المقتصر

الشيخ ابن فهد الحلّي

المقتصر

المؤلف:

الشيخ ابن فهد الحلّي


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٩

أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال : سأل رجل أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يطوف الأسباع جميعا ويقرن ، فقال : لا ، إلا الأسبوع وركعتان ، وانما قرن أبو الحسن عليه‌السلام لأنه كان يطوف مع محمد بن إبراهيم لحال التقية (١).

احتج ابن إدريس بالأصل ، وبصحيحة زرارة ، قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام : انما يكره أن يجمع الرجل بين أسبوعين والطواف (٢) في الفريضة ، وأما في النافلة فلا بأس (٣).

وعن عمر بن يزيد قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : انما يكره القران في الفريضة ، فأما في النافلة فلا ، والله ما به بأس (٤).

والجواب : الحرام مكروه أيضا.

قال طاب ثراه : والطواف ركن ، من تركه عامدا بطل حجه ، ولو كان ناسيا أتى به ، ولو تعذر العود استتاب ، وفي رواية ان كان على وجه جهالة عاد وعليه بدنة.

أقول : الطواف ركن من تركه عامدا بطل حجه. وفي صحيحة علي بن يقطين ان كان تركه على وجه جهالة أعاد الحج وعليه بدنة (٥). وهي التي أشار إليها المصنف.

وينقدح ضعيفا عدم وجوب الكفارة ، لأنها انما تجب في نسك صحيح يدخل عليه التقصير بفعل المكلف ، فيعاقب بالكفارة ، ومن جهل وجب الطواف كان حجه باطلا من رأس ، فلا يجب فيه كفارة ، لأصالة البراءة.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٥ ـ ١١٦ ، ح ٤٨.

(٢) في التهذيب : والطوافين.

(٣) تهذيب الأحكام ٥ ـ ١١٥ ، ح ٤٤.

(٤) تهذيب الأحكام ٥ ـ ١١٥ ، ح ٤٥.

(٥) تهذيب الأحكام ٥ ـ ١٢٨ ، ح ٩٢.

١٤١

ولعله بسبب هذا النظر أشار الى مستند الحكم ، ولم يجزم به ، لعدم سلامته من القدح.

قال طاب ثراه : ولو نسي طواف الزيارة حتى رجع الى أهله وواقع عاد وأتى به ، ومع التعذر يستنيب فيه ، وفي الكفارة تردد ، أشبهه أنها لا تجب الا مع الذكر.

أقول : مذهب الشيخ وجوب الكفارة وعدمه مذهب ابن إدريس ، الا أن يسبق الذكر ، واختاره المصنف والعلامة والشهيد.

قال طاب ثراه : وفي جواز تقديم طواف النساء مع الضرورة روايتان ، أشهرهما : الجواز.

أقول : منع ابن إدريس من تقديم الطوافين مع الضرورة ، وأجازه الباقون.فعلى قوله ان خلا عن العذر وقت الطواف تولاه بنفسه ، والا استناب حينئذ.

قال طاب ثراه : قيل : لا يجوز الطواف وعليه برطلة ، والكراهية أشبه ما لم يكن الستر محرما.

أقول : القولان للشيخ ، فالتحريم في النهاية (١) والكراهية في التهذيب (٢) والتحقيق ان العمرة المتمتع بها خارجة عن موضع (٣) هذا الخلاف ، وموضوعه : اما طواف الحج ويكون فيه على الكراهية المذكورة ، أو مطلق الطواف المندوب ، وقد حققنا ذلك في الكتاب الكبير.

قال طاب ثراه : من نذر ان يطوف على أربع ، قيل : يجب عليه طوافان إلخ.

أقول : المعتمد بطلان النذر ، لأنه لم يتعبد بصورته ، وهو مذهب ابن إدريس ،

__________________

(١) النهاية ص ٢٤٢.

(٢) تهذيب الأحكام ٥ ـ ١٣٤.

(٣) في « ق » : موضوع.

١٤٢

واختاره العلامة. وأوجب الشيخ عليه طوافين ليديه ورجليه. وقيل : ينعقد إذا كان الناذر امرأة ، وقوفا على صورة النص ، وهو ما رواه الشيخ في الضعيف عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في امرأة نذرت أن تطوف على أربع ، قال : تطوف أسبوعا ليديها وأسبوعا لرجليها (١).

قال طاب ثراه : لو ظن إتمام سعيه ، فأحل وواقع ، أو قلم أظفاره ، ثم ذكر أنه نسي شوطا أثم ، وفي الروايات يلزمه دم بقرة.

أقول : روى عبد الله بن مسكان في الموثق ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل طاف بين الصفا والمروة ستة أشواط ، وهو يظن أنه سبعة ، فتذكر بعد ما أحل وواقع أنه انما طاف ستة أشواط ، فقال : عليه دم بقرة يذبحها ويطوف شوطا آخر (٢).

