مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٣

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٣

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

ويحتمل السقوط في الجملة عن المعذورين ومرجوي الثواب لهم (١) واما المستبصرون منهم فلا شك في سقوط القضاء عنهم على ما مر.

ويحتمل حينئذ القبول عند الله فيكون عبادتهم موقوفة ، وتكون حينئذ مقبولة لحصول الشرط الذي هو الإيمان الحقيقي ، كما ان في بعض الاخبار ما يدل على انه إذا قبل الايمان قبل الاعمال (٢) وان الصلاة إذا قبلت قبل سائر الأعمال (٣)

فليس ببعيد توقف قبول عبادة عند الله على شرط إذا حصل ذلك قبلت ، والا فلا.

فنقول حينئذ بأن عبادتهم بعد الاستبصار مسقطة للقضاء ، وصحيحة ومقبولة عند الله ، كعبادة المؤمن كما هو ظاهر الاخبار ولا محذور في ذلك ، وان وجد سي‌ء ينافيه ، يأول : وهذا أدل إلى الترغيب الى الايمان ، وأنسب إلى سقوط القضاء بالفعل ، وعدمه بعدمه ، من غير الهدم كما في الكفار ، فإنه يبعد ان يكون مسقطا للقضاء مع عدم الهدم ، بمعنى عدم وجوب القضاء ، وسقوط الواجب عنه بالفعل ، مع عدم حصول الثواب الذي هو داخل في مفهوم الواجب ، ولا يكون للفعل دخلا واعتبارا عند الله ، مع الاسقاط به ، وثبوت الفرق بينه وبين العدم.

فاندفع المنافاة أيضا بين كلام الرسالة ، وكلام الذكرى ، الدال على الصحة في الجملة.

فتأمل بعد هذا في كلام الشهيدين في هذا المقام ، سيما الشهيد الثاني ، مثل قوله : بل الحق انها فاسدة ، إلى قوله : وشرط دخول الجنة عندنا الايمان إجماعا ، وقوله : واستشكل بعض الأصحاب ، إلى قوله : يندفع بالنص الدال على السقوط ، و

__________________

(١) حاصل كلامه قدس سره. انه قد جعل المسلم الغير المؤمن طائفتين ، الاولى من لا يقبل عذره ، فجعلهم بمنزلة الكافر ، والثانية من يقبل عذره ، وهو الجاهل المحض الغافل ، فالمراد بقوله : (عن هذه الطائفة) الاولى ، وبقوله : (عن المعذورين ومرجوي الثواب) الطائفة الثانية.

(٢) الوسائل باب (٢٩) من أبواب مقدمات العبادات ، فراجع

(٣) الوسائل باب (٨) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث : ١٠

٢٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

قوله : بقي في المسئلة بحث أخر (١).

اما عدم القضاء على عادم المطهر : فنقل الشارح عن المصنف في المختلف ، انه قال : فلعدم وجوب الأداء ، وتوقف وجوب القضاء على أمر جديد ، ولم يثبت ، ثم قال : هكذا استدل عليه المصنف في المختلف ، ومنع الأول ظاهر لان القضاء لا يتوقف على وجوب الأداء ، ولا ملازمة بين قضاء العبادة وأدائها وجودا ولا عدما ، وانما يتبع سبب الوجوب وهو حاصل هنا ، والأمر الجديد حاصل ، وهو قوله صلى الله عليه وآله ، من فاتته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته إلخ

الظاهر ان مراده (٢) ان ليس هنا الأداء أيضا واجبا حتى يكتفى في القضاء به كما هو مذهب بعض الأصوليين ، وانه إذا لم يكن الأداء واجبا فلا بد من أمر جديد للقضاء اتفاقا ، وانه حينئذ موقوف عليه إجماعا ، وليس هنا أمر جديد ، الا ان القضاء تابع للأداء عنده ، كيف وقد حقق عدم التابعية في الأصول ، وقوله : وتوقف القضاء على أمر جديد صريح في ذلك ، فلا يتوهم ذلك له.

على ان دابة رحمه الله في الاستدلال ، ذكر ما يمكن ان يقال : ولو كان غير معتقد له ، اما إلزاما للخصم ، أو غير ذلك. وذلك كثير في تصانيفه خصوصا في المنتهى : فإنه كثيرا ما ، يستدل فيه ، بما لم يعتقده من القياس وغيره لما ذكرنا ، فلا ينبغي الاعتراض على مثله بمثله (٣) فان مثله لا يخفى عليه : مع (من خ ل) التصريح فيما بعده بلا فصل بقوله (وانما يتبع سبب الوجوب الى آخره) إذ يريدون بالسبب في عباراتهم في هذا المقام ، مثل دلوك الشمس للظهر.

وظاهر ان القضاء ليس بتابع له أيضا ، إذ قد لا يجب مع وجود ذلك لعلهم يريدون توقفه عليه لا وجوبه به ، وهو متعارف عندهم.

__________________

(١) راجع روض الجنان (ص) (٣٥٦) و (٣٥٧)

(٢) اى مراد العلامة قدس سره المختلف.

(٣) حق العبارة ان يقال : فلا ينبغي الاعتراض على مثله بما لا يخفى عليه من التصريح إلخ.

٢٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

واما وجود الأمر الجديد ، فالخبر لو صح ، لا بأس به ، مؤيدا ببعض الأخبار المتقدمة وغيرها ، وفي دلالة خبر الباقر عليه السلام (١) تأمل ما.

ولكن الظاهر انها غير بعيدة مع التأييد بغيره.

وفي باقي ابحاثه تأمل ، ولا يحتاج الى الذكر (٢) خصوصا في قوله : (قلنا لا نسلم

__________________

(١) إشارة الى ما استدل به الشارح بما رواه زرارة عن الباقر عليه السلام ، قال : إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أخرى ، فإن كنت تعلم انك إذا صليت التي فاتتك كنت من الأخرى في وقت ، فابدأ بالتي فاتتك ، فان الله عز وجل يقول. الحديث) الوسائل باب (٦٢) من أبواب المواقيت ، حديث : ٢

(٢) ينبغي نقل عبارات الشهيد قدس سره في روض الجنان مع طولها لشدة ارتباط ما أورده المحقق الأردبيلي قدس سره بما ذكره في هذا المقام.

فقال في ص ٣٥٦ و ٣٥٧ ما هذا لفظه.

