مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٣

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٣

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

بأس به ، قال : وسأل : فإن قام الإمام أسفل من موضع من يصلى خلفه؟ قال : لا بأس ، وقال عليه السلام : وان كان الرجل (١) فوق بيت أو غير ذلك دكانا كان أو غيره وكان الامام يصلى على الأرض أسفل منه جاز للرجل ان يصلى خلفه ويقتدى بصلاته ، وان كان ارفع منه بشي‌ء كثير (٢) ورواية أخرى عن عمار (٣)

وقوية عمار تدل على ان كون الارتفاع إذا كان بقدر شبر مغتفرا ، فيفهم المنع من الزائد.

ونقل في الشرح عن المصنف قولا بتقدير الارتفاع ، بما لا يتخطى عرفا ، وقال انه قريب من الارتفاع العرفي ، وفي بعض الاخبار دلالة عليه.

لعله يريد رواية زرارة المتقدمة فحمل (ما لا يتخطى) على العلو لا على البعد وفيه تأمل : والظاهر انه أكثر من الشبر.

وفي قوية عمار أيضا دلالة على كون العلو مغتفرا إذا كانت الأرض منحدرة ولم يكن من البناء ، واما إذا كان الأمر بالعكس فهو مغتفر وان كان المأموم مرتفعا بشي‌ء كثير ، والأصل والعموم يساعده ، وكذا الإجماع المنقول عليه في المنتهى.

وفيها أيضا دلالة على ان البطلان مخصوص بصلاة المأمومين كما هو مقتضى الأصل.

ولكن الرواية ليست بصحيحة بل موثقة ، وفي متنها أيضا خفاء ما ، فتأمل في الحكم بالتحريم والبطلان بمثلها ، وان كان مشهورا ، بل قد ادعى انه إجماع الآن ، مع ان المسئلة خلافية ، قال في المنتهى : وهل يجب ان يكون الامام غير مرتفع عن المأمومين بما يعتد به أم لا؟ قال الشيخ في أكثر كتبه يجب ، وقال في الخلاف ويكره ان يكون الإمام أعلى من المأمومين بما يعتد به كالسطح والابنية.

__________________

(١) رجل ـ كا ، يب

(٢) الوسائل باب (٦٣) من أبواب صلاة الجماعة ، حديث : ١

(٣) الوسائل باب (٦٠) من أبواب صلاة الجماعة ، حديث : ١

٢٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

ويفهم منه التوقف في المسئلة ، ونقل عن الشيخ الكراهة في المختلف ، وقال أراد به التحريم وكأنه ثبت الإجماع عنده.

ويدل على عدم الجواز مرتفعا مطلقا من الجانبين ، ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن عبد الله (المجهول) عن الرضا عليه السلام قال سألته عن الامام يصلى في موضع والذين خلفه يصلون في موضع أسفل منه ، أو يصلى في موضع والذين خلفه في موضع ارفع منه؟ فقال : يكون مكانهم مستويا ، قال : قلت فيصلي وحده فيكون موضع سجوده أسفل من مقامه؟ فقال : إذا كان وحده فلا بأس (١)

فكأنه محمول على الاستحباب ورفع الكراهة ، وليس ببعيد ، ويمكن حمل رواية عمار على الكراهة وكونها أشد في ارتفاع الامام ، والقائل به غير ظاهر ، وليس دليل على عدم علو الامام ـ وكذا على عدم جواز البعد بينهما ، وعلى عدم الصحة مع الحائل بينهما ـ إلا الإجماع في الأخير كما نقل.

واعلم ان خبر محمد يدل على عدم تحريم كون المسجد أسفل من المقام مطلقا ، فكأنه محمول على عدم تجاوز الآجرة لما مر.

ولما رواه الشيخ أيضا (في باب الزيادات في المضطر ، في الموثق) عن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن المريض أيحل له ان يقوم على فراشه ويسجد على الأرض؟ قال : فقال : إذا كان الفراش غليظا قدر آجرة أو أقل ، استقام له ان يقوم عليه ويسجد على الأرض ، وان كان أكثر من ذلك فلا (٢)

والحمل على الاستحباب غير بعيد ، لعدم صحة هذه ، وعدم صراحة ما تقدم ، بل لو لم يكن إجماع على عدم جواز كون المسجد ارفع بما يزيد عن الأجرة ، لأمكن القول بجوازه أيضا ، واستحباب كونه مساويا أو أسفل بقليل ، وكراهة كون

__________________

(١) الوسائل أورد قطعة منه في باب (٦٣) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣ وقطعة منه في باب (١٠) من أبواب السجود حديث : ٤

(٢) الوسائل باب (١١) من أبواب السجود حديث : ٢

٢٨٢

ولا مع وقوفه قدام الإمام.

______________________________________________________

أحدهما ارفع من الأخر بما يزيد عن الآجرة أيضا ، وكذا بين باقي الأعضاء بالطريق الاولى لعدم ثبوت دليل صحيح صريح في ذلك : لاحتمال كون السؤال ـ في حسنة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن موضع جبهة الساجد أيكون ارفع من مقامه (قيامه كا)؟ قال لا ، ولكن (وليكن) يكون مستويا (١) ـ عن استحبابه ، أو وجوبه ، فإذا ، الجواب ، بقوله (لا) لا يدل على التحريم ، وكذلك قوله «ولكن يكون مستويا ، لا يدل على الوجوب ، لاحتمال غيره ، ولهذا لا تجب التسوية ، وحمله على ما لا يزيد على قدر الآجرة ، مما لا يمكن فهمه ، مع عدم دليل واضح صحيح على ذلك ، نعم ذلك مشهور والاحتياط واضح.

قوله : «ولا مع وقوفه قدام الإمام» اعلم ان شرط صحة الاقتداء : عدم تقدم المأموم امامه : قال في المنتهى : وعدم تقدم المأموم في الموقف شرط ، فلو تقدم المأموم الإمام فلا صلاة للمأموم ، ذهب إليه علمائنا اجمع ، فالدليل هو الإجماع ، ويمكن استفادته أيضا مما سيجي‌ء ولو تأخر صح أيضا إجماعا.

