المقتصر

الشيخ ابن فهد الحلّي

المقتصر

المؤلف:

الشيخ ابن فهد الحلّي


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٩

من الصلاة وقع مشروعا مع بقاء الحدث ، فلا يبطل بزوال الاستباحة ، كالمبطون إذا فجأه الحدث ، وعمل بها الحسن على عمومها ، فلا تبطل الصلاة عنده بحصول الحدث وان كان عمدا ، بل يتوضأ ويبني مع وجود الماء.

وردهما ابن إدريس وأوجب الإعادة مطلقا ، سواء كان الحدث عمدا أو نسيانا ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

الركن الرابع

في النجاسات

قال طاب ثراه : وفي [ نجاسة ] (١) عرق الجنب من الحرام ، وعرق الإبل الجلالة ، ولعاب المسوخ ، وذرق الدجاج والثعلب والأرنب والفأرة والوزغة اختلاف ، والكراهية أظهر.

أقول : هنا مسائل :

الأولى : عرق الجنب حراما وجلالة الإبل قال الشيخان بنجاستهما ، وقال سلار وابن إدريس بطهارته ، وهو مذهب المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

الثانية : لعاب المسوخ ، وذهب ابن حمزة وسلار والشيخ في البيوع من الخلاف الى نجاسته ، وذهب المصنف والعلامة إلى الطهارة ، وهو المعتمد.

الثالثة : ذرق الدجاج غير الجلال وبنجاسته قال الشيخان وبالطهارة قال الصدوق والسيد والتقي والحسن والمصنف والعلامة.

الرابعة : الثعلب والأرنب وبالنجاسة قال الشيخان والتقي والقاضي ، وبالطهارة

__________________

(١) الزيادة من المختصر المطبوع.

٦١

قال ابن إدريس والمصنف والعلامة.

الخامسة : الفأرة والوزغة ، وبالنجاسة قال الشيخان وسلار ، وبالطهارة قال ابن إدريس والمصنف والعلامة.

قال طاب ثراه : وفيما بلغ قدر الدرهم مجتمعا روايتان ، أشهرهما وجوب الإزالة.

أقول : ذهب الشيخان والفقيهان والقاضي وابن إدريس واختاره المصنف والعلامة إلى وجوب ازالة مقدار الدرهم ، وبه صحيحة (١) عبد الله بن أبي يعفور.وذهب السيد وسلار الى عدم الوجوب ، وجعلا نصاب العفو قدر الدرهم وبه حسنة (٢) محمد بن مسلم ، والأول هو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو كان متفرقا لم تجب إزالته ، وقيل : تجب مطلقا ، وقيل : بشرط التفاحش.

أقول : ذهب ابن إدريس الى عدم وجوب الإزالة في المتفرق حتى يبلغ كل موضع منه قدر الدرهم ، واختاره المصنف ، وذهب الشيخ في المبسوط (٣) الى الوجوب ان بلغ الدرهم لو جمع ، واختاره العلامة ، وهو أحوط.

وفي النهاية (٤) لا يجب إزالته مع قصور كل موضع منه عن الدرهم إلا إذا تفاحش. ومعنى التفاحش استقذار النفس له ونفرتها منه.

قال طاب ثراه : ولو نجس أحد الثوبين ولم يعلم عينه صلى الصلاة الواحدة في كل واحد مرة وقيل يطرحهما ويصلي عريانا.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ ـ ٢٥٥.

(٢) فروع الكافي ٣ ـ ٥٩ ، ح ٣.

(٣) المبسوط ١ ـ ٣٦.

(٤) النهاية ص ٥١.

٦٢

أقول : الأول مذهب الشيخ في المبسوط (١) واختاره المصنف والعلامة وهو المعتمد. والثاني مذهب ابن إدريس ونقله في المبسوط (٢) عن بعض أصحابنا.

قال طاب ثراه : ولو نسي في حال الصلاة فروايتان ، أشهرهما أن عليه الإعادة.

أقول : المعتمد وجوب الإعادة على الناسي ، (٣) في الوقت وفي خارجه ، وهو مذهب المفيد والسيد واختاره المصنف والعلامة ، وهو في صحيحة أبي بصير (٤) ، وقال في الاستبصار : يعيد في الوقت (٥). واختاره العلامة في القواعد ، وهو في حسنة الحسن بن محبوب (٦).

قال طاب ثراه : ولو لم يعلم وخرج الوقت فلا قضاء ، وهل يعيد مع بقاء الوقت؟ فيه قولان أشبههما أنه لا إعادة.