ولا يلحق به (اى بالكافر الأصلي) الفرق الكافرة من المسلمين كالخوارج والنواصب ، بل حكمهم حكم غيرهم في انهم إذا استبصروا لا يجب عليهم اعادة ما صلوه صحيحا ، ويجب قضاء ما تركوه أو فعلوه فاسدا ، الى ان قال :

واعلم ان هذا الحكم لا يقتضي صحة عبادة المخالف في نفسها بل الحق انها فاسدة وان جمعت الشرائط المعتبرة فيها غير الايمان.

وان الايمان شرط في صحة الصلاة كما ان الإسلام شرط فيها إذ لو كانت صحيحة لاستحق عليها الثواب وهو لا يحصل إلا في الآخرة بالجنة وشرط دخولها عندنا الايمان إجماعا ولان جل المخالفين أو كلهم لا يصلون بجميع الشرائط المعتبرة عندنا وقد وقع الاتفاق ودلت النصوص على بطلان الصلاة بالإخلال بشرط أو فعل مناف ، من غير تقييد.

وما ذكروه هنا من عدم وجوب الإعادة عليه لو استبصر لا يدل على صحة عبادته في نفسها بل انما دل على عدم وجوب اعادتها ، واحدهما غير الأخر وحينئذ فعدم الإعادة تفضل من الله تعالى وإسقاط لما هو واجب ، استتباعا للايمان الطاري. كما أسقط عن الكافر ذلك بإسلامه فإذا مات المخالف على خلافه عذب عليها كما يعذب الكافر.

فان قيل الكافر يسقط عنه قضاء العبادة وان كان قد تركها ، وهنا انما يسقط عنه اعادة ما فعله صحيحا دون ما تركه بل يجب عليه قضاءه إجماعا وذلك يقتضي الصحة قلنا هذا أيضا لا يدل على الصحة بل انما دل على عدم المساواة بينهما في الحكم شرعا ، فلا يدل على مطلوبهم.

ولعل الموجب للفرق بينهما بذلك ان الكافر لا يعتقد وجوب الصلاة فليس عنده في تركها جرأة على الله تعالى فأسقط ذلك الإسلام ، بخلاف المسلم المخالف فإنه يعتقد وجوبها والعقاب على تركها ، فإذا فعلها على الوجه المعتبر

٢٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

أولا اشتراط سبق النسيان حالة الفوات في تحقق الذكر ، بل يمكن فرضه وان

__________________

عنده كان ذلك منه كترك الكافر ، بخلاف ما لو تركها ، فإنه قادم على الجرأة والمعصية لله تعالى على كل حال ، فلا يسقط عنه القضاء.

مع دخوله في عموم من فاته فريضة فليقضها كما فاتته.

ويؤيد ذلك حكمهم بعدم اعادة ما صلاة صحيحا بحسب معتقده وان كان فاسدا عندنا واستشكلهم في عدم اعادة ما فعله صحيحا عندنا مع فساده عنده ولو كان السبب هو الصحة كان الجزم بهذا الفرد اولى من عكسه.

ومما يدل على ان عبادته ليست صحيحة وانما لحقت الايمان تبعا ما رواه على بن إسماعيل الميثمي عن محمد بن حكيم قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه كوفيان كانا زيديين فقالا جعلنا لك الفداء كنا نقول بقول وان الله من علينا بولايتك فهل يقبل شي‌ء من أعمالنا؟ فقال : اما الصلاة والصوم والحج والصدقة فإن الله يتبعكما ذلك فيلحق بكما ، واما الزكاة فلا لأنكما انفدتما (أبعدتما خ) حق امرء مسلم وأعطيتماه غيره.

فجعل عليه السلام لحوق هذه العبادة لهما بعد الايمان ، على وجه الاستتباع للايمان فإذا لم يوجد المتبوع زال التابع.

مع ان الاخبار متظافرة بعدم صحة إعمال من لم يكن من أهل الولاية من جملتها ما رواه الصدوق بإسناده الى على بن الحسين لو ان رجلا عمر ما عمر نوح في قومه ألف سنة الا خمسين عاما يصوم النهار ويقوم الليل بين الركن والمقام ثم لقي الله عز وجل بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئا.

وقد أفردنا لتحقيق هذه المسئلة رسالة مفردة من أرادها وقف عليها.

وقد أشكل بعض الأصحاب في سقوط القضاء عمن صلى منهم أو صام لاختلال الشرائط والأركان فكيف تجزى عن العبادة الصحيحة.

وهذا الاشكال مندفع بالنص الدال على السقوط وانما لم يعذروا في الزكاة لأنها دين دفعه المدين الى غير مالكه كما أشار إليه في الخبر.

وليست العلة هدم الايمان ما قبله كهدم الإسلام لأنه لو كان كذلك لم يفترق الحال بين ما فعلوه وما تركوه ولا بين الزكاة وغيرها كالكافر.

ولان الكافر يجب عليه الحج إذا استطاع دون المخالف.

وفي خبر سليمان بن خالد ما يوهم الهدم لانه قال للصادق عليه السلام انى منذ عرفت هذا الأمر أصلي في كل يوم صلوتين اقضى ما فاتنى قبل معرفتي فقال عليه السلام لا تفعل فان الحال التي كنت عليها أعظم من ترك ما تركت من الصلاة.

والإجماع واقع على عدم العمل بظاهره فان ما تركه المخالف يجب عليه قضاؤه إنما الكلام فيما يفعله وقد أوّله الأصحاب بأن سليمن بن خالد كان يقضى صلاته التي صلاها فاسماها فائتة باعتبار إخلاله فيها بما أحل به من الشرائط والأركان وهذا الحديث يؤيد ما قلناه من ان الصلاة فاسدة ولكن لا يجب قضاؤها مع ان في

٢٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

استمر العلم). فإنه بعيد ، وهو ظاهر.

__________________

سند الحديث ضعفا فلا يصلح دليلا على الهدم.

بقي في المسئلة بحث آخر

وهو أن الأصحاب صرحوا هنا بان المخالف انما يسقط عنه قضاء ما صلاة صحيحا عنده كما قد بينا وتوقف جماعة منهم فيما صح عندنا خاصة وفي باب الحج عكسوا الحال فشرطوا في عدم اعادة الحج ان لا يخلّ بركن عندنا لا عندهم. وممن صرح بالقيدين المتخالفين الشهيد رحمه الله وأطلق جماعة منهم عدم اعادة ما صلوه وفعلوه من الحج وكذلك النصوص مطلقة وانما حصل الاختلاف في فتوى جماعة المتأخرين والفرق غير واضح.

