المقتصر

الشيخ ابن فهد الحلّي

المقتصر

المؤلف:

الشيخ ابن فهد الحلّي


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٩

فيجوز حينئذ أن تخرص ما فيها من التمرة على تقدير جفافه تمرا ، فيشتريها منه بذلك القدر ، فيحصل الجمع بين مراد البائع من تحصيل الثمرة ومراد المشتري من عدم دخول الغير الى ملكه.

وكذا يجوز أن يخرصها ويشتريها ، يخرصها رطبا من غير زيادة ولا نقصان ويشترط حلول العقد لا التقابض في المجلس.

ولو اعتبرت عند اللقاط أو الجداد ، فبانت أنقص من الثمن أو أزيد ، لم يقدح في صحة العقد ، وملك كل منهما ما وقع عليه العقد.

وهنا فروع شريفة ، ذكرناها في المهذب ، فلينظر من هناك.

قال طاب ثراه : وإذا مر الإنسان بثمرة النخل جاز له أن يأكل ما لم يضر أو يقصد ، ولا يجوز أن يحمل معه ، وفي جواز ذلك في غير النخل من الزرع والخضر تردد.

أقول : لم يفرق الأصحاب بين النخل وغيره من الشجر والمباطخ والزرع وفرق المصنف ، فأجاز في النخل ، ومنع في غيره ، والعلامة منع في الجميع ، وجمهور الأصحاب على الإباحة في الكل ، وهو المعتمد كمذهب العلامة في المعتمد.

قال طاب ثراه : وإذا بيعت الحامل ، فالولد للبائع على الأظهر.

أقول : تقدم البحث في هذه المسألة.

قال طاب ثراه : ولو باع واستثنى الجلد أو الرأس ، ففي رواية السكوني يكون شريكا بنسبة ثنياه (١).

أقول : ذهب المفيد والسيد والتقي وابن إدريس وأبو علي الى صحة البيع والاستثناء إذا كان المستثنى معينا ، كالرأس والجلد والصوف ، ويكون للبائع

__________________

(١) في المختصر المطبوع : بنسبة قيمة ثنياه.

١٨١

ما استثناه.

وذهب في النهاية (١) إلى صحة البيع وبطلان الشرط ، بل يكون شريكا بقدر قيمة الثنيا ، فاذا قيل قيمة هذا الحيوان لو بيع جميعه عشرة ومنزوع الرأس تسعة كان شريكا بعشر الحيوان ويلغو التعيين. وكذا قال في كتابي الخلاف ، وتبعه القاضي.

وذهب المصنف الى بطلان البيع أيضا لترتبه على الشرط الباطل. وذهب العلامة إلى صحة الشرط ان كان الحيوان مذبوحا أو بيع للذبح ، والى بطلان العقد ان لم يكن كذلك ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو قال : الربح لنا ولا خسران عليك ، لم يلزم الشرط ، وفي رواية إذا تشارك (٢) في جارية وشرط للشريك الربح دون الخسران جاز.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية (٣) إلى لزوم الشرط ، وتبعه القاضي والعلامة في المختلف ، ومنع ابن إدريس من لزوم هذا الشرط ، وهو ظاهر المصنف ، لان مقتضى عقد الشركة كون الربح والخسران على قدر رءوس الأموال.

احتج الأولون بصحيحة رفاعة قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل شارك في جارية له ، وقال : ان ربحنا فيها فلك نصف الربح ، وان كان وضيعة فليس عليك شي‌ء ، فقال : لا أرى لهذا بأسا إذا طابت نفس صاحب الجارية (٤). وهو حسن.

قال طاب ثراه : المملوك يملك فاضل الضريبة ، وقيل : لا يملك شيئا.

أقول : ذهب الصدوق وأبو علي الى أنه يملك لا مستقرا. ومعناه : أن للسيد

__________________

(١) النهاية ص ٤١٣.

(٢) في « س » : تشاركا.

(٣) النهاية ص ٤١١.

(٤) تهذيب الأحكام ٧ ـ ٧١ ، ح ١٨.

١٨٢

أن يحجر عليه ويمنعه من التصرف ، وصرح في النهاية (١) يملك التصرف فله أن يعتق منه ويتصدق ، ومنع المصنف في النافع والعلامة من ملكه مطلقا ، بل يباح له التصرف بالتمليك. وقال في الشرائع : يملك ويكون محجورا عليه للرق (٢) والمعتمد مذهب العلامة.

