاتل الزوج والولد وجعل الدية (٢) على العاقلة قال في الشرح : ويمكن الجواب بمنع دعوى الإجماع كيف وهو في النهاية مخالف ، ولو سلّم عدم الدليل لما وجب عدم المدلول.

والحديثان من غير طرقنا ، ويحمل الأول على العمد ، والثاني على ان الولد أنثى (٣) ومنع دعوى الإجماع ، كما مرّ مرارا.

وكأن الخبرين مؤيدان ، والعمدة عدم الدليل والأصل.

وهو إشارة إلى ما قدمناه من القاعدة ، فإنه يدل على عدم المدلول في هذا المقام مع ان عدم الدليل ـ في نفس الأمر بل في نظر الناظر ـ يدل على عدم المدلول بمعنى لزوم فتواه على عدمه.

مع ان الأصل مع ما ذكرناه دليل قويّ جدّا على عدم المدلول وان لم يكن في الكلام والأصول كذلك ، وهو ظاهر ، فتأمّل.

__________________

(١) الخلاف للشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه الله كتاب الديات مسألة ٩٨ ج ٢ ص ١٥٧ الطبع الحجري.

(٢) المصدر وفيه بعد قوله : والولد : ثم ماتت القاتلة فجعل النبي صلّى الله عليه وآله ميراثها لبنيها (بنتها ، خ ل) والعقل على العصبة ، وفي بعضها جعل ميراثها لزوجها وولدها (انتهى).

(٣) الظاهر انه إلى هنا عبارة الشرح.

٢٨٤

غيرهم اولى بالميراث قال الشيخ : ولا يدخل الآباء والأولاد ولا يشركهم القاتل ولا الفقير ويعتبر فقره عند المطالبة ويقدّم المتقرب بالأبوين على المتقرب بالأب.

______________________________________________________

والخبر الأوّل أيضا ليس بنصّ (١) ، بل الثاني يمكن أن يكون أظهر ، فيمكن ان يخصّص بسائر العمومات كما فعله.

واما دليل عدم دخول القاتل فظاهر ، فإنه إذا ثبت أنّ الخطأ على العاقلة ، لم يكن عليه ، وهو ظاهر.

ولعلّ دليل اشتراط الوجدان عند المطالبة ، الإجماع ، أو لهم نصّ ما نعرفه.

ويحتمل عدمه فيصبر عليه حتى يجد كسائر ديونه.

وعلى تقدير اعتبار الوجدان يحتمل كونه عند الجناية كالتكليف.

ودليل تقديم المتقرب بالأبوين على المتقرب بالأب أيضا ، ظاهر.

كأنه مأخوذ من الأقرب فالأقرب الذي يوجد في بعض الاخبار (٢) ، وبالجملة ، المسألة غير ظاهرة التفصيل والذي رأيناه من الاخبار في ذلك ، لا يفهم منه التفصيل ، وبعضها يشتمل على ما لا يقولون به كما ستسمع.

مثل رواية سلمة بن كهيل ، قال : أتى أمير المؤمنين عليه السّلام برجل قد قتل رجلا خطأ فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام : من عشيرتك وقرابتك؟ فقال : مالي بهذه البلدة عشيرة ولا قرابة ، قال : فقال : فمن أيّ أهل البلدان أنت؟ فقال : انا رجل من أهل الموصل ولدت بها ولي بها قرابة وأهل بيت ، قال : فسأل عنه أمير المؤمنين عليه السّلام فلم يجد له بالكوفة قرابة ولا عشيرة ، قال : فكتب إلى عامله بالموصل : اما بعد فان فلان بن فلان وحليته كذا وكذا قتل رجلا خطأ فذكر أنه

__________________

(١) جواب عن قول الشيخ رحمه الله في الخلاف بقوله : وهذا نص كما تقدّم.

(٢) الوسائل باب ٢ من أبواب موجبات الإرث ج ١٧ ص ٤١٨.

