مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٠

ولو ركب الصّبيان بأنفسهما أو أركبهما الوليان فنصف دية كل منهما على عاقلة الآخر.

______________________________________________________

على الأخر.

ولكن يقع التقاصّ في الدية للتساوي ، وبقي لورثة كل واحد نصف قيمة فرسه على الآخر فيأخذه من التركة كسائر الديون.

وينبغي التقاصّ في ذلك أيضا ويرجع من له الزيادة بها على الآخر ، وهو ظاهر ويظهر منه حكم الماشيين ، والراكب والماشي.

وكذا ان فرّط أحدهما دون الآخر أو قصد أحدهما الآخر وغير ذلك من الأقسام والاحتمال ، فلا يحتاج إلى التفصيل ، فافهم.

ومعلوم ان كان قصدهما ، القتل بذلك فهو عمد ، ولكن لا أثر له.

وان كان الصدم مقصودا ـ مع عدم القتل ـ فهو شبيه العمد ، حكمه ما تقدّم.

وان لم يكن ذلك أيضا مقصودا فالظاهر انه خطأ محض ، فما يلزم بفعل كلّ ، على عاقلة الآخر.

ويحتمل عدم كونها على العاقلة ، بل يكون مثل الشبيه حيث كان الركوب باختيارهما وقصدهما فانجر إلى ذلك.

ويؤيّده أن اللزوم على العاقلة خلاف القواعد ، فالاقتصار على موضع النصّ والإجماع ، فتأمّل.

قوله : «ولو ركب الصبيان إلخ». حكم الصبيين الفارسين ، حكم البالغين في أنّ المضمون نصف الدية ونصف الفرس.

وانه يقع التقاصّ في نصف الدية ، ويبقى نصف قيمة الفرس.

ولكن يلزم عاقلة كل واحد ، لا في ماله ، لان عمد الصبيّ خطأ وهذا مقرّر عندهم للرواية :

مثل صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : عمد

٢٤١

ولو أركبهما أجنبيّ فديتهما عليه.

ولو كانا عبدين تهادرا (تهاترا ـ خ ل) ولا يضمن المولى.

______________________________________________________

الصبي وخطأه واحد (١) وكذا لو كانا مجنونين لما مرّ.

ولصحيحة ، عن أبي جعفر عليه السّلام قال : كان أمير المؤمنين عليه السّلام يجعل جناية المعتوه على عاقلته خطأ كان أو عمدا (٢).

هذا إذا ركبا بأنفسهما ، واما إذا أركبهما الوليّان ، فلانه لما كان فعلهما بهما ذلك جائزا وبمنزلة فعلهما ، كان كركوبهما بأنفسهما وفعل نفسهما ، فيكون خطأ ، فإن التصادم هو فعلهما المترتب عليه القتل ، والسبب أيضا كان جائزا ، فلا ضمان الّا للفعل وهو على العاقلة ، فتأمّل.

واما إذا أركبهما الأجنبي ـ والظاهر (٣) ان المراد بغير اذن الولي ، فإن إذنه مثل فعله في الجواز الموجب لسقوط الضمان ـ فالدية حينئذ على ذلك الأجنبي ، فإنه السبب مع عدم اعتبار فعل الصبي ، فتأمّل.

قوله : «ولو كانا عبدين تهاترا إلخ». لا شكّ ان اللازم في تصادم العبدين أيضا ذلك.

ولكن لمّا كان العبدان مملوكين بالغين عاقلين وجنايتهما على أنفسهما لا على مولاهما ، تهاترا ، أي سقط ما يلزم كلّ واحد عنه بموته ولا يلزم غيره شي‌ء ، المولى وغيره من الأقارب ، وهو ظاهر.

ولو كانا باقيين كان اللازم لمولى كلّ واحد نصف قيمة فرسه على رقبة الآخر ، وهو ظاهر.

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ٢ من أبواب العاقلة ج ١٩ ص ٣٠٧.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ١ من أبواب العاقلة ج ١٩ ص ٣٠٧.

(٣) يعني من قول الماتن رحمه الله : (ولو أركبهما أجنبي إلخ).

٢٤٢

ولو مات احد المتصادمين فعلى الآخر نصف ديته ولو كانا حاملين فعلى كل واحدة (واحد ـ خ ل) نصف دية الجنين (الجنينين ـ خ ل).

ولو مرّ بين الرّماة فديته على عاقلة الرامي الّا ان يسمع التحذير ، ويتمكن من العدول.

______________________________________________________

قوله : «ولو مات احد المتصادمين إلخ». وجهه علم ممّا سبق ، فافهم.

وكذا لو كانا حاملين ولو لم يموتا بل أسقط جنينا ، فعلى كل واحدة نصف ما أسقطته الأخرى ولو ماتتا أيضا ، فمثل ما تقدم ماشيتين أو راكبتين ، والكل واضح ، بعد التأمل فيما سبق ، الحمد لله.

قوله : «ولو مرّ بين الرماة إلخ». إذا مرّ شخص بين جماعة يرمون الخطر (١) فوصل إليه رمي شخص فقتل به ، فديته على عاقلة الرامي لأنه قتل خطأ ، إذ ما قصد قتله ، ولا رميه ، بل قصد الخطر فأصابه ، وذلك هو الخطأ المحض ، وهو على العاقلة.