واستقصاء البحث في هذه المسألة مذكور في المهذب.

قال طاب ثراه : يكره التفرقة بين الأطفال وأمهاتهم حتى يستغنوا ، وحده سبع سنين. وقيل : أن يستغني عن الرضاع ، ومنهم من حرم.

أقول : هنا مسألتان :

الأولى : كراهية التفرقة أو تحريمها ، وبالأول قال في باب العتق من النهاية (٣) ، وتبعه ابن إدريس والمصنف والعلامة. وبالتحريم قال في باب البيوع منها ، وبه قال المفيد وتلميذه والتقي وأبو علي ، وطرد الحكم إلى الاخوة. والأول هو المعتمد ، والثاني أحوط.

الثانية : في الغاية التي يزول معها تحريم التفرقة أو كراهتها ، فأبو علي حدها بسبع في الذكر والأنثى ، ووافقه القاضي في المهذب على الذكر ، وجعلها في الأنثى إلى تسع ، كما وافقه الشيخ في الأنثى ، وجعلها في الذكر مدة الحولين ، وتبعه القاضي في الكامل وابن حمزة وابن إدريس.

والمعتمد مختار المهذب ، لان المقصود قيام الام بالشفقة عليه والاعتناء بمهماته وايناسه ، وهو لا يستغني عن ذلك في أقل من هذه المدة غالبا.

قال طاب ثراه : إذا وطئ المشتري الأمة ، ثم بان استحقاقها انتزعها

__________________

(١) النهاية ص ٥٤٣.

(٢) شرائع الإسلام ٢ ـ ٥٨.

(٣) النهاية ص ٥٤٦.

١٨٣

المستحق ، وله عقرها نصف العشر ان كانت ثيبا ، والعشر ان كانت بكرا. وقيل : يلزمه مهر أمثالها.

أقول : الأول مذهب بعض أصحابنا ، واختاره المصنف. والثاني مذهب الشيخ وابن إدريس.

قال طاب ثراه : وفي رجوعه بالعقر قولان.

أقول : ذهب ابن إدريس الى عدم رجوعه بالعقر لحصول عوض في مقابله ، وذهب العلامة إلى رجوعه ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو اشترى جارية (١) سرقت من أرض الصلح ردها على البائع واستعاد ثمنها ، فان مات ولا عقب له سعت الأمة في قيمتها على رواية مسكين السمان ، وقيل : يحفظها كاللقطة ، ولو قيل : تدفع الى الحاكم ولا تكلف السعي كان حسنا.

أقول : الأول قول الشيخ في النهاية (٢) ، وتبعه القاضي ، وهو رواية مسكين السمان عن الصادق عليه‌السلام قال : سألته عن رجل اشترى جارية سرقت من أرض الصلح ، قال : فليردها على الذي اشتراها منه ولا يقربها ان قدر عليه أو كان موسرا ، قلت : جعلت فداك فإنه قد مات ومات عقبه ، قال : فليستسعها (٣). ورجحها الشهيد.

والثاني مذهب ابن إدريس.

والثالث مذهب المصنف ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : إذا دفع الى مأذون مالا إلخ.

أقول : في المسألة ثلاثة أقوال :

__________________

(١) في المختصر المطبوع : أمة.

(٢) النهاية ص ٤١٤.

(٣) تهذيب الأحكام ٧ ـ ٨٣ ، ح ٦٩.

١٨٤

الأول : رد المعتق على مواليه ، وهو في رواية موسى بن أثيم (١) ، وهو ضعيف ، وبمضمونها قال في النهاية (٢).

الثاني : كون المعتق لمولى المأذون رقا لكونه في يده بشرائه من مواليه وبطلان عتقه ، وهو قول ابن إدريس ، واختاره العلامة والمصنف في الشرائع (٣).

الثالث : إمضاء ما فعله المأذون ، وهو الحكم بصحة البيع والعتق ، وهو مذهب المصنف في النافع.

قال طاب ثراه : إذا اشترى عبدا ، فدفع إليه البائع عبدين ليختار أحدهما فأبق واحد ، قيل : يرتجع نصف الثمن ، ثم ان وجد تخير ، والا كان الأخر بينهما نصفين ، وفي الرواية ضعف ، ويناسب الأصل أن يضمن الآبق بقيمته ويطالب بما ابتاعه.