وكذا لو قلم أظفاره ، وهو مذهب المفيد ، وأحد قولي الشيخ ، وفتوى العلامة ، وفخر المحققين ، وهو المعتمد. وقال الشيخ في باب الكفارات من النهاية (٣) لا دم عليه ، للأصل. ولابن إدريس القولان.

والمراد بسعي (٤) عمرة التمتع ، والعمرة المفردة يرجع فيها إلى الأصول المقررة ، ويقتصر بهذا النص على مورده وهو عمرة التمتع ، لكون الحكم فيه على خلاف الأصل.

قال طاب ثراه : وحد المبيت أن يكون بها ليلا حتى يجاوز نصف الليل.و قيل : لا يدخل مكة حتى يطلع الفجر.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٥ ـ ١٣٥ ، ح ١١٨.

(٢) تهذيب الأحكام ٥ ـ ١٥٣ ، ح ٣٠.

(٣) النهاية ص ٢٣١.

(٤) في « ق » : سعى.

١٤٣

أقول : هذا قول الشيخ ، والأكثر على الأول ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : والتكبير بمنى مستحب. وقيل : يجب.

أقول : الأول هو المشهور ، وبه قال ابن إدريس والمصنف والعلامة والشيخ في المبسوط (١) ، ونقل عن بعض أصحابنا الوجوب ، وهو اختياره في الجمل (٢) وبه قال القاضي ، وابن حمزة.

قال طاب ثراه : ويصح الاتباع إذا كان بين العمرتين شهر. وقيل : عشرة أيام.و قيل : لا يكون في السنة إلا عمرة واحدة. ولم يقدر علم الهدى بينهما حدا.

أقول : الأول قول الشيخ في النهاية (٣) ، وبه قال التقي ، وابن حمزة ، واختاره المصنف والعلامة في المختلف. والثاني قوله في الخلاف (٤) ، وبه قال القاضي وأبو علي. والثالث قول الحسن. والرابع قول السيد ، وابن إدريس.

المقصد الثالث

( في اللواحق )

قال طاب ثراه : وفي وجوب الهدي على المصدود قولان ، أشبههما : الوجوب.

أقول : إذا صد الحاج بالعدو بعد تلبسه (٥) بالإحرام هل يفتقر في تحلله منه الى

__________________

(١) المبسوط ١ ـ ٣٨٠.

(٢) الجمل والعقود ص ٢٣٨.

(٣) النهاية ص ٢٨١.

(٤) الخلاف ٢ ـ ٢٦٠.

(٥) في « س » : تلبيته.

١٤٤

هدي؟ قال ابن إدريس : لا ، وبوجوبه قال ابن حمزة ، والشيخ ، والقاضي ، وسلار ، والتقي واختاره المختلف والعلامة.

وأوجبه أبو علي على من كان عليه أو معه هدي دون غيره.

قال طاب ثراه : في وجوب الهدي على المصدود حيث حبسه؟ فيه قولان ، أظهرهما : أنه لا يسقط.

أقول : السقوط مذهب السيد وابن إدريس ما لم يكن ساقه وأشعره أو قلده ، وأوجبه الشيخ في الخلاف (١) واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

وفائدة الشرط جواز التحليل للمحصور من غير تربص ولا أثر للشرط في المصدود سوى الثواب ، والاولى الاحتياج الى التقصير فيهما.

قال طاب ثراه : وفي اجزاء هدي السياق عن هدي التحلل قولان ، أشبههما : أنه يجزي.

أقول : الاكتفاء بهدي السياق عن هدي الإحصار مذهب الشيخ وسلار والتقي والقاضي ، واختاره المصنف ، وعليه الأكثر. وعدمه بل لا بد من هدي آخر مذهب الفقيهين وأبي علي واجتزأ العلامة في القواعد بهدي السياق مع عدم وجوبه بنذر وشبهه ، ومعه لا بد من هدي آخر ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو بان أن هديه لم يذبح لم يبطل تحلله وهل يمسك؟ الوجه لا (٢)

أقول : يريد أن المحصر إذا بعث بهديه أو بثمنه ليشتري عنه ويذبح ، فتحلل وقت المواعدة بالتقصير ، ثم ظهر له بعد ذلك أنهم لم يذبحوا عنه : اما لعدم

__________________

(١) الخلاف ٢ ـ ٤٢٣.

(٢) في المختصر المطبوع : لم يبطل تحلله ويذبح في القابل ، وهل يمسك عما يمسك عنه المحرم؟ الوجه لا.

١٤٥

الهدي ، أو النسيان ، أو التفريط ، لم يبطله تحلله ، لأنه مشروع ، ووجب عليه بعث هدي في القابل.