واما مع المحاذاة : ففيه خلاف والمشهور الصحة ، ونقل عن ابن إدريس عدم الصحة.

ويدل على المشهور الأصل ، وعموم الأوامر ، وصدق الجماعة ، مع الشهرة ، وما يدل من الاخبار على حكم الخلاف بين الشخصين في كل واحد يقول : كنت إماما ، أو مأموما (٢) إذ لو كان التقدم شرطا لما يتصور الخلاف ، بل يحكم بالبطلان.

فيه انه يحتمل الالتباس فيه أيضا ، وعدم المعرفة والنسيان.

وما روى في الزيادات عن أمير المؤمنين عليه السلام (فان لم يمكن الدخول في

__________________

(١) الوسائل باب (١٠) من أبواب السجود حديث : ١

(٢) الوسائل باب (٢٩) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١ ولفظ الحديث (قال أمير المؤمنين عليه السلام في رجلين اختلفا فقال أحدهما كنت امامك : وقال الأخر : أنا كنت امامك ، فقال : صلاتهما تامة ، قلت : فان قال كل واحد منهما : كنت ائتم بك؟ قال : صلاتهما فاسدة ، وليستأنفا)

٢٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الصف قام حذاء الامام اجزئه) (١) وأيضا مثل صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : الرجلان يؤم أحدهما صاحبه يقوم عن يمينه ، فان كانوا أكثر من ذلك قاموا خلفه (٢) وغيرها من الاخبار الدالة على وقوف المأموم الواحد على يمين الإمام (٣)

إذ الظاهر من ذلك عدم التقدم والتأخر ، بل المساواة ، وما في صحيحة هشام بن سالم (في الفقيه) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : الرجل إذا أم المرأة كانت خلفه عن يمينه سجودها مع ركبتيه (٤) وفيها دلالة على عدم تحريم المحاذاة ، فتأمل في الدلالة على أصل المطلب.

ورواية سعيد الأعرج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأتي الصلاة فلا يجد في الصف مقاما أيقوم وحده حتى يفرغ من صلاته؟ قال : نعم ، لا بأس ، يقوم بحذاء الامام (٥) وفي الطريق عثمان بن عيسى (٦)

ورواية الفضيل بن يسار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أصلي المكتوبة بأم على؟ قال : نعم ، تكون عن يمينك ، يكون سجودها بحذاء قدميك (٧) وفيها أيضا دلالة على عدم تحريم محاذاة الرجل والمرأة ، وفي الطريق ابان (٨) كأنه ابن عثمان ، فلا يضر فإنه لا بأس به ، وان كان فيه قول.

__________________

(١) الوسائل باب (٥٨) من أبواب صلاة الجماعة قطعة من حديث : ١ ولفظ الحديث (قال أمير المؤمنين عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا تكونن في العثكل (العيكل خ ل) قلت ، وما العثكل؟ قال : ان تصلى خلف الصفوف وحدك ، فان لم يمكن الدخول في الصف قام حذاء الامام اجزئه ، فان هو عاند الصف فسدت عليه صلاته)

(٢) الوسائل باب (٢٣) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١

(٣) الوسائل باب (٢٣) من أبواب صلاة الجماعة فراجع

(٤) الوسائل باب (٥) من أبواب مكان المصلى ، حديث : ٩

(٥) الوسائل باب (٥٧) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣

(٦) سند الحديث كما في التهذيب (الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سعيد الأعرج)

(٧) الوسائل باب (١٩) من أبواب صلاة الجماعة ، حديث : ٢

(٨) سند الحديث كما في التهذيب (عن الحسين ، عن ابان ، عن الفضيل بن يسار)

٢٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

واما دليل ابن إدريس فلعل فعله (ص) مع قوله صلى الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني أصلي (١) وفعلهم عليهم السلام ، وفي الدلالة تأمل.

وما في صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة ـ فإن كانوا أكثر من ذلك قاموا خلفه (٢) ـ ظاهر في وجوب التأخر.

وما في العبارات والاخبار من الصلاة خلفه ، فيدل على وجوب ذلك.

وما ورد في الاخبار في (تقدم ـ خ) تقديم الاقرء مثلا (٣) وفي الاستنابة بعد موته ، يقدمون من يصلى بهم (٤) وكذا يقدم هو من يصلى بهم (٥) وقد مر في الصحيح من الاخبار مثل صحيحة الحلبي يقدمون (٦) وصحيحة على بن جعفر فليقدم بعضهم فليتم (٧) ورواية معاوية بن ميسرة في الفقيه عن الصادق عليه السلام قال : لا ينبغي للإمام إذا أحدث أن يقدم الا من أدرك الإقامة إلخ (٨) وهذه مؤيدة لكراهة استنابة المسبوق ، وغير ذلك من الاخبار ، ويمكن ان يقال صحيحة محمد للاستحباب بقرينة أن الوقوف على اليمين كذلك عنده وعند الأكثر على الظاهر ، ولو سلم انها ظاهرة في الوجوب فتحمل على الاستحباب للجمع ، والأصل والشهرة ، ولكن لا ينبغي مخالفتها ، لقول ابن الجنيد بالوجوب كما يظهر من المختلف ، والباقي ظاهر في الاستحباب ، إذ ليس الاستنابة واجبة لا على الامام ولا عليهم ، وان مثل هذه العبارات كناية عن الصلاة جماعة من غير النظر الى التقدم مكانا ، فلا يمكن

__________________

(١) صحيح البخاري ، كتاب الصلاة ، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة ، والإقامة ، وكذلك بعرفة وجمع

(٢) الوسائل باب (٢٣) من أبواب صلاة الجماعة ، حديث : ١

(٣) الوسائل باب (٢٨) من أبواب صلاة الجماعة ، حديث : ١

(٤ ـ ٥) لم نعثر على هذه العبارة ، نعم نقل هذا المضمون في الوسائل باب (٢٧) من أبواب صلاة الجماعة ، وباب (٢) من أبواب قواطع الصلاة ، فلاحظ

(٦) الوسائل ، باب (٤٣) من أبواب صلاة الجماعة ، حديث : ١

(٧) الوسائل ، باب (٧٢) من أبواب صلاة الجماعة ، حديث : ١

(٨) الوسائل ، باب (٤١) من أبواب صلاة الجماعة ، حديث : ٣

٢٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

استفادة الكيفية الواجبة منها ، والأصل دليل قوى ، والخروج عنه بمثلها ، مع تأييده بما مر ، مشكل ، الا ان ما قاله أحوط.