أقول : مختار المصنف هو مذهب العلامة ، وبه قال ابن إدريس ، وهو المعتمد ، وما حكاه أولا هو مذهب النهاية (٤).

قال طاب ثراه : ولو ابتاع عبدا من عبدين لم يصح ، وحكى الشيخ في الخلاف الجواز.

أقول : المشهور بطلان البيع ، لعدم تعين المبيع ، وقال في موضع من الخلاف : وروى أصحابنا أنه إذا اشترى عبدا من عبدين على أن للمشتري أن يختار أيهما شاء أنه جائز ، ثم اختاره في آخر المسألة. وقال في موضع آخر منه بالبطلان ، وهو المعتمد.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٧ ـ ٢٣٤ ، ح ٤٣.

(٢) النهاية ص ٤١٤.

(٣) شرائع الإسلام ٢ ـ ٥٩.

(٤) النهاية ص ٤١١.

١٨٥

قال طاب ثراه : وقيل : يقوم بنفس (١) الوطي.

أقول : هذا قول الشيخ رحمه‌الله ، والأكثرون على خلافه ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : المملوكان المأذون لهما إذا ابتاع كل منهما صاحبه حكم للسابق ، ولو اشتبه مسحت الطريق وحكم للأقرب ، فإن اتفقا بطل العقدان ، وفي رواية يقرع بينهما.

أقول : هنا مسألتان :

الأولى : إذا اشتبه الحال في معرفة السابق ، قال في الاستبصار (٢) : مسحت الطريق وحكم للأقرب مع تساويهما في القوة ، ومع تساوي الطريقين يقرع ، لأنه من المشكلات وقال العلامة : يقرع ان اشتبه السابق أو السبق.

والأقرب البطلان مع اشتباه السبق ، واستعمال القرعة مع اشتباه السابق مع احتمال البطلان الا مع تيقن السبق ومعرفة السابق.

الثانية : إذا علم اقتران العقدين بطلا ، قاله ابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد وقال في النهاية (٣) : يقرع ، وتبعه المرتضى.

الفصل الثامن

( في السلف )

قال طاب ثراه : ولو كان الثمن من دين له على البائع صح على الأشبه لكنه يكره.

__________________

(١) في المختصر المطبوع : بمجرد.

(٢) الإستبصار ٣ ـ ٨٢.

(٣) النهاية ص ٤١٢.

١٨٦

أقول : المنع مذهب الشيخ ، واختاره العلامة في المختلف ، والجواز مذهب المصنف والعلامة في غير المختلف.

قال طاب ثراه : وكذا يشترط التقدير في الثمن. وقيل : تكفي المشاهدة.

أقول : المشهور اشتراط التقدير في الثمن بالكيل أو الوزن أو العدد ، كمذهب الشيخ في كتابي الفروع والمصنف والعلامة ، واكتفى السيد بالمشاهدة ، والمعتمد الأول.

نعم لو كان مذروعا كفت المشاهدة عن المساحة ، لجواز بيعه كذلك ، ومنع الشيخ رحمه‌الله لجواز عروض الفسخ فيؤدي إلى التنازع ، وتردد العلامة ، والمعتمد مذهب الشيخ.

قال طاب ثراه : ولو شرط تأجيل الثمن قيل : يحرم ، لأنه بيع دين بدين.و قيل : يكره ، وهو الأشبه.

أقول : يريد أنه يجوز بيع الدين الحال على من هو عليه وعلى غيره ، فان بيع بحاضر جاز إجماعا ، وان لم يكن حاضرا بل مضمونا ، فان كان حالا جاز أيضا ، وان كان مؤجلا منع منه ابن إدريس ، واختاره العلامة ، وهو المعتمد ، وأجازه الشيخ في النهاية (١) واختاره المصنف.

قال طاب ثراه : ولو أسلف في غنم وشرط أصواف نعجات بعينها ، قيل : يضمن ، والأشبه المنع للجهالة.

أقول : المنع مذهب ابن إدريس ، واختاره المصنف ، والجواز مذهب الشيخ واختاره العلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو أعتقه فروايتان ، أحدهما : يسعى في الدين. والأخرى لا يسقط عن ذمة المولى ، وهي أشهر.

__________________

(١) النهاية ص ٣٩٥.

١٨٧

أقول : إذا استدان العبد ، فان كان لا بإذن السيد تبع به بعد العتق ، وان كان بإذنه ، فإن كان للسيد أو لنفسه في قدر النفقة الواجبة على السيد ، لزم ذلك السيد قطعا ، وان كان لغير ذلك من مصالح العبد ، فان استبقاه أو باعه فكذلك.

