المقتصر

الشيخ ابن فهد الحلّي

المقتصر

المؤلف:

الشيخ ابن فهد الحلّي


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٩

والكلام معه في مقامين :

الأول : ان حكم الصنعة حكم القبيلة ، وفي الرواية دلالة عليه من حيث المفهوم.

الثاني : أن هذا الحكم مشترك بين الرجل والمرأة ، ووافقه ابن حمزة ، ولم يتعرض الشيخ لانساب المرأة وقال في المبسوط : الأقوى أنه لا خيار لها ، وبه قال ابن إدريس ، وقال فخر المحققين : ان شرط في متن العقد كان لها الخيار ، والا فلا.

قال طاب ثراه : إذا تزوج امرأة ، ثم علم أنها كانت زنت ، فليس له الفسخ ، ولا الرجوع على الولي بالمهر ، وفي رواية لها الصداق بما استحل من فرجها ، ويرجع به على الولي ، وان شاء تركها.

أقول : أثبت الصدوق الخيار للرجل بزنا المرأة ، ولم يشترط الحد ، وبه قال أبو علي ، وزاد ثبوته للمرأة بزنا الرجل.

وشرط المفيد وتلميذه أن تحد فيه ، وبه قال التقي والقاضي ، ولم يثبته المصنف والعلامة ، لأصالة لزوم العقد ، وبه قال ابن إدريس ، وهو المعتمد.

القسم الثاني

( في النكاح المنقطع )

قال طاب ثراه : وهو ينعقد بأحد الألفاظ الثلاثة خاصة. وقال علم الهدى : ينعقد في الإماء بلفظ الإباحة والتحليل.

أقول : قول السيد هنا مبني على مسألتين :

الأولى : جواز التحليل بلفظ الإباحة.

٢٤١

الثانية : أن التحليل عقد متعة وحينئذ لا يكون عقد المتعة في الإماء منحصرا في الصيغ الثلاث ، بل هناك لفظان آخران ينعقد بهما المتعة ، وسيأتي البحث في ذلك.

قال طاب ثراه : ولو دخل فلها ما أخذت ، وتمنع ما بقي. والوجه أنها تسوفيه مع جهالتها ، ويستعاد منها مع علمها.

أقول : إذا ظهر فساد العقد في المتعة ، فإن كان قبل الدخول فلا شي‌ء ، وان كان بعده ، قال في النهاية (١) : لها ما أخذت ويمسك عنها ما بقي وقال المصنف في الشرائع (٢) : ان كانت عالمة استعيد ما أخذت ، وان كانت جاهلة استحقت المهر ، واختاره العلامة ، واختار في الشرائع فساد المسمى ، وأوجب مهر المثل ، واختاره فخر المحققين ، وهو المعتمد ، لبطلان العقد ولا يلزم ما ذكر فيه.

قال طاب ثراه : ولا يصح بذكر (٣) المرة والمرات مجردة عن زمان مقدر ، وفيه رواية بالجواز فيها ضعف.

أقول : الرواية إشارة الى ما رواه ابن فضال عن القاسم بن محمد عن رجل سماه ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يتزوج المرأة عن فرد (٤) واحد ، قال : لا بأس به ، ولكن إذا فرغ فليحول وجهه ولا ينظر (٥). وهي مع ضعفها مرسلة ، وقال في النهاية (٦) : ينعقد دائما ، وذهب المصنف والعلامة إلى البطلان ، وهو المعتمد.

__________________

(١) النهاية ص ٤٩١.

(٢) شرائع الإسلام ٢ ـ ٣٠٥.

(٣) في المختصر المطبوع : ذكر.

(٤) كذا ، وفي التهذيب : عود.

(٥) تهذيب الأحكام ٧ ـ ٢٦٧ ، ح ٧٤.

(٦) النهاية ص ٤٩١.

٢٤٢

قال طاب ثراه : ولا يقع بالمتعة طلاق إجماعا ، ولا لعان على الأظهر ، ويقع الظهار على تردد.

أقول : ذهب السيد الى وقوع اللعان والظهار بها ، وقال التقي : يقع الظهار خاصة ، وسيأتي البحث فيه.

قال طاب ثراه : لا يثبت بالمتعة ميراث ، وقال المرتضى : يثبت ما لم يشترط السقوط ، نعم لو شرط التوارث لزم.

أقول : ذهب الحسن الى ثبوت الميراث بأصل هذا العقد ويسقط باشتراط سقوطه ، وحكاه المصنف عن السيد ، وذهب في النهاية (١) إلى سقوطه في الأصل وثبوته بالشرط ، وبه قال ابن حمزة وقطب الدين الكيدري ، واختاره المصنف وذهب التقي إلى عدمه أصلا وإلغائه شرطا ، واختاره ابن إدريس والعلامة وفخر المحققين ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : إذا انقضى أجلها ، فالعدة حيضتان على الأشهر.