ثم اعلم أيضا ان التقدم والتأخر المبحوث عنهما ، يحتمل الحوالة فيهما الى العرف ، مثل سائر المسائل.

والظاهر ان من تقدم بالعقب قليلا ، أو الرأس ، أو عضو غيرهما مطلقا ، لا يقال في العرف انه مقدم : وانه ما لم يتقدم تقدما بينا ، يقال له المحاذاة ، والروايتان في إمامة المرأة ، تدلان على ذلك في الجملة حيث أطلق الخلف على تأخر من تأخر ، تأخرا بينا ، مع عدم تأخر جميع بدنها عن جميع بدنه ، فهاتان تدلان على عدم اعتبار التقدم ، بمعنى تأخر جميع أجزاء المأموم عن عقب الامام ، وعدم تقدم جزء منه ، على جزء منه ، كما قيل ذلك في نفى المحاذاة بين الرجل والمرأة.

وان الظاهر انه لا يكفى التقدم بالموقف في الجملة كما هو ظاهر المتن وغيره ، من كلام بعض الأصحاب ما لم يصدق عليه عرفا ، حتى انه لو كان الامام متقدما بالموقف والقدم ويكون رأسه أو صدره متأخرا عن المأموم لا يقال انه مقدم : بل يمكن ان يقال بالعكس ، لانه الظاهر.

فما نقل الشارح ـ من الاكتفاء بالأعقاب فقط عن الشهيد ره حتى انه لو تقدمه بالأصابع وغيرها فلا يضر ـ فمحل التأمل.

وكذا ما نقل عن المصنف واختاره هو أيضا ـ من التقدم بالأعقاب والأصابع معا ، بحيث تبطل صلاة المأموم إذا تقدم هو عليه بأحدهما ـ محل التأمل أيضا ، لما مر من احتمال اعتبار العرف فيما لم يعينه الشارع كما في غيره ، ولان ظاهر الروايتين ، ان الاعتبار في التأخر لا بد ان يكون بالأكثر ، والا ما كان ينبغي جعل ذلك هذا كما هو الظاهر : وجعل ذلك في المرأة فقط ، محل التأمل أيضا ، لعدم ظهور القائل بالأعقاب ، وان كان التقدم بهذا المقدار في المرأة مما ينبغي ان يختار ، لظاهرهما.

٢٨٦

ويستحب للمأموم الواحد ان يقف على يمين الامام ، والعراة والنساء في صفه ، والجماعة خلفه.

______________________________________________________

وجعلهما دليلين على ذلك ـ لا على عدم وجوب التقدم كما مر ـ أظهر ، وان قيل بجواز المحاذاة بينهما وكراهتهما ، لأن أحكام الجماعة شي‌ء أخر ، الا ان لا يقال بالفرق.

قوله : «ويستحب للمأموم الواحد إلخ» قد مر دليل وقوف المأموم إذا كان واحدا عن يمين الامام ، وخلفه إذا كانوا جماعة ، وهو صحيحة محمد (١) وقريب منها حسنة زرارة (يقوم الرجل عن يمين الامام) (٢) مع عدم صراحتهما في الوجوب : والأصل ، والشهرة وغيرهما ، مما يدل على عدم الوجوب ، وهذا في المأموم الواحد مع الامام ، مذكرين أو مؤنثين.

واما المرأة مع الرجل : فقال الشارح وقفت خلفه وجوبا ، على القول بتحريم المحاذاة ، واستحبابا على القول الأخر.

وأظن ان المراد باليمين هنا أعم من كونه محاذيا ، أو يكون متأخرا عن الامام ، بل الظاهر الأخير ، للخروج عن الخلاف : وظهور صدق التقدم في الجملة ، ويؤيده صحيحة هشام (كانت خلفه عن يمينه) (٣) وكذا صحيحة الفضيل (٤) فإنهما صريحتان في عدم المنافاة بين اليمين والتقدم في الجملة بل (يفهم خ) اعتبار ذلك في المرأة ، فلا بد منه ، فيمكن حمل كلام رحمه الله على إطلاقه ، بل في مطلق المأموم الصحيح ايتمامه ، مع ان مذهبه كراهة المحاذاة.

وأيضا ينبغي حمل المحاذاة المختلف أيضا على العرف لما مر مرارا.

__________________

(١) الوسائل باب (٢٣) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١

(٢) الوسائل باب (٤) من أبواب صلاة الجماعة قطعة من حديث : ١ ولفظ الحديث (قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجلان يكونان جماعة؟ فقال : نعم ، ويقوم الرجل عن يمين الإمام)

(٣) الوسائل باب (٥) من أبواب مكان المصلى قطعة من حديث : ٩

(٤) الوسائل باب (١٩) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢

٢٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وقد مر دليل حكم العراة مع العاري ، والمرأة مع مؤتماتها.

