المقتصر

الشيخ ابن فهد الحلّي

المقتصر

المؤلف:

الشيخ ابن فهد الحلّي


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٩

أي : فليدع لأهل الطعام. وقال الشاعر (١) :

تقول بنتي وقد قيضت مرتحلا

يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا

عليك مثل الذي صليت فاغتمضي (٢)

يوما وان بجنب المرء مضطجعا

والأكرم : الأتقى ، قال الله تعالى ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) (٣).

والمرسلين جمع مرسل ، وهو مرادف للرسول ، والنبي هو الإنسان المخبر عن الله تعالى بغير واسطة البشر بل بواسطة الملك أو بالمنام ، لينفصل عن حد الإمام ، فإنه يخبر عن الله بواسطة البشر وهو النبي.

والفرق بين الرسول والنبي : ان الرسول هو المبعوث من الله بكتاب ، والنبي هو المبعوث من الله وان لم يكن معه كتاب ، وأكمل الأنبياء مع جمع الوصفين ، قال الله تعالى ممتنا على موسى عليه‌السلام ومعددا لفضائله « وكان رسولا نبيا » (٤).

والاخبار عن الله تعالى : قد يكون بالوحي ، وقد يكون بواسطة جبرئيل عليه‌السلام وقد يكون بغيره من الملائكة ، وقد يكون بطريق الإلهام وبطريق المنام. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة (٥).

وأكثر أنبياء بني إسرائيل كانوا من هذا القبيل ، وكانوا كثيرين منتشرين في

__________________

(١) وهو الأعشى.

(٢) في « س » : فاغفنى.

(٣) سورة الحجرات : ١٣.

(٤) سورة مريم : ٥١.

(٥) رواه الحاكم في مستدركه ج ٤ ـ ٣٩٠ ، وفيه : رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة. وروى في العوالي ج ١ ـ ١٦٢ بنحو آخر وهو قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزء من النبوة.

٢١

الأرض ، وكانوا بمنزلة العلماء ، لكنهم كانوا منقطعين الى الله تعالى ، فارغين من الدنيا ، رافضين لها ، وكانوا يخبرون عن الله تعالى بما يلقى إليهم في قلوبهم إلهاما ونكتا (١) في القلب وببعض الملائكة.

فهذا فرق ما بينهم وبين العلماء ، وعلماء هذه الأمة المستعملين لعلومهم بمنزلتهم. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل (٢).

والسيد هو المطاع على قومه ، قاله الخليل بن أحمد وقيل : السيد المطيع لربه ، ونبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله موصوف بكل هذه الصفات ، فهو أحق بإطلاق اسم السيد عليه وقال عليه‌السلام : أنا سيد ولد آدم ولا فخر (٣).

وروى السيد رضي الدين علي بن طاوس في كتاب المفاوز (٤) بسنده إلى إسماعيل بن محمد الشعراني ، عن عمر ، قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اقترف آدم الخطيئة فرفع رأسه الى العرش ، قال : أسألك يا الله بحق محمد لما غفرت لي ، فقال الله تبارك وتعالى : يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه؟ قال : انك لما خلقتني ونفخت في روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا « لا إله إلا الله محمد رسول الله » فقلت : انك لم تضف الى اسمك الا أحب الخلق إليك ، قال : فقال الله تعالى : صدقت يا آدم انه لا حب الخلق إلى ، وإذ قد سألت بحقه فقد غفرت

__________________

(١) في « س » : ويكفي.

(٢) عوالي اللئالى ج ٤ ـ ٧٧ برقم : ٦٧.

(٣) عوالي اللئالى ج ٤ ـ ١٢١ برقم : ١٩٦.

(٤) لم أعثر في كتب التراجم على اسم هذا الكتاب للسيد ابن طاوس ، وهذا الحديث وبعده ساقطان من نسخة « ق ».

٢٢

لك ، فلو لا محمد لما خلقتك (١).

وروى في كتاب سد السعود في كلام طويل : ونظر آدم إلى طائفة من ذريته يتلألأ نورهم ، وإذا في آخرهم واحد نوره ساطع على نورهم يسعى ، قال : يا رب ما هؤلاء؟ قال : هؤلاء الأنبياء من ذريتك. قال : كم هم يا رب؟ فاني لا أستطيع أن أحصيهم. قال : هم مائة ألف نبي وأربعة وعشرين (٢) ألف نبي ، المرسلون منهم ثلاثمائة وخمسة عشر نبيا مرسلين (٣).

