المقتصر

الشيخ ابن فهد الحلّي

المقتصر

المؤلف:

الشيخ ابن فهد الحلّي


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٩

فقيل : الأول هو الفقير ، وهو مذهب الشيخ في الجمل (١) وكتابي الفروع والقاضي ، وابن حمزة ، وابن إدريس.

وقيل : الثاني ، وهو مذهب الشيخ في النهاية (٢) ، والمفيد وتلميذه ، وهو مذهب أبي علي ، واستقر به العلامة في المختلف.

قال المصنف : ولا ثمرة مهمة في تحقيقه ، أي : في باب الزكوات ، لاندراجهما تحت الأمر الكلي الذي هو مناط الاستحقاق ، وهو عدم مئونة السنة.

وتظهر فائدة الخلاف في النذر والوصية والكفارة ، وإذا أفرد لفظ الفقير دخل فيه المسكين وبالعكس ، وان جمعا فيه الخلاف ، قاله ابن إدريس والعلامة ، وعلى هذا لا فائدة في الكفارة لانفراد لفظ المسكين فيها ، فيستحقها الفقير على كلا التقديرين.

قال طاب ثراه : ولو جهل الأمران ، قيل : يمنع ، وقيل : لا ، وهو أشبه.

أقول : المنع مذهب الشيخ ، والأكثرون على الجواز.

قال طاب ثراه : وفي سبيل الله ، وهو كلما كان قربة أو مصلحة ، كالجهاد والحج وبناء القناطر ، وقيل : يختص الجهاد.

أقول : الأول مذهب الشيخ في الكتابين ، وبه قال ابن حمزة ، وابن إدريس والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد. وبالثاني قال المفيد وتلميذه والشيخ في النهاية (٣).

قال طاب ثراه : وفي صرفها الى المستضعف مع عدم العارف تردد ، أشبهه المنع ، وكذا في الفطرة.

__________________

(١) الجمل والعقود ص ٥١.

(٢) النهاية ص ١٨٤.

(٣) النهاية ص ١٨٤.

١٠١

أقول : فتوى الأصحاب على المنع في زكاة المال والفطرة ، وروى يعقوب بن شعيب عن العبد الصالح عليه‌السلام قال : إذا لم يجد دفعها الى من لا ينصب (١).وفي طريقها مع ندورها أبان بن عثمان ، ولا نعلم بها قائلاً.

ومنشأ التردد النظر الى ما دلت عليه الرواية ، وعموم قوله عليه‌السلام : على كل كبد حري أجر (٢).

وروى الفضيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان جدي يعطي فطرته الضعفة ومن لا يتوالى ، وقال : هي لأهلها الا أن لا تجدهم فان لم تجدهم فلمن لا ينصب (٣).

والمعتمد المنع ، ويؤيده رواية إسماعيل بن سعد الأشعري عن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف؟ قال : لا ولا زكاة الفطرة (٤).

قال طاب ثراه : والعدالة ، وقد اعتبرها قوم ، وهو أحوط. واقتصر آخرون على مجانبة الكبائر.

أقول : لم يذكر الصدوق في الشرائط العدالة ، وكذا سلار واختاره المصنف والعلامة ، وباعتبارها قال الثلاثة ، والقاضي ، والتقي ، وابن حمزة ، وابن إدريس ، إلا في الغزاة ، ونقل المصنف في المعتبر (٥) الاقتصار على مجانبة الكبائر ، وهو ظاهر أبي علي.

قال طاب ثراه : ولو قصر الخمس عن كفايته جاز أن يقبل الزكاة ، ولو من غير الهاشمي. وقيل : لا يتجاوز قدر الضرورة.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٤ ـ ٤٦ ح ١٢.

(٢) عوالي اللئالي ١ ـ ٩٥ ح ٣.

(٣) تهذيب الأحكام ٤ ـ ٨٨ ح ٨.

(٤) فروع الكافي ٣ ـ ٥٤٧ ح ٦.

(٥) المعتبر ٢ ـ ٥٨١.

