مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٣

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٣

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

تجويزها ، أيضا ، مع عدم تصريح المنع عن ابن أبي عقيل ـ يفيد التخيير ، ولا يبعد كون اختيار الأربع (١) جالسا اولى ، للرواية وكثرة الفعل ، وكونه صلاة ، مع ندرة الصلاة بركعة ، فتأمل ، وكأن على بن بابويه نظر الى عدم الرواية في صورة الظن ، مع اقتضاء المناسبة ، حتى سكت عن الركعتين وذكر الواحدة ، ثم أحال عليها صورة الشك ، فيمكن كونها هناك أحوط في الظن ، فتأمل ، ولا يبعد ان فعلهما مع سجود السهو يكون اولى ، والأحوط الإعادة مع تلك.

الثالثة : الشك بين الاثنتين والأربع : والمشهور هنا أيضا هو البناء على الأكثر والاحتياط لما مر ، ولما روى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى ركعتين ، فلا يدرى ركعتان هي أو أربع؟ قال : يسلم ، ثم يقوم فيصلي ركعتين بفاتحة الكتاب ويتشهد وينصرف وليس عليه شي‌ء (٢).

وفيها دلالة على عدم وجوب السلام في صلاة الاحتياط ، وعلى عدم وجوب السجدة للشك في الزيادة والنقيصة : وكذا فيما مرو ما يأتي.

وما رواه أيضا في الصحيح عن أبي بصير (لكن الظاهر ان أبا بصير هذا ، هو يحيى بن القاسم ، وفيه قول ، ولكنه اعتمد عليه المصنف ، لانه روى عنه شعيب ، كأنه العقرقوفي ، لنقل حماد عنه ، وهو قائد أبي بصير المذكور وابن أخته) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا لم تدر أربعا صليت أم ركعتين ، فقم واركع ركعتين ، ثم سلّم (٣) واسجد سجدتين وأنت جالس ثم تسلم بعدهما (٤) وفي دلالتها على المطلوب خفاء.

__________________

(١) الى الركعتين جالسا بأربع سجدات كما في رواية جميل.

(٢) الوسائل باب (١١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٦

(٣) وزاد في التهذيب المطبوع بعد قوله : (ثم سلم) (واركع ركعتين ثم سلم إلخ)

(٤) الوسائل باب (١١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٨

١٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

نعم فيها دلالة على وجوب سجدتي السهو في هذه الصورة والسلام فيهما : وحملها الشيخ والمصنف على من تكلم في الصلاة ، كأنه لعدم القائل به ، ولقرينة ما مر وما سيأتي.

ويمكن حملها على الندب لعدم القائل بالوجوب ، ولعدم الصحة ، ولنفيه في الصحيح المتقدم على الظاهر ، وبالجملة الاحتياط يقتضي الفعل ، بل الإعادة أيضا ، مع ما مر ، فتأمل.

والاخبار في ذلك كثيرة : مثل ما رواه يونس عن ابن مسكان عن ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل لا يدرى ركعتين صلى أم أربعا؟ قال : يتشهد ويسلم ، ثم يقوم فيصلي ركعتين واربع سجدات يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب ثم يتشهد ويسلم ، فان كان صلى أربعا ، كانت هاتان نافلة ، وان كان صلى ركعتين كانت هاتان تمام الأربعة وان تكلم فليسجد سجدتي السهو. (١)

وحسنة الحلبي (في الكافي) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا لم تدر اثنتين صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شي‌ء ، فتشهد وسلم ثم صل ركعتين واربع سجدات تقرأ فيهما بأم القران (الكتاب خ) ثم تشهد وسلم ، فان كنت انما صليت ركعتين كانت هاتان تمام الأربع ، وان كنت صليت الأربع كانت هاتان نافلة ، وان كنت لا تدري ثلاثا صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شي‌ء ، فسلم ثم صل ركعتين وأنت جالس تقرأ فيهما بأم الكتاب ، وان ذهب وهمك الى الثلاث فقم فصل الركعة الرابعة ، ولا تسجد سجدتي السهو ، فان ذهب وهمك إلى الأربع فتشهد وسلم ثم اسجد سجدتي السهو (٢).

وفيها دلالة على حكم المسئلة السابقة ، ووجوب السجدة ، لاحتمال النقصان

__________________

(١) الوسائل باب (١١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢

(٢) الوسائل باب (١١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١ وأورد قطعة منه في باب (١٠) من هذه الأبواب حديث : ٥

١٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

مع الظن بعدمه أيضا ، دون احتمال الزيادة.

ويمكن حملها على الاستحباب ، وينبغي عدم الترك ، وعلى كون ركعتي الاحتياط جالسا أيضا فهو الأحوط كما مر.

ومما يدل على الاحتياط مع الظن رواية محمد بن مسلم (أظن صحتها) قال : انما السهو ما بين الثلاث والأربع وفي الاثنتين والأربع بتلك المنزلة ، ومن سهى فلم يدر ثلاثا صلى أم أربعا واعتدل شكه : قال : يقوم فيتم ، ثم يجلس فيتشهد ويسلم ويصلى ركعتين واربع سجدات وهو جالس ، فان كان أكثر وهمه إلى الأربع تشهد وسلم ثم قرء فاتحة الكتاب وركع وسجد ثم قرء وسجد سجدتين وتشهد وسلم ، وان كان أكثر وهمه الى الثنتين نهض وصلى ركعتين وتشهد وسلم (١)

وفيها أحكام أخر ، الا انها مقطوعة بمحمد ، ولعله عن الامام كما قيل في غيره ، فتأمل.