أقول : الإعادة في الوقت مذهب العلامة في القواعد ، وفي باب المياه من النهاية (٧) وعدمها مطلقا مذهب المفيد والسيد والشيخ في تطهير الثياب من النهاية (٨) ، واختاره ابن إدريس والمصنف والعلامة في القواعد ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو منعه مانع صلى فيه ، وفي الإعادة قولان ، أشبههما لا إعادة.

أقول : لو لم يكن عنده الا ثوب نجس ألقاه وصلى عريانا ، ولو منعه مانع

__________________

(١) المبسوط ١ ـ ٩٠.

(٢) المبسوط ١ ـ ٩١.

(٣) في « س » : الناس.

(٤) تهذيب الأحكام ١ ـ ٢٥٤.

(٥) الاستبصار ١ ـ ١٨٤.

(٦) تهذيب الأحكام ١ ـ ٤٢٤.

(٧) النهاية ص ٨.

(٨) النهاية ص ٥٢.

٦٣

من الصلاة عريانا كالبرد أو غيره صلى فيه ، وهل يعيد؟ قال الشيخ : نعم ، وبعدمها قال ابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة؟

والحق جواز الصلاة فيه وان لم يضطر إليه إذا لم يجد غيره ، وقد بسطنا (١) القول في هذه المسألة في كتاب المهذب (٢).

قال طاب ثراه : الشمس إذا جففت البول أو غيره من الأرض والبواري والحصر جازت الصلاة عليه ، وهل يطهر؟ الأشبه نعم.

أقول : أكثر الأصحاب على الطهارة ، واختاره المصنف في الشرائع (٣)؟والنافع (٤) والعلامة في كتبه ، وهو المعتمد. وقال الراوندي : لا تطهر بذلك ، وهو مذهب المصنف في المعتبر (٥).

قال طاب ثراه : وقيل في الذنوب تلقى على الأرض النجسة بالبول انها تطهر (٦) مع بقاء ذلك الماء على طهارته.

أقول : الحق أنها لا تطهر ما لم يبلغ الملقي كرا ، والأول مختار الشيخ ، والثاني مختار المصنف والعلامة.

قال طاب ثراه : وفي المفضض قولان ، أشبههما الكراهية.

أقول : مذهب المصنف وهو الكراهية مذهب الشيخ في الخلاف (٧) وقال

__________________

(١) في « س » : بطلنا.

(٢) المهذب البارع ١ ـ ٢٤٩ ـ ٢٥٢.

(٣) شرائع الإسلام ١ ـ ٥٥.

(٤) المختصر النافع ص ١٩.

(٥) المعتبر ١ ـ ٤٤٦.

(٦) في المختصر المطبوع : تطهرها.

(٧) الخلاف ١ ـ ٦٩.

٦٤

في المبسوط (١) بوجوب اجتناب (٢) موضع الفضة ، وهو المعتمد ، واختاره فخر المحققين.

قال طاب ثراه ويكره مما لا (٣) يؤكل لحمه حتى يدبغ على الأشبه.

أقول : جلد ما لا يؤكل لحمه يجوز استعماله في غير الصلاة قبل الدبغ على كراهية وهو مذهب المصنف والعلامة ، وقال الشيخ والسيد بالتحريم حتى يدبغ.

قال طاب ثراه : ويغسل الإناء من الولوغ (٤) ثلاثا أولاهن بالتراب على الأظهر.

أقول : هذا هو المشهور ، والمفيد جعل الوسطى بالتراب.

قال طاب ثراه : ومن غير ذلك مرة ، والثلاث أحوط.

أقول : الاكتفاء بالمرة مذهب الأكثر ، وهو مختار المفيد وتلميذه وابن إدريس والمصنف والعلامة. وقال أبو علي بالثلاث.

__________________

(١) المبسوط ١ ـ ١٣.

(٢) في « س » : الاجتناب.

(٣) في « س » و « ق » : ما لا.

(٤) في المختصر المطبوع : ولوغ الكلب.

٦٥

كتاب الصلاة

قال طاب ثراه : ونوافلها أربع وثلاثون على الأشهر.

أقول : أطبق الأصحاب في كتب الفتاوي أن الفرض والنفل في اليوم والليلة أحد وخمسون ركعة ، وبه روايات كثيرة إجمالا وتفصيلا ، فمن أرادها وقف عليها في كتابنا الكبير (١).