ولكن هذا انما يكون إذا لم يكن حذّر الرامي ذلك الشخص بأن قال : احذر ونحوه أو حذّره ولكن ما سمعه أو سمع المقتول ولكن ما تمكّن من الحذر وقت السماع.

وان تمكن فليس على عاقلة الرامي شي‌ء أيضا ، لأنه قد حذّر وكان المقتول متمكنا فصار معذورا.

وتدل عليه رواية أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : كان صبيان في زمن علي بن أبي طالب عليه السّلام يلعبون بأخطارهم فرمى أحدهم

__________________

(١) والخطر بالتحريك السبق الذي يتراهن عليه ، والخطر المقلاع الذي يرمى به (مجمع البحرين).

٢٤٣

ولو قرّب البالغ صبيّا فالضمان عليه لا على الرامي ، على اشكال.

______________________________________________________

بخطره فدقّ رباعيّة صاحبه فرفع ذلك الى أمير المؤمنين عليه السّلام فأقام الرامي البيّنة بأنه قال : حذار ، فأدرأ أمير المؤمنين عليه السّلام القصاص ثم قال : قد أعذر من حذّر (١) أي صار ذا عذر ، كأنه لا خلاف عندهم فيه.

في الصحاح يعني اعتذر ، وقبل عذره فصار معذورا في الشرع فلا يقتضي فعله الدية على عاقلته أيضا لو قتل به شخص ، فتأمّل.

كأنّ الرامي كان بالغا حتى ادّعى وجاء بالبيّنة ، أو المراد فعل وليّه ذلك ولا يضرّ عدم ظهور الصحّة والصراحة في نفي الدية على العاقلة على تقدير القتل أيضا ، فتأمّل.

قوله : «ولو قرّب البالغ إلخ». وجه الإشكال في ان الضمان على المقرّب أو على الرامي أن الأول سبب قويّ وغارّ للمباشرة ، وهو ضعيف.

وان المباشر مقدّم على السبب.

وضعفه بحيث يتقدم عليه السبب ، غير ظاهر.

ويمكن ان يقال : لا إشكال في كون الضمان على المقرّب مع علمه وجهل الرامي ، فيحتمل هنا قصاصه ، فإنه سبب للإتلاف عدوانا عمدا.

ويحتمل الدية للشبهة.

ولا (٢) في انه على الرامي في عكسه فيقتصّ منه لأنه عمد محض ، والسبب ضعيف.

وكذا في صورة علمهما فان المباشر مقدم الّا مع ضعفه وليس ذلك ها هنا بظاهر.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٦ من أبواب القصاص في النفس ج ١٩ ص ٥٠.

(٢) عطف على قوله قدّس سرّه في كون الضمان إلخ.

٢٤٤

ويضمن الختان حشفة الغلام لو قطعها.

______________________________________________________

وفي صورة جهلهما أيضا غير بعيد كون الضمان على عاقلة الرامي مع احتمال الشركة ، فتأمّل.

وانما فرض الصبيّ لأنّه ان كان بالغا عاقلا فلا ضمان على المقرّب ، فحينئذ هو بمنزلة المقرّب فكأنه قرّب نفسه إلى الرمي ، فعلى تقدير ضمان المقرّب هناك يسقط دمه هنا.

ويحتمل على تقدير ضمان المباشر ، ضمانه.

ويحتمل التساوي ، فإن البالغ قد لا يتقرب ويقربه شخص بحيث يكون هو السبب التام مثل مقرّب الصبيّ ، ويكون الغرض لظهوره ، فتأمّل.

قال في الشرح : التقييد بالبالغ للحكم بالضمان عليه والصبيّ المقرب للصبيّ ، الضمان على عاقلته ، والمراد بالضمان على الرامي في الضمان بسبب الرامي ، فيكون على عاقلته ، إذ هو غير قاصد إلى الرمي والّا لاقتصّ منه ، تأمّل في الوجه.

قوله : «ويضمن الختان إلخ». إذا ختن شخص غلاما فقطع حشفته ضمن الحشفة ، فإن كان عمدا موجبا للقصاص ، يقتصّ منه ، وإلّا أخذ الدية من ماله لانه شبيه العمد.

ولا فرق في ذلك بين كونه بإذن الولي واذن الغلام إذا كان من اهله ، وعدمه ، فإن الاذن في الختان لا في قطع الحشفة وليس الختان مفضيا الى قطع الحشفة بوجه بل تفريطه وعدم ملاحظته ومعرفته ، فيفرّق به بين الطبيب وبينه ، فتأمّل وكأنه لا خلاف فيه.

وتؤيّده رواية النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه أنّ عليّا عليه السّلام ضمن ختّانا قطع حشفة غلام (١).

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ١٩٥.

٢٤٥

ولو وقع على غيره من علو قصدا والوقوع قاتل ، قتل ، والّا فالدية ولو اضطر أو قصد الوقوع لغير ذلك فالدية على العاقلة ولو ألقاه الهواء أو زلق فلا ضمان ولو أوقعه غيره (غيرهما ـ خ ل) ضمنهما.

______________________________________________________

ولا يضرّ الضعف بما ترى ، فتأمّل.

قوله : «ولو وقع على غيره إلخ». لو وقع انسان على آخر وقصد الوقوع عليه ، وكان مثل هذا الوقوع قاتلا غالبا فوقع عليه أو قصد قتله بالوقوع يقتل وان لم يكن ذلك الوقوع قاتلا غالبا فهو قتل عمد عدوان موجب للقصاص ، فلولي الدم قتله به.