أقول : عدة الأمة في المتعة مع انقضاء الأجل أو هبته حيضتان عند الشيخ في النهاية (٢) ، واختاره المصنف والقاضي وسلار. وطهران عند المفيد وابن إدريس ، واختاره العلامة ، وحيضة ونصف عند الصدوق في المقنع (٣) ، وحيضة عند الحسن

وأطبق الكل على شهر ونصف للمسترابة ، أما المتوفى عنها فالأقرب أنها أربعة أشهر وعشرة أيام ، حرة كانت أو أمة ، دخل بها أو لم يدخل ، وهو مذهب العلامة وابن إدريس ، وقال المفيد : شهران وخمسة أيام.

__________________

(١) النهاية ص ٤٩٢.

(٢) النهاية ص ٤٩٢.

(٣) المقنع ص ١١٤.

٢٤٣

تنبيه :

لا فرق في المتعة بين الحرة والأمة فيعتد في غير الموت بقرئين ، ومع الريبة بشهر ونصف ، وفي الوفاة بأربعة وعشرة أيام ، فتكون عدتها في المتعة أطول من عدتها في الدائم ، عملا بالعموم وبصريح رواية زرارة (١).

القسم الثالث

( في نكاح الإماء )

قال طاب ثراه : ولو بادر أحدهما ، ففي وقوفه على الإجازة قولان ، ووقوفه على الإجازة أشبه.

أقول : مختار المصنف وهو قول الشيخ في النهاية (٢) ، وهو اختيار العلامة.وقال ابن إدريس : يبطل من رأس ، وللشيخ قول آخر أنه باطل ، فان أجازه المولى ، كانت الإجازة كالعقد المستأنف.

وقيل : تختص الإجازة بعقد العبد دون عقد الأمة.

والفرق بين قولي الشيخ أنه في الأول بحكم صحة العقد من حين وقوعه ، وعلى القول الثاني من حين الإجازة.

فيتفرع على ذلك ما لو كان تحته أخت الزوجة حين العقد ، وحصلت الإجازة بعد موتها أو فراقها ، فإنه يبطل على الأول ، ويصح على الثاني.

__________________

(١) التهذيب ٨ ـ ١٣٤.

(٢) النهاية ص ٤٧٨.

٢٤٤

وكذا البحث لو كان تحته عمتها أو خالتها أو حرة ثم أبانها وأجازه المولى بعد ذلك ، فعلى الأول لا يصح ، وان قلنا ببطلان هذه العقود من أصلها ، وأن الإجازة كالعقد المستأنف صح ، لان العقد حصل بعد البينونة.

ومما يمكن أن يحتج به للقول الأول ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن رجل تزوج عبده بغير اذنه ، فدخل بها ، ثم اطلع على ذلك مولاه ، قال : ذلك لمولاه ان شاء فرق بينهما ، وان شاء أجاز نكاحهما ، فان فرق بينهما فللمرأة ما أصدقها ، الا أن يكون اعتدى فأصدقها صداقا كثيرا ، وان أجاز نكاحه فهما على نكاحهما الأول.

فقلت لأبي جعفر عليه‌السلام : فإن أصل النكاح كان عصيانا ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام :انما أتى شيئا حلالا ، وليس بعاص لله ، انما عصى سيده ولم يعص الله ، ان ذلك ليس كإتيان ما حرم الله عليه من نكاح في عدة وأشباهه (١).

ومما يعضد القول الثاني ما رواه الشيخ عن علي بن أبي جعفر عن أخيه عن أبيه عن آبائه عن علي عليه‌السلام انه أتاه رجلا بعبده ، فقال : ان عبدي تزوج بغير اذني ، فقال عليه‌السلام لسيده : فرق بينهما ، فقال السيد لعبده : يا عدو الله طلق.

فقال علي عليه‌السلام : كيف قلت له؟ قال : قلت له طلق ، فقال علي عليه‌السلام : الان إن شئت طلق وان شئت فأمسك ، فقال السيد : يا أمير المؤمنين أمر كان بيدي ثم جعلته بيد غيري؟ قال : ذلك لأنك قلت له طلق أقررت له بالنكاح (٢).

قال طاب ثراه : وإذا كان أحد الأبوين حرا ، فالولد حر الا أن يشترط المولى رقيته على تردد.

أقول : إذا زوج المولى رقيقه بحر ، وشرط في نفس العقد رقية الولد ، كان

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٧ ـ ٣٥١ ، ح ٦٢.

(٢) تهذيب الأحكام ٧ ـ ٣٥٢ ، ح ٦٤.

٢٤٥

الولد رقا ، عملا بالشرط ، وهو إجماعي وتردد المصنف.

