مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٣

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٣

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦١

وبالمتنفل. والمتنفل بالمفترض

______________________________________________________

واما اقتداء المتنفل بالمفترض : فقال المصنف في المنتهى ، ما اعرف فيه خلافا بين احد من أهل العلم ، واستدل عليه بقوله صلى الله عليه وآله ، على ما روى من طرقهم : انه قال : الا رجل يتصدق على هذا (١) وفي الدلالة تأمل ، إذ الظاهر انه كان صلى مع الجماعة ، وجاء رجل يريد الصلاة ، فقال (ص) الا رجل إلخ فالخطاب لمن صلى معه ، فيكون من العكس ، وبما روى من طرقنا في الموثقة عن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلى الفريضة ثم يجد قوما يصلون جماعة أيجوز له ان يعيد الصلاة معهم؟ قال : نعم هو أفضل (٢) إلى آخر ما تقدم.

واما العكس : فقال في المنتهى انه جائز عندنا ، واستدل عليه بالروايات من طرقهم وطرقنا ، مثل فعله صلوات الله عليه وآله صلاة الخوف مع الطائفتين ، والثانية نافلة (٣) وصحيحة محمد بن إسماعيل المتقدمة (٤)

__________________

(١) سنن أبي داود : ج ١ باب الجمع في المسجد مرتين حديث ٥٧٤ ولفظ الحديث (عن أبي سعيد الخدري ، ان رسول الله صلى الله عليه (وإله) وسلم أبصر رجلا يصلى وحده فقال : «الا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه» ورواه في جامع احاديث الشيعة باب (٥٧) في صلاة الجماعة حديث : ٩ ـ ١٠ ولفظ الثاني (روى ان اعرابيا جاء الى المسجد وقد فرغ النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه من الصلاة فقال : الا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه ، فقام شخص ، فأعاد صلاته وصلى به)

(٢) الوسائل باب (٥٤) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٩

(٣) جامع احاديث الشيعة ، كتاب الصلاة ، باب (٢) من أبواب صلاة الخوف ، حديث : ١٣ ولفظه (المبسوط وإذا كان بالمسلمين كثرة يمكن ان يفترقوا فرقتين ، وكل فرقه تقاوم العدو ، جاز ان يصلى بالفرقة الأولى ركعتين ويسلم بهم ، ثم يصلى بالطائفة الأخرى ويكون نفلا له ، وهي فرض للطائفة الثانية ويسلم بهم ، وهكذا فعل النبي صلى الله عليه وآله ببطن النخل إلخ وفي صحيح مسلم ج ١ (٥٧) باب صلاة الخوف حديث : ٣٠٥ الى ٣١٢ ولفظ بعضها (ان جابرا أخبره انه صلى مع رسول الله صلاة الخوف ، فصلى رسول الله صلى الله عليه (وإله) وسلم بإحدى الطائفتين ركعتين ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين ، فصلى رسول الله صلى الله عليه (وإله) وسلم اربع ركعات ، وصلى بكل طائفة ركعتين)

(٤) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب (٥٤) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٥

٣٢١

وعلو المأموم

وان يكبر الداخل الخائف فوت الركوع ويركع ويمشى راكعا حتى يلتحق.

______________________________________________________

واعلم ان هاتين الصورتين في المعادة ، وفي الصبي أيضا عند من يجوز إمامة ، ففي هذه المسئلة دلالة ما ، على انه ينبغي نية النافلة ، وجواز الإعادة لمن صلى جماعة ، مرة أخرى جماعة فيحصل الثواب لجماعة أخرى كما فهم من فعله (ص) في صلاة بطن النخلة (١) وهي من صلاة المفترض بالمتنفل ، مع احتمال التخصيص بصلاة الخوف ، وان في جواز الإعادة في هذه الصورة إذا عكست بان يكون المتنفل بالمفترض تأمل ، وكذا فيما إذا صليا جماعة بالطريق الاولى ، وقد مر البحث عنهما فتذكر.

وقد مر أيضا دليل قوله (وعلو المأموم) وانه إجماعي ، على ما نقله الشارح ، وان كان على سطح شاهق ، وينبغي عدم وصوله الى حيث يبعد بعدا مفرطا لا يجوز مثل ذلك في الايتمام كذا قيل.

قوله : «وان يكبر الداخل إلخ» كان دليله الإجماع ، قال المصنف في المنتهى : ذهب إليه علمائنا اجمع ، مع الاخبار مثل صحيحة محمد بن مسلم عن احد هما عليهما السلام انه سئل عن الرجل يدخل المسجد فيخاف ان تفوته الركعة؟ فقال : يركع قبل ان يبلغ القوم ويمشى وهو راكع حتى يبلغهم (٢) وكذا عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إذا دخلت المسجد والامام راكع ، فظننت انك ان مشيت اليه رفع رأسه قبل ان تدركه فكبر واركع ، فإذا رفع رأسه فاسجد مكانك فإذا قام فالحق بالصف ، فإذا جلس فاجلس مكانك فإذا قام فالحق بالصف (٣) وهذه صحيحة في الفقيه ، وتدل على اللحاق بعد الركوع والمشي قائما ، كصحيحة معاوية بن وهب قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام يوما و

__________________

(١) راجع تعليقة ١ في ص ٣٣ من طبعتنا

(٢) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٤٦ من أبواب صلاة الجماعة ، حديث : ١

(٣) الوسائل باب (٤٦) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣

٣٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

قد دخل المسجد الحرام لصلاة العصر فلما كان دون الصفوف ركعوا ، فركع وحده و (ثم خ) وسجد السجدتين ، ثم قام فمضى حتى لحق بالصفوف (١) وفي الاستدلال بالأخيرة تأمل ، إذ الظاهر انه عليه السلام فعل ذلك ـ على تقدير التسليم ـ تقية ، فيجوز مثله في التقية لا غير ، وفي الأولين دلالة على الإدراك في الركوع ، فافهم.