وان لم يكن ذلك الوقوع قاتلا غالبا ، ولا قصد القتل به ، بل قصد الوقوع عليه فقط ، فقتل اتفاقا ، فهو قتل شبه عمد موجب للدية في ماله.

ولو اضطر إلى الوقوع عليه أو قصد هو الوقوع وأوقع نفسه قصدا واختيارا ولكن ما قصد الوقوع عليه بل قصد وقوعه على غيره وكان ذلك ممكنا فوقع عليه اتفاقا ، كان خطأ محضا موجبا للدية على عاقلته.

وهو في الثاني ظاهر لا الأوّل ، فإنه مضطر ، فالفعل صادر عنه باختيار فهو مثل ان زلق أو أوقعه الهواء أو غيره.

وقد ذكر ان لا ضمان حينئذ على عاقلته أيضا ، فإنه ليس بعمد ، ولا شبيه عمد ولا خطأ ، بل مثل فعل البهائم والجمادات التي لا يترتب عليه ضمان.

ويحتمل هنا أيضا في ماله ، لأنّه من قبيل الأسباب كما قال الشيخ في جناية النائم.

ويحتمل الضمان على العاقلة أيضا ، لأنه مثل فعل النائم ، وهو موجب للدية على العاقلة عند المصنف ، بل الأكثر.

ويحتمل على بيت المال لعدم بطلان دم امرئ مسلم وليس لأحد فيه دخل فيؤخذ من المصالح كما إذا قتل في الزحام والمفاوز ومن لم يعلم له قاتل ، إذ لا فرق بين من لا يعلم قاتله ومن علم قاتله ولكن لا يكون له اختيار في قتله مع كون القتل

٢٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

بغير استحقاق ، بل يمكن دعوى أولويّة كون هذا موجبا للدية على بيت المال إذا قيل بعدمها على القاتل والعاقلة ، فتأمّل.

واما كون ضمان الواقع ومن وقع عليه على من أوقعه عليه ، فهو ظاهر.

فلو قتلا معا ، أو أحدهما ، أو نقص منهما شي‌ء عمدا أو شبيهه أو خطأ عمل بمقتضاه.

ويدل على عدم ضمان الواقع على الغير فقتل بغير اختياره صحيحة زرارة قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل وقع على رجل فقتله ، فقال : ليس عليه شي‌ء (١)

وروايته أيضا ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل وقع على رجل من فوق البيت فمات أحدهما؟ قال : ليس على الأعلى شي‌ء ، ولا على الأسفل شي‌ء (٢).

وصحيحة محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السّلام قال في الرجل يسقط على الرجل فقتله (فيقتله ـ ئل)؟ فقال : لا شي‌ء عليه ، وقال : ومن قتله القصاص فلا دية له (٣).

فهذه تدل على انه إذا اقتصّ في الطرف فسرى الجرح فمات ، لا شي‌ء كما مضى أنّ سراية القصاص غير مضمون كسراية الحدود ، وهو ظاهر.

والكلّ دل على عدم ضمان الواقع مطلقا.

وحملها الشيخ على من إذا زلق فوقع على غيره فقتل به ، جمعا بينها وبين

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ١٧٧ وفيه : عبيد بن زرارة وكذا في باب ٢٠ حديث ١ من أبواب قصاص النفس ج ١٩ ص ٤٠.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ٣ من أبواب قصاص النفس ج ١٩ ص ٤٠ وفيه أيضا عبيد بن زرارة.

(٣) الوسائل باب ٢٠ حديث ٢ من أبواب قصاص النفس ج ١٩ ص ٤٠.

٢٤٧

ولو قمصت المركوبة بنخس ثالثة فصرعت الراكبة فالدية على الناخسة إن ألجأت ، والّا القامصة ، وقيل : بينهما ، وقيل : عليهما الثلثان.

______________________________________________________

صحيحة عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل دفع رجلا على رجل فقتله؟ قال : الدية على الذي وقع على الرجل فقتله ، لأولياء المقتول ، قال : ويرجع المدفوع بالدية على الذي دفعه ، قال : وان أصاب المدفوع شي‌ء فهو على الدافع أيضا (١)

وهذه أيضا تدل على ضمان الدافع لهما كما ذكره في المتن.

ولكن فيها ما يخالف كلام الأصحاب من كون دية الأسفل على الواقع ثم رجوعه إلى الدافع ، ولا يمكن ردّه ، للصحّة والصراحة.

وكلام الشيخ حيث جمع وما تكلّم في ذلك يدل على القول به.

والظاهر حملها على غير القاصد للقتل ولا كون الوقوع قاتلا غالبا ، والّا يلزم القصاص لا الدية.

وانه قاصد للفعل ، فالدية في ماله.

وان الاخبار الأولة محمولة على عدم الاختيار لزلق أو غيره ، لعله مراد الشيخ ، فتأمّل.

قوله : «ولو قمصت المركوبة إلخ». إذا ركبت جارية جارية ونخست بالية المركوبة فتحرّكت فوقعت الراكبة ، فماتت ، فديتها على الناخسة إن ألجأت المركوبة بذلك ، والّا يكون على المركوبة.