وان أعتقه فهل يلزم السيد أو العبد؟ بالأول قال في الاستبصار ، وبه قال ابن حمزة وابن إدريس ، واختاره المصنف. وبالثاني قال في النهاية ، وتبعه القاضي ، وللعلامة القولان ، والأول هو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو كان مأذونا في التجارة واستدان لم يلزم المولى ، وهل يسعى العبد فيه؟ قيل : نعم. وقيل : يتبع به إذا أعتق ، وهو أشبه.

أقول : إذا أذن السيد لعبده في التجارة ولم يأذن له في الاستدانة فاستدان قال في النهاية (١) يستسعي فيه معجلا وقال في المبسوط : بل بعد العتق ، وهو المعتمد ، واختاره التقي وابن إدريس والمصنف ، وفصل العلامة ، فقال : ان كان لمصلحة التجارة وضروراتها لزم والا تبع به ، وهو حسن.

قال طاب ثراه : ومع اليأس ، قيل : يتصدق به عنه.

أقول : هذا قول الشيخ في النهاية (٢) ، وتبعه القاضي ، وهو المعتمد. وقال ابن إدريس : يدفعه الى الحاكم ، فاذا قطع بانتفاء الوارث كان لإمام المسلمين ، لأنه وارث من لا وارث له ، واختاره فخر المحققين.

قال طاب ثراه : ولو أسلم الذمي قبل بيعه قيل : يتولاه غيره ، وهو ضعيف.

أقول : القائل بذلك هو الشيخ في النهاية ، ومنع القاضي وابن إدريس والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : ولو بيع الدين بأقل منه ، لم يلزم الغريم أن يدفع أكثر مما

__________________

(١) النهاية ص ٣١١.

(٢) النهاية ص ٣٠٧.

١٨٨

دفع المشتري على تردد.

أقول : هذا مذهب الشيخ في النهاية (١) ، وتبعه القاضي ، وتعويله على رواية محمد بن الفضل ، ولا معارض لها من الروايات ، وهي منافية للأصول ، فتحمل على الضمان مجازا. وأوجب ابن إدريس دفع الجميع إلى المشتري ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

واستقصاء البحث في هذه المسألة مذكور في المهذب.

__________________

(١) النهاية ص ٣١١.

١٨٩

كتاب الرهن

قال طاب ثراه : وهل يشترط الإقباض؟ الأظهر نعم.

أقول : ذهب الشيخ في الخلاف الى عدم اشتراط القبض في صحة الرهن فيلزم بدونه واختاره ابن إدريس والعلامة وفخر المحققين ، وهو المعتمد وذهب في النهاية (١) إلى اشتراطه ، وهو مذهب المفيد والقاضي والتقي وأبي علي واختاره المصنف.

قال طاب ثراه : وليس للراهن التصرف في الرهن بإجارة ولا سكنى ولا وطئ لأنه تعريض للإبطال ، وفيه رواية بالجواز مهجورة.

أقول :

الرواية إشارة الى ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال سألته عن الرجل يرهن خادمه أيحل له أن يطأها؟ قال : ان الذين ارتهنوها يحولون بينه وبينها قلت : أرأيت ان قدر عليها خاليا ولم يعلم الذين ارتهنوها؟ قال : نعم لا أرى بهذا بأسا (٢). والمعتمد المنع ، وهو فتوى الأصحاب.

__________________

(١) النهاية ص ٤٣١.

(٢) تهذيب الأحكام ٧ ـ ١٦٩ ـ ١٧٠.

١٩٠

قال طاب ثراه : وفي وقوف العتق على اجازة المرتهن تردد ، أشبهه الجواز.

أقول : أطلق في المبسوط (١) المنع من عتق الراهن ، وفي النهاية (٢) اجازه مع الإجازة ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد ، لانتفاء العتق على التغليب ، وعليه عقد باب السراية.

قال طاب ثراه : المرتهن أحق باستيفاء دينه من الرهن ، سواء كان الراهن حيا أو ميتا ، وفي الميت رواية أخرى.

أقول : المشهور تقديم المرتهن بدينه على الغرماء من الرهن ، حيا كان الراهن أو ميتا ، لثبوت المزية له ، لان تعلق حقه بالرهن سابقا عليهم.