وقال في الشرح : ويستحب كون الإمام في وسط الصف ، وقرب أهل الفضل من الامام ، فإن تعددوا كانوا في يمين الصف ، ولو احتيج إلى أزيد من صف ، استحب اختصاصهم بالصف الأول ثم الثاني لمن دونهم ، وهكذا ، لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله ليليني أولوا الأحلام ثم الذين يلونهم ، ثم الصبيان ثم النساء (١) وروى في التهذيب في باب الزيادات ، وكذا في الفقيه عن (٢) الصادق عليه السلام : ليكن الذين يلون الامام منكم أولوا الأحلام منكم والنهي (والتقى خ ل) ، فإن نسي الإمام أو تعايا قوموه ، وأفضل الصفوف أولها ، وأفضل أولها ما دنى من الامام (٣)

واما استحباب التوسط فما فهم ، بل رواية على بن إبراهيم الهاشمي (في الكافي رفعه) قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام يصلى بقوم وهو الى زاوية في بيته بقرب الحائط وكلهم عن يمينه وليس على يساره احد (٤)

فلو ثبت ذلك ، لحمل هذه على مجرد الجواز ، أو يكون في البيت كذلك ، أو يكون مع الضيق ، مع انه إذا كان اليمين أفضل ينبغي كونه أوسع ، لأن كلما كان أوسع فهو سمت الأفضل ، نعم : قال في المنتهى انه يستحب ، ليكون النسبة إليه من الطرفين على السواء ، وروى عنه صلى الله عليه وآله من طرقهم انه قال : وسطوا

__________________

(١) صحيح مسلم ، كتاب الصلاة (٢٨) باب تسوية الصفوف وإقامتها ، وفضل الأول فالأول حديث ١٢٢ و ١٢٣ ورواه في جامع احاديث الشيعة ، باب (٢٩) في صلاة الجماعة ، حديث : ١٠ نقلا عن الشيخ ورام في تنبيه الخواطر ، وليس فيهما (ثم الصبيان ثم النساء)

(٢) لا يخفى ان المنقول عنه في التهذيب والكافي ، هو أبو جعفر الباقر عليه السلام. وأيضا في الفقيه نقله من رسالة أبيه إليه فراجع

(٣) الوسائل باب (٧) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢ وأورد قطعة منه في باب (٨) من تلك الأبواب حديث : ١

(٤) الوسائل باب (٢٣) من أبواب صلاة الجماعة ، حديث : ٦

٢٨٨

واعادة المنفرد مع الجماعة إماما أو مأموما.

______________________________________________________

الامام وسدوا الخلل (١)

ومما يدل على فضيلة الصف الأول ما روى في الفقيه عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام ان الصلاة في الصف الأول كالجهاد في سبيل الله عز وجل (٢) كأنه بالنسبة إلى سائر الصفوف ، وزيادة على فضيلة الجماعة ، لما مر مثل ذلك في مطلق الجماعة ، بل أكثر.

قوله : «واعادة المنفرد مع الجماعة اماما ومأموما» دليله صحيحة حفص بن البختري وحسنته عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلى الصلاة وحده ثم يجد جماعة؟ قال : يصلى معهم ويجعلها الفريضة (٣) ظاهر هذه كون استحباب الإعادة بالمأمومية ، ويحتمل الإمامة أيضا.

وقريب منه رواية أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام أصلي ثم ادخل المسجد فتقام الصلاة وقد صليت؟ فقال : صلّ معهم يختار الله أحبهما إليه (٤) هذه أظهر في الاولى من الاولى ، وظاهرة أيضا في انه صلى وحده.

وما في صحيحة على بن يقطين (فيقدمونا) يعني في صلاة العصر ، فنصلي بهم؟ فقال : صل بهم لا صلى الله عليهم (٥) فيمن صلى العصر ، وهذه صريحة في الثانية لكن الظاهر انها مع التقية ، وفيها دلالة على الدعاء عليهم.

وفي صحيحة محمد بن إسماعيل ، فكتب (يعني أبا الحسن عليه السلام) صل

__________________

(١) سنن أبي داود ، ج ١ ، باب مقام الامام من الصف ، حديث : ٦٨١ ولفظ الحديث (عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه (وإله) وسلم : وسطوا الامام وسدوا الخلل)

(٢) الوسائل باب (٨) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٥

(٣) الوسائل باب (٥٤) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١١

(٤) الوسائل باب (٥٤) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١٠

(٥) الوسائل باب (٥٤) من أبواب صلاة الجماعة قطعة من حديث : ٦ والحديث عن يعقوب بن يقطين كما في الكافي والتهذيب فلاحظ

٢٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

بهم (١) مع صلاة محمد قبله ، وكأنه تقية أيضا.

ورواية أخرى عن أبي عبد الله عليه السلام في الكافي ، من صلى في منزله ثم اتى مسجدا من مساجدهم فصلى (فيه ـ يب) معهم خرج بحسناتهم (٢) وهذه أيضا فيها.

وحسنة الحلبي لإبراهيم ، وهي صحيحة في الفقيه (٣) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من صلى معهم في الصف الأول كان كمن صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وآله في الصف الأول (٤) وهذه أيضا للتقية ، ولا تفهم الإعادة ، فليست من الباب.

وقال في الفقيه : قال رجل للصادق عليه السلام : أصلي في أهلي ثم اخرج الى المسجد فيقدموني؟ فقال : تقدم لا عليك وصل بهم (٥) وهذه أيضا ظاهرة في الإمامة مع الصلاة وحده.

وروايته في الصحيح عن هشام بن سالم ، عنه ، لعله الصادق عليه السلام ، لانه المقدم ذكره ، انه قال : في الرجل يصلى الصلاة وحده ثم يجد جماعة؟ قال : يصلى معهم ، ويجعلها الفريضة ان شاء (٦) قال : وقد روى انه يحسب له أفضلهما وأتمهما (٧)

وموثقة عمار الساباطي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلى الفريضة ثم يجد قوما يصلون جماعة ، أيجوز له ان يعيد الصلاة معهم؟ قال : نعم : وهو أفضل ، قلت فان لم يفعل؟ قال : لا بأس (٨) والاخبار عن طرق العامة كثيرة أيضا (٩)

__________________

(١) الوسائل باب (٥٤) من أبواب صلاة الجماعة قطعة من حديث : ٥

(٢) الوسائل باب (٦) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٩

(٣) لكن لا يخفى ان الراوي في الفقيه حماد بن عثمان عن ابى عبد الله عليه السلام ، لا الحلبي فراجع

(٤) الوسائل باب (٥) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤ ـ ١

(٥) الوسائل باب (٥٤) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣

(٦) الوسائل باب (٥٤) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١

(٧) الوسائل باب (٥٤) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤

(٨) الوسائل باب (٥٤) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٩

(٩) صحيح البخاري ، باب إذا صلى ثم أم قوما ، ولفظ الحديث (عن جابر قال : كان معاذ

٢٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

واعلم ان استحباب الإعادة ـ لمن صلى وحده جماعة ، إماما أو مأموما ، أيّ صلاة كانت ـ مما لا نزاع فيه ، بل ادعى المصنف الإجماع عليه في المنتهى ودلت عليه الاخبار المتقدمة أيضا.