وهنا روايات أخر تتضمن النقص عن ذلك ، وحملها الشيخ على المعذور ، وعلى جواز الاقتصار على ذلك ، لان غير الواجب لا يتحتم الإتيان به ، والإتيان ببعض هذه النوافل لا يلزم الإتيان بالباقي ، فمنها : ما تضمن ستا وأربعين (٢) ينقص أربعة من نافلة العصر والوتيرة. ومنها : ما تضمن أربعا وأربعين (٣) بإسقاط ركعتين من نافلة المغرب مع ما تقدم.

قال طاب ثراه : وفي سقوط الوتيرة قولان.

__________________

(١) المهذب البارع ١ ـ ٢٧٨.

(٢) تهذيب الأحكام ٢ ـ ٦.

(٣) تهذيب الأحكام ٢ ـ ٧.

٦٦

أقول : القولان للشيخ ، والسقوط قال في الجمل (١) والمبسوط (٢) ، وبالتخيير قال في النهاية (٣) ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : أما الأول فالروايات فيه مختلفة الى آخره.

أقول : في هذه المسألة أقوال كثيرة ومباحث منتشرة وروايات متعددة وأشبعنا القول فيها في كتاب (٤) المهذب (٥) وأضربنا عنها هاهنا خوف الإطالة ، ونذكر هنا ما لا بد من تحصيله ، وهو اختصاص الظهر من حين الزوال بمقدار أدائها ، ثم تشترك مع العصر حتى يبقى للغروب قدر العصر فتختص به.

وكذا الكلام في العشائين بالنسبة إلى الحاضر ، وللمسافر بمقدار فرضه ، ذهب اليه المصنف والعلامة ، وهو في رواية داود بن فرقد (٦). وقال الصدوق :إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين معا الا ان هذه قبل هذه ، وكذا الكلام في العشائين ويترتب على الخلاف فوائد ، ذكرناها في الكتاب الكبير (٧) فلتطلب من هناك.

قال طاب ثراه : قيل : لا يدخل وقت العشاء حتى تذهب الحمرة المغربية.

أقول : هذا قول الشيخين والحسن وسلار ، وقال في الجمل (٨) : أول وقت العشاء بعد الفراغ من المغرب ، وهو اختيار ابن إدريس والمصنف والعلامة ، وهو

__________________

(١) الجمل والعقود ص ٢٠.

(٢) المبسوط ١ ـ ٧١.

(٣) النهاية ص ٥٧.

(٤) في « س » الكتاب.

(٥) المهذب البارع ١ ـ ٢٨٤.

(٦) تهذيب الأحكام ٢ ـ ٢٥.

(٧) المهذب البارع ١ ـ ٢٩٠.

(٨) الجمل والعقود ص ٢٠.

٦٧

المعتمد.

قال طاب ثراه : إذا صلى ظانا دخول الوقت ثم تبين الوهم ، أعاد الا أن يدخل الوقت ولا يتم ، وفيه قول آخر.

أقول : إذا ظن المكلف دخول الوقت فصلى ، فان فرغ قبل أن يدخل الوقت أعاد إجماعا ، وان دخل فهو متلبس ولو في التشهد أجزأ عند الشيخين والقاضي وسلار ، وابن إدريس ، والمصنف في كتابيه ، والعلامة في القواعد والإرشاد ويعيد عند السيد ، والقديمين ، والعلامة في المختلف ، وهو المعتمد ، ولم يرجح المصنف في المعتبر شيئا.

قال طاب ثراه : وقيل : هي قبلة لأهل المسجد ، والمسجد قبلة من صلى في الحرم والحرم قبلة لأهل الدنيا. وفيه ضعف.

أقول : هذا التفصيل مذهب الشيخين ، وتلميذيهما ، وابن حمزة ، وابن زهرة وقال السيد وأبو علي : انها الكعبة للمشاهد وجهتها للبعيد ، واختاره ابن إدريس والمصنف ، والعلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وقيل يستلقي ويصلي موميا الى بيت المعمور.

أقول : القائل بذلك الشيخ في النهاية (١) والخلاف (٢) ، والصدوق في كتابه (٣) وبه قال القاضي ان لم يتمكن من النزول ، والا فعليه أن ينزل ، ومنع ابن إدريس والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وقيل : يستحب التياسر لأهل العراق (٤) عن سمتهم ، وهو

__________________

(١) النهاية ص ١٠١.

(٢) الخلاف ١ ـ ٤٤١.

(٣) من لا يحضره الفقيه ١ ـ ١٧٨.

(٤) في المختصر المطبوع : لأهل الشرق.