قال : فما بال نور هذا الأخير ساطعا على نورهم؟ قال : لفضله عليهم جميعا.قال : ومن هذا النبي يا رب؟ وما اسمه؟

قال : هذا محمد نبيي ورسولي وأميني ونجيبي ونجيي وخيرتي وصفوتي وخالصتي وحبيبي وخليلي وأكرم خلقي علي وأحبهم إلى وآثرهم عندي وأقربهم مني وأعرفهم بي وأرجحهم حلما وعلما وايمانا ويقينا وصدقا وبرا وعفافا وعبادة وخشوعا وورعا وسلما وإسلاما ، أخذت له مواثيق (٤) حملة عرشي فما دونهم

__________________

(١) لم أعثر على نص الخبر في كتب القوم ، نعم روى العلامة الراوندي في قصص الأنبياء ص ٥٢ نحوه عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما أكل آدم عليه‌السلام من الشجرة رفع رأسه الى السماء ، فقال : أسألك بحق محمد إلا رحمتني فأوحى الله اليه ومن محمد؟ فقال : تبارك اسمك لما خلقتني رفعت رأسي الى عرشك فاذا فيه مكتوب « لا إله إلا الله محمد رسول الله » فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك قدرا ممن جعلت اسمه مع اسمك ، فأوحى الله اليه : يا آدم انه لآخر النبيين من ذريتك ، فلو لا محمد ما خلقتك.

(٢) في المصدر : وعشرون.

(٣) في المصدر : مرسلا.

(٤) في المصدر : ميثاق.

٢٣

من خلائقي في السماوات والأرض في الايمان (١) به والإقرار بنبوته ، فآمن به يا آدم تزد مني قربا ومنزلة وفضيلة ونورا ووقارا.

قال : آمنت بالله وبرسوله محمد.

قال الله تعالى : قد أوجبت لك أجرك يا آدم وقد زدتك فضلا وكرامة ، أنت يا آدم أول الأنبياء والرسل ، وابنك محمد خاتم الأنبياء والرسل ، وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ، وأول من يكسى ويحمل الى الموقف ، وأول شافع وأول مشفع ، وأول قارع لأبواب الجنان ، وأول من يفتح له ، وأول من يدخل الجنة ، وقد كنيتك به فأنت أبو محمد.

فقال آدم عليه‌السلام : الحمد لله الذي جعل من ذريتي من فضله بهذه الفضائل ، وسبقني إلى الجنة ولا أحسده (٢).

وهو خاتم الرسل ، لقوله تعالى « وخاتم النبيين » (٣) وقال عليه‌السلام : بعثت والساعة كفرسين رهان كاد يسبق أحدهما الأخر (٤). وقال عليه‌السلام : من قال أنا نبي فاقتلوه.

وسمي محمد وأحمد اشتقاقا له من الحمد ، فهو في السماء أحمد ، لأنه أكثر من في السماء حمد الله ، وفي الأرض محمد لكثرة خصاله المحمودة ، وكان محمود السيرة عند محبيه وعند مبغضيه ، فلم يلق رجلا إلا ابتدأه (٥) بالسلام ، ولا صافح رجلا الا كان الرجل هو الذي يخلي يده أولا ، ولا وقف مع رجل يحادثه الا كان الرجل هو الذي ينصرف أولا ، حتى قال الله تعالى في حقه « إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ

__________________

(١) في المصدر : بالايمان.

(٢) سعد السعود ص ٣٥ ـ ٣٦.

(٣) سورة الأحزاب : ٤٠.

(٤) روى نحوه مسلم في صحيحه ج ٤ ـ ٢٢٦٨.

(٥) في « س » : ابتدره.

٢٤

 عَظِيمٍ » (١).

وعترة الرجل أولاده وأولاد أولاده ، نص عليه أهل اللغة ، كثعلب وابن الأعرابي ، قاله الشيخ في المسائل الحائرية. وقال العلامة : العترة الأقرب إليه نسبا.

والطاهرين الموصوفون بالطهارة ، وهي النزاهة والقدس (٢) ، والمراد عصمتهم صلى الله عليهم من الكدورات الإنسية ، كالحقد وأنواع المعاصي ، قال الله تعالى ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣).

والذرية : القرابة. والقصم : فصل المستطيل ، ومثله القطع والكسر. والفصم بالفاء لفصل المستدير ، يقال : قصم ظهره ، وقصم عروته ، والعروة الوثقى لانفصام لها.

والملحدين جمع ملحد وهو الظالم ، وألحد الرجل في دين الله ، أي : حاد عنه وعدل.

والإرغام : إلصاق الأنف بالتراب ، وهو كناية عن المبالغة في إهانتهم وإذلالهم ، وذلك لأنه أشرف موضع في الجسد هو الوجه ، وأشرف موضع منه الأنف ، فإذا ألصق بأوضع الأشياء (٤) وهو ما يوطأ بالاقدام ، كان غاية الإذلال والإهانة.