ووجهه : أن الولد ينعقد حرا مع عدم الشرط ، فالشرط مشتمل على استرقاق الحر ، وهو غير جائز. وقال ابن الجنيد : الأصل في ولد المملوكة أنه رق ، الا أن يشترط الزوج العتق.

قال طاب ثراه : وكذا لو ادعت الحرية ، فتزوجها على ذلك. وفي رواية يلزمه بالوطي عشر القيمة.

أقول : أوجب القاضي في هذه الصورة المسمى ، والشيخ في المبسوط (١) مهر المثل وابن حمزة وأبو علي العشر مع البكارة والنصف مع الثيبوبة.

قال طاب ثراه : ولو أولدها فكهم بالقيمة ، ولو عجز سعى في قيمتهم ، ولو أتى قيل : يفديهم الامام ، وفي المستند ضعف.

أقول : لا شك في وجوب الفك على الأب إذا كان موسرا ، ولو أسعر قيل فيه ثلاثة أقوال :

الأول : وجوب الفك على الامام من سهم الرقاب ، قاله الشيخ ، وتبعه ابن حمزة ، والمستند رواية سماعة (٢) ، وهو واقفي.

الثاني : عدم وجوب الفك على الامام ، بل القيمة لازمة للأب ، فلينظر (٣) يساره ، ولا يجوز أخذه من سهم الرقاب ، قاله ابن إدريس.

الثالث : جواز أخذه من بيت المال ، لأنه من المصالح ، ولأنه مال في ذمته ، وهو عاجز عنه فلينتظر للاية ، قاله العلامة في المختلف.

وهنا تحقيقات شريفة ذكرناها في المهذب.

__________________

(١) المبسوط ٤ ـ ١٨٨.

(٢) تهذيب الأحكام ٧ ـ ٣٤٩ ـ ٣٥٠.

(٣) في « ق » : فينتظر.

٢٤٦

قال طاب ثراه : ولو أمضى الشريك العقد لم يحل ، وبالتحليل رواية فيها ضعف.

أقول : إذا تزوج الحر أمة بين شريكين ، ثم اشترى حصة أحدهما بطل نكاحه ، وحرم عليه وطؤها ، لأنه لا يختص بملكها.

وهل يحل بإباحة شريكه؟ قال ابن إدريس : نعم ، وهو في رواية محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن جارية بين رجلين دبراها جميعا ثم أجل أحدهما فرجها لشريكه فقال هي حلال له (١) وفي طريقها ضعف.

وقال ابن حمزة : تحل بعقد المتعة ان وقع بينهما مهاياة ، وعقد عليها في نوبة سيدها باذنه ، ومنع المصنف والعلامة وفخر المحققين ، وهو المعتمد ، فلا طريق الى تحليلها الا بشراء باقيها.

قال طاب ثراه ، ولو هايأها على الزمان ، ففي جواز العقد عليها متعة في زمانها تردد ، أشبهه المنع.

أقول : الجواز مذهب الشيخ في النهاية (٢) ، والمنع مذهب المصنف والعلامة ، وهو المعتمد الا مع اذن السيد ، فيجوز متعة ودواما.

قال طاب ثراه : فاذا أعتقت الأمة تخيرت في فسخ نكاحها ، وان كان الزوج حرا على الأظهر.

أقول : روى الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أمة كانت تحت عبد فأعتقت ، قال : تملك أمرها بيدها ، ان شاءت تركت نفسها عند زوجها ، وان شاءت نزعت نفسها منه.

وذكر أن بريرة كانت تحت زوج لها وهي مملوكة ، فاشترتها عائشة فأعتقتها ،

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٧ ـ ٢٤٥ ، ح ١٩.

(٢) النهاية ص ٤٩٥.

٢٤٧

فخيرها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ان شاءت أن تقر عند زوجها وان شاءت فارقته ، وكان مواليها الذين باعوها ، اشترطوا على عائشة أن لهم ولاؤها ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الولاء لمن أعتق.

وتصدق على بريرة بلحم ، فأهدته إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فعلقته عائشة وقالت : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يأكل لحم الصدقة ، فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله واللحم معلق ، فقال : ما شأن هذا اللحم لم يطبخ؟ فقالت : يا رسول الله تصدق به على بريرة وأنت لا تأكل الصدقة ، فقال : هو لها صدقة ولنا هدية ، ثم أمر بطبخها فجاء فيها ثلاث من السنة (١).

ومختار المصنف هنا هو مذهب الشيخ في النهاية (٢) وتلميذه ، وبه قال المفيد وأبو علي والقاضي وابن إدريس ، واختاره العلامة ، وهو المعتمد ، وذهب في كتابي الفروع الى عدم الخيار ، وهو مذهب المصنف في الشرائع (٣).