وهل يجب عليه الإمساك عن محرمات الإحرام من حين البعث الى حين المواعدة؟ قال الشيخ في النهاية (١) والمبسوط (٢) نعم ، وتبعه القاضي ، وهو مذهب أبي علي. وقال ابن إدريس : لا يجب ، واختاره المصنف والعلامة.

قال طاب ثراه : والمعتمر يقضي عمرته عند زوال المنع. وقيل : في الشهر الداخل.

أقول : الأول مذهب الشيخ في التهذيب (٣) ، والأكثر على الثاني. والأول هو المعتمد.

قال طاب ثراه : وقيل : لو أحصر القارن حج في القابل قارنا ، وهو على الأفضل.

أقول : القائل هو الشيخ ، وتبعه ابن حمزة. وقال ابن إدريس : يأتي بما شاء ، وفصل المصنف فقال : ان كان القران متعينا بنذر وشبهه وجب أن يأتي بمثله ، والا تخير ، وتبعه العلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وروي استحباب بعث هدي والمواعدة لإشعاره وتقليده ، واجتناب ما يجتنبه المحرم وقت المواعدة حتى يبلغ محله ، ولا يلبي لكن يكفر لو أتى ما يكفر له المحرم استحبابا.

أقول : المحكي في الكتاب مذهب الشيخ في النهاية (٤) ، وعليه معظم الأصحاب

__________________

(١) النهاية ص ٢٨١.

(٢) المبسوط ١ ـ ٣٣٤.

(٣) التهذيب ٥ ـ ٤٢٢.

(٤) النهاية ص ٢٨٣.

١٤٦

ومنع ابن إدريس ، وجعل الاخبار المتضمنة لذلك روايات آحاد ، وهي مكابرة لكثرتها وشهرتها بين الأصحاب ، وأكثرها صحاح ، وقد ذكرنا طرفا منها في المهذب.

قال طاب ثراه : وروي في الأسد إذا لم يرده كبش ، وفيها ضعف.

أقول : الرواية إشارة الى ما رواه أبو سعيد قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل قتل أسدا في الحرم ، قال : عليه كبش يذبحه (١) وبمضمونها أفتى الفقيه ، وابن حمزة.

والأكثرون على عدم الفدية لصحيحة حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام كلما يخافه المحرم من السباع والحيات وغيرهما فليقتله وان لم يدرك فلا ترده (٢).

قال طاب ثراه : وكذلك الحكم في حمار الوحش على الأشهر.

أقول : المشهور تساوي بقرة الوحش وحماره في إيجاب البقرة ، وهو مذهب الشيخ ، والتقي ، والحسن ، والقاضي ، وابن إدريس. وقال الصدوق : فيه بدنه ، وخير أبو علي بينهما. وقال ابن حمزة : فيه بقرة ولو لم يذكر له بدلا ، والسيد وسلار لم يذكر الحمار.

قال طاب ثراه : والأبدال في الأقسام الثلاثة على التخيير. وقيل : على الترتيب وهو أظهر.

أقول : التخيير مذهب ابن إدريس ، ونقله عن الشيخ في الجمل (٣) والخلاف (٤)

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٥ ـ ٣٦٦ ، ح ١٨٨.

(٢) تهذيب الأحكام ٥ ـ ٣٦٥ ، ح ١٨٥.

(٣) الجمل والعقود ص ٢١٥.

(٤) الخلاف ٢ ـ ٢٧٤.

١٤٧

وهو أحد قولي العلامة ، والترتيب مذهبه في النهاية (١) ، وبه قال الصدوق والحسن والسيد والمصنف.

قال طاب ثراه : وفي الثعلب والأرنب شاة. وقيل : البدل فيهما كالظبي.

أقول : ذهب الثلاثة إلى مساواة الثعلب والأرنب للظبي في البدل ، واختاره ابن إدريس ، وهو المعتمد ، ولم يتعرض الفقيه والحسن لغير بدل الظبي ، وأبو علي لم يتعرض لابدال الثلاثة.

قال طاب ثراه : وفي بيض القطاة والقبج إذا تحرك الفرخ من صغار الغنم.و قيل : عن البيضة مخاض من الغنم ، وان لم يتحرك أرسل فحولة الغنم في إناث بعدد البيض ، فما نتج كان هديا ، ولو عجز كان فيه ما في بيض النعام.

أقول : يريد أن في كل من بيض القطاة والقبج والحجل والدراج مع مع التحرك من صغار الغنم ، وهو مذهب العلامة في القواعد. وقال الشيخ : عن البيضة مخاض وهو ما يصح أن يكون حاملا ، ولا يلزمه الحامل ، وهو مذهب العلامة في المختلف والمعتمد الأول.

