المقتصر

الشيخ ابن فهد الحلّي

المقتصر

المؤلف:

الشيخ ابن فهد الحلّي


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٩

النفس ، والأخرى يدخل ، وفي النهاية ان فرقه لم يدخل ، ومستندها رواية محمد ابن قيس.

أقول : يريد لو جرحه بأن قطع يده مثلا وسرت الى نفسه ، تداخل القصاص واقتصر على قتله إجماعا.

أما لو قتله بعد قطع يده ، فهل يدخل قصاص اليد في قصاص النفس ويقتصر على قتله كما تدخل الدية أو لا بل يقطع يده ثم يقتل؟ الشيخ في المبسوط (١) على الأول ، وابن إدريس على الثاني ، وفصل في النهاية (٢) فقال بالأول مع اتحاد الضربة وبالثاني مع تعددها.

واحتج بما رواه محمد بن قيس عن أحدهما عليه‌السلام في رجل فقأ عين رجل وقطع أنفه وأذنيه ثم قتله ، فقال : ان كان قد فرق ذلك اقتص منه ثم يقتل ، وان ضربه واحدة ضرب عنقه ولم يقتص منه (٣).

قال طاب ثراه : ولو اشترك رجل وامرأة ، فللولي قتلهما ، ويختص الرجل بالرد ، والمفيد جعل الرد أثلاثا.

أقول : هنا مسألتان :

الأولى : إذا قتلهما وجب عليه رد خمسمائة دينار ، ويختص بها أولياء الرجل إذ لا فاضل للمرأة. وقال المفيد : يرد أثلاثا. والأول هو المعتمد.

الثانية : إذا قتل الرجل خاصة ، ردت المرأة نصف ديته ، لأنه قدر جنايتها.وقال في النهاية (٤) نصف ديتها ، وتبعه القاضي. والأول المشهور وهو المعتمد.

__________________

(١) المبسوط ٧ ـ ٢١.

(٢) النهاية ص ٧٧٥.

(٣) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ٢٥٢ ، ح ٣٣.

(٤) النهاية ص ٧٤٥.

٤٢١

قال طاب ثراه : ولو اشترك حر وعبد ، قال في النهاية : له قتلهما ويرد على سيد العبد قيمته الى آخره.

أقول : للأصحاب هنا ثلاثة أقوال :

الأول : للولي قتلهما ، ويرد على سيد العبد ثمنه ، وله أخذ الدية منهما ، فعلى الحر نصف الدية ، وعلى سيد العبد النصف الأخر ، أو يسلم العبد إليهم ، فيكون رقا لهم ، وله قتل العبد خاصة ، وليس لسيده على الحر سبيل ، وله قتل الحر ويؤدي سيد العبد الى ورثته نصف الدية ، قاله المفيد والشيخ في النهاية (١) وتبعه القاضي.

الثاني : للولي قتلهما ، ويرد قيمة العبد ، لأنها الفاضل عن حقه على سيد العبد وورثة الحر ، فتكون بينهما نصفين ، وله قتل الحر وعلى سيد العبد نصف دية الحر لورثته ، ولو قتل العبد ويؤدي الحر الى سيده نصف قيمته وان اختار الدية كان على كل من الحر وسيد العبد نصفها ، وهو قول التقي.

الثالث : كون الجناية عليهما نصفين ، وذلك يقتضي ضمان كل واحد منهما لنصفها ، وهو مذهب المصنف والعلامة.

وحينئذ نقول : قيمة العبد اما ان تزيد على جنايته أولا ، وعلى التقديرين فالولي : اما أن يختار قتلهما ، أو الدية منهما ، أو قتل الحر أو العبد ، فهذه أقسام أربعة [ وإذا ضربت في القسمين الأولين كانت ثمانية أقسام ، أربعة ] (٢) منها في طرف زيادة القيمة عن الجناية وأربعة في طرف عدمها.

الطرف الأول : ومسائله أربع :

الأول : ان يقتلهما ، فيرد على الحر نصف ديته ، وعلى سيد العبد ما زاد من

__________________

(١) النهاية ص ٧٤٥.

(٢) ما بين المعقوفتين من نسخة « ق ».

٤٢٢

قيمته عن نصف الدية ما لم يتجاوز القيمة دية الحر فيرد إليها.

الثاني : مقابله ، وهو طلب الدية منهما ، فعلى الحر نصف الدية ، وعلى السيد النصف الأخر أو تسليم مقابل النصف ليسترقه.

الثالث : قتل الحر خاصة ، فيؤدي سيد العبد نصف الدية ، أو يسلم من العبد ما قابل النصف ليسترقه ورثة الحر ، وليس لهم قتله.