واعلم : ان المراد بالدخول ـ في العبارات والروايات ـ الوصول الى مكان الجماعة : والجواز من مكان إلى أخر ، يمكن ان يقال انه دخول فيه ، لانه ما كان فيه فصار فيه فهو داخل فيه ، ويكفى لذلك الخروج عن ذلك ، ولا يحتاج الى البناء ، والظاهر ان مثله كثير في القرآن ، مثل (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ) (٢)

وانه لا بد ان لا يتأتى من المنافيات غير المشي ، ولا ينبغي الانحراف عن القبلة ، فيمكن أن يرجع القهقرى إذا كان على خلاف الجهة.

وينبغي ترك المشي حين الذكر الواجب ، وان كان ظاهر الرواية الجواز مطلقا ، لرعاية الاستقرار في الجملة.

وينبغي ان يجرّ رجليه أيضا ، لما قال في الفقيه ، وروى : انه يمشى في الصلاة يجرّ رجليه ولا يتخطى (٣) ولما لم يثبت هذه الرواية ـ مع انه ترك في الاخبار المذكورة ـ يمكن كونه مستحبا ، رعاية للرواية في الجملة ، مع أصل حال الصلاة من الاستقرار.

وأيضا قد علم انه يجوز الالتحاق في الركوع ، وبعد السجدة ، والجلوس أيضا.

وانه قال في المنتهى لو فعل ذلك من غير ضرورة وخوف فوت ، فالظاهر الجواز ، خلافا لبعض العامة ، لأن للمأموم ان يصلى في صف منفردا وان يتقدم بين يديه : لعل دليله الإجماع ، وصحيحة محمد بن مسلم قال : قلت له : الرجل يتأخر وهو في

__________________

(١) الوسائل باب (٤٦) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢

(٢) المائدة : ٢١

(٣) الوسائل باب (٤٦) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤

٣٢٣

والمسبوق يجعل ما يدركه أول صلاته ، فإذا سلم الإمام أتم.

______________________________________________________

الصلاة؟ قال : لا ، قلت : فيتقدم؟ قال ، نعم ما شاء (ماشيا خ) إلى القبلة (١)

وفي هذه دلالة على عدم البطلان بالمشي متقدما ، فكأنه مستثنى من الفعل الكثير ، ولهذا ما جوز التأخير.

وعلى وجوب الاستقامة إلى القبلة ، وعدم جوازه الى الخلف كأنه يريد مع الكثرة المبطلة ، ويحتمل الكراهة مع القلة ، كما يفهم من جواز قتل الحية ، والتخطي بقدم وقدمين ، ويؤيده في الاخبار : مثل صحيحة على بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال : فإذا قعدت فضاق المكان فتقدم أو تأخر ، فلا بأس (٢) وموثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال : لا يضرك ان تتأخر ورأيك إذا وجدت ضيقا في الصف فتتأخر إلى الصف الذي خلفك ، وإذا كنت في صف وأردت أن تتقدم قدامك فلا بأس ان تمشي اليه (٣) ومثلها صحيحة الفضيل بن يسار والحلبي عن ابى عبد الله عليه السلام (٤) ولا يضر وجود ابان بن عثمان في طريق الفضيل (٥) والإضمار في صحيحة محمد ، إذ الظاهر انه عن الامام فالحمل حسن.

قوله : «والمسبوق إلخ» دليل جعل المسبوق من الامام بركعة أو أكثر ، ما يدركه مع الإمام أولا ، أول صلاته ، وهكذا ما قال في المنتهى ، انه ذهب إليه علمائنا اجمع.

ويدل عليه أيضا الروايات ، مثل صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض ، خلف امام يحتسب بالصلاة خلفه ، جعل (أول يب) ما أدرك أول صلاته ، ان أدرك من الظهر ، أو (من يب)

__________________

(١) الوسائل باب (٤٤) من أبواب مكان المصلى حديث : ٢

(٢) الوسائل باب (٧٠) من أبواب صلاة الجماعة قطعة من حديث : ١

(٣) الوسائل باب (٧٠) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣

(٤) الوسائل باب (٧٠) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢ وذيله

(٥) سنده كما في التهذيب (الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن ابان بن عثمان ، عن الفضيل بن يسار)

٣٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

العصر ، أو من العشاء (الآخرة فقيه) ركعتين وفاتته ركعتان ، قرء في كل ركعة مما أدرك خلف الإمام في نفسه بأم الكتاب (وسورة فان لم يدرك السورة تامة أجزأه أم الكتاب يب) فإذا سلم الامام قام فصلى ركعتين (الأخيرتين فقيه) لا يقرء فيهما ، (لأن الصلاة انما يقرء فيها في الأولتين في كل ركعة بأم الكتاب وسورة ، وفي الأخيرتين لا يقرء فيهما يب) انما هو تسبيح (وتكبير يب) (وتهليل خ فقيه) ودعاء ، ليس فيهما قراءة ، وان أدرك ركعة قرء فيها خلف الإمام فإذا سلم الامام قام فقرأ بأم الكتاب (وسورة يب) ثم قعد وتشهد ، ثم قام فصلى ركعتين ليس فيهما قراءة (١).

وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (الثقة) قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يدرك الركعة الثانية من الصلاة مع الامام ، وهي له الاولى ، كيف يصنع إذا جلس الامام؟ قال : يتجافى ولا يتمكن من القعود ، فإذا كانت الثالثة للإمام وهي له الثانية ، فليلبث قليلا ، إذا قام الامام ، بقدر ما يتشهد ثم يلحق بالإمام قال : وسألته عن الرجل الذي يدرك الركعتين الأخيرتين من الصلاة كيف يصنع بالقراءة؟ فقال : اقرء فيهما فإنهما لك الأولتان ، (وخ) فلا تجعل أول صلاتك أخرها (٢)

وصحيحة معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يدرك آخر صلاة الامام ، وهي أول صلاة الرجل فلا يمهله حتى يقرأ فيقضى القراءة في آخر صلاته؟ قال : نعم (٣)

«هنا أبحاث»

الأول : ان في الأولى دلالة على وجوب السورة في الأولتين ، في مواضع متعددة ،

__________________

(١) الوسائل باب (٤٧) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤

(٢) الوسائل باب (٤٧) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢

(٣) الوسائل باب (٤٧) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٥

٣٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

أحدها) قرء في كل واحد مما أدرك خلف الإمام إلخ (وثانيها) لأن الصلاة انما تقرأ فيها إلخ (وثالثها) فإذا سلم الامام قام فقرأ بأم الكتاب وسورة ، أقواها قوله ، لأن الصلاة إلخ.