٢٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

رجل من أهل الموصل وان له قرابة وأهل بيت وقد بعثت به إليك مع رسولي فلان ابن فلان وحليته كذا وكذا ، فإذا ورد عليك ان شاء الله وقرأت كتابي فافحص عن أمره وسل عن قرابته من المسلمين فان كانوا من أهل الموصل ممّن ولد بها وأصبت له بها قرابة من المسلمين فاجمعهم إليك ، ثمّ انظر فان كان منهم رجل يرثه ، له سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابته فألزمه الدية وخذ بها نجوما في ثلاث سنين ، فان (وان ـ خ) لم يكن له من قرابته أحد لهم سهم في الكتاب وكانوا قرابته سواء في النسب وكان له قرابة من قبل أبيه وامّه في النسب سواء ففضّ الدية على قرابته من قبل أبيه وعلى قرابته من قبل امّه من الرجال المدركين المسلمين ثم اجعل على قرابته من قبل أبيه ثلثي الدية واجعل على قرابته من قبل امه ثلث الدية ، وان لم يكن له قرابة من قبل أبيه ففضّ الدية على قرابته من قبل امّه من الرجال المدركين المسلمين ثم خذهم بها واستأدهم الدية في ثلاث سنين ، فان لم يكن له قرابة من قبل امّه ولا قرابة من قبل أبيه ففضّ الدية على أهل الموصل من ولد بها ونشأ ولا تدخلنّ فيهم غيرهم من أهل البلد ثم استأد ذلك منهم في ثلاث سنين نجما حتى تستوفيه ان شاء الله وان لم يكن لفلان بن فلان قرابة من أهل الموصل ولا يكن من أهلها وكان مبطلا فردّه إليّ مع رسولي فلان بن فلان ان شاء الله ، فانا وليّه والمؤدّي عنه وأبطل (يبطل ـ خ) دم امرئ مسلم (١).

فان فيها أحكاما وأمورا غير مشهورة ، بل غرائب.

فإنها تدل على ما لم يقل به احد على الظاهر.

مثل مؤاخذة أهل البلد (٢) الّذين ولد فيه ، بالدية ان لم يكن له قرابة وان

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب العاقلة ج ١٩ ص ٣٠١.

(٢) بقوله عليه السّلام : (ففضّ الدية على أهل الموصل إلخ).

٢٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

أهل البلد عاقلته (عاقلة ـ خ).

وصاحب الفريضة في القرآن من ورّاثه مقدم على غيره.

وان على قرابة الأم ثلث الدية ، وعلى قرابة الأب ثلثيها ان كان له قرابة له فقط وقرابتها فقط أيضا.

وذكر قرابة الأم فقط ولم يكن معها قرابة الأب وما ذكر قرابة الأب فقط.

وما ذكر أيضا فيها قرابة الأب والام معا ، الّا ان يريد بقرابة الأب أعم (فقط) فتأمّل وفيها أحكام ، مثل العمل بالكتابة على الظاهر.

وان الامام عاقلة من لا عاقلة له وهو كل قرابة وأهل بلد ولدوا فيه.

وعدم ابطال دم امرئ مسلم ، فافهم.

وهي ضعيفة بسهل وغيره.

ومرسلة يونس بن عبد الرحمن عمن رواه ، عن أحدهما عليهما السّلام انه قال في الرجل إذا قتل رجلا خطأ فمات قبل ان يخرج إلى أولياء المقتول : ان الدية على ورثته فان لم يكن له عاقلة ، فعلى الوالي من بيت المال (١).

وهذه تدل على ان العاقلة هي الورثة حتى الزوج والزوجة ، والمتقرب بالأم ، والذكر ، والأنثى.

وانه على تقدير عدمه ، الامام عاقلته ، ولكن من بيت المال لا من ماله.

وتدل ـ على انه إذا مات القاتل عمدا ولم يقدر عليه للقصاص والصلح ، فالدية على الأقرب فالأقرب ـ صحيحة البزنطي ورواية أبي بصير ، قد تقدّمنا (٢) ، فيمكن ما على العاقلة في الخطأ كذلك ،

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب العاقلة ج ١٩ ص ٣٠١.

(٢) راجع الوسائل باب ٤ من أبواب العاقلة ج ١٩ ص ٣٠٣.

٢٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

فتأمّل.

ويفهم من رواية أبي بصير والسكوني المتقدمتين (١) ، ان العاقل لا يضمن عبدا ، ولا إقرارا ، ولا صلحا ضمان العاقلة وغيرها.

ومن رواية زيد بن علي (٢) ـ المتقدّمة ـ ضمان العاقلة ما ثبت بالبيّنة مجملا.