والجاحد : المنكر ، والجحود الإنكار مع العلم ، يقال : جحد حقه.

قال : طاب ثراه أما بعد فاني مورد لك في هذا المختصر خلاصة المذهب

__________________

(١) سورة القلم : ٤.

(٢) في « س » : التدنس.

(٣) سورة الأحزاب : ٣٣.

(٤) في « ق » : الاسباء.

٢٥

المعتبر بألفاظ محبرة (١) ، وعبارة (٢) محررة ، تظفرك بنخبة ، وتوصلك الى شعبه ، مقتصرا على ما بان لي سبيله ، ووضح [ لي ] (٣) دليله.

أقول : أما بعد كلمة فيها معنى الشرط ، تقديره مهما يكن من شي‌ء فبعد (٤) حمد الله ، ولهذا دخلت الفاء في خبرها جزاء الشرط.

وبعد كلمة تسمى فصل الخطاب ، يؤتى بها إذا أريد الانتقال من كلام الى كلام ولما ذكر الله وأثنى عليه وذكر النبي وصلى عليه ، فصل بين هذا التحميد والصلاة وبين ما هو بصدده بقوله « أما بعد ».

وقيل : أول من تكلم بها داود النبي عليه‌السلام بقوله تعالى ممتنا عليه « وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ » (٥) وقيل : بل علي عليه‌السلام.

وفصل الخطاب الذي أوتيه داود عليه‌السلام البينة على المدعي واليمين على من أنكر. وانما سميت هذه الجملة بفصل الخطاب لان خطاب الخصوم لا ينفصل ولا ينقطع الا بها.

قيل : وسبب الامتنان على داود عليه‌السلام بهذه الجملة واختصاصه بها أنهم كانوا قبله في أول زمانه يتحاكمون إلى سلسلة في بيت المقدس ، ويقص كل واحد من المدعي والمدعى عليه الدعوى بالسؤال والجواب ، ثم يتناول كل واحد منهم السلسلة فمن أصابها كان محقا ، ومن لم ينلها كان مبطلا.

فاتفق أن رجلا أودع آخر جوهرا ، فقال المدعي : بيني وبينك السلسلة وقد

__________________

(١) في « ق » و « س » : مخبرة.

(٢) في المطبوع من المتن : وعبارات.

(٣) الزيادة من المصدر.

(٤) في « ق » : وبعد.

(٥) سورة ص : ٢٠.

٢٦

كان الودعي هيأ عكازا (١) مجوفا وجعل الجوهر في جوفه ، فلما وصلا الى السلسلة قص المدعي دعواه ، ثم تناول السلسلة فأصابها ، ثم قال المدعى عليه : تقدم فقال للمدعي : الزم هذه العكازة فدفعها اليه ثم تقدم الى السلسلة ، وقال : اللهم ان كنت تعلم أن الوديعة التي أودعني إياها عنده وليست الان عندي فصدقني ، ثم تناول السلسلة فأصابها.

فضج عند ذلك بنو إسرائيل ، وقالوا : هذا أمر عظيم ، ان الحق لا يكون إلا في طرف واحد ، فرفع الله السلسلة وأوحى الى داود عليه‌السلام ان الخلق قد خبثوا ، فاحكم بينهم مع التداعي بالبينة على المدعي واليمين على من أنكر.

والإيراد : الإملاء والإلقاء.

والاختصار : حذف الزائد وحصر الفائد ، وخلاصة الشي‌ء جيده ولبابه.

والمذهب لغة : المسلك ، واصطلاحا الدين.

والمعتبر المحقق ونقيضه المهمل ، والمذهب المحقق في نفسه وعند النظر والاعتبار. والأدلة القاطعة هو مذهب الإمامية الآخذين علومهم عن أهل البيت عليهم‌السلام المستندين في ذلك الى الوحي الإلهي دون المذاهب المنتحلة بالرأي والقياس والاستحسان.

واللفظ : لغة الرمي يقال : لفظ الطعام إذا ألقاه من فيه ، واصطلاحا ما يتلفظ به الإنسان.

والتحبير : التحسين والتزيين.

والعبارة : التفسرة (٢) ، ومنه تعبير المنام أي تفسيره.

والتحرير : الإتقان والأحكام.

__________________

(١) العكازة : عصا ذات زج. والجمع العكاكيز.

(٢) في « س » : الفقرة.

٢٧

والظفر بالشي‌ء الفوز به والتمكن منه.

والنخب جمع نخبة ، وهي من كل شي‌ء جيده وخلاصته.

« وتوصلك » أي : تؤديك.