واما سقوط القضاء عن عادم المطهر ، فلعدم وجوب الأداء وتوقف وجوب القضاء على أمر جديد ولم يثبت هكذا استدل عليه المصنف في المخ.

ومنع الأول ظاهر لان القضاء لا يتوقف على وجوب الأداء ولا ملازمة بين قضاء العبادة وأدائها وجودا ولا عدما وانما يتبع سبب الوجوب وهو حاصل هنا والأمر الجديد حاصل وهو قوله صلى الله عليه وآله من فاتته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته ولا يشترط في تسميتها فريضة تعيين المفروض عليه بل هي فريضة في الجملة ومن ثم لم ينسبها الى مفروض عليه في الخبر.

ويدل عليه أيضا قول الباقر عليه السلام في خبر زرارة إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أخرى فإن كنت تعلم انك إذا صليت الفائتة كنت من الأخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك الحديث ودلالته أوضح من حيث انه لم يسمها فريضة بل علق الحكم على الصلاة ، خرج من ذلك ما اجمع على عدم قضائه فيبقى الباقي.

فإن قيل قوله : (فذكرتها) يدل على ان الخبر مخصوص بالناسي أو به وبالنائم لأن فاقد الطهور ذاكر للفريضة قبل دخول وقت الأخرى فيكون هذا الخبر مثل قوله صلى الله عليه وآله من نام عن صلاة أو نسيها ، ولا نزاع فيه.

قلنا لا نسلم أولا اشتراط سبق النسيان حالة الفوات في تحقق الذكر بل يمكن فرضه وان استمر العلم.

سلمنا لكن يتناول ما لو ذهل فاقد الطهور عن الصلاة بعد وجود المطهر وذكرها في وقت اخرى وجب عليه ح قضاؤها للأمر به في الحديث ومتى ثبت هذا الفرد ثبت غيره لعدم القائل بالفرق.

سلمنا لكن الخبر يتناول الناسي والنائم وغيرهما فيعود الذكر الى من يمكن تعلقه به وذلك لا يوجب التخصيص به ويؤيد ذلك ما رواه زرارة أيضا عن الباقر عليه السلام فيمن صلى بغير طهور أو نسي صلوات أو نام قال يصليها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها ليلا أو نهارا ، فذكر فيه الناسي والذاكر ثم علق الأمر بالقضاء على الذكر ، ويدل عليه أيضا ما رواه زرارة عن الباقر عليه السلام إذا نسي الرجل صلاة أو صلاها بغير طهور وهو مقيم أو مسافر فذكرها فليقض الذي وجب عليه لا يزيد على ذلك ولا ينقص الحديث ووجه الدلالة قوله عليه السلام صلاها بغير طهور فإنه يشمل بإطلاقه القادر على تحصيل الطهور والعاجز عنه ومتى وجب القضاء على تارك الطهور مع كونه قد صلى فوجوبه عليه لو لم يصل بطريق اولى وقد تقدم البحث عن هذه المسئلة في باب التيمم وهذا القدر متمم لما هناك وقد ظهر منهما ان وجوب القضاء هنا أرجح.

٢٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وقوله : «سلمنا ، لكن يتناول ما لو ذهل فاقد الطهور عن الصلاة بعد وجود المطهر وذكرها في وقت اخرى ، فيجب عليه حينئذ قضائها ، للأمر به في الحديث (١) ومتى ثبت هذا الفرد ثبت غيره ، لعدم القائل بالفرق» :

لانه معلوم ان مقصود السائل ان الخبر يدل على ان المراد ان سبب الفوت هو النسيان كما هو الظاهر من الخبر ، ومعلوم ان الخبر لا يدل على كل من نسي صلاة وذكرها وان لم يكن فاتته ، أو يكون فائتة بغير سبب النسيان أيضا ، فإن النسيان ليس سببا للقضاء مع عدم الفوت ، وهو ظاهر ، وان لم يكن ظاهرا فقد منعه من قبل.

وكذا قوله : (سلمنا ، لكن الخبر يتناول الناسي والنائم وغيرهما ، فيعود الذكر الى من يمكن تعلقه به وذلك لا يوجب التخصيص به).

لأنا نقول : ليس الخبر الا فيمن يمكن فيه الذكر على الظاهر ، مع انه لا ينبغي له قول : (لا نسلم ـ وسلمنا) لانه مستدل والمعترض مانع على الظاهر.

وأبعد من ذلك كله استدلاله بقوله عليه السلام من نسي أو صلى بغير طهور إلخ (٢) قال (ووجه الدلالة قوله عليه السلام : صلاها بغير طهور ، فإنه يشمل بإطلاقه القادر على تحصيل الطهور ، والعاجز عنه ، ومنى وجب القضاء على تارك الطهور مع كونه قد صلى فوجوبه عليه لو لم يصل بطريق أولى).

لأن الظاهر من الخبر ان لا يكون المطهر معدوما على ما هو المتبادر من أمثاله. وان المكلف قصر وصلى بغير طهارة عمدا ، أو سهى ذلك وان يكون سبب البطلان من المصلى حيث صلاها بغير طهور ، وان ليس له سبب إلا الصلاة بغير طهور ، ومعلوم انه ليس كذلك في صورة عدم المطهر ، وان لا صلاة هنا صلى أو لم يصل ، وانما سبب الفوت ، عدم المطهر ، لا الصلاة بغير طهارة وان صلى.

__________________

(١) يعنى خبر زرارة الذي تقدم آنفا.

(٢) الوسائل باب (٦) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٤

٢٢٦

ويقضى في السفر ما فات في الحضر تماما ، وفي الحضر ما فات في قصرا.

______________________________________________________

نعم القول بالقضاء غير بعيد لجميع ما مر وانه أحوط ، وان كان الأصل يقتضي عدم الوجوب ، إلا أنا نفهم من ظاهر هذه الاخبار ـ الواردة في المبالغة في الصلاة أداء وقضاء في الجملة ـ كمال اهتمام الشارع بفعلها متى أمكن ، أداء والا فقضاء ، مؤيدا بظاهر خبر الباقر عليه السلام (فابدء بالتي فاتتك) وغير ذلك ، فتأمل ، ولا تترك الاحتياط.