وقيل : التحرك الإرسال في إناث بعدد البيض ، فالناتج هدي ، ويراعى التعدد في الإناث لا الفحل ، فان عجز كان فيه ما في بيض النعام من إطعام عشرة مساكين عن كل بيضة ، فإن عجز صام ثلاثة أيام.

قال طاب ثراه : الحمام وهو كل طائر يهدر ويعب الماء. وقيل : كل مطوق.

أقول : قال الكسائي : الحمام كل مطوق ، وهو الذي ذكره الشيخ في المبسوط (٢) قال صاحب الصحاح : الحمام عند العرب ذوات الأطواق من نحو الفواخت

__________________

(١) النهاية ص ٢٥٥.

(٢) المبسوط ١ ـ ٣٤٠.

١٤٨

والقماري والقطا والوراشين وأشباه ذلك ، يقع على الذكر والأنثى ، وعند العامة أنها الدواجن فقط (١).

وهو الذي يألف البيوت ، فعلى هذا التفسير لا يدخل الورشان ، بل يكون مختصا بالحمام الذي يهدر ويعب الماء ، والهدر تواصل الصوت ، وعب الماء شربه دفعة من غير أن يقطعه كالدجاج ، بل يضع منقاره ويكرع كما يكرع الشاة.

قال طاب ثراه : وكذا في الدراج وشبهها ، وفي رواية دم.

أقول : يريد في كل من الحجل والدراج والقطاة حمل قد فطم ورعى الشجر والرواية التي أشار إليها المصنف ، وهي ما رواه سليمان بن خالد قال : في كتاب علي عليه‌السلام من أصاب قطاة أو حجلة أو دراجة أو نظيرهن فعليه دم (٢). والأول أكثر ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وكذا قيل في قتل العضاءة.

أقول : مراده في قتل العضاءة كف من طعام قاله الصدوق ، وبه قال الشيخ في التهذيب (٣) ، وقال أبو علي : كف من طعام أو تمرة.

قال طاب ثراه : ولو جهل حاله ففداء كامل. قيل : وكذا لو لم يعلم أثر فيه الرمي أم لا.

أقول : القائل بذلك الشيخ ، وعليه الأصحاب. ولم يجزم به المصنف ، لأصالة عدم التأثير وبراءة الذمة ، والأول هو المعتمد.

قال طاب ثراه : وقيل في كسر يد الغزال نصف قيمته ، وفي يديه كمال القيمة وكذا في رجليه ، وفي قرنيه نصف القيمة ، وفي كل واحد ربع ، وفي المستند

__________________

(١) صحاح اللغة ٥ ـ ١٩٠٦.

(٢) تهذيب الأحكام ٥ ـ ٣٤٤ ، ح ١٠٤.

(٣) تهذيب الأحكام ٥ ـ ٣٤٤.

١٤٩

ضعف.

أقول : الأول مذهب الشيخ ، واختاره العلامة في القواعد واستضعفه المصنف ومنشأه من سند الرواية (١) ، واختار الأرش ، والعلامة في المختلف اختار كمال القيمة في العينين معا ، وفي إحداهما الأرش ، وفي القرنين أو أحدهما الأرش.

وأوجب الفقيه في القرنين الصدقة بشي‌ء ، وبه قال المفيد فيهما وفي العينين.

قال طاب ثراه : ولو ضرب بطير على الأرض لزمه ثلاث قيم. وقال الشيخ : دم وقيمتان.

أقول : ذهب الشيخ في المبسوط (٢) الى وجوب دم وقيمتين ، فالدم جزاء الطير وقيمه للحرم ، واخرى لاستصغاره ، وهو المعتمد وعليه الأكثر ، وجزم به المصنف في الشرائع (٣) والعلامة في القواعد ، وفي رواية معاوية بن عمار (٤) ثلاث قيم واختاره المصنف هنا.

قال طاب ثراه : وشرط الشيخ مع الأغلاق الهلاك.

أقول : المشهور بين الأصحاب قول الشيخ ، وقيل : يضمن بنفس الأغلاق ويحمل على جهل حالها ، فلا يدري حصل لها تلف أم لا ، كما لو رمى صيدا وجهل تأثيره مع تحقق اصابته ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وقيل : إذا نفر حمام الحرم ولم يعد ، فعن كل طير شاة ، ولو عاد فعن الجميع شاة.

أقول : هذا القول للفقيه ، وتبعه الشيخان والقاضي وابن حمزة وسلار وابن إدريس. وقال الشيخ : ولم أجد به حديثا مسندا. وقال أبو علي : من نفر

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٥ ـ ٣٨٧ ، ح ٢٦٧.

(٢) المبسوط ١ ـ ٣٤٠.

(٣) الشرائع ١ ـ ٢٨٨.

(٤) تهذيب الأحكام ٥ ـ ٣٧٠ ، ح ٢٠٣.

١٥٠

طيورا كان عليه لكل طائر ربع قيمته ، والمعتمد الأول.