ويفهم أن بين المسلمين معاقلة مجملا من صحيحة أبي ولّاد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : ليس فيما بين أهل الذمة معاقلة فيما يجنون من قتل أو جراحة ، إنما يؤخذ ذلك من أموالهم ، فان لم يكن لهم مال رجعت الجناية على امام المسلمين ، لأنهم يؤدّون إليه الجزية كما يؤدّي العبد الضريبة إلى سيّده ، قال : وهم مماليك للإمام ، فمن أسلم منهم فهو حرّ (٣).

وهذا دليل عقل الامام لهم ، الظاهر انه من بيت المال.

ويفهم كون السيد عاقلا.

وليس كذلك ، لما مرّ انّ جنايته الماليّة يتبع بها ، والنفس يتعلّق برقبته فكأنّ فيه مسامحة.

ويحتمل فيهم ولاية العتق والضمان من صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : من لجأ إلى قوم فأقرّوا بولايته ، كان لهم ميراثه ، وعليهم معلقته (٤).

وهو ظاهر ، فتأمّل.

وتدل على ان تجدد الإسلام عقل ، رواية النوفلي ، عن السكوني ، عن

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٣ من أبواب العاقلة ج ١٩ ص ٣٠٢.

(٢) راجع الوسائل باب ٩ من أبواب العاقلة ج ١٩ ص ٣٠٦.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب العاقلة ج ١٩ ص ٣٠٠.

(٤) الوسائل باب ٧ حديث ١ من أبواب العاقلة ج ١٩ ص ٣٠٤.

٢٨٨

ويعقل المولى من أعلى لا من أسفل ويعقل الضامن لا المضمون

______________________________________________________

جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم السّلام في رجل أسلم ثم قتل رجلا خطأ؟ قال : أقسم الدية على نحوه من الناس ممن أسلم وليس له موال (١).

كأنه يريد ضمان الجريرة وهو بعيد.

وفي رواية الحكم بن عتيبة ، عن أبي جعفر عليه السّلام؟ قال : قلت : ما تقول في العمد والخطأ في القتل والجراحات؟ قال : فقال : ليس الخطأ مثل العمد ، العمد فيه القتل ، والجراحات فيها القصاص والخطأ فيه العقل ، والجراحات فيها الديات ، قال : ثم قال : يا حكم إذا كان الخطأ من القاتل أو الخطأ من الجارح وكان بدويّا ، فدية ما جنى البدوي من الخطأ على أوليائه (من ـ خ) البدويّين ، قال : وإذا كان القاتل أو الجارح قرويا ، فإن دية ما جنى من الخطأ على أوليائه من القرويين (٢).

وهي تدل على اعتبار كون العاقلة من البدو والقرية ، فتأمّل.

مع انها ضعيفة.

وفي المتن قصور كما ترى (٣).

وفي الاخبار الكثيرة ما يدلّ على كون الدية على الامام وعدم بطلان دم امرئ مسلم ولكن على بيت ، فكأن المراد بعقل الامام ذلك لا ولاية الإمام في الميراث مع احتماله.

قوله : «ويعقل المولى إلخ». والذي يضمن ويعقل ويفعل الولاء ، هو

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ٢ من أبواب العاقلة ج ١٩ ص ٣٠٥.

(٢) أورد صدره في الوسائل باب ١٩ حديث ٤ من أبواب القصاص في النفس ج ١٩ ص ٣٨ وذيله في باب ٨ حديث ١ من أبواب العاقلة ج ١٩ ص ٣٠٥.

(٣) لعل نظره قدّس سرّه في القصور إلى قوله عليه السّلام : (والجراحات فيها القصاص) واخرى (والجراحات فيها الدمات) ، والله العالم.

٢٨٩

ويقدّم العصبة ثم المعتق ثم ضامن الجريرة ثم الامام.

ولا تعقل العاقلة عبدا ولا صلحا ولا عمدا مع وجود القاتل وان أوجبت الدية كقتل الأب ولا ما يجنيه على نفسه خطأ ولا إقرارا ودية جناية الذمّي في ماله وان كانت خطأ فإن عجز فعلى الامام وتحمل العاقلة دية الموضحة فما زاد وللشيخ قولان فيما دونهما.

______________________________________________________

المعتق لا المعتق ، وفي عقل ضمان الجريرة ، الضامن لا المضمون.

والعاقلة هو الذي يضمن (ضمن ـ خ) وعقد الضمان لنفسه ، فإذا كان ذلك من جانب واحد فهو الضامن ، ومن الجانبين يكون كل منها ضامنا.