الثاني : ان فيها أيضا دلالة على قول التسبيح في الأخيرتين ونفى القراءة : لعل المراد على سبيل التخيير ، ويمكن الأولوية ونفى الوجوب العيني.

الثالث : انه حذف التحميد فيها وزيد بدله الدعاء ، وهو غير مشهور ، ولعل المراد إلخ والدعاء مستحب.

الرابع : ان التجافي ونفى الجلوس (١) ليس على سبيل الوجوب بل الجواز ، ويمكن الاستحباب ، ولا يدل على عدم التشهد.

الخامس : قوله ، فلا يمهله (٢) إلخ يعني ما يمكن ، باستعجال الامام عن القراءة ، فيقرء عوض ما يفوته مع الامام من القراءة في أخيرتي صلاته ، لئلا تخلو صلاته عن القراءة ، فالمراد بالقضاء مجرد الفعل ، مع انه لما كانت وظيفته في الأولتين وتركت وفعلت في الأخيرتين ، فكأنها قضاء.

السادس : ان قراءة الحمد والسورة مع الإمام في نفسه (٣) ليس على سبيل الوجوب ، بل الجواز والاستحباب ، أيضا لما مر من تحريم القراءة مع الإمام أو كراهتها ، ويمكن ان يقال باستحباب القراءة في المسبوق ، أو وجوبها في أولتيه ، للرواية ، فيكون مستثنى من المنع المقدم ، سيما الفاتحة ، فإنها مذكورة في رواية زرارة المذكورة هنا في الفقيه بغير السورة بعدها.

السابع : ان القراءة على المأموم في الأخيرتين غير واجبة عينا ، وان أدرك الإمام في أخيرتيه فقط ، مع اكتفائه بالتسبيح ، لدليل ثبوت التخيير من غير اختصاص

__________________

(١) أي في الحديث الثاني

(٢) أي في الحديث الثالث

(٣) أي في الحديث الأول

٣٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

بمادة ، وللأصل ، ولما في رواية زرارة (لا يقرء فيهما إلخ) وقوله (ليس فيهما قراءة) مرتين.

ونقل في الشرح عن بعض الأصحاب : وجوب الفاتحة في ركعة على من أدرك الإمام في الأخيرتين ، وهما له الأوليان ، لئلا تخلو الصلاة عن الفاتحة وقال والمشهور بقاء التخيير ، وقد تقدم في حديث زرارة ما يدل عليه ، ونقل المصنف أيضا وجوب القراءة مطلقا لئلا تخلوا لصلاة عن القراءة. إذ الإمام مخير في التسبيح في الأخيرتين ، لعل مقصوده ما ذكره الشارح.

وقد يقال : ان خلوّ صلاته عن الفاتحة ممنوع ، لأنها مبنية على صلاة الامام وقد قرء الفاتحة في صلاته ، وان لم يكن هذا المأموم حاضرا في وقت قرائته ، ثم قال المصنف وليس بشي‌ء فإن احتج بحديث زرارة وعبد الرحمن ، حملنا الأمر فيهما على الندب ، لما ثبت من عدم وجوب القراءة على المأموم انتهى.

ويجاب أيضا بأنهما يدلان على وجوب السورة أيضا مع عدم القول به كما يفهم من الشرح : وعلى الوجوب في غير الصورة التي نقل الوجوب فيها : مع انه يجب الجمع بينهما وبين ما دل على السقوط عن المأموم ، فيحمل (هنا ـ ظ) على الندب ، وان كان مقتضي القاعدة الأصولية ، تقييد العموم بغير هذه الصورة ، ولكن هذا الجمع اولى هنا ، لضعف دليل الوجوب مع الندرة ، وأيضا قد يكون المقصود في الثانية ، النفي عن التسبيح في الأولتين ، وعن القراءة في الأخيرتين كما يشعر به قوله (ع) (فلا تجعل أول صلاتك آخرها) لان ذلك معناه كأنه يقول : ان تقرأ فاقرأ في الأولتين ، لا ان تتركوا فيهما وتقرأ في الأخيرتين فتقلب صلاتك.

وبالجملة الاستحباب في موضع النص غير بعيد كما اختاره المصنف في المنتهى ، ويدل عليه رواية أحمد بن النضر عن رجل عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال لي : أي شي‌ء يقول هؤلاء في الرجل إذا فاتته مع الامام ركعتان؟ قال : يقولون : يقرء في الركعتين بالحمد وسورة! فقال : هذا يقلب صلاته ، فيجعل

٣٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

أولها آخرها ، فقلت : وكيف يصنع؟ قال : يقرء بفاتحة الكتاب في كل ركعة (١) يمكن ان يريد بكل ركعة انفرد عن الامام ، فيكون قرائتها مستحبة كما مر ، فالاستحباب في موضع النص غير بعيد.

الثامن : انه يخفي في القراءة في الأخيرتين ، كما كان ، ونقل عن الشافعي الجهر والإخفات معا.

التاسع : انه ان قنت الإمام ينبغي ان يقنت معه المسبوق ، للمتابعة ، ولانه دعاء وذكر حسن ، ولصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يدخل في الركعة الأخيرة من الغداة مع الامام فقنت الإمام ، أيقنت معه؟ قال : نعم ، ويجزيه من القنوت لنفسه (٢) ولا يضر ابان (٣) ولا ما نقل من الكشي : ان محمد بن الوليد الواقع في الطريق فطحي ، لقول النجاشي : انه ثقة عين ، نقى الحديث ، ذكره الجماعة بهذا.

