المقتصر

الشيخ ابن فهد الحلّي

المقتصر

المؤلف:

الشيخ ابن فهد الحلّي


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٩

قال طاب ثراه : إذا لم يكن للمقتول عمدا وارث سوى الامام ، فله القود أو الدية مع التراضي ، وليس له العفو ، وقيل : له.

أقول : مختار المصنف هو قول الأكثر ، وهو المعتمد ، والثاني قول ابن إدريس.

قال طاب ثراه : ولو قصر المال عن قيمته لم يفك ، وقيل : يفك ويسعى في باقيه.

أقول : إذا لم يكن للحر وارث سوى المملوك يشترى (١) من التركة وأعتق ، وجاز باقي التركة ان كان فيها فضل عن قيمته.

ولو كانت التركة لا تفي بقيمته هل يجب شراؤه ويسعى في الباقي؟ نقل الشيخ عن بعض الأصحاب نعم ، وكذا القاضي ، والمشهور لا ، بل تكون التركة للإمام عليه‌السلام وعليه الشيخان وأبو يعلى والمصنف ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : ويفك الأبوان والولد (٢) دون غيرهما ، وقيل : يفك ذو القرابة وبه رواية ضعيفة.

أقول : الأول مختار المصنف ، وهو مذهب المفيد وابن حمزة وابن إدريس والثاني مذهب القاضي والتقي وأبي علي واختاره العلامة وفخر المحققين ، وهو المعتمد.

لرواية ابن بكير عن بعض أصحابنا عن الصادق عليه‌السلام قال : إذا مات الرجل فترك أباه وهو مملوك وامه وهي مملوكة أو أخاه أو أخته وترك مالا والميت حرا اشترى مما ترك أبوه أو قرابته ، وورث ما بقي من المال (٣).

__________________

(١) في « ق » : اشترى.

(٢) في المختصر المطبوع : الأولاد.

(٣) تهذيب الأحكام ٩ ـ ٣٣٥ ، ح ٨.

٣٦١

وإليها أشار بقوله « وبه رواية ضعيفة » وضعفها من إرسالها ، ومن ابن بكير واقتصر سلار على فك الأبوين ، وهو ظاهر الصدوقين.

قال طاب ثراه : وفي الزوج والزوجة تردد.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية إلى فك الزوجين ، لصحيحة سليمان بن خالد (١) وليست صريحة. ومنعه الأكثر ، وهو المعتمد.

وهنا فروع وتحقيقات ذكرناها في المهذب.

قال طاب ثراه : وأولاد الأولاد يقومون مقام آبائهم عند عدمهم ، ويأخذ كل فريق نصيب من يتقرب به ، ويقتسمونه للذكر مثل حظ الأنثيين ، أولاد ابن كانوا أو أولاد بنت على الأشبه.

أقول : هنا بحثان.

الأول : ولد الولد هل يأخذ نصيب أبيه أو يكون لولد الميت لصلبه؟ المشهور الأول ، وهو المعتمد ، وهو مذهب الصدوق في كتابيه والشيخ وتلميذه وابن حمزة والتقي والمصنف والعلامة.

والثاني مذهب السيد ، واختاره ابن إدريس ، فيأخذ ابن البنت الثلث ، وبنت الابن الثلثان على الأول ، واحدا كان الولد أو أكثر ، وعلى الثاني يكون ابن البنت كابن الميت لصلبه ، فلو خلف ابني بنت وبنت ابن ، كان لها خمس على الثاني ، والثلثان على الأول.

الثاني : ولد البنت هل يقتسمون المال بالسوية أو متفاوتا؟ الأول هو مذهب القاضي ، وحكاه الشيخ في النهاية (٢) عن بعض الأصحاب ، والثاني هو المشهور وهو مذهب الشيخ في النهاية (٣) ، وهو المعتمد.

__________________

(١) التهذيب ٩ ـ ٣٣٤.

(٢) النهاية ص ٦٣٤.

(٣) النهاية ص ٦٣٤.

٣٦٢

قال طاب ثراه : وشرط بعض الأصحاب أن لا يكون سفيها ، ولا فاسد الرأي.

أقول : هذه إشارة الى ابن إدريس واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.وأطلق أكثر الأصحاب استحقاق الحبوة.

واستقصاء البحث في هذه المسألة مستوفاة في الجامع.

قال طاب ثراه : وفي القتلة قولان ، أشبههما عدم الحجب.

أقول : يريد أن الحاجب للام عن الثلث الى السدس وعن الرد ، هل يشترط كونه ممن يصلح للإرث لو لا من هو أقرب منه؟ قيل : نعم.

فلا يحجب الكافر والمملوك والقاتل ، فيلغو وجودهم ، ويكون كعدمهم في نظر الإرث ، وهو قول الشيخ في الخلاف والراوندي في شرح الرسالة ، واختاره ابن إدريس والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد ، ولم يذكر سلار سوى الكفر والرق.