والترتيب بين المراتب العقل الأربع ، هو الترتيب الذي تقدم في الإرث فالأول العصبة ، والثاني المعتق ، والثالث ضمان الجريرة ، والرابع الامام ، فليس المتأخّر عاقلا وضامنا الّا مع عدم المتقدم.

دليله مثل دليل (١) انها بها فتأمّل ، كأنه إجماع أو نصّ ما عرفناه أو قياس ، ولكن ما نقول به ، فتأمّل.

قوله : «ولا تعقل العاقلة». قد مرّ أن المولى لا يضمن جريرة مملوكه ، فان كان نفسا فعلى رقبته ، وان كان مالا يتبع به أو يتعلق برقبته كما في بعض الأحوال.

وعدم ضمان العاقلة ما يلزم بالصلح ظاهر ، لان سببه الصلح ، وانما يلزم العاقلة الخطأ ، والروايات المتقدمة.

وكذا عدم ضمان العامة ان كان موجبا للقتل ما دام حيّا ، بخلاف ما إذا مات ، فإنه في مال العاقلة على ما مرّ في رواية البزنطي وأبي بصير (٢) فتذكر وتأمّل.

__________________

(١) هكذا في أكثر النسخ في بعضها دليله انهائها إلخ فتأمّل في المراد منه.

(٢) لاحظ باب ٤ من أبواب العاقلة من الوسائل ج ١٩ ص ٣٠٢.

٢٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا ان كان موجبا للدية مثل قتل الأب ولده.

وكذا عدم الضمان على العاقلة ظاهر لو قتل شخص نفسه ، فان دمه هدر ، وليس على العاقلة لورثته.

وقد مرّ دليل عدم الضمان إذا أقرّ بالخطإ قتلا كان أو جرحا.

ودليل دية خطأ الذمي ـ في ماله مع القدرة ومع العجز على الإمام ـ صحيحة أبي ولاد المتقدمة (١).

ودليل ضمان دية الموضحة ـ من الجراحات خطأ وما فوقه على العاقلة ـ كأنه الإجماع والاخبار العامّة الموجبة لكونها على العاقلة وما سيذكر.

وفيما دونها قولان للشيخ ، يدل على عدمه فيه ـ مع وجوده في الموضحة وما فوقها ـ موثقة أبي مريم ـ لابن فضال ـ عن أبي جعفر عليه السّلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام ان لا يحمل على العاقلة إلّا الموضحة فصاعدا ، وقال : ما دون السمحاق أجر الطبيب سواء الدية (٢).

ويكفي لعدمه على العاقلة ما تقدم من القاعدة مع عدم دليل مخرج ، فالقول بالضمان عليه بعيد.

ودعوى ابن إدريس الإجماع أبعد ، فإن الشيخ في النهاية والجماعة ، مثل ابن البراج والطبرسي وابن الجنيد وأبي الصلاح ، ذهبوا إلى عدم الضمان على العاقلة فيه ، وهو مختار المصنف في المختلف.

وتوقفه (٣) المفهوم هنا أيضا بعيد.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١ من أبواب العاقلة ج ١٩ ص ٣٠٠.

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب العاقلة ج ١٩ ص ٣٠٣.

(٣) يعني توقف المصنف في الحكم حيث اكتفى بنقل القولين بقوله رحمه الله : (وللشيخ قولان فيما دونها) بعيد.

٢٩١

الثاني : في كيفية التوزيع

وتقسّط على الغني نصف دينار وعلى الفقير ربع وقيل : بحسب ما يراه الإمام.

______________________________________________________

فالذي يظهر أن القريب المذكر الحرّ المكلّف حال الجناية ، والغنى حال الطلب ، عاقلة يضمن دية النفس والجراحات سوى ما تحت الموضحة ، كأنّ ذلك موضع إجماع عندهم ، فتأمّل.

قوله : «وتقسّط على الغني إلخ». يريد بيان كيفيّة قسمة الدية على العاقلة ومدة أدائها وظاهر أنّ مختاره أنها تقسم على العاقلة التي تؤدّي الدية على كل غني أي المتمول وصاحب القدرة عرفا نصف دينار ، وعلى الفقير الذي له مال في الجملة ، وقادر على أداء حصته وليس مثل الغني ، بل دونه فقير عرفا لا شرعا وبالمعنى الذي لا يقدر على الأداء ، فهو شامل للمتوسط أيضا ، ربع دينار.

