الشيخ ابن فهد الحلّي
المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٩
المرأة وقد بلغت المحيض ، فإنه إذا جاءها الدم قبل انقضاء ثلاثة الأشهر بيوم بطل الاعتداد بالأشهر ، واحتسبت بالماضي قروءا ، وافتقرت بعده الى قرئين كاملين وتبين برؤية الدم الثالث.
وقد ينعكس بان تبتدئ العدة بالحيض ، ثم تصير من ذوات الشهور ، كما لو كانت معتدة بالأقراء ثم انقطع : اما لعارض ، أو غير عارض ، فان لم يكن لعارض بل كان طبعيا ، كما لو بلغت اليأس ، عوضت عن كل قرء وبقي من العدة بشهر ، فان كان الماضي قروءا أكملت شهرين ، وان كانت بقرئين أكملت شهر.
وان كان لعارض فاما : أن يكون معلوما ، أو غير معلوم ، فان كان معلوما ، كالحمل والرضاع ، انتظرت الأقراء ولم يجز لها الاعتداد الا بها وان طالت مدتها وان لم يكن معلوما ، صبرت تسعة أشهر ، لأنها أقصى مدة الحمل ، فان ظهر فيها حمل اعتدت بوضعه ، وان لم يظهر علم براءة الرحم ، واعتدت بعدها بثلاثة أشهر ، لأن التربص السابق لم يكن عدة.
وانما اعتبرناه لتعلم أنها ليست من ذوات الأقراء ، فإذا علم ذلك بمضي مدة الحمل ، ولم يكن حمل ولا رضاع ولا بلغت اليأس ، تحققت الريبة ، فعليها الاعتداد بالأشهر هذا هو المعتمد ، وهو مذهب المصنف والعلامة.
ولا فرق بين أن يكون المحتبس الدم الثاني أو الثالث ، وقال الشيخ في النهاية (١) : ان كان المحتبس الدم الثاني أجزأت التسعة ، وان كان الثالث صبرت سنة ، وتبعه القاضي وابن حمزة.
وذهب بعض الأصحاب إلى أنها تصبر سنة ، بناءا على أن أقصى مدة الحمل سنة ، لرواية عمار الساباطي ، قال : سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن رجل عنده امرأة شابة وهي تحيض في كل شهرين أو ثلاثة أشهر حيضة واحدة كيف يطلقها زوجها؟قال : أمر هذه شديد ، هذه تطلق طلاق السنة تطليقة واحدة من غير جماع بشهود ، ثم
__________________
(١) النهاية ص ٥٣٣.
يتركها حتى تحيض ثلاث حيض متى ما حاضتها ، فقد انقضت عدتها ، قلت : فان مضت سنة ولم تحض فيها ثلاث حيض ، قال : تتربص بها بعد السنة ثلاثة أشهر ثم انقضت عدتها ، قلت : فان ماتت أو مات زوجها ، قال : فأيهما مات ورثه صاحبه ما بينه وبين خمسة عشر شهرا (١).
قال المصنف في الشرائع : ونزلها الشيخ على احتباس الدم الثالث ، وهو تحكم (٢).
واعترضه فخر المحققين بأن الرواية مطلقة ، ليس فيها ما ينافيه ، والأدلة غيرها ينفي ما عدا هذا التأويل فينزل عليه ، ولان التحكم القول من غير دليل ، وإبطال دلالة أمر معين ، وعدم الوقوف على غيره لا يوجب الحكم بالبطلان ، فان عدم وجدان واحد لا يدل على العدم هذا آخر كلامه.
وحاصله : أن نسبة التحكم الى الشيخ غير متوجه ، لأن الرواية مطلقة ، وحملها على هذا التأويل لا ينافيها ، وغير هذه الرواية من الأدلة ينفي غير هذا التأويل ، وجاز أن يكون الشيخ قد ظفر بدليل يوجب هذا الحمل ، وعدم ظفر واحد من الفقهاء بهذا الدليل لا يوجب عدم الدليل ، لجواز ظفر غيره به ، وإبطال دلالة أمر معين كإبطال دلالة هذه الرواية على هذا الحمل ، وعدم الوقوف على دليل يوجب هذا الحمل لا يوجب الحكم ببطلانه ، لان عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.