٦٨

بناء على أن توجههم الى الحرم.

أقول : وجوب التياسر مذهب الشيخ في الجمل (١) والمبسوط (٢) ، وهو ظاهر المفيد ، واستحبابه مذهب المصنف والعلامة ، وكان فخر المحققين يختار لزوم السمت ويمنع من الانحراف يمينا ويسارا ، وهو الأقوى.

قوله « وهو بناء على أن توجههم الى الحرم » اعلم أن لأصحابنا قولين :

أحدهما : أن الكعبة قبلة لمن كان في الحرم ولمن خرج عنه ، والتوجه إليها هو المتعين ، لكن مع المشاهدة العين ، ومع البعد الجهة.

والأخر : أنها قبلة لمن كان في المسجد ، والمسجد قبلة لمن كان في الحرم ، والحرم قبلة لمن خرج عنه ، وتوجه هذا القائل من الافاق ليس إلى الكعبة بل الى الحرم ، وإذا كان كذلك فقد يخرج بهذا (٣) المستقبل من الاستناد الى العلامات عن سمته ، بأن يكون منحرفا الى اليمين ، وقدر الحرم يسير عن يمين الكعبة ، فلو اقتصر على ما يظن أنه جهة أمكن أن يكون مائلا إلى جهة اليمين ، فيخرج عن الحرم وهو يظن استقباله ، إذ محاذاة العلائم على الوجه المحرر قد يخفى على المهندس الماهر ، فيكون التياسر يسيرا عن سمت العلائم مؤديا إلى المحاذاة.

ويؤيد هذا التأويل ما رواه المفضل بن عمر ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن التحريف لأصحابنا ذات اليسار [ عن القبلة ] (٤) وعن السبب فيه؟ فقال : ان الحجر الأسود لما أنزله الله سبحانه من الجنة ووضع في موضعه ، جعل أنصاب الحرم من حيث يلحقه النور ، نور الحجر في يمين الكعبة أربعة أميال وعن يسارها ثمانية

__________________

(١) الجمل والعقود ص ٢٢.

(٢) المبسوط ١ ـ ٧٨.

(٣) في « ق » : هذا.

(٤) الزيادة من التهذيب.

٦٩

أميال ، كلها اثنى عشر ميلا ، فاذا انحرف الإنسان ذات اليمين خرج عن حد القبلة لقلة أنصاب الحرم ، وإذا انحرف ذات اليسار لم يكن خارجا عن حد الكعبة (١).

وهذا الحديث مؤذن بأن مقابلة العلائم قد يحصل معها (٢) احتمال الانحراف وبهذه الرواية يحتج من قال بوجوب التياسر.

قال المصنف : ومن قال باستحبابه استند الى الأصل واستضعف سند الرواية وحملها على الندب ، لدلالتها على الاستظهار. واستقصاء البحث في هذه المسألة مذكور في المهذب (٣) فليطلب من هناك.

قال طاب ثراه : وكذا لو استدبر ، وقيل : يعيده وان خرج الوقت.

أقول : يريد لو تبين (٤) المكلف صلاته الى دبر القبلة وقد خرج الوقت هل يعيد؟ قال الشيخ : نعم ، واختاره العلامة في أكثر كتبه وهو الأحوط ، وقال السيد وابن إدريس : لا ، واختاره المصنف والعلامة في المختلف ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وفي فرو السنجاب قولان ، أظهرهما الجواز.

أقول : هذا هو مذهب (٥) الشيخ في كتاب الصلاة من النهاية (٦) واختاره ابن حمزة والمصنف والعلامة في أكثر كتبه ، ومنع الشيخ في الخلاف (٧) والسيد

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٢ ـ ٤٤.

(٢) في « س » : منعها.

(٣) المهذب البارع ١ ـ ٣١٠ ـ ٣١٧.

(٤) في « س » : تيقن.

(٥) في « س » : المذهب.

(٦) النهاية ص ٩٧.

(٧) الخلاف ١ ـ ٥١١.

٧٠

في الجمل (١) وابن زهرة وابن إدريس والعلامة في المختلف ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وفي الثعالب والأرانب روايتان ، أشهرهما المنع.

أقول : أما رواية الجواز في الثعالب ، فهو ما رواه ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الصلاة في جلود الثعالب ، فقال : إذا كانت ذكية فلا بأس (٢).