وقيل : لا تقدير له شرعا بحيث لا يزيد ولا ينقص ، بل هو منوط برأي الامام عليه السّلام بما يرى فيه المصلحة.

هذا يدل على أنه لا يكون العقل الّا حال ظهوره وباذنه.

وفيه تأمّل ، إذ الأدلة عامّة خالية عنه ، وفيه تضييع حقوق الناس الّا ان يجوّزوا للفقيه الّذي نائبه أيضا ذلك ويقدرونه بتقديره مثله عليه السّلام.

وفيه تضييق ، بل قد يؤول إلى التضييع لعدمه أو لبعده وتعذّر الوصول إليه الّا أن يخصّ بظهوره عليه السّلام ووجود نائبه ، ومع العدم تعيّن القدر ، فتأمّل.

ثم اني ما رأيت دليلا على احد هذين المذهبين ، وعموم الأدلة يدل على عدم التقدير ويكون جميع الدية على العاقلة وان كانت واحدة ، فإن مقتضاها أنها دين ثابت عليها ، فيجب عليها الأداء كسائر ديونه وهو ظاهر ، وهم رحمهم الله اعرف.

٢٩٢

وتؤخذ من الأقرب ، فإن ضاقت فمن الأبعد أيضا ، فإن ضاقت فمن المعتق ، فان ضاق فمن عصبة المعتق ، فان ضاقت فمن معتق المعتق ، فان ضاقت فمن عصبة معتق المعتق ، فان فقد (فان ضاقت ـ خ ل) فمن معتق (معتق ـ خ) المعتق ، فان فقد فمن معتق أب المعتق ، فان فقد فمن عصبة معتق ابن المعتق وهكذا.

______________________________________________________

قال في الشرح : وهذا القول (أي القول الثاني) للشيخ في المبسوط والخلاف ، واختاره ابن إدريس والمحقق ، والمصنف في المختلف لأصالة عدم التقدير ، ولأنه دين وجب على العاقلة ، ولأن التقدير لا بد له من نصّ ، ولا يجري فيها القياس عند بعض من قال به.

والتقدير بالنصف والربع ، قوله (١) ، واختاره ابن البرّاج ، لانه المتفق عليه ، وما زاد عليه مختلف فيه ، والأصل براءة الذمّة من الزائد. إلخ.

ولا يخفى ان مقتضى أدلّة الأول ، عدم التقدير مطلقا ، كما ذكرنا ، لا انه منوط برأيه عليه السّلام.

والثاني جيّد لو لم يكن لثبوت الدية على العاقلة دليل غير الإجماع ، وقد عرفت أن لهم اخبارا ، وان مقتضاها الأول ، فتأمّل.

قوله : «ويؤخذ من الأقرب إلخ». كأن دليل الأخذ من الأقرب فالأقرب اعتبار العقل وبعض ما تقدم.

ولكن شمولها جميع أفراد الخطأ وأقسام العاقلة بحيث تشمل ولاء المعتق مثل ما تقدم في الإرث ، غير ظاهر.

كأنه إجماعيّ عنده ، أو لهم نصّ ما اطلعنا عليه ، وهم أعرف.

__________________

(١) يعني قول الشيخ في موضع آخر من المبسوط والخلاف.

٢٩٣

ولو زادت الدية عن العاقلة أجمع فمن الامام ، وقيل : من القاتل.

______________________________________________________

فإنه يفهم ان هذا الترتيب مثل ترتيب الإرث ، ولكن ما ذكر.

فان فقد المولى وعصبته ، فضامن الجريرة.

فإن فقد فالإمام ، كأنه ترك للظهور واكتفى بقوله : (وهكذا).

وما ذكر شرائط الولاية والضمان أيضا حوالة منه على ما تقدم في الميراث.

وظاهره تشريك المولى ، بل الضامن أيضا مع العصبة لو لم تكف لها ، والجمع بين القريب والبعيد فيهم ، والتقسيط على الوجه الذي تقدّم.

قوله : «ولو زادت الدية إلخ». يعني إذا فضّت الدية على العاقلة ، على الغني نصف درهم ، وعلى غيره ربعه وهكذا حتى ما بقي له عاقلة ولو بعيدا ، نسبيّا أو سببيّا ، مثل المولى وضامن الجريرة وبقي بعد من الدية شي‌ء سواء كانت دية نفس أو جرح وطرف ، تكون تلك الزيادة على الامام عليه السّلام وتؤخذ منه.

