المقتصر

الشيخ ابن فهد الحلّي

المقتصر

المؤلف:

الشيخ ابن فهد الحلّي


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٩

أقول : ذهب الشيخ الى كون الحارصة والدامية مترادفتان على معنى واحد ، وتبعه القاضي في الكامل ، وهو ظاهر التقي وابن زهرة وابن حمزة ، وهو تفسير الأصمعي من أهل اللغة.

وذهب المفيد وتلميذه أنهما متغايرتان ، وهو مذهب السيد في الانتصار (١) واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : والمتلاحمة هي التي تأخذ في اللحم كثيرا ، وهل هي غير الباضعة؟ فمن قال : الدامية غير الحارصة ، فالباضعة هي المتلاحمة ، ومن قال : الدامية هي الحارصة ، فالباضعة غير الملاحمة.

أقول : هنا أربعة أسماء : الحارصة ، والدامية ، والباضعة ، والمتلاحمة ، لثلاثة معان : ما يأخذ في اللحم كثيرا ، ما يأخذ في اللحم يسيرا ، ما لا يأخذ في اللحم شيئا بل يقشر الجلد خاصة.

فالحارصة هي التي تقشر الجلد ، والمتلاحمة هي التي تأخذ في اللحم كثيرا ، ولا إشكال في وضع هذين اللفظين بإزاء هذين المعنيين.

بقي لفظان ، هما الدامية والباضعة ، ومعنى واحد وهو ما يأخذ في اللحم يسيرا ، فمن جعل الدامية مرادفة للحارصة ، قال : الباضعة هي التي تأخذ في اللحم يسيرا ، فتغاير المتلاحمة ، ومن غاير بين الدامية والحارصة ، قال : الدامية هي التي تأخذ في اللحم يسيرا ، فتكون الباضعة هي التي تأخذ في اللحم كثيرا ، فترادف المتلاحمة.

فالحاصل : أن الدامية متى رادفت الحارصة غايرت الباضعة ، والباضعة متى رادفت المتلاحمة غايرت الدامية.

قال طاب ثراه : وفي احمرار الوجه بالجناية دينار ونصف ، وفي اخضراره

__________________

(١) الانتصار ص ٢٧٦.

٤٦١

ثلاثة ، دنانير وفي اسوداده ستة ، وقيل : فيه كما في الاخضرار.

أقول : مختار المصنف مذهب العلامة ، وبه قال الشيخ في النهاية (١) والخلاف ، واختاره ابن حمزة والقاضي في الكامل ، وهو المعتمد.

وذهب المفيد وتلميذه والتقي والسيد وابن إدريس إلى مساواة الاسوداد للاخضرار.

قال طاب ثراه : وقال جماعة منا : وهي في البدن على النصف.

أقول : انما لم يجزم المصنف بالفتوى هنا ، لعدم ظفره بحديث يدل على ذلك ، وجزم به العلامة متابعة للأصحاب لشهرته بينهم ، وهو المعتمد.

ويحتمل وجوب الحكومة ، لأن التقدير شرعي ، فيقف على الدلالة الشرعية.

قال طاب ثراه : من لا ولي له ، فالحاكم ولي دمه ، له المطالبة بالقود أو الدية ، وهل له العفو؟ المروي لا.

أقول : روى أبو ولاد عن الصادق عليه‌السلام قال في الرجل يقتل وليس له ولي إلا الامام : انه ليس للإمام الا أن يقتل ، أو يأخذ الدية فيجعلها في بيت مال المسلمين ، لأن جناية المقتول كانت على الامام ، وكذلك ديته تكون لإمام المسلمين (٢).

وبمضمونها قال الشيخان والقاضي وأبو علي ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد. وأجاز ابن إدريس له العفو ، لأنه الوارث فله إسقاط حقه ، كغيره من الوراث.

__________________

(١) النهاية ص ٧٧٦.

(٢) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ١٧٨ ، ح ١١.