واماما رواه في الصحيح والحسن عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال : قلت له من لم يدر في أربع هو أم في ثنتين وقد أحرز الثنتين؟ قال : يركع بركعتين واربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب ويتشهد ولا شي‌ء عليه ، وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث قام فأضاف إليها أخرى ولا شي‌ء عليه. ولا ينقض اليقين بالشك ، ولا يدخل الشك في اليقين ، ولا يخلط أحدهما بالاخر ، ولكنه ينقض الشك باليقين ويتم على اليقين فيبني عليه ولا يعتد بالشك في حال من الحالات (٢)

ففيها دلالة على البناء على الأقل مطلقا : والعجب ان المصنف في المنتهى والشيخ في التهذيب ذكراها في سياق الأدلة على الحكم المشهور ، في الصورة الثالثة ،

__________________

(١) الوسائل باب (١٠) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٤

(٢) الوسائل باب (١١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٣ وأورد قطعة منه في باب (١٠) من هذه الأبواب حديث : ٣

١٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

مع انها تدل على خلاف الحكم السابق.

وأراد باليقين ، أصل العدم الذي كان يقينا ، وان حكمه باق ولا يدفعه الشك وفيها مبالغة في ذلك ، واستدلال عليه ، ودلالة أيضا على عدم وجوب السلام. وإيماء إلى اشتراط إحراز الثنتين (والثلاث) للصحة. وعدم وجوب السجدتين لاحتمال الزيادة والنقصان ، والشك ، لذلك ، فالقول بالتخيير قوى مع ما مر ، خصوصا في الاثنتين والثلاث ، لعدم دليل خاص قوى.

وكذا بينهما وبين الإعادة كما هو مختار الصدوق على ما نقل في الشرح ، وقال في المختلف : انه قال : يعيد ، لصحيحة محمد قال سألته عن الرجل لا يدرى صلى ركعتين أم أربعا؟ قال : يعيد الصلاة (١) والظاهر انه عن الامام عليه السلام : وروى انه يسلم فيصلي (٢) فالظاهر عدم الخلاف في البناء على الأكثر على ما يفهم من الشرح ، وان لم يكن عبارة المختلف صريحة في قول الصدوق به ، فتأمل واحتط.

الرابعة : الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع ، فالمشهور أيضا البناء على الأكثر والاحتياط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس.

والدليل عليه ما روى في الكافي والتهذيب (في الحسن) عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى فلم يدر اثنتين صلى أم ثلاثا أم أربعا؟ قال : يقوم فيصلي ركعتين من قيام ويسلم ثم يصلى ركعتين من جلوس ويسلم ، فان كانت اربع ركعات كانت الركعتان نافلة والا تمت الأربع (٣)

وهذه الرواية ما وجدتها هكذا إلا في منتهى المصنف ومختلفه قدس الله روحه العزيز ، فان في التهذيب (فان كانت الركعتان نافلة) وفي الكافي ليس فيها ، (أم ثلاثا) مع الركعتان بدل الركعات كما في التهذيب ، ولكن وجدت (أم ثلاثا) في

__________________

(١) الوسائل باب (١١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٧

(٢) الوسائل باب (١١) من أبواب الخلل حديث : ٦

(٣) الوسائل باب (١٣) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٤

١٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

نسخة اخرى وهو الصحيح ، فالظاهر ان ما ذكره المصنف هو الصحيح ، الا انه مجمل ، فان معنى قوله (والا) ان لم يكن أربعا ، فإن كانت ثلاثا ، فالثنتان جالسا تمام الأربع ، والركعتان قائما نافلة ، وان كانت ثنتين فبالعكس.

وبالجملة هذه الرواية لا تخلو عن شي‌ء سندا ، للإرسال ، وان كان عن ابن أبي عمير ومتنا ، للاختلاف والاجمال. ودلالة على المطلوب ، فإنه ينبغي ان يقول : يكمل ما فيه فيتشهد ويسلم ، ثم يقوم فيصلي الحديث ، وكأن ذلك محذوف بناء على الظهور.

ولعله لا خلاف فيها (فيه خ) الا ما نقل في المختلف عن ابني بابويه وابن الجنيد في الاحتياط ، فإنهم قالوا : يصلى ركعة من قيام وركعتين من جلوس (١)

ولعل العمل بالرواية المعمولة المنجبرة بالشهرة العظيمة أولى.

ونقل في الشرح عن الذكرى : ان قولهم قوى ، من حيث الاعتبار ، الى قوله : ان النقل والاخبار تدفعه.

وما أجد له قوة أصلا ، فإنه مستلزم للزيادات ، وتغيير لصورة البدل ، وتلفيق البدل الواحد من الفعل قائما وجالسا ، وثنتين وواحدة مع عدم تعارف ذلك.

نعم القول بالثلاث قائما بتسليمتين ، مقتضى الاعتبار ، الا ان الخبر وكلام أكثر الأصحاب يمنعه ، ولا دلالة فيهما عليه بمفهوم الموافقة ، لعدم العلة ، فلا ينبغي الخروج عن ظاهرهما ، مع انه لا مستند للحكم الا ذلك الخبر.

وقال الشارح : وقول المصنف هنا اعدل (٢) وما فهمته.

وأيضا انه قد تشعر عبارة المفيد والسيد ، على وجوب تقديم ركعتين قائما على

__________________

(١) الوسائل باب (١٣) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٣ ولفظ الحديث (قال : ـ اى محمد بن على بن الحسين ـ وقد روى انه يصلى ركعة من قيام وركعتين وهو جالس)

(٢) قال في روض الجنان ص ٣٥٢ وهل يجوز ان يصلى بدل الركعتين من جلوس ، ركعة قائما؟ ظاهر الأكثر عدمه ، واجازه المصنف وربما قيل بتحتمه ، وقول المصنف هنا اعدل ، لأن الركعة من قيام أقرب الى حقيقة المحتمل فواته ، فيكون مدلولا عليه بمفهوم الموافقة.

١٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الركعتين جالسا ، وان كلام أكثر الأصحاب خال عنه ويفيد التخيير ، ولا يبعد كونه اولى ، لما في ظاهر الرواية التي هي المستند ، حيث قال : (يقوم فيصلي ركعتين من قيام ويسلم ، ثم يصلى آه) وثم ، دالة على الترتيب ، مع قوله (فيصلي ركعتين من قيام) حيث رتبه على القيام بلا مهلة ، فتأمل.