الرابع : مقابله ، فيؤدي الحر نصف الدية ، فإن كانت وفق الزائد من قيمة العبد عن جنايته دفعها الى السيد ، وان كانت أزيد اختص الولي بالفضل ، وان كانت أنقص من القيمة لم يكن الفاضل مضمونا ، لأن قيمة العبد لا تزيد عن دية الحر.

الطرف الثاني : ومسائله أربع :

الأول : قتلهما ، ولا شي‌ء له على سيد العبد ، وعليه لورثة الحر نصف الدية.الثاني : مقابله ، فعلى الحر نصف الدية ، وعلى سيد العبد النصف الأخر ، أو يسلم العبد.

الثالث : قتل الحر خاصة ، فيؤدي سيد العبد الى ورثته نصف الدية ، أو يسلم العبد ان كانت قيمته بقدر نصف الدية والا أكملها الولي.

الرابع : مقابله ، فيؤدي الحر نصف الدية ، ولا شي‌ء لسيد العبد ولا عليه ، وهذا هو المعتمد.

قال طاب ثراه : وهل يؤخذ منها الفضل؟ الأصح لا.

أقول : يريد أن المرأة إذا قتلت رجلا ، كان لوليه القصاص ، وهل يأخذ منها مع ذلك نصف الدية؟ المشهور لا ، وربما كان إجماعا ، ويدل عليه القرآن وصريح الروايات.

وندر شاذة أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : في امرأة قتلت

٤٢٣

رجلا ، قال : تقتل ويؤدي وليها بقية المال (١).

قال طاب ثراه : ولو كان العبد ملكه عزر وكفر ، وفي الصدقة بقيمته رواية فيها ضعف.

أقول : الرواية إشارة الى ما رواه مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان عليا عليه‌السلام رفع اليه رجل عذب عبده حتى مات ، فضربه مائة نكالا ، وحبسه سنة وغرمه قيمة العبد ، فتصدق بها عنه (٢).

وبمضمونها قال الشيخان وتلميذاهما والتقي وابن حمزة وابن زهرة وابن إدريس واختاره فخر المحققين ، وهو قريب من الإجماع ، وتردد فيه المصنف والعلامة ، ومنشأه من الرواية ، فإن طريقها سقيم ، والأصل براءة الذمة. والمعتمد الأول.

قال طاب ثراه : وفي رواية ان اعتاد ذلك قتل به.

أقول : الرواية إشارة الى ما رواه الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه‌السلام في رجل قتل مملوكه أو مملوكته ، قال : ان كان المملوكة له أدب وحبس ، الا أن يكون معروفا بقتل المماليك فيقتل به (٣).

وبمضمونها أفتى الشيخ في كتابي الاخبار ، واختاره التقي وابن زهرة والكيدري ، ومنع في النهاية (٤) بل يعاقب بما يزجر عن مثله في المستقبل.

قال طاب ثراه : والمدبر كالقن ، ولو استرقه ولي الدم ، ففي خروجه عن التدبير قولان.

أقول : خروجه عن التدبير مذهب ابن إدريس والمصنف والعلامة ، وهو

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ١٨٣ ، ح ١٤.

(٢) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ٢٣٥ ، ح ٥.

(٣) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ١٩٢ ، ح ٥٥.

(٤) النهاية ص ٧٥١.

٤٢٤

المعتمد ، كما في البيع. وعدمه مذهب الصدوق والشيخين.

قال طاب ثراه : وبتقدير ألا يخرج هل يسعى في فك رقبته؟ المروي أنه يسعى.

أقول : ظاهر المفيد عدم السعي في شي‌ء ، وفي النهاية (١) يسعى في دية المقتول ان كان حرا ، وفي قيمته ان كان عبدا.

وقال الصدوق في المقنع (٢) : يسعى في قيمة نفسه.

واعتبر فخر المحققين أقل الأمرين من قيمته وقيمة المقتول ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وفي رواية علي بن جعفر إذا أدى نصفه ما عليه فهو بمنزلة الحر.

أقول : روى الشيخ بإسناده الى علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام قال :وسألته عن المكاتب إذا أدى نصف ما عليه ، قال : هو بمنزلة الحر في الحدود وغير ذلك من قتل أو غيره (٣). ورجحها في الاستبصار (٤).

وقال في النهاية (٥) : على الامام ما قابل الحرية ، وما قابل نصيب الرقية على السيد ، واختاره ابن إدريس.

وقال المفيد وتلميذه : على الامام بقدر ما عتق منه ، ويستخدمه أولياء المقتول في باقي ما عليه حتى يوفيه أو يموت.

والمعتمد ضمان الامام ما قابل الحرية في الخطأ ، وفي العمد من ماله ، وما

__________________

(١) النهاية ص ٧٥١.

