مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٠

وفي العينين الدية ، وفي كل واحدة النصف.

______________________________________________________

ولعل دليل الشيخ على ان في الأهداب ، الدية ، هو عموم الخبرين : ان في الاثنين من الجسد ، الدية.

ويتفرّع عليه أيضا الديتان مع الجفن ، إحداهما للأهداب ، والأخرى للأجفان ، وقد مرّ انّهما ليسا بصريحين في ذلك لاحتمال أن يكون المراد ، القطع والقلع والجرح ، ولهذا استدلوا بهما على الشعر فقط فالأرش غير بعيد ، للأصل.

وظاهر كلامهم هنا (أيضا ـ خ) عدم الفصل بين العود وعدمه ، والتفصيل ـ بأنه مع العود الأرش ومع عدمه ، الدية ، كما هو مختار الشيخ علي ـ يحتاج إلى دليل غير ما تقدم للطرفين ، فهو غير ظاهر ، فتأمّل.

قوله : «وفي العينين الدية إلخ». دليل تمام الدية في العينين ، كأنه الإجماع ، والاخبار العامّة مثل ما تقدّم من ان ما في الإنسان اثنان ففي كلّ واحد نصف الدية.

والخاصّة مثل حسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في الرجل يكسر ظهره ، فقال : فيه الدية كاملة ، وفي العينين الدية ، وفي إحداهما نصف الدية ، وفي الأذنين ، الدية ، وفي إحداهما نصف الدية ، وفي الذكر إذا قطعت الحشفة وما فوق ، الدية ، وفي الأنف إذا قطع المارن (١) ، الدية ، وفي البيضتين (الشفتين ـ كا) ، الدية (٢).

وصحيحة عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام : في الأنف إذا استوصل جدعه الدية ، وفي العين إذا فقئت ، نصف الدية ، وفي الاذن إذا قطعت

__________________

(١) المارن ما دون قصبة الأنف ، وهو ما لان من قولهم : مرن الشي‌ء يمرن مرونا إذا لان (مجمع البحرين).

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٤ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٤.

٣٦١

وفي الأجفان الدية ، وفي كل واحد الربع على رأي وفي البعض بالحساب ولا تتداخل مع العين.

______________________________________________________

نصف الدية ، وفي اليد نصف الدية ، وفي الذكر إذا قطع من موضع الحشفة ، الدية (١).

قوله : «وفي الأجفان الدية إلخ». دليل الدية كاملة في جميع الأجفان ما تقدم من ان ما كان في الإنسان منه اثنان ففيه الدية ، وفي كلّ واحد نصف الدية.

مثل صحيحة هشام وحسنة عبد الله بن سنان (٢) ، فان كل جفنين بمنزلة واحدة ، فكأنه عين واحدة ، ففي كل جفن ربع الدية ، وهو اللازم من الأوّل كما إذا كان البعض بالحساب فان كان نصف جفن فيكون ديته الثمن وهكذا.

ودليل عدم التداخل ولزوم الدية ـ إذا قطعت الأجفان مع العين ـ أنّ كل واحد سبب للدية وموجب تام والأصل عدم التداخل ، فتأمّل فيه.

واما الرأي الآخر ، وهو مذهب الأكثر ، فهو ان في الأعلى ثلث دية العين وفي الأسفل نصفها لرواية أبي عمرو المتطبّب ، وكان في كتاب ظريف بن ناصح عن الصادق عليه السّلام قال : أفتى أمير المؤمنين عليه السّلام أنّ في شفر العين الأعلى ثلث دية العين مائة وست وستون دينارا وثلثا دينار ، وفي الأسفل نصف ديتها مائتان وخمسون دينارا إذا شترا (٣) (٤).

ويحتمل ان يكون ما نقل في الشرح عن الخلاف وابن إدريس : في الأسفل الثلث ، وفي الأعلى الثلثان ، وقال : احتجّ الشيخ بالإجماع والاخبار ، وما نعرفهما ،

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٥ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٥.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ١ ـ ١٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٣ وص ٢١٧.

(٣) الوسائل باب ٢ صدر حديث ٣ من أبواب ديات الأعضاء منقول بالمعنى.

(٤) والشتر انقلاب في جفن العين الأسفل (مجمع البحرين).

٣٦٢

وفي صحيحة الأعور خلقة أو بآفة من الله الدية ولو استحق أرشها فالنصف.

______________________________________________________

وهو أعرف.

قوله : «في صحيحة ، الأعور إلخ». دليل تمام الدية في العين الصحيحة من الأعور الذي ليس له إلّا عين واحدة صحيحة ، انها بمنزلة العينين ، فديتها ديتهما.

والروايات ، مثل صحيحة محمّد بن قيس ، قال : قال أبو جعفر عليه السّلام : في قضاء أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل أعور أصيبت عينه الصحيحة ففقئت ، أن تفقأ إحدى عيني صاحبه ، ويعقل له نصف الدية ، وان شاء أخذ دية كاملة ، ويعفو عن عين صاحبه (١) كأنّ المراد مع رضا صاحبه وكان عمدا عدوانا.

وحسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : في عين الأعور ، الدية كاملة (٢) ورواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في عين الأعور ، الدية (٣).