والشعب جمع شعبة ، وهي الناحية من المكان ، والمعنى هنا الفروع. أي : ذكرت لك في هذا المختصر بالعبارات المحررة ما تظفرك بأصول المذهب ، وتؤديك الى ما يتشعب من الفروع والدقائق عن هذه الأصول.

والاقتصار : الإيجاز ، ويقابله الاطناب.

والإبانة والظهور بمعنى. والسبيل : الطريق. والوضوح الإبانة والكشف.

والدليل هو الذي يلزم من العلم به العلم بشي‌ء آخر ، وهو المدلول.

والمعنى أني اقتصرت في هذا الكتاب على إيراد الأصول المأخوذة من الكتب المشهودة والاخبار المأثورة ، ولم أسلك طريقة التعسف باقتحام دون (١) التفريعات وإيراد المتروك من الروايات.

فان قلت : الكتاب مشحون بالترددات ، وغير خال من الإشكالات ، وذلك ينافي الوضوح والإبانة.

فالجواب من وجهين ، الأول : ان التردد نادر والأغلب في الكتاب هو الواضح والمشهور ولا عبرة (٢) بالنادر وانما المعتد بالأغلب. الثاني : ان المقصود بالذات في هذا الكتاب هو إيراد الواضح والمشهود ، وإيراد ما يحصل فيه من التردد والتوقف بالعرض وبالقصد الثاني وبحسب الاستطراد.

قال طاب ثراه فإن أحللت فطنتك في مغانيه ، وأجلت رؤيتك في معانيه ، كنت حقيقا أن تفوز بالطلب ، وتعد في حاملي المذهب وأنا أسال الله لي ولك الأمداد

__________________

(١) في « ق » : ذروة.

(٢) في « س » : ولا عبرة.

٢٨

بالاسعاد ، والإرشاد إلى المراد ، والتوفيق للسداد ، والعصمة من الخلل في الإيراد انه أعظم من أفاد ، وأكرم من سئل فجاد.

أقول : الحلول : الحصول. والفطنة : الذكاء ، وهو عبارة عن جودة الفهم وسرعة الإدراك. والمغاني : بالغين المعجمة جمع مغني وهو المنزل ، وهي هنا كناية عن الألفاظ.

« وأجلت رؤيتك » الاجالة : الحركة والدوران. والرواية : الفكرة. والمعاني هي (١) الصور الذهنية التي جعل بإزائها الألفاظ.

والمعنى : أحضرت فطنتك لاعتبار ألفاظه ، وضبط صورها ، وحركت فكرتك ، واستعملتها في معانيه ، كنت حقيقيا أن تفوز جزء الشرط المتقدم.

والمعنى : أن أجللت فطنتك واستعملت رؤيتك كنت بالحري والاجدر (٢) والأحق والاولى أن تفوز أي : تظفر وتغنم وتسعد بطلبتك وحاجتك وتعد ، أي : وتحسب في حاملي الفقه وعلم الشرع ، لان هذا المختصر قد اشتمل من الفقه على أصوله ومهماته وجميع كتبه ومقاصده.

فإذا أعطي من التحقيق حقه ومن البحث مستحقه وتوصل (٣) بأصوله الى ما يؤديه من لوازمها وفروعها حصل صاحبه بالمراد وفاز بالاجتهاد.

فإن أحببت أن تسرح في رياض هذا الكتاب وتفوز باللباب وتجني ثمار الفوائد ، وتصل إلى أسنى المقاصد ، فعليك بكتابنا الكبير (٤) ، فإنه اشتمل من التعريفات والنكات واللوازم والتنبيهات على ما لا يوجد في كتاب ، ولا تعرض له

__________________

(١) في « ق » : من.

(٢) في « س » : والاحراب.

(٣) في « ق » : ويوصل.

(٤) وهو كتابه القيم المهذب البارع في شرح المختصر النافع ، ويحيل اليه كثيرا في هذا الكتاب ، ويعبر عنه بكتابنا الكبير.

٢٩

الأصحاب ، ومن نظر (١) ، اليه بعين الإنصاف وراعى الحق في الاعتراف أذعن له في الانقياد (٢) ، واستمنح منه الإرشاد.

والسؤال طلب الأدنى للفعل من الأعلى ، والالتماس طلب الفعل من المساوي والأمر طلب الأعلى للفعل من الأدنى على جهة الاستعلاء. والدعاء طلب الأدنى للفعل من الأعلى على جهة الخضوع والاستكانة.

والأمداد : الإعطاء. والإسعاد : المساعدة ، والاسعادة الأمنان بالسعادة ، يقال : أسعدك الله. أي : رزقك السعادة.

والإرشاد : الهداية. والمراد : المحبوب والمطلوب تحصيله.