(٢) المقنع ص ١٩١.

(٣) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ٢٠١ ، ح ٩٢.

(٤) الإستبصار ٤ ـ ٢٧٧.

(٥) النهاية ص ٧٥١.

٤٢٥

قابل نصيب الرقية للأولياء استرقاقه ، وتبطل الكتابة في ذلك القدر أو يفديه السيد ، فالكتابة بحالها ، وهو مذهب المصنف والعلامة.

قال طاب ثراه : ولو قتل العبد حرين على التعاقب ، ففي رواية هو لأولياء الأخير ، وفي أخرى يشتركان فيه ما لم يحكم لولي الأول.

أقول : إذا قتل العبد حرين دفعة ، كان لأولياء الجميع قولا واحدا ، وهل الحكم كذلك لو كان على التعاقب؟ قال في الاستبصار (١) : نعم ، ما لم يحكم به لولي الأول ، فيكون هو للأخير ، وهو مذهب أبي علي ، واختاره العلامة.

وهو في رواية زرارة عن الباقر عليه‌السلام في رجل (٢) جرح رجلين ، قال : هو بينهما ان كانت جنايته تحيط بقيمته ، قيل له : فان جرح رجلا في أول النهار ، وجرح آخر في آخر النهار ، قال : هو بينهما ما لم يحكم الوالي في المجروح الأول ، قال : فان جنى بعد ذلك جناية ، قال : جنايته على الأخر (٣).

وقال في النهاية (٤) هو لأولياء الأخير ، وهو في رواية علي بن عقبة عن الصادق عليه‌السلام قال : سألته عن عبد قتل أربعة أحرار واحدا بعد واحد ، قال فقال :هو لأهل الأخير من القتلى ان شاءوا قتلوه ، وان شاءوا استرقوه ، لأنه إذا قتل الأول استحق الثاني.

فإذا قتل الثاني أستحق من أولياء الأول ، فصار لأولياء الثاني ، فإذا قتل الثالث استحق من أولياء الثاني ، فصار لأولياء الثالث ، فاذا قتل الرابع أستحق من أولياء الثالث ، فصار لأولياء الرابع ان شاءوا قتلوه ، وان شاءوا

__________________

(١) الاستبصار ٤ ـ ٢٧٤.

(٢) كذا ، وفي التهذيب : عبد.

(٣) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ١٩٥ ، ح ٧٢.

(٤) النهاية ص ٧٥٢.

٤٢٦

استرقوه (١).

وقال ابن إدريس : يكفي في انتقاله الى الثاني اختيار أولياء الأول استرقاقه وان لم يحكم الحاكم ، ومع عدم اختيارهم ذلك يدخل في ملك أحد من القتلى بغير اختياره ، فاذا قتل الثاني فأيهم سبق الى قتله كان له ذلك ، لقوله تعالى ( فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً ) (٢) ولا مدخل لحكم الحاكم في ذلك ، بل الاختيار في ذلك للأولياء من القتل والاسترقاق. واختاره المصنف والعلامة في التحرير وفخر المحققين.

قال طاب ثراه : ولو قطع يمنى رجلين قطعت يمناه للأول ويسراه للثاني.و قال في النهاية إذا قطع يدين إلخ.

أقول : إذا قطع يمين رجل ومثلها من آخر ، قطعت يمينه بالأول ويساره بالثاني إجماعا ، لأن اليد مساوية لليد.

فان قطع يد ثالث هل تقطع رجله اليسرى؟ ولو قطع رابعا يقطع رجله اليمنى ، وفي قطع الخامس الدية ، أو ينقل إلى الدية بعد فقد اليدين ، لان الرجل غير مماثلة لليد ، فتعين الانتقال إلى الدية لتعذر المماثلة؟ قال في النهاية (٣) بالأول وتبعه القاضي والنقي ، وهو مذهب أبي علي ، وبالثاني قال ابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة وفخر المحققين.

قال طاب ثراه : إذا قتل العبد حرا فأعتقه مولاه ، ففي العتق تردد.

أقول : منشأ التردد من احتمال الصحة ، لبناء العتق على التغليب ، لنفوذه في ملك الشريك. وعدمها ، لتعلق حق المجني عليه بالرقية هنا ، فكأنه صدر من غير مالك ، وهو مذهب الشيخ في الخلاف ، واختاره المصنف والعلامة

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ١٩٥ ، ح ٧١.

(٢) سورة الإسراء : ٣٣.

(٣) النهاية ص ٧٧١.

٤٢٧

وفخر المحققين.

قال طاب ثراه : ولو كان خطا ، ففي رواية عمرو بن شمر (١) الى آخره.