دليل عدم القصاص ظاهر ، وكون الدية على الناخسة مع الإلجاء ، أن فعلها سبب للقتل ولا فعل لغيرها ، فانّ صرع الراكبة وقمص (٢) المركوبة على تقدير

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ١٧٧.

(٢) وهو ان يرفع يديه ويعجز رجليه ويضمهما معا ومنه قمصت المركوبة فصرعت الراكبة (مجمع البحرين)

٢٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الإلجاء كالعدم ، بل فعلهما فعل المكرهة الناخسة ، وهو ظاهر.

واعترض الشارح بأن الإكراه على القتل لا يسقط الضمان.

وبأنّ في وجوب الدية اشكالا أيضا ، لأنّ القمص قد يكون قاتلا فيكون موجبا للقصاص.

وينبغي أن يقال مثله في النخس ، الّا ان ذلك بعيد.

وقد يقال : إنّ الإلجاء والاضطرار على القتل نفسه ليس بموجب لإسقاط الضمان واما الإلجاء على أمر آخر إذا كان ممّا لم يترتب عليه القتل غالبا ، موجب لسقوط الضمان وهو ظاهر.

وان يقال : إنّ الإكراه على القتل لم يسقط الضمان لوجود الاختيار ، بل الموجب لعدم السقوط هو القتل باختياره ، لكن مكرها ، بخلاف الإلجاء إلى ما يصدر عنه باضطراره ، فإنه قد يكون مسقطا لسلب القدرة في صدور سببه ، وهو ظاهر.

ودليل كون الدية على المركوبة مع عدم الإلجاء ، أن فعلها سبب للقتل من غير قصد مع عدم كونه قاتلا غالبا.

ثم ان مختار المتن ، هو القول بأنّ الدية على الناخسة على تقدير الإلجاء ، وعلى المركوبة القامصة على تقدير عدمه ، قد مرّ دليله.

واما دليل كونها عليهما أن القتل وقع بواسطة فعلهما ، النخس ، والقمص ، فيكون عليهما ، فان فعل الراكبة وهو الصرع بغير اختيارها.

ورواية الأصبغ قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في جارية ركبت جارية فنخستها جارية أخرى فقمصت المركوبة فصرعت الراكبة فماتت فقضى بديتها نصفين بين الناخسة والمنخوسة (١).

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ١ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ١٧٨.

٢٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال في الشرائع : وأبو جميلة ضعيف فلا اسناد إلى فعله وهو في الطريق (١) ، وغيره أيضا فمن يضعّفها ، فان الطريق إلى أحمد بن يحيى (٢) ، عن أبي عبد الله : عن محمّد بن عبد الله بن مهران ، عن عمرو بن عثمان ، عن أبي جميلة ، عن سعد الإسكاف ، عن الأصبغ بن نباتة.

فان الأصبغ غير مصرّح بتوثيقه ، وسعد مختلف فيه ، بل الأكثر على فساد مذهبه ، وهو مذكور في الضعفاء.

ومحمّد بن عبد الله ما رأيته في الرجال.

ولعل (أبي عبد الله) هو محمّد بن خالد وفيه أيضا خلاف الّا ان الظاهر أنه ثقة.

ومحمّد بن أحمد كأنه الأشعري الثقة ، والطريق إليه صحيح (٣).

ولعل صاحب الشرائع يعرف توثيق الكلّ ، ولهذا اقتصر في ضعفها بأبي جميلة ، أو انه كاف وهو أضعفهم ، فان المفضل بن صالح ، قالوا : انه كذّاب وضّاع للحديث.

__________________

(١) والسند كما التهذيب هكذا : محمّد بن احمد بن يحيى ، عن أبي عبد الله ، عن محمّد بن عبد الله بن مهران ، عن عمرون عثمان ، عن أبي جميلة ، عن سعد الإسكاف عن الأصبغ بن نباتة.

(٢) هكذا في النسخ ، والصواب محمّد بن احمد بن يحيى كما في الوسائل والتهذيب.

(٣) فان الطريق كما في مشيخة التهذيبين هكذا : وما ذكرته في هذا الكتاب ، عن محمّد بن احمد بن يحيى الأشعري فقد أخبرني به الشيخ أبو عبد الله والحسين بن عبيد الله واحمد بن عبدون كلّهم عن أبي جعفر محمّد بن الحسين بن سفيان عن احمد بن إدريس عن محمّد بن احمد بن يحيى وأخبرنا أبو الحسين بن أبي جيد ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن يحيى واحمد بن إدريس جميعا ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى وأخبرني به أيضا الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه محمّد بن يحيى عن محمّد بن احمد بن يحيى وأخبرني به الشيخ أبو عبد الله والحسين بن عبيد الله واحمد بن عبدون كلّهم عن أبي محمّد الحسن الحمزة العلوي وأبي جعفر محمّد بن الحسين البزوفري جميعا عن احمد بن إدريس عن محمّد بن احمد بن يحيى (انتهى)

٢٥٠

ويضمن المخرج ليلا حتى يرجع ، فان عدم فالدية ، وان وجد مقتولا فالقصاص ، ولو ادّعاه على غيره بالبيّنة برئ ولو وجد ميّتا ففي الضمان اشكال.

______________________________________________________

وقيل : لفعل الراكبة أيضا دخل في القتل.

والرواية ـ مع ضعفها ـ مخالفة للأصول المقرّرة من انه إذا اشترك الثلاث في القتل يكون الدية على الكلّ أثلاثا ، ولهذا ترك المتأخرون العمل بها.