قال طاب ثراه : ولو تكرر عمدا ، ففي ضمانه في الثانية روايتان ، أشهرهما : أنه لا يضمن.

أقول : ذهب الشيخ في كتابي الفروع الى تكريرها ، وتبعه ابن إدريس والعلامة ، وأطلق السيد وأبو علي تكريرها ، ولم يفصلوا بين العامد وغيره.

وقال في النهاية (١) لا يضمن في الثانية ويكون ممن ينتقم الله منه ، وهو مذهب القاضي والصدوق في كتابيه ، واختاره المصنف ، والمعتمد الأول.

قال طاب ثراه : ولو اشترى محل بيض نعام المحرم فأكله المحرم ، ضمن كل بيضة شاة ، وضمن المحل عن كل بيضة درهما.

أقول : أما وجوب الكفارة على المحل فلانة ساعد المحرم على فعل المحرم وهتك حرمة الإحرام ، فكان عليه الكفارة كما لو زوجه. وأما وجوبها على المحرم فلانة أكل بيض الصيد المحرم عليه.

وموضوع البحث في الكتاب انما هو على تقدير أن يشتريه مسلوقا أو مشويا أما لو اشتراه نيا وأكله المحرم ، فالواجب عليه الإرسال ، ولو كسره المحرم ولم يأكله وكان قد تحرك فيه الفرخ ، كان عليه من صغار الإبل ، ويحتمل على المحل مثل ذلك.

قال طاب ثراه : ولو اضطر إلى أكل صيد وميته ، فروايتان أشهرهما : أنه يأكل الصيد ويفديه. وقيل : ان لم يمكنه الفداء أكل الميتة.

أقول : ذهب الشيخ والقاضي وأبو علي الى وجوب أكل الصيد لمن عنده الفدية ، وهو المعتمد. وقوى ابن إدريس الأكل من الميتة على كل حال.أما لو لم يكن عنده الفداء ، فإنه يأكل الميتة. وهنا بحث استقصيناه في

__________________

(١) النهاية ص ٢٢٦.

١٥١

المهذب.

قال طاب ثراه : وهل يحرم وهو يؤم الحرم؟ الأشهر الكراهية. وكذا لو أصابه فدخل الحرم ومات لم يضمن على أشهر الروايتين.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية (١) إلى التحريم ووجوب الفدية ، ومنعهما ابن إدريس وتبعه المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

احتج الشيخ بما رواه عن عقبة بن خالد عن الصادق عليه‌السلام قال : سألته عن رجل قضى حجه ثم أقبل حتى خرج من الحرم ، فاستقبله صيد قريب من الحرم والصيد متوجه نحو الحرم ، فرمى الصيد فقتله ما عليه من ذلك؟ فقال : يفديه (٢) وفي الطريق ضعف مع احتمل إرادة الندبية.

احتج الآخرون بصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل رمى صيدا في الحل وهو يؤم الحرم فيما بين البريد والمسجد ، فأصابه في الحل ، فمضى برميه حتى دخل الحرم ، فمات من رميه هل عليه جزاء؟

قال : ليس عليه جزاء ، انما مثل ذلك مثل رجل نصب شركا في الحل الى جانب الحرم ، فوقع فيه صيد ، فاضطرب حتى دخل الحرم فمات ، فليس عليه جزاؤه ، لأنه نصب حيث نصب وهو له حلال ، ورمى حيث رمي وهو له حلال ، فليس عليه فيما كان بعد ذلك شي‌ء. فقلت : هذا القياس عند الناس ، فقال : انما شبهت لك الشي‌ء بالشي‌ء لتعرفه (٣).

قال طاب ثراه : وفي تحريم حمام الحرم في الحل تردد ، أشبهه الكراهية.

أقول : التحريم أحد قولي الشيخ ، وهو المعتمد. والقول الأخر له بالإباحة

__________________

(١) النهاية ص ٢٢٨.

(٢) تهذيب الأحكام ٥ ـ ٣٦٠ ، ح ١٦٤.

(٣) تهذيب الأحكام ٥ ـ ٣٦٠ ، ح ١٦٥.

١٥٢

ذكره الشيخ في كتابي الفروع في كتاب الأطعمة ، واختاره ابن إدريس والمصنف وللعلامة القولان.

قال طاب ثراه : وهل يملك المحل صيدا في الحرم؟ الأشبه أنه يملك ويجب عليه إرسال ما يكون معه.

أقول : [ التحقيق أن الملك ثلاثة أقسام ، لأنه : اما مستدام ، أو مبتدأ ، والمبتدء قسمان : اختياري ، واضطراري.

الأول : المستدام ولا يستقر في ملك المحرم ، فإذا أحرم ومعه صيد وجب إرساله ويصير مباح ، فلو أخذه غيره ملكه ، لقول الصادق عليه‌السلام : لا يحرم واحد ومعه شي‌ء من الصيد حتى يخرجه من ملكه (١).