قال طاب ثراه : ويجوز أن يتزوجها ويجعل العتق صداقها،ويشترط تقديم العتق (٤) :

أقول : ذهب الشيخ في النهاية والقاضي وابن إدريس والمصنف الى اشتراط تقديم لفظ التزويج ، ولو قدم العتق كان لها الخيار بالرضا بالعقد والامتناع ، وعكس في الخلاف ، وبه قال المفيد والتقي.

والمعتمد أنه لا مشاحة في تقديم أحدهما على الأخر ، لأن الكلام المتصل كالجملة ،

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٧ ـ ٣٤١ ـ ٣٤٢.

(٢) النهاية ص ٤٧٩.

(٣) شرائع الإسلام ٣ ـ ٣١١.

(٤) كذا في النسختين وفي المختصر المطبوع : ويشترط تقديم لفظ التزويج في العقد وقيل : يشترط تقديم العتق.

٢٤٨

الواحدة لا يتم أوله إلا بآخره.

قال طاب ثراه : ولو عجز النصيب سعت في المتخلف ، ولا يلزم الولد السعي على الأشبه.

أقول : يريد أن أم الولد تنعتق بموت المولى من نصيب ولدها ، فان عجز نصيبه عن قيمتها سعت في المتخلف ، ولا يلزم الولد السعي ، قاله المفيد وابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة ، وفي المبسوط يلزم الولد فكها ، وان لم يكن له مال سعى في باقي قيمتها ، واختاره ابن حمزة.

قال طاب ثراه : والأشبه أن العتق لا يبطل ولا يرق الولد ، وقيل : تباع في ثمن رقبتها ويكون ولدها كهيئتها ، لرواية هشام بن سالم.

أقول : روى الشيخ في الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل باع من رجل جارية بكر إلى سنة ، فلما قبضها المشتري أعتقها من الغد وتزوجها وجعل مهرها عتقها ، ثم مات بعد ذلك بشهر.

فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان كان الذي اشتراها إلى سنة له مال أو عقد يحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها ، كان عتقه ونكاحه جائز ، وان لم يملك ما يحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها ، كان عتقه ونكاحه باطلا ، لأنه أعتق ما لا يملك ، وأرى أنها لمولاها الأول.

قيل له : فان كانت قد علقت من الذي أعتقها وتزوجها ما حال ما في بطنها؟ فقال الذي في بطنها مع أمه كهيئتها (١).

وبمضمونها أفتى الشيخ في النهاية (٢) والقاضي وأبو علي وقال ابن إدريس : لا يبطل البيع ويمضي عتقها وولدها حر ، وهو الذي يقتضيه أصول المذهب ،

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٨ ـ ٢٣١ ـ ٢٣٢.

(٢) النهاية ص ٥٤٥.

٢٤٩

وعليه المصنف والعلامة وفخر المحققين ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وكذا لو بيع العبد وتحته أمة ، وكذا لو كان تحته حرة لرواية فيها ضعف.

أقول : يريد أن مشتري العبد بالخيار في إجازة عقده وفسخه ان كانت زوجته أمة ، وان كانت حرة ، فكذلك عند الشيخ في النهاية (١) ، وتبعه القاضي في كتابيه وابن حمزة والعلامة ، وهو المعتمد ، لرواية محمد بن علي عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : إذا تزوج المملوك فللمولى أن يفرق بينهما (٢).

ومنع ابن إدريس لأصالة لزوم العقد ، واختاره المصنف ، واستضعف الرواية لأن في طريقها موسى بن بكر ، وهو واقفي.

قال طاب ثراه : وصيغته أن يقول : أحللت لك وطئها ، أو جعلتك في حل من وطئها ، ولم يتعدهما الشيخ ، واتسع آخرون بلفظ الإباحة.

أقول : قال الشيخ في التهذيب ينبغي أن يراعي لفظ التحليل ، بأن يقول : قد جعلتك في حل من وطئها ، أو أحللت لك وطئها ، وبه قال ابن زهرة ، وهو الأحوط.

وأجاز ابن إدريس لفظ الإباحة ، وهو ظاهر السيد واختاره العلامة ، لمشاركته التحليل في المعنى فسببية أحدهما يقتضي سببية الأخر.

قال طاب ثراه : وهل هو إباحة أو عقد؟ قال علم الهدى : هو عقد متعة.

أقول : اختلف الأصحاب بعد اتفاقهم على اباحة فرج المملوكة بتحليل المالك في كون ذلك من قبيل الملك أو العقد ، فذهب السيد الى كونه عقد متعة ، وذهب ابن إدريس إلى أنه تمليك منفعة ، ونقله عن الشيخين ، واختاره العلامة.

__________________

(١) النهاية ص ٤٧٧.

(٢) تهذيب الأحكام ٧ ـ ٣٣٩ ، ح ١٨.