قلت : وللمصنف أن يقول : لما كانت الرواية لا دلالة فيها على ذلك ، ولم يظهر حكمه يوجب تغير الحكم بالفرق بين احتباس الدم الثاني أو الثالث كان على من أثبت الفرق الدلالة أولا وبيانها ثانيا لينظر فيها هل تصلح للدلالة أو لا ،
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٨ ـ ١١٩ ، ح ٩.
(٢) شرائع الإسلام ٣ ـ ٣٦.
وعلى تقدير صلوحها هل تسلم عن المعارض أولا؟ ومع عدم بيان الدليل تصريحا أو تلويحا يكون لا جرم تحكما.
فرع :
إذا علم فراغ الرحم بالاستبراء مدة السعة أو السنة ، واعتدت بعدها بثلاثة أشهر ، فان لم تر في الثلاثة دما ، حكم بانقضاء عدتها ، وحل لها التزويج عند انقضائها. وان رأت الدم فيها ، بطل اعتدادها بالأشهر ، لأنا بينا أنها من ذوات الأقراء ، فيلزمها الاعتداد بها وان طالت مدتها ، هذا مذهب الشيخ في المبسوط (١) وقال الشهيد : تبني على ما بعد الطلاق ، فيكفيها تمام ثلاثة أقراء.
قال طاب ثراه : ولا عدة على الصغيرة ولا اليائسة على الأشهر.
أقول : تقدم البحث في هذه المسألة.
قال طاب ثراه : وفي حد اليأس روايتان ، أشهرهما : خمسون سنة.
أقول : روى محمد بن يعقوب عن محمد بن أحمد بن أبي نصر عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام المرأة التي قد يئست من المحيض حدها خمسون سنة ، قال :وروي ستون (٢).
وروى الشيخ في الصحيح عن محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة الا أن يكون امرأة من قريش (٣).
وقال في المبسوط : وحد اليأس خمسون ، وفي القرشية روي أنها ترى الدم
__________________
(١) المبسوط ٥ ـ ٢٣٧.
(٢) فروع الكافي ٣ ـ ١٠٧ ، ح ٢.
(٣) فروع الكافي ٣ ـ ١٠٧ ، ح ٣ والتهذيب ١ ـ ٣٩٧ ، ح ٥٩.
الى ستين ، والحق في غيره النبطية بالقرشية في البلوغ الى ستين ، واحتج العلامة في المختلف الى تحديده بالستين مطلقا ، واختاره في منتهى المطلب ، وفي النهاية حده بخمسين مطلقا ، والتفصيل رواه الصدوق في كتابه ، واختاره العلامة في أكثر كتبه.
قال طاب ثراه : ولو وضعت توأما بانت به على تردد.
أقول : يريد إذا كانت المرأة حاملا بأكثر من واحد ووضعت واحد هل تبين به؟ قال في النهاية (١) نعم ، وتبعه القاضي وابن حمزة ، وقال في كتابي الفروع : لا تبين الا بوضع الجميع ، واختاره ابن إدريس والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد.
قال طاب ثراه : وان خرجت ولم تتزوج فقولان.
أقول : ذهب الشيخ في النهاية (٢) والخلاف الى كون الزوج أولى بها ، وذهب المفيد وتلميذه وابن إدريس إلى أنها أولى بنفسها ، وقواه في المبسوط (٣) ، واختاره المصنف والعلامة.
تنبيه :
أطلق الشيخان والقاضي وابن إدريس القول بالاعتداد بعد مدة البحث بعدة الوفاة ، ثم تحل للأزواج ، ولم يذكروا الطلاق ، وتابعهم المصنف والعلامة في الإرشاد.
وقال أبو علي : يأمر السلطان الولي بالطلاق ، فان لم يطلق أمرها الحاكم
__________________
(١) النهاية ص ٥٣٤.
(٢) النهاية ص ٥٣٨.
(٣) المبسوط ٥ ـ ٢٧٨.