وفي رواية عبد الله بن الحكم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أفلس وعليه دين لقوم وعند بعضهم رهن وليس عند بعضهم ، فمات ولا يحيط ماله بما عليه من الديون؟ قال : يقسم جميع ما خلف من الرهون وغيرها على أرباب الدين بالحصص (٣). وهي ضعيفة الطريق.

قال طاب ثراه : ولو كان الرهن دابة قام بمئونتها وتقاصا ، وفي رواية الظهر يركب والدر يشرب ، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة.

أقول : قال الشيخ في النهاية (٤) : إذا أنفق كان له الركوب أو اللبن بإزاء نفقته ، وان لم ينتفع رجع على الراهن بما أنفق. وقال المصنف : يقضي بالتقاص واختاره العلامة ، فيرجع صاحب الفضل به.

__________________

(١) المبسوط ٢ ـ ٢١٣.

(٢) النهاية ص ٤٣٣.

(٣) تهذيب الأحكام ٧ ـ ١٧٧ ـ ١٧٨.

(٤) النهاية ص ٤٣٥.

١٩١

تنبيه :

لا يجوز للمرتهن التصرف بالركوب والحلب الا مع الاذن من المالك أو الحاكم أو الضرورة ، كما لو اضطر الرهن الى الركوب أو الحلب ، فان تركه يضر بالحيوان ، ويقضي حينئذ بالمقاصة ، ويرجع صاحب الفضل على المعتمد من المذهب ، ولا يجب الاشهاد في الإنفاق والقول قوله في قدره بالمعروف وشرط (١) الشهيد في جواز الرجوع بالنفقة أذن المالك أو الحاكم ، فان تعذر فالإشهاد.

وقال ابن إدريس : فإن أنفق تبرعا فلا شي‌ء له على الراهن ، وان أنفق بشرط العود وأشهد على ذلك رجع بما أنفق ، والأول أشبه ، كاللقطة والوديعة ، فإن المرتهن يجب عليه الاحتفاظ ولا يتم إلا بالإنفاق ، نعم لو تبرع لم يرجع ، والقول قوله في ذلك.

قال طاب ثراه : ويضمن المرتهن قيمة الرهن يوم تلفه. وقيل : أعلى القيم من حين القبض الى حين التلف.

أقول : إذا لزم المرتهن قيمة الرهن بتفريطه أو تعديه الثابت بإقراره أو البينة ، لزمه قيمته يوم التلف عند الشيخين ، وأعلى القيم من يوم القبض الى يوم التلف ، نقله المصنف ، وأعلى القيم من حين التفريط الى وقت التلف ، وهو ظاهر العلامة ، وهو المعتمد ، لزوال أمانته بالتعدي ، فهو كالغاصب من حين التفريط.

قال طاب ثراه : ولو اختلفا فالقول قول الراهن. وقيل : قول المرتهن ، وهو أشبه.

أقول : إذا اختلف الراهن والمرتهن في قيمة الرهن اللازمة بتعديه أو تفريطه ، فالقول قول المرتهن ، لأنه منكر للزيادة ، والأصل عدمها ، ولأصالة براءة الذمة ،

__________________

(١) في « ق » : واشترط.

١٩٢

قاله ابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة.

وقال الشيخان وتلميذهما : القول قول المالك ، وبه قال التقي وابن حمزة وأبو علي. والمعتمد الأول.

قال طاب ثراه : ولو اختلفا فيما على الرهن ، فالقول قول الراهن ، وفي رواية القول قول المرتهن ما لم يدع زيادة عن قيمة الرهن.

أقول : الرواية إشارة الى ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه‌السلام في رهن اختلف فيه الراهن والمرتهن ، فقال الراهن : هو بكذا وكذا ، وقال المرتهن : هو أكثر قال علي عليه‌السلام : يصدق المرتهن حتى يحيط بالثمن لأنه أمينه (١). وهي ضعيفة السند ، وبمضمونها قال أبو علي.

والمعتمد الأول ، للأصل إذ المرتهن مدع ، فيكون عليه البينة ، ولصحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام : فان لم يكن بينة فعلى الراهن اليمين (٢). ومثلها موثقة زرارة (٣) عن الصادق عليه‌السلام.

قال طاب ثراه : ولو قال القابض : هو رهن ، وقال المالك : هو وديعة ، فالقول قول المالك مع يمينه ، وفيه رواية أخرى متروكة.

