مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٣

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٣

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦١

ولا تبطل ذلك سهوا ،

وتبطل بالإخلال بركن عمدا وسهوا وبزيادته كذلك

______________________________________________________

النافلة مثل الفريضة (١) وهذه تدل على عدم التساوي صريحا في الاحكام ، وعلى كون الوتر ثلاثا ، ودلت عليه أيضا أخبار كثيرة صحيحة في كتابي الشيخ ، فتوجد النافلة ثلاثا ، فينعقد نذرها بخصوصها ويكون فرد المنذورة عند الإطلاق كما مر.

ويدل عليه ما في التوقيع المنسوب إلى الحميري ، وسأله عليه السلام عن القنوت إلخ (٢) وقد ذكرناه في القنوت وهو دال على الفرق بين النافلة والفريضة في عدم البطلان بالعمد في الصلاة ، فتذكر ، فارجع وتأمل.

وأيضا الظاهر ان الرواية غير صحيحة فلا يمكن العمل بها مطلقا في الفرائض ، مع ظهور كثرة الفعل ، أو ثبوت كون الشرب مبطلا في الجملة ، ولا عموم فيها ، وكأن عدم السؤال بناء على كونه نفلا على الأصل وبالجملة كلامهما غير واضح عندي ، وانه على تقدير عدم الكثرة المبطلة لا ينبغي النزاع ، ومعها في بطلان النافلة بها تأمل. والظاهر عدم التساوي ، لعدم الدليل ، وأصل الصحة ، ولما مر.

قوله : «ولا تبطل ذلك سهوا» قد علم الدليل في الكل ، من قوله : وبتعمد التكفير الى هنا ، فتذكر.

قوله : «وتبطل بالإخلال بركن إلخ» المشهور الابطال بنقصان ركن من الأركان الخمسة ، وبزيادته مطلقا. ودليل الزيادة غير واضح ، وليس كونه فعلا غير الصلاة كما يظهر من المنتهى ، لان ذلك انما يبطل عمدا مع الكثرة بالمعنى

__________________

(١) جامع احاديث الشيعة ، باب (٤٤) في الخلل حديث : ٢ ، الوسائل باب (٨) من أبواب التشهد حديث : ١

(٢) الوسائل باب (٢٣) من أبواب القنوت حديث : ١ ولفظ الحديث (عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري انه كتب الى صاحب الزمان عليه السلام يسأله عن القنوت في الفريضة إذا فرغ من دعائه ان يرد يديه على وجهه وصدره للحديث الذي روى ان الله جل جلاله أجل من ان يرد يدي عبد صفرا بل يملئهما من رحمته ، أم لا يجوز ، فان بعض أصحابنا ذكر انه عمل في الصلاة؟ فأجاب عليه السلام رد اليدين من القنوت على الرأس

٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

الذي تقدم كما مر ، وليس بمعلوم وجوده في الكل.

وكذا الاستدلال بتغير الصلاة ، ليس بتمام. إذ ليس بنفسه واضحا ولا دليل عليه.

نعم قد روى بعض الاخبار وسيجي‌ء في زيادة الركعة.

واما النقصان : فقد مر في بحث النية ما كان يمكن ان يقال فيها ، وكذا القيام ، وان زيادتهما من غير زيادة التكبير والركوع لا يتصور ، وقد مر تحقيقه.

اما غيرهما ، فيدل على التكبير اخبار تسعة ، وليس فيها غير صحيح إلا واحد ، (وهو موثق لابن بكير) مثل صحيحة زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل ينسى تكبيرة الافتتاح؟ قال : يعيد (١) وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في الذي يذكر انه لم يكبر في أول صلاته؟ فقال : إذا استيقن انه لم يكبر فليعد ، ولكن كيف يستيقن (٢) وصحيحة على بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل ينسى ان يفتتح الصلاة حتى يركع؟ قال يعيد الصلاة (٣) وغيرها.

ولكن يدل على عدم الإعادة أخبار : منها صحيحة عبيد الله بن على الحلبي عن أبي عبد الله قال : سألته عن رجل نسي أن يكبر حتى دخل في الصلاة؟ فقال : ا ليس كان من نيته ان يكبر؟ قلت : نعم ، قال : فليمض في صلاته (٤) وصحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : قلت له : رجل نسي ان

__________________

والوجه غير جائز في الفرائض والذي عليه العمل فيه إذا رجع يديه من قنوت الفريضة وفرغ من الدعاء ان يرد بطن راحتيه مع صدره تلقاء ركبتيه على تمهل ويكبر ويركع والخبر صحيح وهو في نوافل النهار والليل دون الفرائض والعمل به فيها أفضل)

(١ و ٢) الوسائل باب (٢) من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ١ ـ ٢

(٣) الوسائل باب (٢) من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ٥

(٤) الوسائل باب (٢) من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ٩

٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

يكبر تكبيرة الافتتاح حتى كبر للركوع؟ فقال : اجزئه (١) قال الشيخ هذان الحديثان محمولان على عدم اليقين بل مع الشك.

وهو في الخبر الأول غير بعيد ، لقوله (ع) (ا ليس كان من نيته) فكأنه يريد ازالة شكه بذلك وقال (٢) أيضا كان عدم الاكتفاء بتكبير الركوع ، منفيا في خبر الفضل بن عبد الملك أو ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : في الرجل يصلى فلم يفتتح بالتكبير ، هل تجزيه تكبيرة الركوع؟ قال : لا ، بل يعيد صلاته إذا حفظ انه لم يكبر (٣) وان مع العلم لا بد من إعادة الصلاة فعلمنا ان ما يتضمن هذان الخبران من ان ذلك جائز انما هو مع الشك دون اليقين (٤).

