مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٣

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٣

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦١

وان لم يكن مستحلا عزّر ويقتل في الرابعة مع تخلل التعزير ثلاثا ،

______________________________________________________

دار الإسلام ، وان سمع تشهده فيها : وانه لا يكفي في توبة تارك الصلاة مستحلا وإسلامه ، إقراره بالشهادتين ، بل لا بد من الإقرار بوجوبها ، لان كفره ما كان لعدمهما.

وفيه تأمل ، خصوصا في الأول ، إذا الظاهر انه إذا تاب بحيث ظهر الاعتقاد بمضمونها ، تقبل ولم يقتل مطلقا ، لتحقق التوبة ، ورفع ما تحقق من الإنكار منه.

وان فعل الصلاة لا دخل له في قبول التوبة المسقطة للقتل.

وانه ينبغي الحكم بإسلام الكافر إذا سمع منه الشهادتان ، ما لم يكن على وجه يكون عدم الاعتقاد بمضمونهما ظاهرا ، بان لا يكون عارفا ، أو يكون مستهزئا.

وان الإقرار بهما يكفى للتوبة ، لأنه متضمن لاعتقاد وجوبها ، لانه من جملة ما قاله الرسول (ص) وقد اعتقد صدقه بشهادته انه رسول الله صلى الله عليه وآله ، الا ان يعلم خلاف ذلك منه ، بان يكون قبل ذلك مثلا ، قائلا أيضا بهما مع الإنكار ، وحينئذ لا بد من ظهور ما يرفع ذلك منه ، فتأمل.

قوله : «وان لم يكن مستحلا إلخ» دليل التعزير : كأنه الإجماع والنهي عن المنكر ، وثبوته على المنكر. واما القتل في الرابعة : فكأن دليله الرواية الدالة على ان صاحب الكبيرة يقتل في الرابعة (١) وقيل يقتل في الثالثة وعليه أيضا الرواية (٢).

والاحتياط ، والأصل ، والكثرة ، يقتضي الأول ، ولا بد من النظر في الروايات ، وسيجي‌ء إنشاء الله.

والظاهر ان القتل والتعزير ، انما يكونان بحكم الامام ، ويحتمل جوازهما للحاكم ، وينبغي له جواز النهي والمنع والأمر بالتوبة والصلاة ، بل الضرب المقتضى لرفع المنكر بغير كلام ، بل لكل مكلف عارف ، والا يلزم الفساد وهدم

__________________

(١) الوسائل باب (٥) من أبواب مقدمات الحدود وأحكامها العامة حديث : ٢ ـ

(٢) الوسائل باب (٥) من أبواب مقدمات الحدود وأحكامها العامة حديث : ١ ولفظ الحديث (عن ابى الحسن الماضي عليه السلام قال : أصحاب الكبائر كلها إذا أقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة)

٢٠١

ولا يسقط القضاء.

______________________________________________________

أحكام الشرع ، مع احتمال عدمه فتأمل ، وسيجي‌ء التحقيق إنشاء الله

قوله : «ولا يسقط القضاء» الظاهر ان المراد عدمه عن كل من تقدم ، سواء كان الكافر عن فطرة أم لا ، قتل أم تاب ، الرجل أو غيره : لعموم الأمر بالقضاء ، وشمول التكليف بالفروع لهم مطلقا ، وفيمن قتل يقضى بعده وليه ، أو غيره ، أو يعذب : والحي يفعلها (مع خ) بعد العود إلى الإسلام ان كان كافرا. ويقبل منه ، ان كان فطريا ، ولم يقتل ، لهرب ، أو عدم حاكم ، أو غير ذلك ، لعموم أدلة قبول التوبة ، والعبادة مع الشرائط ، وكونه مأمورا بها ، فان لم يكن القبول والصحة ، لزم التكليف بما لا يطاق ، فإنه مكلف بتوبة صحيحة وعبادة شرعية على ما يفهم من العقل والنقل ، لعدم سقوط التكليف من احد من المكلفين ، ولا يمنع ذلك وجوب قتله : وعدم سقوط بعض الأحكام الأخر ، لأنها أمور مترتبة شرعا على فعله.

ولو لم يكن بقاء تلك الاحكام مدلّلا بالإجماع ونحوه ، يمكن القول بسقوط البعض ، مثل عدم استحقاقه الملك ، وان كان ما ملكه لوارثه المسلم ، لأنه حي فيحتاج الى قوت ، فكأنه لوجوب قتله سقط حرمته ، فلا يتعلق غرض الشارع بحفظه حتى يعين له القوت ، ولكن تكليفه مع بقائه يستلزم قوتا ما ، الا ان نجوّز له عدم الأكل ، أو نوجب حتى يموت ، ونحرم عليه القوت من كل احد ومن كل شي‌ء.

ولا يبعد ذلك فيمن هرب من حكم الشرع ، واما من يسلم نفسه ، ويعدم وجود من يقتله ، يشكل ذلك ، فإنه يؤدى الى جواز قتله نفسه ، فتأمل.

وبالجملة أظن قبول توبته بينه وبين الله ، بمعنى حصول الثواب ، والخلاص من العقاب ، وقبول العبادات ، ودخول الجنة ، لأدلة التكليف ، وقبول التوبة ، وكرم الله.

والظاهر انه لا خلاف في عدم سقوط القضاء عن التائب ، ان فاتت قبل زمان ردته ، وزمان ردته أيضا ، عندهم على الظاهر.

وانه وجد اعادة الحج أو الإحرام لمن حج حال إسلامه ثم ارتد فأسلم.

٢٠٢

وكل من فاتته فريضة عمدا أو سهوا ، أو بنوم أو سكر ، أو شرب مرقد ، أورده : وجب عليه القضاء ،

______________________________________________________

والغسل ، في بعض العبارات ، نقلا عن الشيخ ، وذلك بعيد.

كما لا خلاف عندهم على الظاهر في سقوط القضاء ، وسائر الأحكام عن الكافر الأصلي ، لأن الإسلام يجب ما قبله (١) وان كان ظاهره في الكل ، وكأنه خصصه الأصحاب بدليل ، مع ان سنده غير واضح ، وما رأيته الى الآن في الأصول ، فتأمل.