بالعدة. وقال الصدوق : يطلق الحاكم مع امتناع الولي بعد أمره به ، واختاره ابن حمزة والعلامة في المختلف والقواعد وفخر المحققين ، وهو المعتمد ، لصحيحة بريد بن معاوية (١) ، ولأنه أحوط.
قال طاب ثراه : عدة الأمة في الطلاق قرءان ، وهما طهران على الأشهر.
أقول : قد تقدم البحث في تفسير القرء.
قال طاب ثراه : وعدة الذمية كالحرة في الطلاق والوفاة على الأشبه.
أقول : نقل المصنف والعلامة عن بعض الأصحاب أن الذمية كالأمة في الاعتداد للوفاة بشهرين وخمسة أيام ، والأكثر على أنها كالحرة ، وهو المعتمد.
قال طاب ثراه : وقيل : أدناه أن تؤذي أهله.
أقول : لا يجوز للزوجة أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه ، فدل على أن الحق له. روي أن رجلا سافر ، فنهى زوجته عن الخروج من الدار ، فمرض أبوها ، فاستأذنت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله لها : اتقي الله وأطيعي الزوج ، فمات أبوها ، فأوحى الله تعالى إلى النبي صلىاللهعليهوآله أنه قد غفر لأبيها بطاعتها لزوجها (٢).
ولا يجوز لها في العدة الرجعية الخروج ولا باذنه ، بل ولا يجوز له أن يأذن لها ، فدل على أن الحق هنا لله تعالى ، قال جل جلاله ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) (٣).
واختلف في أدنى ما تخرج له من المنزل الذي طلقت فيه ، فمذهب الشيخ في الكتابين أن تؤذي أهل الرجل ، وهو في رواية علي بن جعفر (٤) ، واختاره
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٧ ـ ٤٧٩ ، ح ١٣٠.
(٢) فروع الكافي ٥ ـ ٥١٣ ، ح ١.
(٣) سورة الطلاق : ١.
(٤) راجع تهذيب الأحكام ٨ ـ ١٣٢.
المصنف والعلامة ، وهو المروي عن ابن عباس ، ومذهب المفيد أن تزني ، فتخرج ليقام عليها الحد ، ثم ترد الى موضعها ، وتبعه الشيخ في النهاية (١) وابن إدريس ، وهو المروي عن ابن مسعود ، ونقل عن التقي جواز إخراجها بأي الأمرين حصل ، وهو اختيار المصنف في الشرائع (٢) وهو المعتمد.
__________________
(١) النهاية ص ٥٣٤.
(٢) شرائع الإسلام ٣ ـ ٤٢.
كتاب الخلع
قال طاب ثراه : وهل يقع بمجرده؟ قال علم الهدى : نعم ، وقال الشيخ : لا حتى يتبع بالطلاق.
أقول : ذهب السيد الى وقوع الفرقة بمجرد الخلع من غير احتياج الى التلفظ بالطلاق ، وهو مذهب أبي علي وظاهر الحسن والصدوق والمفيد وتلميذه وابن حمزة والعلامة في المختلف وفخر المحققين ، وهو ظاهر المصنف ، وهو المعتمد ، وقال الشيخ : لا بد من اتباعه بلفظ الطلاق ، واختاره القاضي في المهذب (١) وابن إدريس ، وهو ظاهر التقي.
قال طاب ثراه : لو تجرد كان طلاقا عند المرتضى ، وفسخا عند الشيخ لو قال بوقوعه مجردا.
أقول : على القول بوقوع الفرقة بمجرد لفظ الخلع هل يكون طلاقا ، بمعنى أنه يعد في الثلث أو فسخا ، فالمرتضى وأبو علي على الأول ، واختاره العلامة وفخر المحققين ، وهو المعتمد ، والشيخ على الثاني قال ولو قلنا بوقوعه مجردا كان الاولى أنه فسخ.
__________________
(١) المهذب ٢ ـ ٢٦٧.
وفي هذا الباب تحقيقات وفروع استقصيناها في الكتاب الكبير.
قال طاب ثراه : ويشترط اتباعها بالطلاق على قول الأكثر.