ورواية عبد الله بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن رجل صحيح فقأ عين رجل أعور؟ فقال : عليه الدية كاملة ، فإن شاء الذي فقئت عينه ان يقتصّ عن صاحبه ويأخذ منه خمسة آلاف درهم ، فعل ، لان له الدية كاملة وقد أخذ نصفها بالقصاص (٤).

وهذه مثل الاولى.

وقد قيّدوا ذلك الحكم بكون ذهاب العين الذاهبة وعور صاحبها بخلق الله تعالى إيّاه كذلك أو بآفة منه تعالى بعد كونها صحيحة ، لا بوجه استحق أرشها

__________________

(١) الوسائل باب ٢٧ حديث ٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٥٢.

(٢) الوسائل باب ٢٧ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٥٢.

(٣) الوسائل باب ٢٧ حديث ٣ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٥٢.

(٤) الوسائل باب ٢٧ حديث ٤ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٥٣.

٣٦٣

وفي خسف العوراء الثلث.

______________________________________________________

وقصاصها ، سواء فعل أم ترك وعفا أو أخذت بالقصاص ، إذ لو كانت كذلك فقد وصل إليه عوضها ، لانه اما أخذ في الدنيا أو خلاه للآخرة بالعفو فلا يستحق الّا نصف الدية كما في عين الأعور.

وبالجملة قد استحق عوضها فليس له عوض آخر.

ولكن ظاهر الأخبار عامّ ، وكذا الدليل الأول فالتقييد بمجرد ذلك لا يخلو عن إشكال.

الّا أن الأصل وعموم أدلّة نصف الدية في العين الواحدة ، يؤيده (١).

وهذه الاخبار مع عدم صراحتها في العموم ، قابلة للتخصيص.

ويحتمل أن يكون الأعور مخصوصا بمن ليس له الّا عين واحدة خلقة وقيس عليه ما ذهب بآفة من الله أو مخصوصا بهما معا ، فتأمّل.

واما دليل ثلث الدية على من خسف عين الأعور العليلة الذاهبة فهو مثل صحيحة بريد بن معاوية ، عن أبي جعفر عليه السّلام انه قال في لسان الأخرس وعين الأعور (الاعمى كا ـ يب ـ ئل) وذكر الخصي الحرّ وأنثييه ، ثلث الدية (٢) ، فتأمّل.

ولكن ينافيه ، ما في صحيحة أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : سأله بعض آل زرارة ، عن رجل قطع لسان رجل أخرس؟ فقال : ان كان ولدته امّه ، وهو أخرس ، فعليه ثلث الدية ، وان كان لسانه ذهب به وجع أو آفة بعد ما كان يتكلّم ، فان على الذي قطع لسانه ثلث دية لسانه ، قال : وكذلك القضاء في العينين والجوارح ، وقال : وهكذا وجدناه في كتاب علي عليه السّلام (٣).

__________________

(١) أي التقييد كذا في هامش بعض النسخ.

(٢) الوسائل باب ٣١ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٥٦.

(٣) الوسائل باب ٣١ حديث ٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٥٦.

٣٦٤

وفي الأنف الدية وكذا مارنه أو كسر ففسد ، ولو جبر على غير عيب فمائة.

وفي شلله ثلثا ديته.

وفي الروثة ـ وهي الحاجز ـ نصف الدية وفي أحد المنخرين النصف وقيل : الثلث.

______________________________________________________

فيمكن المناقشة في الصحّة لاشتراك أبي بصير ، والدلالة على المنافاة أيضا ، لاحتمال أن يكون المراد في العين ، الذاهبة المعلولة ، القضاء بالثلث ، فتأمّل.

قوله : «وفي الأنف الدية إلخ». دليل تمام الدية في قطع الأنف ، وكذا في مارنه ـ وهو ما لان منه ـ الروايات ، مثل صحيحة هشام بن سالم وحسنة عبد الله بن سنان وصحيحة حسنة الحلبي المتقدمات (١) وغيرها.

وهي دليل ما لو كسر ففسد ، فإنه بمنزلة قطعة.

واما لزوم المائة إذا كسر وجبر على غير عيب ، فما رأيت له دليلا.

قوله : «وفي شلله ثلثا ديته». كأنّ دليل لزوم ثلثي الدية في شلل الأنف بعض الأخبار من لزوم ثلثي دية اليد والرجل والأصابع بشللها ، ولزم ثلث الدية في قطع العضو الأشل ، لما في رواية حكم بن عتيبة : (وكل ما كان من شلل ، فهو على الثلث من دية الصحاح) (٢) ، ولعله لا خلاف فيه.

قوله : «وفي الروثة وهي الحاجز إلخ». هي الحاجز بين المنخرين أي الواسطة بين ثقبي الأنف ، وقيل : هي طرف المارن.

دليل لزوم نصف الدية ـ مع تفسيرها ـ ما في رواية أبي عمرو المتطبب

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١ حديث ١ ـ ١٢ من أبواب ديات الأعضاء ص ٢١٣ ـ ٢١٧ على نحو العموم واما صحيحة الحلبي فلم نطلع عليها.

(٢) الوسائل باب ٣٩ ذيل حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٦٤.

٣٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الطويلة المفصّلة المشتملة على دية أكثر الأعضاء منها الأنف : (فإن قطع روثة الأنف ـ وهي طرفه ـ فديته خمسمائة دينار) (١).

وهو المشهور ، وفيها قول آخر بالثلث ، والأصل معه ، وان الأنف الذي موجب لتمام الدية مشتملة عليها وعلى المنخرين فكل يكون ثلثا ، فتأمّل.