قال طاب ثراه : ولو أبقت الفريضة مع ولد الأم ، ففي الرد قولان.

أقول : يريد إذا أبقت الفريضة مع كلالة الأب وحده وكلالة الإمام ، هل يختص بكلالة الأب؟ لقيامهم مقام كلالة الأبوين ، ولان النقص يدخل عليهم؟قال الشيخ في النهاية : نعم ، وتبعه القاضي والتقي ، وهو ظاهر المفيد ، واختاره العلامة في المختلف وهو المعتمد.

قال القديمان : بل يرد على الفريقين بنسبة استحقاقهما ، واختاره المصنف وابن إدريس ، لتساويهما في الاستحقاق.

قال طاب ثراه : وإذا اجتمع الأجداد المختلفون ، فلمن يقرب بالأم الثلث على الأصح.

أقول : هذا مذهب الشيخ ، لأنه يأخذ نصيب الام ، وبه قال الفقيه والقاضي وابن حمزة وابن إدريس ، وهو المعتمد.

٣٦٣

وقال الحسن : يأخذ السدس ، كالأخ من الام ، وبه قال الصدوق في المقنع (١) ، واختاره السيد وابن زهرة.

قال طاب ثراه : ولو اجتمع عم الأب وعمته وخاله وخالته وعم الام وعمتها وخالها وخالتها ، كان لمن تقرب بالأم الثلث بينهم أرباعا ، ولمن تقرب بالأب الثلثان ، ثلثاه لعمه وعمته أثلاثا ، وثلثه لخاله وخالته بالسوية على قول.

أقول : هذا قول الشيخ في النهاية (٢) ، وتابعة المتأخرون ، وذهب بعضهم إلى القسمة أثلاثا ، كما في جد أم الأب ، والأكثر على الأول ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو لم يكن وارث سوى الزوج ـ الى قوله : والأول أظهر.

أقول : يريد أن مسمى الزوج النصف والزوجة الربع مع عدم الولد ، ومعه نصف التقديرين ، فان لم يكن وارث سوى الامام رد الفاضل على الزوج إجماعا ، وهل الزوجة كذلك؟ ظاهر المفيد في آخر باب ميراث الاخوة من المقنعة نعم.

ومنع القاضي وابن إدريس والصدوق في المقنع (٣) وفصل في كتاب من لا يحضره الفقيه (٤) فخصها بالرد مع غيبة الإمام خاصة ، واستقربه الشيخ في النهاية (٥) واختاره العلامة في التحرير ، وهو حسن.

قال طاب ثراه : ويرث الزوج من جميع ما تتركه المرأة ، وكذا الزوجة عدا العقار إلخ.

أقول : هنا طرفان وواسطة :

__________________

(١) المقنع ص ١٧٥.

(٢) النهاية ص ٦٥٥.

(٣) المقنع ص ١٧١.

(٤) من لا يحضره الفقيه ٤ ـ ٢٦٢.

(٥) النهاية ص ٦٤٢.

٣٦٤

أما الأول ، فتوريث الزوجة من متروكات الزوج على العموم ، ذهب إليه أبو علي ، سواء كان لها منه ولد أو لا.

وأما الثاني عدم توريث الزوجة من شي‌ء ، فيأتي بيانه ، سواء كان لها منه ولد أو لا ، ذهب اليه ابن إدريس ، وهما متروكان.

وأما الواسطة ، فتوريث ذات الولد على العموم ، وحرمان غيرها من (١) شي‌ء في الجملة ، وفيه ثلاثة أقوال :

الأول : حرمانها من نفس أرض القرى والمزارع والرباع وعين آلاتها وأبنيتها وأشجارها ، فتعطى قيمتها دون قيمة الأرض ، قاله الشيخ في النهاية (٢) ، وتبعه القاضي وهو ظاهر التقي وابن حمزة ، واختاره المصنف في الشرائع (٣).

الثاني : حرمانها من الرباع دون البساتين والضياع ، وتعطى الآلات والابنية من الدور ، وهو قول المفيد وابن إدريس ، واختاره المصنف في النافع.

الثالث : حرمانها من عين الرباع خاصة ، فيعطى قيمتها ، وترث من رقبة الضياع والمزارع ، وهو قول السيد ، واستحسنه العلامة في المختلف. ولعل الأول هو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو عدم المنعم ، فللأصحاب أقوال ، أظهرها انتقال الولاء إلى الأولاد الذكور دون الإناث إلى آخر البحث.

أقول : المنعم وهو المعتق يرث العتيق إجماعا ، ذكرا كان أو أنثى ، لقوله عليه‌السلام « الولاء لمن أعتق » (٤) فان مات المنعم فالى من ينتقل بعده؟ فيه

__________________

(١) في « س » : بين.