أقول : إذا كانت الجناية خطأ ، قال في النهاية (٢) : جاز عتقه ولزمه دية المقتول واختاره العلامة ، وهو المعتمد ، لأن الجناية هنا موجبة للمال ، وقد أتلف بعتقه متعلق الجناية ، فيضمنها بعتقه له التزام منه بالدية. ومنع ابن إدريس ، الا أن يتقدم السيد بالضمان ، واختاره المصنف.

قال طاب ثراه : وهل يسترق ولده الصغار؟ الأشبه لا.

أقول : يريد إذا قتل الذمي مسلما عمدا ، دفع وماله إلى أولياء المقتول ، فان شاءوا قتلوه ، وان شاءوا استرقوه.

وهل يسترق أولاده الأصاغر؟ قال المفيد وتلميذه وابن حمزة : نعم ، ومنع ابن إدريس ، لأنهم أحرار ، واختاره المصنف.

وهنا أبحاث شريفة استوفيناها في المهذب ، فلتطلب من هناك.

قال طاب ثراه : وفي قتل الجد بولد الولد تردد.

أقول : مختار العلامة عدم قتل الجد بولد الولد.

وتردد المصنف ، ومنشأه : من عموم الآية ، وكونه ليس بأب حقيقة ، ومن مشاركته للأب في الولاية ، بل هي راجح من ولاية الأب ، ولأنه أحوط ، ومذهب أبي علي عدم قتل الام وأجدادها بالابن ، ولعل المعتمد مذهب العلامة.

قال طاب ثراه : وفي رواية يقتص من الصبي إذا بلغ عشرا ، وفي أخرى إذا بلغ خمسة أشبار.

أقول : الرواية الأولى عن أبي بصير عن الباقر عليه‌السلام ، وبمضمونها فتوى

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ٢٠٠ ، ح ٩١.

(٢) النهاية ص ٧٥١.

٤٢٨

النهاية (١) والثانية رواها السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن علي عليه‌السلام (٢)

وقال ابن إدريس : لا يتوجه عليه القصاص حتى يبلغ خمس عشر سنة ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو في رواية ابن حمران.

قال طاب ثراه : ولو قتل البالغ الصبي ، قتل به على الأصح.

أقول : هذا هو المشهور. وهو المعتمد. وقال التقي : لا يجب به القصاص بل الدية لنقص عقله فأشبه المجنون.

قال طاب ثراه : ولو قصد العاقل دفعه كان هدرا ، وفي رواية ديته من بيت المال.

أقول : الرواية إشارة الى ما رواه أبو بصير قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل قتل مجنونا ، فقال : ان كان المجنون أراده ، فدفعه عن نفسه فقتله ، فلا شي‌ء عليه من قود ولا دية ، وتعطى ورثته الدية من بيت المال (٣). والأول هو الأصل ، ولا بأس بالثاني لئلا يطل دمه.

قال طاب ثراه : وفي الأعمى تردد ، أشبهه أنه كالمبصر في توجه القصاص.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية (٤) الى أن عمد الأعمى بمنزلة الخطأ يجب فيه الدية على عاقلته ، وتبعه القاضي ، وهو مذهب أبي علي. وذهب ابن إدريس إلى وجوب القود في عمده كغيره ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : أما الإقرار ، فتكفي المرة وبعض الأصحاب يشترط التكرار.

أقول : نص الشيخ في النهاية (٥) على المرتين ، وتبعه القاضي وابن إدريس

__________________

(١) النهاية ص ٧٣٣.

(٢) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ٢٣٣ ، ح ٥٥.

(٣) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ٢٣١ ، ح ٤٦.

(٤) النهاية ص ٧٦٠.

(٥) النهاية ص ٧٤٢.

٤٢٩

واكتفى المصنف بالمرة ، واختاره العلامة ، لعموم قبول إقرار العاقل ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو أقر بقتله عمدا وآخر أنه هو الذي قتله ورجع الأول ، درئ عنهما القصاص والدية ، وودي من بيت المال ، وهو قضاء الحسن عليه‌السلام.

أقول : روى علي بن إبراهيم عن أبيه ، قال : أخبرني بعض أصحابنا رفعه الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أتى أمير المؤمنين عليه‌السلام برجل وجد في خربة وبيده سكين متلطخ بالدم ، فاذا رجل متشحط بدمه ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : ما تقول باعلام؟قال : يا أمير المؤمنين أنا قتلته ، فقال : اذهبوا به فقيدوه.