أقول : ادعى الشيخ الإجماع على افتقار المبارأة الى التلفظ بالطلاق وكذا المصنف في الشرائع (١) ، وقوله هنا يشعر بوجود مخالف ، ولعله منقرض ، نعم روى الشيخ في الاستبصار عن حمران قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : ان المباراة تبين من ساعتها من غير طلاق ولا ميراث بينهما ، لأن العصمة قد بانت ساعة كان ذلك منها ومن الزوج (٢).
__________________
(١) شرائع الإسلام ٣ ـ ٥٨.
(٢) الاستبصار ٣ ـ ٣١٩ ، ح ٣.
كتاب الظهار
قال طاب ثراه : ولو قال كشعر أمي أو يدها لم يقع. وقيل يقع برواية فيها ضعف.
أقول : بالوقوع قال الشيخ في المبسوط (١) وتبعه القاضي في المهذب (٢) وابن حمزة. وبعدمه قال المرتضى وابن زهرة وابن إدريس ، وهو ظاهر المفيد واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.
قال طاب ثراه : وفي صحته مع الشرط روايتان ، أشهرهما : الصحة.
أقول : المشهور وقوع الظهار مع الشرط ، وهو مذهب الشيخ في الكتب الثلاثة ، والصدوق في المقنع (٣) وابن حمزة والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد.
وذهب السيد في الانتصار (٤) والقاضي وسلار وابن زهرة الى عدم الوقوع ، وهو ظاهر أبي علي.
__________________
(١) المبسوط ٥ ـ ١٤٩.
(٢) المهذب ٢ ـ ٢٩٨.
(٣) المقنع ص ١١٨.
(٤) الانتصار ص ١٤١.
ومعنى الشرط أن تقول : أنت علي كظهر أمي ان قدم زيد.
ومعنى الصفة أن تعلقه بما لا بد من وقوعه ، كقوله أنت علي كظهر أمي ان جاء رأس الشهر ، أو إذا احمر البسر ومعنى اليمين أن تقول : أنت علي كظهر أمي إن فعلت كذا ، فصورة اليمين صورة الشرط ، وانما يمتاز أحدهما عن الأخر بأمرين :
الأول : أن اليمين لا يكون الا متعلقة بفعل المتكلم ، والشرط قد يتعلق بفعل المتكلم ، وقد لا يتعلق بفعله كقدوم زيد.
الثاني : أن اليمين يكون المقصود فيها نقيض الشرط ، فيلزم نفسه بمحذور الظهار ان وجد الشرط ، كما يلزم الحالف نفسه باليمين ، حذرا من لزوم الكفارة ، والشرط يكون المقصود فيه مجرد التعليق ، أي : بتعلق غرضه بتعلق الظهار عند حصول الشرط ، فعندنا لا يقع يمينا ، لقوله عليهالسلام : من كان حالفا فليحلف بالله (١).وكذا لا يقع معلقا على الصفة على القول الأظهر ، لعدم النص عليه.
قال طاب ثراه : وفي اشتراط الدخول قولان (٢) ، المروي اشتراطه.
أقول : اشتراط الدخول في وقوع الظهار مذهب الصدوق والشيخ في الثلاثة ، وهو ظاهر القاضي وأبي علي ، واختاره العلامة في المختلف ، وهو المعتمد ، ولم يشرطه المفيد وتلميذه وابن زهرة وابن إدريس ، ونقله عن السيد ، واختاره فخر المحققين.
قال طاب ثراه : وفي وقوعه بالمتمتع بها قولان ، أشبههما : الوقوع. وكذا الموطوءة بالملك ، والمروي أنها كالحرة.
أقول : هنا مسألتان :
__________________
(١) عوالي اللئالى ٢ ـ ٣١٢ و ١ ـ ٤٤٥ و ٣ ـ ٤٤٤.
(٢) في المختصر المطبوع : تردد.
الاولى : المتمتع بها هل يقع بها الظهار؟ قال المرتضى وابن زهرة والتقي : نعم ، واختاره المصنف والعلامة في القواعد والمختلف ، وهو المعتمد ، وقال الصدوق وأبو علي : لا يقع ، واختاره ابن إدريس.