١٠٢

أقول : إذ قصر كفاية الهاشمي من الخمس عن قوت يومه وليلته جاز أن يقبل الزكاة وهل يتجاوز قدر الضرورة؟ قيل : نعم ، لأنه دخل في قسم المستحقين (١) ولا يتقدر الإعطاء في طرف مستحق الزكاة بقدر. وقيل : لا ، لأنه لا يحل له منها ما لا يدفع به الضرورة ، فلا يستحق ما زاد ، وهو الأحوط.

قال طاب ثراه : لو مات العبد المبتاع بمال الزكاة ولا وارث له ، ورثه أرباب الزكاة ، وفيه وجه.

أقول : الأول اختيار الصدوقين ، والشيخ ، وابن إدريس ، وهو ظاهر المفيد وقيل : يرثه الامام عليه‌السلام ، لأنه وارث من لا وارث له.

قال طاب ثراه : أقل ما يعطى الفقير ما يجب في النصاب الأول. وقيل : ما يجب في الثاني ، والأول أظهر.

أقول : الأول مذهب الشيخين ، والفقيهين ، والسيد في الانتصار (٢) ، واختاره المصنف وسلار. والثاني مذهب أبي علي ، والسيد في المسائل المصرية (٣) ، ولم يقدره السيد في الجمل (٤) ، واختاره ابن إدريس والعلامة في المختلف ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : إذا قبض الإمام [ أو الفقيه ] (٥) الصدقة دعا لصاحبها استحبابا على الأظهر.

أقول : هذا مذهب الشيخ في المبسوط (٦) واختاره المصنف والعلامة ،

__________________

(١) في « س » : المستحق.

(٢) الانتصار ص ٨٢.

(٣) رسائل الشريف المرتضى ١ ـ ٢٢٥.

(٤) الجمل والعلم ص ١٢٨.

(٥) الزيادة من المختصر المطبوع.

(٦) المبسوط ١ ـ ٢٤٤.

١٠٣

وقال في كتاب الزكاة من الخلاف (١) بالوجوب ، والمعتمد الأول.

هذا بالنسبة الى الإمام أو الساعي ، أما الفقيه أو الفقير ، فلا يجب على أحدهما الدعاء إجماعا.

قال طاب ثراه : ويسقط حال الغيبة (٢) سهم السعاة والمؤلفة. وقيل : يسقط معهم ابن السبيل (٣) ، وعلى ما قلناه لا يسقط.

أقول : إذ فسر سبيل الله تعالى بأنه الجهاد سقط سهمه حال الغيبة لاشتراطه بظهور الامام عليه‌السلام ، كما سقط الساعي ، لأنه الناصب له. وإذا فسرنا بأنه المصالح ، لم يسقط لتحققها مع الغيبة.

قال طاب ثراه : وهي من جميع الأجناس صاع ، هو تسعة أرطال بالعراقي ، ومن اللبن أربعة أرطال ، وفسره قوم بالمدني.

أقول : هنا ثلاثة أقوال : الأول : أنه تسعة في الكل ، ذهب إليه التقي ، والقاضي ، وأبو علي ، والمفيد ، وتلميذه ، واختاره العلامة في المختلف ، وهو المعتمد.

الثاني : أنه تسعة في غير اللبن ، ومنه ستة عراقية ، وهي أربعة مدنية ، ذهب اليه الشيخ في المبسوط (٤) ، وابن حمزة ، وابن إدريس.

الثالث : قال في النهاية : انه أربعة أرطال (٥). وأطلق.

قال طاب ثراه : وهي قبل صلاة العيد فطرة ، وبعدها صدقة. وقيل : يجب

__________________

(١) الخلاف ٢ ـ ١٢٥.

(٢) في المختصر المطبوع : ويسقط مع غيبة الإمام.

(٣) في المختصر المطبوع : سهم السبيل.

(٤) المبسوط ١ ـ ٢٤١.

(٥) النهاية ص ١٩١.

١٠٤

القضاء ، وهو أحوط.

أقول : المشهور أن وقت الإخراج من غروب الشمس ليلة الفطر الى زوال الشمس من يوم العيد ، فان زالت الشمس ولم يكن أخرجها ، فإن كان قد عزلها ، أخرجها بنية الأداء ، وان لم يكن قد عزلها ، قال الفقيهان : يسقط ، وبه قال المفيد ، والتقي ، والقاضي. وقال ابن إدريس : يجب أداء دائما. وقال الشيخ في الاقتصاد (١) : يجب إخراجها بنية القضاء ، وبه قال ابن حمزة وأبو علي ، واختاره العلامة في كتبه ، وهو المعتمد.