٤٦٢

النظر الرابع ـ في اللواحق :

قال طاب ثراه : ولو كان ذميا فعشر دية أبيه ، وفي رواية السكوني عشر دية أمه.

أقول : وجه الأول أن الواجب في جنين الحر مائة دينار ، وهي عشر دية الأب.وروى السكوني عن جعفر عن علي عليه‌السلام أنه قضى في جنين اليهودية والنصرانية والمجوسية عشر دية أمه (١). وهي متروكة.

قال طاب ثراه : ولو لم يكتس اللحم ، ففي ديته قولان ، أحدهما :غرة.والأخرى : توزيع الدية.

أقول : الخلاف الأول مذهب أبي علي ، والشيخ في المبسوط (٢) وكتاب الفرائض من الخلاف. والثاني مذهبه في النهاية (٣) ، واختاره ابن إدريس والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : قال الشيخ : وفيما بينهما بحسابه.

أقول : قال الشيخ في النهاية (٤) الجنين أول ما يكون نطفة وفيه عشرون دينارا ، ثم يصير علقة وفيه أربعون دينارا ، وفيما بين ذلك بحسابه. ولم يفسره.

وقال ابن إدريس : النطفة تمكث في الرحم عشرون يوما في كل يوم دينار ،

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ٢٨٨ ، ح ٢٤.

(٢) المبسوط ٧ ـ ١٩٦.

(٣) النهاية ص ٧٧٨.

(٤) النهاية ص ٧٧٨.

٤٦٣

ثم يصير علقة ففيها أربعون ، ثم تمكث عشرين يوما ثم يصير مضغة وفيها ستون فيكون لكل يوم دينار ، فهذا معنى قولهم « وفيما بين ذلك بحسابه ».

وأنكر ذلك المصنف والعلامة وطالباه بالمستند ، مع أن المروي في المكث بين كل مرتبة مما ذكر أربعين يوما ، رواه أبو جرير القمي (١) وأبو بصير.

فالحاصل : أن الجناية على الجنين ان كان بعد ولوج الروح ، فدية كاملة للذكر ، ونصف للأنثى. وان كان قبل ولوج الروح وبعد تمام الخلقة ، فمائة دينار ، ذكرا كان أو أنثى. وان كان قبل تمام الحلقة ، فغرة عند أبي علي ، وتوزيع الدية عند الأكثر ، وفيما بين كل مرتبة من حالات التوزيع بالحساب ، وفي تقديره ثلاثة مذاهب.

الأول : تقدير المكث في كل حالة بعشرين يوما ، وإيجاب دينار لكل يوم ، وهو قول ابن إدريس.

الثاني : تقدير الدية في النطفة بقطرات الدم ، وفي العلقة بعروق اللحم ، وفي العلقة بعقد الغدد ، فاذا ظهر في النطفة قطرة دم كان لها ديناران ، وفي القطرتين أربعة دنانير ، وفي الثلاثة ستة دنانير ، حتى يستوفي عشر قطرات ، فيكون لها عشرون دينارا ، وذلك تمام الأربعين هي دية العلقة.

وإذا ظهر في العلقة شبه العرق من اللحم ، كان له ديناران ، وفي العرقين أربعة ، وهكذا الى تمام دية المضغة ، فإذا ظهر فيها شبه العقدة عظما يابسا ، فذلك العظم أول ما يبتدئ ، ففيه أربعة دنانير ، ومتى زاد زيد أربعة حتى يتم الثمانين فذلك دية العظم ، وهو قول الصدوق.

الثالث : التوقف وهو مذهب المصنف.

قال طاب ثراه : وقيل مع الجهالة يستخرج بالقرعة ، لأنه مشكل ، وهو غلط

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ٢٨٢ ، ح ٤.

٤٦٤

لأنه لا اشكال مع النقل.

أقول : القائل بالقرعة ابن إدريس ، وأنكره المصنف ، لأنه لا اشكال مع وجود ما يصار اليه من النقل ، وهو في روايات.