الثاني : الملك الاختياري كالابتياع والاتهاب ولا يتحقق للمحرم ، لقول الباقر عليه‌السلام وقد سأله سائل ما تقول في رجل أهدى حماما أهلي وهو في الحرم؟أما ان كان سويا خليت سبيله ، ولو كان مقصوصا أو فرخا يجب عليه حفظه حتى يكمل ريشه (٢). ولان خروج المستدام يؤذن بأولوية عدم دخول المتجرد.

الثالث : الاضطراري كالموروث ، وهل يدخل في ملكه أو لا؟ فنقول : ان كان نائيا عنه ينتقل اليه ويبقى على ملكه ، وان كان حاضرا عنده انتقل اليه وزال ملكه عنه ، واختاره العلامة وصدر في المبسوط بأنه لا يملكه مطلقا ويبقى على ملك الميت. وإذا حل ملكه الأقرب أنه على القول بعدم انتقاله اليه لا يعود ملكه اليه بعد الإحلال إلا بسبب جديد.

ثم نقول : إذا لم ينقل بانتقاله إليه ، فإن كان هناك وارث آخر غيره

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٥ ـ ٣٦٢ ، ح ١٧٠.

(٢) تهذيب الأحكام ٥ ـ ٣٤٨.

١٥٣

كانت التركة الباقية للورثة ، ويرث المحرم حصته فيما عدا الصيد ، ولو لم يكن وارث انتقل الى البعيد والامام عليه‌السلام يصير سهمه من الصيد مباحا فقال المصنف : الأشبه أنه يملك ، يريد به النوع الأخير من أنواع الملك ويجب عليه إرساله ، وهو الذي قواه الشيخ في المبسوط أخيرا ، واختاره العلامة على ما حكيناه ] (١).

وفي أكثر النسخ قد يملك المحل صيدا في الحرم ، الأشبه أنه يملك ، ويجب عليه إرسال ما معه ، فنقول : مذهبه في النافع ثبوت الملك مع وجوب الإرسال ، وهو المشهور بين الأصحاب ، لا أعرف به مخالفا.

وذهب في الشرائع (٢) إلى أنه لا يملكه ، ولعل وجهه أن ثبوت الملك يلزمه اباحة التصرف ، ووجوب الإرسال ينافيه ، فوجب القول بانتقال (٣) الملك.

والمعتمد الأول لأن منع التصرف في بعض الصور لا ينافي الملك ، وهو كثير في مثل أم الولد والمرهون وغير ذلك وتظهر الفائدة فيما لو قتله قاتل ، أو خرج هذا الصيد الى الحل ، فان قلنا بعدم الملك كان الفداء لله وملكه الصائد ، وان قلنا بثبوته كان الفداء للمالك ولم يملكه الصائد.

قال طاب ثراه : وهل الثانية عقوبة؟ قيل : نعم ، والاولى فرضه. وقيل : الأولى فاسدة والثانية فرضه. والأول مروي.

أقول : إذ أفسد حجه ووجب عليه الحج من قابل ، فهل الأولى حجة الإسلام والثانية عقوبة أو بالعكس؟ بالأول قال الشيخ في النهاية (٤) واختاره المصنف.وبالثاني قال ابن إدريس ، ونقله عن الشيخ في الخلاف ، ورجحه العلامة في

__________________

(١) ما بين المعقوفتين من « س » فقط.

(٢) شرائع الإسلام ١ ـ ٢٩٢.

(٣) في « ق » : بانتفاء.

(٤) النهاية ص ٢٣٠.

١٥٤

المختلف ، ونقله عن والده. والمعتمد الأول. وتظهر فائدة الخلاف في مسائل ذكرناها في الكتاب الكبير.

قال طاب ثراه : ولو استمنى بيده لزمته البدنة ، وفي رواية والحج من قابل.

أقول : ذهب الشيخ في المبسوط (١) والجمل (٢) إلى الإفساد ، وبه قال القاضي وابن حمزة والعلامة في المختلف ، لحسنة إسحاق بن عمار قال سألت أبا الحسن عليه‌السلام قال قلت : فما تقول في محرم عبث بذكره فأمنى؟ قال : أرى عليه مثل ما على من أتى أهله وهو محرم بدنة والحج من قابل (٣).

وذهب التقي وابن إدريس إلى وجوب البدنة خاصة ، وهو ظاهر أبي علي واختاره المصنف والعلامة. والأول أحوط.

قال طاب ثراه : ولو طاف من طواف النساء خمسة أشواط ثم واقع لم يلزمه الكفارة وأتم طوافه. وقيل : يكفي في البناء مجاوزة النصف.