وقيل : على القاتل نفسه فتؤخذ من ماله ، فلو كان له أخ لا غير جعل عليه النصف أو الرابع.

ولو لم يكن عاقلة غيره يكون الباقي على الامام عليه السّلام ، وقيل : على القاتل نفسه وأنت تعلم ان مقتضى ما تقدم في المتن عدم التردد والتوقف في كون الزيادة على الامام عليه السّلام.

بل لا ينبغي ذكر ذلك ، فإنه علم انه عليه السّلام عاقلة بعد المراتب ويؤخذ من الأقرب فالأقرب حتى يتم.

ولا يشترط عدم وجود عاقلة ، بل عدم عاقلة يجوز الأخذ منه على الوجه الذي تقدم فلا وجه لكونه على القاتل نفسه.

ولا وجه لجعل بنائه على ان الدية في الأصل عليه ويتحمّل عنه العاقلة ، مع أنه خلاف مقتضى الأدلّة ، فتأمّل.

٢٩٤

ولو زادت العاقلة عن الدية لم يخصّ البعض ولو غاب البعض لم يخصّ الحاضر.

وتستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين من حين الموت وفي الطرف من حين الجناية وفي السراية من حين الاندمال ولا يتوقف الأجل على الحاكم.

______________________________________________________

وكذا فهم من الأدلة انه عليه السّلام عاقلة بعد ان لم يكن عاقلة غيره.

وانه يؤدي تمام الدية من بيت المال لا من خاصّة نفسه ، ففي العبارات مسامحة حيث يعدّونه من المراتب.

ويفهم منها أيضا انه عليه السّلام ليس كسائر العاقلة ، فإنه على كل غني ، وعلى الفقير (الغير ـ خ) ربع مطلقا ، وعليه عليه السّلام ، الجميع.

ويحتمل ان يكون المولى وضامن الجريرة مثله عليه السّلام.

ويحتمل كون الكلّ مثل العصبة ، الله يعلم ، فتأمّل.

قوله : «ولو زادت العاقلة إلخ». إذا كان عدد العاقلة زائدا على الدية على الحساب المقدّر لا يخصّ البعض بالأخذ والبعض بعدمه أو بالنقص.

بل ينبغي التوزيع والتقسيم بحيث يكون النقص عن الكل ولو كان قليلا فينقص من الغني عن نصف درهم شيئا ، ومن الفقير عن ربعه شيئا بالنسبة.

وهذا مبني على التقدير المقدّر ، وعلى ما قلناه أو على رأي الامام عليه السّلام لا معنى للزيادة وهو ظاهر.

وأيضا لا يختصّ الحاضر بالأخذ ويخلى الغائب بل يفضّ على الوجه الشرعي ، فيؤخذ من الحاضر ويصير على الغائب وهو أيضا ظاهر.

وفائدة هذا على التقدير غير ظاهرة ، فتأمّل.

قوله : «وتستأدى دية الخطأ إلخ». دليل ما قيل : إن دية الخطأ تؤخذ في

٢٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ثلاث سنين ، صحيحة أبي ولاد عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : كان علي عليه السّلام يقول : تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين ، وتستأدى دية العمد في سنة (واحدة ـ خ) (١).

وهي تدل أيضا على ان مدة دية العمد في سنة واحدة.

كأن شبهه أيضا داخل فيه.

ويؤيده ظهور الأدلة في التعجيل ، بل لا يبعد كون المراد إيّاه فقط ، فإن دية العمد انما يلزم بالتراضي ، وقد لا يقع عليه.

فتأمّل ، إذ قد يقال : إذا عفوا وأصلحوا على الدية ، يكون مقتضى ذلك ، التأجيل إلى سنة ويشكل لو فرض حملها بذلك وهو ظاهر.

وقد تقرّر أن ليس للأولياء مطالبة الدية إلّا بعد حلول الأجل سنة أو ثلاث سنين.

ولكن لا بد من تحقيق ابتداء ذلك ، فابتداء مدّة دية القتل ، حين وقوع الموت وإزهاق الروح ، وإذا كانت للظرف ، فمن حين حصول الموجب ، وكذا في الجراحات التي لا سراية لها.