وأما في الأرانب فما رواه محمد بن إبراهيم قال : كتبت إليه أسأله عن الصلاة في جلود الأرانب ، فكتب : مكروهة (٣). ولا أعلم قائلاً من الأصحاب بالجواز ، وانما الخلاف في الروايات ، والمتضمنة للمنع كثيرة ، ومن أراد الدلالة على الطرفين (٤) وقف عليها في المهذب (٥).

قال طاب ثراه : وهل يجوز للنساء من غير ضرورة؟ فيه قولان ، أظهرهما الجواز.

أقول : هذا مذهب الأصحاب ، ومنع الصدوق.

قال طاب ثراه : وفي التكة والقلنسوة من الحرير تردد.

أقول : الجواز مذهب الشيخ ، والتقي ، وابن إدريس ، والمصنف. والمنع مذهب الصدوق وأبي علي ، وظاهر المفيد ، وقواه العلامة في المختلف ، واختاره فخر المحققين ، وهو أحوط.

قال طاب ثراه : وهل يجوز الوقوف عليه والافتراش له؟ المروي نعم.

__________________

(١) الجمل والعلم المطبوع في رسائل الشريف المرتضى ٣ ـ ٢٨.

(٢) تهذيب الأحكام ٢ ـ ٢٠٦ ، ح ١٧.

(٣) تهذيب الأحكام ٢ ـ ٢٠٥ ، ح ١٢.

(٤) في « س » : الطريقية.

(٥) المهذب البارع ١ ـ ٣٢٢ ـ ٣٢٣.

٧١

أقول : الجواز مذهب الأكثر ، ومستنده الأصل ، ورواية علي بن جعفر (١) ، والمنع مذهب الشيخ في المبسوط (٢).

قال طاب ثراه : وقيل : يكره في قباء مشدود إلا في الحرب.

أقول : الكراهية مذهب الأكثر ، ومنع صاحب الوسيلة (٣) والمفيد إلا في الحرب إذا لم يتمكن من حله فيجوز للاضطرار ، والأول هو المعتمد.

قال طاب ثراه : وفي القدمين تردد ، أشبهه الجواز.

أقول : الجواز مذهب الشيخ في المبسوط (٤) وابن إدريس واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد. والمنع مذهب الشيخ في الاقتصاد (٥) ، وهو مذهب أبي علي.

قال طاب ثراه : وفي جواز صلاة المرأة إلى جانب المصلي قولان.

أقول : التحريم في التقدم (٦) والمحاذاة مذهب الشيخين والتقي وابن حمزة ، والكراهية فيهما مذهب السيد والمصنف والعلامة.

قال طاب ثراه : وقيل يكره الى باب مفتوح ، أو إنسان مواجه.

أقول : القائل بذلك التقي ولم يذكر غيره ، والأصل عدمه ، ولا بأس باتباع فتواه ، لأنه أحد الأعيان.

قال طاب ثراه : وفي الكتان والقز روايتان ، أشهرهما المنع الا مع الضرورة.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٢ ـ ٣٧٣ ، ح ٨٥.

(٢) المبسوط ١ ـ ٨٢.

(٣) الوسيلة ص ٨٨.

(٤) المبسوط ١ ـ ٨٧.

(٥) الاقتصاد ص ٢٥٨.

(٦) في « س » : التقديم.

٧٢

أقول : الجواز مذهب السيد في المسائل الموصلية والمسائل المصرية الثانية ومستنده رواية ياسر الخادم (١) والمنع مذهبه في غيرهما ومذهب الأصحاب ، وبه تظافرت الروايات.

قال طاب ثراه : وقيل يجبان في صلاة الجماعة.

أقول : استحبابهما مطلقا مذهب الشيخ في الخلاف (٢) وابن إدريس والمصنف والعلامة ، ووجوبهما في الجماعة مذهب الشيخين والقاضي وابن حمزة ، ووجوب الإقامة مطلقا مذهب السيد وأبي علي ، وأوجب الحسن اعادة المغرب والغداة إذا خلتا عن الأذان.

قال طاب ثراه : وفصولهما على أشهر الروايات خمسة وثلاثون فصلا.

أقول : هذا هو المشهور بين الأصحاب وفي كتب فتاويهم لا يختلفون فيه ، وانما الخلاف في الروايات ، ففي رواية الحضرمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام اثنان وأربعون يجعل التكبير في آخر الأذان كأوله ومساواة الإقامة للأذان (٣) وفي رواية صفوان ابن مهران عنه عليه‌السلام أربع وثلاثون بجعل فصول كل منهما مثنى مثنى (٤). وفي رواية معاوية بن وهب عنه عليه‌السلام خمس وعشرون بجعل الأذان مثنى مثنى (٥). وفي رواية عبد الله بن سنان عنه عليه‌السلام تسع وعشرون بجعل الإقامة مرة مرة إلا التكبير فيها فإنه مثنى مثنى والإقامة مرة مرة (٦).