أقول : في العبارة تساهل ، إذ لا خلاف في الاكتفاء بمجاوزة النصف في البناء وانما الخلاف في الكفارة ، فهل يسقط حيث يسقط الاستئناف أو لا بد من خمسة أشواط؟ قال الشيخ : نعم ، لرواية علي بن أبي حمزة (٤) واختاره العلامة في المختلف.

وقال ابن إدريس : الاحتياط يقتضي إيجاب الكفارة ما لم يطف خمسا ، واختاره المصنف لصحيحة حمران (٥) ، وهي قاصرة الدلالة ، فاذن الاعتماد على الأول لأصالة البراءة.

__________________

(١) المبسوط ١ ـ ٣٣٧.

(٢) الجمل والعقود ص ٢٢٧.

(٣) تهذيب الأحكام ٥ ـ ٣٢٤ ، ح ٢٦.

(٤) تهذيب الأحكام ٥ ـ ٣١٧.

(٥) تهذيب الأحكام ٥ ـ ٣٢٣.

١٥٥

قال طاب ثراه : ولو عقد المحرم لمحرم ودخل ، فعلى كل واحد كفارة ، وكذا لو كان العاقد محلا على رواية سماعة.

أقول : ظاهر المصنف وجوب الكفارة لما عقده على المحرم ، واختاره العلامة في المنتهى ، وجزم به في المعتمد ، وعليه الأكثر. وذهب فخر المحققين الى استحبابها.

قال طاب ثراه : قيل : في الدهن الطيب شاة ، وكذا قيل في قلع الضرس.

أقول : أوجب الشيخ في كتبه الثلاثة الكفارة بالدهن الطيب ، وبه قال ابن إدريس ، وجعله في الجمل (١) مكروها. والأول هو المعتمد ، واختاره المصنف والعلامة.

وأما قلع الضرس ، ففيه دم عند الشيخ ، ولم يوجبه الصدوق وأبو علي ، وهو مذهب العلامة.

قال طاب ثراه : في قلع شجرة من الحرم الإثم عدا ما استثني. وقيل : فيها بقرة. وقيل : في الصغيرة شاة ، وفي الكبيرة بقرة.

أقول : لا كفارة في قلع الشجر عند المصنف كالحشيش ، وهو ظاهر ابن إدريس ، وأوجب أبو علي القيمة واختاره العلامة ، وأوجب القاضي في الشجرة بقرة مطلقا ، وأوجبها ابن حمزة في الكبيرة ، وفي الصغيرة شاة.

__________________

(١) الجمل والعقود ص ٢٢٨.

١٥٦

كتاب الجهاد

قال طاب ثراه : ولا يجوز صرف ذلك في غيرها من وجوه البر على الأشبه.

أقول : إذا نذر الإنسان أن يصرف شيئا الى المرابطين في حال الغيبة وجب لأنه بذل مال في إعانة مسلم على طاعة ، فكان لازما ، وهو مذهب الأكثر ، واختاره ابن إدريس والمصنف والعلامة.

وقال الشيخ وتبعه القاضي : يصرف في وجوه البر ، الا أن يكون نذره ظاهرا ويخاف في الإخلال به الشنعة من أهل الخلاف عليه ، فحينئذ يجب عليه الوفاء به لرواية علي بن مهزيار (١).

قال طاب ثراه : وكذا من أخذ من غيره شيئا ليرابط به ، لم يجب عليه إعادته وجاز له المرابطة أو وجبت.

أقول : هذه المسألة متفرعة على السابقة فمن أخذ من غيره شيئا ليرابط به ، وجب صرفه فيما عين له لما قلناه. وقال الشيخ في النهاية : بل يجب رده على من أخذه منه ، لان الواجب صرف ذلك في وجوه البر ، وولاية الصرف في ذلك الى المالك لا الى القابض ، فيجب عليه رده اليه ان وجده ، فان لم يجده وجب

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٦ ـ ١٢٦.

١٥٧

عليه الوفاء ولزمته المرابطة (١). وتبعه القاضي في ذلك.

وفي المبسوط : يرد عليه فان لم يجده فعلى ذريته فان لم يجد له ذرية لزمه الوفاء به (٢). وعلى ما قلناه يجب عليه القيام به ان كان أخذه بعقد لازم كالإجارة ، وان كان أخذه بعقد جائز كالجعالة ، تخير ان شاء قام به ، وان شاء رده ، واليه الإشارة بقوله « وجاز له المرابطة أو وجبت ».

قال طاب ثراه : وهل يؤخذ ما حواه العسكر مما ينقل؟ فيه قولان ، أظهرهما : الجواز ويقسم كما يقسم أموال أهل الحرب.