وهل ينوي الاستحباب أو الوجوب؟ الظاهر الأول ، لحصول البراءة بالامتثال ، وقد جوز البعض نية الفرض ، باعتبار أصلها كما في صلاة الجنازة بعد فعل البعض ، وصلاة من لم يبلغ ، لصحيحة هشام.

ولعل الأول أولى ، إذ لا شك في كونها نافلة ، كما يدل عليه بعض الاخبار ، وكلامهم انه متنفل ، وفي اخبار العامة كثيرة ، ولعل معنى رواية هشام ، ان التي يعيدها هي تلك الفريضة وعلى تلك الهيئة بعينها ، أو ينوى فريضة الوقت ، أو باعتبار ما كانت ، لا ان يجعل الفرض في النية وجها ، ويوقعها على ذلك الوجه.

ولا ينافيه اختيار الله أكملهما وأفضلهما ، بمعنى إعطائه الثواب المترتب على ما أديت على الطريق الأكمل من الفرائض.

وكذا ينبغي في جميع المعادات بعد أداء الفريضة ، وفي صلاة الجنازة ، بعد وقوعها.

واما الصبي فإنه يفعلها للتمرين وللتعلم ، ليعلم ما يفعله بعد البلوغ ، ولكن ينبغي اعلامه بأنه يقصد الندب ، لا الفرض ، والواجب عند من يجعلها شرعية ، هذا فيمن صلى منفردا.

واما من صلى جماعة ، هل تجوز له الإعادة مع جماعة أخرى ، مأموما أو إماما ، لقوم ما صلوا أصلا أو صلوا منفردين لغير تقية ففيه نظر ، والمصنف تردد في المنتهى ،

__________________

يصلى مع النبي صلى الله عليه (وإله) وسلم ثم يأتي قومه فيصلي بهم) وفي سنن ابى داود : ج ١ (باب من صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلى معهم) حديث : ٥٧٥ ـ ٥٧٨) ولفظ بعضها (عن جابر بن يزيد الأسود عن أبيه انه صلى مع رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وهو غلام شاب فلما صلى إذا رجلان لم يصليا في ناحية المسجد فدعا بها فجي‌ء بهما ترعد فرائصهما فقال : ما منعكما ان تصليا معنا؟ قالا قد صلينا في رحالنا فقال (لا تفعلوا : إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الامام ولم يصل فليصل معه فإنها له نافلة)

٢٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر عدم الفهم من الاخبار الدالة على الإعادة ، فإن البعض صريح في من صلى منفردا ، والبعض ظاهر فيه ، والأخر مجمل.

فلو لم يجز تكرار الصلاة مطلقا ، الا ما خرج بالدليل في الوقت وخارجه كما هو المشهور ـ لما رووا عنه (ص) انه قال لا تصل صلاة في يوم مرتين (١) وحمل في المنتهى على الواجبتين ـ لم يجز هنا أيضا ، الا انه يفهم من كلام المصنف في المنتهى ، في جواز اقتداء المتنفل بالمفترض ، الجواز ، وكذا من فعله صلى الله عليه وآله في صلاة بطن النخلة (٢) في الجملة ، فتأمل.

نعم يمكن الجواز مطلقا ، مع حصول شبهة ، ونقص فيها بوجه وان لم يكن ذلك موجبا للإعادة مطلقا ، للاحتياط ، ولمشروعية الإعادة ، والقضاء مرارا لشخص واحد على ما هو المشهور بين الطائفة في حياته بنفسه وبعد موته بالوصية وغيرها.

وعلى تقدير الجواز ، فالظاهر هو الاستحباب ، لأنه إنما يجوز بعموم الأدلة السابقة كما قال المجوز واستدل به.

وبالجملة الظاهر العدم من تلك الأدلة الا ان توجد اخرى (٣) للأصل والاستحباب ، وأيضا يحتاج الى دليل شرعي ، نعم استحباب الإعادة ، لتحصيل الجماعة للشخص الأخر الذي ما صلى جماعة ، يمكن ، وأقرب من غيره ، ويؤيده ما سبق من قوله عليه السلام (من يتصدق عليه) في الأمر بالإمامة للداخل بعد انقضاء الجماعة ، وعدم نقل وقوع الغير منهم عليهم السلام ، يؤيد (يؤدى خ) العدم ، فتأمل.

وأيضا ، الظاهر : ان الإعادة في مقام التقية ، اعادة حقيقة ، (ونقل خ) وفعل

__________________

(١) سنن أبي داود (باب إذا صلى ثم أدرك جماعة يعيد ، حديث : ٥٧٩ ولفظ الحديث (عن سليمان بن يسار ـ يعنى مولى ميمونة ـ قال أتيت ابن عمر على البلاط وهم يصلون : فقلت الا تصلى معهم؟ قال قد صليت ، انى سمعت رسول الله صلى الله عليه (وإله) وسلم يقول : لا تصلوا صلاة في يوم مرتين)

(٢) جامع احاديث الشيعة ، كتاب الصلاة ، باب (٢) من أبواب صلاة الخوف حديث ـ ١٣

(٣) يعني الا ان يوجد دليل أخر لأصل الجواز ولاستحبابه.

٢٩٢

ويكره وقوف المأموم وحده مع سعة الصفوف.

______________________________________________________

الصلاة الأولى بقصد النفل والاستحباب.