فلما ذهبوا به ليقتلوه أقبل رجل مسرعا ، فقال : لا تعجلوا وردوه الى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فردوه ، فقال : يا أمير المؤمنين والله ما هذا صاحبه أنا قتلته ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام للأول : ما حملك على إقرارك على نفسك؟

فقال : يا أمير المؤمنين وما كنت أستطيع أن أقول وقد شهد علي أمثال هؤلاء الرجال وأخذوني وبيدي سكين متلطخ بالدم والرجل متشحط بدمه وأنا قائم عليه ، وخفت الضرب فأقررت ، وأنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة ، فأخذني البول ، فدخلت الخربة ، فرأيت الرجل متشحطا في دمه ، فقمت متعجبا ، فدخل هؤلاء فأخذوني.

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : خذوا هذين فأذهبوا بهما الى الحسن عليه‌السلام ، وقولوا له : ما الحكم فيهما؟ قال : فذهبوا الى الحسن عليه‌السلام وقصوا عليه قصتهم.

فقال الحسن عليه‌السلام : قولوا لأمير المؤمنين عليه‌السلام : ان كان هذا ذبح ذاك فقد أحيا هذا ، وقال الله عزوجل ( وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً ) (١) فخلا

__________________

(١) سورة النساء : ٩٣.

٤٣٠

عنهما وأخرج دية المذبوح من بيت المال (١).

وهي قضية في واقعة ، فلا تعدى ، لجواز اطلاعه عليه‌السلام على ما أوجب الحكم في الواقعة ، فالأولى هنا تخير الولي في تصديق أيهما شاء.

قال طاب ثراه : ولو شهد اثنان أن القاتل زيد ، وشهد آخران أن القاتل عمرو ، قال في النهاية سقط القصاص ، ووجبت الدية نصفين. ولو كان خطا كانت الدية على عاقلتهما ، ولعله احتياط لما عرض من تصادم البينتين.

أقول : حكم الشيخ في النهاية (٢) بسقوط القود في العمد ، ووجود الدية عليهما نصفين ، وكذا في شبيه العمد. وبوجوبها على العاقلتين في الخطاء ، وتبعه القاضي ، وهو مذهب المفيد ، واختاره العلامة ، وهو المعتمد.

وقال ابن إدريس : يتخير الولي في تصديق احدى البينتين وتكذيب الأخرى ، ولا يسقط القود ، كما في الإقرارين.

قال طاب ثراه : ولو شهد أنه قتله عمدا وأقر آخر أنه هو القاتل دون المشهود عليه ، ففي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام للولي قتل المقر الى آخره.

أقول : روى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه‌السلام عن رجل قتل ، فحمل إلى الوالي ، وجاء قوم فشهدوا عليه أنه قتله عمدا ، فدفع الوالي القاتل إلى أولياء المقتول ليقاد به ، فلم يبرحوا حتى أتاهم رجل فأقر عند الوالي أنه قتل صاحبهم عمدا ، وأن هذا الرجل الذي شهد عليه الشهود بري‌ء من قتل صاحبهم ، فلا تقتلوه وخذوني بدمه.

قال فقال أبو جعفر عليه‌السلام : ان أراد أولياء المقتول أن يقتلوا الذي أقر على نفسه فليقتلوه ولا سبيل لهم على الأخر ، ولا سبيل لورثة الذي أقر على نفسه على ورثة

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ١٧٣ ـ ١٧٤.

(٢) النهاية ص ٧٤٢.

٤٣١

الذي شهد عليه. وان أرادوا أن يقتلوا الذي شهد عليه ، فليقتلوه ولا سبيل لهم على الذي أقر ، ثم يؤدي الذي أقر على نفسه إلى الذي شهد عليه نصف الدية.

قلت : ان أرادوا أن يقتلوهما جميعا؟ قال : لهم ، وعليهم أن يؤدوا إلى أولياء الذي شهد عليه نصف الدية خاصة دون صاحبه ، ثم يقتلوهما به.

قلت : فإن أرادوا أن يأخذوا الدية؟ قال فقال : الدية بينهما نصفان ، لأن أحدهما أقر ، والأخر شهد عليه.

قلت : كيف صار لأولياء الذي شهد عليه على الذي أقر نصف الدية حين قتل ولم يجعل لأولياء الذي أقر على الذي شهد عليه ولم يقر؟ قال فقال : لأن الذي شهد عليه ليس مثل الذي أقر ، الذي شهد عليه لم يقر ولا أبرأ صاحبه ، والأخر أقر وأبرأ صاحبه ، فلزم الذي أقر وأبرأ صاحبه ما لم يلزم الذي شهد عليه ولم يقر ولم يبر صاحبه (١).