وهو دليل الثلث في أحد المنخرين ، مع رواية غياث ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم السّلام : انه قضى في شحمة الأذن بثلث دية الاذن ، وفي الإصبع الزائدة ثلث دية الإصبع ، وفي كل جانب من الأنف ثلث دية الأنف (٢).

ورواية عبد الرحمن العرزمي ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السّلام : انه جعل في السن السوداء ثلث ديتها ، وفي اليد الشلاء ثلث ديتها ، وفي العين القائمة ان (إذا ـ خ) طمثت ، ثلث ديتها ، وفي شحمة الأذن ثلث ديتها ، وفي الرجل العرجاء ثلث ديتها ، وفي خشاش الأنف في كل واحد ثلث الدية (٣).

قال في الشرائع ـ بعد الإشارة إليهما ـ : وفي رواية غياث ضعف غير ان العمل بمضمونها أشبه (٤).

والأقصر الاولى ، وفي الرواية ضعف.

قال في شرح الشرائع : لأنّ في طريق الاولى يوسف بن الحارث ، وفي

__________________

(١) الوسائل باب ٤ صدر حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء متنا من أبواب ديات الأعضاء ص ٢٢١ بطريق ظريف بن ناصح واما طريق أبي عمرو المتطبب ففي باب ٢ حديث ٤ ص ٢١٩ منها فلاحظ.

(٢) الوسائل باب ٤٣ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٦٧.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ١٣ وباب ٤٣ حديث ٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٧ و ٢٦٨.

(٤) أورده ـ عند ذكر دية الأنف لكن العبارة بعد الإشارة إلى رواية غياث أولا وعبد الرحمن ثانيا ـ هكذا : وفي الرواية ضعف. وليس فيه لفظة (غياث).

٣٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الثانية غياث ، والظاهر انه ابن إبراهيم ، وهما بتريان (١).

قلت : ينبغي أن يقول : في الأولى غياث ، وفي الثانية يوسف (٢) فإنه هكذا ذكرهما وأيضا في الأولى الحسن بن محمّد بن يحيى (٣) قيل : هو كذّاب يضع الحديث وفي الثانية محمّد بن عبد الرحمن العرزمي وهو مجهول.

ولعلّه يعرفه ، ويعرف الحسن غير ما قلناه ، ولكنه ما رأيته ، فتأمّل.

ولا يضر ضعفهما ، وهو اختيار الأكثر.

والقول بالنصف للشيخ مستندا إلى الرواية العامة ، بأن كل ما كان في الإنسان منه اثنان ففي كل واحد نصف الدية (٤).

فيه ان المراد ما يكون اثنان منفصلان ممتازا بحيث يعد عرفا عضوا من الإنسان ، لا كلّ ما يمكن ان يقال : اثنان في الجملة ، ولهذا لا يجب ـ بقطعهما معا من دون قطع الحاجز وما بقي من الأنف ـ تمام الدية ، بل بجميع الأنف المشتمل عليهما وعلى غيرهما وهو ظاهر وفيه قول آخر ، وهو الربع ، وهو قول أبي الصلاح ، وابن زهرة ، والكيدري.

ولعلهم نظروا إلى ان الأنف الموجب لتمام الدية مشتمل على أربعة أمور ، المنخرين ، والحاجز ، والروثة هكذا في الشرح.

والأصل معهم ، والاعتبار ، ولو لا الخبران والشهرة والاعتبار لأمكن

__________________

(١) بضم الموحدة فالسكون طائفة من الزيدية (مجمع البحرين).

(٢) فان سندها ـ كما في التهذيب ـ هكذا : محمّد بن احمد بن يحيى ، عن يوسف بن الحارث ، عن محمّد بن عبد الرحمن العرزمي ، عن أبيه عبد الرحمن ، عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام.

(٣) وسنده ـ كما في التهذيب ـ هكذا : محمّد بن احمد بن يحيى ، عن العبّاس معروف ، عن الحسن بن محمّد بن يحيى ، عن غياث ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ عليهما السّلام.

(٤) لاحظ الوسائل باب ١ حديث ١ ـ ٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٣ ـ ٢١٧.

٣٦٧

وفي الأذنين الدية وفي كل واحدة النصف.

______________________________________________________

رجحانه (١).

قوله : «وفي الأذنين ، الدية إلخ». دليله ما تقدم من عموم أنّ ما في الإنسان منه اثنان ، فلكلّ واحد منهما نصف الدية ، ولهما تمامها.

وخصوص ما في مضمرة سماعة : (وفي الاذن نصف الدية إذا قطعها من أصلها) (٢).

وما في حسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام : وفي الأذنين ، الدية ، وفي إحداهما نصف الدية (٣).

وما في صحيحة عبد الله بن سنان عنه عليه السّلام : (وفي الاذن إذا قطعت نصف الدية) (٤).

وما في رواية سماعة عنه عليه السّلام : وفي الاذن نصف الدية إذا قطعها من أصلها وإذا قطع طرفها ففيها قيمة عدل (٥).

ورواية مسمع ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في الأذنين إذا قطعت إحداهما فديتها خمسمائة دينار ، وما قطع منها فبحساب ذلك (٦).