وسند هذا الخبر جيد ، وليس فيه الا أبان ، والظاهر انه ابن عثمان ، وان كان فيه قول (٥) الا انه ممن اجمع عليه ، ويمكن أيضا ان ترجح الأول بالكثرة والشهرة : مع ان الخلاف ليس بمعلوم ، ويمكن إسقاطهما بخبرين منها وبقي الباقي سليما ، ولكن ليس خبرا (٦) عدم البطلان مما ينافيهما ، بصحيح صريح في المنافاة ، حتى يوجب إسقاطهما. والتأويل فيهما.

ولو لم يكن الإجماع ، ووجد القائل لكان الجمع ـ بالاستحباب والجواز ، والصحة مع تقدم القصد ، وقوله تكبير الركوع كما هو ظاهر الروايتين والبطلان مع عدمها ـ ممكنا.

__________________

(١) الوسائل باب (٣) من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ٢

(٢) عبارة الشيخ في التهذيب هكذا : وأيضا الخبر الذي قدمناه عن ابن أبي يعفور والفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام تضمن التصريح بان التكبير في الركوع ، لا يجزى عن تكبيرة الافتتاح.

(٣) الوسائل باب (٣) من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ١

(٤) الى هنا كلام الشيخ في التهذيب.

(٥) سند الحديث كما في الكافي هكذا (الحسين بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن عامر ، عن على بن مهزيار ، عن ابان ، عن الفضل بن عبد الملك ، أو ابن أبي يعفور) وفي التهذيب نقلا عن الكافي (وابن أبي يعفور)

(٦) المراد من (خبرا) في قوله : (ليس خبرا) هما صحيحتا الحلبي والبزنطي. والضمير في قوله (مما ينافيهما) يرجع الى الخبرين اللذين فرضا معارضتين من التسعة المذكورة.

٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

واما الركوع فيدل على البطلان بتركه سهوا صحيحتا رفاعة (الثقة) عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل ينسى ان يركع حتى يسجد ويقوم؟ قال : يستقبل (١) وما رواه صفوان ومنصور أيضا في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا أيقن الرجل انه ترك ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين وترك الركوع استأنف الصلاة (٢)

وما رواه في الصحيح عن إسحاق بن عمار (الثقة الفطحي المعتمد) قال سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل ينسى ان يركع؟ قال : يستقبل حتى يضع كل شي‌ء من ذلك موضعه (٣)

وما رواه أبو بصير قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل نسي أن يركع؟ قال : عليه الإعادة (٤) هذا هو المشهور بين الأصحاب ،

وقال الشيخ هذه الاخبار كلها محمولة على انه نسي الركوع في الركعتين الأولتين ، فإنه يجب عليه استيناف الصلاة على كل حال إذا ذكره ، واما إذا كان النسيان في الركعتين الأخيرتين وذكر وهو بعد في الصلاة ، فليلق السجدتين من الركعة التي نسي ركوعها ويتم الصلاة.

والذي يدل على ذلك ما رواه سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين عن الحكم بن مسكين عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل شك بعد ما سجد انه لم يركع قال : فان استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة لهما فيبني على صلاته على التمام ، وان كان لم يستيقن الا بعد ما فرغ وانصرف فليقم وليصل ركعة وسجدتين ولا شي‌ء عليه (٥)

وما رواه في الصحيح عن العيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله عليه

__________________

(١) الوسائل باب (١٠) من أبواب الركوع حديث : ١

(٢ ـ ٣ ـ ٤) الوسائل باب (١٠) من أبواب الركوع حديث : ٣ ـ ٢ ـ ٤

(٥) الوسائل باب (١١) من أبواب الركوع حديث : ٢

٨٤

وبزيادة ركعة كذلك ، وبنقصان ركعة عمدا ، ولو نقصها أو ما زاد سهوا أتم ان لم يكن تكلم أو استدبر القبلة ، أو أحدث.

______________________________________________________

السلام عن رجل نسي ركعة من صلاته حتى فرغ منها ثم ذكر انه لم يركع؟ قال : يقوم ويركع ويسجد سجدتي السهو. (١) ، (٢)

ويمكن ان يجاب بان سند الأول غير صحيح ، لان الحكم ، غير معلوم التوثيق ، وبان الظاهر انه لا يقول بمضمونه ، فإنه لا تجب الركعة لفوت ركوع وتذكره بعدها : وبأنه ليس فيه تخصيص بما يقول به من الركعتين الأخيرتين. مع المعارضة بأشهر وأكثر ، والشهرة بين الأصحاب في الفتوى.

وعن الثاني أيضا بها ، الا الدخل في السند ، فان الظاهر انه صحيح ، وأيضا بأن الظاهر ان المراد به الركعة ، ويقال بموجبه وهو سجود السهو لنقصان الركعة مع ذكرها بعد الصلاة والإتيان بها.

وبالجملة الأخيرة لا دلالة لها على مذهبه أصلا ، والا ولي قد عرفت حالها ، وبعد تسليم الكل يحذف بالمعارض ويبقى الباقي سليما.

ويقال مثلها في جواب صحيحة حكم بن حكيم ، قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل ينسى من صلاته ركعة أو سجدة ، أو الشي‌ء منها ثم يذكر بعد ذلك؟ فقال : يقضى ذلك بعينه ، فقلت أيعيد الصلاة؟ فقال : لا. (٣) مع انه لا يقول بمضمونه أيضا. ويحتمل المندوبة أيضا ، وبالجملة المشهور اولى.

قوله : «وبزيادة ركعة كذلك إلخ» الحكم بأنها مبطلة مع العمد ، فالظاهر انه مما لا نزاع فيه ، ويؤيده اشتمالها على الركن ، وزيادته مبطلة عندهم.