وذهب المفيد إلى الثلث ، فإنها قتلت بفعلها ، وفعل الناخسة ، والقامصة ، فيسقط ثلث الدية ، وعلى كلّ واحدة منهما الثلث ، ونقل ذلك رواية في إرشاده ، وذكره في المقنعة أيضا.

واستحسنه المصنف والمحقق ، فإنه أوفق بالقواعد.

ويمكن حمل ما سبقه على كون الراكبة مضطرة في فعلها دون الناخسة والقامصة فيكون الضمان عليهما فقط ، فالحكم موافق للقواعد المتفق عليها ولا يحتاج إلى الرواية مع ان عندهم تجبر بالشهرة.

فالتحقيق انه ان كانتا كلتاهما مضطرّتين فالضمان على الناخسة ، وكذا إذا كانت المضطرة الراكبة.

ويحتمل كونها عليها وعلى المركوبة.

وان لم تضطر إحداهما يحتمل عدم الضمان أصلا وكونها على الثلاث ، وكأنه الظاهر.

وكذا حال الجهل ، إذ الأصل عدم اضطرار احد فيه ، فكأنه اختيار المفيد ، والمختلف ، وهو جيّد على الظاهر ، الله يعلم.

قوله : «ويضمن المخرج ليلا إلخ». وما ذكروا خلافا في ضمان المخرج شخصا ليلا حتى يرجع.

وكذا في لزوم ديته على تقدير ان عدم.

٢٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

نعم تردّد في الشرائع (١) في قصاصه لو وجد مقتولا ولم يدّع على احد بالبينة الشرعيّة ، ورجّح الدية حينئذ أيضا.

وينبغي تقييد الدية في الأول أيضا بعدم الدعوى على غيره بالبيّنة.

وينبغي تقييده بعدم افراد شخص آخر به أيضا فيهما.

وتردد في الدية على تقدير ان وجد ميتا كما في المتن ، ولكن رجح عدمها أيضا.

وحينئذ علم أن ليس عنده بل عند المصنف أيضا أن المخرج ضامن مطلقا حتى يرجع ، بل اما على تقدير ان عدم ، أو وجد قتيلا ولم يعلم قاتله.

بل يحتمل ان يرجع قوله في الشرائع : (ولعل الأشبه ان لا يضمن) راجعا إلى أصل المسألة لا إلى ما يليه من قوله : (وان وجد ميتا ففي لزوم الدية تردد ولعلّ الأشبه انه لا يضمن) وان كان الظاهر ذلك حيث حكم في التردد الأول : (أن الأصح ان لا قود).

ولكن يحتمل ان يكون ذلك على تقدير القول بالضمان كما هو المشهور لقوله : (ومن دعا غيره وأخرجه من منزله ليلا فهو له ضامن).

لان (٢) دليل هذه المسألة روايتان غير صحيحتين ، بل ولا صريحتين في جميع هذه الاحكام مع مخالفتهما للأصل ، فان الأصل عدم الضمان وعدم لزوم شي‌ء على احد الّا ان يثبت الناقل الشرعي ، وهو الكتاب ، والسنة المقبولة ، والإجماع

__________________

(١) قال في الشرائع : مسائل الاولى من دعا غيره فأخرجه من منزله ليلا فهو له ضامن حتى يرجع إليه فإن عدم فهو ضامن من لديته ، وان وجد مقتولا وادّعى قتله على غير واقام بيّنة فقد برئ ، وان عدم البيّنة ففي القود تردد ، والأصحّ انه لا قود وعليه الدية في ماله ، وان وجد ميّتا ففي لزوم الدية تردد ولعلّ الأشبه انه لا يضمن (انتهى).

(٢) تعليل لقوله قدّس سرّه (وان كان الظاهر إلخ).

٢٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وليست هنا.

(الأولى) رواية جعفر بن محمّد ، عن عبد الله بن ميمون عن الصادق عليه السّلام ، قال : إذا دعا الرجل أخاه بليل ، فهو له ضامن حتى يرجع إلى بيته (١).

مع ان سندها إلى جعفر بن محمّد ، وكونه ثقة أيضا غير ظاهر ، فإنه أرسل منه في التهذيب.

وظاهرها عام ، كأنه لا قائل به.

والظاهر أنّه على تقدير القول بها ، انما يكون الضمان على تقدير الدعوى بحسب ظاهر الشرع لا في نفس الأمر.

فلو علم شخص براءته من جريرته وما فعل به شيئا لكن فقد ، لا يكون ضامنا وكذا لم يكن يجب عليه ان يصل إلى أهله.

وان ليس للورثة ـ على تقدير عدم (٢) وعدم التهمة مثل ان يكون صديقا صالحا أو قريبا مثل الأخ ـ ، أخذ الدية والقصاص وغير ذلك.

مع احتمال أخذ الدية مع عدم العلم ، فان ظاهر الشرع يحكم للورثة بها ، واما القصاص فالظاهر العدم.

(والثانية) رواية محمّد بن الفضيل ، عن عمرو بن أبي المقدم ـ والأول مشترك ، والثاني مختلف فيه ـ قال : كنت شاهدا عند البيت الحرام ورجل ينادي بأبي جعفر ـ وهو يطوف ويقول ـ يا أمير المؤمنين ان هذين الرجلين طرّقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله فلم يرجع إليّ ، والله ما ادري ما صنعا به؟ فقال لهما أبو جعفر : ما صنعتما به؟ فقالا : يا أمير المؤمنين كلّمناه ثم رجع إلى منزله ، فقال : لهما : وافياني غدا

__________________

(١) الوسائل باب ٢٦ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ وباب ١٨ حديث ٢ منها ص ٣٧.