واما التي لها سراية ، فمثل ان قطع إصبعا وسرت إلى الكف ، فظاهر المتن انه انما يكون ابتداء مدّة ديته من حين الاندمال والبرء ، وهو المشهور ، لأنه ما استقر الّا بعده.

وقيل : من حين وقوع الكف ، إذ لا فرق بين وقوعه بالسراية أو ابتداء وفي الثاني كان من حين الوقوع ، وكذا في الأوّل.

ويمكن أن يقال : ان علم انتهاء السراية أو عدمها أصلا يكون ابتداء المدّة

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٥٠.

٢٩٦

ولو مات بعض العاقلة بعد الحلول لم تسقط عن تركته.

ولو هرب قاتل العمد وشبهه أو مات أخذت من الأقرب إليه ممن يرث ديته فان فقد فمن بيت المال.

______________________________________________________

حينئذ ، والّا حتى يعلم سواء سرى أم لا.

أو يقال : يكون موقوفا ومراعى ، فان حصلت جناية ، وما تسرى واندمل ، علم انه كان بالابتداء حين وقوعه.

وان سرت ، ولو بعد مدّة حيث دخلت الاولى فيها ثم برئت ، فيكون من حين الخلاص من السراية لا الاندمال.

وجهه ظاهر ، ولا وجه سوى ما يتخيّل من احتمال السراية ، وذلك لا يوجب ذلك ، بل يكفي في ذلك ما ذكرناه فتأمّل.

ويمكن أن يأوّل الاندمال بزمان القطع بعدم السراية ، فتأمّل.

ووجه عدم توقفه على حكم الحاكم ومرافعته إليه وحكمه بذلك ، الأصل وعدم الدليل فإنه دين كسائر الديون ، فابتداؤه من حين وجود سببه ، فلا يتوقف على شي‌ء ، بل لا يحتاج إلى ذكره بعد.

وكأنه أشار إلى ردّ بعض العامّة حيث قال بعض منهم بأنّه من حين الحكم ، وبعض انه من حين المرافعة.

قوله : «ولو مات إلخ». دليل عدم سقوط الدية عن العاقلة بموته بعد حلول الأجل ـ وهو مضي السنة ـ ظاهر لانه دين لا يسقط بموت المديون كسائر الديون.

قوله : «ولو هرب قاتل العمد إلخ». ظاهره أن القاتل عمدا أو شبهة إذا هرب أو مات أن تمام الدية يؤخذ من ورثته الّذين يرثونه ، الأقرب فالأقرب ، وهو المشهور.

٢٩٧

قال الشيخ : ويستأدى الأرش بعد حول ان لم يزد على الثلث والّا أخذ الزائد بعد الحول الثاني.

ولو كان أكثر من الدية كاليدين والرّجلين لاثنين حلّ لكل واحد ثلث بعد سنة وان كان لواحد حلّ له ثلث لكل جناية سدس.

______________________________________________________

وقيل : من تركته وماله كسائر ديونه ، فإن دية العمد وشبهه ليس على العاقلة.

دليله الأصل والقاعدة العقليّة والنقليّة المتقدّمتان غير مرّة ، فتذكّر.

ودليل المشهور ما تقدم من صحيحة البزنطي ، ورواية أبي بصير (١) ، إلّا أنّ الصحيحة كانت مقيّدة بالموت ، وذلك يوجب تقييد الأخرى.

وان كلتيهما مقيّدتان بعدم القدرة عليه والعمد فكان في شبيهه بالطريق الأولى يكون كذلك أو بالقياس ، أو بعدم القائل بالفصل ، فتأمّل.

وأيضا مقيدتان بالأخذ من ماله ، وان لم يكن ، فمن الأقرب ، لعله المراد هنا أيضا.

فإن فقدوا ، أو كانوا فقراء ، ولا يمكن الأخذ منهم ، يؤخذ من بيت المال تمام الدية ، لعدم ابطال دم امرئ مسلم.

ويحتمل بقاؤه عليهم كسائر ديونهم.

قوله : «قال الشيخ : ويستأدى إلخ». قال في الشرح : هذا كلّه في المبسوط وقسّم الأرش إلى الدية ، وأقل منها ، وأكثر ، فأجرى الدية مجرى دية النفس في ثلاث سنين وان كان ثلث فما دون ، فعند انسلاخ الحول ، لأن العاقلة لا تعقل حالا وان كان دون الثلثين ، حل الثلث الأوّل عند القضاء الاولى ، والباقي بعد عند الثانية ، وكذا الثلثان فما فوق يحلّ الزائد على الثلثين عند انقضاء الثالثة ، وان كان

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٤ من أبواب العاقلة ج ١٩ ص ٣٠٢.