منها : رواية عبد الله بن مسكان عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام ـ الى أن قال :وان قتلت المرأة وهي حبلى ، ولم يدر أذكر هو أم أنثى ، فدية الولد نصفين : نصف دية الذكر ، ونصف دية الأنثى ، وديتها كاملة (١).

وهو مذهب الشيخين وتلميذيهما وابن حمزة وأبي علي ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو عزل عن زوجته اختيارا ، قيل : يلزمه دية النطفة عشرة دنانير ، والأشبه الاستحباب.

أقول : هذا قول الشيخين والقاضي والتقي ، ومنع ابن إدريس. وللمصنف القولان.

قال طاب ثراه : من أتلف حيوانا مأكولا كالنعم بالذكاة ، لزمه الأرش ، وهل لمالكه دفعه والمطالبة بقيمته؟ قال الشيخان : نعم ، والأشبه لا ، لأنه إتلاف لبعض منافعه.

أقول : بمقابلة الشيخين قال تلميذاهما ، وهو مضمون النهاية (٢) والقواعد ، وقال في المبسوط : له الأرش خاصة ، وليس له المطالبة بالقيمة ، واختاره ابن إدريس والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو كان ما لا يقع عليه الذكاة كالكلب والخنزير ، ففي كلب الصيد أربعون درهما إلى أخر البحث.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ٢٨١ ، ح ١.

(٢) النهاية ص ٧٨٠.

٤٦٥

أقول : التحقيق أن الكلاب خمسة أضرب : كلب الصيد ، وكلب الغنم ، وكلب الحائط ، وكلب الزرع ، وكلب الدار ، وما عدا هذه الخمسة يسمى العكلي وكلب الهراش.

ولا شك في جواز تملك الخمسة ، وجواز الانتفاع بها وإجارتها ، وتحريم الجناية عليها من الغير ، وانما الخلاف في مقامين : جواز البيع ، وقد مر في كتاب التجارة ، وتقدير دياتها لو قتلت ، فلنذكر البحث في كل صنف منها على انفراده :

الأول : كلب الصيد ، وفي ديته قولان : أربعون درهما ، قاله الشيخان وتلميذاهما والصدوق وابن إدريس ، وهو المعتمد. وذهب أبو علي الى وجوب القيمة ولا يتجاوز بها الأربعين ، واستحسنه العلامة في المختلف.

الثاني : كلب الغنم ، وفيه ثلاثة أقوال : فكبش عند المصنف ، والقيمة عند العلامة في المختلف ، وعشرون درهما عند الشيخين والصدوق وابن إدريس.

الثالث : كلب الحائط وهو البستان ، وديته عشرون درهما عند الشيخين وتلميذيهما وابن إدريس ، وهو المعتمد ، والقيمة في ظاهر المختلف.

الرابع : كلب الزرع ، وفيه قفيز من بر عند الشيخ في النهاية (١) ، وتبعه القاضي وابن إدريس ، واختاره المصنف ، وهو المعتمد ، وظاهر المفيد وتلميذه. وأبي علي لا شي‌ء فيه ، وأوجب الصدوق زبيل من تراب على القاتل أن يعطي ، وعلى صاحب الكلب أن يقبله.

الخامس : الأهلي ، وهو كلب الدار ، فظاهر المفيد وتلميذه وابن إدريس لا شي‌ء فيه ، حيث قالوا : وليس في شي‌ء من الكلاب غيره هذه الأربعة دية ، وأوجب أبو علي زبيلا من تراب ، وهو ظاهر الصدوق.

قال طاب ثراه : قيل : قضى علي عليه‌السلام في بعير بين أربعة ، عقله أحدهم ،

__________________

(١) النهاية ص ٧٨٠.

٤٦٦

فوقع في بئر فانكسر : ان على الشركاء حصته ، لأنه حفظ (١) وضيع الباقون ، وهو حكم في واقعة ، فلا يعدي.

أقول : هذه رواية محمد بن قيس (٢) ، وبمضمونها أفتى القاضي ، وباقي الأصحاب أوردها بلفظ الرواية.