٢٥٠

وقول المصنف « هل هو اباحة » يرجع الى الحكم ، لأنه في ابتداء الأمر إباحة قطعا ، لان للمالك رفع يده في كل وقت ، وعند الاستيفاء يحصل الملك ، فالناس فريقان : قائل بأنه ملك ، وقائل بأنه عقد ، وليس هناك قائل بأنه اباحة.

ويتفرع على قول السيد اعتبار الأجل ، واذن الحرة ان كانت عنده ، واعتبار إذن العمة والخالة ، وتحريمها على من عنده أختها ، ولا يعتبر ذلك على قول ابن إدريس.

قال طاب ثراه : وفي تحليل أمته لمملوكه تردد ، ومساواته بالأجنبي أشبه.

أقول : المنع مذهب الشيخ في النهاية (١) ، ومختار العلامة في المختلف.

والجواز مذهب ابن إدريس ، ومختار المصنف.

قال طاب ثراه : وفي تحليل الشريك تردد ، والوجه المنع.

أقول : تقدم البحث في هذه المسألة.

قال طاب ثراه : وولد المحللة حر ، فان شرط الحرية في العقد ، فلا سبيل على الأب ، وان لم يشترط ففي إلزامه قيمة الولد روايتان ، أشبههما : أنه لا تلزم.

أقول : الأصل في ولد المحللة الحرية ، شرطها الأب أو لا ، لان الولد يتبع أشرف الطرفين في صورة الوطي بالعقد والملك ، والتحليل ملحق بأحدهما ، ذهب اليه ابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة ، وقال الشيخ في النهاية (٢) : إذا أتت بولد كان لمولاها ، وعليه أن يشتري بماله ان كان له مال ، والا استسعى في ثمنه ، وان شرط أن يكون حرا كان على ما شرط.

__________________

(١) النهاية ص ٤٧٨.

(٢) النهاية ص ٤٧٧.

٢٥١

العيوب الموجبة للفسخ

ويلحق بالنكاح أمور خمسة : الأول : العيوب.

قال طاب ثراه : وفي الرتق تردد.

أقول : ظاهر الصدوق عدم الرد بالرتق ، وقال الشيخ في المبسوط (١) ترد به ، واختاره المصنف في النافع (٢). وقال في الشرائع : ان لم يمكن إزالته أو أمكن وامتنعت من علاجه ثبت الخيار والا فلا (٣). واختاره العلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولا العرج على الأشبه.

أقول : قال في النهاية (٤) ترد العرجاء ، وبه قال ابن حمزة وسلار وأبو علي والقاضي في الكامل ، واختاره العلامة. وظاهر الشيخين في الكتابين وابن إدريس عدم الرد ، واختاره المصنف ، وللصدوق في المقنع (٥) القولان.

قال طاب ثراه : وفي التجدد بعد العقد تردد عدا الغبن.

أقول : إذا تجدد بالرجل عيب بعد العقد هل يبيح الفسخ للمرأة ، وذلك مثل الخصا والجب أم لا؟ فنقول : عيوب الرجل أربعة :

الأول : الجب ، وشرطه أن لا يبقي منه ما لا يمكن (٦) به الوطي ولو قدر الحشفة ، وهل تفسخ به المرأة مع تجدده؟ قال ابن إدريس : لا ، وهو قول الشيخ

__________________

(١) المبسوط ٤ ـ ٢٤٩.

(٢) المختصر النافع ص ٢١٠.

(٣) شرائع الإسلام ٢ ـ ٣٢٠.

(٤) النهاية ص ٤٨٥.

(٥) المقنع ص ١٠٤.

(٦) في « ق » : ما يمكن.

٢٥٢

في الخلاف ، وموضع من المبسوط (١) ، وفي موضع آخر نعم ، وهو مذهب القاضي ، واختاره العلامة وفخر المحققين ، وهو المعتمد وان تجدد بعد الوطي.

الثاني : الخصي ، وهو سل الأنثيين ، ويثبت به الخيار مع سبقه على العقد قطعا ، ولا يفسخ مع تجدده بعد الوطي إجماعا ، وفي المتجدد بينهما خلاف ، فأثبته القاضي والعلامة في المختلف ، ومنعه ابن إدريس والمصنف ، وعليه الأكثر.

الثالث : العنة ، ويثبت بها الرد ، وان تجددت بعد العقد إجماعا ، ولا تفسخ مع تجددها بعد الوطي ، وهو مذهب الجمهور من الأصحاب ، خلافا لابن حمزة والصدوق.

الرابع : الجنون.

قال طاب ثراه : وقيل : تفسخ المرأة بجنون الرجل المستغرق لأوقات الصلوات (٢) وان تجدد.

أقول : هذا هو العيب الرابع من عيوب الرجل ، وتفسخ به المرأة مع سبقه على العقد إجماعا ، وكذا مع تجدده ، وان كان بعد الوطي إذا كان مطبقا ، وكذا لو كان أدوارا عند المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

واشترط الشيخان أن لا يعقل أوقات الصلوات ، وبه قال ابن حمزة ، وعليه الأكثر.