ويظهر منه ان في البعض بالحساب ، ففي نصف اذن واحد ربع الدية ، وهكذا إلّا في شحمتها ، فان فيها ثلث دية الاذن وان لم تكن ثلثا.

__________________

(١) وهو القول بالربع.

(٢) الوسائل باب ٧ قطعة من حديث ٣ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٢٤.

(٣) الوسائل باب ١ قطعة من حديث ٩ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٦.

(٤) الوسائل باب ١ قطعة من حديث ٥ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٥.

(٥) الوسائل باب ١ قطعة من حديث ٧ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٥.

(٦) الوسائل باب ٧ حديث ١ متنا من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٢٣.

٣٦٨

وفي البعض بالحساب ، وفي شحمتها ثلث ديتها.

وفي خرمها ثلث ديتها.

وفي الشفتين الدية وفي كل واحدة النصف ، وقيل : الثلث في العليا ، وقيل : أربعمائة وفي السفلى الباقي.

______________________________________________________

لرواية مسمع ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في شحمة الأذن ثلث دية الاذن (١).

وهي ضعيفة بسهل وابن شمون ، والأصمّ (٢) ، ولكن قال في الشرائع : ولكن تؤيّدها الشهرة.

ودليل ثلث الدية في خرمها ، كأنه القياس إلى خرم الأنف الذي يدل عليه رواية مسمع ، عن أبي عبد الله عليه السّلام انّ أمير المؤمنين قضى في خرم الأنف ثلث دية الأنف (٣).

فالظاهر أن المراد ثلث دية الأذن لوجود ثلث دية الأنف في أصله.

ويحتمل ثلث دية شحمتها ، وهذا يناسب الأصل ، والاعتبار ، فإن الرواية التي أصل القياس ضعيفة بما قلناه (٤) سابقا ، فكيف القياس ، فالمناسب الأرش الّا ان يوجد نصّ أو إجماع (فتأمّل ـ خ).

قوله : «وفي الشفتين الدية إلخ». دليل لزوم تمام الدية في الشفتين معا ، والنصف في كل واحدة ، ما تقدم من عموم ما يدل على ان ما في الإنسان

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٢٣.

(٢) والسند هكذا كما في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن مسمع.

(٣) الوسائل باب ٤ حديث ٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٢١.

(٤) قدمنا ذكر الرواة آنفا.

٣٦٩

وفي البعض بالنسبة مساحة (وفي البعض بنسبة مساحته ـ خ ل) وحدّ السفلى ما يتجافى (ما تجافى ـ خ ل) عن اللثة مع طول الفم والعليا ما يتجافى (ما تجافى ـ خ ل) عنها متصلا بالمنخرين مع طول الفم ، وليست حاشية الشدقين منهما.

______________________________________________________

اثنان لكل واحد نصف الدية (١).

وما في صحيحة يونس ، عن الرضا عليه السّلام : والشفتين إذا استوصلنا ألف دينار (٢).

وما في حسنة الحلبي عنه عليه السّلام : في الشفتين ، الدية (٣).

فإنها ظاهرة في التساوي.

وكذا ما في رواية زرارة : (وفي الشفتين الدية ، وفي العينين الدية ، وفي إحداهما نصف الدية) (٤).

وما في مضمرة سماعة : والشفتان العليا والسفلى سواء في الدية (٥).

حملها الشيخ على انه سواء في إيجاب الدية ولزومها ، لا في مقدارها.

وهو بعيد.

هذا قول ابن أبي عقيل واستحسنه المحقق ، والمصنف في القواعد وقال في التحرير : هو أجود ما بلغنا من الأحاديث ، ومختاره هنا.

ونقل في الشرح ثلاثة أقوال أخر (الأول) قول ابن الجنيد ، وهو أنّ في العليا النصف ، وفي السفلى الثلثان لامساكهما الطعام والشراب.

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ١ حديث ١ ـ ١٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٣ ـ ٢١٧.

(٢) الوسائل باب ١ قطعة من حديث ٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٤.

(٣) الوسائل باب ١ ذيل حديث ٤ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٤.

(٤) الوسائل باب ١ قطعة من حديث ٦ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٥.

(٥) الوسائل باب ١ ذيل حديث ١٠ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٦.

٣٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

دليله كما ترى وانه مخالف لما مرّ.

وحكم المحقق بأنه نادر ، مع انه مشتمل على زيادة لا معنى لها.

(الثاني) مذهب الشيخ المفيد ، والمبسوط ، وسلار ، وأبي الصلاح ، وابن زهرة ، والكيدري ، وهو أن في العليا الثلث ، وفي السفلى الثلثان ، لما مرّ ، ولزيادة الشين.

(الثالث) مذهب الصدوق في المقنع ، ورواه في الفقيه ، ومذهب الشيخ في النهاية والخلاف وكتابي الأخبار (الحديث ـ الشرح) ، والقاضي ، والصهرشتي ، وابن حمزة ، والطبرسي ، والمصنف في المختلف وهو ان في العليا أربعمائة ، وفي السفلى ستمائة ، لأن منفعة السفلى أكثر فناسب كثرة ديتها.

ولرواية أبان بن تغلب ، عن الصادق عليه السّلام قال : في الشفة السفلى ستة آلاف درهم ، وفي العليا أربعة آلاف ، لان السفلى تمسك الماء (١).

والمناسبة (٢) ليست بدليل.

وفي الرواية ضعف ، مع منافاتها لما سبق خصوصا مضمرة سماعة (٣).