قوله : «ويقضى في السفر ما فات في الحضر إلخ» دليله الإجماع المفهوم من المنتهى ، مع الاخبار من طرقهم مثل ما مر (فليقضها كما فاتته).

ومن طرقنا ما رواه زرارة في الحسن ، قال : قلت له رجل فاتته صلاة من صلاة السفر ، فذكرها في الحضر؟ قال : يقضى ما فاته كما فاته ، ان كان صلاة السفر أداها في الحضر مثلها وان كان صلاة الحضر فليقض في السفر صلاة الحضر كما فاتته (١) وما رواه أيضا في الموثق عن أبي جعفر عليه السلام إذا نسي الرجل صلاة ، أو صلاها بغير طهور ، وهو مقيم أو مسافر فذكرها فليقض الذي وجب عليه لا يزيد على ذلك ولا ينقص منه ، من نسي أربعا فليقض أربعا حين يذكرها مسافرا كان أو مقيما ، وان نسي ركعتين صلى ركعتين إذا ذكر مسافرا كان أو مقيما (٢)

والظاهر ان الاولى عن الامام لما مر ، وقد جزم في الشرح بأنه عن الصادق عليه السلام وهو اعرف ، وما رأيته في الكافي والتهذيب الا مضمرا.

وما في موثق آخر له عن أبي جعفر عليه السلام قال : يصلّيهما ركعتين صلاة المسافر إلخ (٣) وانه انما فاتته الركعتان ، فلا يقضى الا إياهما ، وهو ظاهر ، والأولى

__________________

(١) الوسائل باب (٦) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١

(٢) الوسائل باب (٦) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٤

(٣) الوسائل باب (٦) من أبواب قضاء الصلوات قطعة من حديث : ٣

٢٢٧

ولو نسي تعيين الفائتة اليومية : صلى ثلاثا وأربعا واثنتين ، ولو تعددت قضى كذلك حتى يغلب على ظنه الوفاء ، ولو نسي عدد المعينة كررها حتى يغلب الوفاء.

______________________________________________________

إجماع الأمة ، والعكس إجماع أهل البيت ، قاله في المنتهى (١)

واعلم ان سبب توثيقها وجود موسى بن بكر في الطريق (٢) وسماها في المنتهى أيضا بذلك.

قوله : «ولو نسي تعيين إلخ» دليله مثل ما مر : من انه انما وجب عليه الصلاة الواحدة ، ولكن أو جبنا الثلاث لتحصل البراءة باليقين.

وأمر تعيين النية ، سهل عندي جدا كما عرفت ، خصوصا من الصحيحة التي قال فيها (اجعلها الاولى) (٣) وهي عصر ، سواء ذكرها في الأثناء ، أو بعد فراغها.

وعلى تقدير وجوب التعيين ، انما يجب مع الإمكان ، وهنا لا يمكن ، لأنا (لأن خ) عينا ، ما نجزم بالوجوب وغيره ، ولا يمكن ان يقال : يجزم بالوجوب ، لانه مما يتوقف عليه البراءة ، لانه يمكن بما قلناه ، وهو مذهب الأصحاب إلا أبي (أبا ظ) الصلاح ، فإنه أوجب التعيين.

وليس بمعلوم كون الاحتياط فيه ، لان ظاهر الأصحاب إيجاب الثلاث ، فلو عين لم يصح ، لعدم الإتيان بالمأمور به.

والظاهر ان ذلك رخصة لا عزيمة ، والأحوط منه الجمع بينهما.

وقال الشارح : وخالف هنا ابن إدريس مع موافقته فيما تقدم (يعنى سلم

__________________

(١) قال في المنتهى : ص ٤٢٣ ما هذا لفظه (ويجب قضاء الفوائت كما هو ، فلو فاته الصلاة في الحضر فسافر قضى أربعا ، بلا خلاف بين العلماء. وان فاته سفرا قضى في الحضر ركعتين لا غير ، وهو مذهب أهل البيت عليهم السلام)

(٢) سند الحديث كما في التهذيب هكذا الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة)

(٣) الوسائل باب (٦٣) من أبواب المواقيت حديث : ٣

٢٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الحكم في الحضرية دون السفرية) محتجا بحجة أبي الصلاح : (وهو وجوب الواحدة وعدم البراءة الا بالكل ، لوجوب التعيين في النية) وقال : وانما وافق في الأولى للنص والإجماع ، وادعى ان إلحاق هذه بالحاضرة قياس : وأجيب بمنع القياس ، بل هو إثبات حكم في صورة ، لثبوته في أخرى مساوية لها من كل وجه ، وذلك يسمى دلالة التنبيه ومفهوم الموافقة ، كما في تحريم التأفيف وما ساواه أو زاد عليه ، هذا ان استدل بالحديث ، وان استدل بالعقل وهو البراءة الأصلية ، لم يرد ما ذكر ، مع ان الحديث ليس من قسم المتواتر ، بل الآحاد ، وهو لا يعمل به ، والإجماع الذي ادعاه على الاولى ، ان أراد به اتفاق الكل فهو ممنوع ، لما عرفت من مخالفة أبي الصلاح ، وان كان لعدم اعتبار خلافه ـ لكونه معلوم الأصل والنسب ، فلا يقدح في الإجماع ـ كان دليلنا هنا أيضا الإجماع ، لأن المخالف هنا كذلك فلا يقدح فيه (١)

فيه تأمل ، لأن قوله (بل هو إلخ) هو القياس ، ومعلوم عدم الاتحاد من كل وجه وثبوت فرق في الجملة.

على ان ذلك ليس بالتنبيه ومفهوم الموافقة ، لاعتبار أولوية الحكم المذكور في المنطوق في المسكوت عنه كما في التأفيف (٢) ورؤية مثقال ذرة (٣) والامانة بدينار (٤) والقنطار (٥) وهو ظاهر ومصرح في موضعه ، خصوصا مختصر ابن الحاجب وشرحه.

وانه انما يعتبر مفهوم الموافقة ودليل التنبيه ، إذا علم العلة المقتضية للحكم ، وتعليله بها فقط في المنطوق مع وجودها في المفهوم ، وهو أيضا مصرح.