وأما المقاصد ، فثلاثة :

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٢ ـ ٣٠٨ ، ح ١٠٥.

(٢) الخلاف ١ ـ ٢٨٤.

(٣) تهذيب الأحكام ٢ ـ ٦٠ ، ح ٤.

(٤) فروع الكافي ٣ ـ ٣٠٣ ، ح ٤.

(٥) تهذيب الأحكام ٢ ـ ٦١ ، ح ٧.

(٦) تهذيب الأحكام ٢ ـ ٦١ ، ح ٨.

٧٣

الأول

( في أفعال الصلاة )

قال طاب ثراه : الأول النية ، وهي ركن وان كانت بالشرط أشبه ، فإنها تقع مقارنة.

أقول : معناه أن النية وان كانت مشابهة للشرط ، فإنه يجب أن يقع مقارنة لتكبيرة الإحرام بحيث لا يكون بينهما فاصل وان قل ، وليست على حد غيرها من الشروط ، كالطهارة والستر ، فإنه يجوز أن يكون بينهما [ فاصلة ] (١) تراخ ، وذلك لأنها من أفعال الصلاة وتعد من جملتها ، فتكون جزءا وهي أول الأفعال ، فتكون مقارنة.

ووجه مشابهتها للشرط كونها من أفعال القلوب وليست من أفعال الجوارح ، فمع فقدها نحكم بتمام الصلاة في الظاهر لا بصحتها ، وهذا هو بمعنى الشرط ، وهو ما يتوقف عليه صحة الماهية فقوله « وان كانت بالشرط أشبه » لا ينبه على وجود مخالف في المسألة بل ينبه على أنها مع كونها تشابه الشرط ليس حكمها حكم الشرط في جواز تراخيها عن الصلاة ، إذ مشابهة الشي‌ء لا يجب أن يساويه في كل جميع أحكامه ، ولأنها جزء والجزء داخل في الماهية غير منفصل عنها ، فهي جزء مشابه للشرط.

قال طاب ثراه : وفي حد ذلك قولان ، أصحهما مراعاة التمكن.

أقول : ما اختاره المصنف وهو المشهور عند أصحابنا وقال في المبسوط : وقد

__________________

(١) الزيادة موجودة في « س ».

٧٤

روى أصحابنا إذا لم يقدر على القراءة في جميع الصلاة قرأ جالسا (١). وفي رواية سليمان بن حفص المروزي : إذا صار الى الحال الذي لا يقدر فيها على المشي مقدار صلاته (٢).

قال طاب ثراه : وقيل : يتورك متشهدا.

أقول : الأصل أن من صلى جالسا قعد كيف شاء ، لكن الأفضل أن يتربع قارئاً ويثني رجليه راكعا. هذا الذي ورد به النص (٣). قال في المبسوط : ويتورك متشهدا (٤).وتبعه المتأخرون ولعدم ظفر المصنف بنص عليه قال قيل.

ومعنى يثني الرجلين جعلهما الى جانب واحد كالمقعى. ومعنى التورك الى جانب واحد أن يجلس على وركه الأيسر. وقال الشهيد : يجب أن يرفع فخذيه في الركوع وينحني قدر ما يحاذي وجهه (٥) قدام ركبتيه من الأرض. وهو غريب.

قال طاب ثراه : وفي وجوب سورة مع الحمد في الفرائض للمختار مع سعة الوقت وإمكان التعلم قولان.

أقول : ذهب أبو يعلى وأبو علي الى اجزاء الحمد وحدها للمختار ، وهو مذهب الشيخ في النهاية (٦) ، وذهب في أكثر كتبه الى وجوب السورة ، وبه قال السيد والتقي والحسن وابن إدريس والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وكذا لو صلى الظهر جمعة على الأظهر.

__________________

(١) المبسوط ١ ـ ١٠٠.

(٢) تهذيب الأحكام ٢ ـ ١٧٨.

(٣) من لا يحضره الفقيه ١ ـ ٢٣٨ ، ح ١٧.

(٤) المبسوط ١ ـ ١٠٠.

(٥) في « س » : وجهها.

(٦) النهاية ص ٧٥.