__________________

(١) الاقتصاد ص ٢٨٥.

١٠٥

كتاب الخمس

قال طاب ثراه : ولا يجب في الكنز حتى يبلغ قيمته عشرين دينارا ، وكذا يعتبر في المعدن على رواية البزنطي (١).

أقول : اعتبار النصاب في المعدن مذهب الشيخ في النهاية (٢) والمبسوط (٣) ، وبه قال ابن حمزة ، والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

وعدم اعتبار مذهبه في الخلاف (٤) ، والاقتصاد (٥) ، واختاره ابن إدريس ، فيجب فيه وان قل.

واعتبر التقي فيه مقدار دينار ، وهو ظاهر الصدوق حيث رواه في كتابه (٦) ،

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٤ ـ ١٣٨ ح ١٣.

(٢) النهاية ص ١٩٧.

(٣) المبسوط ١ ـ ٢٣٧.

(٤) الخلاف ٢ ـ ١١٩.

(٥) الاقتصاد ص ٢٨٣.

(٦) من لا يحضره الفقيه ٢ ـ ٢١.

١٠٦

وفي المقنع (١).

قال طاب ثراه : ويقسم ستة أقسام على الأشهر.

أقول : هذا هو المشهور عند علمائنا ، وفي صحيحة ربعي (٢) يقسم خمسة أقسام ، ولا نعلم به قائلاً.

قال طاب ثراه : وفي استحقاق من ينسب إليه بالأم قولان ، أشبههما أنه لا يستحق.

أقول : استحقاقه مذهب السيد ، ومنعه مذهب الشيخ في النهاية (٣) ، والمبسوط (٤) ، وابن حمزة ، وابن إدريس والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وهل يجوز أن تخص به طائفة حتى الواحد؟ فيه تردد ، أحوطه بسطه عليهم ولو متفاوتا.

أقول : وجوب البسط على الأصناف مذهب التقي ، وهو ظاهر الشيخ.

وبالاستحباب قال ابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وفي اعتبار الايمان تردد ، واعتباره أحوط.

أقول : المعتمد اعتبار الايمان في مستحق الخمس ، للنهي عن مساعدة غير المؤمن ، وهو فتوى الأصحاب. ويحتمل ضعيفا عدمه ، لاستحقاقه بالقرابة والنسب والمسلمون يتوارثون وان اختلفوا في الآراء.

قال طاب ثراه : وفي اختصاصه بالمعادن تردد ، أشبهه أن الناس فيها شرع.

أقول : من أصحابنا من أطلق القول بكون المعادن للإمام ، كالمفيد ، وتلميذه والقاضي ، والشيخ في أحد قوليه والعلامة في المختلف ، فهي من الأنفال عندهم.

__________________

(١) المقنع ص ٥٣.

(٢) تهذيب الأحكام ٤ ـ ١٢٨ ح ١.

(٣) النهاية ص ١٩٩.

(٤) المبسوط ١ ـ ٢٦٢.

١٠٧

وخصه ابن إدريس بما يكون في ماله كرؤوس الجبال وقال الشيخ في المبسوط (١) باشتراك الظاهرة بين المسلمون ، واختاره العلامة في القواعد ، وقواه في التذكرة ، لشدة احتياج الناس إليها ، فلو كانت من خصائصه لافتقر المتصرف فيها الى اذنه ، وذلك ضرر وضيق ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وقيل : إذا غزا قوم بغير اذنه فغنيمتهم له ، والرواية مقطوعةأقول : الرواية إشارة الى ما رواه العباس الوراق عن رجل سماه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا غزا قوم بغير اذن الامام فغنموا ، كانت الغنيمة كلها للإمام عليه‌السلام. وان غزوا بأمره ، كان للإمام الخمس (٢). وعليهما عمل الأصحاب ، وبه تأيد ضعفها بسبب قطعها وتسميتها مرسلة أظهر في الاصطلاح ، والمقطوع ما لم يستند الى معصوم ، والمرسل ما جهل بعض رواته ، وقد بينا ذلك في مقدمة المهذب (٣).