(٢) النهاية ص ٦٤٢.

(٣) شرائع الإسلام ٤ ـ ٣٤ ـ ٣٥.

(٤) عوالي اللآلي ١ ـ ١٤٩ برقم : ٩٦.

٣٦٥

خمسة أقوال :

الأول : انتقاله الى عاقلته الذين يكون عليهم الدية لو جنى خطأ ، وهو قول الحسن.

الثاني : إلى أولاده الذكور ان كان رجلا ، وان كان امرأة فالى عصبتها دون أولادها ولو كان ذكورا ، وهو قول الشيخ في النهاية (١) ، وتبعه القاضي وابن حمزة ، ولعله المعتمد.

الثالث : انتقاله إلى أولاده ذكورا وإناثا ان كان رجلا وان كان امرأة فلعصبتها دون أولادها ، وهو قول الشيخ في الخلاف.

الرابع : انتقاله إلى الأولاد الذكور خاصة ، رجلا كان المنعم أو امرأة ، وهو قول المفيد.

الخامس : انتقاله إلى أولاد المعتق ، ذكورا كانوا أو أناثا ، رجلا كان المعتق أو امرأة كسائر المتروكات ، وهو قول الصدوق.

قال طاب ثراه : ولا يرث ـ أي : الإمام ـ إلا مع فقد كل وارث ، عدا الزوجة فإنها تشاركه على الأصح.

أقول : تقدم البحث في هذه المسألة.

قال طاب ثراه : ويرث هو أمه ومن يتقرب بها على الأظهر.

أقول : ذهب الشيخ في الاستبصار (٢) الى أن ولد الملاعنة لا يرث أخواله بل يرثونه ، الا أن يعترف به الأب ، وذهب في التهذيب (٣) إلى أنه يرثهم ، وهو اختيار الأكثر ، وبه قال ابن إدريس والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

__________________

(١) النهاية ص ٦٧٠.

(٢) الاستبصار ٤ ـ ١٧٩.

(٣) التهذيب ٩ ـ ٣٤١.

٣٦٦

قال طاب ثراه : وقيل : ترثه أمه كابن الملاعنة.

أقول : يريد ولد الزنا لا ترثه أمه ، كما لا يرثه أبوه ، لانقطاع نسبه عنهما ، قاله الشيخ في النهاية (١) والقاضي وابن حمزة وابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد. وقال التقي وأبو علي : ترثه أمه.

قال طاب ثراه : قال الشيخ : يوقف للحمل نصيب ذكرين احتياطا.

أقول : أضاف القول الى الشيخ رحمه‌الله لخلوه من خبر ناطق به ، وهو مشهور بين الأصحاب ، لا أعرف به قائلاً (٢).

قال طاب ثراه : المفقود يتربص بماله ، وفي قدر التربص روايات.

أقول : الوارث قد يعرض له الحرمان بسبب ثبوت المزية لغيره من الورثة وعلوه عليه ، كالولد الصغير بالنسبة إلى الأكبر في قدر الحبوة.

وقد يكون بسبب توجه ضرر على غيره من توريثه ، كغير ذات الولد من الرباع ، وقد يكون للشك في نسبه كابن الملاعنة ، أو بسببية كالغرقى أو في حياته وموته ويسمى المفقود ، وهو المقصود بالبحث هنا ، فهو : اما وارث ، أو موروث فهنا قسمان :

الأول : في توريث الغير منه ، وفيه أربعة أقوال :

الأول : حبس ماله عن ورثته قدر ما يطلب في الأرض أربع سنين ، ويقسم بعدها بين ورثته ، وهو مذهب الصدوق والسيد ، لرواية إسحاق بن عمار قال :قال أبو الحسن عليه‌السلام في المفقود : يتربص بماله أربع سنين ثم يقسم (٣).

الثاني : النظرة في ميراث من فقد في عسكر وقد شهدت هزيمته ، وقيل :

__________________

(١) النهاية ص ٦٧٩.

(٢) في « ق » : فيه مخالفا.

(٣) فروع الكافي ٧ ـ ١٥٤ ، ح ٥.

٣٦٧

من كان فيه أو أكثرهم أربع سنين ، وفيمن لا يعرف مكانه في غيبته ولا خبر له عشرين ، والمأسور في يد العدو يوقف حاله ما جاء خبره ثم إلى أربع سنين ، وهو قول أبي علي.

الثالث : إذا كان الورثة ملاء اقتسموه ، وهم ضامنون له ان عرف خبره بعد ذلك ، ولا بأس أن يبتاع الإنسان عقار المفقود بعد عشر سنين ، وهو قول المفيد.

الرابع : لا يقسم حتى يعلم موته : اما بقيام البينة ، أو يمضي مدة لا يمكن أن يعيش مثله إليها علما عاديا ، وهو قول الشيخ في الكتابين ، واختاره القاضي وابن حمزة وابن إدريس والمصنف والعلامة وفخر المحققين ، وهو المعتمد.