نعم قد يكون ذلك مظنونا ، وذلك لا يعتبر عند مانعي القياس على الظاهر الا ان يكون منصوصة ، والقياس المنصوص معتبر ، على انه قال بعض الأصوليين بأنه

__________________

(١) إلى هنا كلام الشارح قدس سره في روض الجنان ص ٣٥٨

(٢) إشارة إلى قوله تعالى (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً) الاسراء : ٢٣

(٣) إشارة إلى قوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) الزلزلة : ٧ ـ ٨

(٤ ـ ٥) إشارة إلى قوله تعالى (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) آل عمران : ٧٥

٢٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

قياس.

وأيضا قال : (انما وافق في الأولى للنص والإجماع) فلا يقول بدليله العقلي ، وقد يكون الإجماع عنده ثابتا في ذلك ، فلا يضره خلاف أبي الصلاح ، ويكون الخلاف ثابتا في الثانية ، أو لم يثبت الإجماع (عنده ـ خ) فيها.

وأيضا قد يكون هذا الخبر الواحد الخاص ثابتا عنده ، صدوره عنهم عليهم السلام بقرائن ، مثل الشهرة بين الأصحاب وقبولهم وغير ذلك ، فلا يضر عدم تواتره ، ولهذا قبله مع عدم صحته أيضا كما هو الظاهر ، للإرسال (١) وعلى بن أسباط. فإن فيه قولا ، فلا يرد باقي ما أورده بقوله : وان دليله أيضا في الثانية هو الإجماع بذلك المعنى فتأمل.

نعم الظاهر عدم الفرق لدليله العقلي ، وظاهر الخبر ، فإن السؤال عام فكذا الجواب الا انه اقتصر ، وفيه البعد المذكور ، فتأمل ، وللأصل.

وقد علم من الحكم في الواحدة ، الحكم في المتعددة ، لكن يعتبر حصول الظن بحصول العدد ، لأن أحكام الشرع أكثرها مبنية عليه ، والتكليف باليقين شاق منفي بالأصل ، وظاهر حال المسلم.

ويؤيده ما مر من عدم اعتبار الشك ، ووجوب الزائد على المظنون ، حتى يتيقن عدم بقاء شي‌ء في الذمة مشكوك بل موهوم فلا يعتبر (يتعين خ).

وما في بعض الاخبار ، من انه إذا شك في فعلها بعد مضىّ الوقت لا يلتفت ، مثل ما في حسنة زرارة والفضيل عن أبي جعفر عليه السلام انه قال : متى استيقنت أو شككت في وقت فريضة انك لم تصلها ، أو في وقت فوتها انك لم تصلها ، صليتها ، فان شككت بعد ما خرج وقت الفوت وقد دخل حائل ، فلا اعادة عليك

__________________

(١) الوسائل باب (١١) من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١ ولفظ الحديث (عن على بن أسباط عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من نسي من صلاة يومه واحدة ولم يدر أي صلاة هي ، صلى ركعتين وثلاثا وأربعا)

٢٣٠

ولو نسي الكمية والتعيين صلى أياما متوالية حتى يعلم دخول الواجب في الجملة.

______________________________________________________

من شك حتى تستيقن ، فان استيقنت فعليك ان تصليها في أي حالة كنت (١)

فلو لا ملاحظة الاحتياط وكلام الأصحاب ، كان البناء على الأقل كما نقله في الشرح جيدا ، فيقضى ما تحقق فوتها وتيقن دون غيره ، كما قال في الذكرى : انه إذا شك انه لم يصل وخرج الوقت لم يلتفت ، ولكن هنا قال بالقضاء حتى يتيقن ، ففي كلامه منافاة ما ، فإن الأول يقتضي الاكتفاء هنا أيضا على قضاء ما تيقن من العدد دون الغير ، ونقل في الذكرى عن المصنف ذلك ، فتعين المصير إليه ، للأصل ، وظهور حال المسلم ، والاخبار : نعم ما ذكره الأكثر أحوط فلا يخرج عنه.

وهذا بعينه ، يقال في نسيان عدد الفائتة المعينة ، وأمثالها ، مثل لو نسي الكمية والتعيين ، فإنه لا دليل لهم ـ على القضاء ، حتى يغلب على الظن الوفاء ، أو يعلم دخول الواجب في الجملة ـ إلا ما مرّ ، ولا نص لهم.

نعم قد نقلوا خبرين في النافلة : مثل ما روى مرازم (الثقة في الحسن لإبراهيم) قال : سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله عليه السلام فقال أصلحك الله ان على نوافل كثيرة ، فكيف اصنع؟ فقال : اقضها ، فقال له انها أكثر من ذلك؟ قال : اقضها قال : لا أحصيها؟ قال : توخ (٢) والتوخي. التحري ، وهو طلب ما هو أحرى ، بالاستعمال في غالب الظن قاله الجوهري.

وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له : رجل عليه من صلاة النوافل ما لا يدرى ما هو من كثرتها؟ كيف يصنع؟ قال : فليصل حتى لا يدرى كم صلى من كثرتها فيكون قد قضى بقدر ما علمه من ذلك الحديث (٣)

قال الشارح : قال في الذكرى وبهذين الخبرين ، احتج الشيخ على ان من عليه

__________________

(١) الوسائل باب (٦٠) من أبواب المواقيت حديث : ١

(٢) الوسائل باب (١٩) من أعداد الفرائض ونوافلها حديث : ١

(٣) الوسائل باب (١٨) من أعداد الفرائض ونوافلها حديث : ٢

٢٣١

ولو نسي ترتيب الفوائت كرر حتى يحصّله ، فيصلي الظهر قبل العصر وبعدها أو بالعكس لو فاتتا.

______________________________________________________

فرائض لا يعلم كميتها ، يقضى حتى يغلب الوفاء ، من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى وفيه نظر ، لان كون النوافل أدنى مرتبة يوجب سهولة الخطب فيها ، والاكتفاء بالأمر الأسهل ، فلا يلزم منه تعدية الحكم الى ما هو أقوى وهو الفرائض كما لا يخفى ، بل الأمر في ذلك بالعكس ، فان الاكتفاء بالظن في الفرائض الواجبة ، الموجبة لشغل الذمة ، يقتضي الاكتفاء به في النوافل التي ليست بهذه المثابة بالأولى. (١)

فيه نظر ، لان الظاهر ان مقصود الشيخ ، انه إذا كان في قضاء النافلة الغير المحصورة ، لا بد من حصول الظن بفعلها حتى يبرء ذمته منها ، ففي الفريضة لا بد من ذلك بالطريق الأولى ، كأنه يريد دفع ما نقل عن المصنف من الاكتفاء بقضاء ما تيقن فوته ، لا انه إذا كان الظن في النافلة كافيا ففي الفريضة بالطريق الاولى كما فهمه الشارح.