٢٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

أكثر من الدية مثل ان قطع يدين وقلع عينين ، فان كان من اثنين حلّ لكلّ واحد منهما ثلث الدية ، وعند انقضاء الحول ، وعلى هذا.

وان كان المستحق واحدا لم يجب أكثر من الثلث فيكون لواحد سدسا من دية العينين وسدسا من دية اليدين فيقع الاستيفاء في ست سنين.

والمحقق استشكل هذه المسائل بأسرها من احتمال تخصيص التأجيل بالدية دون الأرش ، وفي القواعد افتى بمذهب المبسوط (١) لا شكّ في الإشكال ، لعدم النصّ ، إلّا في دية النفس خطأ ، لا في أرش الأعضاء دية وأقل.

كأنه قاس عليها ، فإن الدية في الخطأ إذا كان في النفس في ثلاث سنين وليس له وجه الّا انه خطأ ، فيكون في أرش الأعضاء خطأ كذلك ، فإن العاقلة لا تضمن حالا أو يحتمل ان يكون له نصّ.

وأيضا أرش الأعضاء إذا كان دية يمكن إدخالها في صحيحة أبي ولاد المتقدمة ، فإن فيها : (تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين) (٢).

والدية أعم أن تكون للنفس أو العضو ثم دون الدية بذلك الحساب ، فإذا كان الأرش ثلث الدية تستأدى في سنة واحدة وما دونه حمل عليه.

كأنه لعدم أجل في العقل أقل منه والثلثين في سنتين ، وعلى هذا ، القياس.

وتؤيّده القاعدة العقليّة والنقليّة التي تقتضي عدم ضمان غير الجاني إلّا في المتفق والمنصوص وكأنّ المصنف في القواعد لاحظ ذلك وهنا ، حيث نقل وسكت ، لاحظ ما لاحظه المحقق ، فأشار إلى التردد ، والتوقف ، ووجه الباقي ظاهر فتأمّل.

__________________

(١) إلى هنا عبارة الشرح.

(٢) الوسائل باب ٤ قطعة من حديث ١ من أبواب ديات النفس ج ١٩ ص ١٥١.

٢٩٩

الثالث : في الاحكام

فلا (ولا ـ خ ل) يعقل الّا من عرف كيفية انتسابه الى القاتل ولا يكفي كونه من القبيلة.

ولو قتل الأب ولده خطأ فالدية على العاقلة ، وأجود القولين منعه من الإرث فيها لا في التركة (١).

______________________________________________________

قوله : «فلا يعقل الّا من عرف إلخ». عدم الفاء أظهر ، كأنه أراد التفريع على ما سبق ، من انه لمّا كان العقل على القرابة وذي النسب أوّلا ، فلا يضمن الّا من علم كيفيّة انتسابه إلى القاتل ، مثل كونه أخا له من الأب أو الأم أو الأبوين ، أو عمّا وكذلك ابنائهما ونحو ذلك.

ولا يكفي مجرد كونه من قبيلة فلان مثل كونه من قريش وبني تميم ، ونحو ذلك ، فإن الإنسان لكل منهم قرابة إلى غيره.

وانه يحتاج في القسمة أوّلا لنسبه (٢) فيما لم يعرف لم تمكن ، نعم ان علم قرب النسبة في الجملة ولم يعلم كونه من قريش وبني تميم بحيث يوجب العقل أو علم ، ولكن لم يعلم كيفيّته فلا يبعد حينئذ ، العقل والضمان ، وينبغي الصلح ، فتأمّل.

قوله : «ولو قتل الأب ولده إلخ». قد مرّ في باب الميراث ان القاتل لا يرث إلّا إذا كان خطأ فإنه يرث.

ولو قتل الأب ولده خطأ ، يرث من جميع تركته من دية خطأه من العاقلة ،

__________________

(١) في نسخة : وأجود القول منعه من الإرث منها لا من التركة.

(٢) في بعض النسخ المخطوطة هكذا : فإنه يحتاج في القسمة إلى النسبة فما لم يعرف لم تمكن ، نعم ان علم قرب النسب في الجملة.

٣٠٠