الثاني : في توريثه من الغير ، والحق أنه يرث نصيبه حتى يعلم حاله ، وهو قول الشيخ في الخلاف ، واختاره المصنف والعلامة وفخر المحققين ، لأصالة بقاء الحياة ، ويتأتى فيه الأقوال المتقدمة.

قال طاب ثراه : ولو تبرأ من ضمان جريرته ولده ، ففي رواية يكون ميراثه للأقرب إلى أبيه ، وفي الرواية ضعف.

أقول : الرواية إشارة الى ما رواه الصدوق عن أبي بصير قال : سألته عن المخلوع يتبرأ منه أبوه عند السلطان ومن ميراثه وجريرته لمن ميراثه؟ فقال : قال علي عليه‌السلام :هو لأقرب الناس اليه (١). وبمضمونها أفتى الشيخ ، وتبعه القاضي.

وقال الشيخ في المسائل الحائريات : يبطل هذا التبري وإلغائه ، لأن النسب يثبت شرعا ، فلا يملك الإنسان رفعه ، واختاره ابن إدريس والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٩ ـ ٣٤٩ ، ح ٣٧.

٣٦٨

الثاني : في ميراث الخنثى :

قال طاب ثراه : من له فرج الرجال والنساء يورث (١) بالبول ، فمن أيهما سبق ورث عليه. فان بدر منهما ، قال الشيخ : يورث بالذي ينقطع منه أخيرا ، وفيه تردد.

أقول : المشهور أن الاشكال انما يتحقق ويحصل الاشتباه عند تساويهما في الأخذ والانقطاع معا ، وهو مذهب الشيخين وتلميذهما وابن حمزة وابن إدريس.

وجعل الصدوقان والقديمان في تحقق الاشكال عند تساويهما في الأخذ ، ولم يعتبروا الانقطاع. والأول هو المعتمد.

قال طاب ثراه : فان تساويا قال في الخلاف : يعمل فيه بالقرعة ، وقال المفيد وعلم الهدى : تعد أضلاعه ، وقال في النهاية والإيجاز والمبسوط : يعطى نصف ميراث رجل ونصف ميراث امرأة ، وهو أشهر إلى آخر البحث.

أقول : إذا تحقق الاشتباه بالتساوي في الأخذ والانقطاع بما يعرف كونه ذكرا أو أنثى ، قيل فيه ثلاثة أقوال :

الأول : القرعة ، فيكتب في رقعة عبد الله ، وفي أخرى أمة الله ، ويجعل في سهام مبهمة ، ويقول الحاكم عند إخراجها : اللهم أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، بين لنا أمر هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في كتابك ، ويعمل على ما يخرج من الرقعة ، وهو مذهب الشيخ في الخلاف.

الثاني : عد أضلاعه من الجانبين ، فان اختلفا فذكر ، وان تساويا عددا فأنثى ،

__________________

(١) كذا ، وفي المختصر المطبوع : يعتبر.

٣٦٩

قاله السيد وأبو علي والمفيد وابن إدريس ، ولا اشكال على هذين القولين ، لأن القرعة لا بد وأن يخرج أحد الأمرين ، وكذا لا ينفك الواقع عن تساوي الأضلاع واختلافهما.

الثالث : عدم اعتبار القرعة وعد الأضلاع ، والبناء على تحقق الاشكال عند التساوي ، في ابتداء البول وانقطاعه ، ذهب اليه الصدوقان والشيخان في النهاية (١) والمقنعة (٢) وتلميذاهما ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

إذا ثبت هذا فما ذا يعطى؟ فيه مذهبان.

أحدهما : نصف ميراث رجل ونصف ميراث امرأة ، واستحسنه العلامة في التحرير ، ولو اجتمع مع الخنثى ابن وبنت ، كان للابن أربعة وللبنت سهمان ، وللخنثى ثلثه ، وذلك لأنك تفرض للبنت أقل عدد له نصف وهو اثنان ، فيكون للذكر أربعة فللخنثى نصفها ، فالفريضة من تسعة ، ولو كان مع الخنثى ذكر خاصة فالفريضة من سبعة ، ولو كان بدله أنثى كانت من خمسة.

والأخر : ان تقسم (٣) الفريضة مرتين تفرض في إحداهما ذكر وفي الأخرى أنثى ، وتعطى نصف النصيبين ، وهو الذي رجحه المصنف.

وحينئذ نقول : لو جامعها ذكر فرضناهما ذكرين تارة ، وذكرا وأنثى أخرى فيطلب أقل مال له نصف ولنصفه نصف وله ثلث ولثلثه نصف ، وذلك اثنى عشر وله منها في حال ستة وفي حال أربعة ، فله نصفهما خمسة ، وللذكر سبعة. ولو كان بدل الذكر أنثى ، كانت السبعة للخنثى.