ويمكن ان يقال : لا دلالة فيهما على اعتبار حصول الظن في الفرائض كما فهمناه أيضا ، إذ لا يلزم من التكليف بأمر شاق في الجملة استحبابا ، تكليفه به في الفريضة بالطريق الأولى ، لأن في الأول الاختيار الى الفاعل ، فإن أراد ثوابا كثيرا فعل ، والا فلا ، بخلاف الإيجاب والإلزام ، ولهذا استحب البناء على الأقل في شك النافلة ، وليس كذلك في الفريضة ، على انه لا دلالة في الأولى على المندوب (٢) أيضا ، والثانية ليست بصريحة مع ضعف السند ، فتأمل.

قوله : «ولو نسي ترتيب الفوائت إلخ» وجوب الترتيب بين الفوائت كما

__________________

(١) الى هنا كلام الشارح

(٢) اى لا دلالة في الخبر الأول ، وهو خبر مرازم على جواز الاكتفاء بالظن في النوافل أيضا فضلا عن المفروض.

٢٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فاتت مع الذكر ، مما ذهب إليه علمائنا ، قاله في المنتهى ، وقد ورد في الاخبار ما يدل عليه مثل : فليقضها كما فاتت ، وهي كثيرة ، وقد مر البعض.

فاما مع النسيان. فالظاهر العدم ، للأصل ، وخبر رفع القلم (١) والناس في سعة ما لم يعلموا (٢)

وما ثبت كون الترتيب من باب المقدمة حتى يجب مع إمكان تحصيل العلم به ، حتى لا ينافيه ما لم يعلموا.

ولأن الزائد خرج (٣) وقد يؤل الى التعذر فيما إذا كثر ، وإذا سقط حينئذ سقط بالكلية ، لعدم القائل بالفصل ، على الظاهر.

ولان الدليل ، هو الإجماع (وكما فاتت) ، ولا إجماع هنا (وكما فاتت) غير صريح في وجوب الترتيب ، وعلى تقديره فظاهر انه مخصوص بصورة العلم ، إذ لا يمكن التكليف مع عدم العلم بالزيادة المنفية بالعقل والنقل : وما يدل عليه (كما فاتت) بل ينافيه ، مع ترك التعيين : ولا يقاس بالمشتبهة ، لتعين (لتيقن خ ل) فوت الصلاة فيها ، وتوقف البراءة على التعدد ، لا أقل ، مع النص ، وهنا انما فاتت الصفة الخارجة التي لم يثبت وجوبها حينئذ وهو واضح ، وكأنه مذهب المصنف في القواعد والتحريم ، نعم ملاحظة الترتيب أحوط ، خصوصا مع القلة.

والضابطة المفهومة من كلام المصنف ، هي انه : لو فاتتا ، أي الظهر والعصر مثلا من يومين ولم يعلم السابقة ، فيكون زيادة الواحدة طريقا الى تحصيل الترتيب يقينا ، لان هنا احتمالين ، كون الفائت الظهر ثم العصر ، وعكسه ، فإذا حفّ إحداهما بفعل الأخرى مرتين. حصل الترتيب على الاحتمالين ، وقس على هذا لو فاته المغرب من يوم أخر ، فيحصل الترتيب بسبع فرائض ، ولو أضيف إليهما عشاء يحصل

__________________

(١) الوسائل باب (٣٠) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، حديث : ٢

(٢) جامع احاديث الشيعة ، باب (٨) من أبواب المقدمة ، حديث : ٦ نقلا عن عوالي اللئالى

(٣) هكذا في النسخ المخطوطة والمطبوعة التي عندنا ، والظاهر ان الصحيح حرج بالحاء المهملة.

٢٣٣

ويصلى مع كل رباعية صلاة سفر لو نسي ترتيبه : ويستحب قضاء النوافل الموقتة ، ولا يتأكد فائتة المريض ، ويتصدق عن كل ركعتين بمد ، فان عجز فعن كل يوم (بمد ـ خ) استحبابا.

______________________________________________________

الترتيب بخمس عشرة فريضة : وضابط الضوابط على ما ذكره الشارح بعد ذكر الضابطة في ذلك هو ان يكرر العدد على وجه يحصل الترتيب على جميع الاحتمالات الممكنة في الفرض (في الفرائض خ).

ويمكن حصول الترتيب بوجه أخصر مما ذكر وأسهل ، وهو ان يصلى الفوائت المذكورة بأي ترتيب أراد ويكررها كذلك ناقصة عن عدد آحاد تلك الصلوات بواحدة ثم يختم بما بدء به ، فيصلي في الفرض الأول. الظهر والعصر ثم الظهر ، أو بالعكس ، وفي الثاني الظهر ثم العصر ثم المغرب ، ثم يكرره مرة أخرى ثم يصلى الظهر ، وفي هذين لا فرق بين تلك الضابطة ، والضابطة المفهومة من كلام المصنف من حيث العدد ، وفي الثالث : يصلى الظهر (١) الى قوله : فيحصل الترتيب بثلاثة عشرة فريضة ، وعلى الضابطة المذكورة لا يحصل الا بخمس عشرة فريضة وعلى هذا القياس.

قوله : «ويصلى مع كل رباعية إلخ» الظاهر فيه أيضا عدم وجوب الترتيب لما مر فيقضى عدد كل واحد على اى وجه يريد ، ويختار مظنونه لو كان ، ودليل الوجوب مثل ما مر في المشتبه ونحوها ، والدخل فيه ظاهر قد مر فتذكر.