٧٥

أقول : الأظهر بين الأصحاب استحباب قراءة الجمعة والمنافقين في صلاة الجمعة وظهرها ، وذهب التقي والسيد في المصباح الى الوجوب فيهما ، وهو ظاهر الصدوق ، والأول هو المعتمد.

قال طاب ثراه : يحرم قول آمين آخر الحمد ، وقيل : يكره.

أقول : أطبق الأصحاب على تحريم التأمين وإبطال الصلاة به وندر (١) التقي حيث قال بكراهته.

قال طاب ثراه : وهل تعاد البسملة بينهما؟ قيل : لا ، وهو أشبه (٢).

أقول : هذا مذهب الشيخ في التبيان ، (٣) والأكثر على إعادة البسملة ، وهو مذهب ابن إدريس ، واختاره العلامة.

قال طاب ثراه : ويجزي بدل الحمد تسبيحات أربع وروي تسع ، وقيل : عشر ، وقيل اثنى عشر ، وهو أحوط.

أقول : الأول وهو المعتمد مختار المصنف والعلامة ، وهو مذهب المفيد.والثاني مذهب الفقيهين والتقي. والثالث مذهب السيد ، واختاره الشيخ في الجمل (٤) والمبسوط (٥) وسلار وابن إدريس والرابع مذهب الشيخ في النهاية (٦) والاقتصاد (٧).وهنا أقوال أخر ومباحث شريفة من أرادها وقف عليها في المهذب (٨).

__________________

(١) في « س » : ونذر.

(٢) في المختصر المطبوع : الأشبه.

(٣) التبيان ١٠ ـ ٣٧١.

(٤) الجمل والعقود ص ٢٧.

(٥) المبسوط ١ ـ ١٠٦.

(٦) النهاية ص ٧٦.

(٧) الاقتصاد ص ٢٦١.

(٨) المهذب البارع ١ ـ ٣٧٢ ـ ٣٧٧.

٧٦

قال طاب ثراه : وقيل : يجزي الذكر فيه وفي السجود.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية (١) والخلاف (٢) الى تعيين التسبيح ، وبه قال التقي وأبو علي ، وهو ظاهر المصنف في كتابيه ، أعني الشرائع (٣) والنافع (٤) ، وذهب في المبسوط (٥) الى اجزاء مطلق الذكر ، وهو مذهب العلامة وابن إدريس ، وظاهر المصنف في المعتبر (٦).

قال طاب ثراه : الثامن التسليم ، وهو واجب في أصح القولين.

أقول : المعتمد وجوب التسليم ، وهو مذهب الحسن والتقي وسلار وابن زهرة ، واختاره المصنف والعلامة في منتهى المطلب ، وقال الشيخان والقاضي وابن إدريس بالاستحباب ، واختاره العلامة في باقي كتبه.

قال طاب ثراه : وفي وضع اليمين على الشمال قولان ، أظهرهما الابطال.

أقول : هذا مذهب الأكثر وهو المعتمد وذهب التقي وأبو علي الى كراهته ، واختاره المصنف في المعتبر (٧).

قال طاب ثراه : وقيل : يقطعهما الأكل والشرب إلا في الوتر.

أقول : ذهب الشيخ في المبسوط (٨) إلى إبطال الصلاة بالأكل والشرب ،

__________________

(١) النهاية ص ٨١.

(٢) الخلاف ١ ـ ٣٤٨ ـ ٣٤٩.

(٣) شرائع الإسلام ١ ـ ٨٥.

(٤) المختصر النافع ص ٥٦.

(٥) المبسوط ١ ـ ١١١.

(٦) المعتبر ٢ ـ ١٩٦.

(٧) المعتبر ٢ ـ ٢٥٧.

(٨) المبسوط ١ ـ ١١٨.

٧٧

وهو ظاهر النهاية (١) ، وكذا ابن إدريس إلا في الوتر بشروط : الأول أن يكون عازما على الصوم في صبيحة تلك الليلة. الثاني : أن يلحقه عطش. الثالث : أن لا يفتقر الى ما ينافي الصلاة كحمل نجس أو استدبار.

وذهب المصنف والعلامة إلى أنه يبطل الصلاة ان بلغ حد الكثرة والا فلا ، فرضا كانت الصلاة أو نفلا. والأول هو المعتمد.

قال طاب ثراه : وفي [ جواز ] (٢) الصلاة والشعر معقوص قولان.

أقول : الكراهية قول الأكثر ، وهو مذهب المفيد وتلميذه والتقي وابن إدريس والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد. وذهب الشيخ في كتبه الثلاثة إلى التحريم واعادة الصلاة الواقعة به.