أقول : مذهب الشيخ في الاستبصار (٤) والصدوق في المقنع (٥) أن القول قول القابض ، وعلى المالك البينة ، ومذهبه في النهاية (٦) أن القول قول المالك في عدم الرهن ، وبه قال التقي والقاضي وابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٧ ـ ١٧٥ ، ح ٣١.

(٢) تهذيب الأحكام ٧ ـ ١٧٤ ، ح ٢٦.

(٣) تهذيب الأحكام ٧ ـ ١٧٤ ، ح ٢٧.

(٤) الاستبصار ٣ ـ ١٢١.

(٥) المقنع ص ١٢٩.

(٦) النهاية ص ٤٣٥.

١٩٣

كتاب الحجر

قال طاب ثراه : والسن وهو بلوغ خمس عشرة سنة في الذكر ، وفي رواية من ثلاث عشرة إلى أربع عشرة ، وفي أخرى ببلوغ عشرة.

أقول : مذهب الجمهور من الأصحاب هو الأول ، وهو المعتمد ، ومستنده رواية حمزة بن حمران.

والثاني أبي حمزة الثمالي عن الباقر عليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك في كم تجري الأحكام على الصبيان؟ قال : في ثلاث عشرة سنة إلى أربع عشرة سنة ، قلت : فان لم يحتلم فيها؟ قال : وان لم يحتلم ، فإن الأحكام تجري عليه. وبمضمونها قال أبو علي.

والثالث رواية زرارة عن الباقر عليه‌السلام قال : إذا أتى على الغلام عشر سنين ، فإنه يجوز وصيته في ماله ما أعتق وتصدق ، وأوصى على حد معروف وحق ، وهو جائز. وفي معناها كثير ، كرواية ابن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يجوز طلاق الصبي إذا بلغ عشر سنين (١).

قال طاب ثراه : الثاني الرشد ، وهو أن يكون مصلحا لماله ، وفي اعتبار

__________________

(١) راجع جميع الروايات الواردة هنا وغيرها إلى وسائل الشيعة ج ١ ـ ٣٠ ب ٤.

١٩٤

العدالة تردد.

أقول : الأكثر على عدم اعتبار العدالة في المرشد ويقتصر على كونه مصلحا لماله ، وهو المعتمد ، واعتبرها الشيخ في المبسوط (١).

قال : طاب ثراه والمريض ممنوع من الوصية فيما زاد على الثلث ، وكذا في التبرعات المنجزة على الخلاف.

أقول : المعتمد أن تبرعات المريض وان كانت منجزة من الثلث ، وهو قول الصدوق وأبي علي وأحد قولي المبسوط (٢) ، واختاره المصنف والعلامة. وقال الشيخان في النهاية (٣) والمقنعة أنها من الأصل ، وبه قال القاضي وابن إدريس.

__________________

(١) المبسوط ٢ ـ ٢٨٤.

(٢) المبسوط ٤ ـ ٩.

(٣) النهاية ص ٦١٨.

١٩٥

كتاب الضمان

قال طاب ثراه : ولو علم فأنكر ، لم يبطل الضمان على الأصح.

أقول : إذا أنكر المضمون عنه الضامن ، أي : لم يرض بضمانه عنه ولم يجزه هل يبطل ضمانه؟ قال الشيخان في الكتابين : نعم ، وبه قال القاضي وابن حمزة ، ولم يبطله ابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

قال طاب ثراه : وفي المعجل قولان ، أصحهما : الجواز.

أقول : منع الشيخان في الكتابين من ضمان المعجل ، وبه قال ابن حمزة ، وهو أحد قولي القاضي ، واجازه في المبسوط (١) ، وهو القول الأخر للقاضي ، واختاره ابن إدريس والمصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

قال : طاب ثراه : ولو ضمن ما عليه صح ، وان لم يعلم كميته على الأظهر.

أقول : الصحة مذهب الشيخين في الكتابين ، وبه قال التقي وابن زهرة وأبو علي ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد. والبطلان مذهب الشيخين ، وبه قال ابن إدريس. وللقاضي القولان.

قال : طاب ثراه : ويشترط ـ أي : في الحوالة ـ رضا الثلاثة وربما اقتصر بعض

__________________

(١) المبسوط ٢ ـ ٣٢٤.

١٩٦

رضا المحيل والمحتال.