قوله : «وكل من فاتته فريضة إلخ» دليل العمد هو الإجماع ، وكذا النوم والنسيان المذكور في المنتهى ، مع الاخبار ، مثل حسنة زرارة (لإبراهيم ، قال في المنتهى ، صحيحته ، وكأنه أشار الى طريق أخر له صحيح ، في باب المواقيت من زيادات التهذيب) عن أبي جعفر عليه السلام : انه سئل عن رجل صلى بغير طهور أو نسي صلوات لم يصلها ، أو نام عنها؟ فقال : يقضيها إذا ذكرها ، في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار الخبر (٢) ويمكن الاستدلال بها على قضاء العامد.

وقد استدل بها على قضاء السكران : لأنه إذا كان النوم موجبا مع كونه مباحا ، فالسكر الحرام بالطريق الاولى ، وفيه تأمل.

وفي القضاء مع فعلها من غير طهارة : دلالة على اشتراط الطهارة.

وكذا في إعادة الجنب على ما هو في صحيحة محمد بن مسلم قال : سألت أبا

__________________

(١) مسند احمد بن حنبل ج ٤ صفحة ٢٠٥ (أن عمرو بن العاص قال : لما القى الله عز وجل في قلبي الإسلام ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ليبايعنى. فبسط يده الى فقلت لا أبايعك يا رسول الله حتى تغفر لي ما تقدم من ذنبي ، قال : فقال لي رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يا عمرو اما علمت ان الهجرة تجب ما قبلها من الذنوب؟ يا عمرو اما علمت ان الإسلام يجب ما كان قبله من الذنوب) وفي كنوز الحقائق للمناوى في هامش الجامع الصغير ج ١ ص ٩٥ كما في المتن.

(٢) الوسائل باب (٢) من أبواب فضاء الصلوات حديث : ٣

٢٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

عبد الله عليه السلام عن رجل صلى الصلوات وهو جنب اليوم واليومين والثلاثة ، ثم ذكر بعد ذلك؟ قال : يتطهر ، ويؤذن ويقيم في أولهن ، ثم يصلى ويقيم بعد ذلك في كل صلاة فيصلي بغير أذان حتى يقتضي صلاته (١) وفيها دلالة على سقوط الأذان عن غير الاولى ، وعلى السعة في الجملة.

وقال في المنتهى : ويقضى السكران ، ولا نعلم فيه خلافا ، واستدل عليه أيضا بقضاء النائم بالطريق الاولى. وكذا من شرب دواء مرقدا ، بخلاف من أكل غذاء مؤذيا فادى إلى الإغماء ، فإنه لا يقضى.

ودليل قضاء المرتد : هو الإجماع : ويمكن ان يستدل عليه وعلى قضاء كل من لم يصل فريضة بما نقل عنه صلى الله عليه وآله ، من فاتته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته كذا في كنز العرفان (٢) وغيره ، وفي المنتهى ، إذا ذكرها ، فلا يدل على الاحكام الاتية.

الظاهر المتبادر من الفريضة هو جنسها ، لا الفريضة على من فاتته ، بل المراد على الظاهر : الصلاة المقررة من الشارع على الناس على وجه الوجوب والفرض ، فيشمل جميع الفرائض ، وجميع التاركين ، ويخرج بالدليل من يخرج ، ويبقى الباقي تحته.

ويدل على الترتيب ومراعاة القصر والإتمام وغير ذلك من الأحكام المعتبرة : الا ان سندها غير ظاهر ، بل ما رأيتها في الأصول ، ورأيتها في الاستدلال في الفروع بغير اسناد ، لعلها ثابتة بحيث لا يحتاج الى التصحيح عندهم.

ويمكن أيضا ان يستدل على ذلك بما في رواية عبيد بن زرارة عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال : إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أخرى ، إلى قوله ، فابدأ بالتي فاتتك ، فان الله عز وجل يقول (أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (٣) الخبر. (٤)

__________________

(١) الوسائل باب (١) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٣

(٢) كنز العرفان صفحة (١٦٣) ج ١ في تفسير قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) إلخ

(٣) طه : ى (١٤) وصدرها (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي).

(٤) الوسائل باب (٦٢) من أبواب المواقيت قطعة من حديث : ٢.

٢٠٤

الا ان تفوت بصغر أو جنون أو إغماء ، وان كان بتناول الغذاء.

______________________________________________________

ولا شك في صدق الفائتة في جميع الصور التي ادعى وجوب القضاء فيه وليس في السند الا القاسم بن عروة (١) مع انه مدحه في كتاب ابن داود في الجملة (فهي حسنة ـ خ).

وبما في حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام عن رجل أم قوما في العصر ، فذكر وهو يصلى بهم انه لم يكن صلى الاولى؟ قال فليجعلها الأولى التي فاتته ويستأنف العصر وقد قضى القوم صلاتهم (٢) فإنه يفهم منه وجوب فعل الأولى التي فاتته بأي وجه كان ، وهو المطلوب ، ويوجد أمثالها أيضا ، فتأمل.

وقد استثنى بعض الأصحاب ـ مثل الشارح ، والشيخ على رحمهما الله : عن الموجب للقضاء ـ السكر الذي يكون الشارب غير عالم به ، أو أكره عليه ، أو اضطر إليه لحاجة ، وجعل حكمه حكم الإغماء.

وليس بواضح ، إذ ليس دليل القضاء كونه حراما ، ولهذا يجب القضاء على النائم والناسي ، بل الظاهر هو الروايات ، وفوت ما اعتد به الشارع من العبادة ، الا ان يقال ليس دليله إلا الإجماع ، وليس إلا في المحرم ، فهو محل التأمل ، للعموم في عبارات الأصحاب ، معللا بالخبر المذكور ، فإنه يفيد العموم على الظاهر ، فتأمل.

واما دليل استثناء الصغير فواضح : وكذا المجنون مع الإجماع ، واستدل عليه أيضا بخبر رفع القلم عن ثلاث منه الصبي والمجنون حتى بلغ وأفاق والثالث النائم (٣).

قال الشارح : وانما وجب القضاء على النائم مع دخوله معهما ، بنص خاص ، وقد عرفته ، فيحمل رفع القلم عنه ، على عدم المؤاخذة على تركه ، ويجب تقييده بكون

__________________

(١) سند الحديث كما في التهذيب هكذا (الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن عروة ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبيه)

(٢) الوسائل باب (٦٣) من أبواب المواقيت حديث : ٣

(٣) الوسائل باب (٤) من أبواب مقدمة العبادات حديث : ١١ ولفظ الحديث (عن ابن ظبيان قال اتى عمر بامرئة مجنونة قد زنت فأمر برجمها ، فقال على عليه السلام اما علمت ان القلم يرفع عن ثلاثة ، عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ)

٢٠٥

أو حيض ، أو نفاس ، أو كفر أصلي ، أو عدم المطهر.