واما مع السهو ، فقيل بالبطلان كما هو ظاهر المتن لما مر ، وقيل ان جلس بعد الرابعة بمقدار التشهد فصحيحة والا فباطلة ، والذي يدل على الصحة معه رواية

__________________

(١) الوسائل باب (١١) من أبواب الركوع حديث : ٣

(٢) الى هنا كلام الشيخ

(٣) الوسائل باب (١١) من أبواب الركوع حديث : ١

٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

محمد بن مسلم في التهذيب ، قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل استيقن بعد ما صلى الظهر انه صلى خمسا؟ قال : وكيف استيقن! قلت علم ، قال : ان كان علم انه كان جلس في الرابعة ، فصلاة الظهر تامة ، فليقم فليضف إلى الركعة الخامسة ركعة وسجدتين فتكونان ركعتين نافلة ولا شي‌ء عليه (١)

وفيه دلالة ما ، على سهولة الأمر في النية ، والتكبير ، في النافلة : وعدم السجدة للزيادة.

وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن رجل صلى خمسا؟ فقال : ان كان قد جلس في الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته (٢) وصحيحة جميل بن دراج في الفقيه عنه عليه السلام ، انه قال : في رجل صلى خمسا؟ : انه ان كان جلس في الرابعة يقدر التشهد فعبادته جائزة (٣)

وكذا صحيحة العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن رجل صلى الظهر خمسا؟ فقال : ان كان لا يدرى جلس في الرابعة أم لم يجلس ، فليجعل اربع ركعات منها الظهر ويجلس ويتشهد ثم يصلى وهو جالس ركعتين واربع سجدات ويضيفها إلى الخامسة فتكون نافلة (٤) فتأمل فيها.

وظاهر كلام الشيخ ان المراد. الجلوس مع التشهد ، والجلوس بقدره كناية عن فعله ، لانه قال : من جلس في الرابعة ثم قام وصلى ركعة لم يخل بركن من أركان الصلاة ، وانما يكون أخل بالتسليم والإخلال بالتسليم لا يوجب إعادة الصلاة حسب ما قدمناه ، كأنه إشارة إلى إثبات استحباب التسليم ، وأراد بالركن ، الواجب :

وكلام المصنف في المنتهى يقتضي عدم الفرق بين التشهد وعدمه ، لانه قال : والتشهد والتسليم ليسا بركنين فلا تبطل الصلاة بتركهما.

__________________

(١) الوسائل باب (١٩) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٥

(٢) الوسائل باب (١٩) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٤

(٣ ـ ٤) الوسائل باب (١٩) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٦ ـ ٧

٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وفيه تأمل ، لأن الحدث في الأثناء مبطل ، وزيادة الركعة كذلك مبطلة عمدا وسهوا عندهم ، مع انه لو صح ذلك ينبغي عدم البطلان بعد سجدة واحدة أيضا.

والظاهر ان العمدة النص ، فإنه ظاهر في الجلوس ، وهو أعم من فعله وعدمه ، بل هو ظاهر فيه : وكون الزيادة في الأثناء مبطلة مطلقا ممنوع : ولا يقاس على الحدث.

والذي يدل على البطلان مع العدم مفهومها ، وحسنة زرارة وبكير (ابني أعين ـ لإبراهيم) عن أبي جعفر عليه السلام قال : إذا استيقن انه زاد في صلاته المكتوبة ركعة لم يعتد بها واستقبل صلاته استقبالا إذا كان قد استيقن يقينا (١) ورواية أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه السلام من زاد في صلاته فعليه الإعادة (٢)

وحملتا على من لم يجلس ذلك المقدار ، جمعا للاخبار.

وهما دليلا العمد أيضا ، بل دليلا زيادة الركن مطلقا ، لأنهما يشملان زيادة الركن وغيره ، وخرج الثاني بالدليل ، والظاهر ان المراد ، الركعة ، ولهذا جعلا دليلا هذا المدعى فقط ، وانه لا دليل على إخراج غير الركن.

ويلزم أيضا كون المستثنى منه أقل ، بل لا بد من إخراج بعض الأركان أيضا في الجملة كما هو مذكور في الشرح ، مع عدم الصحة وبالجملة هما محتملان لزيادة غير الركن ، مع عدم الصحة ، فلا ينهضان دليلا على البطلان بزيادة الركن الا ان يؤيد بالإجماع ، وهو كاف.

ثم اعلم ان الظاهر ان المراد بزياد الركعة نسيانا زيادتها بتمامها ، حتى انه ما ذكر الا بعد السجدتين ، ويؤيده قوله (ع) فليضف إلخ.

واما إذا ذكر بين السجدتين ، فالظاهر انه مثل الأول ، فيجعلها نافلة ويكمل ، مع احتمال البطلان.

وكذا بين الركوع والسجود ، وهو بالبطلان أقرب من الأول ، والظاهر الصحة في الكل ، للرواية فإنه إذا لم يبطل بالركعة وهي ركن وزيادة فبالبعض

__________________

(١ ـ ٢) الوسائل باب (١٩) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١ ـ ٢

٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

بالطريق الاولى ، ولا يبعد البناء والإتمام نافلة ، والمصنف تردد في الإتمام مطلقا ، كأنه لعدم صحة الرواية الاولى ، وعدم العمل بالأخيرة ، وعدم النية والتكبير ، ولا يبعد كون الاولى الاحتراز والقطع.

واما إذا كان قبل الركوع ، فالظاهر إلقاء الزيادة والجلوس والإتمام.

وأيضا يحتمل ثبوت هذا الحكم في الثالثة في الثنائية ، مثل الفجر والجمعة وصلاة المسافر ، وفي الرابعة في الثلاثية ، للأصل ، وموافقة الأوامر المقتضية للاجزاء : والعلة الظاهرة من الاخبار ، بأنها الوقوع بعد الخلاص من معظم الصلاة وأركانها ، وانها ما بقي منها الا التشهد كما فهم من كلام الشيخ والمصنف رحمهما الله.