ولو اجتمعا مع الخنثى ، فرضنا ذكرين وأنثى تارة ، فالفريضة من خمسة

__________________

(١) النهاية ص ٦٧٧.

(٢) المقنعة ص ١٠٦.

(٣) في « س » : انقسمت.

٣٧٠

واثنتين وذكرا ، فالفريضة من أربعة ، وهما متباينان ، تضرب أحدهما في الأخر ، تبلغ عشرين ، للخنثى في حال ثمانية ، وفي حال خمسة وله نصفهما ستة ونصف ، فيضرب مخرج الكسر ، وهو اثنان في عشرين ، فيكون للخنثى ثلاثة عشر من أربعين وللذكر ثمانية عشر ، وللأنثى تسعة.

تحصيل :

من له ما للرجال وما للنساء يسمى خنثى ، وهو في نفس الأمر اما ذكر أو أنثى إذ لا واسطة بينهما ، لان الله تعالى يقول ( خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ) (١) ( يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ ) (٢) فحصر الحيوان في الذكر والأنثى ، ففي نفس الأمر لا ينفك عن أحدهما ، وعندنا مشتبه ، فجعل الشارع علامات يستدل بها على تعيين ما هو في نفس الأمر ، وهو أمور.

الأول : البدار بالبول ، فنحكم للسابق ، ويكون حكم اللاحق كالإصبع الزائدة.

الثاني : التأخير في انقطاع البول.

الثالث : اعتبار عد الأضلاع.

الرابع : التميز بالقرعة فالأول إجماعي والثلاثة الأخيرة خلافية ، فالحاصل أن الخلاف في ثلاث مقامات :

الأول : هل يعتبر الانقطاع في التمييز؟ الأقرب ذلك.

الثاني : على تقدير اعتباره وعدم حصول التميز هل هنا طريق آخر للتمييز؟

__________________

(١) سورة النجم : ٤٥.

(٢) سورة الشورى : ٤٩.

٣٧١

قولان ، أحدهما : لا ، وهو المعتمد. والثاني : نعم ، وهو فريقان : أحدهما القرعة ، والأخر : اعتبار الأضلاع.

الثالث : على تقدير تحقق الاشكال ، وعدم اعتبار الطريقين المذكورين فما ذا نصيبه؟ قيل : فيه قولان ، أحدهما : أن نفرض مرة ذكر وأخرى أنثى ، ويعطى نصف النصيبين ، والأخر أن نقسم الفريضة مرتين ، ويعطى نصف ما يصيبه منهما.

الثالث : الغرقى والمهدوم عليهم :

قال طاب ثراه : وفي ثبوت هذا الحكم بغير سبب الغرق أو الهدم تردد.

أقول : المعتمد قصر هذا الحكم على الغرق والهدم ، لأنه خلاف الأصل ، فيقتصر فيه على صورة النص وموضع الإجماع ، وهو مذهب المفيد رحمه‌الله ، واختاره العلامة وولده طاب ثراهما.

وابن حمزة طرد الحكم في كل موضع يحصل فيه الاشتباه ، وهو مذهب التقي وظاهر أبي علي والشيخ في النهاية (١).

قال طاب ثراه : ومع الشرائط يورث الأضعف ، ثم الأقوى.

أقول : تقديم الأضعف في التوريث مذهب المفيد وتلميذه وابن إدريس ، وفي الخلاف والإيجاز لا يجب ، وهو ظاهر التقي وابن زهرة والكيدري.

وهل يورث الثاني مما ورث منه الأول أو لا يرث من ماله الأصلي؟ الثاني هو المعتمد ، وبه قال القديمان ، واختار الشيخ وتلميذه والمصنف والعلامة. والأول مذهب المفيد وتلميذه.

__________________

(١) النهاية ص ٦٧٤.

٣٧٢

الرابع : في ميراث المجوس :

قال طاب ثراه : وقد اختلف الأصحاب فيه إلخ.

أقول : للأصحاب في توريث المجوسي ثلاثة مذاهب :

الأول : مذهب الشيخ رحمه‌الله ، وهو توريثه بالصحيح والفاسد نسبا وسببا.

الثاني : مذهب يونس بن عبد الرحمن ، وهو عدم توريثه الا بالصحيح منهما واختاره التقي وابن إدريس.

الثالث : مذهب الفضل بن شاذان رضوان الله عليه بالنسب مطلقا ، وبالسبب الصحيح خاصة ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو ظاهر الحسن والصدوق ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : تتمة في المناسخات إلخ.

أقول : معنى المناسخات أن يموت إنسان ولا يقسم تركته ، ثم يموت أحد وراثه ، ويتعلق الفرض بقسمة الفريضتين من أصل واحد.