قال طاب ثراه : وفي حال الغيبة لا بأس بالمناكح ، والحق الشيخ المساكن والمتاجر.

أقول : ذهب التقي الى عدم إباحة الثلاثة المذكورة وذهب المفيد إلى إباحة المناكح خاصة ، وقال الشيخ بإباحة الثلاثة وتبعه أبو يعلى ، والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وفي مستحقه عليه‌السلام أقوال.

أقول : مذهب سلار إلى إباحته في حال الغيبة نقله عنه المصنف والعلامة ، والمفيد أجاز صرفه الى فقراء الشيعة ، واختاره ابن حمزة ، وأوجب حفظه بالوصية التقي وابن إدريس.

__________________

(١) المبسوط ٣ ـ ٢٧٤.

(٢) تهذيب الأحكام ٤ ـ ١٣٥ ح ١٢.

(٣) المهذب البارع ١ ـ ٦٦.

١٠٨

وخير بين الدفن والوصية الشيخ في المسائل الحائرية ، وأجاز المصنف والعلامة وفخر المحققين صرفه إلى بقية الأصناف على وجه التتمة ، وهو المعتمد.

وقد استقصينا البحث في هذه المسائل في الكتاب الكبير (١) ، فليطلب من هناك.

__________________

(١) المهذب البارع ١ ـ ٥٧٠.

١٠٩

كتاب الصوم

قال طاب ثراه : وفي النذر المعين تردد.

أقول : المعتمد اعتبار التعيين في النذر المعين ، كمذهب الشيخ والعلامة ومعنى التعيين أن يعين النذر في نيته ، ولا يكفي الإطلاق ، كمذهب السيد وابن إدريس.

قال طاب ثراه : وفي وقتها للمندوب روايتان ، أصحهما : مساواة الواجب.

أقول : مختار المصنف هنا مساواة الواجب في امتدادها للمستدرك الى الزوال ، ثم يفوت وقتها ، وهو مذهب الحسن والعلامة في المختلف.

وذهب السيد الى امتدادها الى الغروب ، وبه قال ابن حمزة ، وأبو علي ، وابن إدريس ، واختاره المصنف في المعتبر (١) ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وقيل : يجوز تقديم نية شهر رمضان على الهلال ، ويجوز (٢) فيه نية واحدة.

أقول : هنا مسألتان :

__________________

(١) المعتبر ٢ ـ ٦٤٧.

(٢) في المختصر المطبوع : ويجزي.

١١٠

الاولى : هل يجزي تقديم نية شهر رمضان على هلاله للناسي ، قال الشيخ في المبسوط (١) نعم. وكذا لو عرض له نوم أو إغماء. ولو كان ذاكرا ، فلا بد من تحديدها ، ومنع ابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة.

الثانية : هل يجزي نية واحدة لصيام الشهر من أوله؟ قال الثلاثة ، والتقي ، وسلار : نعم. ومنع المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

وحد التقدم على القول به ثلاثة أيام فما دون.

قال طاب ثراه : ولو صام بنية الواجب لم يجز ، وكذا لو ردد نيته ، وللشيخ قول آخر.

أقول : معنى ترديد النية أن ينوي الصوم فرضا أو نفلا ، نقل العلامة عن الشيخ أنه يجزيه (٢) ، ومنع المصنف والعلامة ، لاشتراط الجزم في النية ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : قبلا ودبرا على الأشبه (٣).

أقول : أوجب الشيخ في كتابي الفروع الكفارة بالوطى‌ء في الدبر وان لم يحصل إنزال على الفاعل والمفعول ، وبه قال المصنف والعلامة ، وفي رواية علي ابن الحكم عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا أتي المرأة الرجل في الدبر وهي صائمة لم ينتقض صومها وليس عليها غسل (٤). وهي مرسلة ، ولا أعرف بها قائلاً.

قال طاب ثراه : وفي فساد الصوم بوطي الغلام تردد.

__________________

(١) المبسوط ١ ـ ٢٧٧.

(٢) في « س » : يجزي.