(٢) كذا في النسخ كلها ولعل الصواب (على تقدير عدمه).

٢٥٣

ولو أنكر الولد اهله صدقت الظئر ما لم يعلم كذبها فتضمن الدية الّا ان تحضره أو من يشتبه به ولو استأجرت أخرى وسلمته ضمنته.

______________________________________________________

صلاة العصر فوافياه من الغد صلاة العصر وحضر به ، فقال لجعفر بن محمّد عليهما السّلام ـ وهو قابض على يده ـ : يا جعفر اقض بينهم فقال : يا أمير المؤمنين اقض بينهم أنت ، فقال له : بحقي عليك الّا قضيت بينهم ، قال : فخرج جعفر فطرح له مصلّى قصب ، فجلس عليه ثم جاء الخصمان وجلسوا قدامه فقال : ما تقول؟ فقال : يا ابن رسول الله ان هذين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله فوالله ما رجع اليّ وو الله ما أدري ما صنعا به؟ فقال : ما تقولان؟ فقال : يا بن رسول الله كلّمناه ثم رجع إلى منزله ، فقال : يا غلام اكتب بسم الله الرّحمن الرّحيم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : كلّ من طرّق رجلا بالليل فأخرجه من منزله فهو له ضامن الّا ان يقيم البيّنة على انه قد ردّه إلى منزله ، يا غلام نحّ هذا واضرب عنقه ، فقال : يا ابن رسول الله ، والله ما قتلته انا ولكن أمسكته وجاء هذا فوجأه فقتله ، فقال : انا ابن رسول الله يا غلام نحّ هذا واضرب عنق الآخر ، فقال : والله يا ابن رسول الله ما عذبته ولكن قتلته بضربة واحدة ، فأمر أخاه فضرب عنقه ثم أمر بالآخر فضرب جنبيه وحبسه في السجن ووقع على رأسه يحبس عمره ويضرب كلّ سنة خمسين جلدة (١).

هذه أيضا ـ مع عدم صحتها ومخالفة بعضها لبعض القوانين ـ حكم في قضيّة يعمله عليه السّلام انه هكذا يجب ولا يتعدى إلى غيره ، فإذا وقعت يحكم فيها بما يقتضيه القواعد والأدلّة.

قوله : «ولو أنكر الولد إلخ». إذا أخذت ظئر ولدا إلى بيتها لتظايره ثم

__________________

(١) الوسائل باب ١٨ حديث ١ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ٣٦ مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ.

٢٥٤

وعن الصادق عليه السّلام في لصّ جمع الثياب ، ووطأ المرأة مكرها ، وقتل ولدها الثائر ، فلما خرج قتلته ، ضمان (ضمن ـ خ ل) أولياء اللّص دية الولد ودفع أربعة آلاف درهم الى المرأة من تركته لمكابرتها (لمكابرته ـ خ ل) على فرجها وليس عليها ضمانه وعنه عليه السّلام في امرأة أدخلت ، ليلة البناء بها صديقها إلى الحجلة فقتله

______________________________________________________

جاءت إلى أهل الولد فأنكروا انه ولدهم صدقت الظئر في دعواها الّا ان يعلم اهله كذبها.

وحينئذ يضمن لهم ديته الّا ان تجي‌ء بذلك الولد بعينه أو بولد لا يعلم انه غيره للمشابهة فحينئذ يسقط عنها ظاهرا ، وان لم يكن في نفس الأمر ذلك وأتلفته كان ضامنا في نفس الأمر لا بحسب ظاهر الشرع فيجب عليها الخروج عن ذلك كما في سائر الحقوق دليله ، الاعتبار والخبر ، مثل صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل استأجر ظئرا فدفع إليها ولده فغابت بالولد سنين ثم جاءت بالولد وزعمت (امه ـ خ) انها لا تعرفه وزعم أهلها انهم لا يعرفونه؟ فقال : ليس لهم ذلك فليقبلوه ، فإنما الظئر مأمونة (١).

ودليل ضمان الظئر إذا سلمت الولد إلى غيرها مع عدم إذن أهلها.

صحيحة سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن رجل استأجر ظئرا فأعطاها ولده وكان عندها فانطلقت الظئر واستأجرت أخرى فغابت الظئر بالولد فلا يدري ما صنعت به؟ قال : الدية كاملة (٢) ويدلّ عليه الاعتبار أيضا.

قوله : «وعن الصادق عليه السّلام في لصّ إلخ». رواه عبد الله بن

__________________

(١) الوسائل باب ٢٩ حديث ٢ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ١٩٩.

(٢) الوسائل باب ٢٩ حديث ٣ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ١٩٩.

٢٥٥

زوجها فقتلت الزوج ، تضمن المرأة دية الصديق وقتلها بالزّوج.

وعن علي عليه السّلام في أربعة سكروا فجرح اثنان وقتل اثنان ، أنّ دية المقتولين على المجروحين ووضع أرش الجراحات منها.