وكونها نافلة وسبحة ، موجود في الاخبار الكثيرة (١) كما مر لا انها نافلة أخرى ، أو يريهم الصلاة (٢) ولا تكون ، كما هو ظاهر بعض الاخبار (٣) وان كان جعلها نافلة أخرى أيضا جائزا ومحتملا ، ويدل عليه الاخبار (٤) أيضا.

ولا بد من الوضوء مع ذلك فإنه ورد المنع من فعلها من غير وضوء ، مثل ما رواه في الفقيه عن مسعدة بن صدقة ان قائلا قال لجعفر بن محمد عليه السلام جعلت فداك إني أمرّ بقوم ناصبية ، وقد أقيمت لهم الصلاة وانا على غير وضوء فان لم ادخل معهم في الصلاة قالوا ما شاؤا ان يقولوا أفأصلي معهم ثم أتوضأ إذا انصرفت وأصلي؟ فقال جعفر بن محمد عليهم السلام سبحان الله أفما يخاف من يصلى على (من خ) غير وضوء ان تأخذه الأرض خسفا (٥) وهذه دليل تحريم الصلاة بغير وضوء.

واما دليل كراهة وقوف المأموم الواحد الرجل ـ دون المرأة (فإنها وظيفتها) مع إمكان الدخول ـ في الصف : فقيل هو الخبر المنقول عن أمير المؤمنين عليه السلام (في الزيادات) : لا تكونن في العثكل؟ قلت : وما العثكل؟ قال : ان تصلى خلف الصفوف وحدك ، فان لم يمكن الدخول في الصف قام حذاء الامام اجزئه ، فان هو عاند الصف فسد عليه صلاته (٦)

ولما روى عن العامة في الشرح عنه صلى الله عليه وآله : أبصر رجلا خلف

__________________

(١) الوسائل باب (٥٤) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٨

(٢) قوله قدس سره (أو يريهم الصلاة) أي يريهم أنها صلاة النافلة والحال انها لا تكون صلاة النافلة بل الفريضة.

(٣) الوسائل باب (٥٤) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٦

(٤) الوسائل باب (٦) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٧

(٥) الوسائل باب (٢) من أبواب الوضوء حديث : ١

(٦) الوسائل باب (٥٨) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١

٢٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الصفوف وحده ، فأمره أن يعيد الصلاة (١) لعلهما حملتا على الكراهة ، لعدم الصحة ، مع الأصل ، ولما في بعض الاخبار المتقدمة من العمومات ، فتأمل ، وقال في الشرح (٢) جمعا بينهما وبين الاخبار الصحيحة كصحيحة أبي الصباح عن الصادق عليه السلام عن الرجل يقوم في الصف وحده؟ فقال : لا بأس ، إنما يبدو واحد بعد واحد (٣)

قلت : ما رأيت في ذلك بخصوصها خبرا مطلقا ، فضلا عن الاخبار الصحيحة ، وان صحة خبر أبي الصباح أيضا غير ظاهر ، لوجود محمد بن الفضيل في طريق التهذيب (٤) وما رأيتها في غيره ، وهو مشترك ، نعم سماها بها في المنتهى أيضا ، وهما اعرف.

بل دلالتها أيضا غير واضحة ، لأنه قال : يقوم في الصف وحده مع انه قال (انما يبدو) فيدل على عدم اجتماع الصفوف ، وإمكان وجود احد بعده معه ، وانه ما كان خلف الصفوف.

بل الروايتان المتقدمتان أيضا ما دلتا على المطلوب : وهو كراهة وقوف الرجل الواحد وحده مطلقا ، مع إمكان الدخول بين الصفوف ، بل يدلان على المنع خلف الصفوف مطلقا ، والأول يدل على جواز الوقوف بحذاء الامام مع عدم إمكان الدخول في الصفوف.

نعم يمكن الاستدلال على الكراهة بمثل التعليل في ترغيب الجماعة (فإن الذئب يأكل القاصية) (٥)

__________________

(١) سنن ابن ماجة ج ١ كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (٥٤) باب صلاة الرجل خلف الصف وحده حديث : ١٠٠٣ و ١٠٠٤

(٢) قال في الشرح ص ٣٧٢ بعد نقلهما : ما هذا لفظه (والخبران ضعيفا السند ، ويمكن حمل الأمر في الأول (أي ما عن العامة) على الاستحباب. والنهي في الثاني (المنقول عن أمير المؤمنين عليه السلام) على الكراهة ، جمعا بينهما وبين الاخبار الصحيحة إلخ)

(٣) الوسائل باب (٥٧) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢

(٤) سند الحديث كما في التهذيب (سعد ، عن أيوب بن نوح ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح)

(٥) سنن أبي داود : ج ١ باب التشديد في ترك الجماعة حديث : ٥٤٧ ولفظ الحديث (عن أبي الدرداء قال

٢٩٤

وتمكين الصبيان من الصف الأول.

______________________________________________________

وعلى الجواز مطلقا بعموم الاخبار ، والأصل.

وعلى الجواز بحذاء الامام ـ مع إمكان الدخول فيه ، بدون الكراهة أيضا ـ بالعقل ، وببعض الأخبار المتقدمة. وعلى أولوية الترك مطلقا. ببعض الأخبار الصحيحة الدالة على افتتاح الصلاة بالتكبير قبل الوصول الى الصف ثم اللحوق به (١)

وكذا بمثل قوله صلى الله عليه وآله سووا بين صفوفكم وحاذوا بين مناكبكم ، لا يستحوذ عليكم الشيطان (٢)

واستدل المصنف في المنتهى على صحة صلاة من قام وحده ، مع أولوية الترك ، به ، وبإجماع علمائنا ، وبخبر سعيد الأعرج المتقدم : قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأتي الصلاة فلا يجد في الصف مقاما أيقوم وحده حتى يفرغ من صلاته؟ قال : نعم ، لا بأس يقوم بحذاء الإمام (٣) كأنه استدل بمفهومه الضعيف على عدم جواز الوقوف وحده مع الإمكان ، وحمله على الكراهة ، فتأمل ، وبالجملة الظاهر ان الصلاة صحيحة ، وتركه مع الإمكان أولى : ومع العدم ينبغي بحذاء الامام وترك الوقوف خلف الصفوف مطلقا.