وبمضمونها أفتى الشيخ في النهاية (٢) ، وتبعه القاضي ، وهو مذهب التقي وابن علي. قال ابن إدريس : ولي في قتلهما جميعا نظر ، ثم استقر رأيه في آخر البحث على تخير الولي كالبينتين ، واختاره العلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وقيل : يحبس المتهم بالدم ستة أيام ، فإن ثبتت الدعوى والا خلي سبيله ، وفي المستند ضعف ، وفيه تعجيل لعقوبة لم يثبت سببها.

أقول : هذا قول الشيخ في النهاية (٣) وتبعه القاضي ، وهو المعتمد.

وقال ابن حمزة : يحبس ثلاثة أيام ، ومنع ابن إدريس حبسه ، واختاره المصنف والعلامة وفخر المحققين.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ١٧٢ ـ ١٧٣.

(٢) النهاية ص ٧٤٣.

(٣) النهاية ص ٧٤٤.

٤٣٢

ذكر القسامة :

قال طاب ثراه : وفي الخطأ خمسة وعشرون على الأظهر.

أقول : ذهب المفيد إلى مساواة الخطأ للعمد ، واختاره سلار وابن إدريس والعلامة في القواعد.

وقال الشيخ في الكتب الثلاثة : أنها خمسة وعشرون ، وتبعه القاضي وابن حمزة والمصنف والعلامة في المختلف ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : فما كانت ديته دية النفس كالأنف واللسان ، فالأشهر أن القسامة ستة رجال.

أقول : بالأشهر قال الشيخ في الثلاثة ، وتبعه القاضي وابن حمزة ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد. وقال سلار بوجوب الخمسين في العمد ، ونصفها في الخطأ ، واختاره ابن إدريس.

القول في كيفية الاستيفاء :

قال طاب ثراه : وللولي الواحد المبادرة بالقصاص ، وقيل : يتوقف على اذن الحاكم.

أقول : هذا أحد قولي الشيخ في المبسوط (١) : لأنه مسألة اجتهادية مبنية على الاحتياط ، فتناط بنظر الحاكم ، ويعزر لو خالف ، واختاره العلامة في القواعد ونفى التعزير في الخلاف مع التوقف.

__________________

(١) المبسوط ٧ ـ ٦٩.

٤٣٣

وأجاز المبادرة في القول الأخر من المبسوط ، واختاره المصنف والعلامة وفخر المحققين للاية ، وهو المعتمد. هذا في النفس ، وأما في الطرف فيتوقف إجماعا.

قال طاب ثراه : قال الشيخ : ولو بادر أحدهم ، جاز وضمن الدية عن حصص الباقين.

أقول : الجواز مذهب الشيخ في الكتابين ، وعدمه مذهب المصنف والعلامة في التلخيص والقواعد ، فيعزر المبادر ويضمن حصص الباقين ان لم يرضوا.

قال طاب ثراه : ولو اختار بعض الأولياء الدية ، فدفعها القاتل ، لم يسقط القود على الأشهر.

أقول : هذا هو المشهور بين الأصحاب ، ومستنده عموم الآية ورواية زرارة (١).ويحتمل سقوط القصاص ، لاحترام النفس في الجملة بعفو البعض ، ولابتناء الدماء على أتم الاحتياط ، فينتقل إلى الدية جمعا بين الحقين.

قال الصدوق : وقد روي أنه إذا عفا بعض الأولياء ارتفع القود. والمعتمد الأول.

قال طاب ثراه : ولو فر القاتل حتى مات ، فالمروي وجوب الدية في ماله ، ولو لم يكن مال أخذت من الأقرب فالأقرب ، وقيل : لا دية.

أقول : الأول مذهب الشيخ في النهاية (٢) وتبعه القاضي والتقي وابن زهرة ، وهو مذهب أبي علي ، واختاره المصنف والعلامة.

وقال في المبسوط (٣) : قال قوم بسقوط القود الى غير مال ، وهو الذي يقتضيه مذهبنا ، واختاره ابن إدريس. والمعتمد الأول.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ١٧٥ ، ح ٢.

(٢) النهاية ص ٧٣٨.

(٣) المبسوط ٧ ـ ٦٥.

٤٣٤

قال طاب ثراه : إذا ضرب الولي الجاني ، فتركه ظنا أنه مات فبرأ ، ففي رواية يقتص من الولي ، ثم يقتله الولي أو يتتاركا.

أقول : هذه رواية أبان بن عثمان عن أحدهما عليهما‌السلام قال : أتى عمر بن الخطاب برجل قتل أخا رجل ، فدفعه اليه وأمره بقتله ، فضربه الرجل حتى رأى أنه قد قتله ، فحمل إلى منزله ، فوجدوا به رمقا ، فعالجوه حتى برأ.