معناه : أن تجعل التركة أصلا واحدا إذا قسمت على ورثة الأول ، كان الحاصل للميت الثاني منقسما على ورثته من غير كسر ، وقد يتحد الوارث والاستحقاق ، وقد يختلفان ، وقد يختلف أحدهما ويتحد الأخر ، فأما الوارث أو الاستحقاق،فالأقسام أربعة :

الأول : اتحادهما كإخوة ثلاثة مات أخ ، ثم آخر وبقي أخ ، فالمال له ، فوارث الثاني هو بعينه وارث الأول ، والاستحقاق بالاخوة في الصورتين.

الثاني : اختلافهما كأخوين مات أحدهما ، ثم مات الأخر عن ابن ، فالمال له ، فوارث الثاني غير الأول ، والاستحقاق في الأولى بالاخوة ، وفي الثانية

٣٧٣

بالبنوة.

الثالث : اختلاف الوارث خاصة ، كإنسان مات عن ابنين ، ثم مات أحدهما عن ابن ، فوارث الثاني غير الأول ، والاستحقاق في الصورتين بالبنوة.

الرابع : اختلاف الاستحقاق خاصة ، كإنسان مات وترك زوجة وابنا ، ثم تموت الزوجة عن هذا الابن فله ثمنها ، فوارث الثاني هو بعينه وارث الأول ، والاستحقاق في الأول بالزوجية ، وفي الثانية بالبنوة.

إذا تقرر هذا : فنصيب الميت الثاني من الأول ان نهض بالقسمة على ورثته من غير كسر فلا كلام ، كما في الأمثلة الأربعة. وان لم ينهض ، فاما أن يكون بين فريضة الثاني ونصيبه وفق أولا ، فهنا قسمان.

الأول : أن يكون بينهما وفق ، فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الاولى ومثاله : زوج واخوان من أم ، ومثلهما من أب ، ثم يموت الزوج ويترك ابنا وبنتين ، فالفريضة الأولى ستة للزوج منها ثلثه ، ولاخوي الام سهمان ، ولاخوي الأب سهم لا تنقسم عليهما ، فتعود إلى اثنى عشر ، نصيب الزوج منها ستة ، وفريضته أربعة ، وبينهما موافقة بالنصف ، فتضرب النصف من الفريضة الثانية وهو اثنان في الاولى وهي اثنى عشر.

وإليها أشار بقوله « فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة الأولى » تبلغ أربعة وعشرين ، فيكون للزوج منها اثنى عشر وفريضته أربعة ، ويأخذ الابن ستة ، وكل من البنتين ثلاثة.

الثاني : أن لا يكون بين فريضة الثاني ونصيبه وفق ، كزوج وأخ للأب وأخوين للأم ، ثم يموت الزوج عن ابنين وبنت ، فالفريضة الاولى من ستة نصيب الثاني منها ثلاثة وفريضته خمسة ولا توافق بينهما ، فالضرب الفريضة الثانية ـ أعني :الخمسة ـ في الفريضة الاولى وهي ستة تبلغ ثلاثين ، وكل من كان له شي‌ء أخذه مضروبا في خمسة ، فللزوج خمسة عشر لكل من الابنين ستة وللبنت ثلاثة.

٣٧٤

كتاب القضاء

قال طاب ثراه : وهل يشترط علمه بالكتابة؟ الأشبه نعم.

أقول : ذهب الشيخ في المبسوط (١) الى اعتبار الكتابة ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد. وذهب بعض الى عدم اشتراطه ، لخلو النبي عليه‌السلام في أول أمره منه ، مع اختصاصه بالرئاسة العامة.

قال طاب ثراه : وفي انعقاده للأعمى تردد.

أقول : اشتراط البصر في القاضي مذهب الشيخ وتلميذه وأبي علي ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد. وقيل : بعدم اشتراطه ، لان شعيبا عليه‌السلام كان أعمى.

قال طاب ثراه : وفي اشتراط الحرية تردد ، والأشبه أنه لا يشترط.

أقول : اشتراط الحرية مذهب الشيخ وتلميذه ، وعدمه مذهب المصنف.

قال طاب ثراه : للإمام أن يقضي بعلمه مطلقا ، ولغيره في حقوق الناس ، وفي حقوق الله قولان.

أقول : يحكم الامام عليه‌السلام بعلمه بالنسبة إلى الجرح والتعديل إجماعا ، وفي

__________________

(١) المبسوط ٨ ـ ١١٩.

٣٧٥

غير ذلك أقوال :

الأول : الحكم مطلقا ، سواء كان إمام الأصل أو غيره ، وسواء كان الحق لله سبحانه أو لآدمي ، ذهب اليه الشيخ والسيد والتقي ، واختاره المصنف والعلامة وفخر المحققين ، وهو المعتمد.