مع عدم صحة الخبرين الدالين على البطلان ، فإن إبراهيم في الحسنة (١) وهو غير مصرح بالتوثيق في كتب الرجال ، ووجود ابان بن عثمان ، واشتراك أبي بصير في الأخرى (٢) وان كان إبراهيم لا بأس به ، وابان كذلك وان أبا بصير هو الليث الثقة ، لأنه المشهور والأكثر حتى لم يلتفتوا الى توثيقه أصلا فكأنه محقق عندهم كونه كذلك (ذلك خ ل)

ولكن الحكم بالبطلان بمثلها مشكل ، لأن الأصل دليل قوى ، ويبعد الخروج عنه بمثلها ، ويؤيد الصحة ما رواه الشيخ في زيادات التهذيب في باب أحكام السهو في الحسن لإبراهيم عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال : في الرجل يصلى الركعتين من المكتوبة ثم ينسى ويقوم قبل ان يجلس بينهما؟ قال : فليجلس ما لم يركع وقد تمت صلاته ، وان لم يذكر حتى ركع فليمض في صلاته فإذا سلم نقر ثنتين وهو جالس (٣) اى سجد سجدتين وهو كذلك في الكافي (٤) ولكن دلالته

__________________

(١) سند الحديث في الكافي هكذا (على بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة وبكير ابني أعين)

(٢) سند الحديث في الكافي هكذا (الحسين بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن على بن مهزيار ، عن فضالة بن أيوب ، عن ابان بن عثمان ، عن ابى بصير)

(٣) الوسائل باب (٩) من أبواب التشهد حديث : ١

(٤) أي في الكافي (سجد سجدتين) بدل (نقر ثنتين)

٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

غير صريحة ، لاحتمال كون الصلاة ثلاثية أو رباعية ونسي التشهد وقام فتأمل :

ويحتمل البطلان فيهما لهما ، واختصاص الصحة بغيرهما. ولا استبعاد في ذلك لثبوت الفرق بينهما وبين الرباعية بابطالهما بالشك فيهما ، دونها ، فتأمل فإنه أحوط.

وان (١) الظاهر أيضا عدم الفرق بين زيادة ركعة وما زاد ، بل هو اولى بالبناء والإتمام نافلة : وانه لا بد من الإتيان بالتشهد بعدها ويدل عليه بعض الاخبار (٢) وما ثبت وجوبه به.

واما السلام فهو مبنى على وجوبه ، واما سجود السهو. فيجي‌ء ، وقال في الشرح : في الخبرين دلالة على عدم وجوب السلام. حيث ما قيد بمقداره أيضا ، وهو بالنظر الى العلة لا يخلو من اشارة ما ، نعم لو اعتبر فعله قوي الدلالة.

واما النقصان : فالبطلان مع العمد واضح لما مر دليله : واما مع السهو : فان تذكر قبل فعل المنافي أتمها بغير خلاف : واما مع المنافي ، فإن كان المنافي منافيا عمدا وسهوا مثل الحدث فالبطلان واضح ، لانه وقع ما يبطل في الأثناء. ولا يمنعه فعله لظن انه خلص منها ، لانه لا يزيد على النسيان.

وقال في الشرح : والاستدبار كذلك وغيره أيضا مثل المصنف في المنتهى والشيخ.

وفيه تأمل ، لما مر من جواز الالتفات ولو كان بكله الى الخلف سهوا وانه غير مبطل عندهم فكيف يحكم بأنه مبطل مطلقا ، الا ان يريدوا بالاستدبار الكثرة والتطويل وهو أيضا غير معلوم ، وقد مر البحث فيه مستوفاة ، فتأمل.

واما إذا كان المنافي منافيا عمدا لا سهوا كالتكلم ، فقال في المنتهى لأصحابنا فيه قولان ، واختار الصحة.

واما الاخبار فمختلفة ، منها ما يدل على الصحة مطلقا ، بحيث يفيد عدم

__________________

(١) عطف على قوله : ثم اعلم ان الظاهر إلخ

(٢) الوسائل باب (١٤) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٥

٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

البطلان مع الحدث والاستدبار أيضا مثل صحيحة زرارة في زيادات التهذيب والاستبصار عن ابى جعفر عليه السلام قال : سألته عن رجل صلى بالكوفة ركعتين ثم ذكر وهو بمكة أو بالمدينة أو بالبصرة أو ببلدة من البلدان انه صلى ركعتين؟ قال : يصلى ركعتين (١)

وصحيحة محمد (كأنه ابن مسلم ، وقد صرح به في الفقيه) عن أبي جعفر عليه السلام قال : سئل عن رجل دخل مع الإمام في صلاته وقد سبقه بركعة ، فلما فرغ الامام خرج مع الناس ثم ذكر بعد ذلك انه فاتته ركعة؟ قال : يعيدها ركعة واحدة (٢)

وصحيحة عبيد بن زرارة (الثقة) قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى ركعة من الغداة ثم انصرف وخرج في حوائجه ، ثم ذكر انه صلى ركعة؟ قال : فليتم ما بقي (٣)

ورواية أخرى عن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث والرجل يذكر ـ بعد ما قام وتكلم ومضى في حوائجه ـ انه انما صلى ركعتين في الظهر والعصر والعتمة والمغرب؟ قال : يبنى على صلاته فيتمها ولو بلغ الصين ولا يعيد الصلاة (٤).

والشيخ تكلف ، وحمل البعض على النافلة. والشك في النقصان ، لا العلم وهو بعيد. ونقل عن الصدوق العمل بمضمونها.