فلما خرج أخذه أخو المقتول ، وقال له : أنت قاتل أخي ، ولي أن أقتلك ، فقال له : قد قتلتني مرة ، فانطلق به الى عمر ، فأمر بقتله ، فخرج وهو يقول : يا أيها الناس قد قتلني والله.

فمروا به الى أمير المؤمنين عليه‌السلام فأخبروه خبره فقال : لا تعجل عليه حتى أخرج اليه ، فدخل على عمر ، فقال : ليس الحكم فيه هكذا ، فقال : ما هو يا أبا الحسن؟قال : يقتص هذا من أخ المقتول الأول ما صنع به ، ثم يقتله بأخيه ، فنظر أنه ان اقتص منه أتى على نفسه ، فعفا عنه وتتاركا (١). وأبان ناووسي ، والرواية مرسلة.

وقال في النهاية : إذا جاء الولي وطلب منه القود ، كان له ذلك ، وعليه أن يرد عليه دية الجراحات التي جرحه ، أو يقتص له منه.

وفصل المصنف فقال : ان كان ضربه بماله ضربه ، كان له قتله من غير قصاص ، وان ضربه بآلة لا يسوغ بها الاقتصاص ، لم يكن له قتله الا بعد أن يقتص منه في الجرح أو يتتاركا ، وتبعه العلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو قتل صحيح مقطوع اليد ، فأراد الولي قتله رد دية اليد إلخ.

أقول : روى هشام بن سالم عن سورة بن كليب عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ٢٧٨ ، ح ١٣.

٤٣٥

سئل عن رجل قتل رجلا عمدا ، وكان المقتول أقطع اليد اليمنى ، فقال : ان كانت يده قطعت في جناية جناها على نفسه ، أو كان قطع وأخذ دية يديه من الذي قطعها ، فأراد أولياؤه أن يقتلوا قاتله ، أدوا إلى أولياء قاتله دية يده التي قيد منها ويقتلوه ، وان شاءوا طرحوا عنه دية يده وأخذوا الباقي.

قال : وان كانت يده ذهب من غير جناية جناها على نفسه ، ولا أخذ لها دية قتلوا قاتله ولا يغرم شيئا ، وان شاءوا أخذوا دية كاملة ، هكذا وجدناه في كتاب علي عليه‌السلام (١).

ويحتمل ضعيفا عدم توجه القصاص مطلقا ، لان الناقص لا يؤخذ به الكامل.

قال طاب ثراه : وفي جواز الاقتصاص قبل الاندمال تردد ، أشبهه الجواز.

أقول : للشيخ قولان ، فالمنع مذهبه في المبسوط (٢). والجواز مذهبه في الخلاف ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد مع استحباب الصبر.

قال طاب ثراه : وتقلع عين الأعور بعين ذي العينين وان عمي ، وكذا يقتص له منه بعين واحدة ، وفي رد نصف الدية قولان.

أقول : إذا قلع ذو العينين صحيحة الأعور ، وكان العور خلقة ، أو ذهبت عينه بآفة ، فللاعور أن يأخذ في قصاصها من الصحيح عينا واحدة لا أكثر.

وهل له مع ذلك نصف الدية؟ للشيخ قولان ، أحدهما : لا ، قاله في الخلاف واختاره ابن إدريس ، وقواه العلامة في التحرير. والأخر نعم ، قاله في المبسوط ، وهو مذهب أبي علي ، واختاره فخر المحققين ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو قطع كفا مقطوعة الأصابع ، ففي رواية يقطع كف القاطع ، ويرد عليه دية الأصابع.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ٢٧٧ ، ح ٩.

(٢) المبسوط ٧ ـ ٨١.

٤٣٦

أقول : هذه رواية الحسن بن العباس بن الحريش عن أبي جعفر عليه‌السلام (١) ، وهو ضعيف جدا ، وعليها فتوى الشيخ في النهاية (٢) ، وتبعه القاضي.

ومنع ابن إدريس من القصاص هنا ، لعدم إمكان الوصول اليه الا بقطع الأصابع ، وهي غير مستحقة للقطع ، فتنتقل إلى الحكومة ، وتوقف العلامة في المختلف.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ٢٧٦ ، ح ٨.

(٢) النهاية ص ٧٧٤.

٤٣٧

كتاب الديات

قال طاب ثراه : وفي دية شبيه العمد روايتان ، أشهرهما : ثلاث وثلاثون بنت لبون ، وثلاث وثلاثون حقة ، وأربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل.

أقول : هذا قول الشيخ في النهاية (١) ، وما وقفت به على رواية ، نعم ورد فيها روايتان :

أحدهما صحيحة ابن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : في الخطأ شبيه العمد أن يقتل بالسوط ، أو بالعصا ، أو بالحجر ، ان دية ذلك تغلظ ، وهي مائة من الإبل ، منها أربعون خلفة من ثنية إلى بازل عامها ، وثلاثون حقة وثلاثون بنت لبون (٢).