______________________________________________________

طلحة عنه عليه السّلام قال : سألته عن رجل سارق دخل على امرأة الغير فسرق متاعها فلما جمع الثياب طاوعته (تابعته ـ ئل) نفسه فكابرها على نفسها فواقعها فتحرّك ابنها فقام (١) فقتله بفأس كان معه فلما فرغ حمل الثياب وذهب ليخرج حملت عليه بالفأس فقتلته فجاء أهله يطلبون بدمه من الغد فقال أبو عبد الله عليه السّلام : اقض على هذا كما وصفت لك فقال : يضمن مواليه الّذين طلبوا بدمه دية الغلام ويضمن السارق فيما ترك أربعة آلاف درهم لمكابرتها على فرجها لانه زان وهو في ماله غرامة ، وليس عليها في قتله إياه شي‌ء لأنه سارق (٢).

ولكنها ضعيفة من وجوه مخالفة للقواعد المقررة.

كأنه إليه أشار بنقل الرواية والسكوت عليه.

وقد يكون في تلك القضيّة الحكم على الوجه الذي فيها ، لما يعرفه عليه السّلام غير منطبق بالقواعد فلا يتعدى وأمثاله كثيرة.

(ومنها) روايته أيضا قال : قلت له : رجل تزوج امرأة فلما كان ليلة البناء (٣) عمدت المرأة إلى رجل صديق لها فأدخلته الحجرة (الحجلة ـ ئل) فلما دخل الرجل يباضع (٤) اهله ثار الصديق واقتتلا بالبيت فقتل الزوج الصديق وقامت

__________________

(١) يعني فقام السارق فقتل الابن.

(٢) الوسائل باب ٢٣ حديث ٢ من أبواب قصاص النفس ج ١٩ ص ٤٥ وزاد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : من كابر امرأة ليفجر بها فقتلته فلا دية له ولا قود.

(٣) وفيه (أي الحديث) بنى بالثقفيّة أي نكح زوجة من ثقيف (إلى ان قال) قال في المصباح وغيره : وأصله ان الرجل إذا تزوج بنى للعرس خباء جديدة وعمّره بما يحتاج إليه ثم كثر حتّى كنى به عن الجماع (مجمع البحرين).

(٤) المباضعة ، المجامعة (مجمع البحرين).

٢٥٦

الثاني : التسبيب

وهو ما لا يحصل التلف الّا معه بغيره كوضع الحجر في الطريق أو ملك غيره فتلف العابر (فيتلف العاثر ـ خ ل) فيضمن في ماله ولو وضعه في ملكه أو مباح لم يضمن.

______________________________________________________

المرأة فضربت الزوج ضربة فقتلته بالصديق؟ قال : تضمن المرأة دية الصديق وتقتل بالزوج (١).

ويمكن التأويل في بعض ما يخالف مثل حمل ضمان ألف درهم من تركة الواطئ (٢) كون ذلك مهر مثلها.

وكذا ضمان أولياء اللص ، على انه يؤخذ من تركته منهم وغير ذلك.

ولكن لا يمكن إصلاح الكلّ فتحمل على أنها قضيّة في واقعة.

وكذا ما روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام في أربعة شربوا فسكروا فأخذ بعضهم على بعض السلاح فاقتتلوا فقتل اثنان وجرح اثنان فأمر عليه السّلام بالمجروحين فضرب كل واحد منها ثمانين جلدة وقضى بدية المقتولين على المجروحين فأمر أن يقاس جراحة المجروحين فترفع من الدية فرفع من الدية ، وان مات احد المجروحين ، فليس على أولياء المقتولين دية (٣) (شي‌ء ـ كا).

قوله : «الثاني التسبيب إلخ». أي ثاني قسمي موجب التلف التسبيب ، والمراد به السبب ، وهو كل فعل يحصل تلف المسبب عنده لعلّة غير ذلك ، لكنه بحيث لولاه لما حصل من العلّة تأثير كوضع حجر ، وحفر بئر في طريق

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ حديث ٣ من أبواب قصاص النفس ج ١٩ ص ٤٥.

(٢) هكذا في النسخ فان كان المراد من ضمان (ألف درهم) ما في رواية عبد الله بن طلحة ففيها أربعة آلاف درهم.

(٣) الكافي ج ٧ ص ٢٨٤ حديث ٥.

٢٥٧

وكذا لو نصب سكينا فمات العاثر أو حفر بئرا في الطريق أو ملك غيره (ضمن ـ خ) فلو رضي المالك به أو كان في الطريق لمصلحة المسلمين فلا ضمان.

ويضمن معلّم السباحة في ماله لو غرق الصغير لا البالغ الرّشيد ولو رمى مع غيره بالمنجنيق فقتله سقط ما قابل فعله وضمن الباقون في ما لهم (ماله ـ خ ل) حصصهم ويتعلّق الضمان بمن يمدّ الحبال لا ممسك الخشب وغيره وكذا لو اشتركوا في هدم حائط فوقع على أحدهم.

______________________________________________________

المسلمين ، لا لغرض ومصلحة لهم أو في ملك الغير من دون اذنه فيعثر به أحد فيموت أو ينقص شي‌ء منه فوجب الدية على الواضع في ماله ، لا العاقلة ، لأنه سبب للتلف بغير حق ، فهو متلف ، فعليه الخروج عن العهدة ، وليس على العاقلة إلّا الخطأ ، وهو ليس هنا ، وهو ظاهر.