وعلى تقدير كونها فقط مستندا ، لا يبعد تعين العمل بها حتى تظهر انها ليست للترتيب هنا ، أو انها للأولوية ، الا ان يكون التخيير إجماعيا ، حيث ما جزم المصنف في المختلف بالخلاف ، فتأمل.

والاحتياط يقتضي تقديم الركعتين قائما لما مر ، وان قال في الشرح : وربما قيل بوجوب تقديم الركعتين من جلوس ، لعدم العلم بالوجه ، والقائل.

ويمكن ان يوجه أيضا ، بأنه على تقدير التقديم ، يمكن كون واحدة منهما تقع رابعة على تقدير الثلاث ، فيكون الباقي نافلة بعد تمام الفريضة ، فلا تقع نافلة قبلها. وأيضا يقع الثنتان قائما في موضعه ، اما نافلة ، أو تكملة. بخلاف تقديم الثنتين جالسا ، فإنها تقع على التقديرين لغوا : وتقع النافلة الغير المتداولة بين الفريضة والاحتياط من غير داع ، والنافلة قبلها أيضا ، فتأمل : فإن العمدة هو النص والباقي مناسبات يمكن قولها (قبولها ـ خ) من الطرفين بعد الوقوع ، وسيجي‌ء له وجه وجيه في آخر قول ، بعد هذا القول. (١)

واعلم ان القول بالتخيير في أكثر هذه المسائل ، ليس ببعيد.

وانه لو لم يحتط في موضعه ، وأعاد سيما من كان جاهلا ، لا استبعد الصحة ، والاولى منه القول بالبناء على الأقل لما مر. والاخبار عليهما كثيرة ، وقد نقلت بعضها فيما تقدم ، فتذكر ، فكأن الاحتياط رخصة وتخفيف ، الله يعلم.

وان في الاخبار يوجد الاحتياط مع الظن أيضا (٢) وقد قال به أيضا على بن

__________________

(١) في أواخر شرح قول المصنف : (ولا يعيد لو ذكر ما فعل)

(٢) الوسائل باب (١٠) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٨

١٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

بابويه على ما نقل.

وكذا سجدتي السهو (١) فلا يبعد فعلهما احتياطا على ما أشرت إليهما فيما تقدم ، فتذكر.

وان الظاهر عدم وجوب العلم لحكم هذه الصور كغيرها ، وانه لا تبطل صلاة من لا يعلم مطلقا إذا فعلها على ما هي عليها ، وعدم الشك أصلا ، ويدل عليها ما تقدم فتذكر.

وأيضا ترك (٢) إيجاب الإعادة ـ في الاخبار ، وكلام العلماء في الأعصار ، وعدم اشتغال أصحابه صلوات الله عليه وآله في بدو الإسلام وغيره بذلك وتقريره ذلك وعدم المنع (٣) وسؤالهم في الوقائع الجزئية بعد الوقوع ، وعدم تقريعه لهم : (٤) مثل ما وقع لعمار في تيممه ، (٥) بالترك ، والأمر بالإعادة مع الموافقة ، بل تقريرهم على ذلك والتحسين معها ، وأصل عدم الوجوب ، وعروض الشك وغيره مما يفسد.

وكذا أصحاب الأئمة عليهم السلام.

ويدل على عدم الوقوع ، عدم النقل ، والا لنقل ، لأن العادة تقتضي نقل مثله متواترا فكيف احادا ، مع علمهم بحال الناس من غلبة الجهل عليهم.

مع انهم صلوات الله عليهم كانوا أشفق على أصحابهم وأحرث (٦) لهم بالترغيب والترهيب. مع أدلة كون الجهل عذرا في الايات حيث قيد الذم والتقريع بالعلم ، مثل (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٧) فيها ، وكذا في الاخبار ، مثل : الناس في وسع عما

__________________

(١) الوسائل باب (١٠) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٥

(٢) هذا مبتدا وخبره بعد أسطر (دليل الأجزاء)

(٣) أي عدم سؤالهم عن وجوب الإعادة.

(٤) مثال للتقريع. اى كما وقع التقريع منه صلى الله عليه وآله لعمار بتركه للمأمور به.

(٥) الوسائل كتاب الطهارة ، باب (١١) من أبواب التيمم حديث : ٢ ـ ٤ ـ ٥ ـ ٨ ـ ٩

(٦) كذا في جميع النسخ ، والا نسب ان يكون بالصاد.

(٧) الايات الواردة في ذلك كثيرة ، وإليك نموذجا منها ، قال تعالى : ((فَلا تَجْعَلُوا لِلّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) : ٢ ـ ٢٢ ((وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) : ٢ ـ ٤٢ (لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) : ٢ ـ ١٨٨ (لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) : ٣ ـ ٧١) الى غير ذلك من الايات الشريفة التي يمكن الاستدلال بها على المطلوب.

١٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

لا يعلمون (١) ومثله كثير.

وكذا في كلام الأصحاب : مثل ما نقل الشارح عن الشيخ في التهذيب : ان الجاهل معذور ، وكان ظاهره انه معذور ولو فعل مع علمه بأنه حرام في الصلاة ، وجاهل بأنه مبطل.

وصدق الإتيان بالمأمور على فعله لله :

دليل الاجزاء : (٢)

والأصل عدم اشتراط العلم في جميع اجزائها من حيث الأمر ، خصوصا التروك ، واولى منها بالصحة مع العلم ، لا من الجهة التي قالوها : فتأمل.

والعقل أيضا يعذره بل لا يجعله مكلفا.

نعم لو حصل عنده علم إجمالي ـ وقصر في التفتيش الواجب عليه بعقله ، أو نقل مجملا ـ لا يعذر خصوصا في الأصول ، على انه قد جعله البعض معذورا فيه أيضا.

وقد استشكل ذلك في مسائل الأصول : مثل فرض امرأة عاجزة جالسة في الجزيرة البعيدة عن الإسلام بل عن الإنسان أيضا ، حتى لا يمكن الجواب عنها ، الا بان لا يسلم جهلها ، بل حصل عنده علم إجمالي بعقل أو الهام أو نقل ، ودل عقله على التفتيش والاستفسار والتحصيل ، ثم انه قصر.