ولكن حملها في الكتابين على ما مرّ.

ويمكن تخصيص العمومات بغير الشفة ، وإرجاع ضمير (وفي إحداهما) في رواية زرارة إلى العينين للجمع بين الأدلّة.

هذا كان جيدا لو كانت رواية أبان صحيحة لكنها ضعيفة ب (أبي جميلة) (٤) المفضل بن صالح الذي قيل : انه ضعيف كذاب يضع الحديث.

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٢٢.

(٢) ردّ للاستدلال بأن منفعة السفلى أكثر.

(٣) لأن فيها التصريح بالتساوي فراجع.

(٤) سندها كما في الكافي هكذا : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن أبي جميلة عن ابان بن تغلب.

٣٧١

فان تقلّصت فالحكومة ، وقيل : ديتها ، وفي الاسترخاء الثلثان.

______________________________________________________

ففي قول الشرح : (فيه قول) تأمّل.

واما دليل البعض بالنسبة مساحة ، فهو ظاهر.

وكذا تعيين حدّ الشفة العليا والسفلى ، والظاهر انه مطابق للعرف واللغة ، فان العليا ما على الأسنان واللثة وارتفع عنها وليس ملصقا بحيث لا يرتفع ، فعرضها واصلة إلى المنخرين ، وطولها إلى حاشية الفم ، وعرض السفلى إلى قرب الذقن ما ارتفع عن اللثة وطولها منته إلى الحاشية ، والحاشية وهي الزاوية في نهاية الفم ليست بداخلة فيهما.

قوله : «فان تقلّصت فالحكومة إلخ». دليل الأرش في تقلّص الشفتين ـ أي انقباضهما بحيث لا يستران الأسنان إذا أراد ، بل تكشفتا عنها وبقيت مفتوحة ـ أنه نقص في الجمال ، وتفويت لمنفعة عضو في الجملة موجب لمال وليس بمقدر (وليست بمقدرة ـ خ) ، فيكون أرشا.

وقيل : تمام دية الشفة ، فإن تقلّصها بمنزلة عدمها ، فكأنها مقطوعة ، فديتها دية المقطوعة.

وفيه منع ظاهر فيضعف ذلك كما يضعف احتمال ما في الشلل ، وهو ثلثا دية الصحيحة ، لأن التقلّص ليس بشلل ، فان الشلل استرخاء ، وهو ضد التقلص ، وهو عدم الإحساس فإن كان يقاس على الشلل ، فالقياس ممنوع.

ودليل ثلثي ديتهما ـ لاسترخائهما بحيث لا ينفصلان عن الأسنان إذا ضحك أو أراد دفعها ـ أن ذلك شلل ، وقد تقرر عندهم ان دية شلل كل عضو ثلثا دية الصحيح.

ويشعر بذلك رواية الفضيل بن يسار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام (إلى قوله) : فشلّت أصابع الكف كلّها ، فان فيها ثلثي الدية دية اليد ، وان شلّت بعض الأصابع وبقي البعض ، فان في كل إصبع شلّت ثلثي ديتها ، قال : وكذلك

٣٧٢

وفي اللّسان الدية ، وفي الأخرس الثلث.

______________________________________________________

الحكم في اللّسان والقدم إذا شلّت أصابع القدم (١).

وسندها ضعيف (٢) ، ودلالتها قاصرة.

فتأمّل ، إذ دليله غير ظاهر ، على ان في صحيحة يونس : الشلل في اليدين كلتاهما (شلل اليدين كلتاهما ـ ئل) الشلل كلّه ألف دينار ، وشلل الرجلين ألف دينار (٣).

قوله : «وفي اللّسان ، الدية إلخ». دليل تمام الدية في اللسان ما يدل على ان كلّ فرد في الإنسان فديته ديته (٤).

وما في رواية سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام : وفي اللسان إذا قطع ، الدية كاملة (٥) وغيرها.

ودليل ثلث دية النفس في لسان الأخرس مطلقا حسنة بريد بن معاوية ، عن أبي جعفر عليه السّلام قال : في لسان الأخرس وعين الأعمى ، ثلث الدية (٦).

لكن تدل على التفصيل ، صحيحة أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : سأله بعض آل زرارة ، عن رجل قطع لسان رجل أخرس ، فقال : ان كان ولدته أمه وهو أخرس ، فعليه ثلث الدية ، وان كان لسانه ذهب به وجع أو آفة بعد

__________________

(١) الوسائل باب ٣٩ قطعة من حيث ٥ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٦٥ وصدرها هكذا سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الذراع إذا ضرب فانكسر منه الزند فقال : إذا يبس منه الكف فشلّت إلخ.

(٢) وسندها كما في الكافي هكذا : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب عن الفضيل بن يسار.

(٣) الوسائل باب ١ قطعة من حديث ١ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٧٢.

(٤) لاحظ الوسائل باب ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٣.

(٥) الوسائل باب ١ ذيل حديث ٥ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢١٥.

(٦) الوسائل باب ٣١ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٥٦ وفيه وذكر الخصي وأنثييه ، الدية بدل قوله : والاعمى ثلث الدية.