تحقيق :

أورد الشيخ في النهاية (٣) والخلاف هذا الحكم بقوله « لا يعقل أوقات

__________________

(١) المبسوط ٤ ـ ٢٥٠.

(٢) في المختصر المطبوع : الصلاة.

(٣) النهاية ص ٤٨٦.

٢٥٣

الصلوات » وكذا القاضي وابن إدريس والعلامة والمصنف في الشرائع (١).

فنصب « أوقات » يحتمل أن يكون على الظرفية ، فيكون معناه : ان شرط الفسخ بالمتجدد أن لا يعقل أوقات الصلوات ويمضي جميع الوقت وهو غير عاقل ، فيساوي المطبق بخروجه عن حد المكلفين ، لعدم تكليفه بالصلاة ، وان عقل في بعض الوقت بحيث يكلف بالصلاة ، فقد تساوي (٢) المكلفين في فعل الصلاة وأداء الواجبات ، وهذا المعنى أراد المصنف في النافع ، حيث قال : وقيل يفسخ بالجنون المستغرق (٣).

ويحتمل أن يكون منصوبة على المفعولية ، فيكون معناه : ان شرط الفسخ أن لا يعرف أوقات الصلوات وتميزها عن غيرها من الأوقات ، ويفهم سببيتها ، فمن بلغ به الجنون هذا المبلغ فسخت به المرأة ، ومن لم يبلغ به ذلك لم تفسخ به ، لكونه خفيف التغطية.

وهذا المعنى أراد ابن حمزة ، حيث قال : الجنون المقتضي للفسخ أن لا يعرف معه أوقات الصلوات. وبمثله قال المفيد ، وعبارته وان كان لا يعقل بأوقات الصلوات ، فالحاصل أن هنا ثلاث عبارات.

الاولى : أن لا يعقل أوقات الصلوات ، للشيخ وتلميذه.

الثانية : أن لا يعرف أوقات الصلوات ، لابن حمزة والمفيد.

الثالثة : الجنون المستغرق للمصنف في النافع.

فالعبارة الاولى تحتمل كلا من الباقيتين ، والأخيرتان قد يحتمل كلا منهما الأخرى.

__________________

(١) شرائع الإسلام ٢ ـ ٣١٩.

(٢) في « ق » : ساوي.

(٣) المختصر النافع ص ٢١١.

٢٥٤

تذنيب :

وقد تحصل من هذا التحرير أن المرأة تفسخ بجنون الرجل وجبة ، وان حدثا بعد الوطي ، وبالخصي بشرط سبقه على العقد ، وتفسخ بالعنة وان تجددت فيما بينها ، لا بعد الوطي.

والرجل يفسخ بعيب المرأة مع سبقه على العقد ، ولا يفسخ بما تجدد بعد الوطي إجماعا ، وهل يفسخ بما تجدد بينهما؟ قال الشيخ في الكتابين : نعم ، وقال ابن حمزة وابن إدريس : لا ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو تزوج على أنها حرة فبانت أمة ، فله الفسخ ، ولا مهر لو لم يدخل ، ولو دخل فلها المهر على الأشبه.

أقول : إذا تزوج امرأة على أنها حرة فبانت أمة ، فله الفسخ ، ولا شي‌ء قبل الدخول ، وبعده يجب المسمى المذكور في العقد ، وهو مذهب الشيخين ، واختاره المصنف والعلامة.

ومهر المثل عند ابن حمزة ان كان المدلس سيدها ، ويرجع به على المدلس ، والعشر مع البكارة ، ونصفه مع الثيبوبة عند أبي علي وابن حمزة ، ان كانت هي المدلسة.

قال طاب ثراه : ولو تزوجها بكرا فوجدها ثيبا فلا رد ، وفي رواية ينتقص (١) مهرها.

أقول : هنا بحثان :

الأول : إذا شرط البكارة فخرجت ثيبا ، فان لم يثبت سبق الثيبوبة فلا رد إجماعا ، لأن ذلك قد تذهب بالنزوة والحرقوص ، وان ثبت سبقها فهل ترد به؟ قال التقي : لا ، وعليه الأكثر ، وقال العلامة : بل ترد به.

__________________

(١) في المختصر المطبوع : ينقص.

٢٥٥

الثاني : هل ينتقص من مهرها شيئا؟ قال التقي : لا ، والأقرب النقص ، وهو مذهب الأكثر ، وما هو قيل فيه أربعة أقوال :

الأول : شي‌ء مطلقا ، قاله الشيخ وتلميذه ، لرواية محمد بن جزك بالجيم المفتوحة والزاي المشددة والكاف أخيرا ، قال : كتبت الى أبي عبد الله عليه‌السلام أسأله عن رجل تزوج جارية بكرا فوجدها ثيبا ، هل يجب لها الصداق وافيا أم ينقص؟ فقال : ينقص (١). ولا بد من إضمار شي‌ء.