لحصول العلم بعقاب الكافر مطلقا من الكتاب والسنة ، وبعض افراد المسلمين ، لان العقل يحكم بعدم جوازه مع الجهل المطلق والغفلة المحضة ، ولا

__________________

(١) جامع احاديث الشيعة ، باب (٨) حكم ما إذا لم يوجد حجة على الحكم ، بعد الفحص ، في الشبهة الوجوبية والتحريمية حديث : ٦ نقلا عن عوالي اللئالى ، والحديث منقول بالمعنى.

(٢) قوله قدس سره : (دليل الاجزاء) خبر لقوله : قبل أسطر (ترك إيجاب الإعادة)

١٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

يسلم وجود مثل هذا الفرد ، بل يجب في الجملة اعلامه بوجه.

ولو لم يكن أصلا ، ما نقول بإمكانه البتة ، لاستحالة عقاب مثله على الله عقلا ، وعدم وصول النبوة أو الإمامة البتة.

ولانه لو لا ذلك ، لزم افحام الأنبياء ، وعدم التكليف بالكليّة ، فيلزم الفساد في العام ، فلا بدّ ان يلقى الله تعالى في قلبه وجوب الاسماع والتفتيش والتفسير حتى يرتفع محذور تكليف الجاهل والمذكورات.

وانه يكفى في الأصول أيضا مجرد الوصول إلى الحق بمثل ما مر مرارا ، وانه يكفى ذلك لصحة العبادة المشروطة بالقربة ، من غير اشتراط البرهان والحجة على ثبوت الواجب وجميع الصفات الثبوتية والسلبية والنبوة والإمامة وجميع أحوال القبر ويوم القيامة ، بل يكفي في الايمان اليقين ثبوت الواجب والوحدانية والصفات في الجملة بإظهار الشهادة به وبالرسالة وبإمامة الأئمة ، وعدم إنكار ما علم من الدين بالضرورة ويلزمه اعتقاد سائر المذكورات في الجملة.

هذا ظني ، قد استفدته أيضا من كلام منسوب إلى أفضل العلماء وصدر الحكماء نصير الحق والشريعة ومعين الفرقة الناجية بالبراهين العقلية والنقلية على حقيقة مذهب الشيعة إلا ثنا عشرية نفعه الله بعلومه الدينية وحشره الله مع محمد خاتم الرسالة وآله الامناء الأئمة عليهم أفضل السلام والتحية.

ومما يؤيده الشريعة السهلة السمحة ، وان البنت (التي ما رأت أحدا إلا والديها مع فرضهما متعبدين بالدين الحق ، فكيف الغير) إذا بلغت تسعا يجب عليها جميع ما يجب على غيرها من المكلفين على ما هو المشهور عند الأصحاب ، مع انها ما تعرف شيئا ، فكيف يمكنها تعلم كل الأصول بالدليل ، والفروع من أهلها على التفصيل المذكور ، قبل العبادة ، مثل الصلاة على ان تحقيقها العدالة في غاية الإشكال كما مر. وقد لا يمكن لها فهم الأصول بالتقليد فكيف بالدليل. وعلى ما ترى انه قد صعب على أكثر الناس من الرجال والنساء جدا فهم شي‌ء من

١٨٩

ولا يعيد لو ذكر ما فعل وان كان في الوقت.

______________________________________________________

المسائل على ما هي إلا بعد المداومة.

وبالجملة هذا ظني ، ولكنه لا يغني من الجوع ، ولعلى لا أعاقب به إنشاء الله ، وقد استبعدت ما ذكره بعض الأصحاب ، سيما ما في الرسالة الألفية مع قوله في الذكرى بصحة صلاة العامة ، وقد أشار الشراح إليه أيضا ، وقد أشار إليه الشارح أيضا ، وهنا توقف واستشكل في الصحة على تقدير الموافقة وعدم حصول شك من هذه الصور ، مع حكمه أولا بالبطلان ووجوب التعلم ، وجعل ذلك سبب حصر هم الشكوك في الأربعة معللا بكثرة وقوعها دون غيرها ، مع ان المقدمتين في محل المنع ، فتأمل.

قوله : «ولا يعيد إلخ» دليل ما ذكره واضح : وهو ان الإتيان بالمأمور به يدل على الاجزاء ، فلا معنى لوجوب الإعادة بعده.

وأيضا معلوم ان الغرض من الأمر بالاحتياط ، تصحيح الصلاة : وانه قد صرح في بعض الاخبار (١) على ما مر : انه على تقدير النقص ، تمام الصلاة.

ولا فرق في ذلك بين الصور كلها على تقدير عدم الذكر الا بعد الاحتياط كله ، لما مر وهو واضح.

وكذا لو ذكر في الأثناء التمام وعدم الحاجة إليه فالظاهر انه لا اشكال وان تتميمها حينئذ على قصد التنفل كما يشعر به الاخبار.

واما لو ذكر النقص حينئذ فالظاهر الصحة أيضا مع الإتمام ، واعتبار (اغتفار ظ) الزيادة من النية والتكبير ، للأمر بها للأصل ، والصلاة على ما افتتحت (٢)

__________________

(١) الوسائل باب (٨) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٣

(٢) لم نعثر على رواية بهذه العبارة ، نعم في باب (٢) من أبواب النية (في عدم بطلان صلاة من نوى فريضة تم ظن أنها نافلة وبالعكس ، إذا ذكر ما نوى أولا) ما يدل على المطلوب ، ففي حديث : ٢ من الباب المذكور (قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل قام في الصلاة المكتوبة فسها فظن أنها نافلة ، أو قام في النافلة فظن أنها مكتوبة ، قال : هي على ما افتتح الصلاة عليه) فراجع

١٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ولان الظاهر من الأمر بالاحتياط ـ مع التعليل : بأنه ان كانت ناقصة فهو تمامها والا فنافلة ـ عموم الحكم ، سواء كان ذكر في الأثناء أو بعده ، بل القبل أيضا ، الا انه خرج بدليل العقل : ان المراد به مع الشك وقد زال ، وكأنه إجماعي أيضا ، وحينئذ يفعل ما مر في نقصان الركعة.