قال المصنف في النكت : ان صحت هذه الرواية ، فهي حكاية واقعة ، ولا عموم للوقائع ، فلعله عقله وسلمه إليهم ففرطوا أو غير ذلك ، أما اطراد الحكم على ظاهر الرواية فلا.

قال طاب ثراه : روى السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه‌السلام قال : كان لا يضمن ما أفسدت البهائم نهارا ، ويضمن ما أفسدت ليلا ، والرواية مشهورة غير أن في السكوني ضعفا. والاولى اعتبار التفريط ، ليلا كان أو نهارا.

أقول : أكثر الأصحاب كالشيخين والقاضي والتقي وابن حمزة والطوسي وابن زهرة والكيدري على العمل بمضمون الرواية (٣) ، وأن على أهل الأموال حفظها نهارا ، وعلى أهل الماشية ما أفسدت مواشيهم بالليل.

وأما ابن إدريس ، فاعتبر التفريط وعدمه ، ولم يفرق بين الليل والنهار ، واختاره المصنف والعلامة وفخر المحققين ، وهو المعتمد ، والسكوني عامي.

قال طاب ثراه : والعصبة من تقرب الى الميت بالأبوين أو الأب ، كالإخوة وأولادهم ، والعمومة وأولادهم ، والأجداد وان علوا. وقيل : هم الذين يرثون القاتل لو قتل ، والأول أظهر.

أقول : اختلف الأصحاب في تفسير العصبة على أقوال :

__________________

(١) في المختصر المطبوع : حفظه.

(٢) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ٢٣١ ، ح ٤٣.

(٣) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ٣١٠ ، ح ١١.

٤٦٧

الأول : مختار المصنف ، وهو مذهب الشيخ ، وتبعه القاضي واختاره العلامة وهو المعتمد.

الثاني : العصبية هم المستحقون لميراث القاتل من الرجال العقلاء ، سواء كانوا من قبل أبيه أو أمه ، وان تساوت القرابتان ، كالإخوة للأب والاخوة للام ، كان على إخوة الأب الثلثان ، وعلى إخوة الأم الثلث ، وهو قول أبي علي.

الثالث : العاقلة العصبات من الرجال ، سواء كان وارثا أو غير وارث ، الأقرب فالأقرب ، وهو قول ابن إدريس.

الرابع : العاقلة من يرث دية القاتل ، ولا يلزم من لا يرث ديته شيئا على حال وهو قول الشيخ في النهاية (١).

قال طاب ثراه : ومن الأصحاب من شرك بين من يتقرب بالأم مع من يتقرب بالأب والام أو بالأب ، وهو استناد إلى رواية مسلمة بن كهيل ، وفيه ضعف.

أقول : هذا إشارة إلى مذهب أبي علي ، ومستنده ما رواه مالك بن عطية عن أبيه عن مسلمة بن كهيل ، قال : أتي أمير المؤمنين عليه‌السلام برجل من أهل الموصل قد قتل رجلا خطا ، فكتب أمير المؤمنين عليه‌السلام الى عامله بها في كتابه وسأل عن قرابته من المسلمين ، فان كان من أهل الموصل ممن ولد بها ، وأصبت له قرابة من المسلمين ، فاجمعهم إليك ثم انظر ، فان كان هناك رجل يرثه له سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابة فألزمه الدية ، وخذه بها في ثلاث سنين.

وان لم يكن من قرابته أخذ له سهم في الكتاب وكانوا قرابته سواء في النسب ففض الدية على قرابته من قبل أبيه ، وعلى قرابته من قبل أمه من الرجال المدركين المسلمين ، اجعل على قرابته من قبل أبيه ثلثي الدية ، واجعل على قرابته من قبل

__________________

(١) النهاية ص ٧٣٧.

٤٦٨

أمه ثلث الدية.