الثاني : أنه السدس ، ذهب إليه الراوندي ، كما في الوصية.

الثالث : قال ابن إدريس : ينقص من المسمى مثل ما بين مهر البكر الى مهر الثيب.

الرابع : الرجوع في تقدير النقص الى تقدير الحاكم ، قال المصنف في نكت النهاية ، وهو المعتمد.

وتحقيق البحث في هذه المسألة مستوفاة في المهذب.

النظر الثاني

( في المهور )

قال طاب ثراه : أما لو جعلت المهر استئجاره مدة ، فقولان ، أشبههما : الجواز.

أقول : إذا جعلت (٢) المهر عملا مضمونا في ذمة الزوج جاز قطعا ، وان

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٧ ـ ٣٦٣ ، ح ٣٥.

(٢) في « ق » : جعل.

٢٥٦

جعل المهر منافع الزوج مدة معينة هل يجوز أم لا؟ قال في النهاية (١) : لا ، وتبعه القاضي في الكامل. وقال المفيد وتلميذه : نعم ، وبه قال ابن حمزة وأبو علي وابن إدريس والكيدري ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد. وللقاضي في المهذب (٢) قولان.

قال طاب ثراه : ولا تقدير للمهر في القلة ، ولا في الكثرة على الأشبه.

أقول : عدم التقدير مذهب الشيخين والتقي والحسن والقاضي وابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد. وقال المرتضى : لا يتجاوز بالمهر خمسمائة درهم ، فما زاد على ذلك رد الى هذه السنة.

قال طاب ثراه : ولا يجوز عقد المسلم على الخمر ، ولو عقد صح ولها مع الدخول مهر المثل. وقيل : يبطل العقد.

أقول : هنا مسألتان.

الأولى : إذا عقد المسلم على خمرا وخنزير ، صح العقد عند الشيخ في في الكتابين ، وبه قال ابن حمزة وأبو علي وابن زهرة ، وبطل عند الشيخين في النهاية (٣) والمقنعة ، واختاره القاضي والتقي.

الثانية : على القولين بصحة العقد ماذا يجب؟ قال في الخلاف : مهر المثل ، واختاره ابن حمزة ، وهو ظاهر ابن إدريس ، واختاره المصنف ، وهو المعتمد.وقال في موضع من المبسوط : لها القيمة عند مستحليه ، ويتفرع على ذلك طلاقه قبل الدخول ، فيجب نصف مهر المثل على الأول ، ونصف القيمة على الثاني.

قال طاب ثراه : ولو مات الحاكم ، فالمروي (٤) لها المتعة.

__________________

(١) النهاية ص ٤٦٩.

(٢) المهذب ٢ ـ ٢٠١.

(٣) النهاية ص ٤٦٩.

(٤) في المختصر المطبوع : ولو مات الحاكم قبل الدخول وقبل الحكم فالمروي.

٢٥٧

أقول : التفويض قسمان :

الأول : تفويض البضع ، وهو تراضي الزوجين بإيقاع العقد من غير مهر : اما باغفاله ، أو باشتراط سقوطه ، وهو العقد لا يوجب شيئا في ابتدائه.

ثم لا يخلو : اما أن يتفق الزوجان على فرضه ، فيثبت ما فرضاه ، ويتعين مع الدخول والموت ونصفه مع الطلاق ، وان لم يحصل فرض وجب بالطلاق المتعة ، وبالدخول مهر المثل ، ولا شي‌ء مع الموت ، ولو اتفقا على فرضه بعد الدخول وتعيينه ، صح ولزم ما عيناه ، زاد عن مهر المثل أو نقص.

الثاني : تفويض المهر ، وهو أن يذكر على الجملة ، وتفوض تقديره إلى أحدهما ، والحكم في هذا القسم أن يلزم من اليه الحكم بالفرض ، ويثبت ما يحكم به ان كان هو الزوج وكذا الزوجة ، ما لم تزد في الحكم على السنة فترد إليها ، ويستقر بالدخول وينتصف بالطلاق ، وكذا لو حصل الطلاق قبل الفرض ألزم الحاكم بتعيينه.

ولو مات الحاكم قبل الفرض ، فان كان بعد الدخول فمهر المثل ، وان كان قبله فالمتعة عند الشيخ في النهاية (١) والصدوق في المقنع والقاضي وابن حمزة ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد ، ولا شي‌ء عند ابن إدريس ، ومهر المثل عند العلامة في القواعد وحكاه في المبسوط (٢) قولا.