واما كراهة تمكين الصبيان من الصف الأول ، فكأنّ دليله ما مر من الروايات ، من تأخيرهم الصبيان وتقدم اولى الحلم والنهي (٤)

__________________

سمعت رسول الله صلى الله عليه (وإله) وسلم يقول : ما من ثلاثة في قرية ولا بد ولا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان ، فعليك بالجماعة ، فإنما يأكل الذئب القاصية)

(١) الوسائل باب (٤٦) من أبواب صلاة الجماعة فراجع.

(٢) الوسائل باب (٧٠) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤

(٣) الوسائل باب (٥٧) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣

(٤) سنن أبي داود : ج ١ باب من يستحب ان يلي الإمام في الصف وكراهية التأخر حديث : ٦٧٤ ـ ٦٧٥ ولفظ الأول منهما (عن أبي سعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه (وإله) وسلم ليليني منكم أولوا الأحلام والنهي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) وأيضا سنن أبي داود : ج ١ باب مقام الصبيان من الصف حديث : ٦٧٧ ولفظ الحديث (قال أبو مالك

٢٩٥

والتنفل بعد قد قامت الصلاة.

______________________________________________________

بل الظاهر كراهة تقديم غير أهل الفضل المستفادة من تقديمهم. وقال المصنف استحباب تقديم أهل الفضل ، قول أهل العلم.

واما كراهة التنفل بعد (قد قامت) فقد قال في الشرح : للتشاغل بالمرجوح عن الراجح ، وذلك يشعر بان السبب هو فوت الجماعة ، ولو في بعض الصلاة ، فلو لم يكن ذلك ، لم يكن كذلك ، الّا ان يقال : الانتظار والتوجه ، الى ان يكبر الإمام أفضل منها.

والظاهر انها للأخبار ، حتى ورد في صحيحة عمر بن يزيد (الثقة في التهذيب والفقيه) انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن الرواية التي يروون : انه لا ينبغي ان يتطوع في وقت (كل فقيه) فريضة ، ما حد هذا الوقت؟ قال إذا أخذ المقيم في الإقامة ، فقال له : ان الناس يختلفون في الإقامة؟ قال : (المقيم الذي خ) الإقامة التي يصلى معهم (معه خ) (١)

وتدل عليها أخبار أخر ، مثل ما ورد في النقل الى النفل من الفريضة كما سيأتي ، وما مر من كراهة الكلام بعد قد قامت الصلاة ، بل ذهب البعض الى تحريمه كما مر ، والاخبار الدالة على النهي عن النافلة لمن عليه الفريضة ، وقد حرمه البعض لذلك ، وقد مر ، فتأمل.

وقول الأصحاب بقطع النافلة والدخول في الجماعة بالفريضة أيضا ، يدل عليها.

ويدل أيضا عليها الأمر بالقيام إلى الصلاة عند سماع (قد قامت) لأن الصلاة حينئذ تنافي المأمور به على طريق الاستحباب ، فيكون المنافي مكروها ، وقد عرفت من استدلال الشارح : اعترافه بان الأمر مستلزم للنهى عن ضده الخاص.

__________________

الأشعري : إلا أحدثكم بصلاة النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ، قال : فأقام الصلاة ، وصف الرجال ، وصف خلفهم الغلمان ، ثم صلى بهم فذكر صلاته الحديث)

(١) الوسائل باب (٣٥) من أبواب المواقيت حديث : ٩

٢٩٦

والقراءة خلف المرضى

______________________________________________________

قوله : «والقراءة خلف إلخ» الذي يقتضيه النظر في الجمع بين الاخبار : هو تحريم القراءة خلف المرضى مطلقا ، الا ان يكون صلاة تجهر فيها بالقراءة ولم يسمع ولو همهمة ، فتستحب : وهي صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة خلف الامام اقرء خلفه؟ فقال : اما الصلاة التي لا تجهر فيها بالقراءة ، فان ذلك جعل اليه ، فلا تقرأ خلفه ، واما الصلاة التي يجهر فيها ، فإنما أمر بالجهر لينصت من خلفه ، فان سمعت فأنصت ، وان لم تسمع فاقرأ (١)

وما روى الحلبي «في الكافي والتهذيب (والاستبصار خ) في الحسن لإبراهيم» عن الصادق عليه السلام قال : إذا صليت خلف إمام تأتم به فلا تقرأ خلفه ، سمعت قراءته أم لم تسمع ، الا ان تكون صلاة تجهر فيها بالقراءة ولم تسمع فاقرأ (٢) وهذه صحيحة في الفقيه.

وما روى (أيضا فيهما في الحسن ، لذلك) عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام ، قال : إذا كنت خلف إمام تأتم به فأنصت وسبح في نفسك (٣) وما روى (فيهما أيضا في الحسن لما مر) عن قتيبة (الثقة) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا كنت خلف امام ترضى به في صلاة تجهر فيها بالقراءة فلم تسمع قرائته فاقرأ أنت لنفسك ، وان كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ (٤)

ولا ينافي التحريم ، صحيحة سليمان بن خالد ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام أيقرأ الرجل في الاولى والعصر خلف الامام وهو لا يعلم انه يقرء؟ فقال : لا ينبغي له ان يقرء ، يكله الى الامام (٥) لأن لفظة (لا ينبغي) تطلق على التحريم و

__________________

(١) الوسائل باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٥

(٢) الوسائل باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١

(٣) الوسائل باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٦

(٤) الوسائل باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٧

(٥) الوسائل باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٨

٢٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الكراهة ، فيحمل على الأول ، للاية (١) ولكثرة الأخبار المعتبرة الدالة على التحريم ، على ان في سليمان بن خالد قولا ، ويؤيده صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم ، قالا : قال أبو جعفر عليه السلام كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : من قرء خلف إمام يأتم به فمات بعث على غير الفطرة (٢) قيدت بالسماع لما مر ، وهي صحيحة في الفقيه والكافي والتهذيب في الزيادات.