ويدل على الإعادة مطلقا مع القيام عن مكانه ، مثل صحيحة جميل قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى ركعتين ثم قام؟ قال : يستقبل ، قلت فما يروى الناس ، فذكر له حديث ذي الشمالين! فقال : ان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يبرح من مكانه ، ولو برح استقبل (٥)

__________________

(١ ـ ٢) الوسائل باب (٣) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١٩ ـ ١٢

(٣) الوسائل باب (٦) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٣

(٤) الوسائل باب (٣) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢٠

(٥) الوسائل باب (٣) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٧

٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ورواية أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى ركعتين ، ثم قام فذهب في حاجته؟ قال : يستقبل الصلاة ، قلت فما بال رسول الله صلى الله عليه وآله لم يستقبل حين صلى ركعتين؟ فقال : ان رسول الله (ص) لم ينتقل (لم ينفتل يب) من موضعه (١) وقريب منه رواية سماعة (٢) وهما ليستا بصحيحتين.

ويدل على عدم الإعادة مع الكلام أخبار كثيرة صحيحة ، مثل حكاية فعله صلى الله عليه وآله بطرق كثيرة صحيحة (٣) وصحيحة على بن النعمان المتقدمة ، وسيجي‌ء.

ويدل على الإعادة مع التحويل عن القبلة رواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : سئل عن رجل دخل مع الإمام في صلاته وقد سبقه بركعة ، فلما فرغ الامام خرج مع الناس ، ثم ذكر انه فاتته ركعة؟ قال : يعيد ركعة واحدة ، يجوز له ذلك إذا لم يحول وجهه عن القبلة ، فإذا حول وجهه فعليه ان يستقبل الصلاة استقبالا (٤)

ولا يمكن حمل الأخبار المتقدمة على هذه ، لأن الأكثر ظاهر في الصحة مع الاستدبار أيضا. وهذه غير صحيحة ، وهو ظاهر للناظر في الأصل ، مع ان هذه الرواية بعينها قد رويت بطرق متعددة صحيحة من غير قيد (يجوز له ذلك إلخ) ورواها محمد بن مسلم أيضا كما مر (٥) فيمكن حذفها.

واما الاخبار الدالة على الإعادة مع قلب الوجه وصرفها عن القبلة كما سبق في بحث الالتفات ، فلا يدل على ما نحن فيه فتأمل ، يبعد حمل ما دلت على انه إذا برح من مكانه يعيد ، والا فلا ، أيضا ، على الاستدبار وعدمه ، لما مر ، مع انها أعم.

__________________

(١ ـ ٢) الوسائل باب (٣) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١٠ ـ ١١

(٣) راجع الوسائل باب (٣) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة

(٤) الوسائل باب (٦) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢

(٥) الوسائل باب (٣) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١ ـ ١٢

٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

والذي يقتضيه النظر في الأدلة : عدم وجوب الإعادة للنقصان بعد الذكر ، ان كان المنافي مجرد الكلام ، أو مثله في كونه مبطلا ومنافيا لها عمدا على الظاهر :

والتخيير بين الإعادة وعدمها مع الإتمام بعد الانتقال مطلقا ، ولا يبعد ذلك في الكلام أيضا لعموم الأخبار الدالة على الإعادة به في بحث الالتفات ، مثل قوله : (حتى ينصرف بوجهه أو يتكلم فقد قطع صلاته) (١) وغير ذلك وكأنه مقصود (٢) الصدوق ، من العمل بمضمون الأول ، وانما ذلك للجمع بين الاخبار الكثيرة الصحيحة الصريحة التي يتعسر الجمع بدونه وعدم ما ينافي ذلك وغاية ما ذكر : ان قول أكثر الأصحاب هو الإعادة في المنافي مطلقا وليس بحجة.

ويدل على التخيير في الجملة صحيحة أبي بكر الحضرمي : قال صليت بأصحابي المغرب ، فلما ان صليت ركعتين سلمت ، فقال بعضهم انما صليت ركعتين ، فأعدت ، فأخبرت أبا عبد الله عليه السلام فقال : لعلك أعدت! فقلت : نعم ، فضحك ، ثم قال : انما كان يجزيك ان تقوم وتركع ركعة ، ان رسول الله صلى الله عليه وآله سهى فسلم في ركعتين ثم ذكر حديث ذي الشمالين ، فقال : ثم قام فأضاف إليها ركعتين (٣) وصحيحة الحارث بن المغيرة النضري (الثقة) قال : قلت : لأبي عبد الله عليه السلام انا صلينا المغرب. فسهى الامام فسلم في الركعتين؟ فأعدنا الصلاة ، فقال : ولم أعدتم؟ أليس قد انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله في ركعتين ، فأتم بركعتين؟ ألّا أتممتم (٤) وصحيحة على بن النعمان الرازي (الثقة) قال كنت مع أصحاب لي في سفر ، وانا إمامهم ، فصليت بهم المغرب ، فسلمت في الركعتين الأولتين ، فقال أصحابي إنما صليت بنا ركعتين ،

__________________

(١) الوسائل باب (٢٥) من أبواب قواطع الصلاة قطعة من حديث : ٦

(٢) ولعل حق العبارة ان يقال : وكأنه المقصود من عمل الصدوق بمضمون الأول

(٣) الوسائل باب (٣) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٤

(٤) الوسائل باب (٣) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢

٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فكلمتهم وكلموني ، فقالوا اما نحن فنعيد ، فقلت ولكني لا أعيد ، وأتم بركعة ، فأتممت بركعة ، ثم سرنا ، فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فذكرت له الذي كان من أمرنا ، فقال لي أنت كنت أصوب منهم فعلا ، انما يعيد من لا يدرى ما صلى (١) حيث صوب كلا الفعلين ، وما أمر بالإعادة ، وان قال في البعض الا أتممتم ، فإن الظاهر انه للرخصة والتخفيف ، أو الفضيلة.

ففي هذه الاخبار دلالة على كون الإعادة رخصة ، ويجوز الأمران.

ويدل على عدم وجوب النقل في المسائل ، بل يكفي الموافقة ، فإن الظاهر عدم النقل لهم في هذه المسائل ، بل عدم وجوب تعلم أمثال هذه ، وبطلان الصلاة بتركه ، حيث ما أمر بالإعادة ، ولا شنّع على الترك.