______________________________________________________

سبب الجنون ليس من فعله والا وجب عليه القضاء كالسكران (١)

فيه تأمل ، فإن (رفع) لفظ واحد محمول على الثلاثة بمعنى واحد على الظاهر ، فيبعد حمله في البعض على معنى والأخر على آخر ، وهو ظاهر.

مع انه لا يحتاج إليه ، لأن الخبر لا ينافي وجوب القضاء على النائم بعد زوال نومه ، إذ غاية ما يدل عليه الخبر عدم وجوب شي‌ء عليه ، وعدم المؤاخذة بوجه ما دام نائما ، ولا يدل على عدم وجوب القضاء عليه حال انتباهه ، لان القضاء ليس بتابع للأداء بل بأمر جديد كما حقق في موضعه ، فيلزم من ذلك عدم صحة الاستدلال بالخبر على عدم القضاء عليهما أيضا.

ولا محذور في ذلك لو سلم ، إذ يمكن ان يقول حاصل الاستدلال : انهما مرفوعا القلم ما داما صبيّا ومجنونا ، فلا يجب عليهما الأداء ولا القضاء حينئذ ، فكذا حال الزوال للاستصحاب ، وعدم الدليل ، ولا يمكن ذلك في النائم لوجود الدليل ، ويمكن إرجاع كلامه إليه ، فتأمل.

واما الحيض والنفاس : فدليله الإجماع والاخبار (٢) وهو ظاهر ، والظاهر عدم الفرق بين كونهما مسببا عن فعلهما أولا ، لعموم الاخبار ، فهو مؤيد للعموم في غيرهما.

وكذا الكفر : لقوله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) (٣)) فافهم ، ولخبر (الإسلام يجب ما قبله ،) المقبول بين العامة والخاصة.

وينبغي ان يقال : القضاء واجب عليه كالأداء ، فيؤاخذ بهما ويكلّف بهما ما دام كافرا ، ويعاقب بهما ان مات على الكفر ، الا انه يسقط عنه وجوب القضاء والعقاب بسبب الإسلام ، فكأنه المراد ، وفي الكلام مسامحة ،

واما عدم المطهر : ففيه

__________________

(١) الى هنا كلام الشارح

(٢) الوسائل كتاب الطهارة باب (٣٩ و ٤١) من أبواب الحيض فلاحظ

(٣) الأنفال : ٣٨

٢٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

خلاف مشهور ، والأصل يقتضي العدم مطلقا ، وظاهر بعض الاخبار المتقدمة ـ التي ذكرناها للقضاء على من فاتته مطلقا ـ وجوب القضاء ، ومعلوم ان القضاء أحوط.

واما الإغماء : فالمشهور انه موجب للسقوط وعدم الوجوب ، وان كان بتناول الغذاء وقد قيده الشارح بعدم علمه بكونه موجبا له ، أو مع اضطراره اليه ، أو مع تناوله كرها ، قال : والأوجب القضاء.

وفيه تأمل ، لتخصيص النصوص العامة بغير دليل ، فهو تصرف في النص بالاجتهاد ، ولانه قد يكون مقصود المصنف عاما كما هو الظاهر ، فلا يناسب تقييد كلامه به ، نعم يمكن بيان المسئلة على ما هو مقتضى رأيه.

واما الاخبار الدالة على عدم القضاء عليه فهي صحيحة على بن مهزيار الثقة ، قال سألته عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل يقضى ما فاته من الصلاة أم لا؟ فكتب عليه السلام : لا يقضى الصوم ولا يقضي الصلاة (١)

قال المصنف في المنتهى انها صحيحة ، وفيه تأمل ما ، لعدم ذكر المسؤول عنه (٢) كأنه ظاهر كونه اماما (ع) : (وانها مكاتبة خ) والسؤال مع الكتابة (٣)

ومثلها مكاتبة على بن محمد بن سليمان (الا انه مجهول) الى الفقيه أبي الحسن العسكري عليه السلام (٤)

ومثلها أيضا صحيحة أيوب بن نوح الثقة عن ابى الحسن الثالث عليه السلام وهي أيضا مكاتبة (٥)

__________________

(١) الوسائل باب (٣) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١٨

(٢) يمكن ان يكون المسئول عنه ، هو أبو الحسن الثالث عليه السلام ، كما يستفاد من الفقيه ، فراجع باب صلاة المريض والمغمى عليه.

(٣) الظاهر انه إشكال ثالث ، وتوضيحه ان ظهور السؤال في المشافهة وظهور الكتاب في المكاتبة ، وهذا لا يلائم ما في الحديث من قوله : (سألته) وقوله : (فكتب) كما لا يخفى

(٤) الوسائل باب (٣) من أبواب قضاء الصلوات ذيل حديث : ١٨

(٥) الوسائل باب (٣) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٢

٢٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة إبراهيم الخزاز (عن ـ كا) أبي أيوب عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن رجل أغمي عليه أياما لم يصل ، ثم أفاق ، أيصلى ما فاته؟ قال : لا شي‌ء عليه (١)

وصحيحة أبي بصير عن أحدهما عليها السلام قال : سألته عن المريض يغمى عليه ثم يفيق ، كيف يقضى صلاته؟ قال : يقضى الصلاة التي أدرك وقتها (٢)

وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن المريض هل يقضى الصلوات إذا أغمي عليه؟ فقال : لا ، إلّا الصلاة التي أفاق فيها (٣)

وفي الصحيحة عن حفص عن ابى عبد الله عليه السلام قال : يقضى الصلاة التي أفاق فيها (٤)

وقال الشارح ، وروى انه يقضى أخر أيام إفاقته إن أفاق نهارا وأخر ليلته إن أفاق ليلا (٥) وعمل به بعض الأصحاب ، ويمكن حملها على الندب ، توفيقا بين الاخبار ومصيرا الى المشهور.

فيه تأمل ، إذ الاخبار الدالة على عدم القضاء مطلقا كثيرة جدا ، وصحيحة أيضا ، والاخبار الدالة على ما ذكره ، وانه اختاره البعض ، قليلة جدا ، فينبغي الإشارة إلى الكثرة والصحة ، ثم الجمع.

وان وجه الجمع غير جيد ، لوجوب حمل المطلق على غير المقيد والعام على غير الخاص ، والاخبار الدالة على العدم عامة كما عرفتها ، فلو وجد ما يدل على الخاص وصح ، كان الوجه للجمع ، حمل العام على غير محل الخاص ، كما هو مقتضى الأصول.