٣٧٣

وفي البعض بنسبة ما يسقطه من حروف المعجم ، وهي ثمانية وعشرون حرفا ، فلو أسقط نصفها فنصف الدية وان قطع ربعه وبالعكس

______________________________________________________

ما كان يتكلّم ، فان على الذي قطع لسانه ثلث دية لسانه ، قال : وكذلك القضاء في العينين ، والجوارح ، قال : وهكذا وجدناه في كتاب علي عليه السّلام (١).

فالقاعدة تقتضي حمل الاولى على الثانية ، ويمكن حمل كلامهم أيضا على ذلك ، فتأمّل.

قوله : «وفي البعض بنسبة ما إلخ». أي إذا قطع بعض لسان شخص فذهب بعض منفعته ، يسقط من الدية بنسبة ما سقط من المنفعة ، بأن يبسط الدية على حروف المعجم ، وهي ثمانية وعشرون حرفا على المشهور فيسقط من الدية بمقدار ما بقي ، ولم يسقط من الحروف ويأخذ بمقدار ما سقط ولم يقدر يتكلّم به.

ولا ينظر في ذلك إلى حجم اللّسان ومساحته ومقداره ، بل إلى المنفعة فقط.

فلو ذهب نصف الحروف وقطع ربع اللسان كان على الجاني نصف الدية وهو مقدار ما فات.

ولو ذهب ربع الحروف وقطع نصف اللسان ، فاللازم ربع الدية لا نصفها.

دليله روايات كثيرة ، مثل صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا ضرب الرجل على رأسه فثقل لسانه عرض (عرضت ـ خ) عليه حروف المعجم تقرأ ثم قسمت الدية على حروف المعجم ، فما لم يفصح به الكلام كانت (له ـ خ) الدية بالقياس (بالقصاص ـ يب ئل) من ذلك (٢).

وقريب منها ، مقطوعة سماعة (٣) في قضاء أمير المؤمنين عليه السّلام

__________________

(١) الوسائل باب ٣١ حديث ٢ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٥٦.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ٣ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٧٤.

(٣) سمّيت مقطوعة لأن سماعة مع عدم دركه عليّا عليه السّلام قال : قضى أمير المؤمنين إلخ.

٣٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

بذلك (١).

وكذا صحيحة سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : في رجل ضرب رجلا في رأسه فثقل لسانه إنه يعرض عليه حروف المعجم كلّها ثم يعطى الدية بحصّة ما لم يفصح (لم يفصحه ـ ئل) منها (٢).

وما رواه الشيخ مقطوعا (٣) ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : اتي أمير المؤمنين عليه السّلام برجل ضرب فذهب بعض كلامه وبقي البعض فجعل ديته على حروف المعجم ثمّ قال : تكلّم بالمعجم ، فما نقص من كلامه فبحساب ذلك والمعجم ثمانية وعشرون حرفا فجعل ثمانية وعشرين جزءا ، فما نقص من كلامه فبحساب ذلك (٤).

وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا ضرب الرجل على رأسه فثقل لسانه عرضت عليه حروف المعجم ، فما لم يفصح به منها

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ٤ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٧٥.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٧٣.

(٣) قوله : (مقطوعا) إشارة الى ان الشيخ أسند الرواية اليه مع عدم درك الشيخ رحمه الله قطعا فيدل على سقوط الواسطة فحينئذ المناسب ان يقول : روى مرسلا إلخ وكيف كان يظهر من تنقيح المقال ان للشيخ رحمه الله طريقا إلى النوفلي.

قال : وقال (يعني الشيخ) في الفهرست : الحسين بن يزيد النوفلي له كتاب أخبرنا به عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضل ، عن ابن بطة ، عن أحمد بن أبي عبد الله عنه (انتهى) وقال النجاشي : الحسين بن يزيد ابن محمّد بن عبد الملك النوفلي (إلى ان قال) : له كتاب التقيّة أخبرنا ابن شاذان ، عن احمد بن محمّد بن يحيى قال حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم عن الحسين بن يزيد النوفلي به (انتهى) في تنقيح المقال ج ١ ص ٣٤٩ الطبع الأول.

ويؤيّد عدم القطع ما ذكره في الوسائل بقوله : محمّد بن الحسن بإسناده عن النوفلي عن السكوني إلخ ألا ترى انه قال بإسناده إلخ.

(٤) الوسائل باب ٢ حديث ٦ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٧٥.

٣٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

يؤدي بقدر ذلك من المعجم ، يقام أصل الدية على المعجم كلّه يعطى بحساب ما لم يفصح به منها وهي تسعة وعشرون حرفا (١).

وهي مخالفة للمشهور المفهوم من رواية السكوني ، فكأنهم رجحوها على الصحيح ، للشهرة فجبروا ضعفها بها.

ولكن ذلك غير ظاهر ، مع أنّ قبل تحقق الشهرة ماله وجه.

يحتمل كون الحروف كذلك هو المشهور فإنه مبنيّ على جعل الهمزة والالف واحدا.

كأنه لأن الألف همزة ساكنة فلم تكن متعدّدة كما في سائر الحروف.

وهو غير ظاهر لأن الألف في مثل (قال) له مخرج ، وللهمزة مثل (أكرم) مخرج آخر ، فعدّهما وكونهما واحدا ، غير ظاهر.

ويمكن ان يقال : انما نظر إلى المكتوبة لتعليم الأطفال ، وقد صرّح في تفسير سورة البقرة في (ف) (٢) : ان حروف المعجم تسعة وعشرون ، واسمها ثمانية وعشرون.