ويحتمل القطع والإتيان بمقتضى النقصان ، ويكون تلك الزيادة مغتفرة للأمر بها ، وان كانت ركعة وما فوقها ، فلا تبطل ان لم يكن فعل منافيا مبطلا غير الاحتياط كما مر ، فيبطله.

ولان هذه لا تسمى زيادة ركعة أو ركن في الصلاة ، بل صلاة أخرى فعلت حينئذ بأمر الشارع بعد الخروج من الأولى ، لإتمامها الا انه قد تبين عدم كونها من تمامها مع الخروج عنها ، فالبطلان مطلقا بعيد.

ولعل الأول أولى لما مر : ويحتمل كون الإعادة مع ذلك أحوط ، قاله في الشرح أيضا مع السجود. هذا فيما إذا توافقا ، واما إذا لم يتوافقا كما لو ذكر انها الثنتان وهو في أثناء الركعتين جالسا قبل فعل الركعتين قائما ، أو ذكر انها الثلاث بعد الشروع في الركعتين قائما ، فالظاهر هنا القطع والإتيان بمقتضى الذكر من النقصان ، لان الظاهر المتبادر من الرواية : ان الأمر بهما قائما لاحتمال الركعتين وبهما جالسا لاحتمال الثلاث ، والا لأمكن الاكتفاء بالركعتين قائما أو بركعة قائما مع الثنتين جالسا ، أو ثلاثا قائما بتسليمتين ، فلا تجزى إحداهما عن الأخرى ولا يصير بدلها ، والزيادة مغتفرة لما مر ، فلا تبطل الا مع المبطل المتقدم ، وان هو محتمل أيضا كما في السابق.

ويحتمل الصحة وعدم الالتفات الى النقص خصوصا في الصورة الثانية ، مع ذكره النقصان قبل الشروع في ركوع الركعة الثانية من ركعتين قائما ، للموافقة في

١٩١

ولو ذكر ترك ركن من احدى الصلاتين أعادهما مع الاختلاف ، والا فالعدد ،

______________________________________________________

الصورة مع الفائتة وعدم زيادة مبطلة ، وقد مر مثله في النقل من اللاحقة إلى السابقة في الأثناء مع الإمكان : وأيضا ورد في جواز احتساب اللاحقة عن السابقة انها اربع مكان اربع (١) والظاهر انه هنا بالطريق الاولى : وليس كذلك الصورة الأولى ، لعدم الموافقة.

نعم يمكن الصحة مطلقا ، وإتمام تتمة النقص وحذف الزوائد ولكنه بعيد على ما مر ، وبهذا ظهر الفرق بين تقديمهما قائما وجالسا ، فقد يكون تقديم الركعتين قائما لهذه الفائدة ، فإنها قد تصح حينئذ مع عدم التوافق أيضا بخلاف العكس ، فلا ينبغي الخروج عن النص ، والاجتهاد في مقابلته فإنه قد يكون له وجه خفي ، ولهذا منع القياس ، فهذا مؤيد للقول بوجوب تقديم الركعتين قائما ، وقد يجعل وجوب التقديم مؤيدا لهذا ، لأنه فائدة ظاهرة وليست غيرها ظاهرة فيحمل عليه ، فافهم.

قوله : «ولو ذكر ترك ركن إلخ» دليل وجوب اعادة الصلاتين مع الاختلاف ، مطلقا ، بذكر ترك الركن المبطل ، واضح : لعل لا خلاف فيه : ولانه يجب إعادة الصلاة الباطلة اتفاقا مطلقا ، أداء في الوقت ، وقضاء خارجه ، والبراءة لا تحصل الا بإعادتهما.

واما الاكتفاء بالعدد في المتفقة ، فلان الباطلة أحدا هما لا بعينها ، والتكليف بالزيادة منفي عقلا ونقلا الا بدليل ، وليس ، والاشتباه لا يصلح دليلا لذلك لانه قد يحصل بفعل المطلق مع الترديد في النية ، أو قصد ما في الذمة ، والجزم في النية موجود ،

ووجوب التعيين ـ على تقدير تسليمه في غير هذا الموضوع ـ هنا ممنوع.

وهذا الحكم لا خصوصية له بهذه المسئلة ، بل هو حكم مطلق البطلان مع

__________________

(١) الوسائل باب (٦٣) من أبواب المواقيت قطعة من حديث : ١

١٩٢

ويتعين الفاتحة في الاحتياط.

______________________________________________________

الاختلاف والاتحاد ، وسيجي‌ء له زيادة تحقيق.

قوله : «ويتعين الفاتحة في الاحتياط» لأنها صلاة ، ولهذا قد تقع نافلة. وانها مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم. ولا صلاة إلا بفاتحة الكتاب كما ورد في الخبر عنه صلى الله عليه وآله (١) وللأمر بها في الاخبار الكثيرة جدا من المتقدمة ، وغيرها ، مثل صحيحة زرارة وحسنة الطويلة المشتملة على عدم نقض اليقين بالشك (٢) وصحيحة محمد بن مسلم في الشك بين الاثنتين والأربع (٣) وأظن ان ليس هنا صحيح غيرهما ، وان لم يكن فيهما صريح الأمر ، ولكن قوله عليه السلام في هذا المقام لتعليمهم الاحتياط ، (يصلى ركعتين بفاتحة الكتاب) يفيد ان قرائتها داخلة في ماهيتها المأمور بها فيكون جزء واجبا.

ولان الظاهر انه خبر بمعنى الأمر.

ولا ينافيها ما وقع في بعض الاخبار من الأمر بالاحتياط من غير بيان كيفيتها ، لانه ما بيّن فيه الكيفية.

مع ان الزيادة مقبولة ، وقد ثبت في الأصول.

وليس من باب المطلق والمقيد حتى يقال انه يحمل على المقيد ، لان ذلك انما يلزم على تقدير المنافاة كما حقق في الأصول ، ومعلوم عدم المنافاة بين ذكر شي‌ء في موضعه مرة وعدمه في أخرى ، عدمها بين مطلق المطلق والمقيد ، وهو ظاهر.