وفيها دلالة على الاكتفاء بذلك في قنوته في محله ، وليس ببعيد كونه أولى ، إذا لزم التخلف.

وقد يفهم تحريمه مما سبق من وجوب التبعية ، في عدم جلسة الاستراحة على ما مر.

والظاهر انه رخصة لا عزيمة ، وفي المنتهى : انه إذا جلس الامام للتشهد يتبعه أيضا فيه ، لما مر ، وللاخبار ، مثل رواية حسين بن المختار وداود بن الحصين قال : سئل عن رجل فاتته صلاة ركعة من المغرب مع الإمام ، فأدرك الثنتين ، فهي الاولى له والثانية للقوم ، يتشهد فيها؟ قال : نعم ، قلت والثانية أيضا؟ قال :

__________________

(١) الوسائل باب (٤٧) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٧

(٢) الوسائل باب (١٧) من أبواب القنوت حديث : ١

(٣) سند الحديث كما في التهذيب (سعد ، عن محمد بن الوليد الخزاز ، عن ابان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله)

٣٢٨

ولو دخل الامام وهو في نافلة قطعها ،

وفي الفريضة يتمها نافلة ويدخل معه.

______________________________________________________

نعم ، قلت كلهن؟ قال : نعم ، وانما هي بركة (١) ورواية إسحاق بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ، جعلت فداك يسبقني الإمام بالركعة ، فتكون لي واحدة وله ثنتان ، افا تشهد كلما قعدت؟ قال : نعم ، فإنما التشهد بركة (٢)

ومنها يعلم انه قد يوجد خمس تشهدات في الرباعية ، والأربعة في الثلاثية ، والثلاثة في الثنائية ، بل أكثر من ذلك ، فتأمل.

وينبغي القيام إلى ادراك ما فاتته بعد تسليم الإمام ، رعاية للتابعية : واما قبله : فلو كان السلام سنة ، وخلص الامام عن واجب التشهد ، فالظاهر انه يجوز ، كالخروج بالسلام من الصلاة حينئذ ، واما على تقدير وجوبه ، فالظاهر الجواز أيضا ، وللأصل ، وكون الجماعة مندوبة ، ولا تجب المندوبة بالشروع عندهم ، الّا الحج ، للإجماع ، وعدم بقاء شي‌ء عليه ، بل تجوز المفارقة بعد رفع الرأس عن السجدة الثانية ، بناء على عدم وجوب المتابعة في الأقوال.

وعلى تقدير الجواز ، هل لا بد من نية الانفراد أولا ، الظاهر العدم ، للأصل ، ولان قيامه ـ بقصد القراءة وإتمام الصلاة من دون الامام ـ هو النية ، وبالجملة الجواز اولى ، والاحتياط واضح.

قوله : «ولو دخل الامام وهو في نافلة إلخ» الظاهر ان مراده الدخول في الصلاة بتكبيرة الإحرام ، إذ مجرد الدخول الى مكان الصلاة ، لا يوجب ذلك ، ويبعد فهم معنى آخر مثل الدخول في مندوباتها مثل قوله قد قامت الصلاة ويؤيده ما قال في المنتهى : لو صلى نافلة فأحرم الامام ولما يتمها قطعها مع خوف الفوات ، لإدراك فضيلة الجماعة ، التي لا يمكن استدراكها مع الفوات ، بخلاف النافلة ، التي يمكن فعلها أو قضائها ثانيا.

ولو كان في الفريضة ، نقلها الى النفل ، وأتمها ركعتين ، ودخل في الجماعة ، تحصيلا لفضيلة الجماعة ، وإكمالا لفعل النافلة.

__________________

(١) الوسائل باب (٦٦) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١

(٢) الوسائل باب (٦٦) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢

٣٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل دخل المسجد فافتتح الصلاة ، فبينا هو قائم يصلى إذا ، أذن المؤذن واقام الصلاة؟ قال : فليصل ركعتين ، ثم ليستأنف الصلاة مع الامام وليكن الركعتان تطوعا (١) ورواية (وموثقة خ) سماعة قال سألته عن رجل كان يصلى فخرج الامام وقد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة؟ فقال : ان كان اماما عدلا فليصل اخرى وينصرف ويجعلهما تطوعا وليدخل مع الإمام في صلاته كما هو ، وان لم يكن امام عدل فليبن على صلاته كما هو ويصلى ركعة أخرى ويجلس قدر ما يقول ، اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمّدا عبده ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم خ (٢)) ثم ليتم صلاته معه على ما استطاع فإن التقية واسعة ، وليس شي‌ء من التقية الا وصاحبها مأجور عليها إنشاء الله (٣) قال في الفقيه : ثم تشهد من قيام ، وسلم من قيام في التقية (٤)

اعلم انى ما رأيت شيئا آخر غيرهما ، وان الرواية الأولى صحيحة في الكافي ، والظاهر انه كذلك في التهذيب ، إذ الظاهر : ان الحسن هو ابن محبوب ، وان كان الحسين ، على (نسخة) ، فهو ابن سعيد ، وان كان في سليمان قول (٥) ولكن بذلك الاعتبار لم تصر حسنة (٦) فتأمل.

وانه لا دلالة على استحباب قطع النافلة ، فكأنه استخرج من استحباب نقل

__________________

(١) الوسائل باب (٥٦) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١

(٢) ليست هذه الجملة في الكافي والتهذيب المطبوعين ، ولكنها موجودة في النسخ المخطوطة من الكتاب عندنا ، وفي كتاب جامع احاديث الشيعة ، باب (٥٩) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢

(٣) الوسائل باب (٥٦) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢

(٤) الفقيه ، باب الجماعة وفضلها ، من رسالة أبيه اليه. ويؤيده ما في جامع احاديث الشيعة ، باب (٥٩) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣ نقلا عن فقه الرضا عليه السلام.