__________________

(١) الوسائل باب (٣) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١٤

(٢) الوسائل باب (٣) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١٧

(٣) الوسائل باب (٣) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١

(٤) الوسائل باب (٣) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٢٠

(٥) لم نعثر في كتب الاخبار على حديث بهذه العبارة ، ولكن نقله في روض الجنان ص ٣٥٥ كما نقله المصنف قدس سره

٢٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

واما الاخبار الدالة على القضاء مطلقا : فهي صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كل ما تركته من صلاتك لمرض أغمي عليك فيه فاقضه إذا أفقت (١)

وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن الرجل يغمى عليه ثم يفيق؟ قال : يقضى ما فاته ، يؤذن في الاولى ويقيم في البقية (٢) فيها إشارة الى عدم الأذان في الباقي من ورده ، وعدم الإقامة في الاولى ، وفي غيرها لا تسقط الإقامة مطلقا.

وصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام في المغمى عليه؟ قال يقضى كل ما فاته (٣)

وصحيحة ابن أبي عمير عن رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن المغمى عليه شهرا ما يقضى من الصلاة؟ قال : يقضيها كلها ، ان أمر الصلاة شديد (٤) حملت هذه كلها على الندب والاستحباب ، للأخبار المتقدمة.

وذلك لا يخلو عن بعد ، سيما الأخيرة ، ولكن المبالغة في المندوبات كثيرة جدا فلا يبعد.

ويمكن حملها على من أغمي عليه بسبب تناوله الغذاء المؤدي اليه (خ) (عالما ـ خ) من غير اكراه وضرورة ، والاولى على خلافه ، ولكن يأباه الاولى.

وعلى الإغماء التي ما وصلت الى ذهاب العقل وعدمه ، والاحتياط يقتضي القضاء مطلقا.

واما التي تدل على القضاء في البعض دون البعض : فهو ما روى في الصحيح عن حفص (كأنه ابن البختري ، لكثرة روايته ، عن أبي عبد الله عليه السلام) قال

__________________

(١) الوسائل باب (٤) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١

(٢) الوسائل باب (٤) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٢

(٣) الوسائل باب (٤) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٣

(٤) الوسائل باب (٤) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٤

٢٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

سألته عن المغمى عليه؟ قال : فقال : يقضى صلاة يوم (١) وما روى عبد الله بن محمّد قال كتبت اليه جعلت فداك روى عن ابى عبد الله عليه السلام في المريض يغمى عليه أياما ، فقال بعضهم يقضى صلاة يومه الّذي أفاق فيه ، وقال : بعضهم يقضي صلاة ثلاثة أيام ويدع ما سوى ذلك ، وقال بعضهم انه لا قضاء عليه؟ فكتب يقضى صلاة اليوم الذي يفيق فيه (٢).

يحتمل ان يكون المراد بصلاة اليوم ، صلاته التي قد أفاق في وقتها ، مثل الظهرين إذا أفاق في آخر النهار ، وذلك غير بعيد ، خصوصا في الثانية ، ويؤيده صحيحة حفص المتقدمة ، والعجب ان الشيخ وغيره ما ذكروا ، هذا الحمل وجعلوها منافية لما سبق ، مع عدم ظهورها ، وعدم ظهور صحة السند ، فان حفص وعبد الله بن محمد مشترك.

وكذا تحمل عليه رواية العلاء بن الفضيل قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يغمى عليه يوما الى الليل ثم يفيق؟ قال : ان أفاق قبل غروب الشمس فعليه قضاء يومه هذا ، فإن أغمي عليه أيا ما ذوات عدد فليس عليه ان يقضى الا آخر أيامه إن أفاق قبل غروب الشمس والا فليس عليه قضاء (٣) والتعجب هنا أكثر ، لأنه ظاهر في ذلك ، وان المراد بالقضاء هو فعلها مطلقا ، وحمل عليه الشيخ رحمه الله ما رواه في الصحيح عن أبي بصير (لكن الظاهر انه يحيي بن القاسم ، الذي فيه قول ، وان اعتبره في الخلاصة ، وهو محل التأمل ، لنقل شعيب عنه ، والظاهر انه العقرقوفي الذي هو ابن أخت أبي بصير وقائده ، وهو ثقة) عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يغمى عليه نهارا ثم يفيق قبل غروب الشمس؟ فقال : يصلى الظهر والعصر ، ومن الليل إذا أفاق قبل الصبح قضى صلاة الليل (٤) قال

__________________

(١) الوسائل باب (٤) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١٤

(٢) الوسائل باب (٣) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٢٢

(٣) الوسائل باب (٣) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١٩

(٤) الوسائل باب (٣) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٢١

٢١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

الشيخ فهذا الخبر يؤكد بما قدمناه : من انه يجب عليه قضاء الصلاة التي يفيق في وقتها ، وهذا الوقت هو أخر وقت المضطر ، فيجب عليه حينئذ قضائها.

وكلام الشيخ يدل على ان الوقت عنده مضيق للمختار ، وان وقت العشائين يمتد الى الصبح للمضطر ، وقد مر فيما سبق ذلك الاحتمال في الخبرين الصحيحين في ذلك ، فتذكر ، ومؤيد للحمل الذي ذكرناه.

وهو مؤيد ، (خصوصا في خبر عبد الله بن محمد) لحمل الاخبار على الندب ، وما رأيت شيئا يعتد به من الاخبار في هذا الباب ، غير هذه التي سمعتها.

ولعل ما أشار إليه الشارح ـ ووفق بينه وبين غيره ـ غير هذه الاخبار ، وأظن كونه الأخيرة ، وقد عرفت انها ظاهرة ، في خلاف ذلك ، وانها مؤيدة لحمل الباقي على الندب كما قاله الشيخ ، لا انه معارض ومناف حتى يحتاج إلى التأويل والتوفيق ، وهو اعرف ، بما نقل فتأمل فإن الله ولى التوفيق.

واعلم انه لو اجتمع السبب المسقط وغيره : مثل الجنون ، والحيض ، والإغماء ، والردة ، والسكر ، فمعلوم سقوط القضاء حينئذ مطلقا ، سواء كان المسقط مقدما أو بالعكس ، لان السبب الغير المسقط ليس بأعظم من أصل دليل وجوب القضاء ولانه لا بد من عمل المسقط ، ولا ينافيه عمل السكر مثلا ، لان عمله ان لا يسقط القضاء وهو كذلك ، لانه ما أسقطه ، بل أسقطه غيره ، لا انه موجب لعدم القضاء وعلة تامة له ، وهو ظاهر.