الثانية : الموطوءة بالملك هل يقع بها الظهار؟ قال في النهاية (١) والخلاف : نعم ، وبه قال الحسن وابن حمزة ، واختاره العلامة. وقال الصدوق والمفيد وتلميذه والتقي والقاضي وابن إدريس ونقله عن المرتضى : لا يقع. والأول أرجح.
قال طاب ثراه : والأقرب أنه لا استقرار لوجوبها.
أقول : يريد أن الإنسان إذا ظاهر ثم أراد الوطي ، وجب عليه الكفارة ، لقوله تعالى ( ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا ) (٢) والعود هو إرادة الوطي.
وهل يستقر بمجرد هذه الإرادة؟ بمعنى أنها تعلقت بذمته أولا ، بل معنى الوجوب تحريم الوطي حتى يكفر؟ المصنف على الثاني ، واختاره العلامة في القواعد والتلخيص ، ويحيى بن سعيد على الأول ، واختاره العلامة في التحرير ، وتظهر الفائدة في مسائل ذكرناها في المهذب.
قال طاب ثراه : ولو راجع (٣) في العدة لم تحل حتى يكفر ، ولو خرجت فاستأنف النكاح ، فيه روايتان ، أشهرهما : أنه لا كفارة.
أقول : المعتمد هنا سقوط الكفارة ، لأن التحريم كان في العقد الأول وقد زال ، والأصل الحل وبراءة الذمة ، وهو مذهب الشيخ وابن زهرة وابن إدريس والمصنف والعلامة.
__________________
(١) النهاية ص ٥٢٧.
(٢) سورة المجادلة : ٣.
(٣) في المختصر المطبوع : لو طلقها وراجع.
وذهب التقي وسلار الى بقاء الظهار ووجوب الكفارة.
وفصل ابن حمزة وأوجب الكفارة إن جدد العقد في العدة في صورة كون الطلاق بائنا ، وأسقطها ان كان التجديد بعد العدة.
قال طاب ثراه : ولو ظاهر من أربع بلفظ واحد ، لزمه أربع كفارات ، وفي رواية كفارة واحدة وكذا البحث لو كرر ظهار الواحدة.
أقول : هنا مسألتان :
الاولى : لو ظاهر من أربع بلفظ واحد ، كقوله أنتن علي كظهر أمي ، وجب عليه لكل واحدة كفارة ، كما لو ظاهر منها بانفرادها ، قاله الشيخان والتقي والقاضي وابن إدريس ، وهو المعتمد.
وقال أبو علي : عليه كفارة واحدة ، واحتج برواية غياث بن إبراهيم عن الصادق عن الباقر عن علي عليهمالسلام في رجل ظاهر من أربع نسوة ، قال : عليه كفارة واحدة (١).
الثانية : لو كرر ظهار الواحدة تعددت الكفارة عليه بحسب تعدد المراتب مطلقا ، أي : سواء كان الثاني متراخيا عن الأول أولا ، وسواء كان المشية بها في الثاني مخالفة للأولى أولا ، وهو إطلاق الحسن ، والشيخ في النهاية (٢) واختاره المصنف والعلامة.
وعند ابن حمزة تتعدد الكفارة مع تراخي الثاني عن الأول ، ومع تناوله ان قصد بالثاني ظهارا مستأنفا ، وان قصد به الأول لم تتعدد ، وعند أبي علي تتعدد الكفارة إن تعددت المشبهة بها ، كما لو قال : أنت علي كظهر أمي أنت علي كظهر أختي.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٨ ـ ٢١ ـ ٢٢.
(٢) النهاية ص ٥٢٦.
قال طاب ثراه : ولو علقه بشرط لم تحرم حتى يحصل الشرط. وقال بعض الأصحاب : أو يواقع ، وهو بعيد ، ويقرب إذا كان الوطء هو الشرط.
أقول : إذا كان الظهار معلقا على شرط ، لم يتحقق الظهار الا عند حصول شرطه ، قضية للتعليق. وقال الشيخ في النهاية (١) : أو يواقع ، فمتى واقع كان عليه كفارة واحدة.
واستبعده المصنف ، ووجهه : كون المشروط عدم عند عدم شرطه ، فلم يحصل الموجب للتحريم ، والأصل بقاء الحل وبراءة الذمة ، وهو المعتمد.