المقصد الثاني

( في بقية الصلوات )

قال طاب ثراه : ويدرك الجمعة بإدراكه راكعا على الأشهر.

أقول : هذا مذهب السيد وأحد قولي الشيخ ، واختاره (٣) المصنف والعلامة وشرط في النهاية (٤) والاستبصار (٥) ادراك تكبير الركوع.

قال طاب ثراه : الثاني العدد ، وفي أقله روايتان ، أشهرهما خمسة الامام

__________________

(١) النهاية ص ١٢١.

(٢) الزيادة من المختصر.

(٣) في « س » : وأجاز.

(٤) النهاية ص ١٠٥.

(٥) الإستبصار ١ ـ ٤٢١.

٧٨

أحدهم.

أقول : هذا مذهب القديمين والمفيد وتلميذه والسيد والتقي وابن إدريس واختاره المصنف والعلامة. واعتبار السبعة مذهب الشيخ والقاضي وابن زهرة وابن حمزة.

قال طاب ثراه : وفي وجوب الفصل بينهما بالجلوس تردد ، أحوطه الوجوب.

أقول : وجه الاحوطية احتمال الوجوب لفعله عليه‌السلام ، والتأسي به واجب.

ويحتمل الاستحباب لأصالة البراءة ، وفعله عليه‌السلام كما يحتمل الوجوب يحتمل الندب.

قال طاب ثراه : وفي جواز إيقاعهما قبل الزوال روايتان أشهرهما الجواز.

أقول : أوجب ابن حمزة إيقاعهما قبل الزوال ، ومنع [ السيد ] (١) والحسن والتقي وابن إدريس واختاره العلامة وأجازه الشيخ وتلميذه واختاره المصنف.

قال طاب ثراه : تستحب الإصغاء إلى الخطبة ، وقيل : يجب.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية (٢) وابن حمزة والتقي وابن إدريس إلى وجوب الإصغاء ، واختاره العلامة في المختلف ، وهو المعتمد. وذهب في المبسوط (٣) وموضع من الخلاف (٤) الى استحبابه واختاره المصنف.

قال طاب ثراه : وكذا الخلاف في تحريم الكلام معها.

أقول : تحريم الكلام في حال الخطبة مذهب الشيخ في النهاية (٥) وموضع

__________________

(١) الزيادة من « ق ».

(٢) النهاية ص ١٠٥.

(٣) المبسوط ١ ـ ١٤٨.

(٤) الخلاف ١ ـ ٦٢٥.

(٥) النهاية ص ١٠٥.

٧٩

من الخلاف (١) ، وبه قال حمزة والتقي والعلامة في المختلف وكراهته مذهبه في المبسوط (٢) وموضع من الخلاف (٣) واختاره المصنف ، والمعتمد الأول. والمراد به من الخطيب والمستمع ، وليس مبطلا للجمعة لو صدر من كل منهما.

قال طاب ثراه : الأذان الثاني بدعة ، وقيل : مكروه.

أقول : المراد بهذا الأذان هو الحاصل بعد نزول الامام عن المنبر بعد ما يفرغ من الخطبة ، والتحريم مذهب ابن إدريس واختاره المصنف في النافع (٤) واختاره العلامة في المختلف ، والكراهية مذهب الشيخ في المبسوط (٥) واختاره المصنف في المعتبر (٦).

قال طاب ثراه : إذا لم يكن الامام موجودا وأمكن الاجتماع والخطبتان أستحب الجمعة ، ومنعه قوم.

أقول : يريد إذا أمكن اجتماع العدد المعتبر والخطبتان أستحب الاجتماع وإيقاع الجمعة بنية الوجوب وتجزئ عن الظهر ، قاله الشيخ في النهاية (٧) والتقي والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد ، ومنعه السيد وسلار وابن إدريس.

قال طاب ثراه : ولو نواهما (٨) للأخيرة بطلت الصلاة ، وقيل : يحذفهما ويسجد للأولى.

__________________

(١) الخلاف ١ ـ ٦١٥.

(٢) المبسوط ١ ـ ١٤٦.

(٣) الخلاف ١ ـ ٦٢٥.

(٤) المختصر النافع ص ٣٦.

(٥) المبسوط ١ ـ ١٤٩.

(٦) المعتبر ٢ ـ ٢٩٦.

(٧) النهاية ص ١٠٧.

(٨) في المختصر المطبوع : ولو نوى بهما.

٨٠