(واما خ) وان من استبصر من أقسام فرق المنتسبين إلى الإسلام ، سواء كان كافرا مثل الخوارج والنواصب والغلاة أم لا ـ لم يجب عليه قضاء ما صلاة صحيحا عندهم على الظاهر ، دون الفاسدة ، وما فاتتهم ، على ما هو المشهور بين الأصحاب.

ويدل عليه ما روى (عن الباقر والصادق عليهما السلام) بطرق متعددة ، قاله في الشرح : منها ما رواه محمد بن مسلم وبريد وزرارة والفضيل بن يسار (١) (في

__________________

(١) وفي الكافي والوسائل زاد (بكير) أيضا.

٢١١

.................................................................................................

______________________________________________________

الحسن) عنهما عليه السلام في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء كالحرورية ، والمرجئة ، العثمانية ، والقدرية ، ثم يتوب ويعرف هذا الأمر ويحسن رايه ، أيعيد كل صلاة صلاها ، أو صوم (صامه كا) أو زكاة ، أو حج ، أو ليس عليه إعادة شي‌ء من ذلك؟

قال : ليس عليه إعادة شي‌ء من ذلك غير الزكاة ، فإنه لا بد أن يؤديها ، لأنه وضع الزكاة في غير موضعها ، وانما موضعها أهل الولاية (١) قال الشارح وهذا الخبر كما يدل على عدم اعادة المخالف للحق ما فعله من ذلك يدل على عدم الفرق بين الفرق المحكوم بكفرها وغيرها ، لان من جملة ما ذكر فيه صريحا ، الحرورية ، وهم كفار ، لأنهم خوارج ، ويعتبر في عدم الإعادة كون ما صلاة صحيحا عنده ، وان كان فاسدا عندنا ، لاقتضاء النصوص كونه قد صلى ، وانما تحمل على الصحيحة ولما كان الأغلب عدم جمع ما يفعلونه للشرائط عندنا حمل الصحيح على معتقدهم ، ولو انعكس الفرض بان كان قد صلى ما هو صحيح عندنا لو كان ، مؤمنا ، وفاسدا عنده ، فالظاهر انه لا اعادة عليه أيضا ، بل ربما كان الحكم فيه اولى ، واحتمل بعض الأصحاب هنا الإعادة ، لعدم اعتقاده صحته ، ولان الجواب وقع عما صلاة في معتقده انتهى.

فيه تأمل ، لاستحالة صحة فعلهم عندنا بناء على الشرائط التي اعتبرها الأصحاب ، كالشهيدين ، إذ من جملتها الايمان والمفروض عدمه.

وان اخرج ذلك ، فالأخذ من المجتهد أو الواسطة ـ بالشرط المذكور ، ومعرفة جميع اجزائها واللواحق ، حتى مسائل الشك والسهو أيضا ـ معلوم الانتفاء.

وان اخرج ذلك أيضا ، فالظاهر عدم الاشتمال على باقي الشرائط : مثل عدم أخذ الماء الجديد ، والغسل في موضع المسح ، وبالجملة فذلك بعيد جدا.

فلعل حكمهم هذا يشعر بما أشرنا إليه ، من عدم اشتراط ذلك كله ، وان الفعل الموافق لنفس الأمر يكفى للصحة ، من غير اشتراط النقل ومعرفة ذلك كله كما مر.

__________________

(١) الوسائل كتاب الزكاة باب (٣) من أبواب المستحقين للزكاة حديث : ٢

٢١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فيحتمل الحمل على الصحة عندنا أيضا لذلك ، مع كون الجهل عذرا فيكون مسقطا للقضاء عندنا أيضا ، فيمكن كون عباداتهم صحيحة بهذا المعنى ، لانه مراد الفقهاء بالمجزي والصحيح.

فالظاهر انه يكفى للصحة بهذا المعنى فعلهم تلك العبادة : اما صحيحة عندهم بالمعنى المذكور وعدم الإخلال بشي‌ء موجب للقضاء ، أو عندنا ، وان تركوا بعض ما يعتبر في الصحة بالنسبة إلى غيرهم على ما قالوا ، لعدم الاعتبار في شأنهم ذلك ، ولكون جهلهم عذرا في بعض الأمور على ما مر.

واما إعادة ما سوى ذلك : فوجه قضاء ما فاتتهم ظاهر. واما الفاسدة فلانه بمنزلة عدم الفعل فيشملهم دليل قضاء ما فاتتهم بغير دليل مخرج ، لان ظاهر الخبر المذكور الصلاة الصحيحة لما مر فيجب القضاء.

واما ما قيل من اعتبار عدم ترك ركن عندنا في صحة الحج ، وعدم وجوب اعادته ، مع التصريح بالاكتفاء في الصلاة بالصحة عندهم ، وان كانت فاسدة عندنا ، كما نقل عن الشهيد ـ فان كان له دليل مخرج للصلاة غير ما ذكر فلا بأس به ، لان الظاهر من الصحة هو ما في نفس الأمر ، وهو انما يحصل بما هو عندنا ، وعدم اعتبار ذلك في الصلاة للدليل ـ لا يوجب عدمه في الكل ، بل الظاهر اعتبار ذلك في الكل ، وقد خرج ما خرج بالدليل وبقي الباقي.

ويؤيد خروج الصلاة : كون الشريعة سهلة ، وان الله يريد اليسر ولا يريد العسر ، فإن الصلاة تتكرر كل يوم ، فلو استبصر شخص بعد ستين أو سبعين سنة ، فإلزامه بالقضاء شاق وتعسر ، ولانه مخالف للحكمة فإنه موجب للتنافر وعدم الميل الى الاستبصار.

وان لم يكن له دليل غير ذلك بل يكون ما مر فقط ، فيعمل به. ولا يفرق.

ثم اعلم ان هذا هو وظيفة الفقيه ، واما صحة عباداتهم في نفس الأمر ، بمعنى وجوب ترتب الثواب عليها والقبول عند الله ، فذلك ليس من الفقه ، ولا بضرورى

٢١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

لأحد ، فتفويضه الى الله اولى.