(٥) سند الحديث كما في الكافي هكذا (محمد بن يحيى ، عن احمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد) وكما في التهذيب هكذا (احمد ، عن الحسين (الحسن خ ل) عن النضر ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد)

(٦) لعله إشارة الى ما في المنتهى من قوله : ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن سليمان بن خالد

٣٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

الفريضة إليها والقطع ، فإنه يدل على قطعها بالطريق الاولى ، وهو صحيح.

ولكن ما عندنا دليل عليه أيضا كما ترى ، والاستدلال في مثل هذه المسائل : بمجرد أن إدراك الجماعة أفضل ـ فيترك النافلة ليدخل في الأفضل ـ مشكل : مع ظاهر (وَلا تُبْطِلُوا) (١) واستلزامه جواز القطع في كل ما هو أفضل ، مثل الدعاء وقضاء الحوائج ، فلا يصلى نافلة حينئذ ، فتأمل.

نعم يمكن كراهة الدخول فيها بعد قد قامت ، لما مر من كراهة الكلام عنده ، وإدراك الفضيلة ، والخبر بالقيام عند ذلك.

ولو خاف فوت الجماعة بالمرة : لا يبعد استحباب قطع النافلة لإدراك فضيلة الجماعة حينئذ أيضا ، كما يشعر به سوقهما ، فتأمل.

واما مع خوف فوت البعض ، فالظن يغلب على العدم ، لان الجمع مهما أمكن أولى : وانه أمر خلاف الأصل ، وقطع للفريضة مع التحريم (وخ) للوجوب على ما هو عليها (٢) ، ولعدم الخلاف ، فلو أمكن الإتمام فريضة ثم إدراك الفضيلة اعادة. ، خصوصا قبل ركوع الركعة الاولى ، فلا يبعد الإتمام فريضة والاستيناف اعادة.

وكذا لا يقطع النافلة الابتدائية ، أو المنقول إليها بمجرد فوت البعض ، بل يكمل الركعتين ثم يصلى الفريضة مع الجماعة ، ولو بإدراك أدنى مراتبها كما هو الظاهر من إتمامها ركعتين في الرواية ، ويحتمل لإدراكها من الأول ، أو قبل فوت ركوع ، أو مع ادراك ركوع.

وان ظاهرهما النقل (٣) إذا لم يشرع في الثالثة ، فمع الدخول فيها ينبغي الإتمام ، فلو تمكن من الإعادة أعاد ، والّا فلا ، لان قول الأصحاب والنص انما هو في الإتمام ركعتين ، فلا ينبغي القطع المحرم بالقياس ونحوه.

__________________

(١) سورة محمد : ٣٣

(٢) إشارة الى ما في الرواية (الصلاة على ما افتتحت عليه) وقد مر مرارا.

(٣) عطف على قوله قبل ذلك : (انى ما رأيت شيئا أخر غيرهما) والمراد من الضمير في قوله : (ظاهرهما) روايتي سليمان بن خالد وسماعة.

٣٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

ونقل الشارح (١) استقراب الاستمرار ، وعدم النقل ، والقطع حينئذ عن المصنف في النهاية والتذكرة ، اقتصارا في قطع الفريضة ، أو ما في حكمه ، على مورد النص.

وانه ما يفهم منهما نية النقل الى النفل في الأثناء ، ثم الإتمام نافلة ، بل يفهم منهما جعلهما نفلا ولو بالقصد بعد الانصراف ، خصوصا عن الثانية وذلك ليس ببعيد لما مر في الاخبار ، من جعل العصر الظهر بعد الفراغ ، معللا بأنه أربع مكان اربع (٢) وأظن كون الخبر بذلك صحيحا ومتعددا فتذكر.

ولكن الأصحاب دققوا في النيات ، فقالوا : ينقل أولا ثم يتمم ، ويستأنف ، حتى قيل : انما وجب العدول الى النفل ، حذرا من ابطال العمل الواجب ، فإنه منهي عنه ، وفيه تأمل.

وكذا في قول الشارح : واعلم انه متى عدل إلى النافلة ، جاز له القطع وان لم يخف فوات أول الصلاة ، لأن قطع النافلة جائز ، لكن يكره مع عدم خوف الفوات.

فإنه يدل على جواز قطع النافلة وان لم يقصد الجماعة ، وهو مشكل ، إذ يؤل الى قطع الفريضة مع عدم إدراك الجماعة الذي هو السبب.

ولا يبعد عدم بطلان الفريضة بمجرد ذلك ، بل مع القطع ، ولهذا يقولون لا يجوز قطعها ويجوز نية النفل حذرا عن القطع ، فلو رجع حينئذ إلى الوجوب أمكن القول بإتمامها فريضة ، لأنها على ما افتتحت (٣) ولما مر من انها على ما

__________________

(١) حيث قال : واستقرب المصنف في التذكرة والنهاية ، الاستمرار ، اقتصارا في قطع الفريضة ، أو ما هو في حكم القطع ، على مورد النص.

(٢) الوسائل باب (٦٣) من أبواب المواقيت ، حديث : ١ ومحل الشاهد فيه قوله عليه السلام : (فإنما هي أربع مكان اربع)

(٣) رواه في عوالي اللئالى. وبمضمونه ما رواه في الوسائل ، كتاب الصلاة باب (٢) من أبواب النية حديث : ٢ ولفظ الحديث (عن معاوية قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل قام في الصلاة المكتوبة فسها فظن أنها نافلة ، أو قام في النافلة فظن أنها مكتوبة؟ قال : هي على ما افتتح الصلاة عليه)

٣٣٢

ولو كان إمام الأصل قطع الفريضة ودخل.

______________________________________________________

أقيمت (١) فلو غيرها بالندب. وفعل بعض الافعال على ذلك نسيانا ، لا يضر ، فهنا لو لم يكن فعل شيئا على قصد الندب ، بل معه أيضا ـ يمكن ذلك : ولو قلنا ان الجعل بعد الانصراف ، يسقط هذا البحث.

وان الرواية الثانية مضمرة ، ولكن الظاهر انها عن الامام عليه السلام.