قوله : «ويستحب قضاء النوافل إلخ» تدل عليه حسنة مرازم (الثقة المتقدمة) قال : سأل أبا عبد الله عليه السلام فقال : أصلحك الله ، ان على نوافل كثيرة ، فكيف اصنع؟ فقال : اقضها ، فقال له : انها أكثر من ذلك ، قال : اقضها ، قلت : لا أحصيها؟ قال : توخ ، قال مرازم : وكنت مرضت أربعة أشهر لم أتنفل

__________________

(١) وتتمة عبارة الروض هكذا (ثم العصر ، ثم المغرب ، ثم العشاء. ويكرره ثلاث مرات ، ثم يصلى الظهر ، فيحصل إلخ)

٢٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

فيها ، قلت : أصلحك الله ، أو جعلت فداك ، مرضت أربعة أشهر لم أصل نافلة؟ فقال : ليس عليك قضاء ، ان المريض ليس كالصحيح ، كلما غلب الله عليه فالله اولى بالعذر فيه (١)

وخبر عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه السلام ، قال : قلت له : أخبرني عن رجل عليه من صلاة النوافل ما لا يدرى ما هو من كثرتها ، كيف يصنع؟ قال :

فليصل حتى لا يدرى كم صلى من كثرتها ، فيكون قد قضى بقدر ما علمه من ذلك ثم قال : قلت له : فإنه لا يقدر على القضاء؟ فقال : ان كان شغله في طلب معيشة لا بد منها ، أو حاجة لأخ مؤمن ، فلا شي‌ء عليه. وان كان شغله لجمع الدنيا والتشاغل بها عن الصلاة ، فعليه القضاء ، والا لقي الله وهو مستخف متهاون مضيع لحرمة رسول الله صلى الله عليه وآله ، قلت : فإنه لا يقدر على القضاء ، هل يجزى ان يتصدق؟ فسكت مليا ، ثم قال : فليتصدق بصدقة ، قلت : فما يتصدق؟ قال : بقدر طوله ، وادنى ذلك مد لكل مسكين ، مكان كل صلاة ، قلت : وكم الصلاة التي يجب فيها مد لكل مسكين؟ قال : لكل ركعتين من صلاة الليل مد ، ولكل ركعتين من صلاة النهار مد ، فقلت : لا يقدره ، فقال : مد إذا لكل اربع ركعات من صلاة النهار ، قلت : لا يقدر ، قال : فمد إذا لصلاة الليل ومد لصلاة النهار ، والصلاة أفضل ، والصلاة أفضل ، والصلاة أفضل. (٢)

وقد علمت من هذين الخبرين دليل (ولا يتأكد فائتة المريض ويتصدق) أيضا.

والذي يدل على عدم التأكيد ، مع أصل الاستحباب : الجمع بين حسنة مرازم المتقدمة وصحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام في مريض ترك النافلة؟

__________________

(١) الفروع ، ج ١ ص ١٢٦ وفي الوسائل ، باب (١٩) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ، حديث : ١

(٢) الفقيه ج ١ ص ١٨٤ وفي الوسائل ، باب (١٨) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ، حديث : ٢ ورواه في الفروع ، ج ١ ص ١٢٦ بتفاوت يسير في بعض ألفاظه.

٢٣٥

والكافر الأصلي يجب عليه جميع فروع الإسلام ، لكن لا تصح منه في حال كفره ، فإن أسلم سقطت.

______________________________________________________

فقال : ان قضاها فهو خير يفعله وان لم يفعل فلا شي‌ء عليه (١)

قوله : «والكافر الأصلي يجب عليه جميع فروع الإسلام إلخ» وهذه ثابتة في الأصول فلا ننقل دليله ، والبحث مع بعض العامة هنا ، وانه إجماعي عندنا ، فيكفي ذلك هنا فتأمل.

وان دليل عدم الصحة منهم ، عدم القربة التي شرط في العبادة بحيث يمكن ترتب أثرها عليها.

وان دليل سقوط الفروع بعد الإسلام ، هو الإجماع والخبر (٢) : لا مثل قوله تعالى :

(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) (٣) فإنه يدل على غفران الذنوب ، وعدم المؤاخذة بما فعلوا أو تركوا ، واما نفى وجوب شي‌ء أخر بعد الإسلام بسبب وجود سببه من قبل ، مع عدم الفعل ، فلا يفهم منه فافهم.

وان حقوق الآدميين مستثنى من ذلك. للإجماع ، ومثل الخبر المتقدم الدال على عدم وجوب قضاء عبادات المخالفين (٤) حيث علل عدم سقوط قضاء الزكاة : بأنه مال الغير ووضعه في غير محله ، فتأمل.

__________________

(١) الوسائل باب (٢٠) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث : ١ ولفظ الحديث (عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام قال : قلت له : رجل مرض فترك النافلة؟ فقال : يا محمد ليست بفريضة ، إن قضاها فهو خير يفعله ، وان يفعل فلا شي‌ء عليه)

(٢) أي (الإسلام يجب ما قبله) مسند احمد بن حنبل ج ٤ ص ١٩٩ و ٢٠٤ و ٢٠٥

(٣) الأنفال : (٣٨)

(٤) الوسائل باب (٣) من أبواب المستحقين للزكاة حديث : ٢

٢٣٦

المقصد الثاني

في الجماعة

وتجب في الجمعة والعيدين خاصة بالشرائط ،

وتستحب في الفرائض خصوصا اليومية.

______________________________________________________

قوله : «المقصد الثاني ، في الجماعة : وتجب في الجمعة والعيدين إلخ» قد مر دليل وجوبها فيهما. واما دليل الاستحباب : فهو قوله تعالى (وَارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ) (١) المحمول على الاستحباب.

والإجماع عندنا على ما يفهم من المنتهى ، حيث قال : قال علمائنا : الجماعة مستحبة في الفرائض ، وأشدها تأكيدا في الخمس ، وليست واجبة إلا في الجمعة والعيدين مع الشرائط السابقة ، لا على الأعيان ، ولا على الكفاية.

والاخبار الصحيحة الكثيرة ، مثل حسنة زرارة (في الكافي والتهذيب) قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما يروى الناس : ان الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس وعشرين صلاة؟ فقال : صدقوا ، فقلت : الرجلان

__________________

(١) سورة البقرة : ٤٣

٢٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

يكونان جماعة؟ فقال : نعم ، ويقوم الرجل عن يمين الامام (١)

وما رواه في الكافي والتهذيب : عن حماد عن حريز عن زرارة والفضيل قالا :

قلنا له : الصلاة في جماعة فريضة هي؟ فقال : الصلاة (الصلوات ـ يب ـ كا) فريضة ، وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ، ولكنها سنة ، ومن تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له (٢) أظن صحتها ، وصرح بها في المنتهى ، لان الظاهر ان حماد هذا ، هو ابن عيسى ، وان الطريق إليه في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان ، لأن هؤلاء مذكورون في طريق الخبر السابق على هذا الخبر ، والظاهر انهم حذفوا للظهور.