ومع ذلك يمكن ان يقال على طريق الاجمال : الذين يموتون على غير الايمان ، فالكافر منهم مخلد في النار وعبادته غير مقبولة عند الله ، ويحتمل حصول عوض له بسبب بعض أفعاله الحسنة من الله ، اما في الدنيا ، أو في الآخرة بتخفيف عقاب (عذاب خ) ما كما قيل فيمن لم يستحق دخول الجنة والثواب فيها.

وكذا من كان معاندا ، أو مقلدا للاباء ، ومن تقدمه من العلماء ، مع معرفته للحق في الجملة (كما حكى عن بعض الفضلاء منهم ان هذا حق ، ولكن العلماء المتقدمين هكذا كانوا!)

وكذا من اطلع على الحق بالعقل أو النقل وتركه متهاونا في الدين ومتغافلا عن الحق والتأمل فيه ، لقلة التقيد به وعدم اعتبار ذلك وقلة تأمله فيه ، وذلك أيضا كثير.

ولهذا نجد نقل العلماء والعظماء منهم حكايات واخبارا خلاف معتقدهم وما ذهبوا اليه ، مثل ما يروون من الاخبار في الصحاح ان الأئمة اثنى عشر (١) وما نقلوا في آية التطهير من حصر أهلها في آل العباء (٢) وخبر انى تارك فيكم (٣) وآية

__________________

(١) مسند احمد بن حنبل ج ٥ ص ٩٢ و ٩٣ وصحيح مسلم ، كتاب الامارة (١) باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش حديث : ٥ الى ١٠ وصحيح البخاري ، كتاب الاحكام ، ولفظ الحديث (عن جابر بن سمرة قال : سمعت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول : يكون اثنى عشر أميرا ، الحديث) وفي حديث آخر (قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يكون بعدي اثنى عشر خليفة كلهم من قريش)

(٢) صحيح مسلم ، ج ٤ ص ١٨٨٣ كتاب فضائل الصحابة ، (٩) باب فضائل أهل بيت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ، حديث (٦١) ولفظ الحديث (عن عائشة ، خرج النبي (ص) غداة وعليه مرط مرحل من شعر اسود ، فجاء الحسن بن على فادخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء على فادخله ، ثم قال «إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»

(٣) رواه جمع كثير وجم غفير من أصحاب الصحاح والسنن ، منهم مسلم في صحيحه ، كتاب فضائل الصحابة (٤) باب من فضائل على ابن أبى طالب رضى الله عنه ، حديث (٣٦) و (٣٧) ، ومنهم احمد بن حنبل في مسنده ، ج ٣ ص (١٤) و (١٧) و (٢٦) ولفظ الحديث (قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : انى قد

٢١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

المباهلة.

وسبب اختبار الجماعة الخاصة ، انه لا بد لكل زمان اماما وانه من مات ولم يعرف امام زمانه فهو كذا (١) وان القياس في الأصول لا يجرى : وان الإجماع لا يكون حجة الا ان يكون له سند ، وان القياس له شرائط وفيه الاختلافات الكثيرة والاعتراضات العظيمة ، وكذلك في الإجماع.

ومع ذلك يسندون أصلهم إلى إجماع أخر ، ما كان أهله إلا بعض من في المدينة في ذلك الزمان ، مستندا الى القياس ، بالصلاة خلفه برضاء عنه صلى الله عليه وآله ، وانه أمر أخروي ، والإمامة أمر دنيوي فيرضى له أيضا ، مع انهم صرحوا في بابها بأنها رئاسة عامة في الدين والدنيا (٢) مع تجويز هم الصلاة خلف كل فاسق وفاجر ويتركون ما نقلوه بسبب ذلك مع نقلهم ان عليا عليه السلام ما بايع الا بعد فوت فاطمة عليها السلام. (٣)

وبالجملة : من تفكر فيما قالوا فقط من غير شي‌ء أخر ، لجزم اما بجنونهم ، أو قلة

__________________

تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الأخر ، كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، الا انهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض) وغيرهما من المحدثين.

ورواه أيضا جمع من أصحاب الحديث ، منهم مسلم في صحيحه ، كتاب فضائل الصحابة ، (٤) باب من فضائل على بن أبى طالب رضى الله عنه حديث : ٣٢ ومنهم الترمذي في سننه كتاب المناقب (٢١) باب مناقب على بن ابى طالب رضى الله عنه حديث : ٣٧٢٤

(١) صحيح مسلم ، كتاب الامارة (١٣) باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال ، وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة ، حديث : ٥٨ ولفظ الحديث (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) ومسند احمد بن حنبل ج ٤ ص ٩٦ ولفظ الحديث (من مات بغير امام ، مات ميتة جاهلية) ومستدرك الوسائل ، باب (٢٧) من أبواب مقدمة العبادات قطعة من حديث : ٦ وثواب الاعمال للصدوق ، ج ٢ (عقاب من مات لا يعرف امامه) حديث : ١ عن رسول الله صلى الله عليه وآله

(٢) قال الفاضل القوشچى : في شرح التجريد ، عند قول المصنف : (المقصد الخامس في الإمامة) ما هذا لفظه (وهي رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا خلافة عن النبي)

(٣) تاريخ الطبري ج ٣ ص ٢٠٨ وصحيح مسلم ، كتاب الجهاد والسير (١٦) باب قول النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم (لا نورث ما تركناه صدقة) حديث : ٥٢ وصحيح البخاري ، باب غزوة خيبر.

٢١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

مبالاتهم ، أو تبعيتهم (تقيتهم خ) حتى يقولون : ان عليا اعلم (١) ووجد فيه جميع ما يوجب التقرب الى الله تعالى أكثر مما في غيره مثل الجهاد : فإن ضربه على عليه السلام أفضل من عبادة الثقلين (٢) وغيره ، ثم يقولون قد يكون غيره أفضل منه بمعنى أكثر ثوابا عند الله.

ويقول شارح التجريد في منع عمر المتعتين وغيره : انه يجوز مخالفة بعض المجتهدين للبعض (٣)

ولم يتفكر في معنى الاجتهاد : انه عبارة عن استخراج الفروع من الأصول بالأدلة وهي ، الكتاب ، والسنة ، والإجماع ، والقياس ، عند البعض ، ودليل العقل : وان السنة ، اما قوله صلى الله عليه وآله أو فعله ، أو تقريره : فكيف يجوز لأحد من المجتهدين ان يخالف السنة ، وكيف يمكن للعاقل ان يجعله مجتهدا يجوز خلافه لمجتهد

__________________

(١) كنوز الحقائق للمناوى على هامش جامع الصغير ج ١ ص ٣٤ حرف الهمزة ، ومناقب الخوارزمي ص ٤٠ الفصل السابع في غرارة علمه ، وانه اقضى الأصحاب.