والتوفيق : جعل الأسباب متوافقة في التسبب ، وهو عبارة عن اجتماع الشرائط (٣) وارتفاع الموانع. والسداد : الصواب والكمال.

والعصمة لغة : المنع ، واصطلاحا لطف يفعله الله تعالى بالمكلف بحيث يمتنع منه وقوع المعصية والإخلال بالطاعة مع قدرته عليهما. والخلل نقص : في المسائل.

والمعنى : أسأل الله لي ولك التوفيق للصواب والكمال (٤) والتأييد بالعصمة من نقص المسائل في املائها وإثباتها في هذا الكتاب.

والعظيم والجليل والكبير بمعنى ، وفي أعظم زيادة مبالغة ، لأن صيغة أفعل يقتضي التفضيل (٥) والإفادة : الإعطاء للفائدة وقد تكون علما ، والمفيد المعلم ،

__________________

(١) في « س » : والنظر.

(٢) في « ق » : بالانقياد.

(٣) في « س » : الشرط.

(٤) في « ق » : أو المآل.

(٥) في « ق » : لأن صيغة افعل هنا بمعنى التفضيل.

٣٠

والإفادة (١) التعليم ، والاستفادة التعلم وقد يكون من غير المعلم.

والكريم هو الذي إذا سئل أعطى ، وإذا أعطي زاد علي منتهى الرجا ولا يبالي كم أعطى ولا لمن أعطى ولا يرغب في الجزاء ، وان رفعت حاجة الى غيره لا يرضى ، ولا يضيع من لاذ به والتجأ ويغنيه عن الوسائل والشفعاء. والجود : هو الذي يعطي من غير سؤال.

فإن قلت : المصنف أخذ السؤال في تعريف الجواد ، فكيف قلت هو المعطي (٢) من غير سؤال.

قلنا : الجواب من وجهين :

الأول : أنه إذا سئل أعطى زيادة عن المسؤول ، فتلك الزيادة غير مسؤولة ، فهو باعتبارها جواد.

الثاني : نقول اختلف العلماء في التفسير ، فقال الزمخشري : الكريم هو الذي يعطي من غير سؤال ، والجواد هو الذي يعطي مع السؤال ، فخرج كلام المصنف عن هذا التفسير ، وانما خرجنا في تفسير الخطبة عن مناسبة الكتاب لاقتراح ذلك بعض الأصحاب ، وبالله أستعين وعليه أتوكل.

__________________

(١) في « س » : والفائدة التعلم.

(٢) في « س » : المعنى.

٣١

كتاب الطهارة

قال طاب ثراه : وينجس القليل من الراكد بالملاقاة على الأصح.

أقول : أجمع الأصحاب على تنجيس الماء القليل بملاقاة النجاسة وان لم يتغير بها ، الا الحسن بن أبي عقيل فإنه ذهب الى بقائه على طهارته وهو متروك.

قال طاب ثراه : وفي تقدير الكثرة روايات أشهرها ألف ومائتا رطل.

أقول : لما حكم بتنجيس القليل بالملاقاة لزمه بيان الكثير الذي لا ينجس بها بل بالتغيير (١). وفي حد الكثير ثلاث روايات :

الاولى : أنه ستمائة رطل ، وهو في صحيحه محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الكر ستمائة رطل (٢).

الثانية : رواية عبد الله بن المغيرة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الكر من الماء نحو حبي هذا (٣).

الثالثة : رواية محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال :

__________________

(١) في « ق » : بالتغير.

(٢) تهذيب الأحكام ١ ـ ٤١٤ ، ح ٢٧.

(٣) تهذيب الأحكام ١ ـ ٤٢ ، ح ٥٧.

٣٢

الكر ألف ومائتا رطل (١) وعليهما عمل الأصحاب.

قال طاب ثراه : وفسره الشيخان بالعراقي.

أقول : اختلف الأصحاب في تفسير الأرطال ، فالشيخان وابن حمزة وابن إدريس انها عراقية ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد. والصدوق والسيد المرتضى إنها مدنية والرطل العراقي مائة وثلاثون درهما ، والمدني مائة وخمسة وتسعون درهما.

قال طاب ثراه : وفي نجاسة البئر بالملاقاة قولان ، أحوطهما (٢) التنجيس.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية (٣) وكتابي (٤) الفروع إلى نجاسة البئر بملاقاة النجاسة وان لم يتغير بها ، وهو مذهب المفيد وتلميذه وابن إدريس والمصنف وذهب الحسن والعلامة وفخر المحققين الى عدم التنجيس الا مع التغيير وطهرها حينئذ بالنزح حتى يزول التغير ، وحملوا ما ورد من التقدير بما دون (٥) التغير على الاستحباب ، وذهب الشيخ في التهذيب (٦) الى عدم التنجيس ووجوب النزح تعبدا ، وهو قوي.