فالقول بجواز التسبيح لانه البدل المجوز فيه ذلك ، وللمطلقة ، بعيد ، لعدم التساوي بين البدل والمبدل ، على تقدير تسليم البدلية ، ولذا أوجب فيهما النية و

__________________

(١) صحيح مسلم كتاب الصلاة (١١) باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة حديث (٣٤ ـ ٣٦) عن عبادة بن الصامت يبلغ به النبي (ص) لا صلاة لمن لم يقرء بفاتحة الكتاب ، وفي بعضها (لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن) وغير ذلك من العبائر فراجع.

(٢) الوسائل باب (١١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٣ وأورد قطعة منه في باب (١٠) من الأبواب المذكورة حديث : ٣

(٣) الوسائل باب (١١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٦

١٩٣

ولا تبطل الصلاة بفعل المبطل قبله ،

______________________________________________________

التكبير وغيرهما ، ولما مر.

قوله : «ولا تبطل إلخ» دليله يعرف مما مر : من أن الاحتياط صلاة على حدة وكون سببها الشك.

واحتمال جبر النقص بها ، لا يجعلها جزء حقيقتها ، حتى تكون قبلها في الصلاة فتبطل بفعل منافيها ، وهو ظاهر ، ولهذا قد يكون نافلة ووجب فيها ما وجب في الصلاة.

وبالجملة لا شك أنها صلاة مستقلة وان كانت جابرة لنقص ما سبقها ، وقلنا بوجوب فوريتها بعدها بالإجماع كما نقل في الشرح عن الذكرى وقيل باستفادته عن مثل رواية أبي بصير (فقم) (١) حيث رتب فعلها على الشك : على ان الإجماع غير ظاهر ، وحديث أبي بصير ليس تصريح لا صحيح ، وان قالوا انه صحيح كما مر ، ودلالته أيضا غير واضحة ، فإن الظاهر ان المراد بالفاء في أمثالها مجرد التعقيب والعطف لا عدم التأخير ، ولهذا ورد ، «ثم» في صحيحة محمد بن مسلم (٢) وحسنة الحلبي (٣) ورواية ابن أبي يعفور (٤) وعدم شي‌ء في غيرها ، مثل صحيحة زرارة وحسنته (٥) فتأمل : ومع تسليم ذلك يلزم البطلان بالمنافي كما يقولون بذلك مع التأخير ،

__________________

(١) الوسائل باب (١١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٨ ولفظ الحديث (إذا لم تدر أربعا صليت أم ركعتين فقم الحديث)

(٢) الوسائل باب (١٠) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٤ ولفظ الحديث (فان كان أكثر وهمه إلى الأربع تشهد وسلم ثم قرء فاتحة الكتاب الحديث)

(٣) الوسائل باب (١٠) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٥ ولفظ الحديث (ان كنت لا تدري ثلاثا صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شي‌ء فسلم ثم صل الحديث)

(٤) الوسائل باب (١١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢ ولفظ الحديث (عن الرجل لا يدرى ركعتين صلى أم أربعا؟ قال : يتشهد ويسلم ثم يقوم الحديث)

(٥) الوسائل باب (١١) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٣ ـ ٤ ولفظ الحديث (من لم يدر في أربع هوام في ثنتين وقد أحرز الثنتين؟ قال : يركع بركعتين واربع سجدات الحديث) وفي آخر (قال يسلم ويقوم فيصلي ركعتين)

١٩٤

ويبنى على الأقل في النافلة ويجوز الأكثر.

______________________________________________________

لأن الأمر دال على الوجوب ، والنهي عن جواز التأخير ، والأمر والنهي إذا كانا متعلقين بالأمر الخارج لا يد لان على البطلان ، وهو ظاهر قاله الشارح لرد دليل المصنف والشهيد على البطلان ، والظاهر ان مقصود هما إثبات الجزئية بذلك ولهذا قالوا : وعدم جواز الكلام قبلها ، ووجوب السجدة للسهو للكلام قبلها : يدل على الجزئية ، يعنى بقاء حكمها ، وكذا فورية وجوب فعل الاحتياط يدل عليه ، الا انه لا يتم ذلك لما مر ، وللأصل ، فتأمل.

قوله : «ويبنى على الأقل في النافلة إلخ» لعل دليله عدم وجوب النافلة عند هم بالشروع ، بل المصلى بالخيار في القطع والإتمام ، وقد صرح المصنف بذلك في المنتهى ، فلا يضره البناء على الأقل والأكثر ، لأن غاية ما يلزمه اما النقص أو الزيادة وهما جائز ان مع الشكوك ، ويمكن كون الأقل أفضل لزيادة الصلاة ، وعدم لزوم النقص ، وكونه يقينا ، مع عدم ورود ما ينافيه كما مر في الفريضة.

وظاهر صحيحة محمد بن مسلم ـ عن أحدهما عليهما السلام قال : سألته عن السهو في النافلة؟ فقال : ليس عليك شي‌ء (١) ـ عدم الالتفات الى الشك والبناء على الأكثر ، كما قيل مثل ذلك في السهو مع الظن ، ومع الامام ، والكثرة : ويحتمل عدم سجود السهو ، بل الظاهر نفى جميع أحكام السهو المتقدمة في الفريضة ، كأنها رخصة في سقوط الاحكام عن النافلة ، ويرتب الثواب المطلوب عليها مع ذلك فلا تبطل بالشك إذا كانت ركعة أو ركعتين أو أكثر وان كان في الأولتين ، وعدم الالتفات في الشك مع تجاوز المحل وبدونه وعدم سجود السهو بسببه الذي كان في الفريضة ، ولكن يكون في البطلان بترك الركن كالفريضة ، ويحتمل في الزيادة أيضا ذلك ، ويمكن أولوية فعل جميع ما يفعل في الفريضة هنا حتى سجود السهو لكلام في غير المحل وغير ذلك فتأمل.