قال : ويقرب إذا كان الشرط هو الوطء ، لوجوب المشروط عند حصول الشرط.
وهل تجب الكفارة بهذا الشرط؟ قال الشيخ : نعم ، بناءا على أن الاستمرار وطئ ثان ، وهو ضعيف ، لان الوطء من ابتدائه إلى النزع عرفا واحد ، والإطلاق انما يحمل على المتعارف ، والمشروط انما يتحقق بعد وقوع شرطه لا قبله.
قال طاب ثراه إذا عجز عن الكفارة ، قيل : يحرم وطؤها حتى يكفر. وقيل : يجزيه الاستغفار. وهو أشبه.
أقول : قال المفيد : إذا عجز عن الكفارة منع من وطئها حتى يؤدي الواجب وهو مذهب أبي علي ، وقال الصدوقان : ان لم يجد يصدق بما يطيق.
وقال في الاستبصار (٢) : يستغفر الله ويطأ زوجته ، وتكون الكفارة في ذمته ، إذا قدر عليها كفر. وقال ابن إدريس : إذا عجز عن الخصال انتقل فرضه الى الاستغفار ويحل الوطء ولا شيء عليه لو قدر بعد ذلك ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.
__________________
(١) النهاية ص ٥٢٥.
(٢) الاستبصار ٣ ـ ٢٦٦.
كتاب الإيلاء
قال طاب ثراه : وفي وقوعه بالمتمتع بها قولان ، المروي أنه لا يقع.
أقول : منع الحسن والسيد والشيخ وابن إدريس من وقوعه بالمتمتع بها ، وهو المعتمد ، واختاره المصنف والعلامة. ونقل عن المفيد وقوعه ، وهو مذهب التقي.
قال طاب ثراه : وهل يشترط في ضرب المدة المرافعة؟ قال الشيخ : نعم ، والروايات مطلقة.
أقول : المشهور أن ضرب المدة بعد المرافعة ، وهو مذهب الشيخين والقاضي وابن حمزة والتقي وابن إدريس والمصنف والعلامة في أحد قوليه ، وهو المعتمد.
وقال القديمان : مدة الأربعة محسوبة عليه من حين الإيلاء ، واختاره العلامة في المختلف ، والروايات تساعده ، وهو قوي.
ذكر الكفارات :
قال طاب ثراه : وكفارة خلف العهد على التردد.
أقول : ذهب الشيخ الى أن كفارة خلف العهد كفارة رمضان كبرى مخيرة ، وتبعه القاضي وابن حمزة والتقي ، واختاره العلامة وفخر المحققين. ونقل عن المفيد أنها مرتبة.
قال طاب ثراه : وأما كفارة خلف النذر ، فقولان (١) ، أشبههما : أنها صغيرة.
أقول : ذهب الشيخ الى أن كفارة خلف النذر كرمضان كبرى مخيرة ، وتبعه القاضي وابن حمزة والتقي ، ونقل عن المفيد واختاره العلامة وفخر المحققين ، وهو المعتمد.
وقال سلار : انها كبرى مرتبة ، وذهب الصدوق إلى أنها كفارة يمين ، ونقل ابن إدريس عن السيد المرتضى في المسائل الموصلية أن كونها كبرى ان كان النذر للصوم ، وكفارة اليمين ان كان لغيره.
قال طاب ثراه : قيل : من حلف بالبراءة لزمه كفارة ظهار إلخ.
أقول : هنا مسائل :
الأولى : الحلف البراءة من الله أو الرسول والأئمة عليهمالسلام حرام ، ولا تجب به كفارة عند الشيخ في كتابي (٢) الفروع ، وبه قال ابن إدريس والمصنف والعلامة وفخر المحققين ، وأوجبها المفيد وتلميذه ، والشيخ في باب الكفارات من النهاية (٣).
ثم اختلفوا في تقديرها ، فالشيخ في النهاية والقاضي أنها كفارة ظهار ، وان عجز فكفارة يمين ، وابن حمزة أنها كفارة النذر.
وقال العلامة في المختلف : يطعم عشرة مساكين لكل مسكين مد ويستغفر الله
__________________
(١) في المختصر المطبوع : ففيه قولان.