والظاهر ان المنقول عنه هو الامام عليه السلام.

ومعلوم استثناء بعض الصلوات عن قوله (كلها) وان المراد ب (من تركها رغبة) اعراضا وكراهة ، فهو بمنزلة الكفر نعوذ بالله منه.

ورواية محمد بن مسلم (في الفقيه) عن أبي جعفر عليه السلام انه قال : لا صلاة لمن لا يشهد الصلاة من جيران المسجد الا مريض أو مشغول (٣) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لتحضرن المسجد أو لأحرقن عليكم منازلكم (٤) وقال : من صلى الصلوات الخمس جماعة فظنوا به كل خير (٥) وقال الصادق عليه السلام من صلى الغداة أو العشاء الآخرة في جماعة فهو في ذمة الله عز وجل ، ومن ظلمه فإنما يظلم الله ، ومن حقره فإنما يحقر الله عز وجل (٦)

__________________

(١) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣ وأورد قطعة منه في باب (٤) من تلك الأبواب حديث : ١

(٢) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢

(٣) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣

(٤) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤

(٥) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤

(٦) الوسائل باب (٣) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢

٢٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة زرارة وحسنته قال : كنت جالسا عند أبي جعفر عليه السلام ذات يوم ، إذ جائه رجل فدخل عليه فقال له جعلت فداك : انى رجل جار مسجد لقومي ، فإذا انا لم أصل معهم وقعوا في ، وقالوا هو هكذا وهكذا ، فقال اما لئن قلت ذلك لقد قال أمير المؤمنين عليه السلام من سمع النداء فلم يجبه من غير علة فلا صلاة له (١)

وصحيحة ابن سنان (أظنه عبد الله لنقل النظر عنه ، ولنقله هو عن أبي عبد الله (ع) دون محمد) عن أبي عبد الله قال : سمعته يقول : ان أناسا كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ابطاؤا عن الصلاة في المسجد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ليوشك قوم يدعون الصلاة في المسجد ، ان نأمر بحطب فيوضع على أبوابهم فتوقد عليهم نار ، فيحترق عليهم بيوتهم (٢) وفي حديث آخر عنه عليه السلام قال : همّ رسول الله صلى الله عليه وآله بإحراق قوم في منازلهم ، كانوا يصلون في منازلهم ، ولا يصلون الجماعة ، فأتاه رجل اعمى ، فقال : يا رسول الله (ص) : انى ضرير البصر ، وربما اسمع النداء ، ولا أجد من يقودني إلى الجماعة ، والصلاة معك؟ فقال (له النبي خ) رسول الله صلى الله عليه وآله شد من منزلك الى المسجد حبلا واحضر الجماعة (٣) وفيه مبالغة زائدة ، وعدم قبول كل عذر.

ورواية محمد بن عمارة قال أرسلت الى أبي الحسن الرضاء عليه السلام اسأله عن الرجل يصلى المكتوبة وحده في مسجد الكوفة أفضل؟ أو صلاته في جماعة؟ فقال : الصلاة في جماعة أفضل (٤) وقد قيل : ان الصلاة في مسجد الكوفة بألف على

__________________

(١) الوسائل باب (٥) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٥ وتمام الحديث (فخرج الرجل فقال له : لا تدع الصلاة معهم وخلف كل امام ، فلما خرج قلت له : جعلت فداك كبر على قولك لهذا الرجل حين استفتاك ، فان لم يكونوا مؤمنين! قال : فضحك ، ثم قال : ما أراك بعد إلا هاهنا ، يا زرارة فأيّة علة تريد أعظم من انه لا يؤتم به ، ثم قال : يا زرارة أما تراني قلت : صلوا في مساجدكم وصلوا مع أئمتكم)

(٢) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١٠

(٣) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجماعة قطعة من حديث : ٩

(٤) الوسائل باب (٣٣) من أبواب أحكام المساجد حديث : ٤

٢٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ما هو المشهور ، فالصلاة في الجماعة أفضل من ألف صلاة ، فلو جمع في مسجد الكوفة سيما مع العالم والسيد وكثرة الجماعة ، فلا يحصى ثوابها الا الله.

فيمكن حمل ما ورد : من خمسة وعشرين (١) وغيرها ، على بعض الوجوه ، من نقص الصلات بوجه ، وباعتبار الأوقات والأمكنة والأشخاص والأحوال ، من عدم كونهم اتقياء ، وعدم اشتمال صلواتهم على هيأتها المندوبة ، وعدم اقترانها بالخضوع والخشوع وغير ذلك.

وأيضا قال الصدوق في الفقيه (٢) : ومن ترك ثلاث جمعات متواليات من غير علة فهو منافق (٣) ،

وما روى عن الصادق عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال (٤) : لا صلاة لمن لا يصلى في المسجد مع المسلمين الا من علة ، ولا غيبة إلا لمن صلى في بيته ورغب عن جماعتنا ، ومن رغب عن جماعة المسلمين سقطت عدالته ووجب هجرانه ، وان رفع الى امام المسلمين أنذره وحذره ، ومن لزم جماعة المسلمين حرمت (عليهم ـ خ) غيبته وثبتت عدالته وعنه صلى الله عليه وآله وسلم ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الجماعة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان ، فعليك بالجماعة ، فإنما يأكل الذئب القاصية (٥) وعنه صلى الله عليه وآله ملعون ملعون ثلاثا من رغب عن جماعة المسلمين (٦)

__________________

(١) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الجماعة ، حديث : ١ و ٣ و ٥

(٢) الفقيه ، باب الجماعة وفضلها

(٣) الموجود في النسختين المخطوطتين اللتين عندنا (من ترك ثلاث جماعات) بالألف المشالة. وفي النسخة المطبوعة (من ترك ثلاث جمعات) بدون الالف ، كما في الفقيه ، ولعله قدس سره استدل بهذا الحديث باعتبار كون صلاة الجمعة أحد أفراد صلاة الجماعة مع إلغاء خصوصية الجمعة.

(٤) الوسائل باب (١١) من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١٣

(٥) سنن أبي داود ، ج ١ كتاب الصلاة باب التشديد في ترك الجماعة ، حديث : ٥٤٧ وفي شرحه (قال زائدة : قال السائب : يعنى بالجماعة الصلاة في الجماعة)

(٦) روض الجنان ص ٣٦٢.

٢٤٠