وصحيحة زرارة في الفقيه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام انه قال : ان كنت خلف امام فلا تقرأن شيئا في الأولتين وأنصت لقرائته ، ولا تقرأن شيئا في الأخيرتين ، فإن الله عز وجل يقول للمؤمنين (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ) (يعني في الفريضة خلف الامام) (فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٣) فالأخيرتان تبعتا للأولتين (٤)

ولا يدل على التحريم مطلقا سمع أم لم يسمع صحيحة الحلبي في التهذيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا صليت خلف إمام تأتم به فلا تقرأ خلفه سمعت قراءة أو لم تسمع (٥) لوجوب حمل المطلق على المقيد ، وقد قيد بالسماع فيما قبل ، وأيضا قد روى الحلبي في السابقة بعد قوله (أو لم تسمع) الا ان يكون صلاة تجهر فيها بالقراءة ولم تسمع فاقرأ (٦) فيجوز ان يكون حذفه لما تقدم ، قال الشيخ في الاستبصار : يجوز ان يكون الراوي روى بعض الحديث إلخ.

وفي الفقيه في رواية عبيد بن زرارة ان سمع الهمهمة فلا يقرء (٧) وصحيحة على بن يقطين قال سألت أبا الحسن الأول عليه السلام عن الرجل يصلى خلف امام يقتدى به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلا يسمع القراءة؟ قال : لا بأس ان

__________________

(١ ـ ٣) الأعراف : ٢٠٤

(٢) الوسائل باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤

(٤) الوسائل باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣

(٥) الوسائل باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١٢

(٦) الوسائل باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١

(٧) الوسائل باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢

٢٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

صمت وان قرء (١)

ثم اعلم ان دلالة الآية ، والاخبار ، على تحريم القراءة مع السماع ، ودلالة الاخبار على استحبابها على تقدير العدم في الجهرية واضحة : أما التحريم فللنهي والوعيد مع عدم المعارض ، واما الاستحباب فللأمر بالقراءة ، وان كان ظاهر الأمر الوجوب ، الا انه حمل على الاستحباب ، لصحيحة على بن يقطين.

نعم قد يشعر الإنصات والسماع على اختصاص التحريم ، بما يجهر فيه من الركعات الأول التي يجهر فيها ، ولكن عموم ظاهر الاخبار ، ـ وصدق الجهرية على الأخيرتين أيضا ، والتنصيص (والتخصيص خ ل) في صحيحة زرارة (٢) ـ يفيد التعميم ، مع عدم بعد السماع والإنصات فيهما أيضا ، إذ لا منافاة بين السماع والإنصات ، وبين وجوب الإخفات على القول به لما مر في بحث الجهر والإخفات.

نعم قد أطلق تحريما لقراءة في البعض ، فيحمل على ذلك لوجوب حمل المطلق والمجمل على المقيد والمفصل.

واما التحريم في الإخفاتية مطلقا : فلظاهر صحيحة ابن الحجاج وصحيحة الحلبي في الفقيه (٣) وقد صرح فيهما بالتحريم مع عدم السماع أيضا.

ولا طلاق حسنة زرارة (٤) وعموم صحيحة زرارة ومحمد (٥) ورواية يونس بن يعقوب (وليس في سندها الا الحسن بن على بن فضال : وهو لا بأس به) قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة خلف من ارتضى به ، اقرء خلفه؟ فقال : من رضيت به فلا تقرأ خلفه (٦) مع عدم معارض ظاهر ، إذ ليس الا لفظة (لا ينبغي)

__________________

(١) الوسائل باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١١

(٢) اى التنصيص بترك القراءة في الأخيرتين

(٣) الوسائل باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١ ـ ٥

(٤) الوسائل باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٦

(٥) الوسائل باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤

(٦) الوسائل باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١٤

٢٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

في رواية سليمان (١) وقد عرفت جوابه.

الا انه يمكن اختصاص التحريم باوّلتيها (باوليتى الإخفاتية خ) والتخيير بين قراءة الفاتحة والتسبيح (في آخرتيها) (في الأخيرتين منها خ) كما هو مختار المنتهى ، والسيد : لرواية ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام إذا كنت خلف الإمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتى يفرغ وكان الرجل مأمونا على القرآن ، فلا تقرأ خلفه في الأولتين ، وقال يجزيك التسبيح في الأخيرتين ، قلت اى شي‌ء تقول أنت؟ قال : اقرء فاتحة الكتاب (٢)

وجه الدلالة اختصاص التحريم أولا بالأولتين وقوله ، (يجزيك التسبيح) ثانيا حيث يشعر بجواز الفاتحة أيضا (واقرء) ثالثا ، ولكن ابن سنان مشترك ، وان كان الظاهر انه عبد الله الثقة ، لنقله عن الصادق عليه السلام ، دون محمد ، ولهذا صرح بعبد الله في المنتهى.

لكنها لا تصلح للمعارضة للشك فيه في الجملة ، ولعدم الصراحة في الدلالة ، ولقصور ، ما ، في المتن ، لقوله ، أي شي‌ء تقول أنت ، إلخ.

ثم اعلم انه يمكن اجراء التفصيل في الإخفاتية أيضا : بأن يقال : لو سمع ، تحرم القراءة ، والا ، تكره : إذ يمكن السماع والإنصات فيها أيضا ، لما مر من عدم المنافاة بين السماع والإنصات وبين الإخفات كما مر في بحث الجهر والإخفات ، ويؤيده جريان التفصيل في الأخيرتين من الجهرية كما مر ، فتحمل الجهرية على ما وقع فيه السماع وان كانت إخفاتية ، وكذا عدمها على ما لم يقع فيه السماع وان كانت جهرية.

أو يقال : التفصيل في الذكر ، خصص بالجهرية ، لعدم السماع والجهر في الإخفاتية غالبا ، وان كان حكم السماع والجهر يجرى فيها أيضا ، ويؤيده

__________________

(١) الوسائل باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٨

(٢) الوسائل باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٩

٣٠٠