وان لم يكن له قرابة من قبل أبيه ولا أمه ففض الدية على أهل الموصل ممن ولد بها ونشأ ، ولا تدخل فيهم غيرهم. وان لم يكن له قرابة ولا هو من أهل الموصل فرده إلى ، فأنا وليه والمؤدي عنه ، ولا يطل دم امرء مسلم (١). وابن كهيل بتري مذموم.

قال طاب ثراه : ويدخل الإباء والأولاد في العقل على الأشبه.

أقول : مختار المصنف مذهب أبي علي ، واختاره العلامة وفخر المحققين ، وهو المعتمد ، وذهب الشيخ في الكتابين الى عدم دخولهم ، وتبعه القاضي.

قال طاب ثراه : وتحمل العاقلة دية الموضحة فما فوقها اتفاقا منا ، وفيما دون الموضحة قولان.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية (٢) إلى أن العاقلة لا تحمل ما دون الموضحة وبه قال التقي وأبو علي ، واختاره العلامة في المختلف.

والمستند موثقة أبي مريم عن الباقر عليه‌السلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام أن لا تحمل العاقلة إلا الموضحة فصاعدا (٣). وفي طريقها ابن فضال ، وذهب في الخلاف الى تحملها قدر الجناية ، قليلا كان أو كثيرا ، واختاره ابن إدريس.

قال طاب ثراه : وأما كيفية التقسيط ، فقد تردد فيه الشيخ ، والوجه وقوفه على رأي الامام.

أقول : قال الشيخ في المبسوط (٤) : الذي يقتضيه مذهبنا أنه لا يقدر ذلك ، بل يقسم الامام على ما يراه من حاله من الغنى والفقر ، وان يفرقه على القريب

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ١٧١ ، ح ١٥.

(٢) النهاية ص ٧٣٧.

(٣) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ١٧٠ ، ح ٩.

(٤) المبسوط ٧ ـ ١٧٨.

٤٦٩

والبعيد ، وان قلنا تقدم الأولى فالأولى كان قويا ، لقوله تعالى ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ).

وقال قبل هذا الكلام بقليل : وأكثر ما يحمله كل رجل من العاقلة نصف دينار ان كان موسرا وربع دينار ان كان معسرا ، لان هذا القدر لا خلاف فيه ، وما زاد عليه ليس عليه دليل ، والأصل براءة الذمة.

فهذا بيان تردد الشيخ ، وكذا في الخلاف له قولان في موضعين ، وتبعه القاضي في التحديد بالنصف والربع.

وابن إدريس في عدمه ، بل يأخذ منهم على قدر أحوالهم حتى يستوفي النجم الذي هو ثلثها ، واختاره المصنف والعلامة.

ولو فرضنا كانت الدية دينارا وله أخ موسر ، كان اللازم للأخ نصف دينار خاصة ، والباقي على الامام على القول بالتقدير ، وعلى القول الأخر الجميع على الأخ.

قال طاب ثراه : وفي توريث الأب قولان ، أشبههما : أنه لا يرث.

أقول : على القول بمنع قاتل الخطأ مطلقا ، أو من الدية ، لا إرث للأب هنا وعلى القول بتوريثه من الدية ، فإن قلنا بمقالة المفيد وتلميذه من عود العاقلة بها على الجاني ، لا إرث له أيضا.

وان قلنا بوجوبها على العاقلة ابتداء ، فهل يرث هنا؟ يحتمله ضعيفا ، لوجوب الدية على العاقلة ، وانتقالها الى الوارث ، وهذا النوع من القتل لا يمنع الإرث ، لأن البحث على ذلك التقدير.

وذهب المصنف والعلامة الى عدم توريثه ، لأن العاقلة يتحمل جنايته ، فلا يعقل تحملها له ، وكيف يمكن في العقل أن يطالب الغير بجناية جناها ، واختاره فخر المحققين ، وهو المعتمد.

٤٧٠

قال طاب ثراه : ولو لم يكن له وارث سوى العاقلة ، فإن قلنا الأب لا يرث فلا دية ، وان قلنا يرث ، ففي أخذه الدية من العاقلة تردد.