ويدل عليه أيضا ما نقل في زيادات التهذيب في باب السهوان النبي (ص) لا يسجد للسهو. ولا الفقيه (٢) بمعنى انه في كل شي‌ء ، فان الفقيه يعمل حيلة ، أو يعرف عدم الوجوب عينا فلا يفعل.

وأيضا ما روى فيها متصلا بالاولى في الصحيح عن حمزة بن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ما أعاد الصلاة فقيه قط ، يحتال لها ويدبرها حتى لا يعيدها (٣) ففيه إشارة إلى التخيير ، وعدم حتم أحكام الشك والإعادة ، فتأمل.

واعلم انه يفهم من هذا : ان في البطلان بنقص الركن وزيادته مطلقا تأملا ما ، وان جريان هذا الحكم في الصلوات كلها ، مؤيد لما مر من صحة الصلاة مع زيادة الركعة ، إذا جلس عقيب الثانية في الثنائية والثالثة في الثلاثية ، فافهم.

وان الصدوق ذكر في الفقيه رواية عمار (ولو بلغ الصين) ورواية عبيد بن

__________________

(١) الوسائل باب (٣) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٣

(٢) الوسائل باب (٣) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١٣ ولفظ الحديث (عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه السلام هل سجد رسول الله صلى الله عليه وآله سجدتي السهو قط؟ قال : لا ولا يسجدهما فقيه)

(٣) الوسائل باب (٢٩) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١

٩٣

ولو ترك سجدتين وشك هل هما من واحدة أو اثنتين بطلت.

ولو شك قبل السجود ، هل رفعه من ركوع الرابعة أو خامسة ، بطلت صلاته.

______________________________________________________

زرارة المتقدمة (صلى ركعة من الغداة ثم انصرف إلخ) ورواية محمد بن مسلم. (قال يعيد ركعة واحدة) ولم يذكر لها تأويلا فيدل على إفتائه بها ، ولما يفهم من أول كتابه أيضا : انه ما ينقل فيه الا ما هو الحجة بينه وبين الله ، والذي يفتي به ومذهبه وعمل به كما فهمه الشارح رحمه الله أيضا.

واعلم أيضا ان مذهب المصنف هنا ، الإعادة لنقصان الركعة وما زاد سهوا إذا ذكر بعد المنافي مطلقا ، وعدم الفرق بين الكلام والحدث والاستدبار ، وذلك بعيد ، للأخبار الكثيرة جدا مع الصحة الدالة على الاكتفاء بالإتمام مع الكلام.

قوله : «ولو ترك سجدتين إلخ» دليل البطلان تعين شغل الذمة ، مع عدمه ، بل عدم الظن أيضا بالفعل ، فيبقى في العهدة ، فيبطل ما فعله ، ويجب الاستيناف ، والاحتياط يؤيده ، ويحتمل الصحة والإتيان بهما بعدها ، لأصل الصحة ، وبعد نسيان السجود رأسا من ركعة. بخلاف الواحدة من كل منهما ، ولان الظاهر انه لا يزيد على انه شك بعد الركوع ، هل سجد في الركعة السابقة أم لا ، وفي هذه الصورة لا يلتفت ، للاخبار والفتاوى بان : من شك ومضى محله لم يلتفت ، ففيما نحن فيه كذلك بمعنى انه لا يجزم بكونهما من واحدة فيأتي بهما بعدها ، لكونهما فائتتين يقينا بخلاف الاولى ، فعدم حصول الظن بالفعل ممنوع ، بل هو حاصل كما في أمثاله ، وذلك كاف في الاخبار ، وفي الاحتياط أيضا تأمل لا يخفى ، وأيضا تعارض كونهما من واحدة أو اثنتين ، بقي أصل الصحة سليمة ، وبالجملة : هو شك في المبطل وترك الواجب بعد فوات المحل فلا يلتفت ، فتأمل.

قوله : «ولو شك قبل السجود إلخ» فأصله الشك بين الركوع والسجود ، في انها على تقدير الإتمام ، هي رابعة فيصح ، أو خامسة فتبطل.

دليل البطلان الذي هو فتوى المصنف : انه ان بنى على الأربع فاما ان يفعل السجود أو يترك فعلى الأول يلزم احتمال زيادة الركن عمدا ، وليس ذلك بأنقص

٩٤

وتبطل لو شك في عدد الثنائية كالصبح والسفر والعيدين فرضا ، والكسوف ، وفي عدد الثلاثية ، كالمغرب ، وفي عدد الأولين مطلقا.

______________________________________________________

من كونها سهوا وذلك مبطل كما مر ، وعلى الثاني يلزم ترك الركن عمدا فتبطل ، ويستأنف.

ويحتمل الصحة كما هو رأي جماعة مثل الشهيد وصاحب المعتبر على ما قيل لأن الأصل عدم الزيادة على ما يجب ، وعدم فعل أصلا حتى يثبت ، والصحة ، وبقاء شغل الذمة بالاستصحاب. وبناء فعل المسلم على الصحة ، وليس احتمال الزيادة مثلها. نعم يحتمل الزيادة والنقصان ، ولكنهما منفيان بما مر.

والذي ثبت ، ان ثبت : ان زيادة الركن ونقصانه مبطل ، لا احتمالهما ، فيبني على الأربع ويكمل.

ومنه تعلم الصحة لو كان الشك بعد تحقق الركوع قبل الرفع ، ويحتمل إدراجه في المتن لعدم الفرق. وكذا بين السجدتين وبعدهما. قبل التشهد أو بعده ، على تقدير وجوب التسليم بالطريق الاولى والفرق (١) في الشك بين الركوع وبين السجدتين.

فلا ينبغي حمل كلامه : وهو (قبل السجود) على ما يشمل بين السجدتين حتى يدخل في البطلان عنده ، لو وقع الشك بين السجدتين أيضا مع عدم ظهور البطلان عنده ، ودليله ، وعدم ظهور العبارة فيه ، بل ظاهرة في الأول فقط.