الثاني : لا مطلقا في الحاكم والمحكوم به ، وهو مذهب أبي علي ونقله عن المبسوط عن قوم.

الثالث : الحكم لإمام الأصل مطلقا ، ولغيره في حقوق الناس دون حقوقه تعالى ، ذهب اليه ابن حمزة وابن إدريس.

قال طاب ثراه : إذا عرف عدالة الشاهدين حكم ، وان عرف فسقهما اطرح وان جهل الأمرين فالأصح التوقف حتى يبحث عنهما.

أقول : التوقف (١) مذهب المفيد وتلميذه والتقي والمصنف والعلامة ، وقال الشيخ : يحكم ، لأن الأصل في المسلم العدالة.

قال طاب ثراه : ولو ادعى الإعسار كلف البينة ، ومع ثبوته ينظر ، وفي تسليمه الى الغرماء رواية ، وأشهر منها تخليته.

أقول : إنما يكلف البينة إذا كان له أصل مال ، أو كان أصل الدعوى مالا.أما لو لم يعرف له أصل مال ، ولا كان أصل الدعوى مالا ، بل جناية أو صداقا أو غرامة (٢) كفالة أو ضمان ، فإنه يقتنع بيمينه.

إذا عرفت هذا : فاذا ثبت إعساره شرعا يخلى سبيله ، أو يسلم الى الغرماء الأول هو المعتمد ، وذهب اليه الشيخ في الخلاف وابن إدريس ، واختاره المصنف.

__________________

(١) في « س » : التوقيف.

(٢) في « س » : أو غير امة.

٣٧٦

وقال في النهاية (١) : للغرماء مؤاجرته. ومستنده رواية السكوني عن الصادق عن الباقر عليهما‌السلام أن عليا عليه‌السلام كان يحبس في الدين ، ثم ينظر ان كان له مال أعطى الغرماء ، وان لم يكن له مال دفعه الى الغرماء ، فيقول : اصنعوا به ما شئتم ، ان شئتم آجروه ، وان شئتم استعملوه (٢).

قال طاب ثراه : ولو قال البينة غائبة ، أجل بقدر إحضارها ، وفي تكفيل المدعى عليه تردد.

أقول : يريد إذا قال المدعي : بينتي غائبة ، أجل بقدر إحضارها ، وهل يكفل المدعى عليه في مدة التأجيل؟ قال الشيخ في الخلاف : لا ، وهو مذهب أبي علي ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

وقال ابن حمزة : يؤجل ثلاثة أيام ، فإن زادت لم يلزمه الكفيل ، ويخرج عن الكفالة بانقضائها. وقال في النهاية (٣) يكفل مدة لإحضارها ، ويخرج عن الكفالة بانقضاء الأجل ، وبه قال المفيد والتقي والقاضي في الكامل ، وأطلقوا المدة ، والظاهر أنها موكولة إلى نظر الحاكم.

قال طاب ثراه : وقيل يعمل بها ما لم يشترط الحالف سقوط الحق بها.

أقول : إذا أحلف المدعي المنكر ، سقطت دعواه عنه في ذلك المجلس بإجماع علماء الإسلام ، وهل تسمع في غير ذلك المجلس؟ لأصحابنا فيه ثلاثة أقوال :

الأول : عدم السماع ، قاله الشيخ في النهاية (٤) والخلاف ، وهو مذهب أبي علي ، واختاره المصنف والعلامة.

__________________

(١) النهاية ص ٣٣٩.

(٢) تهذيب الأحكام ٦ ـ ٣٠٠ ، ح ٤٥.

(٣) النهاية ص ٣٣٩.

(٤) النهاية ص ٣٤٠.

٣٧٧

الثاني : السماع ان لم يكن الحالف شرط سقوط الحق بيمينه ، وعدمه ان شرط ، قاله المفيد والقاضي وابن حمزة.

الثالث : قال الشيخ في موضع من المبسوط : ان كان قد أقام البينة على حقه غيره ، وتولى ذلك الغير الاشهاد عليه ولم يعلم هو ، أو تولى هو إقامة البينة ونسي ، فإنه يقوى في نفسي أنه يقبل بينته ، فأما مع علمه بينته ، فإنه لا يقبل ، واختاره ابن إدريس ، وكذا لو اتفق أنهما شهدا من غير شعور منه بشهادتهما.

قال طاب ثراه : ولو نكل المنكر عن اليمين وأصر ، قضي عليه بالنكول ، وهو المروي. وقيل : ترد اليمين على المدعي ، فان حلف ثبت حقه ، وان نكل بطل.

أقول : إذا نكل المنكر عن اليمين ، بمعنى أنه لم يحلف ولم يرد هل يقضى عليه بالنكول ويلزم الحق ، ويكون النكول كإقراره أو قيام البينة ، أو ترد اليمين على المدعي ، ويكون كما لورد؟

قال الصدوقان والمفيد وتلميذه والتقي بالأول ، واختاره المصنف. وقال أبو علي بالثاني ، واختاره ابن حمزة وابن إدريس والعلامة وفخر المحققين ، وهو أحوط.