وفيها دلالة على الوسعة في التقية ، وعدم النقل في الصلاة التي لا يقتدى فيها ، وبيان التشهد ، وانه لا بد من لفظة (وحده ، لا شريك له) و (عبده ورسوله) ولعله يكفى عن قول ، اللهم صلى على محمد وال محمد ـ صلى الله عليه وآله : أو يكون هذا الدعاء المتعارف ويكون المراد إلخ.

وان الامام لا بد ان يكون عدلا ، وان التقية من غير العدل تجوز ، وان كان إماميا ، وان غيره لم يكن عدلا ، فتأمل.

قوله : «ولو كان إلخ» نقل هذا في المنتهى عن الشيخ ، واستقرب التسوية بينه وبين غيره ، لقوله (وَلا تُبْطِلُوا) (٢)) وللحديثين السابقين (٣) من الدلالة على عدم القطع بل الإتمام ركعتين ، ولكونها على ما افتتحت (٤) مع عدم دليل فارغ : ومجرد كونه إمام الأصل وأفضليته الصلاة معه ، ليس بدليل جواز قطعها.

والجواز في غيرها لدليل خاص ـ مثل العدول الى النفل ، وان كان في قوة القطع ، بل قطعا ـ لا يدل على الجواز مع امام العصر : ومثل القطع لترك الأذان وترك سورة الجمعة والمنافقين ، إذ ليست العلة ، هي الفضيلة ، بل انما جوز للنص ، فالظاهر مع المصنف في المنتهى والمختلف ، فقول الشارح ـ وساوى المصنف في المختلف بين إمام الأصل وغيره ، في عدم جواز القطع ، واستحباب العدول الى النفل ، لعموم قوله تعالى (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) (٥)) و

__________________

(١) الوسائل باب (٢) من أبواب النية حديث : ١ و ٣ ولكن في الحديثين (هي التي قمت فيها وأنت في الفريضة على الذي قمت له)

(٢ ـ ٥) سورة محمد : ٣٣

(٣) الوسائل باب (٥٦) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١ و ٢

(٤) تقدم ما يدل على ذلك أنفا ، فراجع

٣٣٣

ولو أدرك الإمام بعد رفعه من الركوع الأخير ، كبر وتابعه ، فإذا سلم الإمام استأنف التكبير : ولو أدركه بعد رفعه من السجدة الأخيرة ، كبر وتابعه ،

______________________________________________________

يضعف : بان العدول الى النفل ، وان كان في الظاهر ليس إبطالا ، بل عدول من فرض الى تطوع ، لكنه في قوة القطع ومستلزم له ، لجواز قطع النافلة وبان الفريضة تقطع لما هو دون ذلك ، بل لو قيل : بجواز القطع مع غير إمام الأصل عند خوف الفوات ، للمساواة في العلة كان حسنا ، وهو ظاهر المبسوط وقواه في الذكرى ، انتهى ـ محل التأمل لما مر ، ولمنع المساواة ، مع منع الأصل والعلة ، فتأمل ، فإن الخروج عن الظاهر والأصل ، وعن ظاهر قوله (ولا تبطلوا) ، مع الإجماع والخبر على التحريم ، أيضا مشكل.

قوله : «ولو أدرك الإمام إلخ» لعل التكبير والدخول معه بعد الرفع عن الركوع الأخير ، لإدراك فضيلة الجماعة ، وصدقها في الجملة ، كأنه لا خلاف فيه.

ورواية معلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا سبقك الإمام بركعة ، فأدركته ، وقد رفع رأسه فاسجد معه ولا تعتد بها (١) وهذه دليل عدم الاعتداد بها أيضا.

واما الاستيناف : فالظاهر انه للاحتياط ، وعدم دليل دال على عدمه ، وان كان الظاهر ـ من صدق الجماعة ، وحصول ثوابها ـ عدم الاستيناف ، وكذا رواية معلى ظاهرة في العدم ، حيث ما أوجبت الاستيناف ، وقال : (ولا تعتد بها) فالظاهر منها البقاء على حالها ، لا انها يحتمله وعدمه كما يظهر من الشرح ، وكون الزيادة هنا مبطلة ، غير ظاهر ، فإنها مأمور بها ، فتأمل.

والظاهر عدم الفرق بين الأخيرة وغيرها ، الا انها خصت بالذكر للتمثيل ، ولا ظهرية الاستئناف حينئذ.

والظاهر انه كذلك إذا أدركه ما بين السجدتين ، وهذا أقرب الى عدم الاستيناف ، لعدم (بغير خ) زيادة الركن.

__________________

(١) الوسائل باب (٤٩) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢

٣٣٤

فإذا سلم الإمام أتم.

______________________________________________________

واما انه إذا أدركه بعدهما ، نوى ودخل معه وتابعه إلا في السلام ، وقام بعده ، ويتمم ما بقي عليه ، فدليله صحيحة محمد بن مسلم : قال : قلت له ، متى يكون يدرك الصلاة مع الامام؟ قال إذا أدرك الامام وهو في السجدة الأخيرة من صلاته ، فهو مدرك لفضل الصلاة مع الامام (١) كذا استدل المصنف في المنتهى.

ولعل ايتمامه (إتمامه خ) باعتبار انه إذا نوى وكبر وهو يرفع الإمام رأسه عنها ، فإنما يدركه بعد الرفع عنها.

ويدل عليه ، وعلى الإدراك مع المتابعة بعد الرفع ، ما في رواية عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إذا وجدت الامام ساجدا فاثبت مكانك حتى يرفع رأسه ، وان كان قاعدا قعدت ، وان كان قائما قمت (٢) فيه ابان بن عثمان ولا يضر. (٣)

ورواية عمار الساباطي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يدرك الامام وهو قاعد يتشهد وليس خلفه الا رجل واحد عن يمينه؟ قال : لا يتقدم الامام ، ولا يتأخر الرجل ، ولكن يقعد الذي يدخل معه خلف الإمام ، فإذا سلم الامام قال الرجل فأتم صلاته (٤)

ورواية عمار أيضا قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أدرك الامام وهو جالس بعد الركعتين؟ قال يفتتح الصلاة ولا يقعد مع الامام حتى يقوم (٥) كأنه يريد نفى الوجوب أو الاستحباب.