واما لو شك قبل الركوع فيبني على الأربع ويجلس ويتم ، ثم يحتاط ، فإنه في الحقيقة شك بين الثلاث والأربع ، وهذا واضح.

قوله : «وتبطل لو شك في عدد الثنائية إلخ» قال المصنف في المنتهى : ولو شك في عدد الثنائية كالصبح وصلاة السفر والجمعة والكسوف ، أو في الثلاثية كالمغرب ، أو في الأولتين من الرباعيات أعاد ، ذهب إليه علمائنا اجمع ،

__________________

(١) وعبارة النسخة المطبوعة هكذا (والفرق بين الشك في الركوع والسجدة وبين السجدتين)

٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الا على ابن بابويه ، فإنه جوز البناء على الأقل والإعادة :

فلا كلام في جواز الإعادة ، بمعنى عدم تحريمها عندنا.

والظاهر ان الثنائية أعم من اليومية وغيرها مع الوجوب سواء كان بأصل الشرع وغيره كالنذر وشبهه.

وانه يلحق المنذورة ونحوها جميع الأحكام الثابتة للواجبة التي ما كانت داخلة في حقيقتها قبل النذر ، مثلا لا تجب القبلة فيها ـ على تقدير عدم اشتراطها في المندوبة ـ بعد النذر ولا يحرم القران ، على تقدير حرمته في الواجبة ، حتى لو نذر صلاة الليل ، فاستحباب اختيار قراءة ثلاثين مرة ، قل هو الله أحد ، في الأولتين باق بعده أيضا ، لتعلق النذر بما هو فرد من المنذورة.

ويؤيده عموم الرواية ، قال في الفقيه ، وروى ان من قرء في الركعتين الأولتين من صلاة الليل في كل ركعة الحمد مرة وقل هو الله احد ثلاثين مرة ، انفتل وليس بينه وبين الله ذنب الا غفر له (١) وكذا غيرها من الروايات في تعدد السور في النوافل ، مثل صلاة أمير المؤمنين عليه السلام. وأيضا يبعد حرمان الناذر عن مثل هذا الثواب. وكذا الجلوس والمشي على ما مر ، بخلاف الأحكام المتعلقة بها بعد الانعقاد وما كانت قبل متحققة ، لأنها ما كانت متحققة حتى يكون فردا منها مثل أحكام السهو والشك وغيرهما ، فتأمل فإنه لا يخلو عن دقة.

واما دليل البطلان في الثنائية والثلاثية : فصحيحتا حفص بن البختري وغيره وحسنته عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا شككت في المغرب فأعد ، وإذا شككت في الفجر فأعد (٢)

وفي الصحيح عن أبي بصير قال : قال : أبو عبد الله عليه السلام إذا سهوت في

__________________

(١) الوسائل باب (٥٤) من أبواب القراءة في الصلاة حديث : ١

(٢) الوسائل باب (٢) من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ١ ـ ٥

٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

المغرب فأعد الصلاة (١) مع عدم الفرق بينها وبين الغير على الظاهر عقلا ونقلا من الأصحاب حيث ما فرق احد على الظاهر.

ويؤيده حسنة محمد بن مسلم (لإبراهيم) قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلى ولا يدرى واحدة صلى أم اثنتين؟ قال : يستقبل حتى يستيقن انه قد أتم وفي الجمعة ، وفي المغرب ، وفي الصلاة في السفر (٢)

وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : سألته عن السهو في المغرب؟ قال : يعيد حتى يحفظ ، انها ليست مثل الشفع (٣) والظاهر انه يريد انها ليست مثل الأربع. لأنك قد عرفت كون الفجر ونحوه كذلك فيمكن جعلها دليلا على الركعتين أيضا.

ورواية سماعة ، قال : سألته عن السهو في صلاة الغداة؟ فقال : إذا لم تدر واحدة صليت أم ثنتين فأعد الصلاة من أولها ، والجمعة أيضا إذا سهى فيها الامام فعليه ان يعيد الصلاة ، لأنهما ركعتان ، والمغرب إذا سهى فيها فلم يدر كم ركعة صلى فعليه ان يعيد الصلاة (٤) وهذه وان لم تكن صحيحة ، فذكرتها للتأييد.

وصحيحة العلاء (كأنه ابن رزين الثقة) عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يشك في الفجر؟ قال : يعيد ، قلت : المغرب؟ قال : نعم ، والوتر والجمعة ، من غير ان أسأله (٥) كأنه يريد بالوتر الثلاث مع وجوبه ، أو الأولى فيه ذلك ، والروايات كثيرة.

وما رأيت ما يدل على ما ينافي ذلك ، إلا روايتي عمار الساباطي ، واحدة في المغرب ، والأخرى فيه وفي الصبح (٦) يدلان على البناء على الأكثر وفعل الركعة بعدها ، وانها إذا كانت تامة يكون تطوعا ، والا تكون تمام الصلاة. ولو كانتا صحيحتين لأمكن القول بالتخيير ، ولكنها ليستا بصحيحتين لعمار وغيره ، ويمكن

__________________

(١ ـ ٢ ـ ٣ ـ ٤ ـ ٥) الوسائل باب (٢) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٦ ـ ٢ ـ ٤ ـ ٨ ـ ٧

(٦) الوسائل باب (٢) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١١ ـ ١٢

٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الحذف بمثلهما وتبقى الباقي سليمة.

واما ما يدل على الإعادة إذا كان في الأولتين : مع عدم ظهور الخلاف فيه ، لرواية محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل شك في الركعة الأولى؟ قال : يستأنف (١) قال المصنف في المنتهى انها صحيحة ، وفي السند عاصم (٢) كأنه ابن حميد الثقة ، بقرينة يعرفه بها.