وكذا في الحاشية ، لأن اسم الألف والهمزة انما هو الألف ، والهمزة مستحدث ولهذا ما كتب في التهجي ، ولهذا تقسيم ويقال في التقسيم :

الألف أمّا ساكن أو متحرك ، والالف يسقط ولا يكتب في بسم الله ، ولا

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ٥ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٧٥.

(٢) هكذا في النسخ كلها مطبوعة ومخطوطة ، لعل الصواب (ن) بدل (ف) وكونه كناية عن الشين للشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه الله فان فيه ما هذا لفظه : فأما أهل اللغة فإنهم اختلفوا فقال بعضهم : هي حروف المعجم استغنى بذكر ما ذكر منها في أوائل السور عن ذكر بواقيها التي هي تمام الثمانية والعشرين حرفا (انتهى) موضع الحاجة من كلامه زيد في علو مقامه التبيان ج ١ ص ٤٨ ـ طبع المطبعة العلميّة في النجف.

وذكره الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان (ج ١ ص ١١٣ طبع بيروت) في عداد الأقوال في مقطعات الحروف بقوله : (وثامنها) ان المراد بها حروف المعجم إلخ.

٣٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

في الابن إذا وقع بين العلمين ونحو ذلك ، مع أنه فرق بين الهمزة الساكنة والالف مثل (تأخذ) و (قال).

وبالجملة مقتضى الصحيحة والوجدان ، جعل الدية تسعة وعشرين جزء ومقتضى الضعيفة مع الشهرة ثمانية وعشرون ، وهما ليسا بحجّة.

ولعلّهم جعلوا المدار على الثاني وحملوا ما في الأوّل ، على انه من كلام الراوي.

وهو بعيد وخلاف ما نجده أو من كلامه عليه السّلام ، ولكن ما يتفاوت في مقدار الدية ، فإنه لا يمكن ذهاب الالف الساكن في مثل (قال) ، فالمعدود هو الهمزة المتحركة أو المجزومة فتأمّل ، فإنه غير ما نجده وغيره ما عدّوه ، وإمكان ذهابها.

ثم انهم جعلوا المدار على المنفعة مطلقا.

وفيه بحث ، فان الدليل على ما سمعت ، انما دل على كون المدار على المنفعة فيما إذا ذهبت المنفعة فقط ولم يذهب من الجرم شي‌ء ، إذ ما كان في الدليل ما يشمل على قطع بعض اللسان.

مع كون المدار على نقصان الحروف ، وانه قد يسقط من اللسان ولا يحصل قصور في صدور الحروف ، فالمناسب ان يكون المدار على المنفعة فيما إذا كان النقص فيها فقط ، وعلى المساحة والمقدار على تقدير النقص فيه فقط.

وعلى تقدير الاجتماع يحتمل جعل المدار على المساحة فإنها المدار فيما له مقدّر ، وليس للنقص مقدّر.

ويبعد احتمال جعل المدار على المنفعة كما هو ظاهر المتن (١) والأكثر.

ويحتمل أكثر الأمرين ، للاحتياط ، وللعمل بدليل المساحة والمنفعة.

__________________

(١) فإنه قال في المتن : وفي البعض بنسبة ما يسقط من حروف المعجم إلخ.

٣٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ويمكن عدم وجوب ذلك ، لاختصاص دليل المنفعة بما لم يسقط من الجرم شي‌ء كما سمعت فلا دليل للأكثر إلّا القياس ، فتأمّل.

فعلم ان كلام أكثر الأصحاب ـ حيث جعلوا المدار على المنفعة ـ ليس بجيّد.

وكذا من جعل الأظهر والأولى والمعتمد أكثر الآمرين ، لعدم الدليل فتأمّل.

وأمّا ما ورد في رواية (١) عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ـ حيث جعل حساب ذهاب المنفعة بالحروف على حساب الجمل ـ مثل كون الألف ديتها واحد ، والباء ديتها اثنان ، وهكذا إلى آخر الحروف ، على حساب الأبجد (٢).

فردّه الشيخ بأنه من كلام الراوي حيث توهم ذلك من قوله عليه السّلام :

__________________

(١) الاولى نقل الرواية بعينها ليتضح الحال : عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قلت له : رجل ضرب الغلام ضربة فقطع بعض لسانه فأفصح ببعض ولم يفصح ببعض؟ فقال : يقرأ المعجم ، فما أفصح به طرح من الدية ، وما لم يفصح به ألزم الدية ، قال : قلت : كيف هو؟ قال : على حساب الجمل : ألف ديته واحد ، والباء ديتها اثنان ، والجيم ثلاثة ، والدال أربعة ، والهاء خمسة ، والواو ستة ، والزاء سبعة ، والحاء ثمانية ، والطاء تسعة ، والياء عشرة ، والكاف عشرون ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، والنون خمسون ، والسين ستون ، والعين سبعون ، والفاء ثمانون ، والصاد تسعون ، والقاف مائة ، والراء مائتان ، والشين ثلاثمائة ، والتاء أربعمائة ، وكلّ حرف يزيد بعد هذا من ألف ـ ب ـ ت ـ ث ـ زدت له مائة درهم.