قال طاب ثراه : وكذا قال الثلاثة في المسكرات.

أقول : هذا عطف على ما يجب له نزح الكل عنده وان لم يغير الماء ، وانما نسب القول إلى الثلاثة (٧) لانفرادهم به وعدم ظفره بحديث يدل عليه نطقا ،

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ ـ ٤١ ، ح ٥٢.

(٢) في المطبوع من المختصر : أظهرهما.

(٣) النهاية ص ٦.

(٤) المبسوط ١ ـ ١١.

(٥) في « ق » : لما دون.

(٦) تهذيب الأحكام ١ ـ ٢٣٢.

(٧) وهم الشيخ المفيد والشيخ الطوسي والسيد المرتضى قدس الله أرواحهم.

٣٣

ولعل مأخذه (١) من عموم قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « كل مسكر خمر » (٢) الأكثر من الأصحاب على عدم الفرق بين قليل الخمر وكثيره كالبول.

وذهب الصدوق في المقنع (٣) الى وجوب عشرين دلوا في القطرة منه ، وهو [ في ] (٤) رواية زرارة عن الباقر عليه‌السلام (٥) ، وربما مال اليه المصنف ، ففرق بين القليل منه والكثير كالدم ، ولا بأس به.

قال طاب ثراه والحق الشيخ المني والفقاع.

أقول : نسب الإلحاق إلى الشيخ لسبقه الى القول به ، ولم يذكره من تقدمه من الأصحاب ، كالصدوقين والمفيد والسيد ، ولعدم ظفره بحديث يدل عليه بمنطوقه لم يجزم به في النافع واختاره في الشرائع (٦).

ويمكن أن يحتج عليه بأنه خمر ، فثبت له حكمه. قال الصادق عليه‌السلام لهشام بن الحكم وقد سأله عن الفقاع : لا تشربه فإنه خمر مجهول (٧).

وأما المني ، فيعود من قبيل ما لم يرد فيه نص.

قال والحق الشيخ الدماء الثلاثة.

أقول : قال المصنف : لا أعرف من الأصحاب قائلاً به سواه ومن تبعه من المتأخرين كالقاضي وسلار وابن إدريس ، ولم يفرق المفيد بين الثلاثة وغيرها ، وأوجب لقليله خمس ولكثيره عشر.

__________________

(١) في « س » : ما أخذه.

(٢) عوالي اللئالى ٣ ـ ١٣ و ١ ـ ٢٣٨.

(٣) المقنع ص ١١.

(٤) الزيادة من « ق ».

(٥) تهذيب الأحكام ١ ـ ٢٤١ ، ح ٢٨.

(٦) شرائع الإسلام ١ ـ ١٣.

(٧) فروع الكافي ٦ ـ ٤٢٣ ، ح ٧.

٣٤

وقال السيد في مصاحبه : ينزح له من دلو الى عشرين ولم يفرق أيضا ولم يفصل (١) الى القليل والكثير ، وظاهر الشرائع (٢) متابعة الشيخ ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وكذا قال في الثلاثة في الفرس والبقرة.

أقول : النص ورد في الحمار والجمل والبغل ، وهو رواية عمرو (٣) بن سعيد عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته حتى بلغت الحمار والجمل والبغل قال : كر من ماء (٤) وان كان كثيرا ، وهي ضعيفة السند ، لكن تؤيدها الشهرة ومنع التسوية فيها بين الجمل والحمار لا يسقط استعمالها في الباقي ، والحق الثلاثة بها الفرس والبقرة ، واختاره المصنف في الشرائع (٥) وظاهر النافع التوقف ، ومنع في المعتبر (٦) وألحقهما بما لم يرد فيه نص على الخصوص.

قال طاب ثراه : وللعذرة عشرة فإن ذابت فأربعون أو خمسون.

أقول : العذرة قسمان يابسة وينزح لها عشر دلاء ، ورطبة وينزح لها أربعون والمستند ما رواه الصدوق في كتابه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن العذرة تقع في البئر ، قال : ينزح منها عشر دلاء ، فان ذابت فأربعون أو خمسون (٧).

قال المفيد في المقنعة : وان وقع فيها عذرة يابسة ولم تذهب فيها فتتقطع ينزح

__________________

(١) في « س » يفصلى.

(٢) شرائع الإسلام ١ ـ ١٣.

(٣) في النسخ : عمر.

(٤) تهذيب الأحكام ١ ـ ٢٣٥ ، ح ١٠.

(٥) شرائع الإسلام ١ ـ ١٣.

(٦) المعتبر ١ ـ ٥٧ ـ ٥٨.