قال طاب ثراه : ويحلف الأخرس بالإشارة ، وقيل : يوضع يده على اسم الله في المصحف ، وقيل : يكتب اليمين في لوح ويغسل ويؤمر بشربه بعد أعلامه ، فان شرب كان حالفا ، والا ثبت الحق (١).

أقول : المشهور الاكتفاء في تحليف الأخرس بالإشارة المعقولة كسائر أموره ، وهو مذهب المصنف والعلامة. وقال في النهاية (٢) : لا بد من وضع يده على

__________________

(١) في المختصر المطبوع : وان امتنع ألزم الحق.

(٢) النهاية ص ٣٤٧.

٣٧٨

اسم الله في المصحف مع الإشارة والايمان.

وقال ابن حمزة : ان كتبت اليمين في لوح وأمر بشربها جاز ، فان شرب فقد حلف ، وان أبي ألزم ، وهو في صحيحة محمد بن مسلم (١).

قال طاب ثراه : أما المدعي ولا شاهد له ، فلا يميز عليه الا مع الرد ، أو نكول المنكر على قول.

أقول : تقدم البحث في هذه المسألة.

النظر الرابع : في الدعوى ، وهو يستدعي فصولا :

قال طاب ثراه : المدعي هو الذي يترك لو ترك الخصومة ، وقيل : الذي يدعي خلاف الأصل أو أمرا خفيا.

أقول : اجتمعت الأمة على أن البينة على المدعي واليمين على المنكر ، لقوله عليه‌السلام : البينة على المدعي واليمين على من أنكر (٢). فاحتاجوا إلى معرفة المدعي ليطالبوه بالبينة ، والى معرفة المنكر ليطالبوه بالجواب ويوجهوا عليه اليمين (٣) ، وقد عرفوا المدعي بثلاث تعريفات :

الأول : أنه الذي يترك لو ترك الخصومة ، والمدعى عليه لا يترك لو سكت.

الثاني : أنه الذي يدعي أمرا خفيا يخالف الظاهر ، والمدعى عليه هو الذي يذكر ما يوافق الظاهر.

الثالث : أنه الذي يذكر خلاف الأصل ، والمدعى عليه هو الذي يذكر ما يوافق

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٦ ـ ٣١٩ ، ح ٨٦.

(٢) عوالي اللآلي ١ ـ ٢٤٤ ، ٤٥٣ و ٢ ـ ٢٥٨ و ٣٤٥ و ٣ ـ ٥٢٣.

(٣) في « س » : على اليمين.

٣٧٩

الأصل.

فإذا ادعى زيد مثلا دينا في ذمة عمرو وأنكر ، فزيد هو الذي إذا سكت يترك ، وسكوته وهو الذي يذكر خلاف الظاهر وخلاف الأصل ، لأن الظاهر براءة ذمة عمرو عن حق زيد ، وعمرو هو الذي لا يترك ، وسكوته ويوافق الظاهر والأصل ، فزيد مدع بالتعريفات الثلاث ، وعمرو منكر كذلك ، فلا يختلف التفاسير في مثل هذه المادة ، وتختلف في غيرها ، وقد حققنا ذلك في المهذب.

قال طاب ثراه : وفي سماع الدعوى المجهولة تردد ، أشبهه الجواز.

أقول : إذا ادعى مجهولا ، كفرس وثوب لم يذكر قيمتها ، قال الشيخ:لا تسمع ، وقال المصنف والعلامة بسماعها ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو انكسرت سفينة في البحر ، فما أخرجه البحر فهو لأهله ، وما أخرج بالغوص فهو لمخرجه ، وفي الرواية ضعف.

أقول : مستند هذا الحكم رواية الحسن بن يقطين عن أمية بن عمرو عن الشعيري قال سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن سفينة انكسرت في البحر ، فأخرج بعضه بالغوص ، وأخرج البحر بعض ما غرقت فيها ، فقال : أما ما أخرجه البحر فهو لأهله الله أخرجه لهم وأما ما أخرج بالغوص فهو لهم وهم أحق به (١).

وأوردها الشيخ في النهاية (٢) على صورتها ، واستضعفها المصنف ، لأن أمية ابن عمرو واقفي.

وقال ابن إدريس : ما أخرجه البحر فهو لأصحابه ، وما تركه أصحابه آيسين منه فهو لمن وجده وغاص عليه ، لأنه بمنزلة المباح ، كالبعير يترك من جهد في غير كلاء ولا ماء ، فإنه يكون لواجده ، وادعى الإجماع على ذلك ، فهو حسن.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٦ ـ ٢٩٥.

(٢) النهاية ص ٣٥١.

٣٨٠