(٢) في « س » : كتاب.
(٣) النهاية ص ٥٧٠.
وهو حسن.
تنبيه :
رتب المفيد وتلميذه وجوب الكفارة على المخالفة ، ورتبها الصدوق على مجرد القول ، وهو يقتضي إلزامه بالكفارة معجلا ، وان لم يترتب عليه حنث ، وكذا الشيخ في النهاية والقاضي والتقي.
وهل يترتب الحكم على الحلف بكل واحد من الثلاثة أو لا بد من المجموع؟صرح الشيخ بالأول ، وهو أقرب ، وسلار رتب الحكم على المجموع.
الثانية : من تزوج امرأة في عدتها ، فارق ووجب عليه الكفارة خمسة أصوع من دقيق ، قال ابن حمزة والعلامة في المختلف والقواعد وفخر المحققين في الإيضاح ، وهو المعتمد. وقال ابن إدريس باستحبابها ، واختاره المصنف.
الثالثة : من نام عن العشاء الآخرة حتى تجاوز (١) نصف الليل ، وجب قضاؤها وعليه التكفير بصيام اليوم الذي يصح فيه ، قاله السيد والتقي وأطلق الشيخ في النهاية (٢) وكثير من الأصحاب صومه ذلك اليوم ، ولم يصرحوا بالوجوب أو الندب ، وصرح ابن إدريس بالاستحباب ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.
الرابعة : في جز المرأة شعرها في المصاب الإثم وكفارة كبرى مترتبة عند أبي يعلى وابن إدريس ، وأسنده الى بعض الأصحاب ، وهو يشعر بتردده في كونها مرتبة أو مخيرة ، وجعلها القاضي مخيرة.
__________________
(١) في « ق » : جاوز.
(٢) النهاية ص ٥٧٢.
واستحبها المصنف في الشرائع (١) ، واختاره فخر المحققين ، ولا أعرف لهما موافقا سوى ما نقله المصنف في الشرائع. والأقرب وجوبها كبرى مخيرة ، لرواية محمد بن عيسى (٢) ، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير.
الخامسة : من نذر صوم يوم معين ، فعجز عن صومه قال في النهاية (٣) تصدق عنه بمدين ، وبه قال المصنف في باب الكفارات من كتابيه ، وزاد فان عجز استغفر الله ، وظاهر الشرائع (٤) في باب النذر السقوط.
وقال المفيد بوجوب قضائه ، واختاره العلامة في المختلف.
وفصل ابن إدريس ، فأوجب الصدقة مع العجز اللازم ، كالكبر والعطاش الذي لا يرجى برؤه ، والقضاء مع العارض كالحمى ، وهو حسن.
السادسة : في نتف الشعر وخدش الوجه كفارة يمين ، وهو إجماع.
السابعة : في شق الثوب على الولد والزوجة كفارة يمين عند الأكثر ، ولا شيء عند ابن إدريس ، والأول هو المعتمد.
وهنا فروع وتحقيقات ذكرناها في الجامع ، فلتطلب من هناك.
قال طاب ثراه : وهل يجزي المدبر؟ قال في النهاية : لا ، وفي غيرها بالجواز وهو أشبه.
أقول : يريد أن المدبر قبل نقض تدبيره هل يجزي في الكفارة؟ قال الشيخ في النهاية (٥) لا ، وتبعه القاضي ، وقال ابن إدريس : يجزي ويكون نقضا للتدبير واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.
__________________
(١) شرائع الإسلام ٣ ـ ٦٨.
(٢) تهذيب الأحكام ٨ ـ ٣٢٥ ، ح ٢٣.
(٣) النهاية ص ٥٧١.
(٤) شرائع الإسلام ٣ ـ ١٨٨.
(٥) النهاية ص ٥٦٩.
قال طاب ثراه : ويجب إطعام العدد لكل واحد مد من طعام ، وقيل : مدان مع القدرة.
أقول : الأول مذهب ابني بابويه والمفيد وتلميذه والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد ، والثاني مذهب الشيخ في كتبه الثلاثة.