(٧) تهذيب الأحكام ١ ـ ٢٤٤ ، ح ٣٣.

٣٥

منها عشر ، وان كانت رطبة وذابت وتقطعت نزح منها خمسون (١).

وقال الشيخ في المبسوط : وان وقعت فيها عذرة وكانت رطبة نزح منها خمسون ، وان كانت يابسة نزح منها عشر (٢).

والمصنف والصدوق تبعا لفظ الرواية ، وجعلا الأربعين على الاجزاء ، والخمسين على الأفضل. والشيخان خالفا لفظ الرواية في شيئين :

الأول : التعرض للتفصيل إلى الرطبة واليابسة ، ولعل وجهه عدم انفكاك الرطبة عن الميعان والتقطع بعد وقوعها في البئر ، والحكم بالخمسين معلق على الذوبان والتفرق ، وهو يحصل في الرطبة غالبا ، ولو فرض عدم التفرق في الرطبة اكتفينا بالعشر.

الثاني : الجزم بوجوب الخمسين ، ولعل وجهه ترجيح جانب الاحوطية.والمعتمد مذهب المصنف.

قال طاب ثراه : وفي الدم أقوال ، والمروي في دم ذبح الشاة من ثلاثين إلى أربعين.

أقول : المشهور من الأقوال في الدم أربعة.

الأول : في القليل خمس ، وفي الكثير عشر ، قاله المفيد.

الثاني : في القليل عشر وفي الكثير من ثلاثين إلى أربعين قاله المصنف.

الثالث : في القليل (٣) عشر وللكثير خمسون ، قاله الشيخ في النهاية (٤).

الرابع : في الدم ما بين الواحد الى العشرين قاله السيد. والأقوى قول

__________________

(١) المقنعة ص ٩.

(٢) المبسوط ١ ـ ١٢.

(٣) في « ق » : للقليل.

(٤) النهاية ص ٧.

٣٦

المصنف ، فالثلاثون على الاجزاء وما زاد إلى الأربعين على الأفضل. والأحوط مذهب النهاية.

قال طاب ثراه : والحق الشيخ (١) بالكلب موت الثعلب والأرنب والشاة.

أقول : روى الحسين بن سعيد عن القاسم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : وللسنور عشرون أو ثلاثون أو أربعون وللكلب وشبهه (٢).

قال الشيخ : يريد في قدر حجمه ، وهذا يدخل فيه الشاة والغزال والثعلب والأرنب والخنزير. ومنعه المصنف وظاهره الحاقة بما لم يرد فيه نص ، وما قاله الشيخ أظهر في فتاوي الأصحاب.

قال طاب ثراه : وروي في الشاة تسع أو عشر.

أقول : هذه رواية إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه‌السلام كان يقول : الدجاجة ومثلها تموت في البئر ينزح لها دلوان وثلاثة فإذا كانت شاة وما أشبهها فتسعة أو عشرة (٣). وهو مذهب الصدوق ، وفي رواية عمرو بن سعيد سبع دلاء (٤) وقال الثلاثة : ينزح لها أربعون ، وبه قال التقي والقاضي وابن إدريس ، واختار المصنف في المعتبر (٥) مذهب الصدوق ، لأنه استدلال بالمنطوق ، وهو الأقوى.

قال طاب ثراه : وللسنور أربعون وفي رواية سبع.

أقول : في السنور ثلاثة أقوال :

الأول : أربعون قاله الشيخان وابن إدريس واختاره المصنف ، وهو المعتمد

__________________

(١) في المطبوع من المختصر : الشيخان.

(٢) تهذيب الأحكام ١ ـ ٢٣٥.

(٣) تهذيب الأحكام ١ ـ ٢٣٧ ، ح ١٤.

(٤) تهذيب الأحكام ١ ـ ٢٣٥ ، ح ١٠.

(٥) المعتبر ١ ـ ٦٥.

٣٧

لرواية الحسين بن سعيد (١) المتقدمة.

الثاني : من ثلاثين إلى أربعين قاله الفقيه.

الثالث : سبع دلاء قاله الصدوق ، لرواية عمرو بن سعيد بن هلال ، قال : سألت الباقر عليه‌السلام عما يقع في البئر ما بين الفأرة والسنور إلى الشاة ، فقال : في كل ذلك سبع دلاء (٢).

قال طاب ثراه : وللفأرة إن تفسخت والا فثلاث ، وقيل : دلو.

أقول : في الفأرة ثلاثة أقوال :

الأول : دلو واحد ، فان تفسخت فسبع ، قاله الصدوقان.

الثاني : سبع دلاء من غير تفصيل ، قاله السيد.