(٢) رواه السيد العلامة النسابة آية الله السيد شهاب الدين النجفي المرعشي أطال الله بقاه في تعاليقه على المجلد السادس من كتاب إحقاق الحق ، ص ٤ ـ ٨ بطرق مختلفة وعبائر متفاوتة ، منها عن المواقف ، قال النبي عليه السلام يوم الأحزاب (لضربة على خير من عبادة الثقلين) ومنها عن الفخر الرازي في (نهاية العقول في دراية الأصول) قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم (لضربة على يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين ،) ومنها عن (نفحات اللاهوت) يقول النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم : ان ضربته (اى ضربة على) تعدل عمل الثقلين الى يوم القيامة. ومنها عن ينابيع المودة ، قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : ضربة على يوم الخندق أفضل من اعمال أمتي إلى يوم القيامة.

الى ان قال دام ظله : قال العلامة ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (ج ٤ ص ٣٣٤ طبع مصر).

فاما الخرجة التي خرجها يوم الخندق الى عمرو بن عبدود ، فإنها أجل من ان يقال جليلة ، وأعظم من ان يقال عظيمة ، وما هي إلا كما قال شيخنا أبو الهذيل وقد سأله سائل أيما أعظم منزلة عند الله على أم أبو بكر؟ فقال : يا بن أخي والله لمبارزة على ، عمروا يوم الخندق تعدل اعمال المهاجرين والأنصار وطاعاتهم كلها تربي عليها ، فضلا عن أبي بكر وحده.

(٣) قال الفاضل القوشچى : في شرح قول المصنف قدس سره : (وانه منع المتعتين) ما هذا لفظه (بان ذلك ليس مما يوجب قد حافية ، فإن مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية ، ليس ببدع)

٢١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

أخر ، مع ان ما قال به هو دليل المجتهد.

وقال أيضا ان معنى قول عمر : بيعة ابى بكر كانت فلتة من عاد الى مثلها فاقتلوه (١) انه من عاد الى خلاف كاد ان يظهر عندها فاقتلوه (٢) وهل يمكن مثل هذا التقدير في الكلام ، ويقبل ، مع انه ينافيه معنى الفلتة ، وهو ظاهر لا خفاء فيه.

وأيضا قال : اجمع المفسرون على ان قوله تعالى ، «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ» (٣) نزل في على عليه السلام لما تصدق بخاتمه في الصلاة (٤) ثم يقول يحتمل ان يكون المراد من الركوع. الخشوع وغير ذلك.

وقال السيد الشريف في شرح إلهيات المواقف (٥) الاجتهاد قد يكون صوابا وقد يكون خطاء ، وليس فيه عقاب وقصور ، مثل تخلف بعض الصحابة ، كالأول والثاني عن جيش أسامة حين أمرهم صلى الله عليه وآله الرواح معه وقالوا ليس المصلحة ـ في هذا المحل الذي النبي صلى الله عليه وآله مريض ، يحتمل مفارقته الدنيا ـ ان نخلي المدينة ونتركه ونروح :

__________________

(١) مسند احمد بن حنبل ج ١ ص ٥٥

(٢) قال الفاضل القوشچى في شرح قول المصنف قدس سره : (ولقول عمر كانت بيعة أبي بكر فلتة إلخ) ما هذا لفظه وأجيب بأن المعنى انها كانت فجأة وبغتة وقى الله شر الخلاف الذي كاد يظهر عندها ، فمن عاد الى مثل تلك المخالفة الموجبة لتبديل الكلمة)

(٣) المائدة : ٥٥

(٤) قال الفاضل القوشچى في شرحه على التجريد في مبحث الإمامة عند قول المصنف : (ولقوله تعالى (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) : وانما اجتمعت الأوصاف في على عليه السلام) : ما هذا لفظه. (بيان ذلك ، انها نزلت باتفاق المفسرين في حق على بن أبى طالب حين اعطى السائل خاتمه وهو راكع في صلاته ، وكلمة انما للحصر بشهادة النقل والاستعمال الى ان قال : وقول المفسرين ان الآية نزلت في حق على ، لا يقتضي اختصاصها به واقتصارها عليه! ودعوى انحصار الأوصاف فيه مبنية على جعل (وَهُمْ راكِعُونَ) حالا من ضمير (يُؤْتُونَ) وليس بلازم ، بل يحتمل العطف بمعنى انهم يركعون في صلاتهم ، لا كصلاة اليهود خالية عن الركوع ، أو بمعنى انهم خاضعون)

(٥) المواقف في علم الكلام ، للعلامة عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي القاضي المتوفى سنة ٧٥٩ ه‍ ألفه لغياث الدين وزير خدا بنده. وشرحه السيد الشريف على بن محمد الجرجاني المتوفى سنة ٨١٦ ه

٢١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا عدم سماع الثاني قوله صلى الله عليه وآله حين الموت : ايتوني بالدواة والقلم حتى اوصى بما تفعلون بعدي وقال ليست المصلحة في ذلك ، بل ينبغي ان يترك إلى رأي الجماعة ، وتركوا (١)

وانظر إليها العاقل هل يتكلم مثل هذا الكلام من له أدنى معرفة في الأمور ، فإنه ترك لقوله صلى الله عليه وآله الصريح الذي هو حجة المجتهدين ، وحكمه الذي يسعون في تحصيله والاطلاع عليه ، ليستنبطوا منه فرعا ويستدلون به عليه ، وقول بالعمل بما ظهر عندهم انه الصواب ، لا ما قاله النبي (ص) وليس ذلك الّا تصويب فعلهم وقولهم وتخطئة النبي (ص) وتسميته ـ مثل هذا الفاضل ذلك اجتهادا ـ خطاء فاحش.

وما في شرح العضدي ـ حين قال صلى الله عليه وآله في حج التمتع : من لم يسق الهدى يحل ولا يبقى على إحرامه ، وهو (ص) بقي لأنه ساقه ـ انه ترك عمر ذلك وبقي على إحرامه مع عدم سياقه الهدى وقال نغتسل! والنبي (ص) أغبر؟ وقال : انه دليل على تقديم فعله على قوله صلى الله عليه وآله عند التعارض.