ودليل استحباب المتابعة ظاهر مما تقدم ، من انها من لوازم الإمامة وما تقدم

__________________

(١) الوسائل باب (٤٩) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١

(٢) الوسائل باب (٤٩) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٥

(٣) سند الحديث كما في التهذيب (محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد ، عن على بن الحكم ، عن ابان بن عثمان ، عن عبد الرحمن)

(٤) الوسائل باب (٤٩) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣

(٥) الوسائل باب (٤٩) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤

٣٣٥

ويجوز الانفراد مع نيته ، والتسليم قبل الامام.

______________________________________________________

من المتابعة في التشهد بالخصوص ، وعدم التسليم أيضا قد مر ، لانه مخرج ومبطل ، مع انه في صلاته.

وعدم الاستيناف أيضا ظاهر لعدم الزيادة ركنا ، وصدق النية وانعقادها صحيحة.

قال في الشرح : ويدرك فضيلة الجماعة في جميع هذا المواضع ، للأمر به في النصوص والفتوى ، وليس إلا لإدراك الفضيلة ، ولو استمر واقفا الى فراغ الامام ثم شرع في القراءة صح أيضا ، بل هو مروي ، وان كان الأول أفضل ، وكذا القول لو لم تكن السجدة اخيرة ، فيجلس ويكمل معه باقي الركعات ، أو يقف حتى يلحقه الامام ، والحاصل : ان المأموم يدخل مع الإمام في سائر الأحوال ، فإن كان في الركوع أو قبله فقد تقدم حكمه ، وان كان بعده فقد عرفته ولو كبر والامام راكع فركع رجاء لإدراكه راكعا ، فسبقه ، كان كما لو أدركه بعد الركوع فيسجد معه ويستأنف ، وليس له قطع الصلاة قبل ذلك (١)

والظاهر مما سبق ان له حينئذ أيضا الوقوف حتى يفرغ الامام ويكمل ، وان عدم جواز القطع غير ظاهر ، لانه يفعل ما لا يسمى صلاة ويقطع ، ففي الحقيقة ليس في صلاة ، بناء على كلامه من وجوب الاستيناف فتأمل.

قوله : «ويجوز الانفراد مع نيته إلخ» قال في المنتهى : لو أحرم مؤتما ثم نوى المفارقة ، فإن كان لعذر جاز ذلك إجماعا ، لما ثبت ان النبي صلى الله عليه وآله صلى يوم ذات الرقاع بطائفة ركعة ثم خرجت من صلاته وأتمت لنفسها (٢) وان كان لغير عذر جاز عندنا ، ونقل الخلاف حينئذ عن العامة.

فظاهره جواز الانفراد في الأول بإجماع الأمة ، والثاني بإجماعنا ، ونقل الشارح

__________________

(١) الى هنا كلام الشارح

(٢) صحيح مسلم (٥٧) باب صلاة الخوف حديث : ٣١٠ وفي الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الخوف والمطاردة حديث : ١

٣٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

عن المصنف في النهاية ، الاتفاق على الجواز مع نية ، وانه حكى عن الشيخ في المبسوط عدم الجواز الا لعذر وبطلان الصلاة به.

ويدل على الجواز ، ما مر من الأصل.

وكون الجماعة مستحبة ، لأن الكلام في الجماعة المستحبة ، لظهور التحريم في الواجبة ، وعدم الصحة بدونها.

وان المستحبات لا تجب بالشروع الا الحج.

وانها ليست بواجبة في الجميع فكذا في البعض.

ولعل حجة الشيخ (لا تبطلوا) (وانها على ما افتتحت عليه) ، والجواب انها محمولة على الواجبة وقد مر ، وانها على ما افتتحت ، لأنها افتتحت على انها مندوبة ، فبقيت على حالها ، ولا ينبغي ترك الاحتياط.

وان (كان خ) المشهور مع دعوى الإجماع ، جواز الانفراد في جميع أحوالها : الظاهر ان مرادهم ، نية الانفراد كما صرح البعض ، وفيه تأمل مر.

فعلى تقدير الانفراد : لو انفرد في أثناء القراءة ، أو بعدها ، فالظاهر انه يبنى على قراءة الامام ، ويكمل ما يسمى قرآنا ، لسقوط القراءة عن المأموم كلا وبعضا ، وقد صدق أنه مأموم ، وبعض الأصحاب أوجب استئناف القراءة.

فالأحوط عدم الخروج ، ومعه ، الظاهر ، ان القراءة تكون أحوط ، فافهم.

وأيضا : الظاهر جواز التسليم قبل الامام بغير نية وعذر ، خصوصا على القول بعدم وجوب السلام وعدم وجوب المتابعة في الأقوال ، لصحيحة أبي المعزى (الثقة) عن الصادق عليه السلام في الرجل يصلى خلف امام فسلم (فيسلم خ) قبل الامام؟ قال : ليس بذلك بأس (١) ويمكن استفادة الجواز قبل فراغه من التشهد أيضا ، لصدق التسليم قبل الامام ، بل في المطلق على بعد.

__________________

(١) الوسائل باب (٦٤) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤

٣٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وظاهرها عدم الاحتياج الى العذر ، ولا إلى النية ، وكذا قول الأصحاب ، والا كانت داخلة في الأولى ، فتأمل ، وبالجملة ، الظاهر عدمهما ، خصوصا مع القول بالاستحباب ، وعدم وجوب المتابعة في الأذكار ، فإن الظاهر حينئذ انه يجوز له الانفراد ، وان احتمل عندهم ، تحريم الخروج عن الصلاة بالسلام (١) وان جوزوا التقديم في الذكر.