(٣) كذا في « س » وفي « ق » : الأشهر.

(٤) تهذيب الأحكام ٤ ـ ٣١٩ ، ح ٤٥.

١١١

أقول : ظاهر المصنف في الشرائع (١) عدم الفساد ، وتردد في النافع والفساد ووجوب الكفارة مذهب السيد والشيخ في الكتابين والعلامة في كتبه.

قال طاب ثراه : والارتماس في الماء ، وقيل : يكره.

أقول : الكراهية مذهب السيد نقله عنه المصنف. والتحريم فقط مذهب المصنف والعلامة ، ونقله عن الشيخ.

وإيجاب القضاء مذهب التقي ، وهو مع الكفارة مذهب الشيخين ، وبه قال القاضي ، والسيد في الانتصار (٢).

قال طاب ثراه : وفي السعوط ومضغ العلك تردد ، أشبهه الكراهة.

أقول : هنا مسألتان :

الأولى : السعوط ، وبالكفارة قال المفيد وتلميذه ، وهو مذهب العلامة ان وصل الى الحلق ، والقضاء خاصة مذهب الشيخ في المبسوط (٣) ، وبه قال التقي والقاضي.

وبالكراهية قال في النهاية (٤) والخلاف (٥) ، وبإباحته قال الصدوق في المقنع (٦) وأبو علي ، ولم يذكره الحسن في المفطرات.

الثانية : مضغ العلك ، وبتحريمه قال الشيخ في النهاية (٧) وبكراهته قال في

__________________

(١) شرائع الإسلام ١ ـ ١٨٩.

(٢) الانتصار ص ٦٢.

(٣) المبسوط ١ ـ ٢٧٢.

(٤) النهاية ص ١٥٦.

(٥) الخلاف ٢ ـ ٢١٥.

(٦) المقنع ص ٦٠.

(٧) النهاية ص ١٥٧.

١١٢

المبسوط (١).

قال طاب ثراه : وفي الحقنة قولان ، أشبههما : التحريم بالمائع.

أقول : هنا قسمان :

الأول : الحقنة بالمائعات والمعتمد وجوب القضاء وهو مذهب الشيخ في الجمل (٢) والمبسوط (٣) والعلامة في المختلف وقال في النهاية (٤) بالتحريم خاصة ، وهو اختيار المصنف ، وابن إدريس.

الثاني : الحقنة بالجامدات ، وبالكراهة قال الشيخ في الجمل والمبسوط ، واختاره المصنف ، وهو المعتمد. وبالقضاء قال العلامة في المختلف ، وهو ظاهر التقي.

قال طاب ثراه : والجماع قبلا ودبرا على الأظهر.

أقول : تقدم البحث في هذه المسألة.

قال طاب ثراه : وفي الكذب على الله ورسوله والأئمة عليهم‌السلام والارتماس قولان.

أقول : هنا مسألتان :

الأولى : الكذب على الله ورسوله وأئمته عليهم‌السلام ، والمعتمد في ذلك الإثم خاصة ، وهو مذهب السيد في الجمل (٥) ، واختاره ابن إدريس والمصنف والعلامة. والفقيه أوجب القضاء ، وأضاف الشيخان الكفارة ، وبه قال التقي ،

__________________

(١) المبسوط ١ ـ ٢٧٣.

(٢) الجمل والعقود ص ٢١٣.

(٣) المبسوط ١ ـ ٢٧٢.

(٤) النهاية ص ١٥٦.

(٥) الجمل والعقود ص ٢١٢.

١١٣

والقاضي ، والسيد في الانتصار (١).

الثانية : الارتماس ، وقد تقدم البحث فيه.

قال طاب ثراه : وفي تعمد البقاء على الجنابة الى الفجر روايتان ، أشهرهما : الوجوب.

أقول : المعتمد وجوب القضاء والكفارة على من تعمد البقاء على جنابته الى طلوع الفجر ، وهو مذهب الشيخين ، والفقيه ، وأبو علي ، وسلار ، والتقي ، وابن إدريس والمصنف والعلامة.

وقال الحسن بوجوب القضاء خاصة. وقال الصدوق في المقنع (٢) بعدمهما.