وما تفكر ، اين التعارض؟ فان هنا منع النبي صلى الله عليه وآله ذلك وقال : ان فرضي غير فرضكم وأمر بالتمتع ، وما تمتع عمر وفعل خلافه ، وأمثال ذلك كثيرة جدا.

__________________

(١) ما عثرنا عليه من شرح إلهيات المواقف ، في تذييل الإمامة ، هذا لفظه :

قال الآمدي : كان المسلمون عند وفاة النبي عليه السلام على عقيدة واحدة وطريقة واحدة الأمن كان يبطن النفاق ويظهر الوفاق ، ثم نشأ الخلاف فيما بينهم أو لا في أمور اجتهادية لا توجب ايمانا ولا كفرا ، وكان غرضهم منها اقامة مراسم الدين ، وادامة مناهج الشرع القويم ، وذلك كاختلافهم عند قول النبي في مرض موته ، ائتوني بقرطاس اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي ، حتى قال عمر : ان النبي قد غيبه الوجع ، حسبنا كتاب الله ، وكثر اللغط في ذلك ، حتى قال النبي : قوموا عنى ، لا ينبغي عندي التنازع. وكاختلافهم بعد ذلك في التخلف عن جيش أسامة ، فقال قوم : بوجوب الاتباع ، لقوله عليه السلام : جهزوا جيش أسامة لعن الله من تخلف عنه ، وقال قوم : بالتخلف انتظارا لما يكون من رسول الله في مرضه. وكاختلافهم. إلى أخره.

٢١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وابن ابى الحديد بالغ في كون الخطبة الشقشقية منه عليه السلام وقال : ان كونها منه مثل ضوء النهار واطلع على الشكاية التي فيها ، ثم قال : فيشكل الأمر علينا ، لا على الشيعة ، فيجيب بأنه وقع لترك الاولى.

وهل يقول العاقل بجواز مثل هذا الكلام وإسناد الأمور القبيحة الى الصحابة والامام القائم مقام النبي مع كونه اماما عدلا كذلك لأن في هذه الخطبة : (فرأيت ان الصبر على هاتي احجى ، فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى. الى قوله : الى ان قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع) ، وغير ذلك.

وقال ابن أبي الحديد أيضا في شرحه : ان المفيد راى في المنام فاطمة عليها السلام جائت بالحسن والحسين عليهما السلام ، وقالت له يا شيخ علّم ولديّ هذين الفقه ، ثم في الصباح جائت فاطمة أم السيد المرتضى وأخيه الرضى الدين ، بهما اليه ، وقالت له ذلك مع اعترافه ان المفيد مجتهد عظيم من علماء هذه الطائفة ، ومعلوم انه انما يعلمهما فقهه ، وأمثالها كثيرة.

وبالجملة ليس هذا الكتاب محل مثله ، وقد أظهرت بعض ذلك في بعض الرسائل ، والأصحاب صنفوا فيه كتبا جزاهم الله خيرا من أراد ان يطلع عليها فليرجع إليها.

وبالجملة : من يكون بحال ، لا يعذر ، فهو مثل الكافر كما قلناه ، ويمكن حمل الأخبار الواردة في عدم صحة عباداتهم ـ مثل ، ولو عمر ما عمر نوح ألف سنة الا خمسين عاما يصوم نهارا ويقوم ليلا بين الركن والمقام ما يقبل منه بغير ولاية أهل البيت (١) ـ على هؤلاء.

__________________

(١) الوسائل باب (٢٩) من أبواب مقدمة العبادات حديث : ١٢ ولفظ الحديث (عن أبي حمزة الثمالي ، قال : قال لنا على بن الحسين عليه السلام اى البقاع أفضل؟ فقلنا : الله ورسوله وابن رسوله اعلم ، فقال لنا : أفضل البقاع ما بين الركن والمقام ، ولو ان رجلا عمر ما عمر نوح في قومه ، ألف سنة الا خمسين عاما ، يصوم النهار ويقوم

٢١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر انها الإقرار بإمامتهم ، والاخبار في ذلك كثيرة جدا ، حتى ورد : من فضلهم على غيرهم ولكن لم يبرء من غيرهم ليس بشي‌ء ، ولا يقبل ولايته ولا يدخل الجنة ، وانه عدو (١)

واما الجاهل المحض الغافل من ذلك كله ـ بحيث لا يعد مقصرا ، لو وجد ، أو عد في الجملة ، حيث دل عقله على التفتيش ، وما فعل ، لتقصير أو لجهل : فذلك يرجى له الدخول في الجنة في الجملة ، ووجدت قريبا الى هذا المعنى في بعض الاخبار.

بل انه : كل من لم يبرء وليس بعدوّ لنا ، يرجى له الجنة ، وليس ببعيد من كرم الله وكرمهم ذلك.

وقد صرح المصنف في شرحه على التجريد : بان مذاهب أصحابنا فيهم ثلاثة ، الجنة مطلقا ، والنار مطلقا. (٢)

وقال نصير الملة والدين : محاربو على كفرة ، ومخالفوه فسقة ، فهو يدل على جواز دخولهم الجنة ، لأنهم فساق ، الله يعلم.

فيحتمل عدم سقوط التكليف بالايمان وتوابعه عن هذه الطائفة ، خصوصا غير الأخيرة ، فيكونون مكلفين بالأداء والقضاء ومعاقبون بها لعدم الصحة ولو فعلوا.

__________________

الليل في ذلك المكان ، ثم لقي الله بغير ولا ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئا)

(١) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣

(٢) هكذا وجدنا العبارة في النسخ المطبوعة وفي النسخ المخطوطة التي عندنا ، ولننقل عبارة المصنف قدس سره في شرحه على التجريد. قال : (المسئلة الثامنة) في أحكام المخالفين. الى ان قال : واما مخالفوه في الإمامة ، فقد اختلف قول علمائنا. فمنهم من حكم بكفرهم ، لأنهم دفعوا ما علم ثبوته من الدين ضرورة ، وهو النص الجلي الدال على إمامته مع تواتره. وذهب آخرون إلى أنهم فسقة ، وهو الأقوى. ثم اختلف هؤلاء ، على أقوال ثلاثة ، أحدها أنهم مخلدون في النار لعدم استحقاقهم الجنة ، الثاني ، قال بعضهم : انهم يخرجون من النار إلى الجنة ، الثالث ، ما ارتضاه ابن نوبخت وجماعة من علمائنا أنهم يخرجون من النار لعدم الكفر الموجب للخلود ، ولا يدخلون الجنة لعدم الايمان المقتضى لاستحقاق الثواب

٢٢٠