وفي التهذيب بعد نقل هذا الحديث هكذا : قال محمّد بن الحسن : ما يتضمّن هذا الخبر من تفصيل الدية على الحروف ، يشبه ان يكون من كلام بعض الرواة من حيث سمعوا انه قال : يفرق ذلك على حروف الجمل ظنوا انه على ما يتعارفه الحساب من ذلك ولم يكن القصد ذلك ، وانما كان القصد أن يقسم على الحروف كلها أجزاء متساوية ويجعل لكل حرف جزء من جملتها على ما فصل السكوني في روايته وغيره من الرواة ، ولو كان الأمر على ما تضمنت الرواية لما استكملت الحروف كلها الدية على الكمال ، لان ذلك لا تبلغ كمال الدية ان حسبناها على الدراهم ، وان حسبناها على الدنانير بلغت أضعاف الدية وكل ذلك فاسد ، فإذن ينبغي ان يكون العمل على ما تقدم من الاخبار (انتهى كلامه رفع مقامه).

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ٧ من أبواب ديات المنافع ج ١٩ ص ٢٧٥.

٣٧٨

وفي الأخرس بالمساحة.

(١) ولو ازداد سرعة أو ثقلا (نقل ـ خ ل) (تنقل ـ خ ل) الفاسد إلى الصحيح فالحكومة.

______________________________________________________

(انه على حساب الجمل) حيث كان متعارفا ذلك بينهم ، لان ما ذكره من الواحد والاثنان (١) إلى آخره بالحساب ان كان المراد الدرهم فلا يصل ذلك المجتمع مقدار تمام الدية ، وان كان الدينار ، فيصير أضعاف ذلك.

على انه مخالفة الأكثر (٢) وأوضح (٣) ، وانها ضعيفة بهما ، كما ترى فتأمّل.

وان التفاوت بين الحروف ـ مثل ان يكون للألف واحد ، وللتاء أربعمائة ونحو ذلك ـ بعيد.

وان ترديد الشيخ غير مناسب ، فإنه صرّح بالدرهم ، فإنه قال في آخر الرواية : (والتاء أربعمائة وكل حرف يزيد بعد هذا من ألف ـ ب ـ ت ـ ث زدت له مائة درهم).

قوله : «وفي الأخرس بالمساحة». ما تقدم من اعتبار ذهاب مخارج الحروف ومنفعة اللسان ، انما كان في لسان الصحيح.

وفي لسان الأخرس ، انما هو باعتبار المساحة والمقدار كما في سائر الأعضاء التي لها مقدّر وليس لأبعاضها مقدّر ، إذ منفعته ذاهبة ، فإذا ذهب نصفه يكون نصف ديته ، وهو السدس ، فان ديته ثلث فنصفه سدس وهكذا.

ثم انه هنا أيضا يحتمل اعتبار المنفعة ، إذ قد يكون بحيث يفصح ببعض الحروف ، وبالجناية يذهب ذلك ولم يسقط من جرمه شي‌ء أصلا ، فتأمّل.

قوله : «ولو ازداد سرعة إلخ». أي إذا ازداد في اللسان بالجناية سرعة

__________________

(١) هكذا في النسخ والصواب (الاثنين).

(٢) من الروايات كذا في هامش بعض النسخ.

(٣) يعني مخالفة لأوضح الروايات.

٣٧٩

فان جنى آخر بعد ذهاب بعض الحروف أخذ بنسبة ما ذهب من الباقي ولو قطعه آخر بعد إعدام الكلام فعليه الثلث وفي لسان الطفل

______________________________________________________

يعني كان قبل الجناية عليه سريعا في أداء الحروف ، فلم يأت بها كما ينبغي فزاد بعدها سرعة وصار أسرع ممّا كان أو كان ثقيلا ثم صار أثقل ، أو كان يأتي ببعض الحروف لا على الوجه الصحيح مثل ان كان يأتي بالراء شبيها بالغين ، ولم يأت بالراء صحيحا ، ولا بالغين بل يأتي بالغين الفاسد كذلك ثم صار بالجناية بحيث يأتي بالراء غينا صحيحا فنقل الراء الفاسد الشبيه بالراء في الجملة وبالغين كذلك إلى الغين الصحيح.

يلزم (١) الجاني الحكومة ، والأرش في كلّ ذلك وقد مرّ معناه ودليله مرارا ، فإن زيادة العيب والنقص نقص وعيب موجب للدية.

وانه لا شك ان الراء الشبيه بالغين أقرب إلى الأصل وهو الراء الصحيح من الغين الصحيح وهو ظاهر.

وكذا لو حصل نقص وعيب في إتيانه بالحرف الصحيح بحيث لم يقدر أن يأتي به صحيحا من مخرجه مع أوصافه المعتبرة ، فتؤخذ الحكومة.

ويحتمل دية الحرف لو لم يأت به صحيحا وان يأت به على وجه غير صحيح فإنه ذهب ذلك الحرف والمنفعة المطلوبة ولم ينفع بقاء بعضه الذي لا ينتفع به ، فتأمّل.

والحكومة ان يأت به صحيحا ولكن لم يأتي بأوصافه التي معتبرة في حسن أدائه وكماله التي لو لم يأت بها لم يصر لحنا عند الفقهاء ، بل يصحّ لو قرأ ، كذلك في الصلاة وان لم يكن صحيحا عند القرّاء ، فتأمّل.

قوله : «فان جنى آخر بعد إلخ». ان جنى شخص على لسان شخص

__________________

(١) جواب لقوله قدّس سرّه : إذا ازداد.

٣٨٠