ويدل على العدم ، الأصل ، وعدم إيجاب الاسماع عليه ، فتأمل ، ولا ينافي جواز السلام بلا عذر صحيحة على بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام في الرجل يكون خلف الامام فيطول الامام بالتشهد فيأخذ الرجل البول ، أو يتخوف على شي‌ء يفوت ، أو يعرض له وجع كيف يصنع؟ قال : يتشهد هو وينصرف ويدع الامام (٢) وزاد في الفقيه بعد جملة (ويدع الامام) وعلى الامام ان لا يقوم من مصلاه حتى يتم من خلفه الصلاة ، فإن قام فلا شي‌ء عليه (٣)

لان القيد في كلام السائل دون كلامه عليه السلام ، ولو كان المفهوم حجة فليس بحجة هنا ، فتأمل.

ويدل على الجواز أيضا مطلقا صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن الرجل يكون خلف الامام فيطيل الامام التشهد؟ قال : يسلم من خلفه ويمضى لحاجته ان أحب (٤)

واعلم انه ينبغي للإمام ان لا يصلى ركعتين بعد الانصراف ، حتى ينحرف عن مقامه ذلك ، لصحيحة سليمان بن خالد ، قال ، قال أبو عبد الله عليه السلام : الإمام إذا انصرف فلا يصلى في مقامه ركعتين حتى ينحرف عن مقامه ذلك (٥) وهذه رواها

__________________

(١) اى قبل تسليم الإمام

(٢) الوسائل باب (٦٤) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢

(٣) الفقيه باب آداب صلاة الجماعة ص ١٣٢

(٤) الوسائل باب (٦٤) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣

(٥) جامع احاديث الشيعة باب (٧٣) في صلاة الجماعة حديث : ٢ وأورده في التهذيب ص ٢٢٧

٣٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الشيخ عن هشام بن سالم بواسطة سليمان بن خالد عنه عليه السلام في باب كيفية الصلاة ورواه عنه عن الامام عليه السلام بغير واسطة في آخر باب زيادات الجماعة.

ولعله للاستحباب ، لعدم القائل بالوجوب ، والقول في سليمان ، وعدم صحة التي ليس فيها.

ولعله المراد النافلة ، لظاهر الركعتين فيها ، ويحتمل العموم حتى في الواحدة والثلاث والأربع واجبة كانت أو لا ، ويكون الركعتين للتمثيل والكثرة ، ويؤيده ما في رواية هشام عنه عليه السلام فلا يصلى في مقامه حتى ينحرف. (١)

وأيضا ان استحباب عدم انحرافه عن مكانه حتى يتمم من خلفه ، عام ، مسبوقا كان أم لا ، لصحيحة إسماعيل بن عبد الخالق قال سمعته يقول : لا ينبغي للإمام ان يقوم إذا صلى حتى يقضى كل من خلفه ما فاته من الصلاة (٢)

ويدل على الاستحباب لفظة (ينبغي) الظاهرة في الاستحباب مع الشهرة ، وما في صحيحة على بن جعفر المتقدمة ، ورواية سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلى بقوم ، فيدخل قوم في صلاته بعد (بقدر خ ل) ما صلى ركعة أو أكثر من ذلك ، فإذا فرغ من صلاته وسلم ، أيجوز له وهو إمام أن يقوم من موضعه قبل ان يفرغ من دخل في صلاته؟ قال : نعم (٣) فهذه ظاهرة في ان المسئلة أعم.

وأيضا ينبغي له الجهر ولمأمومه الإخفات ، لصحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ينبغي للإمام ان يسمع من خلفه كلما يقول ، ولا ينبغي لمن خلفه

__________________

(١) جامع احاديث الشيعة باب (٧٣) في صلاة الجماعة حديث : ١ وأورده في التهذيب في أمر باب زيادات الجماعة ص ٣٣٣

(٢) الوسائل باب (٥١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١

(٣) الوسائل باب (٢) من أبواب التعقيب حديث : ٧ والحديث مروي عن عمار كما في الوسائل والتهذيب فلاحظ ولعل لفظ (سماعة) من أغلاط النساخ.

٣٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ان يسمعه شيئا مما يقول (١) وهي ظاهرة في الاستحباب ، مع الأصل ، وعدم القول بالوجوب.

ويدل على الاستحباب غيرها أيضا ، مثل صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ينبغي للإمام ان يسمع من خلفه التشهد ، ولا يسمعونه هم شيئا (٢) والظاهر ان تخصيص التشهد للاهتمام ، وانه لا وجوب هنا : لصحيحة على بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن الرجل هل يصلح له ان يجهر بالتشهد ، والقول في الركوع والسجود والقنوت؟ فقال : ان شاء جهر وان شاء لم يجهر (٣)

قال المصنف في المنتهى ، ويستحب له ، أي للإمام ، إذا فرغ من صلاته ان يرفع يديه جميعا فوق رأسه تبركا ، ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان بن مهران الجمال ، قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام إذا صلى وفرغ من صلاته رفع يديه جميعا فوق رأسه (٤) وظاهر كلامه تخصيص الاستحباب بالإمام ، وظاهر التأسي يفيد العموم ، وان كان الامام عليه السلام فعل حال إمامته ، مع انه غير ظاهر من الرواية ، وكان دلالة الرواية على الاستحباب ، باعتبار افادتها الدوام ، وانه لا يفعل مثل هذا الفعل في هذا المقام الا على طريق الاستحباب ، فتأمل.

وأيضا يستحب له ان ينصرف عن يمينه للرواية (٥) والتبرك في التيامن ، وأظن التعميم في الرواية. وكذا لعن الاعداء بعدها عام ، خصوصا بنى أمية ، والثمانية

__________________

(١) الوسائل باب (٥٢) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣

(٢) الوسائل باب (٥٢) من أبواب صلاة الجماعة قطعة حديث : ١

(٣) الوسائل باب (٢٠) من أبواب القنوت حديث : ١

(٤) الوسائل باب (١٤) من أبواب التعقيب حديث : ١

(٥) الوسائل باب (٣٨) من أبواب التعقيب حديث : ١ ـ ٢ ـ ٣ ففيه (إذا انصرفت من الصلاة فانصرف عن يمينك وفي أخر : إذا انفتلت من الصلاة فانفتل عن يمينك)

٣٤٠