__________________

(١) الوسائل باب (١٨) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١

١٩٥

ولو تكلم ناسيا ، أو شك بين الأربع والخمس ، أو قعد في حال القيام ، (قيام ـ خ) أو قام في حال القعود (قعوده خ) وتلافاه على رأى ، أو زاد أو نقص غير المبطل ناسيا على راى ـ سجد للسهو.

وهما سجدتان بعد الصلاة ، يفصل بينهما بجلسة ، ويقول فيهما : بسم الله وبالله اللهم صل على محمد وآل محمد ، أو : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، ويتشهد تشهدا خفيفا ويسلم.

______________________________________________________

قوله : «ولو تكلم ناسيا إلخ» قد مرت هذه المسئلة ، كأنه إنما أعادها للاستيفاء والاستقلال ، ولا يظهر اختيار المصنف وجوبهما للشك في كل زيادة ونقيصة في غير المختلف ، وليس بمعلوم قول احد بذلك سوى ما يفهم منه ، واختار عدمه في المنتهى ، وقد مرت المسئلة مع دليلها مفصلة فتذكر وتأمل.

واعلم ان المصنف ذكر الأمور الخاصة ثم عممها مع دخولها تحته ، إشارة إلى الخلاف ، وخصوص الأدلة.

وان رواية عمار الضعيفة (١) الدالة على وجوبهما للقيام موضع القعود وبالعكس ، معارض (ضة ظ) بموثق الحلبي : قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يسهو في الصلاة فينسى (فيسهو خ) التشهد؟ فقال : يرجع فيتشهد ، قلت : أيسجد سجدتي السهو؟ فقال : لا : ليس في هذا سجدتا السهو (٢) قاله المصنف في المنتهى ، وقال أيضا انها من صور النزاع ثم قال : وفي الموثق عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من حفظ سهوه فأتمه فليس عليه سجدتا السهو (٣) وأجاب عن رواية عمار بضعف السند.

قوله : «وهما سجدتان بعد الصلاة إلخ» قد مر ما دل على انهما ثنتان ، وبعد

__________________

(١) الوسائل باب (٣٢) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢

(٢) الوسائل باب (٩) من أبواب التشهد حديث : ٤

(٣) الوسائل باب (٣) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة قطعة من حديث : ١١

١٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الصلاة ، مع ما يدل على تقديمهما على السلام بالنقيصة ، وتأخيرهما عنه للزيادة ، كما هو رأى البعض ، وان الأوّل أرجح للكثرة مع الشهرة ، وان التخيير للنقيصة محتمل ، للجمع بين الروايات الصحيحة ، وان كانت رواية واحدة من طرف التقديم ، وحمل في الفقيه والتهذيب ما يدل على التفصيل ، على التقية.

واما الفصل بينهما بجلسة : كأنه مأخوذ من السجدتين في الصلاة ، فإنهما هكذا ، ولعله لا خلاف فيه ، والا فما اعرف له دليلا ، وليس الفصل منحصرا فيه ، بل قد يحصل بدونه ، كما في سجدتي الشكر.

واما الذكر : فقد مرّ ان الظاهر استحبابه ، سيما المعين ، لعدم الدليل على الوجوب ، مع التأييد برواية عمار.

وما نقل : في قول الذكرين المذكورين ـ لا يدل على الوجوب ، فان التعليم أعم من الواجب والندب وكذا فعله (ع) الذي مقتضى سهوه عليه السلام (١) : لو جوز ، والأصل العدم ، وهو مختار المصنف في المنتهى ، للأصل ، المؤيد برواية عمار : انهما سجدتان فقط (٢) مع قوله بوجوب التشهد والسلام فيه للأخبار المتقدمة.

واما التشهد وخفته : فدليله ما في الرواية المتقدمة ، فتشهد فيه تشهدا خفيفا (٣) كأنه عبارة عن قول : اشهد ان لا إله إلا الله واشهد ان محمدا رسول الله اللهم صل على محمد وآل محمد.

ويحتمل الشهادة المشهورة ، والشهادتين حسب ، والشهادة بالالوهية فقط ، ولعل لا قائل بشهادة واحدة وبدون الصلاة ، ولعل التخفيف رخصة ولكنه أحوط.

ويمكن استحباب التكبير للإمام ، وضعا ، ورفعا ، كما يدل عليه رواية عمار

__________________

(١) الوسائل باب (٢٠) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١

(٢) الوسائل باب (٢٠) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة قطعة من حديث : ٣

(٣) الوسائل باب (٢٠) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة قطعة من حديث : ٢

١٩٧

من ترك من المكلفين الصلاة مستحلا ممن ولد على الفطرة قتل.

______________________________________________________

النافية لكل شي‌ء إلا السجدتين (١) وغيرها ، وفي اخرى : انه صلى الله عليه وآله كبر في سجود السهو (٢) وفيه تأمل وقال المصنف في المنتهى بعد نقله عن الشيخ التكبير : ان أراد الوجوب فممنوع ، وان أراد الاستحباب فهو مسلم : وفيه تأمل لغير الامام ، لعدم الدليل ، وبعد القياس الى الامام مع ذكر العلة ، وهي التنبيه والى سجدة الصلاة ، لعدم ظهور الجامع شرعا. وأيضا قال المصنف : بعدم تداخل سجود السهو ، وقد مر ، ولا يبعد بعض ما مر في بحث تداخل الأغسال دليلا عليه ، فتذكر.

وكذا ما يدل على سجدتي السهو فقط للافعال الكثيرة ، مثل التشهد الكثير مع الجلوس الطويل ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله والكلام الكثير ، وأيضا الخفة تناسبه ، وعسر تحقيق الكثرة والتعدد أيضا ، فإن العرف غير مضبوط ، وكذا اصطلاح الفقهاء ، ولا شك ان عدم التداخل اولى.