الثالث : ان لم تنتفخ ولم تنفسخ فثلاث ، ومع أحدهما سبع ، قاله الشيخان وابن إدريس واختاره المصنف ، وهو المعتمد.

ومعنى التفسخ تقطع أجزائها وتفرقها. ولفظ الروايات خال من ذكر الانتفاخ ، وانما هو شي‌ء ذكره المفيد وتبعه من بعده. والجرد كالفأرة ولا فرق بينهما في كل الأحكام.

قال طاب ثراه : ولبول الصبي سبع ، وفي رواية ثلاث.

أقول : المشهور في بول الصبي وهو من جاوز الرضاع واغتذي بالطعام الى قبل البلوغ نزح سبع دلاء ، وهو مذهب الشيخ ، والقاضي ، وابن حمزة ، والتقي ، وابن زهرة. وأوجب ابنا بابويه ثلاث دلاء. والأول هو المعتمد.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ ـ ٢٣٥ ح ١١.

(٢) تهذيب الأحكام ١ ـ ٢٣٥ ح ١٠.

٣٨

والمراد بالرضيع من لم (١) يغتذ بالطعام ، ولا فرق بين تجاوز الحولين (٢) وعدمه.

قال طاب ثراه : ولو غيرت النجاسة ماءها نزح (٣) ، ولو غلب [ الماء ] (٤) فالأولى أن ينزح حتى يزول التغير ويستوفي المقدر.

أقول : إذا غير النجاسة ماء البئر ما ذا يجب له؟ قيل : فيه خمسة أقوال.

الأول : نزحها حتى يزول التغير ، سواء كان ماؤها غزيرا أو لا ، زال جميعه أو لا ، وهو مذهب العلامة ، والتقي ، والحسن ، ومن قال بمقالة.

الثاني : نزح الكل ، وان تعذر نزح حتى يطيب ، وهو مذهب الشيخ في النهاية (٥) والمبسوط (٦).

الثالث : نزح الكل ، فان تعذر لغزارته تراوح عليها أربعة رجال يوما ، وهو مذهب الصدوق ، والسيد ، وسلار.

الرابع : التفصيل ، وهو أن النجاسة ان كانت منصوصة المقدر نزح ، فان زال التغير به ، والا نزح حتى يزول ، وان لم تكن منصوصة المقدر نزحت أجمع ، فإن تعذر تراوح عليها أربعة يوما ، وهو مذهب ابن إدريس.

الخامس : ازالة التغير أولا وإخراج المقدار بعده ان كان لها مقدر ، وان لم يكن لها مقدر وتعذر استيعاب مائها نزحت حتى يطيب ، وهو اختيار المصنف في

__________________

(١) في « س » : ولم.

(٢) في « س » : الحوالى.

(٣) في المطبوع من المختصر : تنزح كلها.

(٤) الزيادة من المصدر.

(٥) النهاية ص ٧.

(٦) المبسوط ١ ـ ١١.

٣٩

المعتبر (١) ، واختار في الشرائع (٢) وجوب التراوح.

تنبيه :

قولهم « ولاغتسال الجنب سبع » اعتبر ابن إدريس الارتماس ، وعبارته : ينزح لارتماس الجنب الخال بدنه من نجاسة عينية المعلوم بطهارته قبل جنابته سبع دلاء ، وحد ارتماسه أن يغطي ماء البئر رأسه ، فاما ان نزل إليها ولم يغط رأسه ماؤها فلا تنجس وادعى على ذلك الإجماع.

وهو وهم عرض له من عبارة الشيخين وتلميذيهما ، حيث أوردوا المسألة بلفظ الارتماس ، ولا جرم أن الارتماس انما يتحقق بذلك ، فوهم أن العبارة مروية ، والروايات عارية من ذكر الارتماس ، وانما وردت بأربع عبارات :

الأول : الوقوع ، وهو في صحيحة الحلبي عن الصادق عليه‌السلام قال : فان وقع فيها جنب فانزح منها سبع دلاء (٣).

الثاني : النزول وهو في صحيحة عبد الله بن سنان عنه عليه‌السلام قال : ان سقط في البئر دابة صغيرة أو نزل فيها جنب نزح سبع دلاء (٤).

الثالث : الدخول ، وهو في صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : إذا دخل الجنب البئر نزح منها سبع دلاء (٥).

__________________

(١) المعتبر ١ ـ ٦٠.

(٢) شرائع الإسلام ١ ـ ١٤.

(٣) تهذيب الأحكام ١ ـ ٢٤٠ ، ح ٢٥.

(٤) تهذيب الأحكام ١ ـ ٢٤١ ، ح ٢٦.

(٥) تهذيب الأحكام ١ ـ ٢٤٤ ح ٣٤.

٤٠