وقال أيضا وفي الصحيح عن موسى بن بكر (قيل واقفي ثقة) قال : سأله الفضيل عن السهو؟ فقال : إذا شككت في الأولتين فأعد (٣)

وما رواه أبو بصير في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا سهوت في الأولتين فأعدهما حتى تثبتهما (٤)

وصحيحة الفضل بن عبد الملك ، قال : قال لي إذا لم تحفظ الركعتين الأولتين فأعد صلاتك (٥)

والظاهر ان القائل هو الإمام ، إذ مثله ما نقل ، الا عنه ، وما يكتب في الكتب المعتبرة إلا باعتقاد ذلك.

وصحيحة رفاعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل لا يدرى ا ركعة صلّى أم ثنتين؟ قال يعيد (٦).

وصحيحة زرارة وحسنته عن أحدهما عليهما السلام قال : قلت له رجل لا يدرى واحدة صلى أو ثنتين؟ قال : يعيد (٧)

__________________

(١) الوسائل باب (١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١١

(٢) سند الحديث كما في التهذيب هكذا (الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن عاصم ، عن محمد بن مسلم)

(٣) الوسائل باب (١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١٩

(٤) الوسائل باب (١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١٥

(٥) الوسائل باب (١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١٣

(٦) الوسائل باب (١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١٢

(٧) الوسائل باب (١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٦

٩٨

وكذا إذا لم يعلم كم صلى.

______________________________________________________

وفي صحيحة الحسن بن على الوشاء ، قال : قال لي أبو الحسن الرضا عليه السلام ، الإعادة في الركعتين الأولتين ، والسهو في الركعتين الأخيرتين (١)

واما غيرها مما يدل على البناء على الأقل في الأولتين : فالشيخ قال : انها أقل منها فلا تعارضها ، فكأنه يحذف الأقل بالمساوي ويبقى الباقي سليما عن المعارض ، قال : ويحتمل أيضا على تقدير تسليم التعارض ، الحمل على النافلة ، إذ ليس فيها البناء على الأقل في الفرائض ، فهذا الكلام من الشيخ ظاهر في كون النافلة ثلاثة أو أربعة.

وعلى تقدير الصحة (والقول به) فالحمل على التخيير ، كما مر في الثنائية طريق الجمع ، وهو جمع حسن ومؤيد لما قلنا بأن أكثر أحكام السهو للتخيير ، لا الحتم ، فتأمل ، لكنه لا صحيحة فيها ، بل ولا قائل هذا على ما اذكر وأظن.

قوله : «وكذا إذا لم يعلم كم صلى إلخ» دليل البطلان في الأول عدم إمكان البناء على شي‌ء إذا لم يعلم أصلا ، والبناء على العدم ، بعيد ، مع انه قد يعلم انه فعل شيئا ، وعلى الأقل حينئذ بعيد ، للتساوي ، ومخالفته لباقي الصور الصحيحة عند أصحابنا.

والعمدة فيه الإجماع المفهوم من المنتهى ، والاخبار.

منها ما تقدم في صحيحة على بن النعمان. (انما يعيد من لا يدرى ما صلى (٢)).

وصحيحة صفوان عن أبي الحسن عليه السلام قال : ان كنت لا تدري كم صليت ولم يقع وهمك على شي‌ء فأعد الصلاة (٣)

وصحيحة زرارة وأبي بصير جميعا ، وحسنتها ، قالا : قلنا له : الرجل يشك كثيرا في صلاته حتى لا يدرى كم صلى ولا ما بقي عليه؟ قال : يعيد ، الحديث (٤)

__________________

(١) الوسائل باب (١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١٠

(٢) الوسائل باب (٣) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة قطعة من حديث : ٣

(٣ ـ ٤) الوسائل باب (١٥) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١

٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ورواية ابن أبي يعفور (وأظن صحتها ، وقالها في المنتهى أيضا) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا شككت فلم تدرأ في ثلاث أنت أم في اثنتين أم في واحدة أم في أربع (بآ ـ يب) فأعد ، ولا تمض على الشك (١) وغيرها من الروايات.

مثل صحيحة على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فلا يدرى صلى شيئا أم لا؟ قال : يستقبل (٢)

وأيضا قال الشيخ : يدل عليه ما مر من انه ما لم تسلم الأولتين تبطل الصلاة (٣) وانه في الحقيقة شك في الأوليين ، فتشمله الأخبار المبطلة له.

واما ما يدل على خلافه : فهو صحيحة على بن يقطين (في التهذيب والاستبصار) قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يدرى كم صلى واحدة أم ثنتين أو ثلاثا؟ قال : يبنى على الجزم ويسجد سجدتي السهو ويتشهد تشهدا خفيفا (٤)

وفيها دلالة على وجوب سجود السهو للشك ، للزيادة في الجملة ، ووجوب التشهد فيه : وكونه خفيفا.

وحمل الشيخ البناء على الجزم ، على الإعادة ، والسجود على الاستحباب وهو لا يخلو عن بعد ، لانه يبعد السجود على تقدير بطلانها ولو ندبا. وأيضا ذلك لا يسمى بناء. فالظاهر ان المعنى : البناء على الواحدة وإتمام الصلاة ، والسجود لاحتمال الزيادة ، فيمكن حملها على النافلة كما حمل الشيخ عليها غيرها ، ويحتمل حملها على الظن بالواحدة ، وينبئ عنه ، قوله : عليه السلام (يبنى على الجزم)

ولو وجد القائل لكان القول بالتخيير متوجها كما مر في أمثالها ، على ان في كونها فيما نحن فيه تأملا ، لعدم الأربع كما قيل ، كأنه محذوف ومراد ، والا يكون منافية ـ ة ،

__________________

(١ و ٢) الوسائل باب (١٥) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢ ـ ٥

(٢) الوسائل باب (١٥) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٥

(٣) الوسائل باب (١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، فراجع

(٤) الوسائل باب (١٥) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٦

١٠٠