قال طاب ثراه : وقيل : هي مرتبة.

أقول : التخيير في خصال الكفارة هنا مذهب الأكثر ، وبه قال الثلاثة ، وسلار ، والتقي ، والقاضي ، وابن إدريس ، والصدوقان. والترتيب مذهب الحسن.

قال طاب ثراه : وقيل يجب بالإفطار بالمحرم (٣) كفارة الجمع.

أقول : القائل هو الصدوق ، وابن حمزة ، والشيخ في كتابي الاخبار ، والأكثرون على الواحدة ، وهو اختيار العلامة في المختلف والتذكرة. والأول هو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو انتبه ثم نام ثالثة ، قال الشيخان عليه القضاء والكفارة.

أقول : نسب القول الى الشيخين لانفرادهما به ، وتمسك الشيخ بروايات قاصرة الدلالة على مطلوبه مع ضعفها ، واقتصر المصنف على القضاء ، والأول هو

__________________

(١) الانتصار ص ٦٢.

(٢) المقنع ص ٦٠.

(٣) في المختصر المطبوع : وفي رواية يجب على الإفطار بالمحرم.

١١٤

المعتمد وهو مذهب العلامة.

قال طاب ثراه : وفي إيجاب القضاء بالحقنة قولان ، أشبههما : أنه لا قضاء.و كذا من نظر الى امرأة فأمنى.

أقول : هنا مسألتان :

الأولى : الحقنة ، وقد تقدم البحث فيها.

الثانية : الأمناء عقيب النظر والملاعبة والملامسة والتسمع ، وبحثه يقع في ثلاثة فصول :

الأول : الأمناء عقيب النظر المتكرر ، ولا شي‌ء فيه عند المصنف ، والشيخ في الخلاف (١) وابن إدريس ، ولم يفرقوا بين المحللة والمحرمة ، وأوجب في المبسوط (٢) القضاء بالنظر الى المحللة. وأوجب العلامة الكفارة مع قصد الانزال ولا معه القضاء ، ولا فرق بين المحللة والمحرمة.

الثاني : الملاعبة والملامسة ، فإن كان قصد الانزال كفر قطعا ، وان كان لامعه فكذلك على المشهور. وقال أبو علي : يجب القضاء خاصة.

الثالث : التسمع ، ولا شي‌ء فيه عند الشيخ في النهاية (٣) والمبسوط (٤) ، والحسن ، وابن إدريس ، واختاره المصنف ، وفيه القضاء عند المفيد ، واختاره العلامة ان لم يقصد الانزال ومعه الكفارة. وهنا فروع ذكرناها في الكتاب الكبير.

قال طاب ثراه : تتكرر الكفارة مع تغاير الأيام ، وهل تتكرر بتكرر الوطي

__________________

(١) الخلاف ٢ ـ ٤٧٦.

(٢) المبسوط ١ ـ ٢٧٣.

(٣) النهاية ص ١٥٧.

(٤) المبسوط ١ ـ ٢٧٣.

١١٥

في اليوم الواحد؟ قيل : نعم ، والأشبه أنها لا تتكرر.

أقول : ذهب السيد والشهيد الى تكررها مطلقا ، وذهب ابن حمزة والشيخ والمصنف والعلامة في التذكرة إلى عدمه مطلقا ، وفصل أبو علي وكررها مع تخلل التكفير.

قال طاب ثراه : ولا من المجنون والمغمى عليه ، ولو سبقت منه النية على الأشبه.

أقول : ذهب الشيخان الى أن حكم الإغماء كالنوم لا يزول معه التكليف ، فالمغمى عليه ان كان في أول النهار وقد سبقت منه النية ، كان بحكم الصائم. وان لم تسبق منه ، فإن أفاق قبل الزوال نوى ، وان لم يفق الى بعد الزوال ولم يكن سبقت منه النية قضى ، لتقصيره بالإهمال كالنائم.

وذهب المصنف الى أن حكمه حكم المجنون في ارتفاع التكليف ، وعدم اتصافه بالصائم مع سبق النية ، ولا يجب عليه لو أفاق قبل الزوال أو بعده ، تناول أو لم يكن تناول ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : ويصح من المسافر في النذر المعين المشترط سفرا وحضرا على قول مشهور.