والأخرى رواية أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام قال : ودية المغلظة التي شبه العمد وليس بعمد أفضل من دية الخطأ بأسنان الإبل ، ثلاث وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون جذعة ، وأربع وثلاثون ثنية ، كلها طروقة الفحل (٣).

__________________

(١) النهاية ص ٧٣٨.

(٢) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ١٥٨ ـ ١٥٩ ، ح ١٤.

(٣) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ١٥٨ ، ح ١٢.

٤٣٨

وبقول النهاية قال القاضي والعلامة في القواعد ، وبصحيحة ابن سنان أفتى (١) أبو علي ، وبرواية أبي بصير أفتى المفيد والتقي. والمعتمد مذهب أبي علي.

قال طاب ثراه : وقال المفيد : تستأدى في سنتين.

أقول : هذا هو المشهور ، وبه قال الشيخ في المبسوط (٢) والتقي وسلار ، واختاره المصنف والعلامة. وقال في الخلاف : تستأدى في سنة.

وجمع بينهما ابن حمزة ، فقال : تستأدى في سنة ان كان ذات يسار ، وفي سنتين ان لم يكن. والمعتمد الأول.

والذي رواه أبو ولاد عن الصادق عليه‌السلام قال : كان علي عليه‌السلام يقول : تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين وتستأدى دية العمد في سنة (٣).

وكما ظهر التفاوت بين العمد والخطاء في الأجل ، كتفاوت الجناية فيهما ، وجب التفاوت في الأجل بالنسبة إليهما والى شبيه العمد ، عملا بالمناسبة ، فتستأدى في سنتين لخفتها من العمد ونقلها من الخطاء.

قال طاب ثراه : وفي دية الخطاء أيضا روايتان ، أشهرهما : عشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون ، وثلاثون بنت لبون وثلاثون حقة.

أقول : هذه صحيحة ابن سنان عن الصادق عليه‌السلام قال سمعته يقول : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في الخطاء شبيه العمد ان تقتل بالسوط أو بالعصي أو بالحجر أن دية ذلك تغلظ ، وهي من الإبل أربعون خلفة بين ثنية إلى بازل عامها ، وثلاثون حقة ، وثلاثون بنت لبون. والخطأ يكون مائة : ثلاثون حقة ، وثلاثون بنت لبون

__________________

(١) في « س » : فتوى.

(٢) المبسوط ٧ ـ ١٧٦.

(٣) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ١٦٢ ، ح ٢٥.

٤٣٩

وعشرون بنت مخاض ، وعشرون ابن لبون ذكر (١).

وبمضمونها أفتى الشيخان وتلميذاهما والصدوق وأبو علي وابن زهرة والتقي والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

وروى العلاء بن الفضل عن الصادق عليه‌السلام قال : في قتل الخطاء مائة من الإبل أو ألف من الغنم ، أو عشرة آلاف درهم ، أو ألف دينار ، فان كانت من الإبل فخمس وعشرون بنت مخاض ، وخمس وعشرون بنت لبون،وخمس وعشرون جذعة (٢).

وبمضمونها أفتى ابن زهرة. وهنا روايات وتحقيقات ذكرناها في المهذب.

قال طاب ثراه : ولو قتل في الشهر الحرام ألزم دية وثلثا ، وهل يلزم مثل ذلك في الحرم؟ قال الشيخان : نعم ، ولا أعرف الوجه.

أقول : قد تعرض التغليظ للدية وسببه أحد أمور ثلاثة :

الأول : العمد ، فيغلظ في السن بالنسبة إلى الإبل ، وفي الاستيفاء ، فإنها تؤخذ في سنة وغيرها تؤخذ في سنتين أو ثلاثة.

الثاني : زمان الجناية ، بأن يقع في أحد الأشهر الحرم ، فيلزم القاتل دية وثلثا ، وهو إجماع ، ومستنده رواية كليب الأسدي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يقتل في أشهر الحرم ما ديته؟ قال : دية وثلث (٣).

الثالث : مكان الجناية ، بأن يقع في أحد الحرمين ، أو أحد مشاهد الأئمة عليهم‌السلام ، قاله الشيخان ، ولم نظفر له بشاهد من الروايات ، ولهذا قال المصنف

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ١٥٨ ـ ١٥٩ ، ح ١٤.

(٢) تهذيب الأحكام ١٠ ـ ١٥٨ ، ح ١٣.

(٣) فروع الكافي ٧ ـ ٢٨١ ـ ٢٨٢ ، ح ٦.

٤٤٠