أقول : البحث في هذه المسألة يعلم من السابقة ، والفرق بينهما أن في المسألة الأولى كان مع القاتل في درجته غيره ، وفي المسألة الثانية لا وارث غيره.

ومنشأ التردد : من تحمل العاقلة جنايته عنه ، فلا يحملها له ، ومن كون قتله غير مانع ، ولا يجوز إهدار هذا الدم ، فيضمنه العاقلة للوارث وهو الأب ، وليس بشي‌ء.

قال طاب ثراه : ولا يعقل المولى عبدا كان أو مدبرا أو أم ولد على الأظهر.

أقول : هذا هو المشهور ، وذهب التقي إلى ضمان السيد جناية العبد ، وهو نادر.

وللشيخ في أم الولد قولان ، ففي الخلاف يتعلق برقبتها ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد ، وفي المبسوط يضمنها السيد ، واختاره القاضي.

وليكن هذا آخر ما نورده في هذا المقتصر ، ومن أراد الاستقصاء بذكر الأدلة وإيراد حجج كل فريق ، وبيان ما يرد عليها من الاعتراضات ، وذكر ما يليق بالباب من التعريفات ، وإظهار ما يحسن من التنبيهات ، فعليه بكتابنا الكبير ، أعني : المهذب البارع ، فإنه بلغ في ذلك الغاية.

ونسأل الله تعالى أن يقبله بكرمه وفضله ، كما وفق له بمنه وطوله ، وأن ينفع به العباد ، ويجعله ذخرا ليوم المعاد.

ولنقطع الكلام على هذا المرام ، حامدين لرب العالمين ، ومصلين على سيد المرسلين محمد وآله الطاهرين.

وجاء في آخر نسخة « س » : فرغت من تسويده يوم الأربعاء في وقت الظهر الرابع عشرون من شهر ذي القعدة في سنة ثلاثة عشر ومائة بعد الألف هجرية

٤٧١

نبوية على مشرفها أفضل الصلاة وأكمل التحيات على عترته الطيبين والطيبات ، والحمد لله رب العالمين ، ووافق الفراغ من كتابة هذا الكتاب المبارك ، وهو المقتصر في شرح المختصر بحمد الله تعالى وعونه وحسن توفيقه على يد العبد الفقير الحقير الذليل أفقر خلق الله وأحوجهم إلى رحمة الله محمد بن شيخ حبيب الله.

وجاء في آخر نسخة « ق » : فرغت من تسويده يوم الإحدى والعشرين من شهر جمادى الأول مير جعفر بن مير عبد الله التبريزي غفر الله له ولوالديه وعفي عنهما ذنوبه سنة ١٠٦٨.

وتم تصحيح الكتاب وتحقيقه والتعليق عليه في يوم الجمعة الرابع عشر من رجب المرجب سنة ألف وأربعمائة وعشرة هجرية على يد العبد المذنب السيد مهدي الرجائي في بلدة قم المشرفة حرم أهل البيت وعش آل محمد عليهم‌السلام.

٤٧٢

فهرس الكتاب

مقمة المؤلف.................................................................... ٣

رموز الكتاب.................................................................... ٤

شرخ خطبة الماتن................................................................ ٥

حول بسم الله الرحمن الرحيم...................................................... ٦

الفرق بين الحمد والشكر....................................................... ١١

بيان الحواس الظاهرة والباطنة.................................................... ١٤

الفرق بين الرسول والنبي........................................................ ٢١

المراد من العترة والذرية......................................................... ٢٥

كتاب الطهارة................................................................. ٣٢

تقدير الكر وزنا ومساحة....................................................... ٣٢

أحكام منزوحات البئر.......................................................... ٣٣

النزح للدماء الثلاثة............................................................. ٣٤

مقدار النزح لوقوع الثعلب والأرنب والشاة....................................... ٣٧

تحقيق حول النزح لاغتسال الجنب في البئر........................................ ٤٠