«خاتمة» قوله : «من ترك من المكلفين إلخ» لعل قتل مستحلها وكفره ـ إذا كان رجلا بالغا مسلما ، ولد على الفطرة ، وسيجي‌ء تحقيقها ـ مما لا خلاف فيه ، ولأنها مما علم من الدين ضرورة ، فيرتد ويقتل ، نعم ان أظهر ما يمكن ، قبل. للخبر المشهور ، بل المتفق ، ادرؤا الحدود بالشبهات (٣) وللأصل ، والاحتياط في الدماء ، وإمكان ما ذكره : مثل ان يقول : ما كنت اعرف وجوبها ، وأمكن عدم المعرفة منه ، أو يقول :

__________________

(١) الوسائل باب (٢٠) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة قطعة من حديث : ٣

(٢) الوسائل باب (١٩) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٩ ولفظ الحديث (قال فاستقبل القبلة وكبر وهو جالس ثم سجد سجدتين الحديث)

(٣) الوسائل باب (٢٤) من أبواب مقدمات الحدود وأحكامها العامة حديث : ٤ ولفظ الحديث (قال رسول الله صلى الله عليه وآله ادرؤا الحدود بالشبهات ولا شفاعة ولا كفالة ولا يمين في حد)

١٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

قصدت النافلة ، أو صلاة العيد مع عدم الشرائط ووجودها ، أو الكسوف ممن أمكن ذلك ، وكذا لو ادعى الغفلة أو النسيان.

والظاهر ان المراد بالضروري الذي يكفر منكره : الذي تبت عنده يقينا كونه من الدين ولو كان بالبرهان ، ولم يكن مجمعا عليه ، إذ الظاهر ان دليل كفره ، هو إنكار الشريعة وإنكار صدق النبي صلى الله عليه وآله مثلا في ذلك الأمر مع ثبوته يقينا عنده ، فليس ان كل من ينكر مجمعا عليه ، يكفر ، كالقضاء ، والشرط المجمع عليه ، مثل الطهارة ، والجزء كذلك مثل الركوع ، دون المختلف فيه كما ذكره الشارح : فان المدار على حصول العلم والإنكار وعدمه ، الا انه لما كان حصوله في الضروري معلوما غالبا جعل ذلك مدارا وحكموا به ، فالمجمع عليه ما لم يكن ضروريا لم يؤثر ، وصرح به التفتازاني في شرح الشرح مع ظهوره ، فحينئذ لو قال المنكر ، أردت استحلال ترك القضاء في الجملة ، أو في بعض الأفراد ـ فإنه قد يجهله العوام ، بل بعض الخواص أيضا قبل.

ولو أنكر بعض المختلف ، بالوصف المذكور ، يكفر ، فتأمل.

واما غير البالغ : فالظاهر أنه يؤدب.

والكافر : لا يقتل.

والمرأة : تستتاب ، فان تابت : والا خلدت السجن ، لما روى في الشرح عن الباقر عليه السلام المرأة إذا ارتدت ، استتبت ، فان تابت ، والا خلدت السجن وضيق عليها في حبسها (١)

واما الضرب حال الصلاة حتى تتوب أو تموت ، كما ذكره في الشرح والمشهور بين الطلبة ، فما رأيت دليله ، لعله من باب النهي عن المنكر ، والمراد الضرب في

__________________

(١) الوسائل باب (٤) من أبواب حد المرتد حديث : ٦ ولفظ الحديث (عن ابى جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في المرتد يستتاب فان تاب وإلا قتل : والمرأة إذا ارتدت عن الإسلام استتيبت ، فان تابت وإلا خلدت في السجن وضيق عليها في حبسها)

١٩٩

ولو كان مسلما عقيب كفر أصلي ، استتيب فان امتنع قتل.

______________________________________________________

الجملة ، لا الى ان تتوب أو تموت بالضرب ، والا فهو القتل بصعوبة ، كما يتوهم من عبارة الشارح : (بل تحبس وتضرب أوقات الصلاة حتى تموت أو تتوب).

ويبعد إلحاق الخنثى بالرجل : لعدم الإجماع ، وعدم دليل عام شامل لها ، مع الأصل ، وعموم أدلة قبول التوبة من الايات (١) والاخبار (٢) والإجماع ، والاحتياط في الدماء ، وإلحاقها به محتمل أيضا ، ولا ينكشف الحال الا بالاطلاع على الأدلة وما يحضرني الان ذلك.

قوله : «ولو كان مسلما عقيب كفر إلخ» لعل دليله الإجماع أيضا فيكلف بالندم والعزم على عدم العود ، واعتقاد وجوبها ، قيل : ولو لم يفعل عزر : لعل الدليل النهي عن المنكر ، ووجوب التعزير على كل حرام عندهم ، لكن دليله غير واضح ، فان امتنع من التوبة ، قتل : ودليله أيضا غير واضح ، لعله الإجماع ، وقال في الشرح لقوله : (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ) الآية) (٣) وفيه تأمل.

واعلم انه يفهم من الشرح ، اشتراط الخبر بوجوب الصلاة ، لقبول التوبة ، عن استحلال تركها ، فلو تاب بدونه وفعلها (٤) (أو ـ خ ل) واعتقد ، لم يقبل توبته ، كما انه لا يحكم بإسلام الكافر بفعل الصلاة ، سواء كان في دار الحرب أو

__________________

(١) الايات الشريفة في ذلك كثيرة ، مثل قوله تعالى ((وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) : الشورى : ٢٥) وقوله تعالى (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) : التوبة ١٠٤) وقوله تعالى ((وَإِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) : طه ـ ٨٢ وقوله تعالى ((وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) : النور : ٣١) وغير ذلك

(٢) الاخبار في ذلك أكثر من ان تحصى ، وعليك بالمراجعة في مظانها ولا سيما أبواب جهاد النفس من الوسائل ، (فعن أبي جعفر عليه السلام : ان الله تبارك وتعالى أشد فرحا بتوبة عبده في رجل أضل راحلته وزاده في ليلة ظلماء فوجدها ، فالله أشد فرحا بتوبة عبده من ذلك الرجل براحلته حين وجدها) وقوله عليه السلام في حديث (من تاب ان يعاين قبل الله توبته)

(٣) التوبة : ٥ ـ ١١

(٤) وحاصل المراد. ان قبول توبته عن استحلال ترك الصلاة ، مشروط بالاخبار باعتقاده بوجوبها ، فلو فعل الصلاة بدون الاخبار لم تقبل توبته.

٢٠٠