قال طاب ثراه : تملك المرأة المهر بالعقد ، وينتصف بالطلاق ، ويستقر بالدخول ، وهو الوطي قبلا أو دبرا ، ولا يستقر بمجرد الخلوة على الأشهر.

أقول : المشهور بين الأصحاب أن المرأة تملك مجموع المهر بالعقد ملكا متزلزلا ، ويستقر بالدخول أو الموت وبالطلاق ، وقبل ذلك يتجدد ملك الزوج للنصف ، وهو المعتمد.

__________________

(١) النهاية ص ٤٧٢.

(٢) المبسوط ٤ ـ ٢٩٧.

٢٥٨

وقال أبو علي : يجب النصف بالعقد ، والنصف بالدخول.

وتظهر فائدة الخلاف في مسائل ذكرناها في الكتاب الكبير.

إذا عرفت هذا : فالدخول المقرر للمهر ما هو قبل الوطي قبلا أو دبرا ، والقول قول الزوج مع يمينه في عدمه وان حصلت الخلوة ، حكاه الشيخ في الكتابين ، قال : وهو الظاهر في روايات أصحابنا ، واختاره المصنف والعلامة في أكثر كتبه وفخر المحققين ، لأصالة براءة الذمة.

وان كانت الخلوة تامة ، ويعني بها إرخاء الستر أو إغلاق الباب مع عدم حصول مانع ، كالجب في الرجل ، والقرن في المرأة ، بل يجب المهر في الظاهر ، عملا بشاهد حال الصحيح.

ويجب على الحاكم القضاء للمرأة مع يمينها ، ولا تستبيح في الباطن أكثر من النصف ان لم يكن حصل دخول ، وهو الحق ، وهو فتوى الجليل ابن أبي عمير ، واستحسنه الشيخ ، وأفتى به ، وبه قال ابن حمزة وابن الجنيد ، وعليه أكثر المتقدمين.

وحكى الشيخ في الكتابين عن بعض الأصحاب الاكتفاء بمجرد الخلوة في التقرير (١) في نفس الأمر ، وشرط أبو علي حصول الانزال بالنظر أو القبلة واللمس أيها حصل التلذذ به ، وجب على الزوج كمال المهر.

واستقصاء البحث في هذه المسألة مذكور في المهذب.

قال طاب ثراه : وقيل : إذا لم يسم مهرا وقدم لها شيئا قبل الدخول ، كان ذلك مهرا ما لم يشترط غيره.

أقول : هذا القول هو المشهور ، وعليه الشيخان وتلميذهما ، وادعى ابن إدريس عليه الإجماع ، وتوقف المصنف.

__________________

(١) في « س » : التقدير.

٢٥٩

ووجهه : أن مقتضى الأصل وجوب مهر المثل مع الدخول ، أو ما تراضيا عليه ، والمدفوع قبل الدخول قد يرضى به مهرا وقد لا يرضى ، فعدم مشارطتها على غيره لا يدل على الرضا به ، لجواز مطالبتها بالباقي ، أو اعتقاد كونه هبة ومعونة ، ومن النظر الى فتوى الأصحاب ، والنصوص بذلك.

وفصل العلامة فقال : قد كان في الزمان الأول لا يدخل الرجل حتى يقدم المهر ، والعادة الان بخلاف ذلك ، فلعل منشأ الحكم هو العادة.

فنقول : إذا كانت العادة في بعض الأزمان أو الأصقاع كالعادة في القديم ، كان الحكم ما تقدم. وان كانت العادة كالعادة الان ، فان القول قولها ، هذا آخر كلامه ، وهو حسن.

قال طاب ثراه : لو أمهرها مدبرة ثم طلق صارت بينهما نصفين ، وقيل : يبطل التدبير بجعلها مهرا ، وهو أشبه.

أقول : يريد لو أمهرها مدبرة ، هل يبطل التدبير بجعلها مهرا؟ فلو طلق عاد اليه نصفها وكان طلقا ، أو يكون التدبير باقيا بعد الامهار ، ويكون الامهار منصرفا إلى الخدمة فتتحرر بموته؟

الأول مذهب الأكثر ، لأن التدبير بمنزلة الوصية ، وهي تبطل بمثل ذلك.والثاني مذهب الشيخ وتلميذه ، وهو بناء على أن التدبير لا يبطل الا بصريح الرجوع ، والأول هو المعتمد.

قال طاب ثراه : أما لو شرطت ألا يفتضها صح ، ولو أذنت بعد ذلك جاز ، ومنهم من خص جواز الشرط بالمتعة.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية (١) إلى صحة هذا الشرط والعقد ، والقاضي أبطل الشرط خاصة ، واختاره فخر المحققين ، وفي المبسوط (٢) أبطل العقد والشرط

__________________

(١) النهاية ص ٤٧٤.

(٢) المبسوط ٤ ـ ٣١٨.

٢٦٠