بخلاف ما لو وضع حجرا في ملكه ، أو موضع مباح ، أو ملك الغير بإذنه ، أو رضائه به بعده ، أو في الطريق ولكن لمصلحة المارّة مثل القنطرة ، وحفر البئر لدخول ماء المطر ونحو ذلك.

وكذا يضمن في ماله إذا نصب سكينا في الطريق أو حفر بئرا فيه ، أو في ملك الغير بغير اذنه ولا رضائه بعده ، لما مرّ.

بخلاف ما لو فعل ذلك في المأذون ، مثل ملكه أو ملك الغير بإذنه أو في الطريق لمصلحة المارّة في مثل المعبر الذي يعبر به الناس وحفر البالوعة لدخول ماء المطر ونحو ذلك.

وكذا يضمن معلّم السباحة دية المتعلم في ماله لو غرق ان كان ذلك غير جائز ، مثل كونه طفلا بغير اذن الولي.

بخلاف ما لو كان بإذن الوليّ الشرعي لمصلحة له.

٢٥٨

ويضمن الراكب والقائد ما تجنيه الدابة بيديها ورأسها فإن وقف أو ضربها أو ساقها ضمن جناية يديها ورجليها ولو ركبها اثنان تساويا ولو كان صاحبها معها ضمن دون الراكب.

______________________________________________________

وبخلاف ما لو كان بالغا رشيدا لا ولاية عليه إذا جاز (اختار ـ خ ل) ذلك باختياره ولم يفرّط المعلّم ولم يقصّر.

ويحتمل عدم الضمان مع عدم رشد المتعلّم ، إذ ليس للرشد دخل في حفظ النفس ولهذا ما ذكر (١) السفيه ، مع الصغير.

ويحتمل الضمان كما يشعر به قيد (الرشيد) ، فتأمّل.

ولو تلف شخص بفعل نفسه وفعل غيره يسقط ما قابل فعله ، وعلى شريكه في السبب ما قابل فعله.

فلو كان شخص يرمي مع ثلاثة بمنجنيق ورد عليهم ، وقتل واحد منهم ، فيسقط ربع ديته ، وعلى كل واحد من الباقين ربعها ، وهو ظاهر.

وضمان ما يتلف بالمنجنيق يتعلّق بمن يمدّ حباله ، لا بمن يمسك الخشب وغيره ، لأن السبب هو ذلك لا إمساك الخشب وغيره وذلك انما يعرفه من يعرف المنجنيق وانا ما أعرفه.

وكذا يسقط نصيب الهالك بوقوع حائط عليه إذا اشترك مع جماعة في هدم الحائط ، وهو ظاهر.

قوله : «ويضمن الراكب إلخ». دليله الاعتبار ، والاخبار ، مثل رواية العلاء بن الفضيل ، عن أبي عبد الله عليه السّلام انه سئل عن رجل يسير على طريق من طرق المسلمين على دابّته فتصيب برجلها؟ فقال : ليس عليه ما اصابته برجلها ،

__________________

(١) يعني ما ذكر المصنف السفيه مع انه ذكر الصغير بقوله قدّس سرّه ويضمن معلم السباحة في ماله لو غرق الصغير إلخ.

٢٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وعليه ما أصابت بيدها ، وإذا وقعت ، فعليه ما أصابت بيدها ورجلها ، وان كان يسوقها فعليه ما أصابت بيدها ورجلها أيضا (١).

ورواية النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام أنّه ضمن القائد ، والسائق ، والراكب ، فقال : ما أصابت الرجل فعلى السائق ، وما أصابت اليد فعلى الراكب والقائد (٢).

وحسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام انه سئل عن الرجل مرّ (يمرّ ـ ئل) على طريق من طرق المسلمين فتصيب دابّته إنسانا برجلها؟ فقال : ليس عليه ما أصابت برجلها ، ولكن عليه ما أصابت بيدها لان رجليها خلفه ان ركب ، فان كان قاد بها ، فإنه يملك باذن الله يدها يضعها حيث يشاء ، قال : وسئل عن بختي اغتلم فخرج من الدار فقتل رجلا فجاء أخ الرجل فضرب الفحل بالسيف (فعقره ـ خ) فقال : صاحب البختي ضامن للدية ويقتصّ عن بختيه ، وعن الرجل ينفر بالرجل فيعقره ويعقر دابّته رجل آخر؟ فقال : هو ضامن لما كان من شي‌ء (٣).

وصحيحة سليمان بن خالد ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل مرّ في طريق المسلمين فتصيب دابّته برجلها؟ فقال : ليس على صاحب الدابّة شي‌ء ممّا أصابت برجلها ولكن عليه ما أصابت بيدها ، لان رجلها خلفه إذا ركب ، وان قاد دابّة فإنه يملك يدها باذن الله يضعها حيث يشاء (٤).

وحمل الشيخ رحمه الله على الواقف للجمع بين الاخبار.

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ١٨٤.

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ٥ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ١٨٥.

(٣) الوسائل أورد صدرها في باب ١٣ حديث ٣ وقطعة منها في باب ١٤ حديث ١ وقطعة أخرى في باب ١٥ حديث ١ من أبواب موجبات الضمان ص ١٨٤ ـ ١٨٦ ـ ١٨٨.

(٤) الوسائل باب ١٢ حديث ٩ من أبواب موجبات الضمان ج ١٩ ص ١٨٥.

٢٦٠