أقول : ما كان من أموال البغاة مما لا ينقل ولا يحول كالعقار ، فإنه لا ينقسم إجماعا وما كان منقولا ولم يحوه العسكر فكذلك وما حواه العسكر فهل يغنم ويقسم بين المقاتلة أم لا؟ قال في النهاية (٣) ، نعم ، وبه قال القديمان ، والتقي ، والقاضي ، واختاره المصنف والعلامة ، ومنع السيد من قسمته مطلقا.

والحق أنه يغنم ان كان الباغي ممن له فئة وظهر يرجع إليه كأهل الشام ، ولا يغنم ان تابوا ورجعوا إلى طاعة الإمام كأهل البصرة ، وهو مذهب الشيخ (٤) في المبسوط (٥).

قال طاب ثراه : ولا تؤخذ الجزية من الصبيان والمجانين والنساء والبلة والهم على الأظهر.

__________________

(١) النهاية ص ٢٩١.

(٢) المبسوط ٢ ـ ٩.

(٣) النهاية ص ٢٩٤.

(٤) في « س » : الشيخين.

(٥) المبسوط ٢ ـ ٢٩.

١٥٨

أقول : سقوطها عن الهم ظاهر أبو علي ، وبعدمه قال في المبسوط (١) ، وهو ظاهر القاضي وابن حمزة ، والمعتمد تفصيل العلامة في القواعد ، وهو سقوطها عمن لم يبق له رأي ولا قتال ، وعدمه عمن له أحدهما.

قال طاب ثراه : والاولى أن لا يقدر الجزية ، فإنه أنسب بالصغار.

أقول : عدم التقدير مذهب الشيخين ، والقاضي ، وابن حمزة ، وسلار ، وابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد. وقال أبو علي : ولا أرى أن يقتصر بأحد (٢) على أقل مما سنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الجزية التي أخذها ، وهو عن كل رأس دينار.

واحتج بأن أمير المؤمنين عليه‌السلام وضع على الغني ثمانية وأربعين ، وعلى المتوسط أربعة وعشرين وعلى الفقير اثنى عشر (٣). والجواب : أن ذلك بحسب الاتفاق لمصلحة رآها عليه لا أنه شي‌ء لازم لا يتجاوز.

قال طاب ثراه : ويجوز وضع الجزية على الرؤوس أو الأرض ، وفي جواز الجمع قولان.

أقول : منع في النهاية (٤) من الجمع ، وبه قال القاضي ، وابن حمزة ، وابن إدريس. وأجازه التقي ، وأبو علي.

والتحقيق أن نقول : ان وقع الصلح ابتداء على قدر معين من المال جاز أخذه منهما ومن أحدهما ، وان وضعت على أحدهما وقدرت بمعين لم يجز تخطيه ، وان لم يقدر بمعين وضعها على أحدهما أخذ ما شاء ، وكذا لو وضعت عليهما وقدرت

__________________

(١) المبسوط ٢ ـ ٣٧.

(٢) في « ق » : بالأحد.

(٣) المقنعة ص ٤٤.

(٤) النهاية ص ١٩٣.

١٥٩

بمعين تعين ، ومع عدم التقدير ووضعه عليهما يأخذ ما شاء.

قال طاب ثراه : ولو أسلم الذمي قبل الحول سقطت الجزية ، ولو كان بعده قبل الأداء فقولان ، أشبههما : السقوط.

أقول : مختار المصنف وهو السقوط هو المشهور بين الأصحاب ، واختاره الشيخان ، والقاضي ، وابن إدريس والعلامة. ونقل المفيد والقاضي وابن إدريس عن بعض أصحابنا عدم السقوط.

قال طاب ثراه : ولا يجوز الفرار إذا كان العدو على الضعف أو أقل ، إلا لمتحرف أو متحيز الى فئة ، ولو غلب على الظن العطب على الأظهر.

أقول : يريد إذا كان العدو على الضعف أو أقل ، لا يجوز الفرار إذا لم يغلب العطب ، وإذا غلب هل يجوز له الفرار؟ قال العلامة في المختلف : نعم ، لما فيه من حفظ النفس. وقال في المبسوط (١) : لا ، وهو الحق ، واختاره المصنف.

قال طاب ثراه : ويحرم بإلقاء السم. وقيل : يكره.

أقول : الأول مذهب الشيخين في النهاية (٢) والمقنعة ، والمصنف ، وابن إدريس. والثاني مذهبه في المبسوط (٣) وبه قال العلامة ، وأبو علي ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وفي الكفارة قولان.

أقول : وجوب الكفارة على القاتل هو المشهور بين الأصحاب ، وعليه دلت الآية ، ونقل المصنف قولا بعدم وجوبها ، ولم نظفر بقائله. وفي الشرائع (٤).

__________________

(١) المبسوط ٢ ـ ١٠.

(٢) النهاية ص ٢٩٣.

(٣) المبسوط ٢ ـ ١١.

(٤) شرائع الإسلام ١ ـ ٣١٢.

١٦٠