أقول : قد جرت عادة المصنف رحمه‌الله بالإشارة الى ما استضعف سنده مع عمل الأصحاب بالمشهور. وهذه المسألة لا خلاف فيها بين أصحابنا.

والمستند ما رواه إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه‌السلام قال سألته عن الرجل يجعل الله عليه صوم يوم مسمى ، قال : يصومه أبدا في الحضر والسفر (١).قال الشيخ : يحمل هذا على من نذر يوما معينا وشرط صومه سفرا وحضرا.

مستدلا على هذا التأويل برواية علي بن مهزيار ، قال : كتب بندار مولى

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٤ ـ ٢٣٥ ، ح ٦٣.

١١٦

إدريس يا سيدي نذرت أصوم كل يوم سبت ، فإن أنا لم أصمه ما الذي يلزمني من الكفارة؟ فكتب وقرأته : لا تتركه الا من علة ، وليس عليك صومه في سفر ولا مرض ، الا أن تكون نويت ذلك (١). وهي مع كونها مشتملة على المكاتبة مقطوعة فلمكان ضعفها جعله قولا مشهورا.

قال طاب ثراه : ولا تصح في واجب غير ذلك على الأظهر.

أقول : مذهب الأصحاب المنع من الواجب في السفر في صور أخرجها النص وهي أربعة : ثلاثة أيام لدم المتعة.

وثمانية عشر في بدل البدنة للمفيض من عرفات. والنذر المشروط سفرا وحضرا. ومن كان سفره أكثر من حضره.

وما خرج عن ذلك لا يجوز فيه الصوم على المحصل من الأقوال من غير استثناء.

وبعض الأصحاب يستثني في ثلاث صور : أجاز السيد صوم المعين بالنذر إذا وافق السفر. وللمفيد قول بجواز ما عدا رمضان من الواجبات. وأجاز الصدوقان صوم جزاء الصيد ، وابن حمزة صوم الكفارة التي يلزم فيها التتابع إذا كان إفطاره يوجب الاستئناف.

قال طاب ثراه : وقيل : يقبل الواحد احتياطا للصوم خاصة.

أقول : قبول الواحد في رمضان احتياطا للصوم دون غيره من الأهلة (٢) مذهب سلار ، وعدمه بل لا بد من العدلين ويكفيان كيف كان مذهب السيد وأبي علي والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

وقبولهما من خارج أو مع العلة ومع عدمها لا بد من القسامة مذهب الصدوق

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٤ ـ ٢٣٥ ، ح ٦٤.

(٢) في « س » : أهله.

١١٧

في المقنع (١). وقبولهما بشرط العلة ومع عدمها القسامة سواء البلد والخارج مذهب التقي والشيخ في المبسوط (٢).

قال طاب ثراه : وفي العمل برؤيته قبل الزوال تردد.

أقول : يريد إذا رأى الهلال قبل الزوال هل يكون لليلة الماضية ويكون اليوم من الجديد أولا ، بالأول قال السيد ، وبه روايتان ، أحدهما : حسنة حماد بن عثمان (٣) والأخرى موثقة عبيد بن زرارة (٤).

وبالثاني قال أبو علي ، وعليه الشيخ في الخلاف (٥) والعلامة في أكثر كتبه ، وفي المختلف تكون لليلة الماضية إذا كان للصوم ، وللمستقبل إذا كان للفطر وما أشبهه لقول سلار.

قال طاب ثراه : المريض إذا استمر (٦) به المرض الى رمضان آخر ، سقط القضاء على الأظهر ، وتصدق عن الماضي لكل يوم بمد.

أقول : ذهب الحسن والنقي وابن إدريس إلى وجوب القضاء دائما ، وجمهور الأصحاب إلى سقوطه ، وانتقال الفرض إلى الفدية ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وروي القضاء عن المسافر ، ولو مات في ذلك السفر. والأولى مراعاة التمكن ليتحقق الاستقرار.

أقول : المراد بالاستقرار أن يمضي زمان تمكنه فيه القضاء ويهمل ، فهل مضي هذا القدر من الزمان شرط في وجوب القضاء على الولي في عذر السفر أم لا؟ الأول

__________________

(١) المقنع ص ٥٨.