٤٧٣

حكم ماء المستعمل في الأغسال.................................................. ٤٤

أحكام الأسئار................................................................. ٤٥

الطهارة المائية.................................................................. ٤٦

أحكام الجنابة.................................................................. ٤٩

أحكام الحيض................................................................. ٥٠

أحكام النفساء................................................................. ٥٣

غسل الأموات................................................................. ٥٤

الطهارة الترابية................................................................. ٥٨

أحكام النجاسات.............................................................. ٦١

كتاب الصلاة.................................................................. ٦٦

أحكام الوقت والقبلة........................................................... ٦٨

أحكام لباس المصلي............................................................ ٧٠

أحكام الأذان والإقامة.......................................................... ٧٣

أفعال الصلاة ، أحكام النية...................................................... ٧٤

أحكام القراءة.................................................................. ٧٥

بقية الصلوات ، صلاة الجمعة.................................................... ٧٨

صلاة الآيات.................................................................. ٨٢

توابع الصلاة ، أحكام الشك.................................................... ٨٤

ما يعتبر في أمام الجماعة......................................................... ٩١

أحكام القصر والاتمام........................................................... ٩٣

كتاب الزكاة ، ما تجب فيه الزكاة............................................... ٩٧

المستحقين للزكاة............................................................. ١٠٠

٤٧٤

أحكام زكاة الفطرة........................................................... ١٠٤

كتاب الخمس................................................................ ١٠٦

كتاب الصوم................................................................ ١١٠

مبطلات الصوم.............................................................. ١١١

أحكام الصوم................................................................ ١٢١

كتاب الاعتكاف............................................................. ١٢٢

كتاب الحج ، أحكام الاستطاعة................................................ ١٢٦

أحكام النيابة................................................................. ١٢٧

أحكام حج التمتع............................................................ ١٢٩

ما لو نسي الاحرام حتى أكمل مناسكه.......................................... ١٣١

أفعال الحج................................................................... ١٣٢

ما يحرم ويكره للمحرم........................................................ ١٣٥

أحكام الوقوفين.............................................................. ١٣٨

أحكام الطواف............................................................... ١٤٠

أحكام السعي................................................................ ١٤٣

أحكام المصدود والمحصر....................................................... ١٤٤

كفارات الاحرام............................................................. ١٤٧

كتاب الجهاد................................................................. ١٥٧

عدم جواز الفرار في الحرب.................................................... ١٦٠

أحكام الغنيمة................................................................ ١٦١

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر............................................... ١٦٣

كتاب التجارة................................................................ ١٦٤

٤٧٥

أحكام البيع وآدابه............................................................ ١٦٦

أحكام الخيار................................................................. ١٦٨

أحكام الربا.................................................................. ١٧٧

بيع المزابنة والمحاقلة............................................................ ١٨٠

أحكام السلف في المعاملة...................................................... ١٨٦

كتاب الرهن................................................................. ١٩٠

كتاب الحجر................................................................. ١٩٤

كتاب الضمان............................................................... ١٩٦

كتاب الصلح................................................................ ١٩٨

كتاب الشركة............................................................... ١٩٩

كتاب المضاربة............................................................... ٢٠٠

كتاب المزارعة والمساقاة....................................................... ٢٠٢

كتاب الوديعة والعارية........................................................ ٢٠٣

كتاب الإجارة............................................................... ٢٠٤

كتاب الوكالة................................................................ ٢٠٦

كتاب الوقوف والصدقات والهبات............................................. ٢٠٩

كتاب السبق والرماية......................................................... ٢١٣

كتاب الوصايا................................................................ ٢١٤

كتاب النكاح ، أحكام الصيغة................................................. ٢٢٤

جواز النظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها......................................... ٢٢٦

أحكام أولياء العقد........................................................... ٢٢٨

أسباب التحريم............................................................... ٢٣٠

٤٧٦

أحكام المصاهرة.............................................................. ٢٣٢

أحكام الكفر................................................................. ٢٣٩

أحكام النكاح المنقطع......................................................... ٢٤١