قال طاب ثراه : كسوة الفقير ثوبان مع القدرة ، وفي رواية يجزي الثوب الواحد.
أقول : مستند الأول ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام كفارة اليمين يطعم عشرة مساكين لكل مسكين مد من حنطة أو دقيق أو كسوتهم كل إنسان ثوبان أو عتق رقبة ، وهو في ذلك بالخيار ، فان لم يقدر فالصيام ثلاثة أيام (١). وبمضمونها قال الصدوق والمفيد وتلميذه وابن حمزة.
ومستند الثاني رواية أبي بصير قال سألت أبا جعفر عليهالسلام الى ان قال فقلت :كسوتهم؟ قال : ثوب واحد (٢). وهو مذهب الفقيه ، واختاره الشيخ في المبسوط (٣) وابن إدريس والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد.
وهنا مباحث ذكرناها في الكتاب الكبير.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٨ ـ ٢٩٥ ، ح ٨٣.
(٢) تهذيب الأحكام ٨ ـ ٢٩٦ ، ح ٨٧.
(٣) المبسوط ٦ ـ ٢١١.
كتاب اللعان
قال طاب ثراه : وفي لعان الكافر قولان ، أشبههما : الجواز.
أقول : إذا كان أحد الزوجين مسلما ، أو كانا معا ذميين ، وترافعا إلينا ، هل يلاعن بينهما الحاكم أم لا؟ بالأول قال الشيخ في النهاية (١) مطلقا ، وبه قال الصدوق والقاضي والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد. وبالثاني مطلقا قال المفيد وتلميذه وأبو علي.
وفصل الشيخ في الاستبصار (٢) ، فقال : ان كان لنفي الولد ثبت اللعان لحرمة الولد ، وان كان لنفي الحد (٣) بالقذف لم يصح ووجب الحد.
قال طاب ثراه : وفي اعتبار الدخول قولان ، المروي أنه لا يقع قبله ، وقال ثالث بثبوته بالقذف دون نفي الولد.
أقول : اعتبار الدخول مذهب الشيخ في النهاية (٤) والقاضي وابن حمزة وابن
__________________
(١) النهاية ص ٥٢٣.
(٢) الإستبصار ٣ ـ ٣٧٥.
(٣) في « س » : الولد.
(٤) النهاية ص ٥٢٣.
زهرة ، وهو ظاهر أبي علي. وعدمه مذهب العلامة في القواعد ، وظاهر الإرشاد ونقل عن المفيد. والتفصيل مذهب ابن إدريس ، واختاره فخر المحققين ، فاستحسنه العلامة في المختلف ، وهو المعتمد.
قال طاب ثراه : ويثبت بين الحر والمملوكة ، وفيه رواية بالمنع ، وقول ثالث بالفرق.
أقول : ذهب الشيخ في الكتب الثلاثة إلى وقوع اللعان بين الحر والمملوكة المنكوحة بالعقد ، وهو مذهب أبي علي والصدوق والتقي ، ومنع منه المفيد وتلميذه.
وفرق ابن إدريس بين صنفي اللعان ، فأثبته إذا كان اللعان لتفي الولد لحرمته ولم يثبته في القذف ، واختاره فخر المحققين ، ووجهه الجمع بين القولين ، وهو حسن ، والروايات بالطرفين.
قال طاب ثراه : وفي سقوط الحد روايتان ، أشهرهما : السقوط.
أقول : إذا اعترف الأب بالولد بعد اللعان هل يحد للقذف؟ قال في النهاية (١) واختاره المصنف والعلامة في القواعد : لا ، وقال في المبسوط ، وبه قال المفيد والعلامة في القواعد وفخر المحققين في الإيضاح : نعم. والمعتمد الأول.
قال طاب ثراه : ولو اعترفت المرأة بعد اللعان ، لم يثبت الحد الا أن يقر أربعا.
أقول : وجوب الحد مذهب الشيخ في النهاية (٢) ، وتلميذه ، وقطب الدين الكيدري ، وابن إدريس ، ويحيى بن سعيد ، وهو ظاهر الإرشاد.
__________________
(١) النهاية ص ٥٢١.
(٢) النهاية ص ٥٢١ ـ ٥٢٢.