(٢) المبسوط ١ ـ ٢٦٧.

(٣) تهذيب الأحكام ٤ ـ ١٧٦ ، ح ٦٠.

(٤) تهذيب الأحكام ٤ ـ ١٧٦ ، ح ٦١.

(٥) الخلاف ٢ ـ ١٧١.

(٦) في « س » : استقر.

١١٨

اختيار الشيخ في النهاية (١) والخلاف (٢) واختاره المصنف والعلامة.

والثاني اختياره في التهذيب لرواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل سافر في شهر رمضان فيموت ، قال : يقضى عنه وان امرأة حاضت في رمضان فماتت لم يقض عنها ، والمريض في رمضان لم يصح حتى مات لم يقض عنه (٣).

وفي معناها رواية محمد بن مسلم عنه عليه‌السلام في امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل أن يخرج رمضان هل يقضى عنها؟ قال : أما الطمث والمرض فلا ، وأما السفر فنعم (٤). والمعتمد الأول.

قال طاب ثراه : ويقضى عن المرأة ما تركته على تردد.

أقول : مراده إذا ماتت المرأة هل يجب على وليها وهو ولدها الذكر الأكبر القضاء عنها ، كما يجب عليه القضاء عن الأب؟ فيه قولان ، الوجوب قاله الشيخ في النهاية (٥) والمبسوط (٦) والعلامة في المختلف ، وهو المعتمد. وعدمه قال ابن إدريس.

قال طاب ثراه : إذا كان الأكبر أنثى فلا قضاء. وقيل : يتصدق من التركة عن كل يوم بمد.

أقول : سقوط القضاء لا الى بدل مذهب ابن إدريس ووجوب (٧) الفدية لكل يوم مد مذهب الشيخ. والاستيجار من التركة للصوم كالحج مذهب التقي.

__________________

(١) النهاية ص ١٥٨.

(٢) الخلاف ٢ ـ ٢٠٩.

(٣) تهذيب الأحكام ٤ ـ ٢٤٩ ، ح ١٤.

(٤) تهذيب الأحكام ٤ ـ ٢٤٩ ، ح ١٥.

(٥) النهاية ص ١٥٧.

(٦) المبسوط ١ ـ ٢٨٦.

(٧) في « س » : وأوجب.

١١٩

وهنا تحقيقات شريفة وفروع لطيفة من أرادها وقف عليها من المهذب.

قال طاب ثراه : ومن نسي غسل الجنابة حتى خرج الشهر ، فالمروي قضاء الصلاة والصوم. والأشبه قضاء الصلاة حسب.

أقول : روى الحلبي في الصحيح قال سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتى خرج شهر رمضان ، قال : عليه أن يقضي الصلاة والصيام (١).

وفي معناها روايتان وبمضمونها قال الشيخ في المبسوط (٢) ، والنهاية (٣) ، والصدوق ، وأبو علي ، واختاره العلامة ومال اليه المصنف في المعتبر (٤) ، وهو المعتمد.

وذهب ابن إدريس إلى قضاء الصلاة خاصة للأصل ، واختاره المصنف في الكتابين.

قال طاب ثراه : وقيل : القاتل في أشهر الحرم يصوم شهرين ، ولو دخل فيهما العيد وأيام التشريق ، لرواية زرارة ، والمشهور عموم المنع.

أقول : القائل بذلك الشيخ معتمدا على رواية زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام عن رجل قتل خطاء في الشهر الحرام ، قال : يغلظ عليه بالدية ، وعليه عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين من الأشهر الحرم أو إطعام ، قلت : فيدخل فيهما العيد وأيام التشريق ، قال : يصوم فإنه حق لزمه (٥).

وهي نادرة ، فلا يتخصص بها الإجماع مع قصورها عن افادة المطلوب.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٤ ـ ٣١١ ح ٦.

(٢) المبسوط ١ ـ ٢٨٨.

(٣) النهاية ص ١٦٥.

(٤) المعتبر ٢ ـ ٧٠٥.

(٥) تهذيب الأحكام ٤ ـ ٢٩٧ ، ح ٢.

١٢٠