أحكام نكاح الإماء........................................................... ٢٤٤

العيوب الموجبة للفسخ........................................................ ٢٥٢

أحكام المهور................................................................. ٢٥٦

أحكام القسم والنشوز والشقاق................................................ ٢٦٢

كتاب الطلاق................................................................ ٢٦٩

أقسام الطلاق................................................................ ٢٧٢

أحكام العدة................................................................. ٢٨٣

كتاب الخلع.................................................................. ٢٨٧

كتاب الظهار................................................................ ٢٨٩

كتاب الايلاء................................................................ ٢٩٤

كتاب اللعان................................................................. ٢٩٩

كتاب العتق.................................................................. ٣٠٤

كتاب التدبير والمكاتبة والاستيلاد.............................................. ٣٠٩

أحكام المكاتبة................................................................ ٣١٢

أحكام الاستيلاد............................................................. ٣١٥

كتاب الاقرار................................................................ ٣١٧

كتاب الايمان................................................................ ٣١٩

كتاب النذور والعهود......................................................... ٣٢٢

كتاب الصيد والذبائح........................................................ ٣٢٦

٤٧٧

أحكام الذبائح............................................................... ٣٢٨

كتاب الأطعمة والأشربة...................................................... ٣٣٢

كتاب الغصب............................................................... ٣٤٠

كتاب الشفعة................................................................ ٣٤٥

كتاب احياء الموات........................................................... ٣٤٩

كتاب اللقطة................................................................. ٣٥٢

كتاب المواريث............................................................... ٣٥٨

حكم ارث القاتل............................................................. ٣٥٩

إقامة أولاد الأولاد مقام آبائهم عند عدمهم...................................... ٣٦٢

أحكام ميراث الزوج والزوجة.................................................. ٣٦٤

حكم ميراث المفقود........................................................... ٣٦٧

حكم ميراث الخنثى........................................................... ٣٦٩

حكم ميراث الغرقى والمهدوم عليهم............................................ ٣٧٢

حكم ميراث المجوس........................................................... ٣٧٣

كتاب القضاء................................................................ ٣٧٥

أحكام الدعاوي.............................................................. ٣٧٩

تعارض البينات............................................................... ٣٨٣

كتاب الشهادات............................................................. ٣٨٦

حكم شهادة الزوج والزوجة................................................... ٣٨٩

أحكام شهادة النساء.......................................................... ٣٩١

كتاب الحدود ، حد الزنا...................................................... ٣٩٨

أحكام حد اللواط............................................................ ٤٠٧

٤٧٨

أحكام حد المساحقة.......................................................... ٤٠٨

أحكام حد القذف............................................................ ٤٠٩

أحكام حد المسكر............................................................ ٤١٠

أحكام حد السرقة............................................................ ٤١٥

أحكام حد المحارب........................................................... ٤١٨

كتاب القصاص.............................................................. ٤٢٠

حكم اشتراك الرجل والمرأة في القتل............................................ ٤٢١

توجه القصاص على الأعمى................................................... ٤٢٩

أحكام القسامة............................................................... ٤٣٣

كيفية الاستيفاء.............................................................. ٤٣٣

كتاب الديات ، دية شبيه العمد................................................ ٤٣٨

أحكام دية الخطأ............................................................. ٤٣٩

حكم القتل في أشهر الحرم..................................................... ٤٤٠

أسباب الضمان.............................................................. ٤٤٢

الجناية على الأطراف......................................................... ٤٤٨

الجناية على المنافع............................................................. ٤٥٨

أحكام الشجاج والجراح...................................................... ٤٦٠

أحكام الجناية على الجنين...................................................... ٤٦٣

كيفية تقسيط الدية........................................................... ٤٦٩

أحكام العاقلة................................................................ ٤٧١

خاتمة الكتاب................................................................ ٤٧٢

فهرس الكتاب............................................................... ٤٧٣

٤٧٩