أقول : اعتبار رضا الثلاثة في الحوالة هو المشهور ، واقتصر ابن إدريس على رضا المحيل والمحتال ، وهو ظاهر المفيد.

والأول هو المعتمد ، لأنه إثبات مال في ذمته بعقد لازم ، فاعتبر رضاه كالضمان ، ويعضد الثاني تسلط المستحق على استيفاء حقه بنفسه وبغيره ، كالتوكيل والبيع ، ولا يعتبر في ذلك رضا المديون ، وكذا الحوالة ، وهو أقوى.

قال طاب ثراه : ويبرأ المحيل ، وان لم يبرءه المحتال ، وفي رواية أنه ان لم يبرءه فله الرجوع.

أقول : الحوالة من العقود الناقلة ، فإذا تمت برضا الثلاثة لا يعتبر مع ذلك قول المحتال للمحيل أبرأتك من حقي ، أو من مالي عليك. واشترط ذلك الشيخ في النهاية (١) ولو لم يبرءه كان له الرجوع على المحيل ، سواء تعذر الاستيفاء من المحال عليه أولا ، وبه قال القاضي والتقي وابن حمزة وأبو علي ، وما اخترناه مذهب ابن إدريس واختاره المصنف والعلامة.

قال طاب ثراه : وفي اشتراط الأجل قولان.

أقول : اشتراط الأجل في الكفالة مذهب المفيد والشيخ في النهاية (٢) ، وعدمه مذهبه في المبسوط (٣) ، وبه قال ابن إدريس واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

__________________

(١) النهاية ص ٣١٦.

(٢) النهاية ص ٣١٥.

(٣) المبسوط ٢ ـ ٣٣٧.

١٩٧

كتاب الصلح

وهو عقد مستقل بنفسه ، وليس فرعا على غيره ، وان أفاد فائدته ، فلا يثبت فيه خيار المجلس والحيوان والتأخير ولا الشفعة.

ولا يعتبر التقابض في المجلس لو اشتمل على مصارفه ، نعم يثبت فيه الربا ، وخيار الشرط ، والرؤية ، والعيب ، والمؤامرة ، وما يفسد من يومه. وفي ثبوت خيار الغبن اشكال ، أظهره عدم الثبوت.

ولا يصح على مجهول إذا أمكن استعلامه ، ويجوز مع تعذره ، ويجوز مع علمهما وجهلهما بما وقعت فيه المنازعة ولو علم أحدهما خاصة ، أعلم الأخر ، والا أشترط أن يكون علمه أكثر أو مساويا.

ويجوز على غير عوض ، وإذا وقع على عوض لا يشترط أن يقابله عوض مالي ، بل يجوز على ما كان حقا للمصالح ، وان لم يكن مالا ، كالصلح على إسقاط الشفعة ، وآبقا الشجرة ، والروشن في هوائه ، ودم العمد ، لأحد القذف.

١٩٨

كتاب الشركة

قال طاب ثراه : ولو شرط أحدهما في الربح زيادة ، فالأشبه أن الشرط لا يلزم.

أقول : مختار المصنف مذهب الشيخ في الكتابين ، واختاره ابن إدريس.

ومذهب السيد لزوم الشرط ، وهو ظاهر أبي علي ، واختاره العلامة ، وهو المعتمد.

١٩٩

كتاب المضاربة

قال طاب ثراه : ويثبت للعامل ما شرط من الربح ما لم يستغرقه. وقيل : للعامل أجرة المثل.

أقول : المشهور أنه يثبت للعامل ما شرط من الربح نصفا ، أو ثلثا ، أو ربعا ، أو غير ذلك مما وقع عليه التراضي ، وهو مذهب الشيخ في الخلاف ، والاستبصار (١) وابن حمزة ، وأبي علي ، وابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة. وقال في النهاية (٢) تثبت له أجرة المثل ويلغى الشرط ، وهو مذهب المفيد والقاضي ، وهو ظاهر التقي.

قال طاب ثراه : ولا يكفي مشاهدة رأس مال المضاربة ما لم يكن معلوم القدر ، وفيه قول بالجواز.

أقول : قوى الشيخ في المبسوط (٣) الجواز مع الجهالة ، واختاره العلامة في المختلف ، ومنع في الخلاف ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

__________________

(١) الإستبصار ٣ ـ ١٢٧.

(٢) النهاية ص ٤٢٨.

(٣) المبسوط ٣ ـ ١٩٨.

٢٠٠